منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
قديم 25 - 06 - 2014, 11:12 AM   رقم المشاركة : ( 21 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رواية ليكن نور - الراهب سارافيم البرموسي

كما قرأ لي نصّ إشعياء 53 الذي يقول:
مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا، وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟
نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ،
لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ،
وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ،
رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ.
لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا.
وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً.
وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا.
تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا.
كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا.
ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ.
كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ.
مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ.
وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ،
أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ،
وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ.
أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ.
إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ،
وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ،
وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا.
لِذلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً،
مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ،
وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 06 - 2014, 11:13 AM   رقم المشاركة : ( 22 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رواية ليكن نور - الراهب سارافيم البرموسي

أحمرّ وجه موشى وصاح بغضبٍ: لماذا تخاطب هؤلاء الملعونون؟ لماذا تنصت لترهاتهم؟
- لقد كان يستخدم النصّ المُقدّس، فرأيت أن أحاوره في..
- قاطعه موشى وقد بلغ منه الغضب مبلغه: لا تدخل في حوارٍ مع هؤلاء، فهم يُفسِّرون النصوص المُقدّسة حسب أهوائهم، ويؤوّلون كلّ شيءٍ ليُطبّقوه على يسوع الناصري.. إنّهم طائفةٌ انحرفت عن إيمان الآباء، وقد لقَى زعيمهم الجزاء الذي يستحقّه على يد قادتنا في أورشليم..
- أريد أن أفهم شرح مُعلّمينا لنبوّة إشعياء.
- إنّ من يتحدّث عنه إشعياء هو شعب بني إسرائيل وليس عن شخصٍ محدّدٍ..
- ولكن الكلام ينطبق تمامًا على يسوع الناصري وقد قرأت في ترجوم يوناثان بن عُزّيل عن مسيانيّة هذا النصّ إذ يبدأ في الترجوم بعبارة: عبدي المسيّا!! كما قرأت في المِدْرَاش أنّ كلمة رجل “رجل أوجاع” تعني مسيّا!!
زفر الرابي موشى بكلماته وكأنّها حممٌ بركانيّةٌ قائلاً: المسيّا سيأتي قويًّا وسيُحرِّر شعبنا من سيادة الأمم.
- يا مُعلِّم، إنّ المسيحيين يتزايدون وينمون ويكرزون في كلّ مكانٍ بيسوعَ أنّه المسيّا وأنّه الإله!!
- يا للتجديف.. لقد أُعدِمَ يسوع هذا على الصليب ومات ملعونًا بحسب الشريعة كغيره من المجرمين وانتهى الأمر، وعن قليل سوف يتفرّقون وتنتهي شيعتهم إلى لا شيءٍ..
- ولكنّهم يقولون أنّه قام من بين الأموات..
- أتصدّق هذا؟
- بالطبع لا. ولكنهم ينقلون شهادات كثيرة من أُناس كثيرين شاهدوه بعد الموت قائمًا في نورٍ..
- كذبٌ.. كذبٌ..
- إنّ لهم دلائل على هذا
- كلّه كذب..
- وماذا عن شاول الذي تربّى على يد غمالائيل العظيم، والذي رأى يسوع في طريقه إلى دمشق ودعاه ليصير له تابعًا، وبدأ يكرز بقيامة يسوع من الأموات..
- لقد أغواه المسيحيّون فترك ديانة آبائه، مع أنّ مستقبله كان باهرًا إذ كان سيُصبح مُعلّمًا كبيرًا.. ولكنها غواية المسيحيين كما قلت لك.. وقد لقي جزاؤه على يد الإمبراطور
- وهل بسهولة يتحوّل مُطارِدُ المسيحيّين الأوّل إلى تابعٍ مُخلصٍ لإلههم وهو الذي يشهد له الجميع بالغيرة على ديانة الآباء وبالحرص على عادات الناموس والسير على خُطَى الأقدمين؟؟
- لقد مارسوا معه السحر كما كان مُعلِّمهم يفعل المعجزات مُستخدمًا قوات الشياطين؟؟
- وهل يمكن للشياطين أن تعمل الخير؟؟
- أراك متأثّرًا بما سمعته منهم؟؟ ما بالك تُدافع عنهم؟؟
- إنّها أفكارٌ تدور برأسي، ويجب أن أقتنع لكيما أستطيع أن أجادل الآخرين.
- لا.. لا تدخل في حوارٍ معهم على الإطلاق..
- ولكن..
- لا مناقشة في هذا الأمر.. أنت لازلت صغيرًا على مثل تلك الحوارات.. لا حوار مع المسيحيين مهما كانت الأسباب. يكفي هذا الحوار اليوم..
قام الرابي موشى وهو مُضطّرب وبدأ يطنطن مُردّدًا الفقرة الأخيرة من البركات الثماني عشر، بينما كان مُتّجهًا إلى غرفته، قائلاً:
المرتدّين لا يكن لهم رجاء
ولتسقط وتنقرض مملكة المتعجرفين من أصولها في أيامنا
وليهلك أتباع يسوع الناصري والهراطقة في لمحة عينٍ
ولُيمحَ اسمهم من سفر الحياة
ولا يُحسبوا مع الصدّيقين
مباركٌ أنت يا ربُّ الذي تُذلّل المتكبرين
كانت كلماته تخرج وكأنّها تستنهض همم الأجيال السابقة الذين صلبوا الناصري ليُبعثوا من جديد لصلب كلّ ناصري..
خرج أبشالوم وهو مُمزّقٌ بين فضول الشباب الذي لا يقتنع إلاّ بالدلائل والبراهين والحوار والإقناع، وبين طاعة المُعلِّم التي هي أساسيّةٌ في التلمذة على يد الرابيين.. كان صدى نصّ المزمور يتردّد في أذنيه بينما رسم ذهنه صورة للمصلوب على وقع الكلمات.. كان يُحاول التفلُّت من شقي رحى الكلمات والخيالات إلاّ أنّ ذهنه كان مُمسَكًا بشدّة. ناله الإعياء وهو يصارع الفكر ويقارعه ويدفعه دفعًا خارج حجرة عقله الرحيبة والتي يجب عليه أنْ يُضيّقها ويسدّ منافذها كما أمره الرابي..
ذهب إلى البحر وجلس على شاطئه وكأنّه يستلهم منه قرارًا يأتي سابحًا على موجةٍ من المجهولِ ويدفع بموجاته ما وقر في قلبه من الشكّ والحيرة..
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 06 - 2014, 11:13 AM   رقم المشاركة : ( 23 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رواية ليكن نور - الراهب سارافيم البرموسي

