منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14 - 01 - 2021, 06:14 PM   رقم المشاركة : ( 32231 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,209

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

نبذة عن القديس سمعان الشيخ



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





• سمعان: إسم عبرى معناه “مستمع”، كان من ضمن السبعين شيخًا الذين ترجموا الكتاب المقدس من العبرية الى اليونانية فى عهد بطليموس فلاديلفوس (عام 285ق. م).
• توقف عند قول إشعياء النبى “ها العذراء تحبل” (إش14:7)، فخشي سمعان أن يُترجم كلمة عذراء “تي بارثينوس”، وأراد أن يستبدلها بكلمة “فتاة”، إذ كيف يمكن لعذراء أن تحبل وتلد؟، فرأى في حلم ملاك الرب يقول له: “إنك لن تعاين الموت حتى ترى عمانوئيل هذا مولودًا من عذراء”.
• عاش قرابة من 300 عامًا، فكلّ بصره، وجاء إلى الهيكل وحمل السيد المسيح على ذراعيه وعندما رأى الطفل إنفتحت بصيرته الداخلية لإدراك سرّ الخلاص، وإنفتح لسانه بالتسبيح والنبوة، قائلًا: “الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك” (لو29:2)
• وهذا يؤكد مما لا شك فيه أن أحدًا لا يقدر أن يُحرف أو يزيد أو ينقص أو يبدل حرف من حروف كلمة الله.
 
قديم 14 - 01 - 2021, 06:16 PM   رقم المشاركة : ( 32232 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,209

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

قصَّة سمعان الشيخ



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

من تاملات انجيل لوقا اصحاح 2 +++ القمص تادرس يعقوب
تسبحة سمعان الشيخ

تتلخَّص قصَّة سمعان الشيخ كما وردت في التقليد الكنسي في أنه كان أحد الاثنين وسبعين شيخًا من اليهود الذي طلب منهم بطليموس ترجمة التوراة إلى اليونانيّة، والتي سُمِّيت بالتر...جمة السبعينيّة. قيل أنه أثناء الترجمة أراد أن يستعيض كلمة "عذراء" في نبوَّة إشعياء النبي: "ها العذراء تحبل..." بكلمة "فتاة"، إذ تشكَّك في الأمر، فظهر له ملاك الرب وأكّد له أنه لن يموت حتى يرى مولود العذراء هذا. وبالفعل إذ أُوحى له الروح القدس حمل الطفل يسوع على يديه وانفتح لسانه بالتسبيح، مشتهيًا أن ينطلق من هذا العالم بعد معاينته بالروح خلاص جميع الشعوب والأمم.

قَدَّمت لنا أحداث الميلاد بالحقيقة صورة مفرحة لصداقة ربنا يسوع مع الجميع، فها عذراء فقيرة تحبل وتلد رمزًا للكنيسة التي تنعم بالعذراويّة الروحيّة خلال اتِّحادها بالعريس البتول فتُنجب أولادًا بتوليِّين روحيًا، والعاقر الشيخة تلد، والكاهن الصامت يسبِّح، والجنين في الأحشاء يرتكض وحَنَّة الأرملة تمجِّد الله وسمعان الشيخ البار المتوقِّع تعزيّة إسرائيل يقوده الروح ليحمل صديقه السماوي بين ذراعيه.

اسم "سمعان" يعني "المُستمع" أو "المُطيع" فيشير إلى المؤمنين الطائعين من اليهود الذين طال بهم الزمن مترقِّبين تحقيق النبوَّات، والتمتَّع بذاك الذي هو مشتهى الأمم. وإذ قادهم الروح القدس إلى الهيكل حملوا السيِّد بين أذرعتهم واشتهوا بصدق أن يخرجوا من العالم بعد ما استراحت قلوبهم من جهة خلاص الشعوب وإعلان مجد الله بين الأمم.

+ إن كانت امرأة قد لمست ملابسه الخارجيّة (هُدب ثوبه) فشُفيت في الحال، فأي نفع ناله سمعان الذي حمله على ذراعيه وتهلَّل بالفرح؟!


إنه يحمل الطفل الآتي ليحرِّر المأسورين ويخلِّصهم من رباطات الجسد. إنه يعلم أنه لا يوجد من يُخرجه من سجن الجسد مع الوعد بالحياة الأبديّة إلا هذا الطفل الذي بين يديه. إليه وجّه الحديث: "الآن يا سيِّد تطلق عبدك حسب قولك بسلام". لأنه منذ زمان طويل لم أحمل السيِّد المسيح، لم أضمُّه بين ذراعيّ. كنت مسجونًا ولم أستطع أن أفك رباطاتي.

هذه الكلمات لا تخص سمعان وحده، إنما تخص كل البشريّة التي تنتظره.

لم يدخل سمعان الهيكل اِعتباطًا أو محض الصدفة، إنما ذهب منقادًا بروح الله... وأنت أيضًا إن أردت أن تأخذ المسيح وتضمُّه بين ذراعيك وتتأهَّل للانطلاق من السجن جاهد أن يقودك الروح ويدخل بك في هيكل الله. هناك يوجد يسوع، داخل الكنيسة في الهيكل المقام من الحجارة الحيّة +++ العلامة أوريجينوس

بالتأكيد أكّد برهانًا وحمل شهادة أن لخدام الله سلامًا وحرِّيَّة وراحة هادئة، فعندما ننسحب من زوابع هذا العالم نبلغ ميناء مدينتنا وأمننا الأبدي، عندما يتحقَّق هذا الموت نبلغ الخلود +++ الشهيد كبريانوس

سمعان انطلق؛ لقد تحرَّر من عبوديّة الجسد. الفخ انكسر والطير انطلق +++ القدِّيس غريغوريوس النيسي

الآن إذ حمله سمعان الكاهن على ذراعيه ليقدَّمه أمام الله أدرك أنه ليس هو الذي يقدَّمه، بل سمعان يُقدِّم لله بواسطته. فالابن لا يقدِّمه العبد لأبيه، إنما بالحري الابن يقدِّم العبد لربِّه... الذي ينطلق لله بسلام إنما يُقدِّم تقدِمة للرب ++++ القديس مار أفرام السرياني

حُمل المسيح إذن إلى الهيكل وهو بعد طفل يُحضَن، وما وقع نظر سمعان المغبوط على الطفل يسوع حتى أخذه على ذراعيه، وبارك الله وقال: "الآن تطلق عبدك يا سيِّد حسب قولك بسلام لأن عينيّ قد أبصرت خلاصَك الذي أعددته قدَّام وجه جميع الشعوب، نور إعلان للأمم، ومجدًا لشعبك إسرائيل". فإنَّ سرّ الفداء كان منذ القدَّم وقبل تكوين العالمين، ولكن لم يُعلن إلا في آخر الزمان فكان نورًا للساكنين في الظلمة، أولئك الذين تملكهم يد الشيطان القويّة "الذين عبدوا المخلوق دون الخالق" (رو 1: 25)، الذين ألّهوا التنِّين مصدر الشرّ والإثم وأطاعوا طغمة الشيَّاطين النجسة وسجدوا لها كما يسجدون للإله الواحد، رغمًا عن كل هذا دعا الله هؤلاء الأقوام إلى نور ابنه الحقيقي، إذ يقول النبي: "أُصفِّر لهم وأجمعهم لأني قد فديتهم ويكثرون كما كثروا، وأزرعهم بين الشعوب فيذكرونني في الأراضي البعيدة" (زك 10: 8). حقًا إن الذين ضلَّوا هم شعب كثير إلا أن الله دعاهم وقبلهم وافتداهم ونالوا كضمان للسلام نعمة التبنِّي بيسوع المسيح.

زُرع الرسل الأطهار بين الشعوب وماذا كانت النتيجة؟ اقترب كل من كان بعيدًا إلى العرش الإلهي، حتى أن بولس الرسول يبعث برسالة إليهم يقول فيها: "الآن في المسيح يسوع أنتم الذين كنتم بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح" (أف 2: 13). وباقتراب هؤلاء الناس إلى المسيح سيتمجَّدون به كما وعدهم الله الآب.

يقول: "وأقوِّيهم بالرب فيسلكون باسمه" (زك 10: 12)، ويقول المرنِّم المغبوط في هذا الصدد: "يا رب بنور وجهك يسلكون، باسمك يبتهجون اليوم كله، وبعد ذلك يرتفعون" (مز 89: 15-16) ويتضرَّع النبي إرميا إلى الرب، فيقول: "يا رب عزِّي وحصْني وملجأي في يوم الضيق. إليك تأتي الأمم من أطراف الأرض ويقولون إنما ورث آباؤنا كذبًا وأباطيل وما لا منفعة فيه" (إر 16: 19).

كان المسيح إذن نورًا ومجدًا لإسرائيل، ومع أن بعض اليهود ضلُّوا الطريق وجهلوا الكتب وأنكروا المسيح، إلا أن قومًا منهم خلصوا وتمجَّدوا بيسوع وكان على رأسهم الرسل المقدَّسون الذين أضاءوا بنورهم مصباح الإنجيل في أقاصي الأرض.


