|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
474 - بعد سنوات غربة ٍ وكفاح ٍ في بيت خاله ِ لابان ، اتخذ يعقوب طريقه عائدا ً الى اهله وبيته . كان سعيدا ً فرحا ً لا لانه حقق مكاسب مادية كثيرة ، غنما ً وبقرا ً وعبيدا ً وزوجتين واولادا ً ، بل لانه كان عائدا ً لارضه وعشيرته ، لم يكن يعكر صفو فرحته الا انتظاره لقاء عيسو أخيه . كان خائفا ً من لقاء أخيه ، كان يتوقع نقمته وانتقامه ، كان يخشى على حياته وحياة اولاده منه . وتفتق ذهنه عن حيلة ، أعد هدية لعيسو أخيه ليستميل قلبه ، أعد قطعانا ً من المواشي له وأرسلها قطيعا ً خلف قطيع وأوصى عبيده حين يلتقي بهم عيسو ويسأل : " لِمَنْ أَنْتَ ؟ وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ ؟ " ( تكوين 32 : 17 ) أن يجيبوه انهم ليعقوب ذاهبين اليك حاملين هدايا مرسلة ً من أخيه يعقوب اليك . ونجحت الحيلة ونجى . وفي حربه مع العمالقة ومطاردته لهم وجد داود رجلا ً مصريا ً هاربا ً ، سأله : " لِمَنْ أَنْتَ ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ ؟ " ( 1 صموئيل 30 : 13 ) . وأنا اضع امامك نفس السؤال : لمن انت ؟ لا يوجد حياد ٌ في المسيحية ، لا حياد ، اما للمسيح أو لابليس . وقف ايليا النبي امام الشعب فوق جبل الكرمل ووضعهم امام الاختيار ، قال : " حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْن ِ؟ إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللهَ فَاتَّبِعُوهُ ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ " ( 1 ملوك 18 : 21 ) لا يمكن ان تقف معلقا ً بين الاختيارين ، لمن انت ؟ هل انت للمسيح ؟ هل وُلدت الولادة الجديدة ؟ قال المسيح لنيقوديموس عندما جاء ليسأله : " إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ " ( يوحنا 3 : 3 ) بمن تؤمن ؟ بمن تؤمنين ؟ هل تضع ايمانك في المسيح ؟ هل تضعين ايمانك في المسيح ؟ حين سأل حافظ السجن : " مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ ؟ " قال له بولس وسيلا : " آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ " ( اعمال الرسل 16 : 30 ، 31 ) . أي عمل تقومين به ؟ أي عمل تقوم به ؟ هل تعملين في كرم الرب يسوع ؟ هل تعمل في كرم الرب يسوع ؟ مكتوب ٌ في الكتاب المقدس قول الرجل لابنه : " يَا ابْنِي ، اذْهَب الْيَوْمَ اعْمَلْ فِي كَرْمِي " ( متى 21 : 28 ) العمل في كرم المسيح . من هم جماعتك التي تنتمي اليها ؟ أي شركة ٍ تنضم اليها ؟ من هم رفاقك واصحابك ؟ " إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ " ( 1 يوحنا 1 : 7 ) ما هي لغتك ، كلامك ، اقوال فمك ؟ في أي الموضوعات تتحدث وتتحاور وتتكلم وتتجادل ؟ يصلي داود النبي ويقول : " لِتَكُنْ أَقْوَالُ فَمِي وَفِكْرُ قَلْبِي مَرْضِيَّةً أَمَامَكَ يَا رَبُّ ، صَخْرَتِي وَوَلِيِّي " ( مزمور 19 : 14 ) هل انت للمسيح ؟ إن كان كذلك فاخرج من ابليس واخرج من مملكته . نحن لا ننتمي الى سلطان ابليس لأن الرب " أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ " ( كولوسي 1 : 13 ) .
