منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
قديم 12 - 06 - 2014, 09:14 PM   رقم المشاركة : ( 21 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,779

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

تدبيرات الرهبنة


ماهى الرهبنة

+ قال أحد الشيوخ:

" لا تكون تحت السماء امة مثل المسيحيين إذا اكملوا ناموسهم كما لا توجد مرتبة جليلة كمثل مرتبة الرهبان إذا حفظوا طقوسهم. ولذلك فان الشياطين تحسدهم. يحاربونهم بكل اصناف الرذيلة ، ويجعلونهم يغمضون أعينهم عن خطاياهم ويوبخون خطايا غيرهم لكى يبعدوا عنهم السلامة ، ويلقوا فيهم الشرور. فنسأل الرب الإله ان يخزق شباكهم عنا ويخلصنا من أيديهم " .

+ وقال شيخ آخر :

" كما ان الإنسان الذى ترك المملكة وترهب يمدح من كل العقلاء والفضلاء لان الرهبنة أفضل من كل ما تركه ، إذ هى توصل إلى المملكة السمائية الدائمة ، كذلك إذا ترك إنسان الرهبنة وصار ملكاً ، فانه يلم من كل الفضلاء".

+ وقيل أيضا :

" ان المسيحيين الحقيقيين ، هم أفضل الأمم ، والرهبان أفضل المسيحيين ".

+ وقال أنبا يوحنا القصير :

" بالرغم من اننا نفر قليلون فى نظر الناس لكن دعنا نقدر الشرف الذى لنا أمام الله ".

ضبط الجسد وضبط الفكر :

من هو الراهب .. ؟

+ قال شيخ :

" ان الراهب يدعى راهباً من وجهتين : الأولى ، ان يبتعد من مناظر النساء ، ويرفض العالم وكل ما فيه ، ولا يهتم بشئ البتة. والثانية ، ان يتقى عقله من الآلام ويتحد بالرب وحده ، وحينئذ يثمر ثمر الروح الذى هو الحب والفرح والسلامة والخيرية ، وطول الروح والإيمان والود والوداعة والامساك. ومن كان هكذا فلن يوجد له ناموس يقاومه. وبقدر ما تكون همة الإنسان ملازمة لله بلا طياشة ، بقدر ما تكون نعمة الله متضاعف عليه ، وبقدر ما نتقرب إليه بقدر ما يهتم هو بنا ، ويقدر ما نبتعد عنه بهمتنا بقدر ذلك يبتعد هو عنا ، لأنه جعل الاختيار لنا فى ذلك ، إذ خلق روح الإنسان على صورته ، فهى بطبعها تحبه وتشتاق إليه ، وهى روحانية ، فهى تشتاق إلى الأمور الروحانية واما الجسد فخاصته من الأرض ، فهو يحب الأرضيات واليها يميل بطبعه. الصلاة الدائمة بتحريك الشهوات الجسدانية يجذب الشيطان النفس إلى الأمور الأرضية ، فينبغى للراهب ان يكون له افراز ، ويطلب من الله الهداية والمعونة حتى لا ينخدع ويعتمد عليه بإيمان تام ، لأنه بغير معونة من الله لا يقدر ان يناصب الشيطان ولا يبعد منه الأفكار الرديئة. لكنه إذا سلم نفسه لله ولازم الصلاة فان الله حينئذ يملك على نفسه ويجعل فيه هواه ، ويكمل فيه وصاياه. فالذى يعلم انه لا يقدر ان يعمل شيئاً بغير الله ، لا يفتخر كأنه قد عمل شيئاً ، لكنه يشكر الله الذى عمل. والشيطان إذا رأى إنسانا مجاهداً ، فانه يحرك عليه الأوجاع الخبيثة ، وقد يفسخ الله له المجال فى ذلك – حتى لا يتعظم بأنه جاهد ، حتى يلتصق به الصلاة الدائمة ، فإذا هو عرف ضعفه ، فان الله يبطلها عنه اعنى الأوجاع الخبيثة ، وتعبر نفسه فى هدوء وسلام ".

إلى المنتهى :

قال سمعان العمودى :

" كما ان الإنسان إذا مشى كثيراً نحو المدينة ونقص سيره ميلاً واحداً ، فقد أضاع كل تعبه ولم يدخلها ، كذلك الراهب إذا لم يجاهد إلى النفس الأخير لا يدرك مدينة الأطهار. وكما ان الإنسان إذا عدم آلة واحدة لا يقدر ان يكمل الصناعة اللازمة لها تلك الالة ، هكذا الراهب إذا عدم وصية واحدة ، لا يقدر ان يكمل سيرته ، فليس يكفيه ان يمنع جسده من الزنى فقط / بل ان يضبط فكره ونظرع وشهورة لسانه من الكذب والنميمة والشتم واتنعبير والمداينة والمزاح والمماحكة ، وبالاجمال من كل كلام بطال ، كما ينبغى له أيضا ان يعلم اعضاءه الخضوع لارادة الله ، وليست اعضاء جسده فقط ، بل وأعضاء انسانه الجوانى كذلك ..".

وجماعة من الإخوة انو إلى أنبا ايلاريون وقالوا له :

" ما علامة فضل الراهب ؟ ..

فقال لهم : " كثرة الحب والاتضاع يزنيان الراهب ويشرفانه فى الدنيا وفى الاخرة ، فيجب ان تكون له هذه الخصال وهى : ان يكون عاقلاً ، عالماً ، محتملاً صبوراً ، طاهراً ، عفيفاً ، سمعياً ، جواداً ، متريثاً ، رحيماً ، وقوراً ، كتوما ، شكوراً ، مطيعاً ، مداوماً الصمت ، متوفراً على الصلاة ".

+ قالوا : " إذا اجتمعت هذه الخصال فى إنسان ، فهل يسمى راهباً؟ " قال: " نعم ، انه راهب إذا تعب كذلك وشقى بمقدار ما تصل إليه قوته ".

ما عمله وسيرته

قاله شيخ :

" سيرة الراهب : " الطاعة – الهذيذ فى ناموس الله الليل والنهار – لا يدين لا يغضب – لا يتكلم – لا يبصر بعينه سراً – لا يبحث عن عيوب الناس – لا يسمع بأذنيه نقض آخرين – لا يخطف بيديه – لا يستكبر فى قلبه – لا يملأ بطنه- لا يفتكر افكار سوء – لا تكن له دالة ولا مزاح مع احد – ويعمل اعماله بمعرفة – ويجعل باله فى خطاياه – ويطلب من الله ان يهب له نياحاً واتضاعاً حقانياً ، ولا تكون له دالة مع صبى ، ولا خلطة مع امرأة. وان كلمه إنسان فلا يلاحجه ، وهكذا يكون ساكناً هادئاً مسكناً للروح المقدس.

وقال أنبا بيمين :

" ومن أدلة الرهبانية الشدة والمسكنة والمعرفة ، لأنه مكتوب من هؤلاء الثلاثة الرجال : نوح وأيوب ودانيال ، ان نوحاً يشبه المسكنه ، وأيوب يشبه الشدة ودانيال يشبه المعرفة ، فان كانت هذه الخصال الثلاثة موجودة فى إنسان فالله ساكن فيه ".

ما هو الفرق بين رهبنة القدماء ورهبنة زماننا.

سئل شيخ : " بماذا تشبه رهبنة القدماء ، ورهبنة زماننا هذا ؟ " فأجاب قائلاً :

" كان إنسان غنياً وحكيمأً ، وكان يطلب المسك الخالص ، فلما لم يجد المسك الحقيقى الذى يريده ، قطع المسافات براً وبحراً حتى وصل إلى الصين حيث قدم هدايا للملك الذى هناك ، وسأله ان يعطيه مسكاً ، وطلب إليه ان يقطعه هو بيده ، فلما أخذ المسك ورجع ، أعطاه لأولاده وأولاده بدورهم أعطوه بعضهم لبعض ، وقليلا قليلا غشوه وخلطوه بما يشبه المسك الحقيقى فى اللون ، ويختلف عنه فى الرائحة ، ومع تمادى الزمن بقى الزغل ( التقليد ) موضع المسك الحقيقى ، وعدمت رائحته ، وبقى الشكل والاسم فقط.

وكذلك الآباء القدماء ، فإنهم تجاسروا على الحياة والموت ، وذاقوا كل التجارب ، واحتملوا الضوائق ، وقدموا ذواتهم ذبيحة حية روحانية ن ووهبت لهم المعرفة الروحانية ، وصاروا سكناً لله ، وأحسوا بالأسرار. ثم واتصل الشر شيئاً فشيئاً ، حتى انتهى الحال الينا نحن الذين بالاسم والشكل فقط.

ان أمور سيدنا مرارات تعقبها حلاوات ، مظلمات تعقبها نيرات ، محزنات تعقبها مبهجات ، أما أمور العالم فهى حلاوات تعقبها مرارات ، نيرات تعقبها مظلمات، مبهجات تعقبها محزنات ، يعرف الحق ذاك الذى اختبر هذه ، ليس من سماع الاذان فقط ".

كيف أكون راهباً؟

سأل أنبا يوسف أنبا بيمين قائلاً : " قل لى ، كيف أكون راهباً؟ " قال له: "إن كنت تريد أن تجد نياحاً هاهنا وفى الآخرة ، فقل فى نفسك فى كل أمر : أنا من أنا ، ولا تدن إنسانا"

عمل الرهبان

قال القديس دوروثيئوس :

" إن الأوجاع هى غير الخطايا ، فالخطايا هى عمل الأوجاع بالفعل والأوجاع هى أسباب الخطايا ، فقد يوجد إنسان فيه الأوجاع كالغضب الضار ، وشهوة الشر ، ولا يستعملها.

والقديسون ما اكتفوا بأن لا يفعلوا الشرور ، فقط ، بل واجتهدوا فى أن يقلعوا من نفوسهم الأوجاع التى هى اصولها ، ولما صعب عليهم ذلك وهم بين العلمانيين ، تغربوا فى البرية ، ولزموا الصوم والصلاة والسهر ، فقاموا بما قرر عليهم من الوصايا ، من عفة ، ومسكنة ، ونافلة ، وغربة ، لتكميل وصايا الرب.. وزيادة العفة ، وهى عدم الجماع البتة ، والمسكنة، وهى عدم الفتنة بالكمال ، والنافلة ، وهى ما زاد على الفريضة ، وهى الرهبنة ، وفرزوا للرهبنة شكلاً فيه رموز على غرضها ، اما القولية التى ليس لها كم ، فإذا أردنا أن نعلم بأيدينا شراً ، كالسرقة ، أو الضرب ، أو غيره ، فاها تقصر ايدينا كتقصير كمنا ، واما الاشتداد بالمنطقة ، فللتشمر والاجتهاد فى خدمة الله ، وكونها من جلد ميت ، لنميت أوجاعنا ، وأما الابلايون بشبه الصليب ، فإشارة إلى حمل الصليب واتباع سيدنا : وأما القوفلية ، فهو يشبه الخنف ، وهو لباس الأطفال ، والأطفال لا مكر عندهم ، ولا حقد ولا نجس ولا اقامة هوى ، وذلك هو اكبر أغراض الرهبنة".