والمسيح مجد إسرائيل أيضًا لأنه يُنسب إليهم حسب الجسد مع أنه "على الكل إلهًا مباركًا إلى الأبد" (رو 9: 5). ++القديس كيرلس الكبير
 
قديم 14 - 01 - 2021, 06:18 PM   رقم المشاركة : ( 32233 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,209

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

صلاة تتلى في عيد تقدمة الربّ يسوع الى الهيكل


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أيها الآب السماوي، في يوم عيد التقدمة المسيح، أتذكر الهدية التي قدمها يوسف و مريم للعالم، عندما قدما الطفل يسوع لك في الهيكل، إنّي أقدم لك جميع الأطفال في عائلتي، أضعهم أمام إرادتك السامية و أسلّم مستقبلهم لك.
ساعدني كي أتخلّى عن أفكاري و مخططاتي بشأن حياتهم، و أرني كيف أرشدهم

 
قديم 14 - 01 - 2021, 06:21 PM   رقم المشاركة : ( 32234 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,209

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سمعان الشيخ


«الآن تطلق عبدك ياسيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك»


(لو 2 : 29،30)



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



مقدمة



لا نكاد نعرف على وجه التحقيق الكثير عن سمعان الشيخ، غير ما جاء في إنجيل لوقا، وإن كانت هناك بعض التقاليد المختلفة التي لا ينهض دليل ثابت عليها، ولعل مرجع هذا أن الاسم «سمعان» من الأسماء التي كانت شائعة في ذلك الوقت، فهو في نظر البعض سمعان الذي وبخ أرخيلاوس الذي ملك بعد موت هيرودس الكبير، الذي تزوج أرمله أخيه، وفي نظر آخرين هو سمعان بن هليل، وأبو غمالائيل، والذي كان رئيسًا للسنهدريم في عام 13 م، ولم يرد اسمه على غير العادة في كتاب المشنا الذي يدون فيه أسماء جميع رؤساء السنهدريم وقد عللوا ذلك بسبب إيمانه بالمسيح وحبه للمسيحية، ولما كان هذا من المستبعد لإنسان حمل المسيح طفلاً على يديه، وطلب أن تنطلق نفسه بسلام، وهو رجل شيخ، ومعنى ذلك إن كان قد عاش بعد المسيح، فلا يمكن أن يكون قد عاش لمدى طويل يتجاوز حياة المسيح كلها على الأرض، حتى ولو قيل إن الرجل عاش مائة وثلاثة عشر عامًا، فإذا أضيف إلى ذلك الرواية الأخرى التي تقول إنه عاش إلى سن متأخرة، لأنه كان يقرأ وهو شيخ نبوة إشعياء عن العذراء التي تحبل وتلد ابناً، ونهض في نفس السؤال والحيرة، ولكن كيف يمكن أن يكون هذا؟ وسمع صوتًا داخليًا عميقًا، يقول له إنه لن يموت حتى يبصر الأمر أمام عينيه، وأنه عاش لذلك يترقبه، حتى أبصر المسيح بين يدي أمه في هيكل الله! على أنه مهما تختلف روايات التقليد، فإن الحق الذي لا مراء فيه، والذي يكشف لنا عن شخصية الرجل قد جاء في الأصحاح الثاني من انجيل لوقا، ونستطيع إذا تابعنا الوحي، أن نراه فيما يلي :

سمعان وحياته




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



يحلو للبعض أن يطلق على سمعان الشيخ لقب «مراقب الصبح» ولعلهم يرونه بهذا المعنى الإنسان الذي يقول مرنم المزمور المائة والثلاثين : «انتظرتك يارب انتظرت نفسي وبكلامه رجوت. نفسي تنتظر الرب أكثر من المراقبين الصبح، أكثر من المراقبين الصبح، ليرج إسرائيل الرب لأن عند الرب الرحمة وعنده فدى كثير وهو يفدي إسرائيل من كل أثامه» (مز 130 : 5-8).

كان الليل قد بلغ بالعالم أقصاه، وكان الناس جميعًا يتطلعون إلى السماء، إلى كوكب الصبح المنير، إلى شمس البر التي تشرق والشفاء في أجنحتها، وكان الشرق والغرب في تطلع بعيد عميق إلى ما وراء الظلام الضارب على كرة الأرض، ومع أن القانون الروماني قطع شوطًا بعيدًا في مد العالم بعصارة الفكر الحضاري، الذي أخذت عنه سائر القوانين بعد ذلك، ومع أن الفلسفة اليونانية مدت شعابها في فكر الإنسان، وقبيل الميلاد كان هناك الكثيرون من الكتاب وقادة الفكر، إذ ولد ديودوريوس المؤرخ اليوناني، واسترابو المؤلف الجغرافي العظيم والذي عاش بين عامي 54 ق.م - 24 م، وأوفيد بين عامي 57 ق.م - 18 م، وسينكا الفيلسوف الذي عاش حتى عام 65م،، وفرجيل الشاعر الذي مات قبل الميلاد بأربعة عشر عاماًا، وأوفيد الذي مات قبل الميلاد وبثلاث سنوات، ولكن هؤلاء جميعًا على قدر ما أعطوا للناس من أنوار كانوا أشبه بالنجوم التائهة في قلب الظلام، وحق لدانتي الليجيري وقد كان من أشد المعجبين بفرجيل، والذي وصفه في الكوميديا بالإلهية بأروع الأوصاف وأعظمها، إذ كان يراه واحدًا من أعظم أساتذه الشعر ومعلميه، وقد قاده فرجيل في زيارته للجحيم، ولكنه بعد أن انهى رحلته هناك، وقف فرجيل على أعتاب الظلمة الخارجية دون أن يتقدم خطوة واحدة نحو السماء، وهو يهز رأسه بملء الأسى، لعدم تمكنه من الدخول، إذ كان وثنيًا لا يعرف فداء يسوع المسيح وهو ما لابد منه لدخول السماء.

ومن البديهي أنه في قلب هذا الظلام تمكنت الخرافة في الأرض وعشش الفساد في كل مكان، وقيل إن «زرادشت» الفارسي كان يعلم أتباعه، أنه إن لم تنجدنا السماء بمنقذ، فلن يكون هناك رجاء قط عند بني الإنسان، ومن هنا كان ترقب المجوس للنجم العجيب الذي تبعوه إلى بيت لحم».

فإذا عدنا إلى سمعان الشيخ، وإلى الأيام التي عاشها في أورشليم، فإننا نرى إنسانًا ينتصب على المرصد في أعماق الليل، وكأنما ليرقب شروق الشمس، وقد أحدق به الظلام من كل جانب، فبلاده ليست مستعبدة للرومان فحسب، ولكنها أكثر استبعادًا للخطية، ومن المؤسف أن كبرياء اليهود، وهم في عمق ذلهم واستعبادهم، تجعلهم يتوهمون أنهم أحرار، وعلى حد قولهم للمسيح فيما بعد : «إننا ذرية إبراهيم ولم نستبعد لأحد قط» (يو 8 : 33) ويأتيهم الجواب : «الحق الحق أقول لكم إن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية» (يو 8 : 34).. وقد ظهرت عبوديتهم للخطية في كل جانب من جوانب حياتهم! فإذا كان الدين عندهم مجرد طقوس وفرائض وقشور، إلى الدرجة التي وصل معها قادتهم، باسم الدين، إلى أحط الدركات، وتحول بيت الله إلى مغارة لصوص، فكم يكون الشعب إذًا؟ وكم تضيق نفوس الأتقياء وتتعذب، يومًا بعد يوم، وهم يرون الأوضاع بنفس الصورة التي رآها لوط في وسط سدوم، وهو يعذب نفسه البارة، بأعمالهم الأثيمة؟ كان سمعان الشيخ رجلاً بارًا تقيًا. وما من شك في أن نفسه كانت تئن أنين الأبرار القديسين، وهم يرون الشرور والمباذل والمفاسد في كل مكان!

ومع أننا لا نعلم ماذا كان يعمل سمعان الشيخ، وماذا كانت رسالته أو خدمته في مدينة أورشليم، إلا أنه كان ولاشك واحداً من أولئك الذين يكافحون ضد تيار الشر والفساد في أمته، ولكنه كان يدرك تماماً ان التيار الجارف الذي يكتسح أمامه كل شيء، لا يمكن لصبي صغير أن يقيم السد لمواجهته، كما أن الظلمة الضارية العميقة لا تصلح معها شمعة صغيرة لتنير سائر الأرجاء في عمق الليل البهيم! ولعل الرجل قد صرخ مرات متعددة لله بما يشبه صلاة إرميا عندما قال : «وإن تكن أثامنا تشهد علينا يارب فأعمل لأجل اسمك، لأن معاصينا كثرت، إليك أخطأنا، يا رجاء إسرائيل مخلصه في زمان الضيق لماذا تكون كغريب في الأرض وكمسافر يميل لبيت؟ لماذا تكون كإنسان قد تحير كجبار لا يستطيع أن يخلص؟ وأنت في وسطنا يارب وقد دعينا باسمك، لا تتركنا» (إر 14 : 7-9). كان الرجل يعلم تمام العلم أنه لا خلاص لأمته وشعبه بدون المسيح!! وقد أوحى إليه روح الله، أنه على مقربة من النور، وأنه لن يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب!.



سمعان وأغنيته



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


تتغنى الكنيسة المسيحية منذ القديم بالأغنية أو الصلاة التي فاض بها قلب سمعان وهو يحمل الطفل يسوع بين ذراعيه، وقد أطلق على الأغنية في اللاتينية NUNE DIMITTIS وقد أخذ هذا الإسم من مطلعها «الآن تطلق عبدك بسلام ياسيد» وهي أغنية شيخ جليل، حمل بين ذراعيه أسمى أمل للحياة البشرية، وكان موقنًا من أن التاريخ كله سيتغير - للأمم ولليهود على حد سواء- : «الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب، نور إعلان للأمم ومجد لشعبك إسرائيل» (لو 2 : 31-32) ومع أن الرجل لم يعش ليرى كل هذا، لكنه نام مستريحًا على وسادة من يقين الإعلان الإلهي، وقد أثبت الزمن صدقه، إذ لا شبهة في الفكر - سواء عند المؤمنين أو غير المؤمنين - أن المسيح غير مجرى التاريخ، وقلب حياة البشر رأسًا على عقب، أو بالحري أعاد وضع البشر المقلوب للأمم ولليهود على حد سواء، ويكفي أن تلال بيت لحم من الوجهة الجغرافية - كما قال أحدهم - لم تكن إلا تلالا متواضعة ربض عليها الرعاة في ليلة من الليالي القديمة، ولكنها ببشارة المسيح ارتفعت لتصبح تلالا دهرية هي أشهر التلال في العالم، بل يكفي أنه فصل التاريخ كله وشطره إلى ما قبل الميلاد وما بعد الميلاد، أجل! حمل سمعان الصبى العجيب بين ذراعيه، وهو قد لا يدري أن هذا الصغير المحمول وهو الحامل كل الأشياء بكلمة قدرته!