|
15 - 05 - 2012, 06:43 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
475 - كان كل طموح زكا العشار وشهوة قلبه أن يسقط نظره ُ حتى من بعيد على المسيح . ركض الرجل القصير ، أمسك بذيل ردائه ِ باسنانه وجرى ، جرى بخطواته القصيرة السريعة . وصل الى شجرة الجميز الباسقة المرتفعة على جانب الطريق وتسلقها بجهد ٍ وعزم ، ركب أحد فروعها وباعد بين أوراقها وأعد لنفسه ِ فتحة ً يستطيع أن يختلس النظر منها . وجاء المسيح محاطا ً بجموع ٍ كثيرة يعوقون سيره ويزحمونه من كل جانب ، ثم وقف ، وقف تحت الجميزة ورفع نظره ُ الى فوق يبحث عنه بين الاوراق والفروع والاغصان ورآه ، وجده يختبئ في الشجرة . ناداه باسمه وقال : " يَا زَكَّا ، أَسْرِعْ وَانْزِلْ ، لأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ " ( لوقا 19 : 5 ) وهرول الرجل نازلا ً . أسرع ونزل وقبله فرحا ً ، أعطى نصف أمواله ورد ما أخذه أربعة أضعاف . وقال يسوع : " الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهذَا الْبَيْتِ ......... لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ " . الله يبحث ويطلب ويسعى وينادي ويدعو ويذهب الى الخاطيء لكي ينجيه ويخلصه وينقذه . يقول الرب بلسان اشعياء النبي : " قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ : «هُوَذَا مُخَلِّصُكِ آتٍ. هَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَجِزَاؤُهُ أَمَامَهُ وَيُسَمُّونَهُمْ : «شَعْبًا مُقَدَّسًا»، «مَفْدِيِّي الرَّبِّ». وَأَنْتِ تُسَمَّيْنَ : «الْمَطْلُوبَةَ» ، «الْمَدِينَةَ غَيْرَ الْمَهْجُورَةِ» اشعياء 62 : 11 ، 12 ) المطلوبة ، الله لا يبحث فقط بل في نعمته يبحث ويطلب . جاء ليطلب ويخلّص . حين يطلب الباحث عن الذهب ذهبا ً ، يذهب الى منجمه ويحطم ويجمع الحطام والتراب ، يضعها في صفحته وينبش باصابعه ويفتش ويبحث بعينيه وقلبه يطلب الذهب . عند الغروب والراعي يقود خرافه آخر اليوم الى الحظيرة اكتشف ان خروفا ً ناقص ، أعاد عد الخرفان مرة ً أخرى واحد اثنان ثلاثة ، تسعة وتسعين ، تسعة ٌ وتسعين خروفا ً فقط ، وما ان اكتشف ان هناك خروفا ً قد ضل حتى ترك التسعة والتسعين خروفا ً ورائه وذهب ، ذهب الى الحقول والجبال ، الى الوديان والكهوف ، الى النهر ، الى نبع الماء ، الى البرية . كانت الشمس قد غربت ولف المكان كله ظلام ، أخذ ينادي ويدعو ويرفع صوته ويصرخ . كان يطلب الخروف الضال ، ذهب الى كل ظل ٍ حسبه خروفه ، دخل كل كهف ٍ توقع وجوده فيه . وبعد أن تمزقت أطرافه وتهرأت وجد خروفه الذي كان يطلبه ، ودعا الاصدقاء والجيران وفرحوا معه بعودة الضال ( لوقا 15 ) . ما أعظم أن تكون مطلوبا ً من الله .
|
||||
15 - 05 - 2012, 06:43 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