انسحاق التوبة :

كان شاب اسمه مقاره ، اتفق له وهو يرعى ، ويلعب مع صديق له ، فقتله بغير تعمد ، ولم يعلم به احد ، فمضى لوقته إلى البرية وترهب ، وأقام ثلاث سنين فى البرد والحر ، فى ارض ليس فيها ماء ، وبعد ذلك بنى كنيسة داخل البرية ، وأقام فيها خمساً وعشرين سنة ، واستحق نعمة من الله ، حتى انه قوى على الشياطين ، وفرح فى نسك الرهبنة وأقمت بالقرب منه زماناً ، ولا صار لى عليه دالة ، فتشته عن كفرة بسبب خطية القتل ، فقال : أقمت أياما كثيرة متعباً، لأجل هذا الفكر ، وهو يلازمنى ليلاً ونهاراً ، ويقلقنى جداً ، وآخر الأمر اراحنى الرب من حزن القلب بسببه ، حتى لقد شكرت القتل الذى فعلته بغير اختيارى ، لكونه كان سبباً لخلاصى وبنعمة الرب صرت ، إذا تعرضت إلى الشياطين ، بفكر تعظيم القلب ، ويقولون لى : " قد صرت رجلاً عظيماً أكثر من الرهبان كلهم ". فأجيبهم قائلاً : " والقتل الذى فعلته ، ما اشد عذابى فى الجحيم بسببه " . فيمضوا عنى ، ومرة أخرى يقولون لى : " أيها القاتل ، لماذا تقعد فى هذه البرية ، وليست لك توبة ، فتتعب فى الباطل ن امض إلى العالم ، واصنع ارادتك ، لئلا يفوتك الامران!" فأقول لهم : " الرب الذى صنع الرحمة مع عبده موسى ، يرحمنى أنا أيضا " وكنت اعزى نفسى وحدى بأن موسى لم يستحق ان يرى الله ، الا بعد ان هرب من مصر ، ودخل البرية لأجل الذى قتله باختياره.

وما قلته هذا ليطيب قلب احد بالقتل ، بل ليعرفوا ان اسباباً كثيرة مختلفة تجتذب الناس إلى الفردوس ، فواحد يهرب لأجل الفقر والاستدانة ، وآخر يهرب من جور المستلطين ، وآخر بسب زنى زوجته ، وآخر من شر سادته ، وبالجملة فان قوماً يهربون من الخوف الدنياوى ، وقوم يحبون الله ، ويؤثرون خلاصهم فيصيروا رهبانا بإراداتهم ".

كيف يقتنى الراهب الفضيلة

سئل شيخ : " كيف يقتنى الراهب الفضيلة ؟ "

فأجاب : ان شاء احد ان يقتنى فضيلة ما ، فانه إن لم يمقت اولاً الرذيلة التى تضادها فلن يستطيع احد ان يقتنيها. فان شئت ان يحصل لك النوح فامقت الضك. وان اثرت ان تقتنى التواضع ابغض الكبرياء. وان احببت ان تضبط هواك فامقت السر والتحريف فى الاشياء. وان شئت ان تكون عفيفاً فامقت الفسق. وان شئت ان تكون زاهداً فى المقتنيات ان يكون له سكوت ، فليمقت الدالة. ومن أراد ان يكون غريباً من عاداته فليبغض التخليط. ومن يريد ان يضبط غضبه فليبغض مشيئاته. ومن يريد ان يضبط بطنه فليبغض اللذات والاقامة مع أهل العالم. ومن أراد عدم الحقد فليبغض المثالب. ومن لا يقدر ان يكابد الهموم فليسكن وحده منفرداً. ومن يريد ان يضبط لسانه فليسد اذنيه لئلا يسمع كثيراً. ومن يريد ان يحصل على خوف الله ، فليمقت راحة الجسد ويحب الضيقة والحزن. فعلى هذه الصفة يمكنك ان تعبد الله باخلاص".

الطريق الضيق – الزهد

قال أنبا ابراهيم:

" إذا حملت نير المسيح ، فانظر كيف تمشى فيه ، ينبغى لك الا تخلط عمل الدنيا بعمل المسيح ، لانهما لا يجتمعان معاً ، ولا يسكنان كلاهما فى موضع واحد، ، لا تسلك فى الطريق الواسعة ، لان كثيرين سلكوا فيها فضلوا وذهبت بهم إلى الظلمة ، حيث النار المعدة ، ولكن اسلك طريق الحق والصواب ، فانها وان كانت ضيقة حزينة ضاغطة ، لكنها تخرج إلى السعة والحياة ، والنعيم الدائم.

لا تبن جسدك بالنعيم واللباس ، مثل البيوت المزخرفة ، التى تؤول إلى الهدم والهلاك ، ولكن ابنه بالتوبه والاعمال المرضية لله على الاساس الوثيق ، الذى بنى عليه القديسون : يمشى هين وصوت لين ، ولباس حقير ، وطعام يسير ، وحب تام ، وطاعة واتضاع ، وأفكار نقية ".

قانون الحياة اليومية

قال شيخ :

" إذا قمت باكر كل يوم : امسك لك امراً يجلب الصلاح ، واحفظ وصايا الله يطول روح ، بمخافة الله ، بالصبر على الاحزان ، وبالحبس وبالصلوات ، وبالتنهد ، بضبط اللسان ، بحفظ العينين ، بقلة الغضب.ولا تحسب نفسك شيئاً بل اجعل فكرك تحت كل الخلقة ، بجهاد الصليب ، بالتوبة والبكاء ، بسهر الليالى ، بصبر صالح ، بالجوع والعطش وذلك لتستحق الدعوة السمائية ، بنعمة ربنا يسوع المسيح له المجد".

وقال أخر:

" ينبغى للمجاهد ان يبتعد عن كل امتلاء ، ولو من الخبز والماء ، وان يجمع عقله فى صلاته ، ليكمل قربانه الروحانى ، ويتذكر خطاياه دائماً ويحزن عليها ، وليكن كل ما يعمله ويقوله من أجل مرضاة الله لا من أجل مجد الناس ، وان يتفقد تدبيره دائماً ، لكى لا تكون سكناه فى البرية على غير مذهب الرهبنة ، فانه قد سكن البرية كثير من اللصوص ، وهى مأوى للوحوش والطيور المؤذية ، اما الراهب فانه يسكنها هرباً من سجن العالم الذى يشغله عن عبادة الله التامة. كما ينبغى ان يصبر على البلايا وكيلف نفسه فى كل شئ ، وان يقدم حب الله على حب القريب ، وحب القريب على حب نفسه ، وحب نفسه على حب كل ما سواها، وليكن له ايمان قوى بالله ورجاء واتضاع وامساك وصمت وصلاة دائمة وتهاون بالارضيات وتذكر للموت والمجلزلة ، وقراءة فى الكتب وتميز كل الأمور وحفظ العقل والقلب ، وطاعة الآباء والوصايا من أجل الله".



قال القديس باسيليوس

" هذا ما يليق بالراهب : التمسكن ، عقل منخفض ، نظر مطرق إلى الأرض ، وجه مقطب ، زى مهمل ، ثوب وسخ حتى يكون حالنا كحال النائحين الباكين ، ثوب بقدر الجسد لان الغرض منه شئ واحد هو ستر الجسد من الحر والبرد ، ولا تطلب ازدهار الصبغ وحسنه ، ولا نعومة الوثب ولا ليونته ، لان الميل إلى ذلك من صفات النساء ، كما يجب ان يكون الثوب سميكاً حتى لا يحتاج الأمر إلى وشاح ليدفئ لابسه وليكن الحذاء بسيطاً يتمم الحاجة الضرورية إليه فقط. وكذلك الحال فى الطعام. خبزة واحدة تسد الجوعة ، والماء ليروى ظمأ العطشان. أما المشى فلا يكون بطيئاً بانحلال ، كما لا يكون بسرعة وعجرفة ، حيث الحركات الخطرة".
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:15 PM   رقم المشاركة : ( 22 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,779

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

من أقوال القديس إكليمادوس

وصايا لمن يريد الدخول فى سلك الرهبنة

اسمع يا بنى كلامى واحفظه فهذه وصاياى يجب ان تمارسيها ان اثرت ان تكون رابهاً لأنك ان كسلت فى اتمام احدى هذه الوصايا فما اكملت الواجب ، ويكون وعدك كاذباً وآراؤك عن الرهبنة ليست صحيحة ، ومالك الذى وزعته قد أضعته سيدى إذ تصبح طلباتك فارغة لأنك لم تستيقط بقوة ولم تقبل على السيرة الرهبانية باجتهاد ولم تربط وسط قلبك بالكمال ولم تستعد للقتال الشيدد ضد الشياطين الغير منظورين ، كما يقول الرسول بولس: ان قتالنا ليس مع لحم ودم ، بل مع الرؤساء والسلاطين ومع احياء الشر فى عالم الظلمة ومع الارواح الخبيثة.

( أ ) الرهبنة

1 – الانحلال من العالم :

الرهبنة هى درجة الملائكة الذين لا يفترون ليلاً ونهاراً عن خدمة ملكهم ومن دخل فيها بانحلال وكسل فقد صير نفسه اشقى حالاً مما لو كان بانحلال فى العالم.

+ الراهب هو ذاك الذى يستعد ليصير مثل الملائكة بدون هم. ويشق عنه ثوب العالم.

لا تظن ان معاشرات القديسين وحدها أو السكنى فى مواضع الصديقين فقط تنفعك، بل أرفض جميع هذه الخرافات لأنه لا تؤخذ اجرة المجاهدين لتعطى للكسلان لان الأخ لا يفدى أخاه إذ يقول " انك تجازى كل واحد حسب عمله ".

2 – السعى للفضيلة :

+ لا تتخل عن كبيرة ولا صغيرة من جميع الوصايا ، بل قم بجميعها بثبات والا فالأفضل لك ان تقيم مع العلمانيين.

+ ان علمت هذا فافحص قبلك قبل ان ترفض الدنيا وتهبئ ذاتك جندياً للسيد المسيح.

+ لا تتوان لئلا تندم اخيرا وتصبح رهبانيتك باطلة.

واذكر هذه الوصايا:

( ب ) الصلاة والهذيذ فى الكتب

3 – الصلاة الجامعة والانفرادية:

+ تأدب فى صلاتك ولتكن من من كل قلبك وعقلك.

+ إذا ضرب الناقوس فى نصف الليل لا تكسل بل قم وصل بحرص ولا تتل صلاتك بفمك وحده بل ليكن فكرك وعقلك وجميع حواسك متضرعة لله وناظره إليه.