على أن سمعان ركز في المسيح على الخلاص، فهل كان يدري عمق التعبير وجلاله ومجده وعظمته؟ يقول الكسندر هوايت بهذا الصدد : في ذلك اليوم، وهو يرى بعينيه ما كان ينتظره من خلاص الله.. لأن الخلاص في ذلك اليوم، وإلى هذا اليوم له معان متعددة في أذهان الناس، فالخلاص له أعلى المعاني السماوية عند إنسان، وأعلى المعاني الأرضية عند آخر، فالخلاص في الهيكل في ذلك اليوم لواحد هو الخلاص من قيصر، وهو لآخر خلاص نفسه، لواحد هو الخلاص من جابي الضريبة، ولغيره من القلب الشرير بين جنبيه. ومع ما في أغنية سمعان من جلال ومجد، فأننا إلى اليوم لا نعرف يقينًا ماذا كان الشيخ العجوز والقديس والقاريء لكلمة الله يعني خلاص التي فاه بهما. ولكن السؤال مع ذلك يتجه إلينا! ما هو خلاصنا. خلاصي وخلاصك! عندما تتكلم أو تسمع أو تقرأ أو تغني عن الخلاص، ماذا تعني بالضبط؟! إنه إذا كان له معنى دقيق حقيقي فهو كما كان يقول واحد من العلماء لتلاميذه : «إن الشيء الأول الذي ستمتحن به في اليوم الأخير هو : ما هو نوع الخلاص الذي كنت تسعى وراءه!؟ أي خلاص كنت تدرسه وتعلمه وتعظ به وتبحث عنه بنفسك عندما كنت تعيش على الأرض؟ وكم ستكون سعيداً أمام الناس والملائكة إذا كنت مثل الرجل القديم : «وهذا الرجل كان بارًًا وتقيًا ينتظر تعزية إسرائيل والروح القدس كان عليه.. لأني عيني قد أبصرتا خلاصك.. وكان يوسف ومريم يتعجبان مما قيل فيه! (لو 2 : 25 و30 و33).

إن السؤال عن الخلاص، كما قيل هو أهم سؤال يرتبط بالمسيحية، وهو الذي يفرقها عن غيرها من الأديان والمعتقدات، وهو السؤال الذي لا يجوز لقارىء من قراء هذا الكتاب التجاوز عنه أو تجنب طرحه بعمق أمام ذهنه وقلبه، لاسيما وأنه هو اسم يسوع بالذات الذي هو «خلاص الله» أو كما قال الملاك ليوسف : «وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» (مت 1 : 21) أو كما يقول سمعان وهو يشير إلى الخلاص كعطية الله العظمى التي أعدها في المسيح يسوع «الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب»... تعود أحد العاملين في جيش الخلاص أن يسأل أحد الخدام كلما التقى به في القطار : «هل أنت مخلص». وحار الرجل ماذا يقول له، وأخيرًا سأل الأسقف مول قائلاً : «لو وجه إليك هذا السؤال فماذا يكون ردك!؟ وابتسم الأسقف وكان عالمًا من علماء الكتاب وقديسًا عظيمًا - وقال : «أقول له ماذا تقصد بكلمة الخلاص أهي Sotheis «سوسيس» أو Sozomenos «سوزومينس» أو Sesosmenos سيزومينس» إن الكلمة الأولى تشير إلى الخلاص باعتباره قد تم دفعه واحدة في لحظة التجديد، فرفع الدين الإلهي بأكمله. ونلنا المصالحة مع الله، إذ حمل المسيح الكل على الصليب، والكلمة الثانية تشير إلى الخلاص في المستقبل عندما ندخل إلى المجد السماوي، ولا نتعرض بعد ذلك لتجربة أو خطية، أما الكلمة الثالثة فتشير إلى عملية المسيح المطهرة لحياتنا يومًا بعد يوم، وفي كل الحالات يتم بعمل المسيح لنا وفينا. والخلاص بهذا المعنى ماض وحاضر ومستقبل، فعندما يؤمن المرء بالمسيح يرفع عنه الصك أو دين الخطية، ويمحى بالتمام، وهو في صليب المسيح يبدو كأنما لم يرتكب خطية على الإطلاق، وذلك لأن المسيح قد قضى الدين كله، وقد دان الله الخطية في الصليب، وهو لا يمكن أن يدين الخطية الواحدة مرتين، وكما ورثنا الخطية عن آدم، نرث الخلاص في المسيح، على أن الخطية ليست مجرد دين يرفع، بل هي مرض نعالج منه، وأوساخ يحاول العالم والشيطان أن يطرحها علينا في سيرنا في الحياة، ومن ثم قال السيد المسيح : «الذي قد اغتسل ليس له حاجة إلا إلى غسل رجليه بل هو طاهر كله» (يو 13 : 10) ومع هذه الطهارة فإن واجبه أن يغسل ما علق برجليه من تراب الأرض وأوساخها المتعددة، والخلاص بهذا المعنى عملية لا نقوم نحن بها، بل يقوم بها المسيح بالروح القدس فينا، فهو الذي يبكتنا على الخطية، وهو الذي يدفعنا للتخلص منها، وهو الذي يغلسنا بدمه، وهو الذي يحررنا بشفاعته المستمرة، ومن ثم فهي عملية المسيح الدائمة فينا صالما نحن على الأرض! وهي عملية حاضرة مستمرة، ولن تنتهي هذه العملية طالما هناك رمق في الحياة، وتجارب تحيط بنا، وتعثر وسقوط وقيام يلاحقنا، ونحن نتطلع إلى الأمام يومًا وراء يوم ونحن نقول : «فإن خلاصنا بهذا المفهوم أمكن أن ندخل أي خلاص أو إنقاذ زمني في ظروف الحياة ومتاعبها وتغيراتها ومدى ما فيها من نجاح أو تعب أو ضيق أو فشل أو انتصار، في نطاق عمل نعم الله : «لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس معلمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح الذي بذل نفسه لأجلنا لكي يفدينا من كل إثم ويطهر لنفسه شعبًا خاصًا غيورًا في أعمال حسنة» (تيطس 2 : 11-14) هذا هو الخلاص الذي أعده لجميع الشعوب، ونطق به سمعان الشيخ في هيكل الله بالروح القدس وهو يحمل بين ذراعيه الصبى يسوع المسيح!

وإذا بلغ سمعان هذا الأمل الذي عاش ينتظره سنوات طويلة لشعبه وللعالم، كان كمن يصعد إلى القمة في جبل الحياة وليس له من مطمع أعلى وأسمى، ومن ثم أضحى الموت كالنوم الهاديء للعامل المتعب الذي يهجع في آخر الليل إلى سريره ليستريح. وقد درج اليهود على أن يودعوا الراحل من الدنيا بالعبارة التي قالها الله لإبراهيم : «وأما أنت فتمضى إلى أبائك بسلام وتدفن بشيبه صالحة» (تك 15 : 15). كما أنهم تعودوا أن يودعوا بعضهم بعضًا بالقول : «أمضوا بسلام» قال سمعان : «والآن تطلق عبدك ياسيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك» (لو 2 : 29 و30) فهل أحس أنه الطائر السجين في القفص يرفرف بجناحيه، وهو يرى اليد الكريمة توشك أن تفتح الباب، مستعدًا للانطلاق إلى سماء الله المرتفعة العظيمة، أم أنه كان أشبه بالسفينة المربوطة إلى الشاطىء، وإذا بالربان العظيم يفك رباطها لتنطلق إلى الخلود، لم يتلفظ بلفظ الموت، بل تحدث بلغة الانطلاق والانعتاق من أسر الحياة، إلى مدينة الله العظيمة الخالدة، قال فيكتور هوجو : لقد كتبت أفكارى في الشعر والنثر والتاريخ والفلسفة والدراما والرومانسية والتقاليد والأغاني، ولكني مع ذلك أشعر أني لم أعبر عن واحد من الألف مما في ... وعندما أذهب إلى القبر سأنهي عملي اليومي.. لكن يومًا سيبدأ في الصباح التالي!! وذكر واعظ مشهور قصة ذلك الضابط الهندي العجوز الذيي كان يفتن الناس بقدرته الخطابية، وكان يلعب بُأفكارهم ومشاعرهم، وإذ يرتفع بهم إلى أعلى مراقي الخيال، كان يتوقف فجأة، ثم يقول : «إني أتوقع أن أرى شيئًا أعظم كثيرًا مما حدثتكم عنه».. ويصمت قليلاً - ولعله يلاحظ التردد والشك على وجوه المستمعين وإذا يقول : أنا أعني الخمس الدقائق الأولى بعد وفاتي! ومع أننا لا نعرف ما آل إليه فيكتور هوجو أو الضابط الهندي... إلا أننا على يقين من أن الإنسان الذي يحمل المسيح بين ذراعيه، ويصف نفسه بصدق وأمانة أنه عبد الله، سيضيء في الأبدية كضياء الجلد وكالكواكب إلى أبد الدهور..



سمعان والحديث مع العذراء مريم






وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


بعد أن أنهى أغنيته، تحول إلى العذراء وتحدث عن المسيح بالنسبة لإسرائيل وبالنسبة لها، فقال: «ها إن هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل ولعلامة تقاوم، وأنت أيضًا يجوز في نفسك سيف. لتعلن أفكار من قلوب كثيرة» (لو 2 : 34 و35) ويتفق هذا القول مع ما جاء في إشعياء عن السيد : «قدسوا رب الجنوب فهو خوفكم وهو رهبتكم. ويكون مقدسًا وحجر صدمة وصخرة عثرة لبني إسرائيل وفخًا وشركاً لسكان أورشليم، يعثر بها كثيرون ويسقطوا فينكسرون ويعلقون فيلقطون صُرّ الشهادة اختم الشريعة بتلاميذي» (اش 8 : 13-16) وهو عين ما قاله السيد للشعب : «فنظر إليهم وقال إذاً ما هو هذا المكتوب الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية، كل من يسقط على ذلك الحجر يترضض. ومن سقط هو عليه يسحقه» (لو 20 : 17 و18). ولعل ما قاله الكسندر هوايت هنا، من أصدق وأدق ما يمكن أن يقال : «كان المسيح هكذا لإسرائيل، وما يزال إلى اليوم» هناك مدارس ومذاهب فكرية في تفسير الكتاب، وهناك مدارس ومذاهب فلسفية، وهي تذهب جميعًا إلى أن النبوة التي تنبأ بها سمعان ما تزال باقية إلى اليوم، إنهم ينهضون ويقومون ويسقطون على أساس قبولهم أو رفضهم لعمانوئيل، ولكن السؤال الذي يرفعه الكتاب أمامنا، ليس عن مدارس الفكر إو النظم اللاهوتية أو الفلسفية بل عن نفوسنا! هذا الذي ولد من مريم، وهو ابن الله، هل هو حجر صدمة!؟ أو هو حجر الأساس في صهيون بالنسبة لي!؟ أهو رافعي لخلاصي الأبدي، ولمجده الدائم، فوق جميع سقطاتي لأثبت في بره كمن يقف على صخرة!؟ قد يسقط سمعان وقد أسقط أنا، لكن السيد يرفعني بيده : «والقادر أن يحفظكم غير عاثرين ويوقفكم أمام مجده بلا عيب في الابتهاج، الإله الحكيم الوحيد مخلصنا له المجد والعظمة والقدرة والسلطان الآن وإلى كل الدهور، آمين (يهوذا 24 و25).