الفصل الرابع: المواجهة

أبولّلونيا أخت إليوس فتاةٌ في العشرين من عمرها، نحيلة الجسد، مُشرِقَة المُحيّا، خمريّة الوجه من لفحات شمس الإسكندريّة، ذات ابتسامة هادئة لا تفارق وجهها أثناء الحديث. أضحت أبولّلونيا بين عشيّة وضحاها ربّة المنزل بعد وفاة والدتها بعد صراع دام عدّة أشهر مع المرض. كانت تقضي يومها بين شراء طلبات المنزل من الأجورا وبين التنظيف والطهي، ولكنها أيضًا كانت قارئة جيّدة لكلّ برديات إليوس وأفبولوس، فقد تعلّمت منذ صغرها، اليونانيّة، من إليوس. ولكنها في الفترة الأخيرة كانت تميل إلى العزلة وحدها في حجرتها، وكان هذا الأمر مُلفِت للنظر وخاصة عند إليوس الذي اعتادها تجالسه ليل نهار حينما يعود إلى البيت.
كان إليوس قد فاتحها منذ عِدّة أيام خلت بمطلب سوسينيوس للارتباط بها، وهو أحد الدارسين للطبّ في الموسيون والذي ورث عن والدة عشرات الأفدنة في جنوب الدلتا من أجود الأراضي التي تُدرّ عليه دخلاً كبيرًا. كان رفضها الحديث في الأمر مُحيِّر لإليوس وأفبولوس، فالزواج من أحد الأغنياء والمثقّفين مطمح الفتاة السكندريّة إلاّ أن أبولّلونيا رفضت الأمر برمّته. أعطاها إليوس مُهلة للتفكير، والمهلة تنتهي اليوم.
دلف إليوس إلى المنزل ونادى قائلاً: أبولّلونيا أين أنتِ؟
- لحظة واحدة..
- أنا قادم إليك..
دخل إليوس الحجرة فوجد أبولّلونيا تنهض مسرعة بعد أن دسّت شيئًا ما تحت مرقدها. بدا إليوس وكأنّه لم يرى شيئًا، وداعبها قائلاً: كيف حال قطتي الصغيرة؟
- بخير حالٍ. وأنت كيف كان يومك؟
أحمد الآلهة. وقف إليوس مقابلها وهو يقول بصوتٍ خافتٍ: هل توصّلت إلى قرار؟
- بشأن ماذا؟
- الزواج من سوسينيوس
- أنا لا أُفكّر في هذا الأمر الآن؟
- ولِمَ لا؟
- لم يحن الميعاد بعد؟
- أبولّلونيا، صارحيني، هل هناك آخر؟
- بالطبع لا
- إذًا لماذا الرفض بالرغم من توافر كلّ الصفات التي تطمح إليها أيّة فتاه في المدينة، في سوسينيوس؟؟
- فقط لا أريد الارتباط الآن، فأنا أرعَى شؤون البيت، ولا أستطيع أن أتركك أنت ووالدي دون عونٍ.
- لا تشغلي بالك بنا
- لنؤجّل الأمر إذًا..
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 06 - 2014, 11:16 AM   رقم المشاركة : ( 24 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رواية ليكن نور - الراهب سارافيم البرموسي