4 – الكنيسة :

+ لا تكسل فى الذهاب إلى الكنيسة وقت الصلاة الجامعة وأكمل عبادتك له بخوف.

+ إذا مضيت إلى الكنيسة فاياك ان تجلس عند الباب وهم داخلون للصلاة. احفظ نفسك وكن خائفاً من الله.

+ إذا أتاك أخ وكلمك فيما لا يجب فلا تخف البتة بل اجعل نفسك اخرساً واصما ولا تسمع لقوله ولا تلمه فى قلبك بل كن مثل طفل صغير لا يعرف شراً ولا شيئا من المكر.

+ اياك ان تجيب أو تحدث أحدا حتى ولو كان بكلام جيد ما دمت فى الكنيسة.

5 – الهذيذ فى الكتب :

+ إذا رجعت إلى قلايتك اهتم بقراءة الكتب الإلهية والصلاة ولا تتفرغ لشغل اليد وحده فتنس ذكر الله خالقك.

+ إذا جلست فى خزانتك فاقرا بتعقل وتفهم ، وفكر فى تمجيد الله.

( جـ ) ضد الشياطين

6 – المحاربة :

+ اعلم انك منذ الآن قادم لتقاتل السباع والتنانين والاراكنة الشياطين فى طريق التوبة التى هى كربة وصعبة.

+ انك ذاهب لتقاتل الذئاب والنمور والسباع والوحوش الضارية وليس ذلك لايام ولا لشهور ولا لسنين قلائل بل حياتك كلها حتى تظفر بالعدو.

( د ) الاستسلام للشدائد والضوايق

7 – الصبر :

+ انك قد نصبت نفسك هدفاً للشدائد والاحزان يوماً بعد يوم ان اردت ان تكون راهباً لأنه مكتوب : توقع يا ابنى الشدة بعد الشدة من وقت لاخر وهئ نفسك لهذا.

( هـ ) النسك

8 – الطعام :

+ لا يوجد هاهنا طعام أو شراب ، بل جوع وعطش دائم.

9 – الهدوء :

+ منذ الآن لن يكون لعب أو ضحك أو قهقهة أو انحلال.

10 – السهر :

+ دوام على السهر والصوم إلى المساء فى كل زمانك الا فى حالة مرض يلحقك أو ضعف يصيبك.

( و ) أساس الفضائل

11 – التواضع :

إذا لبست اسكيم الرهبنة فلا تتعظم بل بالاكثر اتضع لأنك قد اخذت خاتم الجندية للمسيح واخضع عنقك تحت نيره ولا تكن مقاومً له ولا محاربا.

12 – قطع الاهواء الجسدانية:

+ انكر نفسك فى كل شئ ولا تكمل اغراضك الجسدانية.

+ ان اردت ان تكون راهباً فانزع جميع افكار العالم من قلبك.

13 – الانسحاق :

+ لازم الحزن والبكاء عوض الانحلال واللعب.

+ اندم على خطاياك واجعل قلبك مع الله فى كل وقت لتستحق نعمته.

( ز ) آداب المائدة

14 – إذا جلست على المائدة لتأكل مع الإخوة فلا تتحدث مع احد. وان حدثوك فلا تجبهم حتى تفرغ من الاكل واشكر الله سبحانه وتعالى على جميع افعاله وما انعم به علينا بالرغم من عدم استحقاقنا.

هكذا تعفل كل أيام حياتك أمام الله لتكون لك الطوبى اى الحظ الشريف مع القديسين. ومع هذا كله عليك ان تتحقق انه لا يلبس الاكليل الا من جاهد وصبر على الشدائد وغلب الاعداء وهزمهم وظهرت شجاعته فيهم أمام الملك العظيم الرب يسوع المسيح الذى استحققت ان تحارب من اجل اسمه القدوس فتغلب كما غلب هو. إذ يساعدك بقوته العظيمة. لأنه قال : " ها أنا معكم كل الأيام والى انقضاء الدهر " له المجد آمين.
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:17 PM   رقم المشاركة : ( 23 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,779

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

من تعاليم القديس مار اسحق

ما هو المتوحد؟ ما عمل سيرته؟

المتوحد:

هو إنسان ترك العالم بالكلية وكذلك بلده واقاربه وانتقل إلى الاديرة أو البرارى ، ليجلس فى الهدوء ، يعمل بيده ويقيت نفسه ويعبد اله ليلاً ونهارا.

عمل سيرته

( أ ) الجهاد

1 – الجدية :

+ الراهب الذى فى زمان الطاعة والخضوع يختار لنفسه الراحة والحرية ، فانه فى زمان الراحة الحقيقية ، بالعدل يبكى ويجوع ويشقى بالندامة.

الراهب الذى فى وقت الحصاد والفرح ، يملك عليه الندم والكآبة ، هو شاهد على ذاته فى اوان الزرع والخضوع والعمل ، لم يغضب نفسه على ان يصبر ويحتمل حدة البرد والجليد ليشق بالمحراث خطوطاً عميقة فى باب قلبه ويظهر فيها زرع خبز الحياة ، لذلك فهو يشقى بالجوع فى وقت الحصاد.

+ الراهب الذى يحارب قبالة الآلام ، يحفظ الوصايا لكى تقطع الآلام من القلب ولا تهدأ النعمة ، إذ تساعده خفية.

+ التاجر إذا أكمل واتم ما يخصه فانه يجتهد فى ان يمضى إلى منزلة ، والراهب بمقدار ما يعوزه من زمان العمل ، على ذلك الحد يحزن ان يفارق نفسه وإذا احس فى نفسه ، انه حصل على الوقت واخذ العربون ، فانه يشتاق إلى العالم الجديد.

2 - الحرص :

+ ان التاجر مادام فى البحر ، فالخوف منبث فى اعضائه ، لئلا تتعالى عليه الامواج فيغرق ويخيب امله من عمل ، والراهب مادام فى بحر هذا العالم ، فالخوف يستولى على سيرته لئلا تثبت عليه اذية فتهلك عمله منذ الشيبوبة حتى الشيخوخة.

3 – مراقبة الموت :

+ التاجر عينه نحو البر ، واراهب يرمق ساعة الموت.

ان السابح يغوص غائراً فى البحر ، إلى أن يجد اللؤلؤ ، والراهب الحكيم يسير فى الدنيا عارياً ، إلى ان يصادف فيها الحقانية التى هى يسوع المشيح ، وإذا ما وافاه ، فلن يقتن معه شيئاً من الموجودات.

ب – فى النسك

4 – الصوم :

+ الصوم من العشاء إلى العشاء. البعد عن كل شره ورغبة والزهد فى كل شئ ما خلا الخبز من الماء ، والامتناع عن شرب الخمر الا فى حالة مرض أو واجب ضيافة وهذا إذا ما عرض فلا يزيد عن ثلاثة اقداح فقط لا غير.

5 – السهر :

+ السهر لنصف الليل وصلوات لا تنقطع ليلا ونارا وخدمة المزامير وضرب المطانيات والسجود ، والهذيذ فى الصلوات ، وتضرع القلب ، وبسط اليدين نحو السماء.

6 – المرقد :

+ الرقاد على الأرض إلى وقت الشيخوخة الا فى حالة المرض.

7 – قراءة الكتب :

( جـ ) فى التوبة:

8 – التوبة :

+ المسكنة والتجرد ، والبكاء والنوح والتنهد ، وليس المسوح ، والسكوت والصمت ، وحفظ الحواس ، والعفة.



( د ) فى محبة الاعمال :

9 – الرحمة :

+ خدمة الغرباء. خدمة الضعفاء. عمل اليدين. المحبة للرهبان الطاعة لسيدنا بحفظ وصاياه. الخضوع للاباء.

( هـ ) فى الاستسلام للضوائق

10 – الاحتراس من طياشة الأفكار :

+ الصبر. عدم الغضب. الصفح عمن يضره ويحزنه. التعرى من الآلام. وثبات داخل القلاية فى الدير. ولغير سبب هام لا يخرج الا للصلاة أو لامر ضرورى للجميع والوقف بثبات ليلا ونهارا مقال الآلام والشياطين العالم والنفس والجسد حتى الموت.

( و ) الاتضاع

11 – تحقير نفسه فى كل شئ:

+ اعتبار الراهب نفسه كلا شئ.

+ هذا هو الراهب وهذه هى سيرته ، وكل راهب لا يمارس كل ذلك فى ذاته فهو لا يزال فى رتبة ومنزلة العلمانيين.

+ طوبى للذين يحفظون ويعلمون. لا تفتخر بالاسم بل اجتهد فى عمال ، لان العمل هو الذى يبرر ولو كان بلا شكل ولا اسم.
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:18 PM   رقم المشاركة : ( 24 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,779

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

تعاليم الأنبا أشعياء للمبتدئين

1 – التحفظ :

+ النفس التى تريد ان تقف أمام الله بغير ذنب فلتحرص كالتاجر الذى يطلب الارباح ويفر من الخسائر ، أما خسائر تجار المسيح فهى طلب مجد الناس الكبرياء – تزكية الذات – التكلم بمايغضب السامعين. محبة الاخذ والعطاء ، هذه كلها خسائر ولا يستطيع احد ان يرضى الله وهذه كلها فى خزانة قلبه ، فمن أراد ان يجئ إلى نياح الرهبنة فليتباعد من الناس فى كل الأمور ، ولا يمد إنسانا ، كما لا يزدرى ولا يدينه ولا يزكيه ولا يترك فى قلبه هماً من ناحية إنسان ، وليرفض من كل قلبه مقابلة شر إنسان بشره لئلا تكون خدمته باطلة ، لان الذى لا يهتم بأحد ويدين نفسه وحده ويلومها فحياته تكون هادئة مستريحة ، لان التقى يحب ان يكون الناس كلهم أتقياء ، اما الذى فى قلبه وجع.. للا يرى احد نقياً بل كنحو اوجاعه يفكر فى قلبه عن كل احد ، وان سمع مديحاً عن إنسان يحسده.

2 – الوداعة :

+ ان الإنسان لا يستطيع ان يتحفظ من الخطية ان لم يحفظ نفسه مما يلدها وهذه الاشياء التى تلد الخطية : صغر النفس ، الملل ، اتمام الهوى – حب الاتساع طلب الرئاسة – حديث العالم – التماس ما لا ينبغى – عدم الحذر من الناس – سماع الوقعية – نقل الكلام من أناس إلى أناس ، الذى يحب ان يعلم دون أن يسأل الذين يدين القريب. فهذه الأمور وغيرها تلد الخطية ، فمن أراد ان ينجح ويتقدم فى الاعمال الصالحة ، فليحفظ نفسه من كل شئ يلد الخطية ، فان الخطية منها وبها – فمن حرص يجد خيراً فى الاعمال الصالحة، ومن تهاون وتغافل فهو يعد نفسه للعذاب ، لأنه واجب على كل معتمد ان ينقى نفسه من كل الشرور.