عندما أراد بطرس ماكينزي الواعظ الإنجليزي الميثودسني أن يعبر عن هذا كله بصدق وطرافه. وكان يعظ عن : «وهم يترنمون كترنيمة جديدة» (رؤ 14 : 3). قال حين أصل إلى السماء أريد أن أرى داود مع قيثارته مجتمعًا مع بولس وبطرس وسائر القديسين ليترنموا، ثم أطلب ترنيمة 749 من كتاب ترانيم الميثودست : «إلهي - أني حين أضل الطريق» ولكن شخصًا يأتي إليَّ ليقول : «هذا لا ينفع هنا في السماء.. أنت في السماء يا بطرس وهنا لا يوجد ضلال في الطريق» وأرد عليه قائلاً أنت على حق يا أخي دعنا نرنم ترنيمة 615 : «وإن هبت العواصف على رأسي.. وكل أصدقائي وأحبائي تركوني» وإذا بقديس آخر يصيح «لا توجد هنا عواصف» فأحاول أن أرنم ترنيمة أخرى رقم 536 : «إلى عالم الآثام أرسلت» فاسمع آخر ينادي بطرس بطرس! ستخرجك من السماء إن لم تترك هذه الترانيم.. فأسأل : وماذا أرنم!؟ فيقولون : «ترنيمة جديدة، ترنيمة موسى والحمل»

كان سمعان يؤمن بوجود مكان آخر ينطلق إليه، وهو المكان الذي لا يستطيع الوصف البشري أن يحيط به، المكان الذي عندما أراد أحدهم أن يصفه قال : «أي مكان يمكن أن تكون السماء! إن قصور التوبلري في فرنسا، ووندسور في إنجلترا، والهمبرا في أسبانيا، والشونبرن في النمسا، والبيت الأبيض في الولايات المتحدة، ليست إلا سجونًآ بالمقارنة به».. إن البيت الذي نحن فيه، وهو الجسد، يتصدع، والنوافذ تتزعزع، والسقف يتهاوى، إلى أن ننطلق، ونتحرر من كل صفات الجسد والروح، ونلبس شبابنا الخالد أمام الله!! كان سمعان، ونحن، أشبه بحبه الحنطة التي تتفتت بالشيخوخة والموت، إلى أن تبزغ في فجر الأبدية شجرة وارفة في بستان الله العظيم!! ومن ثم كان فرحه عظيمًا بالأمل المفرد الذي يراه في الصبي العظيم بين يديه، والانطلاق الموعود به بعد هذه الرؤيا العليا المجيدة!!

فإذا رجعنا مرة أخرى إلى العذراء المتعجبة من كلام سمعان، فلعله من الواجب أن نعلم أنه وهو يقول لها : «وأنت أيضًا يجوز في نفسك سيف» كان يتحدث عن الألم الرهيب الذي كان لابد أن تجتازه نفسه، في علاقتها بابنها العظيم وقد أشرنا إلى ذلك، ونحن نحلل شخصيتها المتميزة في نساء الكتاب المقدس، وقلنا هناك إن الأصل اليوناني لكلمة «سيف» لا تعني ذلك النوع الصغير القصير من السيوف، بل ذلك النوع الحاد الطويل المرهف، وقد جاز في قلبها من يوم تبشير الملاك لها، حتى وقفت تحت الصليب في يوم الصلب العظيم!! وقد رسم هولمان هانت بخياله البارغ هذه الحقيقة إذ صورها وهي تجمع الذهب الذي أعطاه إياه المجوس، وقد استغرقتها أفكارها وآمالها وأحلامها وأمانيها عن ولدها وعرشه ومجده وصولجانه، ولكن شيئًا ما جعلها تلتفت نحو الجدار القريب، وإذا بها تجد شعاعات الغروب تنعكس عليه صليبًا مخيفاً مفزعاً، وقد روعها أن تبصر إبنها معلقًا علىه، فارتاعت وفزعت، وحاولت أن تطرد الفكر من خيالها، ولكن كلمات الشيخ المدوية عادت مرة أخرى ترن في أذنيها : «وأنت يجوز في نفسك سيف» وفي الحقيقة إن طريق المسيح لا يمكن أن تعطي الإكليل لإنسان لم يخرج إليه خارج المحلة حاملاً عاره، إذ لا إكليل بدون ألم، ولا تاج بدون صليب!! على أي حال كان سمعان الشيخ على موعد مع النور الذي بهر عينيه، وأشاع ابتسامة الهدوء والرضا التي ملأت محياه، ولعله عاد من الهيكل، ونام ليالي -قلت أو كثرت - حتى جاءوه ذات صباح ليروا وجهًا هادئًا مبتسمًا بعد أن أجابه الله إلى طلبته العظيمة، وأمنيته الغالية : «الآن تطلق عبدك ياسيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك» (لو 2 : 29)...!
 
قديم 14 - 01 - 2021, 06:22 PM   رقم المشاركة : ( 32235 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,209

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سمعان وحياته




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



يحلو للبعض أن يطلق على سمعان الشيخ لقب «مراقب الصبح» ولعلهم يرونه بهذا المعنى الإنسان الذي يقول مرنم المزمور المائة والثلاثين : «انتظرتك يارب انتظرت نفسي وبكلامه رجوت. نفسي تنتظر الرب أكثر من المراقبين الصبح، أكثر من المراقبين الصبح، ليرج إسرائيل الرب لأن عند الرب الرحمة وعنده فدى كثير وهو يفدي إسرائيل من كل أثامه» (مز 130 : 5-8).

كان الليل قد بلغ بالعالم أقصاه، وكان الناس جميعًا يتطلعون إلى السماء، إلى كوكب الصبح المنير، إلى شمس البر التي تشرق والشفاء في أجنحتها، وكان الشرق والغرب في تطلع بعيد عميق إلى ما وراء الظلام الضارب على كرة الأرض، ومع أن القانون الروماني قطع شوطًا بعيدًا في مد العالم بعصارة الفكر الحضاري، الذي أخذت عنه سائر القوانين بعد ذلك، ومع أن الفلسفة اليونانية مدت شعابها في فكر الإنسان، وقبيل الميلاد كان هناك الكثيرون من الكتاب وقادة الفكر، إذ ولد ديودوريوس المؤرخ اليوناني، واسترابو المؤلف الجغرافي العظيم والذي عاش بين عامي 54 ق.م - 24 م، وأوفيد بين عامي 57 ق.م - 18 م، وسينكا الفيلسوف الذي عاش حتى عام 65م،، وفرجيل الشاعر الذي مات قبل الميلاد بأربعة عشر عاماًا، وأوفيد الذي مات قبل الميلاد وبثلاث سنوات، ولكن هؤلاء جميعًا على قدر ما أعطوا للناس من أنوار كانوا أشبه بالنجوم التائهة في قلب الظلام، وحق لدانتي الليجيري وقد كان من أشد المعجبين بفرجيل، والذي وصفه في الكوميديا بالإلهية بأروع الأوصاف وأعظمها، إذ كان يراه واحدًا من أعظم أساتذه الشعر ومعلميه، وقد قاده فرجيل في زيارته للجحيم، ولكنه بعد أن انهى رحلته هناك، وقف فرجيل على أعتاب الظلمة الخارجية دون أن يتقدم خطوة واحدة نحو السماء، وهو يهز رأسه بملء الأسى، لعدم تمكنه من الدخول، إذ كان وثنيًا لا يعرف فداء يسوع المسيح وهو ما لابد منه لدخول السماء.

ومن البديهي أنه في قلب هذا الظلام تمكنت الخرافة في الأرض وعشش الفساد في كل مكان، وقيل إن «زرادشت» الفارسي كان يعلم أتباعه، أنه إن لم تنجدنا السماء بمنقذ، فلن يكون هناك رجاء قط عند بني الإنسان، ومن هنا كان ترقب المجوس للنجم العجيب الذي تبعوه إلى بيت لحم».

فإذا عدنا إلى سمعان الشيخ، وإلى الأيام التي عاشها في أورشليم، فإننا نرى إنسانًا ينتصب على المرصد في أعماق الليل، وكأنما ليرقب شروق الشمس، وقد أحدق به الظلام من كل جانب، فبلاده ليست مستعبدة للرومان فحسب، ولكنها أكثر استبعادًا للخطية، ومن المؤسف أن كبرياء اليهود، وهم في عمق ذلهم واستعبادهم، تجعلهم يتوهمون أنهم أحرار، وعلى حد قولهم للمسيح فيما بعد : «إننا ذرية إبراهيم ولم نستبعد لأحد قط» (يو 8 : 33) ويأتيهم الجواب : «الحق الحق أقول لكم إن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية» (يو 8 : 34).. وقد ظهرت عبوديتهم للخطية في كل جانب من جوانب حياتهم! فإذا كان الدين عندهم مجرد طقوس وفرائض وقشور، إلى الدرجة التي وصل معها قادتهم، باسم الدين، إلى أحط الدركات، وتحول بيت الله إلى مغارة لصوص، فكم يكون الشعب إذًا؟ وكم تضيق نفوس الأتقياء وتتعذب، يومًا بعد يوم، وهم يرون الأوضاع بنفس الصورة التي رآها لوط في وسط سدوم، وهو يعذب نفسه البارة، بأعمالهم الأثيمة؟ كان سمعان الشيخ رجلاً بارًا تقيًا. وما من شك في أن نفسه كانت تئن أنين الأبرار القديسين، وهم يرون الشرور والمباذل والمفاسد في كل مكان!