476 - كل انسان في الارض عرضة للتجارب والمحن والشدائد ، لا أحد معصوم من الحزن والالم . احيانا ً نتصور انفسنا فوق المتاعب لنا وضع خاص وحصانة خاصة ما دمنا مؤمنين . نتمسك بقول داود النبي : " يَسْقُطُ عَنْ جَانِبِكَ أَلْفٌ ، وَرِبْوَاتٌ عَنْ يَمِينِكَ . إِلَيْكَ لاَ يَقْرُبُ. " ( مزمور 91 : 7 ) . كأن حولنا ساتر ٌ يحوطنا ويصد عنا كل الآلام أو جدارا ً نعيش في ظله آمنين ، وفي تصورنا ذلك نطمئن ونسترخي ونستمريء الراحة " وَأَنَا قُلْتُ فِي طُمَأْنِينَتِي : لاَ أَتَزَعْزَعُ إِلَى الأَبَدِ " ( مزمور 30 : 6 ) هذا الشعور الخاطئ يجعلنا نعمق جذورنا في العالم ونثبت اقدامنا في هذه الارض ، نتصور اننا في طريق نزهة نسير نحو الحياة الابدية في روضة ٍ يانعة ٍ خضراء هانئة ٍ آمنة . لو عشنا هذه الخدعة لصدمتنا تجارب الحياة صدمة ً قاسية وجرتنا الى احباطات مُرة . كل شجرة ٍ على سطح الارض عرضة ٌ لفأس قاطع الاشجار في كل لحظة ، لا تبني عشك عليها . كل جبل ٍ مهما شمخ ، كل واد ٍ مهما رَحُب واتسع ، كل بيت ٍ مهما ارتفع وعلا عرضة ٌ للزوال . لا تبني عشك على شجرة ٍ عرضة للقطع . لا تعلي بنائك على أرض عرضة للفناء . كل ما لدينا من بركات ٍ وديعة من الرب قابلة للاسترداد ، الثروة ُ والصحة والأهل والاصدقاء . المال مهما كَثُر له جناحان سريعا الطيران ، فجأة وبدون انذار يفقدهما ويرحل عنا . الصحة مهما بدت مستقرة والقوة مهما ظهرت ثابتة ، فجأة تهاجمنا جرثومة تنخر العظام وتفترس الاجسام ، حتى الاهل والاصدقاء معنا لحين ثم يرحلون . كلنا زهور ٌ رقيقة ضعيفة نابتة في حقل الحياة . لن نبقى الى الابد ، لن نُزهر الى ما لانهاية ، لا بد ان نذهب ونضمحل ونسقط وننتهي . يقول ايوب من عمق تجربته : " اَلإِنْسَانُ مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ ، قَلِيلُ الأَيَّامِ وَشَبْعَانُ تَعَبًا. يَخْرُجُ كَالزَّهْرِ ثُمَّ يَنْحَسِمُ وَيَبْرَحُ كَالظِّلِّ وَلاَ يَقِفُ. ............... إِنْ كَانَتْ أَيَّامُهُ مَحْدُودَةً ، وَعَدَدُ أَشْهُرِهِ عِنْدَكَ ، وَقَدْ عَيَّنْتَ أَجَلَهُ فَلاَ يَتَجَاوَزُهُ ، فَأَقْصِرْ عَنْهُ لِيَسْتَرِيحْ ، إِلَى أَنْ يُسَرَّ كَالأَجِيرِ بِانْتِهَاءِ يَوْمِهِ. " ( ايوب 14 : 1 – 6 ) الأجير الذي يعمل في الحقل كلما زاد تعبه وسال عرقه ، كلما نظر الى الشمس يراقب حركتها ، يراها ويعجّلها أن تتجه نحو الغروب حتى ينتهي يوم شقائه وتعبه ليستريح من العناء . لا يمكن لانسان مهما علا قدره وعظمت قوته وصلحت حياته أن يهرب من الألم والوجع لأن الألم والوجع يسكن الارض ، الشقاء والتعب ظل لحياة الانسان في العالم . ارفع وجهك الى السماء .
|
||||
15 - 05 - 2012, 06:43 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
477 - دخل المسيح اريحا وكان يسير في طرقاتها ، كانت الجموع تتزاحم حوله ، الكل يريد أن يراه ، الكل يريد أن يسمعه ، الكل يريد أن يحصل على الشفاء منه . لم يكن ظاهرا ً وسط الزحام ، وأراد زكا القصير أن يرى يسوع ، الملتفون حوله يخفونه عنه ، المتزاحمون يدفعونه فلا يستطيع الاقتراب منه ، فلما لم يقدر ركض وتقدم الى الامام وصعد الى جميزة ينتظره أن يمر ويراه . وجاء المسيح وتوقف ووقفت الاجساد المتزاحمة أيضا ً ، كتلة ٌ صماء من البشر ، ونظر الى فوق ورأى زكا يخفي نفسه وسط اوراق شجرة الجميز وفروعها ، وناداه الرب ودعاه للنزول لانه مزمع ٌ أن يمكث في بيته ، ونزل بسرعة . ودخل المسيح بيت زكا وحدث تغيير ٌ في الرجل وفي البيت ، حصل خلاص ٌ لهما .