وهذا ما اقوله لكى تتحفظ فلا تزدرى بانسان. ابطل معرفتك واقطع هواك. فان من وثق بمعرفة وتمسك بهواه لا يستطيع ان يفلت من ايدى الشياطين ولن يبصر نقائصه ولن يجد راحة ، اما إذا خرج من هوى الجسد فيتعب يجد رحمة ، ومحمل هذا كله ان تراقب الله من كل قلبك ومن كل قوتك وتترحم على كل الخليقة وتطلب من الله العون والرحمة فى كل ساعة.

3 – ترقب الموت :

+ الحكيم هو الذى يحرص إلى الموت على مرضاة الله ، لنعمل بقدر قوتنا والله يعين ضعفنا.

+ ان سمعت اخبار القديسين واعمالهم الشريفة فلا تطمع فى اقتنائها بلا تعب ان لم تشف نفسك اولا وتتأهل لها ، حتى إذا قدمت على عمل جاءتم من تلقاء نفسها.

أولاً : الصلاة

4 – الجهاة فى الصلاة :

+ أحب الصلاة فى كل حين ليضئ قلبك بأسرار الله.

+ إذا أراد العقل ان يترفع على الصليب فانه يحتاج إلى طلبة كثيرة ودموع غزيرة وخضوع فى كل ساعة قدام الرب ، ويسأل منه المعونة حتى يقيمه غير مقهور متجدداً بالروح القدس. لان شدائد كثيرة عند ساعة الصليب ، وهو محتاج الىصلاة وايمان صحيح وقلب شجاع ورجاء الله إلى أخر نفس.

+ إذا صليت ولم يرد على فكرك شئ من الشر فقد صرت حراً.

+ الزم نفسك بأن تصلى فى الليل صلوات كثيرة لان الصلاة هى ضوء النفس.

ادرس فى مزاميرك وصل لله بفكرك.

5 – صلاة الانسحاق :

+ جاهد فى أن تصلى دائماً ببكاء لعل الله يرحمك ويخلصط من الإنسان العتيق ويعطيك الملكوت.

6 – صلوات الساعات :

+ لا تتوان فى صلوات الساعات لئلا تقع فى أيدى اعدائك. اجهد نفسك فى تلاوة المزامير ، فان ذلك يحفظ من خطية الدنس.

+ إذا قمت فى قلايتك لتصلى ساعاتك فاياك ان تكون صلاتك بتهاون لأنك بذلك بدلاً من ان تكرم الله تغضبه. ولكن قف بخوف ورعدة ولا تتكئ على الحائط ورجلاك مرتخيتان ولا تقف على واحدة وترفع الأخرى. وان كنتم تقرأون صلواتكم وانتم مجتمعون فليقدم كل واحد منكم صلاة ، فان وجد معكم غريب فاطلبوا منه بمحبة أن يصلى ولا تلحوا عليه أكثر من مرتين او ثلاث.

7 – الافراز الروحى :

+ ان كنت فى شئ من تعب الرهانية ورأيت الشياطين قد انهزموا منك وانغلبوا فى القتال ، فلا تطمئن ، بل كن على حذر منهم ... واعلم إنهم يهيئون لك قتالاً اشر من الأول ، ويكمنون لك به من وراء فان أنت ناصبتهم تظاهروا بانهم طردوا بمكر منهم ، وذلك ليستكبر قلبك وتثق بقوتك ، فإذا ابصروك قد خرجت هكذا عن فضيلة الاتضاع ، قام الكمين عليك من ورائك وهاجمك الآخر من قدامك واحافطوا بنفسك اننى لم يكن لها ملجأ وقتئذ ، فلا تمل اذاً من السلاة إلى الله بأن يخلصك ويدفع عنك كل بلية تأتيك ، فان لم يسمع منك سريعاً فلا تمل من التضرع إليه لأنه يعرف ما فيه خيرك أكثر منك. وإذا صليت إلى الله فلا تقل له : " أرفع عنى هذا وهبنى ذاك " بل قل : " يا ربى يسوع أنت عونى ورجائى وانا فى يديك وانت تعرف ما هو صالح لى ، فأعنى ولا تتركنى اخطئ إليك أو اتبع هواى ولا ترفضنى فانى ضعيف ولا تسلمنى لاعدائى فانى لجأت إليك فخلصنى بتحننك ليخز كل الذين يقومون على لأنك أنت القادر على كل شئ ولك المجد ".

+ وقال أيضاً :

ان شغل الشياطين قلبك بأتعاب تفوق طاقتك فلا تطعهم لانهم يشغلون قلبك الإنسان بأمور لا تقوى عليها حتى إذا ضعف وقع فى أيديهم فيضحكون عليهم لان كل أمور العدو هى بلا نظام وبلا حدود – ولكن كل مرة واحدة فى النهار ، واعط جسدك حاجته بقدر بحيث تكف عن الطعام وانت لا زلت تشتهيه ( بدون شبع ) كذلك سهر يكون بقدر ، اسهر نصف الليل فى الصلاة والنصف الآخر لراحة جسدك. ومن قبل ان تنام اسهر ساعتين مصلياً ومزمراً ، وإذا اقتنيت طول الروح فاصنع قانوناً بحرص واجتهاد ، وان ابصرت جسدك قد كسل فقل له : " اتريد ان تستريح هذا الزمان اليسير وتذهب إلى الظلمة الخارجية ، اليس من الافضل لك ان تتعب زماناً يسيراً لتتنيح مع القديسيين إلى الابد؟ " وبهذا الكلام يذهب الكسل وتأتيك المعونة.

8 – الصوم والسهر :

+ الصيام بذل الجسد ، والسهر ينقى العقل اما كثرة النوم ففيها خسارة العقل ، وجفاف العينين ، وتغلظ القلب.

9 – التوبة :

+ أيها الأخ الحبيب ان كنت قد تركت العالم الباطل وقربت نفسك لله لتتوب عن خطاياك السالفة ، فاياك ان تتراجع عما عزمت عليه من نحو حفظ وصايا السيد المسيح واتمامها والا فلن يغفر لك خطاياك القديمة. وان قال لى إنسان انى اريد ان اتوب عن خطاياى ، وهو ما يزال بفعل شيئاً منها فهو كذاب.

10 – التناول :

+ إذا كنت واقفاً فى القداس فراقب افكارك لكى توقف جسدك وحواسك بخوف الله لتستحق ان تتناول من القربان الذى هو جسد المسيح ودمه الأقدس فيشفيك الرب.

+ إذا أنت ذهبت لتتناول جسد المسيح ودمه الاقدسيين فاياك ان يكون فى قلبك حقداً أو غيظ على إنسان ، فان علمت ان فى قلب إنسان عليك شيئاً فاذهب واستغفر منه أولا لئلا تأخذ دينونة لنفسك وهلاكا.

11 – تعب الجسد :

+ ابغض كل ما فى العالم من نياح الجسد لان ذلك يصيرك عدواً الله ، الجسد كمن يقاتل عدواً لدوداً جداً – الذى يطلب الرب بوجع قلب يسمع ان هو سأله باهتمام ومعرفة وهو غير مرتبط بشئ من العالم الا بنفسه فقط وذلك لكى يوقفها قدام الرب بلا عيب كنحو قوته.

+ لا تتضجر من الاتعاب مطلقاص فيأتيك النياح من قبل الله سريعاً. مثل خرب خارج المدينة يرمى فيه كل نتن ، هكذا نفس الراهب العاجز تصير مأوى شر.

+ أحب التعب والمشقة فى كل شئ لتخف عنك اوجاعك.

12 – عدم الملل :

+ احفظ نفسك من الملل فانه يتلف ثمرة الراهب ، ان كنت مقهوراً وانت تجاهد فلا تمل ، بل الق نفسك قدام الله وقل : " أعنى يارب أنا الشقى لا اقوى على هذا الوجع " فيعينك سريعاً ان كانت طلباتك بقلب مستقيم.

+ الكسل يجلب علينا الاعداء فابغض الكسل لكيلا تحزن.

ثانياً – العزلة

13 – البعد عن الرئاسات :

+ ان مضيت إلى رؤساء العالم مريداً مصادقتهم فليس فيك مخافة الله.

+ اياك ان تقتنى لك اصدقاء من بين رؤساء الدنيا لكى لا يبعد الله عنك.

+ ان شئت ان تكون معروفا عن الله ، فلا تعرف الناس بنفسك لان المرتبك بأمور العالم ذا سمع الحق يرذل قائله.

14 – وحدة السكن :

+ إذا مضيت إلى إخوة وقال لك احدهم: " انى لا أستطيع النجاح مادمت مع هؤلاء واود ان اسكن معك ، فاياك ان تبادر بموافقته على ذلك لئلا تصير عثره له ولكثيرين غيره ، فان باح لك بأفكار مكبوتة فيه وعلمت ازاءها انه سيهلك بوجوده فى وسطهم تعرفه بأن يهرب إلى مكان أخر وارفض سكناه معك.

15 – عدم الدالة :

+ أى موضع دخلته لا توجد لنفسك دالة مع أهله ، وكن جاداً فى كل أمر من امورك فبدء الصلاح هو المحبة والاتضاع والمسكنة ، وعدم الدالة.

+ إذا عزمت على السكنى مع إخوة. فلا يكن لك مع احدهم دالة ما ، ولا تخلط كلامك بكلامهم ، ان فعلت ذلك فانك تمكث زمانك كله معهم فى سلامة.

+ ان كنت ماضياً مع إخوة فى طريق وكانت بينك وبين احد محبة فلا تكن لك دالة معه امامهم لئلا يكون فيهم ضعيفاً فيموت من الغيرة منكما وتكون الخطية عليك لأنك سببت له عثره.

16 – تجنب العلمانيين:

+ الخلطة مع العلمانيين تمنع التوبة وتبرد الحرارة ، والفرار منهم ينشط إلى العمل الروحانى فاحذر لئلا تكون بينك وبين الناس معاملة مادمت فى التوبة فان الخلطة تشغلك عن الروحانية.

17 – تجنب الاهل :

+ ان اتفق لك قضاء مصلحة هامة فى بلدك فاحفظ نفسك من اهلك واقربائك ولا يكن لك معهم دالة ولا خلطة فى كلام أو فى غيره.

+ الذين فارقتهم حباً فى الله لا تكثر ذكرهم فى قلبك لئلا ينشغل عقلك بهم بل اذكر الموت الدينونة وكيف انه لا يستطيع احد منهم ان يعنيك فى ذلك الوقت.

18 – تجنب الصبيان :

+ اياك ان تؤاخى غلاماً حديث السن.

19 – تجنب النساء :

+ إذا دعيت لتأكل عند إنسان وعلمت ان هناك امرأة جالسة ستأكل معك فارفض ولا تأكل هناك البتة ، لأنه خير لك ان تحزن ذاك الذى دعاك من أن تزنى بفكرك فى الخفاء ، حتى وان رقدت فلا تبصر ثياب النساء بعينيك – وان كنت فى طريق ولقيتك امرأة فجاوبها بفمك فقط.