ومع أننا لا نعلم ماذا كان يعمل سمعان الشيخ، وماذا كانت رسالته أو خدمته في مدينة أورشليم، إلا أنه كان ولاشك واحداً من أولئك الذين يكافحون ضد تيار الشر والفساد في أمته، ولكنه كان يدرك تماماً ان التيار الجارف الذي يكتسح أمامه كل شيء، لا يمكن لصبي صغير أن يقيم السد لمواجهته، كما أن الظلمة الضارية العميقة لا تصلح معها شمعة صغيرة لتنير سائر الأرجاء في عمق الليل البهيم! ولعل الرجل قد صرخ مرات متعددة لله بما يشبه صلاة إرميا عندما قال : «وإن تكن أثامنا تشهد علينا يارب فأعمل لأجل اسمك، لأن معاصينا كثرت، إليك أخطأنا، يا رجاء إسرائيل مخلصه في زمان الضيق لماذا تكون كغريب في الأرض وكمسافر يميل لبيت؟ لماذا تكون كإنسان قد تحير كجبار لا يستطيع أن يخلص؟ وأنت في وسطنا يارب وقد دعينا باسمك، لا تتركنا» (إر 14 : 7-9). كان الرجل يعلم تمام العلم أنه لا خلاص لأمته وشعبه بدون المسيح!! وقد أوحى إليه روح الله، أنه على مقربة من النور، وأنه لن يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب!.

 
قديم 14 - 01 - 2021, 06:22 PM   رقم المشاركة : ( 32236 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,209

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سمعان وأغنيته



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


تتغنى الكنيسة المسيحية منذ القديم بالأغنية أو الصلاة التي فاض بها قلب سمعان وهو يحمل الطفل يسوع بين ذراعيه، وقد أطلق على الأغنية في اللاتينية NUNE DIMITTIS وقد أخذ هذا الإسم من مطلعها «الآن تطلق عبدك بسلام ياسيد» وهي أغنية شيخ جليل، حمل بين ذراعيه أسمى أمل للحياة البشرية، وكان موقنًا من أن التاريخ كله سيتغير - للأمم ولليهود على حد سواء- : «الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب، نور إعلان للأمم ومجد لشعبك إسرائيل» (لو 2 : 31-32) ومع أن الرجل لم يعش ليرى كل هذا، لكنه نام مستريحًا على وسادة من يقين الإعلان الإلهي، وقد أثبت الزمن صدقه، إذ لا شبهة في الفكر - سواء عند المؤمنين أو غير المؤمنين - أن المسيح غير مجرى التاريخ، وقلب حياة البشر رأسًا على عقب، أو بالحري أعاد وضع البشر المقلوب للأمم ولليهود على حد سواء، ويكفي أن تلال بيت لحم من الوجهة الجغرافية - كما قال أحدهم - لم تكن إلا تلالا متواضعة ربض عليها الرعاة في ليلة من الليالي القديمة، ولكنها ببشارة المسيح ارتفعت لتصبح تلالا دهرية هي أشهر التلال في العالم، بل يكفي أنه فصل التاريخ كله وشطره إلى ما قبل الميلاد وما بعد الميلاد، أجل! حمل سمعان الصبى العجيب بين ذراعيه، وهو قد لا يدري أن هذا الصغير المحمول وهو الحامل كل الأشياء بكلمة قدرته!

على أن سمعان ركز في المسيح على الخلاص، فهل كان يدري عمق التعبير وجلاله ومجده وعظمته؟ يقول الكسندر هوايت بهذا الصدد : في ذلك اليوم، وهو يرى بعينيه ما كان ينتظره من خلاص الله.. لأن الخلاص في ذلك اليوم، وإلى هذا اليوم له معان متعددة في أذهان الناس، فالخلاص له أعلى المعاني السماوية عند إنسان، وأعلى المعاني الأرضية عند آخر، فالخلاص في الهيكل في ذلك اليوم لواحد هو الخلاص من قيصر، وهو لآخر خلاص نفسه، لواحد هو الخلاص من جابي الضريبة، ولغيره من القلب الشرير بين جنبيه. ومع ما في أغنية سمعان من جلال ومجد، فأننا إلى اليوم لا نعرف يقينًا ماذا كان الشيخ العجوز والقديس والقاريء لكلمة الله يعني خلاص التي فاه بهما. ولكن السؤال مع ذلك يتجه إلينا! ما هو خلاصنا. خلاصي وخلاصك! عندما تتكلم أو تسمع أو تقرأ أو تغني عن الخلاص، ماذا تعني بالضبط؟! إنه إذا كان له معنى دقيق حقيقي فهو كما كان يقول واحد من العلماء لتلاميذه : «إن الشيء الأول الذي ستمتحن به في اليوم الأخير هو : ما هو نوع الخلاص الذي كنت تسعى وراءه!؟ أي خلاص كنت تدرسه وتعلمه وتعظ به وتبحث عنه بنفسك عندما كنت تعيش على الأرض؟ وكم ستكون سعيداً أمام الناس والملائكة إذا كنت مثل الرجل القديم : «وهذا الرجل كان بارًًا وتقيًا ينتظر تعزية إسرائيل والروح القدس كان عليه.. لأني عيني قد أبصرتا خلاصك.. وكان يوسف ومريم يتعجبان مما قيل فيه! (لو 2 : 25 و30 و33).

إن السؤال عن الخلاص، كما قيل هو أهم سؤال يرتبط بالمسيحية، وهو الذي يفرقها عن غيرها من الأديان والمعتقدات، وهو السؤال الذي لا يجوز لقارىء من قراء هذا الكتاب التجاوز عنه أو تجنب طرحه بعمق أمام ذهنه وقلبه، لاسيما وأنه هو اسم يسوع بالذات الذي هو «خلاص الله» أو كما قال الملاك ليوسف : «وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» (مت 1 : 21) أو كما يقول سمعان وهو يشير إلى الخلاص كعطية الله العظمى التي أعدها في المسيح يسوع «الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب»... تعود أحد العاملين في جيش الخلاص أن يسأل أحد الخدام كلما التقى به في القطار : «هل أنت مخلص». وحار الرجل ماذا يقول له، وأخيرًا سأل الأسقف مول قائلاً : «لو وجه إليك هذا السؤال فماذا يكون ردك!؟ وابتسم الأسقف وكان عالمًا من علماء الكتاب وقديسًا عظيمًا - وقال : «أقول له ماذا تقصد بكلمة الخلاص أهي Sotheis «سوسيس» أو Sozomenos «سوزومينس» أو Sesosmenos سيزومينس» إن الكلمة الأولى تشير إلى الخلاص باعتباره قد تم دفعه واحدة في لحظة التجديد، فرفع الدين الإلهي بأكمله. ونلنا المصالحة مع الله، إذ حمل المسيح الكل على الصليب، والكلمة الثانية تشير إلى الخلاص في المستقبل عندما ندخل إلى المجد السماوي، ولا نتعرض بعد ذلك لتجربة أو خطية، أما الكلمة الثالثة فتشير إلى عملية المسيح المطهرة لحياتنا يومًا بعد يوم، وفي كل الحالات يتم بعمل المسيح لنا وفينا. والخلاص بهذا المعنى ماض وحاضر ومستقبل، فعندما يؤمن المرء بالمسيح يرفع عنه الصك أو دين الخطية، ويمحى بالتمام، وهو في صليب المسيح يبدو كأنما لم يرتكب خطية على الإطلاق، وذلك لأن المسيح قد قضى الدين كله، وقد دان الله الخطية في الصليب، وهو لا يمكن أن يدين الخطية الواحدة مرتين، وكما ورثنا الخطية عن آدم، نرث الخلاص في المسيح، على أن الخطية ليست مجرد دين يرفع، بل هي مرض نعالج منه، وأوساخ يحاول العالم والشيطان أن يطرحها علينا في سيرنا في الحياة، ومن ثم قال السيد المسيح : «الذي قد اغتسل ليس له حاجة إلا إلى غسل رجليه بل هو طاهر كله» (يو 13 : 10) ومع هذه الطهارة فإن واجبه أن يغسل ما علق برجليه من تراب الأرض وأوساخها المتعددة، والخلاص بهذا المعنى عملية لا نقوم نحن بها، بل يقوم بها المسيح بالروح القدس فينا، فهو الذي يبكتنا على الخطية، وهو الذي يدفعنا للتخلص منها، وهو الذي يغلسنا بدمه، وهو الذي يحررنا بشفاعته المستمرة، ومن ثم فهي عملية المسيح الدائمة فينا صالما نحن على الأرض! وهي عملية حاضرة مستمرة، ولن تنتهي هذه العملية طالما هناك رمق في الحياة، وتجارب تحيط بنا، وتعثر وسقوط وقيام يلاحقنا، ونحن نتطلع إلى الأمام يومًا وراء يوم ونحن نقول : «فإن خلاصنا بهذا المفهوم أمكن أن ندخل أي خلاص أو إنقاذ زمني في ظروف الحياة ومتاعبها وتغيراتها ومدى ما فيها من نجاح أو تعب أو ضيق أو فشل أو انتصار، في نطاق عمل نعم الله : «لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس معلمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح الذي بذل نفسه لأجلنا لكي يفدينا من كل إثم ويطهر لنفسه شعبًا خاصًا غيورًا في أعمال حسنة» (تيطس 2 : 11-14) هذا هو الخلاص الذي أعده لجميع الشعوب، ونطق به سمعان الشيخ في هيكل الله بالروح القدس وهو يحمل بين ذراعيه الصبى يسوع المسيح!