- وماذا أقول لسوسينيوس؟
- اعتذر له وبلّغه أمنياتي أن يلاقي الفتاة المناسبة له.
لم يقتنع إليوس بكلمات أخته، ولم يُصدِّق أنّ رفضها الزواج وعزوفها عن الرجال بسبب رعايته ووالدهما. الأمر أكبر من هذا!!
خرجت أبولّلونيا لتُحضِّر طعام الغداء، بينما بدأ إليوس في تفتيش حجرتها، ونظر تحت المرقد فرأى قصاصة من البردي ملفوفة بعناية في قطعة قماش بيضاء، أخرجها وفردها، وبدأ يقرأ:
فَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ،
وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضًا وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا،
قُرْبَانًا وَذَبِيحَةً للهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً.
وَأَمَّا الزِّنَا وَكُلُّ نَجَاسَةٍ أَوْ طَمَعٍ فَلاَ يُسَمَّ بَيْنَكُمْ كَمَا يَلِيقُ بِقِدِّيسِينَ،
وَلاَ الْقَبَاحَةُ، وَلاَ كَلاَمُ السَّفَاهَةِ، وَالْهَزْلُ الَّتِي لاَ تَلِيقُ،
بَلْ بِالْحَرِيِّ الشُّكْرُ.
فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ هذَا أَنَّ كُلَّ زَانٍ أَوْ نَجِسٍ أَوْ طَمَّاعٍ،
الَّذِي هُوَ عَابِدٌ لِلأَوْثَانِ، لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ فِي مَلَكُوتِ الْمَسِيحِ وَاللهِ.
لاَ يَغُرَّكُمْ أَحَدٌ بِكَلاَمٍ بَاطِل، لأَنَّهُ بِسَبَبِ هذِهِ الأُمُورِ
يَأْتِي غَضَبُ اللهِ عَلَى أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ.
فَلاَ تَكُونُوا شُرَكَاءَهُمْ.
لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلاً ظُلْمَةً، وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ.
اسْلُكُوا كَأَوْلاَدِ نُورٍ.
لأَنَّ ثَمَرَ الرُّوحِ هُوَ فِي كُلِّ صَلاَحٍ وَبِرّ وَحَقّ.
مُخْتَبِرِينَ مَا هُوَ مَرْضِيٌّ عِنْدَ الرَّبِّ.
وَلاَ تَشْتَرِكُوا فِي أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ بَلْ بِالْحَرِيِّ وَبِّخُوهَا.
لأَنَّ الأُمُورَ الْحَادِثَةَ مِنْهُمْ سِرًّا، ذِكْرُهَا أَيْضًا قَبِيحٌ.
وَلكِنَّ الْكُلَّ إِذَا تَوَبَّخَ يُظْهَرُ بِالنُّورِ. لأَنَّ كُلَّ مَا أُظْهِرَ فَهُوَ نُورٌ.
لِذلِكَ يَقُولُ: اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ
فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ.
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 06 - 2014, 11:16 AM   رقم المشاركة : ( 25 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رواية ليكن نور - الراهب سارافيم البرموسي