20 – السكون :

+ ارفض محبة الخروج والجولان فيما لا ينفعك ، وان عرض لك أمر هام كافتقاد أخ أو الذهاب إلى دير وقدموا طعاماً لذيذاً ، فلا تشبع منه ، واسرع فى العودة إلى قلايتك.

+ إذا انصرفت من المائدة فادخل قلايتك ولا تجلس تتحدث مع من لا ينفعك.

ثالثاً – العفة

العفة عمل قلبى وحفظ حواس :

حفظ الحواس

21 – العين ( النظر ) :

+ كن متحفظاً لعينيك ، وإذا نزعت ثيابك فاياك ان تبصر شيئاً من جسدك.

+ احتفظ بقلبك وعينيك فلن يصيبك بأس فى جميع أيام حياتك ، كل من نظر فى وجه أخيه بلذة شيطانية قد فسق.

+ ان سرت مع إخوة فى طريق ، فتباعد عنهم قليلا ولتكن صامتا ، وإذا مشيت فلا تلتفت يمنة ولا يسرة بل ادرس فى مزامير وصل لله بفكرك.

22 – دهن الجسد :

+ ان كنت قد تعبت من السير فى الطيرق واردت ان تدهن جسدك بقليل من الزيت فليكن لك ذلك الحياء ، ولا تدع احداً يدهن لك جسدا وانت صبى.

23 – فى العالم :

+ إذا ذهبت إلى مدينة أو قرية فلتكن عيناك ناظرتين للارض لئلا تسبب لك محاربات فى قلايتك.

24 – فى الزيارات :

+ ان أنت ذهبت إلى ضعية. ونزلت عند إنسان فى قلايته واضطر ان يخرج هو لامر ما وتركك وحدك فى القلاية فاياك ان ترفع نظرك لتبصر شيئا مما فى قلايته أو تحرك شيئا من موضعه. ولكن عند خروجه قل له اعطنى شيئاً اقوم بعمله. وكل شئ يرضيك به افعله بلا كسل.

+ إذا دخلت قلاية أخ لك به سابق معرفة فحيثما اجلسك اجلس ولا تتحرك من الموضع الذى اجلسك فيه الا بدعوة منه.

25 – السمع :

+ إذا تحدث أناس بأفكار لم تبلغها بعد ولم تحارب بها فامتنع من سماع كلامهم هذا لئلا تجلب على نفسك ذلك القتال.

26 – اللسان :

+ كثرة المناصبة ( الوقوف فى وجه الغير المقرون بالشتائم والانتقادات والكلام اللاذع ) تدل على أنا اشرار.

+ إذا قمت فى موقف الأبرار احتفظ بلسانك ليسكن فى قلبك خوف الله لان من ينفلت لسانه فهو مازال عبدا. اما من غلب لسانه فقد صار حرا ، ومن تحاشى الحديث الردئ يحفظه الرب من السقطات ، أما كثرة الحديث فمنها تأتى الرعونة والملل.

+ لتكن السنتنا ملازمة ذكر الله والعدل لكيما نخلص من الكذب ، فاحفظ نفسك من الكذب فانه يطرد من الإنسان خوف الله.

27 – الضحك :

+ احذر من فتح فمك بالضحك ، فان الضحك يوضح عدم وجود خوف الله.

28 – آداب المائدة :

+ اذا جلست على المائدة وانت شاب فلا تتجرأ وتدعو إنسانا إلى الاكل وتشكر له فى الطعام ، بل اذكر خطاياك لئلا تأكل بلذة ، ومد يدك إلى ما هو قدامك فقط ، ولتغط ثيابك رجليك ، وركبتاك مضومتان أحداهما إلى الأخرى ولا ترفع وجهك فى قريبك وانت تأكل ولا تتلفت هنا أو هنالك. ولا تتكلم كلمة فارغة. وإذا شربت الماء فلا تدع حلقك يحدث صوتاً كما يفعل العلمانيون واى شئ يوضع امامك مد يدك إليه بتغصب.

+ كان الإخوة يتناولون الطعام ويتحدثون اثناءه فانبهم أنبا اشعياء بقوله "الزموا السكوت أيها الإخوة ، فاننى اعرف اخا يأكل ويشرب معنا طبيعياً بينما ترتفع صلاته أمام الله مثل نيران".



29 – آداب الجلوس :

+ إذا كنت جالساً مع الإخوة واضطررت للبصاق فلا تبصق فى وسطهم بل قم خارجه والقه ، لا تتماطا فى وسط الناس ، وإذا جاءك التثاؤب فلا تفتح فمك فيذهب.

30 – المرقد :

+ اياك أن تبين فى قرية وتنام فى بيت تخشى ان تخطئ فيه بقلبك.

+ إذا رقدت فى موضع فلا ترقد مع آخر فى فراش واحد ، ولا تتغط أنت وآخر بغطاء واحد وصل صلاة طويلة قبل ان تنام.

31 – انكار الذات :

+ احذر من ان تعتبر نفسك شيئاً فى اى أمر من الأمور فان ذلك يفقدك النوح على خطاياك.

+ لا تضع فى نفسك انك حكيم فتقع فى ايدى اعدائك.

+ إذا مضيت إلى ضيعة مع إخوة لا تعرفهم فاعطهم التقدم فى كل شئ ولو كانوا اصغر منك. وان نزلت عند صديق لك فليكونوا هم المتقدمين عليك فى كل شئ على المائدة وغيرها.

لا تظن انه بسببك يكرمهم صديقك ، بل قل لهم : انه بسببكم يصه بى الرحمة.

+ ان اردت الذهاب إلى أناس فلا تضع فى قلبك إنهم سوف يفرحون جداً بلقائك. فان قبلوك اشكر الله على قبولهم لك.

+ ان حفظت وصايا المسيح كلها وعملتها ، قل : " انى لم ارض الله قط ".

سابعاً – احتمال كل ما يأتى علينا

32– اساءة الغير :

+ إذا كنت فى قلايتك وتذكرت ان إنسانا أساء إليك واحزنك فقم فى الحال وصل من اجله من كل قلبك ان يغفر الله له وبذلك تنطفئ عنك محبة محازاة الشر بالشر.

+ ان شتمك إنسان فلا تجبه حتى يسكت : وفتش نفسك بخوف الله فانك سوف تجد ان ما قد سمعته كائن فيك وان العلة هى منك ، فاصنع له مطانية مثل إنسان يعرف الحقيقة انه هو الذى اخطأ.

33 – المرض :

+ إذا اصابك مرض وانت ساكن فى قلايتك فلا تصغر نفسك بل اشكر الله على ذلك.

34 – الزهد :

+ ان أنت بعت شغل يديك فلا تتشدد فى الثمن كالعلمانيين كذلك إذا اردت ان تشترى شيئا زد على ثمنه قليلا وخذخ وان لم يكن معك ما يساوى قيمته فاتركه بسكوت.

35 – الإيمان :

+ احفظ نفسك من مجادلة المخالفين بحجة انك تريد الدفاع عن الإيمان لئلا يؤثر كلامهم فيك فتهلك. وان وجدت كتابا من كتبهم فلا تقرأ فيه لئلا يمتلئ قلبك بسم الموت بل تمسك بأمانتك كما اضاءت لك المعمودية ، كن على حذر من تعليم الكذاب المضاد.

36 – عدم الادانة :

+ إذا ابصرت إنسانا قد اخطأ فلا تحتقره ولا تزدر به لئلا تقع فى ايدى اعدائك ، وإذا طغى أخوك بجهله بسبب الهراقطة ، ثم رجع إلى الإيمان القويم فلا تحتقره.

+ إذا سمعت اخاً يدين آخر فلا تستح منه أو توافقه لئلا تغضب الله. بل قل له ياتضاع : " اغفر لى يا أخى فانى إنسان شقى وهذه الأمور التى تذكرها أنا متغمس فيها ولست احتمل ذكرها.

+ لا تقبل ان تسمع ضعفات أخيك أو تلومه ، والا فأنت هالك.

+ إذا أساء إليك أخ وجاء أخر وعاب فيه عندك فاحفظ قلبك لئلا يتجدد فيه ذكر الشر الذى أساء به إليك ذلك الإنسان.

+ من لا يدين أحدا فقد استحق النوح ، إذا انشغلت عن خطاياك وقعت فى خطايا احيك.

+ ان قلت ان فلانا صالح وفلانا شرير خربت نفسك.

ثامناً – ضبط المشيئة

37 – رفض المشيئة:

+ لا تكن معاندا أو متمسكا بكلمتك لئلا يسكنك الشر ، فان طالبك الإخوة بامر لا تهواه فارفض مشيئة نفسك وتمم ما يقولونه لك لئلا تحزنهم فتفقدوا السلام فيما بينكم.

+ إذا كنت ساكناً مع أخ وسألك قائلا: " اطبخ لنا شيئا " فاساله عما يجب فان ترك لك حرية الاختيار فمهما وجدته موافقا له اطبخه بخوف الله. وكل عمل تعملانه اشتركا فيه ولا يطلب احدكم راحة جسده لئلا يضطرب فكر أخيه.

+ من قطع هواه من أجل أخيه لمرضاة الله فقد أنبأ نفسه انه قد اقتنى الفضائل ، اما الذى يرضى هواه فقد اظهر انه غير خائف من الله.

+ ان أنت قطعت هواك بمعرفة اقتنيت لنفسك التواضع ، اما الذى يريد ان يتمم هواه فذاك بعدم الصلاح كله ، فلتقطع اهوية قلوبنا ولنلتمس مشيئة الله ويتمهها.

+ فلنهرب من اللجاجة ( العناد والمجادلة ) فانها تهدم كل بنيان الفضيلة وتصير النفس مظلمة لا تبصر شيئا من الصلاح فتحفظ من هذا الوجع ( هذه الرذيلة ) الردئ الذى إذا اكتنف اى صلاح اعدمه ، لان ربنا ما ان طلع على الصليب حتى طوح يوداس ( يهوذا ) من وسط تلاميذه ، فان لم يقطع الإنسان هذا الوجع الردئ ( اللجاجة ) فلن يستطيع ان يدرك شيئا من أمور الله لان كل شر فى الدنيا يلحق صاحب هذا الوجع .. وهذا الوجع هو نتيجة الكبرياء ، لان المتكبر لا يقدر ان يتحمل شيئاً من الموعظة وهو محب لمجد الناس والغلبة ويسكن فى نفسه كل أمر يبغضه الله ، لان المتكبر لا يقدر ان يكون بغير عثرة ، وهو يسلم نفسه بنفسه إلى ايدى اعدائه .. وحينئذ يصنعون لها شروراً كثيرة.

57 – قبول الغير:

+ إذا وجه إليك إنسان كلمة قاسية ، فلا تشمئز أو يستكبر قلبك ولكن بادر واصنع مطانية ولا تلمه فى قلبك ، والا فالغضب يثور عليك.