وإذا بلغ سمعان هذا الأمل الذي عاش ينتظره سنوات طويلة لشعبه وللعالم، كان كمن يصعد إلى القمة في جبل الحياة وليس له من مطمع أعلى وأسمى، ومن ثم أضحى الموت كالنوم الهاديء للعامل المتعب الذي يهجع في آخر الليل إلى سريره ليستريح. وقد درج اليهود على أن يودعوا الراحل من الدنيا بالعبارة التي قالها الله لإبراهيم : «وأما أنت فتمضى إلى أبائك بسلام وتدفن بشيبه صالحة» (تك 15 : 15). كما أنهم تعودوا أن يودعوا بعضهم بعضًا بالقول : «أمضوا بسلام» قال سمعان : «والآن تطلق عبدك ياسيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك» (لو 2 : 29 و30) فهل أحس أنه الطائر السجين في القفص يرفرف بجناحيه، وهو يرى اليد الكريمة توشك أن تفتح الباب، مستعدًا للانطلاق إلى سماء الله المرتفعة العظيمة، أم أنه كان أشبه بالسفينة المربوطة إلى الشاطىء، وإذا بالربان العظيم يفك رباطها لتنطلق إلى الخلود، لم يتلفظ بلفظ الموت، بل تحدث بلغة الانطلاق والانعتاق من أسر الحياة، إلى مدينة الله العظيمة الخالدة، قال فيكتور هوجو : لقد كتبت أفكارى في الشعر والنثر والتاريخ والفلسفة والدراما والرومانسية والتقاليد والأغاني، ولكني مع ذلك أشعر أني لم أعبر عن واحد من الألف مما في ... وعندما أذهب إلى القبر سأنهي عملي اليومي.. لكن يومًا سيبدأ في الصباح التالي!! وذكر واعظ مشهور قصة ذلك الضابط الهندي العجوز الذيي كان يفتن الناس بقدرته الخطابية، وكان يلعب بُأفكارهم ومشاعرهم، وإذ يرتفع بهم إلى أعلى مراقي الخيال، كان يتوقف فجأة، ثم يقول : «إني أتوقع أن أرى شيئًا أعظم كثيرًا مما حدثتكم عنه».. ويصمت قليلاً - ولعله يلاحظ التردد والشك على وجوه المستمعين وإذا يقول : أنا أعني الخمس الدقائق الأولى بعد وفاتي! ومع أننا لا نعرف ما آل إليه فيكتور هوجو أو الضابط الهندي... إلا أننا على يقين من أن الإنسان الذي يحمل المسيح بين ذراعيه، ويصف نفسه بصدق وأمانة أنه عبد الله، سيضيء في الأبدية كضياء الجلد وكالكواكب إلى أبد الدهور..
 
قديم 14 - 01 - 2021, 06:23 PM   رقم المشاركة : ( 32237 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,209

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سمعان والحديث مع العذراء مريم



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


بعد أن أنهى أغنيته، تحول إلى العذراء وتحدث عن المسيح بالنسبة لإسرائيل وبالنسبة لها، فقال: «ها إن هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل ولعلامة تقاوم، وأنت أيضًا يجوز في نفسك سيف. لتعلن أفكار من قلوب كثيرة» (لو 2 : 34 و35) ويتفق هذا القول مع ما جاء في إشعياء عن السيد : «قدسوا رب الجنوب فهو خوفكم وهو رهبتكم. ويكون مقدسًا وحجر صدمة وصخرة عثرة لبني إسرائيل وفخًا وشركاً لسكان أورشليم، يعثر بها كثيرون ويسقطوا فينكسرون ويعلقون فيلقطون صُرّ الشهادة اختم الشريعة بتلاميذي» (اش 8 : 13-16) وهو عين ما قاله السيد للشعب : «فنظر إليهم وقال إذاً ما هو هذا المكتوب الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية، كل من يسقط على ذلك الحجر يترضض. ومن سقط هو عليه يسحقه» (لو 20 : 17 و18). ولعل ما قاله الكسندر هوايت هنا، من أصدق وأدق ما يمكن أن يقال : «كان المسيح هكذا لإسرائيل، وما يزال إلى اليوم» هناك مدارس ومذاهب فكرية في تفسير الكتاب، وهناك مدارس ومذاهب فلسفية، وهي تذهب جميعًا إلى أن النبوة التي تنبأ بها سمعان ما تزال باقية إلى اليوم، إنهم ينهضون ويقومون ويسقطون على أساس قبولهم أو رفضهم لعمانوئيل، ولكن السؤال الذي يرفعه الكتاب أمامنا، ليس عن مدارس الفكر إو النظم اللاهوتية أو الفلسفية بل عن نفوسنا! هذا الذي ولد من مريم، وهو ابن الله، هل هو حجر صدمة!؟ أو هو حجر الأساس في صهيون بالنسبة لي!؟ أهو رافعي لخلاصي الأبدي، ولمجده الدائم، فوق جميع سقطاتي لأثبت في بره كمن يقف على صخرة!؟ قد يسقط سمعان وقد أسقط أنا، لكن السيد يرفعني بيده : «والقادر أن يحفظكم غير عاثرين ويوقفكم أمام مجده بلا عيب في الابتهاج، الإله الحكيم الوحيد مخلصنا له المجد والعظمة والقدرة والسلطان الآن وإلى كل الدهور، آمين (يهوذا 24 و25).

عندما أراد بطرس ماكينزي الواعظ الإنجليزي الميثودسني أن يعبر عن هذا كله بصدق وطرافه. وكان يعظ عن : «وهم يترنمون كترنيمة جديدة» (رؤ 14 : 3). قال حين أصل إلى السماء أريد أن أرى داود مع قيثارته مجتمعًا مع بولس وبطرس وسائر القديسين ليترنموا، ثم أطلب ترنيمة 749 من كتاب ترانيم الميثودست : «إلهي - أني حين أضل الطريق» ولكن شخصًا يأتي إليَّ ليقول : «هذا لا ينفع هنا في السماء.. أنت في السماء يا بطرس وهنا لا يوجد ضلال في الطريق» وأرد عليه قائلاً أنت على حق يا أخي دعنا نرنم ترنيمة 615 : «وإن هبت العواصف على رأسي.. وكل أصدقائي وأحبائي تركوني» وإذا بقديس آخر يصيح «لا توجد هنا عواصف» فأحاول أن أرنم ترنيمة أخرى رقم 536 : «إلى عالم الآثام أرسلت» فاسمع آخر ينادي بطرس بطرس! ستخرجك من السماء إن لم تترك هذه الترانيم.. فأسأل : وماذا أرنم!؟ فيقولون : «ترنيمة جديدة، ترنيمة موسى والحمل»

كان سمعان يؤمن بوجود مكان آخر ينطلق إليه، وهو المكان الذي لا يستطيع الوصف البشري أن يحيط به، المكان الذي عندما أراد أحدهم أن يصفه قال : «أي مكان يمكن أن تكون السماء! إن قصور التوبلري في فرنسا، ووندسور في إنجلترا، والهمبرا في أسبانيا، والشونبرن في النمسا، والبيت الأبيض في الولايات المتحدة، ليست إلا سجونًآ بالمقارنة به».. إن البيت الذي نحن فيه، وهو الجسد، يتصدع، والنوافذ تتزعزع، والسقف يتهاوى، إلى أن ننطلق، ونتحرر من كل صفات الجسد والروح، ونلبس شبابنا الخالد أمام الله!! كان سمعان، ونحن، أشبه بحبه الحنطة التي تتفتت بالشيخوخة والموت، إلى أن تبزغ في فجر الأبدية شجرة وارفة في بستان الله العظيم!! ومن ثم كان فرحه عظيمًا بالأمل المفرد الذي يراه في الصبي العظيم بين يديه، والانطلاق الموعود به بعد هذه الرؤيا العليا المجيدة!!

فإذا رجعنا مرة أخرى إلى العذراء المتعجبة من كلام سمعان، فلعله من الواجب أن نعلم أنه وهو يقول لها : «وأنت أيضًا يجوز في نفسك سيف» كان يتحدث عن الألم الرهيب الذي كان لابد أن تجتازه نفسه، في علاقتها بابنها العظيم وقد أشرنا إلى ذلك، ونحن نحلل شخصيتها المتميزة في نساء الكتاب المقدس، وقلنا هناك إن الأصل اليوناني لكلمة «سيف» لا تعني ذلك النوع الصغير القصير من السيوف، بل ذلك النوع الحاد الطويل المرهف، وقد جاز في قلبها من يوم تبشير الملاك لها، حتى وقفت تحت الصليب في يوم الصلب العظيم!! وقد رسم هولمان هانت بخياله البارغ هذه الحقيقة إذ صورها وهي تجمع الذهب الذي أعطاه إياه المجوس، وقد استغرقتها أفكارها وآمالها وأحلامها وأمانيها عن ولدها وعرشه ومجده وصولجانه، ولكن شيئًا ما جعلها تلتفت نحو الجدار القريب، وإذا بها تجد شعاعات الغروب تنعكس عليه صليبًا مخيفاً مفزعاً، وقد روعها أن تبصر إبنها معلقًا علىه، فارتاعت وفزعت، وحاولت أن تطرد الفكر من خيالها، ولكن كلمات الشيخ المدوية عادت مرة أخرى ترن في أذنيها : «وأنت يجوز في نفسك سيف» وفي الحقيقة إن طريق المسيح لا يمكن أن تعطي الإكليل لإنسان لم يخرج إليه خارج المحلة حاملاً عاره، إذ لا إكليل بدون ألم، ولا تاج بدون صليب!! على أي حال كان سمعان الشيخ على موعد مع النور الذي بهر عينيه، وأشاع ابتسامة الهدوء والرضا التي ملأت محياه، ولعله عاد من الهيكل، ونام ليالي -قلت أو كثرت - حتى جاءوه ذات صباح ليروا وجهًا هادئًا مبتسمًا بعد أن أجابه الله إلى طلبته العظيمة، وأمنيته الغالية : «الآن تطلق عبدك ياسيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك» (لو 2 : 29)...!
 
قديم 14 - 01 - 2021, 06:32 PM   رقم المشاركة : ( 32238 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,209

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس سمعان الصدّيق القابل الإله وحنة النبيّة








وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"إن حنّة اللاهجة بالله وسمعان الكليّ السعادة لمّا تلألآ بالنبوءة وظهرا بلا عيب في الشريعة، أبصرا الآن معطي الناموس ظاهراً طفلاً على صورتنا وسجدا له. فلنعيّد اليوم لتذكارهما بفرحٍ ممجّدين بحسب الواجب يسوع المحبّ البشر". (قطعة على يارب إليك صرخت- صلاة المساء).