" وَكَانَ أُنَاسٌ يُونَانِيُّونَ مِنَ الَّذِينَ صَعِدُوا لِيَسْجُدُوا فِي الْعِيدِ. فَتَقَدَّمَ هؤُلاَءِ إِلَى فِيلُبُّسَ الَّذِي مِنْ بَيْتِ صَيْدَا الْجَلِيلِ ، وَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ : يَا سَيِّدُ، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوعَ " ( يوحنا 12 : 20 ، 21 ) . نريد ان نرى يسوع . ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم والجميع يريدون ان يروا يسوع . سمعوا عنه ويسمعون لكنهم يريدون ان يقتربوا منه ، يريدون ان يعرفوه . في اريحا لم يستطيع زكا ان يراه من الجمع الملتف حوله بسبب تلاميذه وتابعيه . أحيانا ً يكون تابعوا المسيح وتلاميذه سبب عدم معرفة الناس للمسيح . اقوالنا واعمالنا وتصرفاتنا تعوق رؤيتهم له . لا يرون المسيح فينا ، تحجبه عنهم . تُرى هل انت عائق ٌ يحجب المسيح عن الناس ؟ هل انت عثرة ٌ لهم ؟ المسيح يريدنا سبيلا ً ليعرفه الناس لا سورا ً يبعده عنهم ويمنع رؤيته . العالم في شوق ٍ ولهفة ليعرف المسيح ، ليراه وليعرفه ، وانت وانا الطريق اليه . الناس في عطش لمعرفة المسيح ، يريدونه ، يسعون اليه ، يبحثون عنه . البعض يخدع نفسه ويصدق كذب الشيطان وادعاءه ان الناس لا تريد المسيح . يقول لنا ان احتياج الناس الى المال والسلطة والنجاح والشهرة . ومن وسط اكوام الذهب نسمع الاغنياء يصرخون يريدون ان يروا يسوع . ومن فوق العروش والسطوة نرى اصحاب السلطان يبحثون عن يسوع . ومن قمم النجاح وتحت اضواء الشهرة نجد الناجحين المشهورين يسعون اليه . هل تعرف المسيح ؟ هل رأيته وجها ً لوجه ؟ هل عرفته ؟ هل احببته ؟ فيه كل الشبع ، فيه كل الارتواء ، فيه كل الراحة والسلام |
||||
15 - 05 - 2012, 06:44 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
478 - واجه الشعب عماليق في حرب ٍ في رَفِيدِيمَ . اخذ يشوع رجاله وخرج يحارب عماليق . كان العدو عملاقا ً ورجاله عمالقة ، عدو ٌ قوي يحتاج الى جيش ٍ قوي ليحارب . وارسل موسى يشوع ليدخل المعركة ضد العدو ، ونزل يشوع برجاله الى الساحة ، ووقف موسى على رأس التلة من بعيد وكانت عصا الله معه ، وقف يراقب المعركة ، وكان اذا رفع موسى يده ان الشعب يغلب واذا اخفض يده ان عماليق يغلب . استمر موسى يرفع يده الى السماء لكي يغلب الشعب وتعب موسى من الوقوف فاحضر هارون وحور له حجرا ً ووضعوه تحته وجلس عليه ليريح جسده ، ولما صارت يدي موسى ثقيلتين دعم هارون وحور يديه الواحد من هنا والآخر من هناك ، وكانت يداه ثابتتين مرفوعتين الى غروب الشمس ، يدا موسى متضرعتان . ونحن يلزم علينا ان نرفع ايدينا الى السماء ونظل نرفعهما الى غروب شمس الحياة للشعب . صلاتنا للآخرين هامة ٌٌ فعالة . صلواتنا الشفاعية للغير واجبة ونافعة . حين واجه الشعب في القديم غضب الله طلبوا من صموئيل ان يصلي من أجلهم واستجاب صموئيل وقال : " وَأَمَّا أَنَا فَحَاشَا لِي أَنْ أُخْطِئَ إِلَى الرَّبِّ فَأَكُفَّ عَنِ الصَّلاَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ " ( 1 صموئيل 12 : 23 )
. عدم الصلاة لاجل الغير خطأ ، خطية ٌ كما قال صموئيل النبي العظيم . ويوصينا يعقوب الرسول ايضا ً أن نصلي ، يقول : " صَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ " ( يعقوب 5 : 16 ) . كان يشوع يحارب ، كان شجاعا ً ومقداما ً وقويا ً ومعه رجال اشداء واقوياء ، لكنه احتاج الى يدين ، يدي موسى المرفوعتين على رأس التلة من بعيد لأجله . لم يتعب يشوع ، لم يكل ، لم ترتخي يداه لكن موسى تعب من الصلاة . الصلاة عمل ٌ هام ، عمل ٌ شاق . الصلاة تستدعي قوة الله وتدخل الله . الشجاعة لا تكفي ، لا بد من الصلاة . القوة لا تحقق النصرة وحدها ، لا بد من الصلاة . في حربنا الروحية في العالم ، الحماس والقوة والبسالة تحتاج الى المواظبة على الصلاة . ارفع يديك واسأل الرب نصرة ً لك وغلبة ً لاخوتك واحبائك . لا تكل ، استمر رافعا ً يديك الى غروب الشمس ، لا تتوقف عن الصلاة . ظل المسيح يصلي في جثسيماني طول الليل حتى انبلاج ضوء النهار . في حياتك تواجه الحروب ، انزل الى المعركة واستخدم سلاح الله واعرف ان هناك على رأس التلة من يرفع يديه لأجلك طول اليوم . وانت ايضا ً ارفع يديك الى السماء لأجل الآخرين المحاربين مثلك . |