+ إذا افترى احد عليك بشئ لم تصنعه فلا تجزع ولا تغضب، بل اتضع لصنع له مطانية ، وسواء كنت قد فعلت ام لم تفعل ففى كلتا الحالتين قل: " اغفر لى فلن أعود لمثله مرة أخرى ".

+ لنتحمل تعبير اخوتنا إذا هم رذولنا لنخلص من العظمة.

58 – الاعتراف بالخطية :

+ ان أخطأت فى أمر ما للا تستح وتكذب ، بل اسرع واقر بذنبك واستغفر الله فيغفر لك.

+ طولى لمن اهتم من اجل جراحاته لتشفى ، وعرف خطاياه وطلب من اجلها الغفران.

+ من كنتم خطاياه عن صاحب سره فقد دل على تعاظمه ، وقد استملك عليه عدوه ، اما الذى يفشى أفكاره فيستريح.

لنرفض شرف العالم وكراماته لنتخلص من المجد الباطل.

تاسعا – العمل

59 – العمل فى القلاية :

+ إذا قمت باكر كل بوم فقبل ان تقوم بأى عمل اقرأ كلام الله وبعد ذلك ان كان لك فى القلاية عمل فاعمله بهمة ونشاط.

+ إذا جلست فى قلايتك فاهتم بهذه الثلاث خصال :

" ابدأ عمل يديك ، ادرس مزاميرك وصلاتك ، تفكر فى نفسك انه ليس لك شئ فى هذه الدنيا سوى اليوم الذى أنت فيه فلن تخطئ ".

60 – عمل اليدين :

+ اتعب نفسك واضطرها على العمل وخوف الله يحل عليك.

+ اعمل لكيما تعطى المساكين من عرق جبينك لان البطالة موت وهلاك واحرس قلبك قبل كل شئ كى يكون لك شغل فى الروحانية فى كل رهبنتك.

+ إذا كنت تقوم بعمل يديك فلا تتوان البتة ولكن اهتم به بخوف الله تخطئ بدون وعى ، وكل عمل تؤديه لا تستح ابدا من ان تسأل من يعلمك قائلاً : " اصنع محبة وأرنى .. " وخذ رأيه أيضا فيما لو كان عملك جيداً ام لا.

عاشراً – المحبة

61 – معاملة الإخوة :

+ لتكن محبا للمؤمنين لتحل عليك رحمة الله. لتكن محباً للقديسين لتتحلى بأعمالهم الصالحة.

+ لنكن محبين لجميع الناس لنخلص من الغيرة لنكن متصالحين مع كل احد لنخلص من البغض اما الذى يلوم اخاه أو يحتقره أو يشى به قدام الاخرين أو يظهر له غضباً ، فقد صار بعيداً من الرحمة.

62 – الملكية المشتركة :

+ ان سألك أخ ان تعيره اناءك فاعطه اياه ، رغم حاجتك إليه ورغم عدم وجود غيره عندك ، واياك ان تجلس بعد ذلك متضايقاً مرتبكاً فخير لك ان يهلك احد اعضائك من ان يذهب جسدك كله إلى جهنم.

+ ان أنت اقرضت اناسنا مسكينا شيئا وعرفت انه ليس له ما يوفيك فلا تحزنه ولا تضيق عليه فى شئ مما اعطيته سواء كان ثيابا ام وزنات ام غير ذلك.

63 – اجتماعية :

+ ان ذهبت إلى قرية وأوصاك أخ ان تشترى له شيئاً ، فاشتره له كما لو كنت تشتريه لنفسك وان كان معك إخوة وقتئذ فاشركهم فى هذا الأمر.

+ ان مررت واستأذنت الأخ قائلا : " استرح قليلا حتى أتى إليك " فان دعاك صديقك ان تدخل لتأكل عنده ، فاياك ان تلبى دعوته دون ان تشرك الأخ الذى معك".

+ ان ستعرت من أخيك فاسا أو غيره فلا تتوان فى ان ترده إليه عند قضاء حاجتك ولا تتركه حتى يطلبه منك ، فان انكسر جدده له ، وان اودع أخ عندك اناء ، واحتجت إليه احتجاجا شديدا فاحذر ان تمسه بأذية.

64 – الضيوف والغرباء :

+ ذا كنت جالسا فى قلايتك واتاك أخ غريب فادهن رجليه وقل له : "اظهر محبة وخذ قليلا من الزيت وادهن به جسدك " فان لم يرد فلا تكرهه ـ إذا كن شيخا عمالا.

+ إذا زارك غرباء اعطهم حاجتهم برضى ، وإذا كفرا عن الطعام فقل لهم مرتين أو ثلاثة " اصنعوا محبة وكلوا قليلاً ".

+ إذا جاءك أخ غريب ليكن وجهك صبوحاً حين تسلم عليه ، واحمل عنه ما يحمله بفرح ، وكذلك إذا أراد الانصراف ليفارقك بفرح ولتودعه بخوف الله وبشاشة كى تكونا عند الفراق رابحين نفسيكما ، وكذلك فى حال وصوله إليك اياك ان تسأله عن أمور لا تخلص نفسك بل دعه يصلى اولا ، فإذا جلس قل له : "كيف أنت ، وكيف حالك؟ " ولا تزد على ذلك ، واعطه كتابا ليقرأ فيه. فإذا كان قد جاء متعباً فاتركه حتى يستريح واغسل رجليه. فان كان قد اتاك حاملا إليك كلاماً ليست فيه منفعة فقل له : " اغفر لى يا آخى فانى ضعيف ولست اقوى على سماع هذا الكلام " ، وان كان ضعيفا وثيابه رثه فاغسلها له وخيطها إذا احتاجت إلى خياطة.

65 – الرحمة :

+ اعط المحتاجين بعين واسعة .. حتى لا تحزن بين القديسين لان قلة الرحمة تعبر عن اننا لا نحب الله.

+ لنلازم محبة المساكين لنخلص من حب الفضة .

+ إذا جاءك أحد من الطوافين وتصادف أن كان عندك رجل قديس في نفس الوقت فلا تدخله عليه ولكن اصنع معه رحمة من أجل محبة الله واخل سبيله .

وان كان مسكينا فلا تصرفه منعندك فارغا ، بل اعطه من البركة التي أعطاك الله اياها ، وأعلم أن كل شيء لك ليس ملكك فاعطه من أجل الرب .

أحد عشر – المرشد الروحي

+ لا تعمل عملا في توبتك بدون مشورة ، فتعتبر أيامك بنياح . وكل فكر يحاربك أكشفه ولا تستح أن تقول به هو أكبر منك بالروحانية فيخف لكالفكر عنك ويذهب ، واعلم أنه لا يوجد شيء يفرح له الشياطين مثل إنسان يخفي أفكاره ، ردية كانت أم جيدة .

+ ان سألك شيخ عن أفكارك فاكشفها له بصراحة متي تأكدت ان له أمانة ويحفظ كلامك . ولا تنظر الي كبر السن بل اعتمد علي من له علم وعمل وتجرية ومعرفة روحانية ، لئلا يزيدك سقما بدلا من أن يهبك شفاء .

+ لا تكشف اسرارك لكل أحد لئلا تسبب عثرة لقريبك . اكشف أفكارك لآبائك الشيوخ لتجد معونة بمشورتهم .

+ ان وجدت شيوخا جالسين يتكلمون كلام الله وأردت أن تجلس معهم لآبائك الشيوخ لتجد معونة بمشورتهم .

+ ان وجدت شيوخا دجالسين يتكلمون كلام الله واردت أن تجلس معهم فاستأذن معمك أولا فان أذن لك فاجلس واسمع كلامهم ، وكل ما يأمرك به أفعله وأن أمرك معلمك بقضاء حاجة خاصة به فأسأله عن المكان الذي تذهب إليه لقضائها وما يشير به عليك لا تزد عليه ولا تنقص .

***

أساس ومشارب

الأساس :

وصف القديس برصنوفيوس السلوك الرهباني في كلمات مختصرة فقال :

1- العمل الداخلي هو :

وجع القلب ( أي المناجاة القلبية بمسكنة وماأومة )

وهذا يجلب الطهارة .

والطهارة تلد سكوت القلب الحقاني .

وهذا السكوت يلد التواضع .

والتواضع يصير الإنسان مسكنا لله . وهذه السكني تطرد الأعداء الأشرار ، مع كافة الأوجاع الرديئة ، وتحطم الشيطان رئيسها ، فيصير الإنسان هيكلا لله طاهرا مقدسا مستنيرا فرحا ممتلئا من كل رائحة طيبة وصلاح وسرور ، ويصبح الإنسان لابسا لله ، نعم ويصير الها ، لأنه الها ، لأنه قال : أنا قلت أنكم آلهة وبني العلي تدعون . وحينئذ تتفتح عينا قلبه ، وينظر النور الحقاني ، ويفهم أن يقول : اني بالنعمة تخلصت بالرب يسوع المسيح .

الطاعة :

والذي يريد أن يرضي الله ، فليقطع هواه لأخيه ومعلمه ، لأنه إذا فعل ذلك فهو يجد نياحا بالرب .

مشارب :

سئل القديس أنطونيوس ما هو العمل الجيد فأجاب وقال : أن الأعمال الجيدة كثيرة لأن الكتاب يقول : أن ابراهيم كان مضيفا للغرباء وكان الله معه ، وايليا كان يؤثر سكني البرية والوحدة وكان الله معه ، وداود كان متضعا ووديعا وكان الله معه ، ويوسف كان حليما عفيفا وكان الله معه ، فالذي يحبه قلبك من كل هذا اعمله من اجل الله واحفظ قلبك . وإذا قاتلتك أفكار كثيرة فقاتل أنت رأسها فان هزمته انهزم باقيها .

وقال أيضا : الذي يطرق سبيكة من الحديد يسبق أولا فيمثل في فكره ما هو عتيد ان يفعله ، أما منجلا أو سكينا أو فأسا ، وهكذا بسبيلنا نحن أيضاً ان نفكر في كل شيء نبدأ العمل فيه لئلا يكون عملنا باطلا .

القديس يوحنا القصير

سأل بعض الشيوخ يوحنا القصير قائلين : عندما كنت في كريت كيف كان الآباء يدبرون انفسهم . قال : كانوا يؤدون عمل الرب بكل قوتهم ليل نهار . أعني أنهم كانوا

1- يتلتون الخدمة ( الصلوات العامة )

2- يصلون .

3- ويقرأون

وكانوا يهتمون بالاكثر علي الانفراد

4- وعوضا عن البطالة كانوا يعلمون بأيديهم .
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:20 PM   رقم المشاركة : ( 25 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,779

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

تدابير الإرادة - الفقر

لقد كان الإنسان في البدء شبه الملائكة، فلما سقط صار شبه البهائم، ولكن إذا كانت الطبيعة الإنسانية تسوق الى الشهوات البهيمية، فان الشريعة المسيحية تؤدي إلى الغاية الملائكية، لأن المسيح وعد الذين يعملون إرادته أنهم سيكونون مثل ملائكة الله، فاعلم يا خى أنه ليس شئ يقرب إلى الله مثل الطهارة والاتضاع ، ويمكن اقتناؤها بالصروم والصلاة والسهر والتعب. وأتمام الخيرات بقطع رأس الشر الذي هو حب المقتنيات .