أبولّلونيا، صرخ إليوس..
جاءت أبولّلونيا مسرعة.. دخلت إلى الحجرة ووجدت أخيها مُمسكًا بالبرديّة..
نظر إليوس إلى وجهها نظرة حادّة، نابتة عن وجهٍ احتقن بحمرة الغضب، وصاح قائلاً: ما هذا؟
- إنّها برديّة أعطتني إياها صديقةٌ لي..
- أتعرفين ما الذي فيها؟
- بالطبع..
- إنه نصٌّ للمسيحيّين..
- أعرف
- وهل قرأته
- مرارًا
- لماذا؟
نظرت أبولّلونيا مباشرةً في عينيه وأجابته بنبرة هادئة:
- لأنّني مسيحيّة.
نزلت الكلمات على إليوس كالصاعقة. اكفهرّ وجهه، وتحجّر الكلام في حلقه، وتسمّر في مكانه وكأنّها قد ألقت عليه بتعويذة سحريّة ليصير كومةً من حجارة.
بعد لحظات استجمع فيها قواه ونهض من سبات صدمته وأفاق من ترنُّح خمر كلماتها، قال لها: متى حدث هذا؟
- منذ عِدّة أسابيع
- وهل تركت عبادة سيرابيس إلهنا؟
- إنّ الإله ليس قطعة من الحجر نصنعها ونرعاها -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- ولكنّه خالقٌ كائنٌ قبل الأزمنة الأزليّة يرعانا ويحمينا ويقودنا إلى ملكوته الأبدي.. إلهنا قد تجسّد حُبًّا بالخليقة التي لمسها الموت والفساد فتغرّبت عن خالقها الحقيقي وتعامت عن حضوره في الكون فخلّقت آلهتها وتعبّدت لها وهي ليست سوى قطعًا حجريّة صامتة صمت الموت..
كانت كلماتها تحمل من الجرأة ما لم يعهده، فهوى بكفّه على وجهها وكأنّه استجمع قوى سيرابيس وغضبه ليكيل لها تلك الصفعة..
سقطت على الأرض وهي تنظر إليه بأعين يمتزج فيها القوّة والتحدّي بالحنو والرقّة، وقالت له:
إنّ الإيمان حريّة، والحريّة عطيّة الآلهة، فإن كانت الآلهة تهبنا تلك الحريّة، فلماذا ترفض أن أمارس حريّتي في اختيار عقيدتي؟؟
- إنها حريّة جوفاء، ستلتهم حضارتنا وثقافتنا وتراثنا، مثل تلك الحريّة لن نسمح بها أبدًا.. أبدًا..
- وهل تخافون من المسيحيين البسطاء المُضطَّهَدين العُزَّل الذين لم يحملوا سلاحًا يومًا لمواجهة حملاتكم المحمومة عليهم وإغارتكم على بيوتهم وأنتم تعملون النهب والسلب وتُصدِّرون لهم المهانة والسباب..
- إنّهم حُثالة المدينة..
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 06 - 2014, 11:16 AM   رقم المشاركة : ( 26 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رواية ليكن نور - الراهب سارافيم البرموسي

- هل لأنّ بهم الفقراء والعبيد وهم يتمتّعون بنفس حقوق السادة والأغنياء؟
- لا مساواة بين السادة والعبيد.. فالسيّد يبقَى سيّدًا والعبد يبقَى عبدًا.. المساواة تعني خراب المجتمع..
- وماذا عن الإنسان؟ ألا يعنيك خراب الإنسان؟
- إنّ العبيد مخلوقون لمثل هذا العمل..
- هل تُصدِّق هذا؟؟ ألم تأتني يومًا لتقول لي أنّ عبدة الثري لوكيوس تمتلك قدرًا هائلاً من الثقافة ورجاحة العقل وعزّة النفس!!
- إنّها استثناء؟؟
- أو تدري أنّها مسيحيّة، وأنّها تثقّفت في مدرسة الإيمان، وامتلكت عزّة النفس حينما وقفت جنبًا إلى جنبٍ بجوار السادة والأغنياء!!
- إلى ما ترمين؟؟
- البشرُ عجينةٌ واحدةٌ، خليقة الله الحسنة على صورته ومثاله، إنْ نالوا حريّتهم ظهرت قدراتهم وملكاتهم ومواهبهم.. لهذا جاء المسيح ليُحرِّر البشريّة.. إنْ تحرّرنا بالابن صرنا أحرارًا بالحقّ حتّى إنْ كان البعض موثقين بصكّ عبوديّة البشر.
- وكيف يتحرّر من هو عبدٌ لصكٍّ في يد سيّده؟؟
- أتسأل هذا السؤال وأنت المُتأدّب بالعلم والفلسفة؟؟ فالحريّة حُريّة القلب وانطلاق الروح وتطهُّر النفس وإن كان الجسد مستعبدًا.. الحريّة تجديد للسلوك والوعي والبصيرة.. الحريّة هي العطيّة الكامنة في قلب كلّ بشرٍ، تتلمّس ما يُحفّزها لتتفجّر حياةً في مسالك البرّ ودروبه..
بدا على وجه إليوس الحرج من كلمات أبولّلونيا، ولكنه أخفاه بقوله: أتتفلسفين الآن!!.. عليك مراجعة نفسك في هذا الأمر.. إمّا العودة لديانة الآباء وإلاّ..
قاطعته أبولّلونيا: وإلاّ ماذا؟؟ هل ستقتلني؟؟
نظرت في وجهه نظرة صارمة وهي تقول له:
مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟
أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟
كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ.
قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ.
وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا.
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 06 - 2014, 11:16 AM   رقم المشاركة : ( 27 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رواية ليكن نور - الراهب سارافيم البرموسي