||||
15 - 05 - 2012, 06:44 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
479 - ما أن بدأ يسوع خدمته حتى لفت انظار الناس وشد انتباههم واعجابهم فتبعوه . كان مختلفا ً عن المعلمين الذي سبقوه . لم يكن مثل يوحنا المعمدان الذي جاء قبله . كان كلامه هادئا ً رقيقا ً ، وكانت ملابسه بيضاء ناصعة . يوحنا كان صاخبا ً صارخا ً قاسيا ً ، لباسه من وبر الابل وطعامه ُ جراد ٌ وعسل ٌ بري . التفّت الجموع حول المسيح وتبعته . وكان يسوع يطوف كل الجليل يعلّم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كل مرض . ولما رأى الجموع ملتفة ً حوله صعد الى الجبل وكانت أول كلماته لهم تطويبات . يوحنا يصرخ ويقول : " يَاأَوْلاَدَ الأَفَاعِي ، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَب الآتِي ؟ " توبوا . أما المسيح فقال لهم طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. ، طُوبَى لِلْحَزَانَى ، طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ ، طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ ، طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ ، طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ ، ثم التطويبة السابعة : طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ . صانعي السلام ، ورقم سبعة رقم الكمال عند اليهود ، وصانعوا السلام في نظر المسيح كاملون ، ابناء الله يدعون . سبق هذه التطويبة مدخل ٌ اليها : طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ . إن لم تكن نقي القلب ، إن لم تكن معاينا ً لله لا تقدر ان تكون صانع سلام . صانع السلام لا بد ان يكون في سلام ، سلام في القلب ، راحة ً وسكينة وسلام . النقاء والطهارة هما الطريق للسلام . النقاء والطهارة ُ أولا ً ثم يأتي السلام . يقول يعقوب الرسول : " وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلاً طَاهِرَةٌ ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ " ( يعقوب 3 : 17 ) طاهرة أولا ً ثم مسالمة . ثم يقول : " وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ . " .
نتدخل احيانا ً وسط خصام ٍ لنصنع السلام ، نتصور ان كلمة لهذا أو كلمة لذاك تصنعه . أحيانا ً ننجح وغالبا ً نفشل . الخصام يسود وقد يمتد وينتشر ولا يتحقق السلام ، ونتحير ونحزن ونتراجع ونحن لا نفهم السبب . الكلام ُ كان رقيقا ً لكنه لم يصنع السلام . الله هو معطي السلام ، الله كلي القداسة والبر والصلاح والنقاء ، هنا مدخل السلام . إن شئت أن تكون صانعا ً للسلام والمسيح يدعوك الى ذلك لا بد ان تكون أولا ً نقي القلب . لا تجعل خطية ً أو إثما ً أو شرا ً يعوق اتصالك اولا ً بالله مصدر السلام ومعطيه . اعترف بخطاياك ، تطهر من إثمك ، نقّي قلبك ثم قدّم للمتخاصمين سلام الله . سلام الله الذي يفوق كل عقل يحل عليك ثم ينتقل منك الى الآخرين . طوبى لك إن كنت صانع سلام . طوبى لك فأنت ابن ٌ لله . |
||||
15 - 05 - 2012, 06:44 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