سؤال : ( أسألك يا أبي أن تبين لى ما هى المشيئة الجيدة ، وما هي المشيئة الرديئة ؟ ) .

الجواب : ( قلت لك أن كل نياح جسادنى مرذول عند إلهنا) ، لأنه قال : (أن الطريق المؤدية إلى الحياة الأبدية حزينة وضيغة ، فمن يختارها لنفسه المشيئة الجيدة، ومن أرادها فإنه يلقى بنفسه في كل أمر حزين بهواء، وبقدر استطاعته . أسمع ما قاله الرسول: (أني أقمع جيدي واستعبده) فأفهم أن الجسد لا يريد ذلك، بل بمشيئته كان يضمره، فالذي يريد الخلاص يجب أن تكون مشيئته هكذا، ومن كان كذلك فكل أموره مختلط فيها الحزن .

لا تستعمل فراشا لينا، وتذكر أن كثيرين ينامون على الأرض وبين الشوك، وأن صادفت طعاماً لذيذا فاتركه وكل من الدون، كيما يحرك على جسمك حزناً، وأذكر الذين لا يذوقون خبزاً البتة، واذكر كذلك الألم الذي قبله سيدك من أجلك ، وأعط لنفسك الويل – هذه هي المشيئة الجيدة ، أما المشيئة الرديئة فهي نياح الجسد في كل ما يطلبه منك، ولاسيما إذا اتفق لك طعام غير جيد، وقلت: (لا آكل) ، فهذه هي المشيئة الرديئة، فاقطعها عنك وأنت تخلص) .

قطع الهوى

سأل أخ شيخاً : (كيف أعلم، أن أقطع مشيئتي حين أكون في القلاية وحين أكون بين الناش؟ . وما هي مشيئة الله وما هي مشيئة الشيطان ؟ ) .

فأجابة : ( أما قطع الراهب لمشيئته في قلايته، فذلك بتهاونه بانياح الجسداني في جميع الأحوال والأمور، أما إذا كان بين الناس، فليكن كالميت بينهم، أو كالغائب عنهم، أما مشيئة الله فهي الا يهلك أحد، كما كتب في الأنجيل، وأن يقبل الكل إلى معرفة الحق، كما قال الرسول بولس ، وألا يموت الإنسان وهو خاطئ ، بل أن يتوب ويحيا، كما قال النبي حزقيال .

أما مشيئة الشيطان فهي : (ثقة البار بنفسه ، وعد توبة الخاطئ عن خطيئته).

ولما سئل أنبا يوحنا رئيس الكينونيون عند نياحته : (قل لنا كلمة يا أبانا) قال : (إنى لم أكمل هو أي قط ، ولم أعلم أحداً شيئاً لم يسبق لى عمله ) .

الصلاة وموافقتها لميشئة الله :-

+ أخبروا عن شيخ قديس، أنه كان داخلاً إلى مدينة لها أمير كبير، وكانت له أبنة قد قاربت الموت، فلما رأي القديس أمسكه وأعاقه عن السفر قائلاً له : (لن أطلقك حتى نصلي على ابنتى فتصافى). فتبعه الشيخ إلى موضع الصبية ، ووقف فوق رأسها، وبسط يديه قائلاً: (أيها الرب العارف بخير النفوس، يا عالم الغيوب، يا من لا يشاء ان يهلك أحد من جنس البشر، أنت تعلم حيرة هذه الصبية، أرادتك أفعلها معها) ، وللوقت أسلمت الصبية روحها، فصاح أبوها على الشيخ قائلاً: (واويلاه منك يا شيخ، فإن كنت لم تقدر أن تقيمها ، فلا أقل من أن تعطيها لى كما كانت، والا فلن أطلق سبيلك) ، فطلب الشيخ من الله فعادت نفسها إليها بطلبة الشيخ مرة أخرى .

ولما عوفيت لم تلبث أن سارت سيرة رديئة، فأفسدت جلال أبيها، فمضى إلى موضع الشيخ وطلب منه قائلاً: ( أريد أن تموت، فقد عاشت عيئة رديئة، وأنا أحتشم أن أمشى بسببها) ، فقال له الشيخ : ( أنا قد طلبت من الله الخير فيما يريد ، وقد علم الله أن موتها أصلح ، لكنك لم ترد ، والان لا شأن لى معاك ومضى الشيخ وتركه .

ولذلك كان إنما أغاثون يقول : ( هكذا يجب أن يكون فهم القديسين أن يعرف الإنسان مشيئة الله وأن يكون بكليته سامعاً للحق خاضعاً له لأنه في صورة الله ومثاله).

ومن شر الأعمال كلها أن يطيع الإنسان ارادته ويخالف إرادة الله وأن يكون له هوى في شئ وفي غيره هوى آخر في نفس الوقت .

كذلك قيل : ( النية هي المطلوبة في كل موضع وليست في موضع معين، فإن آدم كان في الفردوس وأطاع مشورة الشيطان، وتبع هواه وعصى وصية الآله، وأيوب كان جالسا على المزبلة ، وقام الشيطان ، وضبط هواه، وحفظ وصية الآله) .

الغربة

قال القدس برصنوفيوس :

" غرباء نحن، فلنكن غرباء بالكمال، ولا نحسب انفسنا شيئاً، ولا نشاء أن يحسبنا أحد فنتنيح. جاهد ان تموت في القبر من كل أنسان، وقل لفكرك: " لقد مت ووضعت في القبر" وأنت تخلص، وليس غلق الباب هو الموت، بل غلق الفم والطاعة هي أيضاً مطفئة لجميع سهام العدو المحماة .

المحبــــة

وقال أيضاً :

+ البذور العظيمة، والأعصاب التى تشدد كل الأعضاء، وتشفى كل مرض وأسترخاء، هي المحبة التى أعطانا الآب وأحيانا بها " .

1- الفقر

قال أحد الشيوخ :

" لا تطلب حوائج كثيرة، لأنك عاهدت المسيح أن تعيش معه بالفقر، لأن المسيح هو حياة النفس، وكل ما اقتناه في كلبه وفي كره وفي تصرفاته بإمتداد عقله إليه، فهو ذاك الذي ينجح في سيرة هذا العمر، وينال الحياة التى لا تزول " .


(أ) حياة النساك

أتفق أثنا عشر من القديسين الحكماء، واجتمعوا على رأي واحد، ورغب بعضهم إلى بعض في أن يذكر لهم طريقة نسكه ، لينتفعوا :

فقال الأول : ( أنا منذ بدأت بالأنفراد ، صلبت ذاتى عما هو خارج عنى ، وجعلن فيما بين نفسى. وبين الأشياء الجسمانية سوراً ، وصرت في بيتى كمن هو داخل السور ، فلا ينظر إلى ماهو خارج عنه ، فكنت أتأمل ذاتى فقط، منتظراً الرجاء كل وقت من الله ، وصورت الأفكار الخبيثة بصورة العقارب والحيات ، فمتى أحسست بها متحركة في طردتها وأبعدتها بالغيظ والتهويل ، وما كففت في وقت من الأوقات من الغضب على نفسى وجسيمي، لكيلا يعملا عملا شريراً ) .

وقال الثاني : ( أنا منذ زهدت في العالم ، قلت في نفسى ، اليوم ولدت ، فاترك ما مضى وابتدئ بالعبادة لله ، وأنزلت نفسي منزلة الغريب في المكان الذي من شأنه أن ينصرف غداً ) .

وقال الثالث : ( أيا من بكرة النهار اطرح ذاتي على وجهى أمام ربى، وأقر بجرائمى) ثم اتضرع للملائكة أن يسألوا الله العفو عنى، وعن الناس جميعاً، ثم أطوف أماكن العذاب بعقلي، وبأبكى وأنوح إذ أرى أعضائي مع الذين يعاقبون ويبكون) .

وقال الرابع : ( أنا اتصور نفسي جالساً في جبل الزيتون مع ربنا وملائكته وأقوال لنفسي، منذ الآن لا تعرف أحداً بالجسد ، بل كن مع هؤلاء دائماً بمنزله مريم الجالسة عند قدمي السيد، لتسمع أقواله سماعاً مطيعاً، كقول ربنا. (كونوا أطهار لاني طاهر، كونوا كاملين مثل أبيكم الذي في السماء فإنه كامل، تعلموا منى فأنى وديع ومتضع بقلبي " .

وقال الخامس: ( وأنا أتصور الملائكة صاعدين ونازلين في أستدعاء النفوس وأتوقع وفاتي كل يوم ، وأقول : (مستعد قلبي يا إلهي ) .

وقال السادس : ( أنا أستشعر كل يوم أنني أسمع من ربنا هذه الأقوال . "أتعبوا من أجلى فأنيحكم ، أن كنتم أولادى فاستحوا منى كأب محب، وأن كنتم أخوتى فوقرونى، أنا كنتم أحبائي فاحفظوا وصاياى، أن كنتم رعيتى فأتبوعني " .

وقال السابع : " أنا أذكر نفسي بهذه : " وهي الأمانة والرجاء والمحبة حتى أنجح بالأمانة، وأفرح بالرجاء ، وأكمل بالمحبة لله والعبادة " .

وقال الثامن : " أنى رأي المحتال طائراً طالباً واحداً يبتلعه، وأرفع نظرى العقلي إلى إلهى واستنجد به عليه في أن لا يدعه يتقوى على أحد، وخاصة على الخائفين منه".

وقال التاسع : أني أرى كل يوم كنيسة القوات المعقولة. وأعاين رب المجد، في وسطها لامعاً جداً، واسمع نغماتهم في تسابيحهم التى يرفعونها الى الله ، بمنزلة من قد فهم ما هو مكتوب : " أن السموات تخبر بمجد الله " ، فاحسب كل ما على الأرض ومادا وكناسة فيزول عنى الضجر والتعب والغم .

وقال العاشر : (أنا أرى الملاك الذي معى قريباً منى، وصاعداً بأعمالى وأقوالي، فأحفظ ذاتى وأتذكر قول النبى : " سبقت فرأيت الرب أمامى في كل حين ، لأنه عن يمينى لكيلا أتزعزع " .

وقال الحادي عشر : " أنا أضع وجهي على ضبط الهوى ، والعفة ، وطول الروح ، والمحبة ، وأقول لنفسي : لا تنامى " .