حوَّل إليوس عينيه عن أبولّلونيا التي بَدَت وكأنّها مالكةُ الحقّ وهو المُتّهم. خرج إليوس من البيت متوجّهًا إلى الموسيون، فهناك يجد من رفقة العلم ما يجعله ينسَى همومه وأتعابه. شعر أنّ فكره أشلاء متناثرة أشبه بأشلاء أوزيريس التي تنتظر إيزيس لتجمعها من الأقاليم لتعيد لها الحياة!!
تلك هي أوّل مرّة تمتد فيها يده على أخته أبولّلونيا. بدأ يتذكّر كيف كانت تحبّه وتحنو عليه وتناصره بل وتخفي عن والديها أخطاء مراهقته.. كلّما كانت أطياف الذكريات تضرب بأوتادها في رمال عقله، كلّما كان يشعر بالألم والأسى لما بدر منه تجاه أخته.
كما كان يؤلمه أيضًا أنْ ينفعل إلى تلك الدرجة وهو الذي كان يتدرّب على ضبط النفس كأحد ثمار المعرفة الفلسفيّة الحقيقيّة.. كانت مبادئه القديمة تتعرّض لهزّات عنيفة.. شعر أنّ كلّ شيءٍ يتهاوى..
كان يتملّكه شعورٌ بأنّ المسيحيّة تلاحقه.. تحاصره.. كانت الصور تتواتر على ذهنه المُنهك، ما بين برديّة إنجيل المسيح ليوحنا.. وجه الكاهن وكلماته.. أوجه المسيحيين المُتعبّدين.. وجه كليمندس.. كلمات البرديّة التي وجدها في غرفة أبولّلونيا.. كلمات أبولّلونيا وصلابتها ومنطقها.. كانت رأسه تدور.. رفع عينيه إلى أعلى وهو يقول:
ماذا تريد منّي يا يسوع الناصري
إليك عني..
اتركني وشأني..
لماذا تلاحقني هكذا..
كانت قدماه تتحرّكان نحو الموسيون بينما كان مصيره يتحرّك بعيدًا نحو السرّ المكتوم منذ الدهور..
__________________
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 06 - 2014, 11:17 AM   رقم المشاركة : ( 28 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رواية ليكن نور - الراهب سارافيم البرموسي