480 - لا تأتي الخطايا والتجارب دائما ً سافرة الوجوه ، ظاهرة الملامح ، مكشرة الانياب . حين تأتي هكذا نراها ونعرفها ونستعد لها ونتقدم لمواجهتها ومهاجمتها أو الدفاع عن انفسنا منها . لكنها تكون اخطر واصعب ونحن لا نحس بها ولا نتعرف عليها حين تتسلل الينا ، حين تأتي في هدوء النسيم ورقته ، حين تأتي زاحفة ً لا منقضة ، حين تأتي مستترة . يقول داود النبي : " اَلسَّهَوَاتُ مَنْ يَشْعُرُ بِهَا ؟ مِنَ الْخَطَايَا الْمُسْتَتِرَةِ أَبْرِئْنِي أَيْضًا مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ احْفَظْ عَبْدَكَ فَلاَ يَتَسَلَّطُوا عَلَيَّ " ( مزمور 19 : 12 ، 13 ) . صرخة استنجاد ٍ بالرب . ونحن أضعف وأصغر من داود عرضة ٌ لنفس الموقف ، نفس الهجوم ، نفس التعدي . احفظنا يا رب ، ارحمنا يا رب ، أحطنا بيدك ، دافع عنا بقبضتك ، احفظ يا رب عبيدك ، الخطية العاتية حولنا تهاجمنا ، الطبيعة الشريرة فينا تفترسنا . هجوم خارجي وداخلي . من يقدر ان يواجه الخطية الجامحة وحده ؟ من يمسكها ويلجمها ويسوسها ويسيطر عليها ؟ الله وحده الذي يقدر على ذلك ، يده أقوى منها ، ذراعه اقدر على لي اعناقها . ومن يستطيع ان يكبح الخطية المتفشية داخلنا ؟ من يوقفها ؟ من يشكمها ؟ من يسحقها ؟ الله وحده الذي يستطيع ذلك ، يأمرها فتنكمش ، يطردها فتهرب ، ينهرها فتتراجع . من الخطايا يا رب ، من كل الخطايا احفظ عبدك فلا تتسلط علي َّ ، من الظاهرة والمستترة احفظني . حين تأتي الي منقضة ً شاهرة ً مخالبها أو حين تأتي الي زاحفة ً مستترة قاتلة ، أعطني يا رب القدرة ان اميزها ، هبني القدرة يا رب أن اقاومها ، ساعدني لاواجهها ، ولا تدخلني يا رب في تجربة لكن نجني من الشرير ، احمني يا رب من التجارب ونجني من الشرير . حين سعى آدم ليعرف الخير و الشر ، حين مد يده وتناول الثمرة المحرمة وأكلها ، دخلت جوفه وامتزجت بدمه وسرت في عروقه ولونت حياته ومستقبله . عرف الشر وعرف الخير ، وعمل الشر ولم يعمل الخير ، اختار الشر دون الخير . وحين اراد ان يقاوم الشر لم يقدر ، حتى حين اراد ان يفعل الخير لم يستطع . يقول بولس الرسول : " لأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ ، بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. " ( رومية 7 : 19 ) . الخطية ُ ساكنة فينا ، بنت عشها داخلنا ، امتدت جذورها فينا وامسكت بنا واستعبدتنا . ويصرخ فينا الرسول بولس ويقول : " فَأَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ : الزِّنَا ، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى ، الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ ، الطَّمَعَ " ( كولوسي 3 : 5 ) . المسيح حمل كل خطايانا على الصليب ودفنها معه في القبر وقام منتصرا ً متحررا ً منه . ونحن في المسيح انتصرنا على الخطية الظاهرة والمستترة .
|
||||
15 - 05 - 2012, 06:45 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
481 - كان حزقيا ملكا ً من أكفأ ملوك اسرائيل ، ملَكَ وهو ابن 25 سنة ، وملَكَ 29 سنة في اورشليم . عمل المستقيم في عيني الرب طوال ايام حياته . من اول ملكه في اول شهر ٍ فتح ابواب بيت الرب ورممها . لم يقبل أن يقيم في قصره قبل ذلك . أمر الكهنة واللاويين أن يتقدسوا ، قال لهم : " تَقَدَّسُوا الآنَ وَقَدِّسُوا بَيْتَ الرَّبِّ إِلهِ آبَائِكُمْ " ( 2 اخبار29 : 5 ) وقال امام الشعب كله : " فَالآنَ فِي قَلْبِي أَنْ أَقْطَعَ عَهْدًا مَعَ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ فَيَرُدُّ عَنَّا حُمُوَّ غَضَبِهِ. " ( 2 اخبار 29 : 10 ) . تعهد ان يعبد الرب وحده هو وجميع الشعب ويقدس بيت الرب وهكذا فعل كما تعهد ان يعمل . وكل عمل ابتدأ به في خدمة بيت الله وفي الشريعة والوصية ليطلب الهه انما عمله بكل قلبه وافلح . وكل من يعمل عمله بكل قلبه يُفلح ، وكل من يعمل عمله بتكاسل ٍ وانقسام قلب يفشل . الله لا يحب المتكاسلين ، ولا يُعطي حصادا ً للخاملين ، ولا يُنجح طريق المتخاذلين الفاترين . الله يُسر بكفاح المكافحين ، ويكافئ عرق المجاهدين ، ويُعطي النجاح والفلاح للعاملين المجتهدين . الذي يسعى الى النجاح عليه ان يشمّر عن ساعديه ، ويعمل بكل قوته لينجح في عمله . النجاح كنز ٌ مُخزن في داخل الارض ، الوصول اليه يحتاج الى حفر ٍ وعزق ٍ وحمل ٍ ونقل . هكذا في حياتنا المسيحية ، الله لا يُحب الكسل والخمول