هكذا وصفت إحدى الترنيمات خدمة القدّيسين حالهما. كانا بارّين يتمتّعان بروح النبوّة، لذلك أبصرا معطي الشريعة طفلاً.



سمعان


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

إسم أرامي - عبري معناه "الذي يسمع، المطيع، الذي يُصغي"، وفي العبرية هو شمعون Shimeon.
نقرأ في سفر التكوين:"فحبلت ليئة وولدت ابنًا ودعت إسمه راوبين. لأنّها قالت إن الرّب قد نظر إلى مذلّتي. لأنّه الأن يحبنّي رجلي. وحبلت أيضًا وولدت اإبنًا وقالت أن الرّب قد سمع إني مكروهة فأعطاني هذا أيضًا. فدعت إسمه شمعون (سمعان) (تكوين ظ£ظ¢:ظ¢ظ©-ظ£ظ£)"
فالإسم مرتبط إذًا بإصغاء الله لطلبة ليئة. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ الأسماء في الحضارة السامية كانت تعبّر عن حامليها أو عن حادث مرتجى.
وهذا أيضًا يذكّرنا بما حصل مع هاجر: "وقال لها ملاك الرّب ها أنت حبلى فتلدين إبنًا وتدعين إسمه اسماعيل لأن الرّب قد سمع لمذّلتك" ( تكوين ظ،ظ،:ظ،ظ¦).
الأمر ذاته يحصل مع سمعان الشيخ وهو يحمل الرّب يسوع على ذراعيه، فإسمه يعبّر عن حالة الشكر والامتنان والتسبيح الذي يعيشه سمعان بمشاهدته للرّب الخالق.

ذروة الفرح التي وصل إليها سمعان كانت بعبارته التي نردّدها في نهاية كلّ صلاة غروب:"الآن تِطلق عبدك يا سيّد حسب قولك بسلام.. لأن عينيّ قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب. نور إعلان للأمم ومجدًا لشعبك اسرائيل"( لوقا ظ£ظ¢:ظ¢).



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة سمعان الشيخ لم يعد يأبه بالموت، لا بل يقول "قلبي مستعد يا الله ". فأمام الله المتجسّد الذي يحمله طفلًا، أدرك الحياة الأبديّة والسلام الحقيقيّ، وهو يدعونا الآن لأن نحمل الرّب على أذرعنا وندخله هياكل قلوبنا ونفوسنا لنصبح خليقةً جديدة.



اعتبر سمعان شيخًا مع أنّه لا توجد كلمة واحدة في نص لوقا الإنجيلي تؤكّد أنّه كان طاعنا ً في السن. وقد شغلت الناس هويّة الرجل: من يكون؟


- قال قوم إنّه سمعان الذي وبّخ أرخيلاوس خليفة هيرودوس الكبير، والذي تزوّج أرملة أخيه.

- وقال آخرون بل هو سمعان بن هلال، أبو غمالائيل المذكور في سفر اعمال الرسل والمقال عن بولس الرسول إنه تتلمذ عند رجليه ( أع 3:22) فريسياً. هذا ذُكر أنه كان رئيساً للسنهدريم عام 13 م .
وربطاً لسمعان بالأنبياء، لاسّيما إشيعاء، قيل إن سمعان لمّا قرأ اشيعاء ظ،ظ¤:ظ§، وفق النص السبعيني، والذي فيه "ها إن العذراء تحبل وتلد ابنًا ويدعى اسمه عمانوئيل"، خطر له أن يغير كلمة "عذراء" بكلمة "صبيّة "، ففعل. فلمّا عاد في اليوم التالي وجد لفظة "صبيّة" ممحاة. ولفظة "عذراء" في محلّها. فأيقن أنه ليس على الله أمر عسير. ثم أوحي إليه أنّه لا يموت قبل أن يرى مسيح الرّب.
- وهناك من يُطلق على سمعان لقب "رقيب الصبح"، وأن يروا فيه صورة من قيل عنه في المزمورظ،ظ¢ظ©: "من أجل اسمك يارب نظرت إليك. نظرت نفسي إلى كلامك. توكّلت نفسي على الرّب. من انفجار الصبح إلى الليل فليتّكل إسرائيل على الرّب، لأن من الرّب الرحمة ومنه النجاة الكثيرة، وهو ينجي إسرائيل من كل آثامه "(ظ¥-ظ¨).

سمعان الشيخ شخص مهّم جدًا في التاريخ اليهوديّ




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




يُقال إنّه كان بعمر ظ،ظ،ظ¢ سنة عندما حمل الرّب يسوع المسيح على ذراعيه. (متّى المنحول).
هو ابن العلّامة العظيم هليل الذي أنشأ مدرسة هليل، والذي كان رئيس مجمع السنهدريم لمدّة أربعين سنة، وهو والد العلامة غمالائيل معلّم بولس الرسول عندما كان شاول.
عُيّن رئيسًا للمجمع بعد والده قبل زمان المسيح، ولكن تم إخفاء كلّ الكتابات عن زمنه وشهاداته، رغم أنّه أوّل من حصل على لقب رابان، وهو لقب راق جدًا في المجمع اليهودي.
الأمر الغريب جدًا هو أن تُخفى كتاباته وشروحاته وهو يحمل هذا اللقب الكبير، وهو ابن معلّم من أهم الرؤساء اليهود صاحب مدرسة باسمه وهي "مدرسة هليل".
لم يكتب عنه في المشنه ولا في التلمود والجمار، رغم أنّها تكلّمت على من هم أقل أهميّة بكثير منه، وهذا شيء يتعجّب له اليهود أنفسهم، فهو رجل من أعظم شيوخ اليهود ولم يُذكر له أخطاء تدينه، فلماذا إذًا تم إخفاء تاريخه من قبل اليهود؟
هم يكتفون بذكر:"يسوع الناصري ولد في بيت لحم في سنة 3761 من الخليقة، وهو في السنة 42 من اغسطس قيصر، وكان ميلاده في آخر أيّام الرابان سمعان ابن هليل". وهذا يعني أنّه رئيس عظيم وطاعن في السن.
هذا التعتيم يؤكّد أنّه لم يرق للمعلّمين اليهود ما قاله سمعان، أي قوله إن الطفل الذي حمله على ذراعيه هو المسيح المولود من العذراء بحسب آية إشعياء النبي(ظ،ظ¤:ظ§)، والتي لطالما شغلته هذه الآية بالتحديد، خاصة في ترجمتها السبعينيّة.
هناك من استغرب قائلًا: كيف يعترف سمعان بمجيء المخلّص، المسيا المنتظر، المعزّي، المناحيم، ويكون ابنه غمالائيل بعكس معتقده؟
يمكن للجواب أن يحمل أكثر من شق:
- أتى اعتراف سمعان الشيخ في آخر أيامه بعد أن ترك رئاسة المجمع لكبر سنّه.
- ليس من الضروري أن يكون الابن على وعي والده، وهناك أمثلة كثيرة في العهد القديم عن ذلك.
- الفرق الزمني بين اعتراف سمعان الشيخ، وغمالائيل طويل جدًا ويزيد عن الثلاثين عامًا، وقد يكون غمالائيل تأثر بأمور كثيرة.

ولكن يجب التوقّف عند المفارقة الآتيّة: ألم يدافع غمالائيل بطريقة غير مباشرة عن تلاميذ الرّب يسوع؟
"فقام في المجمع رجل فريسي اسمه غمالائيل، معلّم للناموس، مكرّم عند جميع الشعب، وأمر أن يخرج الرسل قليلاً".
ثم قال للسنهدريم، أي المجمع اليهودي:«أيّها الرجال الإسرائيليون، إحترزوا لأنفسكم من جهة هؤلاء الناس في ما أنتم مزمعون أن تفعلوا... تنحّوا عن هؤلاء الناس واتركوهم! لأنّه إن كان هذا الرأي أو هذا العمل من الناس فسوف ينتقض، وإن كان من الله فلا تقدرون أن تنقضوه، لئلا توجدوا محاربين لله أيضًا». فانقادوا اليه. ودعوا الرسل وجلدوهم، وأوصوهم أن لا يتكلّموا باسم يسوع، ثم أطلقوهم. (أع ظ¥: ظ£ظ£ـظ¤ظ*)

يُذكر أن غمالائيل، والذي يعني اسمه هديّة الله، قد تعمّد على يدي القدّيسين بطرس ويوحنا، لكن ليس عندنا إثبات على ذلك.

أنى يكن الأمر فإنّه يتوقّع أن يكون سمعان قد رقد بعد فترة قصيرة من معاينة مسيح الرّب. وقد ورد أن رفاته كانت تكرّم في القسطنطينية في كنيسة القدّيس يعقوب، في القرن السادس للميلاد، أيام الأمبراطور يوستينوس.











2- حنّة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


- معنى الإسم:
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة إسم حنّة عبري مشتق من فعل "شنا" الذي يشير إلى الحنان والرأفة والنعمة، وهو في جذوره مرتبط أيضًا بالفعل العبري"شع" الذي يعني الخالص (أنظر إسم يسوع). كما هو اختصار لإسم حنانيا الذي يعني بدوره الله تحنّنن. فكل هذه الأسماء حنّة، حنانيا، يوحنا هي من الجذر ذاته وتشير جميعها أن يهوى حنون أيّ الله حنون.



- حنّة بنت فنوئيل من سبط أشير



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


حنّة هي بنت فنوئيل أي "وجه الله"، ومن سبط أشير.

أشير هو أحد أسباط إسرائيل [يذكر سفر التكوين أن زيلفا، جارية ليا زوجة يعقوب، ولدت إبنًا ثانيًا له من بعد جاد، وسمتّه أشير الذي يعني "مغبوط" أو "سعيد"(ظ،ظ¢:ظ£ظ*)]. وكلمة سبط تعني "عصا" أي جماعة يقودها رئيس يحمل عصا الرعاية والتآديب.



- عدد الأسباط إثني عشر وهم (بحسب ترتيب الولادة):

ظ،-رأوبين، ظ¢-شمعون، ظ£-لاوي (فُرز للخدمة الكهنوتيّة)، ظ¤-يهوذا، ظ¥-دان، ظ¦-نفتالي، ظ§-جاد، ظ¨-أشير، ظ©-يساكر، ظ،ظ*-زبولون، ظ،ظ،-يوسف (ولد منسّى وإفراييم)، ظ،ظ¢-بنجامين.