الفصل الخامس: كليمندس

في الطريق إلى الموسيون وجد أنّ رجله تحمله إلى موضعٍ آخر، وكأنّه فَقَدَ التحكّم في وجهته، هل كان يقوده الغضب أم الفضول، لم يدرِ، ولكن وجهته تحوّلت عن الموسيون إلى بيت كليمندس حيث يلتقي المسيحيّون ليتلقّنوا تعاليم إلههم..
كان وجهه ذابلاً وكأنّه نبتة صيفيّة لفحتها رياح الشمال وتركتها أطيافًا على أغصانٍ جافّةٍ جامدةٍ..
طرق الباب بعد الكثير من التردُّد. فتح له كليمندس، الذي حالما رآه ابتسم قائلاً: كنت أنتظر مجيئك، تفضّل..
كانت ردّة فعل كليمندس مُحيّره لإليوس..
- ماذا تشرب؟
- شكرًا لك، أنا هنا لأنّ لديّ بعض التساؤلات..
- عزيزي، يمكننا أن نتحدّث بينما نحتسي مشروبًا دافئًا يُلطّف من برودة شتاء الإسكندريّة..
- حسنًا، قليل من النعنع الدافئ.
غاب كليمندس لِعدّة دقائق، بينما كانت أعين إليوس تنتهك حرمة المكان، وبالأخصّ تلك الحجرة التي كان بابها مفتوحًا، وقد بدا أنّها مُكدّسة بالرقوق والبرديّات..
كان المكان مُتّسعًا به العديد من الأرائك غير الوثيرة المستندة على الحوائط، وكانت هناك طاولة وقد تكوّم عليها العديد من الرقوق، بعضها مفتوح والآخر مُغلَق، فضلاً عن محبرة وعِدّة ريشات. لاحظ إليوس وجود بعض النقوش البسيطة الساذجة على الحوائط؛ سمكة.. شخصٌ يحمل حَمَلْ على كتفيه.. مركب ذو شراع.. الألفا والأوميجا.. فضلاً عن بعض الكلمات التي لم يتبيّنها بوضوحٍ في أوّل الأمر. اعتدل في جلسته ليواجهها فوجدها تقول: يسوع المسيح ابن الله مُخلِّص.. ماران أثا.. إنْ لم تؤمنوا فلن تفهموا.. والعديد من العبارات الأخرى ولكنه لم يتبيّنها كلّها من موضعه..
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 06 - 2014, 11:17 AM   رقم المشاركة : ( 29 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رواية ليكن نور - الراهب سارافيم البرموسي

- هاك النعنع الدافِئ.
- شكرًا لك.
لاحظ كليمندس أن عينا إليوس تسترق النظر إلى تلك الحجرة المليئة بالرقوق، فما كان منه إلاّ أن قال: أراك شغوفًا بالمعرفة.
- نعم أنا كذلك.
- لقد قضيت عمري بين الرقوق ألتهم المعرفة التهامًا، بل وقد تركت عنّي كلّ مباهج الحياة، وجُلْتُ سائحًا ما بين اليونان وسوريا وروما من أجل تحصيل العلم.
لمعت عينا إليوس وهو يقول: هل كنت في اليونان؟
- نعم، وقد كنت أتردّد على الأكاديميّة في أثينا (التي أسّسها أفلاطون) لفترات طويلة حتّى ألممت تمامًا بالفكر الأفلاطوني..
تحوّلت عينا إليوس إلى غرفة الرقوق وهو يقول: أراك فتحت فرعًا للمكتبة الأم هنا في منزلك.
- بالطبع لا، فالمكتبة السكندريّة لا تدانيها مكتبة في العالم أجمع، وحتّى الآن أنا أتردّد عليها..
- ولكني لم آت إلى هنا لأتباحث في أمور الكتب والمعرفة، ولكن لأسأل: لماذا تُغرِّرون بأبناء سيرابيس لتقتادوهم للإيمان بمعتقدكم؟
- هل تعرف أنّ سيرابيس هو أوزير أبيس أي العجل أبيس المُتَّحِد في العالم السفلي بأوزيريس كما تقول الأسطورة؟؟ هل يمكن لعجلٍ أنْ يتَّحِد بإله ليتخلَّق إله جديد؟!! ولكن على أيّة حال نحن نُعلِن عن تعاليم إلهنا لمن يُقْبِل إلينا، ومَنْ يَقْبَل نُرحّب به ونُرشِده للطريق الصحيح، فنحن لا نُصادِر على حُريّات الآخرين..
- وماذا عن الفتيات الصغيرات؟
- وماذا عنهن؟
- إنكم تسلبون عقولهن بمعجزات إلهكم.
- عمّن تتحدّث؟
- عن أبولّلونيا.
- وهل تعرفها؟
- إنها أختي.
ابتسم كليمندس ابتسامة هادئة وهو يقول: إليوس، إنّ أختك تبلغ من العمر عشرين عامًا ومَنْ هم في سنّها مُتزوّجات ولهم أبناء ويحملون مسؤوليّات، فهي ليست طفلة..
- مهما يكن.
- هل تعلم أنّها لم تعتمد حتّى الآن؟
- ماذا يعني هذا؟
- إنّ المعموديّة تهبنا نعمة الاستنارة لتتحوَّل طبائعنا التي كانت رهن قيود الشرِّ إلى طبائعٍ جديدةٍ مُقدّسة تتّجه لله وتتأمّل في النور الإلهي بعد أنْ سقطت عنها أغطية الجهل.. إنّ أبولّلونيا تتعلّم الآن ركائز الإيمان المسيحي، ومتى اكتمل إيمانها وفهمها تستطيع أنْ تنال نعمة المعموديّة المُقدّسة بالماء، وتصير مسيحيّة.
- أو ليست مسيحيّة الآن؟
- إنّها مسيحيّة في قلبها وقناعتها، ولكنّها ستنضمّ إلى الكنيسة لتستطيع أنْ تتناول من جسد الربّ ودمه بعد نوال المعموديّة التي تُحرِّر من الشرّ؛ فالتحرُّر من الشرّ هو بدء الخلاص.
هنا سُمِعَت طرقات على الباب، فاعتذر كليمندس لكي ما يقوم ليفتح للطارق.
كان على الباب شابٌ يحمل له رسالة، أخذها منه شاكرًا، وأغلق الباب. فتحها وحينما بدأ في القراءة، شعر بفرحٍ بدا على وجهه..
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 06 - 2014, 11:18 AM   رقم المشاركة : ( 30 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رواية ليكن نور - الراهب سارافيم البرموسي