وبلادة العقل وبرودة القلب . حياتنا المسيحية كفاح ، كفاح ٌ وجهاد ، لا يقل عن الكفاح في سبيل لقمة العيش وكسوة البدن . يقول لنا الوحي المقدس : " قَوِّمُوا الأَيَادِيَ الْمُسْتَرْخِيَةَ وَالرُّكَبَ الْمُخَلَّعَةَ ، وَاصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً ، لِكَيْ لاَ يَعْتَسِفَ الأَعْرَجُ ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى. " ( عبرانيين 12 : 12 ، 13 ) . في طريق المسيحي احجار ٌ متناثرة ٌ وعوائق وصعوبات وحفر ومطبات وعثرات ، وعلى المسيحي المجتهد ان يرفع الاحجار ويُبعد العوائق ويسوي الحفر ويعبد الطريق ، ولا يمكن ان ينجح في ذلك إن لم من يعمل بكل قلبه . كل العزم ، كل القدرة ، كل الاصرار . كما تضع كل جهدك في عملك ولا تدّخر قوتك ، هكذا تضع كل قلبك وتثابر في عمل الله . الروح القدس يُتمم فينا كل نَقص ، يضع فينا قوته ويسلحنا بنشاط ٍ وحيوية ٍ وحكمة . فنحن نحصل على مواردنا الروحية من الله لنحيا في علاقتنا به ناجحين فالحين منتصرين . الله يحب المؤمنين النشطين ، الله يُسر بالايدي القوية والجباه التي تتندى عرقا ً . عمل الله يجب ان يُعمل بغَيرة ٍ وحماس ٍ وقلب ٍ ملتهب . هكذا عمل المسيح وهو يحيا على الارض . اعمل عمل الرب بلا تراخي . اعمل عمل الرب بقوة ٍ وغيرة ٍ وحماس .
|
||||
15 - 05 - 2012, 06:45 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
482 - الخطية تحيط بنا ، العدو الخبيث يجول حولنا ، ابليس يشرّع سهامه ويطلقها دائما ً علينا ، كلص يبحث عن مدخل ليوجه ضربتة ُ الينا ، لا يكل ولا يتعب ، لا يهدأ ولا يكف ، وليس أحد معصوم من التعرض للسقوط في الخطية ، الخطر قادم دائما ً وليس ببعيد . نسير في طرق موحلة ، الطين والوحل يملأ الطريق ويلوث اقدامنا وملابسنا ، ليس من السهل ان نجد ً طريقا ً نظيفا ً أو سبيلا ً آمنا ً علينا ان نسير بحذر وحرص ، لا بد ان نتيقظ ونصحو ونسهر ونستعد ونصلي دائما ً حتى لا ندخل في تجربة . يحذرنا بطرس الرسول وينذرنا ويقول : " اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ فَقَاوِمُوهُ ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ " ( 1 بطرس 5 : 8 ، 9 ) كيف يمكننا ونحن نعيش في هذا العالم بكل اوحاله وترابه وخطاياه أن نحفظ أيدينا نظيفة ؟ لن نستطيع ذلك بقوتنا وقدرتنا ، لذلك يقول لنا الرسول بولس : " تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ." ( أفسس 6 : 10 ) . كل ما علينا هو أن نحترس ونحرص على ملابسنا نظيفة وكنوزنا بعيدة عن متناول اللصوص . عند كل منعطف في الطريق يختبئ ابليس يريد ان يسرق منا بهجة خلاصنا وجوهر صلاحنا . لنلبس سلاح الله الكامل لنثبت ضد مكايد ابليس لأن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع اجناد الشر الروحية والتي لا يصدها الا سلاح الله الكامل الذي يحمينا ويحفظنا وينجينا . لسنا مطالبين أن ندخل المعركة بانفسنا لكنه وجنده يسحبوننا الى المعركة رغما ً عنا . لنبتعد عن التجربة ونهرب من ابليس إن أمكن ونقاومه بسلاح الله وعتاده . لا تتصور نفسك اكبر من التجارب أو أقوى من ابليس ، لا تقترب منه أو تتشاحن معه . اللعب بالنار يحرق ، التلاعب بالحية خطر ٌ مميت ، لا تهادنها أو تسالمها أو تحالفها . في وسط المعركة التي تحيط بك لا تنظر الى نفسك ولا تعتمد على البشر مثلك . مصدر قوتك ونصرتك يأتي من فوق ، من عند الله الذي يحارب معك وعنك َ . وحين تواجه عدوك لا تخشاه ، لن يغلبك ، لن يهلكك ، لن يقضي عليك . أنت محفوظ ٌ في كف الله ، أنت آمن بين أصابعه ، لن يتركك ولن يهملك ، لكن إن لم يكن في مقدرة العدو أن يقتلك فهو يستطيع أن يجرحك . تنبه ، تيقظ ، أصحو ، لا تجعله يقترب منك بأي سلاح قد يمس نفسك وروحك . قاومهُ وأنت ساهر ، قاومهُ وأنت تصلي . لا تتصور انك في المعركة وحدك . حولك جيش كبير ٌ من الجند السماوي ، فرسان الله يحاربون معك .