- حنّة أرملة ونبيّة



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


كانت حنّة متقدّمة في السن، وقد عاشت مع زوجها سبع سنوات ثم ترمّلت ولم تتزوج من بعد، وقد بلغت في تلك الأيام التي التقت فيها الطفل يسوع الرابعة والثمانين. خلال هذه الفترة الطويلة من عمرها لم تفارق الهيكل، وكانت عابدة بأصوام وطلبات ليلاً ونهارًا. فهي تعلّمنا الجهاد والصبر، "من صبر إلى المنتهى يخلص"(متى ظ¢ظ¢:ظ،ظ*). لم يكن عمرها المتقدّم عائقًا، بالعكس تمامًا، حتّى وهي عجوز بالجسد، ظل روحها ينبض حياةً منتظرةً خلاص الرّب.
هي فنموذج للأرامل والعذارى والرهبان الذين يلازمون العفة ويداومون على الصوم الصلاة، ولا يفارقون العبادة ليلاً ونهارًا.


فبعد أن شاهدت الطفل الإلهيّ، أي الطفل المحمول على ذراعي سمعان الشيخ وسمعت إعتراف الآخير، وقفت تسبّح الرّب وتكلّم عنه مع جميع المنتظرين فداء في اورشليم. (لوقا ظ£ظ¦:ظ¢ـ ظ£ظ¨).
 
قديم 14 - 01 - 2021, 06:32 PM   رقم المشاركة : ( 32239 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,209

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سمعان


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

إسم أرامي - عبري معناه "الذي يسمع، المطيع، الذي يُصغي"، وفي العبرية هو شمعون Shimeon.
نقرأ في سفر التكوين:"فحبلت ليئة وولدت ابنًا ودعت إسمه راوبين. لأنّها قالت إن الرّب قد نظر إلى مذلّتي. لأنّه الأن يحبنّي رجلي. وحبلت أيضًا وولدت اإبنًا وقالت أن الرّب قد سمع إني مكروهة فأعطاني هذا أيضًا. فدعت إسمه شمعون (سمعان) (تكوين ظ£ظ¢:ظ¢ظ©-ظ£ظ£)"
فالإسم مرتبط إذًا بإصغاء الله لطلبة ليئة. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ الأسماء في الحضارة السامية كانت تعبّر عن حامليها أو عن حادث مرتجى.
وهذا أيضًا يذكّرنا بما حصل مع هاجر: "وقال لها ملاك الرّب ها أنت حبلى فتلدين إبنًا وتدعين إسمه اسماعيل لأن الرّب قد سمع لمذّلتك" ( تكوين ظ،ظ،:ظ،ظ¦).
الأمر ذاته يحصل مع سمعان الشيخ وهو يحمل الرّب يسوع على ذراعيه، فإسمه يعبّر عن حالة الشكر والامتنان والتسبيح الذي يعيشه سمعان بمشاهدته للرّب الخالق.

ذروة الفرح التي وصل إليها سمعان كانت بعبارته التي نردّدها في نهاية كلّ صلاة غروب:"الآن تِطلق عبدك يا سيّد حسب قولك بسلام.. لأن عينيّ قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب. نور إعلان للأمم ومجدًا لشعبك اسرائيل"( لوقا ظ£ظ¢:ظ¢).



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة سمعان الشيخ لم يعد يأبه بالموت، لا بل يقول "قلبي مستعد يا الله ". فأمام الله المتجسّد الذي يحمله طفلًا، أدرك الحياة الأبديّة والسلام الحقيقيّ، وهو يدعونا الآن لأن نحمل الرّب على أذرعنا وندخله هياكل قلوبنا ونفوسنا لنصبح خليقةً جديدة.



اعتبر سمعان شيخًا مع أنّه لا توجد كلمة واحدة في نص لوقا الإنجيلي تؤكّد أنّه كان طاعنا ً في السن. وقد شغلت الناس هويّة الرجل: من يكون؟


- قال قوم إنّه سمعان الذي وبّخ أرخيلاوس خليفة هيرودوس الكبير، والذي تزوّج أرملة أخيه.

- وقال آخرون بل هو سمعان بن هلال، أبو غمالائيل المذكور في سفر اعمال الرسل والمقال عن بولس الرسول إنه تتلمذ عند رجليه ( أع 3:22) فريسياً. هذا ذُكر أنه كان رئيساً للسنهدريم عام 13 م .
وربطاً لسمعان بالأنبياء، لاسّيما إشيعاء، قيل إن سمعان لمّا قرأ اشيعاء ظ،ظ¤:ظ§، وفق النص السبعيني، والذي فيه "ها إن العذراء تحبل وتلد ابنًا ويدعى اسمه عمانوئيل"، خطر له أن يغير كلمة "عذراء" بكلمة "صبيّة "، ففعل. فلمّا عاد في اليوم التالي وجد لفظة "صبيّة" ممحاة. ولفظة "عذراء" في محلّها. فأيقن أنه ليس على الله أمر عسير. ثم أوحي إليه أنّه لا يموت قبل أن يرى مسيح الرّب.
- وهناك من يُطلق على سمعان لقب "رقيب الصبح"، وأن يروا فيه صورة من قيل عنه في المزمورظ،ظ¢ظ©: "من أجل اسمك يارب نظرت إليك. نظرت نفسي إلى كلامك. توكّلت نفسي على الرّب. من انفجار الصبح إلى الليل فليتّكل إسرائيل على الرّب، لأن من الرّب الرحمة ومنه النجاة الكثيرة، وهو ينجي إسرائيل من كل آثامه "(ظ¥-ظ¨).
 
قديم 14 - 01 - 2021, 06:33 PM   رقم المشاركة : ( 32240 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,209

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سمعان الشيخ شخص مهّم جدًا في التاريخ اليهوديّ



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




يُقال إنّه كان بعمر ظ،ظ،ظ¢ سنة عندما حمل الرّب يسوع المسيح على ذراعيه. (متّى المنحول).
هو ابن العلّامة العظيم هليل الذي أنشأ مدرسة هليل، والذي كان رئيس مجمع السنهدريم لمدّة أربعين سنة، وهو والد العلامة غمالائيل معلّم بولس الرسول عندما كان شاول.
عُيّن رئيسًا للمجمع بعد والده قبل زمان المسيح، ولكن تم إخفاء كلّ الكتابات عن زمنه وشهاداته، رغم أنّه أوّل من حصل على لقب رابان، وهو لقب راق جدًا في المجمع اليهودي.
الأمر الغريب جدًا هو أن تُخفى كتاباته وشروحاته وهو يحمل هذا اللقب الكبير، وهو ابن معلّم من أهم الرؤساء اليهود صاحب مدرسة باسمه وهي "مدرسة هليل".
لم يكتب عنه في المشنه ولا في التلمود والجمار، رغم أنّها تكلّمت على من هم أقل أهميّة بكثير منه، وهذا شيء يتعجّب له اليهود أنفسهم، فهو رجل من أعظم شيوخ اليهود ولم يُذكر له أخطاء تدينه، فلماذا إذًا تم إخفاء تاريخه من قبل اليهود؟
هم يكتفون بذكر:"يسوع الناصري ولد في بيت لحم في سنة 3761 من الخليقة، وهو في السنة 42 من اغسطس قيصر، وكان ميلاده في آخر أيّام الرابان سمعان ابن هليل". وهذا يعني أنّه رئيس عظيم وطاعن في السن.
هذا التعتيم يؤكّد أنّه لم يرق للمعلّمين اليهود ما قاله سمعان، أي قوله إن الطفل الذي حمله على ذراعيه هو المسيح المولود من العذراء بحسب آية إشعياء النبي(ظ،ظ¤:ظ§)، والتي لطالما شغلته هذه الآية بالتحديد، خاصة في ترجمتها السبعينيّة.
هناك من استغرب قائلًا: كيف يعترف سمعان بمجيء المخلّص، المسيا المنتظر، المعزّي، المناحيم، ويكون ابنه غمالائيل بعكس معتقده؟
يمكن للجواب أن يحمل أكثر من شق:
- أتى اعتراف سمعان الشيخ في آخر أيامه بعد أن ترك رئاسة المجمع لكبر سنّه.
- ليس من الضروري أن يكون الابن على وعي والده، وهناك أمثلة كثيرة في العهد القديم عن ذلك.
- الفرق الزمني بين اعتراف سمعان الشيخ، وغمالائيل طويل جدًا ويزيد عن الثلاثين عامًا، وقد يكون غمالائيل تأثر بأمور كثيرة.

ولكن يجب التوقّف عند المفارقة الآتيّة: ألم يدافع غمالائيل بطريقة غير مباشرة عن تلاميذ الرّب يسوع؟
"فقام في المجمع رجل فريسي اسمه غمالائيل، معلّم للناموس، مكرّم عند جميع الشعب، وأمر أن يخرج الرسل قليلاً".
ثم قال للسنهدريم، أي المجمع اليهودي:«أيّها الرجال الإسرائيليون، إحترزوا لأنفسكم من جهة هؤلاء الناس في ما أنتم مزمعون أن تفعلوا... تنحّوا عن هؤلاء الناس واتركوهم! لأنّه إن كان هذا الرأي أو هذا العمل من الناس فسوف ينتقض، وإن كان من الله فلا تقدرون أن تنقضوه، لئلا توجدوا محاربين لله أيضًا». فانقادوا اليه. ودعوا الرسل وجلدوهم، وأوصوهم أن لا يتكلّموا باسم يسوع، ثم أطلقوهم. (أع ظ¥: ظ£ظ£ـظ¤ظ*)

يُذكر أن غمالائيل، والذي يعني اسمه هديّة الله، قد تعمّد على يدي القدّيسين بطرس ويوحنا، لكن ليس عندنا إثبات على ذلك.

أنى يكن الأمر فإنّه يتوقّع أن يكون سمعان قد رقد بعد فترة قصيرة من معاينة مسيح الرّب. وقد ورد أن رفاته كانت تكرّم في القسطنطينية في كنيسة القدّيس يعقوب، في القرن السادس للميلاد، أيام الأمبراطور يوستينوس.
 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:04 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025