هل أُعطّلَك عن شيءٍ ما؟ سأل إليوس.
- لا لا، فقط تلك رسالة كنت أنتظرها منذ عِدّة شهور، من مُعلّمي.
- مُعلّمك!!
- نعم، مُعلّمي بنتينوس الصقلّي الذي تتلمذت على يده.
- وهل هو في المدينة؟
- لا لقد ترك المدينة ليذهب كارزًا بالإيمان في الهند.
- في الهند!!
- نعم.
- وما الذي يجعله يترك الإسكندريّة العظيمة ليذهب إلى تلك البلاد البعيدة.
نظر كليمندس في عينيه وهو يقول:
إنّها محبّة الربّ يسوع التي تقتادنا دائمًا إلى الحياة الأفضل..
كان كليمندس أشبه بمُزارِع يغرس الأماني في قلوب البشر ويقتلع منها زوان الأوهام، إلاّ أنّ إليوس لم يكن مستوعبًا ما يحدث، وكأنّه قد سقط في بحرٍ من المتناقضات؛ كليمندس الذي تعلّم في الأكاديميّة في أثينا وجاب العالم يقتطف من زهور العالم أنضرها وأجملها، ينتهي به الأمر مسيحيًّا. شخصٌّ سكندري من أصول صقليّة يذهب إلى الهند مُتغرِّبًا ليُعْلِن الإيمان. أبولّلونيا التي تربّت على عبادة سيرابيس تحوّلت إلى تعاليم الناصري.. ولعلّ كلمات كليمندس الأخيرة زادت من حيرته..
ما لك يا إليوس؟ سأله كليمندس.
- لا شيء.
- إذًا لماذا هذا الوجوم؟
- دعني أصارحك، أنا لا أفهمكم أيّها المسيحيّون. ماذا تعني بمحبّة الربّ يسوع تلك التي تقتلع مواطنًا سكندريًّا ليرتحل إلى آخر العالم ليُبشّر بمعتقدٍ جديد قد يتسبّب في قتله؟؟؟
- يجب أنْ تحكم على الأمور بمقياس إلهي، ألم تتعلّم ذلك من أفلاطون؟
- أفلاطون لم يقل هذا!!
- يبدو أنك لم تطّلع على كلّ ما كتب.
- قُل لي ماذا كتب في هذا الأمر.
- يقول أفلاطون:
إنّ الإله هو الذي يجب أنْ نتّخذه مقياسًا للأشياء كلّها،
ولا نتّخذ من أنفسنا مقياسًا،
وفي الإله يجب أنْ نضع ثقتنا، لا في قدرتنا العقليّة الثاقبة.
أطرق إليوس بوجهه إلى أسفل، وهو يقول: ولكن مَنْ هو الإله الذي يتوجّب أنْ نُقيِّم عليه كلّ أمورنا؟
- إله الرحمة والحبِّ..
- أو ليست آلهتنا رحيمة؟
- ألم تسمع ما كتبه سوفكليس عن آلهتكم؟
- ماذا قال؟
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
يا قليلي الإيمان الراهب سارافيم البرموسي
سماؤنا الراهب سارافيم البرموسي
وجهٌ من نور الراهب سارافيم البرموسي
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي
ميلاديات أبونا الراهب سارافيم البرموسي


الساعة الآن 04:11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024