|
||||
15 - 05 - 2012, 06:45 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
483 - بعد أن انهمرت المياه على الارض اربعين يوما ً وارتفع الفُلك وعام فوقها وابحر . بعد أن بقي نوح والذين معه في الفُلك وتعاظمت المياه على الارض 150 يوما ً ، أجاز الله ريحا ً فهدأت المياه وانسدت ينابع الغمر وطاقات السماء وامتنع المطر من السماء . استقر الفُلك على الجبل ، نقصت المياه وظهرت رؤوس الجبال ، وفتح نوح طاقة الفُلك . أرسل الغراب فخرج مترددا ً حتى نشفت مياه الارض ، ثم أرسل الحمامة أيضا ً . خرجت الحمامة خائفة ً مترددة ، أعملت جناحيها وطارت وابتعدت عن نوح وعن الفُلك . أغراها الاتساع أن تطير . طارت بعيدا ً وابتعدت . سبحت في الفضاء ، الفضاء كله لها . جالت وتنقلت وسافرت وابتعدت ، ثم تعبت ، أحست بجناحيها لا يستطيعان حملها . ثَقُل جسمها فترددت انفاسها وضعفت حركة جناحيها ، ارادت مكانا ً تستريح فيه ، لم تجد . كل ما حولها موت . جثث الانسان والحيوان مبعثرة في كل مكان ، لا شجرة ولا زرع . لا مكان تستقر عليه . شعرت بالضياع والضلال . لا بد من العودة الى الفُلك . عادت ، عادت متعبة ، مرهقة . أعملت جناحيها وحركتهما بقوة متجهة نحو نوح والفُلك . أين الملجأ ، أين ؟ أرسلت نظرها بعيدا ً ، لا يبدو شيء ٌ هناك الا المياه الراكدة والجبال الفارهة المرتفعة ، والجثث ، القتلى ، بعضهم طاف ٍ وبعضهم ممزق وبعضهم مستلقٍ . الموت ، الموت حولها . طارت مبتعدة ً تبحث ، هربت من العفن والموت . ها هو الفُلك يبدو داكنا ً من بعيد . ذهبت بسرعة ٍ وضعف نحوه . وهن جناحاها ، بعض القوة ، بعض الاصرار ، بعض الكفاح . ووصلت الى الفُلك ، أين الطاقة ؟ أين نوح ؟ تخبطت في جدران الفُلك الخارجية ، رفرف جناحاها ، فمد نوح يده من الطاقة وأخذها وادخلها عنده الى الفُلك ، الى الراحة والنجاة ، الى الملجأ والدفء ، الى الحياة ، في يدي نوح ٍ راحتها .
هل تجول طائرا ً في الفراغ ، في الضياع ، في التيه ، بعيدا ً عن الفُلك ؟ هل تشعر بالتعب ؟ لا بد انك تشعر بالتعب ، لا بد انك ترى الموت تحتك . لا مقر لرجلك هناك ، ولا مكان تركن اليه ، ولا سند تستند عليه ، لا قلب ٌ رحيم ٌ حولك . ماذا تفعل ؟ هل تستطيع أن تنقذ نفسك ؟ هل تخلّص نفسك بنفسك ؟ لا لن تستطيع . عُد راجعا ً ، ارجع الى نوح . حول طريقك نحو الفُلك ، هناك النجاة والراحة والدفء والخلاص . ليس عليك الا أن تعود " تُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ ، لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ. " ( اعمال الرسل 3 : 19 ) تب وارجع الي . سوف يمد يده من الطاقة ويأخذك ويدخلك عنده . |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|