وقال الثاني عشر :

" أما أنتم فلكم أجتحة من السماء، طالبين ما في العلا ، فقد انتقلتم بالنية من الأرض ، وتعريتم من هذا العالم، فأنتم أناس سمائيون أو ملائكة أرضيون. وأما أنا ، فاذا قست نفسى بكم، أكون غير مستحق الحياة، لأني أعاين خطاياي أمامى في كل حين، وأينما توجهت تتقدمنى، وقد حكمت على ذاتى أنى في جملة الذين تحت الأرض قائلاً: سأكون معهم ، إذا كنت مستوجباً أن أكون قريبهم، وأبصر هناك الدود والحسرات والعبرات المتضلة المرة ، وأقواما تقعقع اسنانهم، (مرتعشين) بجملة جسمهم، من رؤوسهم الى أرجلهم، وأطرح ذاتي على الأرض، وأنثر الرماد على ، متضرعاً إلى الله، في الا أباشر تلك العقوبات، وأنظر أيضاً بحر نار يغلى، ويعج، يتوهم من يبصره أن أمواجه تبلغ إلى السماء وملائكة متنمرين يطرحون أناساص لا يحصون في ذلك البحر المريع، وكلهك يعجون بولولة عظيمة، ويحترقون كالقش، وقد ارتدت عنهم رأفات الله ، لأجل آثامهم وأنتحب على جنس البشر، وأتعجب كيف يجسر أحد أن يتكلم كلمة، أو ينظر نظرة بمخالفة، وقد أعدت هذه العقوبات، لكل من لا يؤمن بالإله ويطيع وصاياه، وبهذا أضبط النوح في نفسى والدموع في عينى ، وأحكم على ذاتى بأنى لست أهلاً للسماء ، ولا للأرض، متشبها بالنبى القائل : " صارت دموعى لى خبزا نهاراً وليلاً " .

فهذه أقوال وسيرة الأباء المغبوطين لمن أهتدى بأقوالهم، واقتدى بأفعالهم ومن ربنا نسأل العفو والعون، وله نقدم التسبيح والشكر ، ولأبيه الصالح، وروح قدسه، الأن، ودائماً آمين "

قال القديس باسيليوس :

+ " إن النصارى قد منعوا من محبة المجد الباطل، ومن أرضاء الناس ومن المباهاة أما العلمانيون فأنهم يخزون من المسكنة ، ويهيئون أنواع المأكولات للضيف، وأما نحن فلا نرذل المسكينة التى طوبها الرب، وكما لا يليق بنا أعداد الآلات الكريمة الثمينة في الضيقات والبسط فيها، كذلك لا يحسن بنا الأحتفال .

فإن قصدك أيها الأخ غريب ، فإن كان حالة كحالك، قدم له العيش ، فإنه يعرف فائدته، ويجد عندك ما تركه في قلايته، فإن كأن قد أتعبه السفر، فقدم له ما يزيل تعبه. وأن قصدك علمانى، فأنه يأخذ من عندك رسما للقناعة في المأكولات، وتذكارا لموائد النصارى، ونموذجاً للمسكنة المسيحية .

إذا كنا نغير ملابسنا لمن يتلقانا، فلا نغير أيضاً موائدنا للذي يطرقنا، والرسول يقول : " أن أكلتم وشربتم، أو مهما عملتم، فاعملوا لتمجيد الله " وما يعمل للمباهاة، ليس هو لتمجيد الله ويعقوب أكتفى في مطلوبه من الله ، بخبز يأكله ، وثوب يلبسه والرسول قال : "يكفينا القوت والكسوة" وسليمان سأل الله قائلاً: " رتب لى الكفاف، الذي يقوم بالأود" ، والكفاف هو عدم الفضلة وعدم الحاجة الضرورية معاً، والغذاء الضروري هو اليسر الثمن، والسهل الوجود، فبهذا يجب الأهتمام ، وتقديمه لكل محتاج إليه.

ولما كان قوتنا أنما نحصل عليه من شغل أيدينا، يوماً بيوم ، فلا نصرفه في تنعيم غير المحتاجين، لئلا نضيق على نفوسنا ، ونسبب لهم المضرة الحادثة من التبذير حيث يجب التقشف " .

شيطان النسك

الصوم لمرضاة الله وليس للمجد الباطل :

وقال أيضاً أنبا باسيلوس : " لما شاهدت قوما أماتوا أجسادهم بالنسك مدحتهم، لأنى رأيت ضبط الهوى قاهراً للشياطين، إذا كان مبنياً على ناموس الرب. ولما رأيتهم بعد ذلك كاذبين حلافين، سألتهم قائلاً: " إذا كنتم عاملين بوصايا الناس، فأهتموا أولا بوصايا الرب، وتجنبوا الكذب، واليمين والحنث، وباقي ما نهى عنه ، وتوعد بالعقاب عليه، ، فلما لم يقبلوا مشورتى، بأن لى أن الذي يعاونه، إنما هو من أجل تمجيد الناس، لأن ضبط الهوى يحتاج إلى تعب كثير، وترك الكذب واليمين لا يحتاج إلا إلى تأمل فقط" .

أقوال بعض الأباء في النسك

الصوم :

+ قال أنبا تيموثاؤس " من يهتم بجسده بشهوة أكل وشرب، فهو يقيم عليه الحرب ، ويقاتل نفسه بنفسه " .

+ قال شيخ : لا تشبع خبزاً ، ولا تشته شراباً " .

+ قال مار أفرام : " خبز وملح مع سكوت وراحة، أفضل من أطعمة شريفة مع هموم وأحزان " .

+ قال شيخ : " أرفع الصلاح كله أن يمسك الإنسان بطنه ولسانه ".

+ وقال شيح أحر : " شاب يتنزه دفعات كثيرة ، قد صار سيفا لنفسه وحده.

+ وقال أنبا موسى الأسود : " أعلم يقيناً أن كل إنسان ويشرب بلا ضابط ويجب أباطيل هذا العالم فإنه لا يستطيع أن ينال شيئاً من الصلاح بل ولن يدركه، لكنه يخدع نفسه " .

+ وقال أيضاً : إذا قاتلتك الشياطين بالأكل والشرب واللبس فارفض كل ذلك منهم وبين لهم حقارة ذاتك فينصرفوا عنك " .

العفــة :

+ قال الآباء : " حيث يكون شرب النبيذ أو النظر إلى الصبيان فلا حاجة هناك إلى شيطان " .

+ قال شيخ : " أن أنت اتبعت المسكنة والضيقة والأمساك فأنك تحيا " .

+ وقال أنبا أبرام : " أذا أمسك الإنسان بالضيقة فهو ينمو وينظر جميع قوات الله وجميع حسناته " .

+ وحدث مرة أن سأل أخ الأب دوروثيئوس قائلاً : كيف أحفظ قلبى ؟

فقال له : " أنك لا يمكنك أن تحفظ قلبك ، مادام فمك وبطنك مفتوحين " .

النــسك "

+ من قول بعض الشيوخ : سألنا أنبا أنانية أن يقول لنا كلمة فقال لنا : " عليك بالمسكنة والأمساك ، لأني كنت في برية مصر في شبابي، وحدث أن أشتكى أحد الآباء بطحاله، فطلب جرعة خل، فلم يجد في تلك البرية كلها، وكان فيخا ثلاثة آلاف راهب، فشكى حالة لأحد الشيوخ الذي أمر بأحضار قليل من الماء، ثم قام وصلى عليه ورسم باسم الآب والأبن والروح القدس، ودهن به الطحال، فزال الوجع لوقته برحمة السيد المسيح" .

+ زاد مرة رهبان من الاسقيط الأم سارة، فقدمت لهم طعاماً، فتركوت الجيد وأكلوا من الدون ، فقالت : " بالحقيقة أنكم استقيطيون" .

+ قال أحد الأخوة : مضيت مرة إلى الأب مقاريوس بالنهار ظهراً، وقد عطشت لدرجة كبيرة جداً، فطلبت منه قليلاً من الماء لكي أشرب، فقال لى : " يكفيك ذلك الظل الذي أنت واقف فيه ، لأن كثيرين الأن يسلكون في المسالك والوهاد في العراء، لا يحدون ظلاً مثل هذا " ، فسألته بعد ذلك أن يقول لى كلمة عن النسك. فقال لى "قو قلبك يا أبنى فأني أقمت عشرين سنة لم أشبع من خبز ولا من ماء، ولا من نوم، وكنت آكل خبزى بقانون أما من جهة النوم فأني كنت أستند إلى الحائط واختطف يسيراً منه".

1- الطعام (المأكل)

+ قال القديس أنطونيوس : كل خبزك بسكينة وهدوء وأمساك، أياك والشره فأنه يطرد خوف الله من القلب ، والحياء من الوجه ، ويجعل أصحابه ماسورا من الشهوات يضل العقل عن معرفة الله . أجعل لك مرة واحدة في النهار للقيام بحاجة الجسد لا للشهوة، ولا تأكل حتى تشبع .

+ قال القديس باخوميوس : الأكل بقدر ليس خطية، وإنما هزيمة الرهبان هى أن تسود عليهم الحنجرة ويتعبدوا للشهوة. فاحفظ نفسك من الأمتلاء بالطعام، لأن الطريق المؤدية كربة واباب ضيق والامتلاء يجعلك خارج الجنة .

+ قال مار أسحق :

+ جالس الضباع ولا تجالس الشره الذي لا يكتفي .

+ التحدث مع الخنايزير ذات الحماة ، أفضل من فم الأكولين .

+ لا تخاصم ولا تماحك من أجل البطن .

+ قال أحد الشيوخ : أن المحب لله لا يحفظ ملاذ الأطعمة " .

+ قال شيخ : يا حتجرانى، يا من تطلب أن تملأ جوفك، الأجود لك أن تلقى فيه جمر نار من أن تتناول أطعمة الرؤساء .

+ قال آخر : " الذي يأكل كثيراً ويقوم عن المائدة أفضل من الذي يأكل قليلاً ويبطئ أمام المائدة حتى يشبع " .

+ وقال أيضاً : " ويح لشاب يملأ بطنه ويصنع هواه ، لأن رهبانيته ، وتلميذته، وكل تعبه ، يكون باطلاً " .

+ كذلك قيل : " أن كانت شهوتك عالمية، فهذه أيضاً شهوة الكلاب والخنازير، أعنى بذلك البطن والزنا. أما أن كانت شهوتك بالله ، فهذه هي شهوة الملائكة " .

+ ومرة سأل أخ الأب صيصوي عن تدبير ما ، فأجابه الشيخ قائلاً : " أن دانيال النبي قال : خبز شهوة ما أكلت " .

+ وقيل أيضاً أن شيخا كان يأكل أثناء عمله ، فسئل عن ذلك فقال : " أنى لا أؤثر أن أجعل الطعام عملاً أتفرغ له ، حتى لا تحسن نفسى بثلذذ في الطعام ".

+ قال القديس برصنوفيوس : أن أمساك البطن هو أن تقلل من شبعك قليلاً، وأن كان عليك قتال فاترك قليلاً أكثر " .

سؤال : " كيف أقدر أن أمسك بطني وأن أكل دون حاجتي ، لأني لا أستطيع صبراً ؟ " .

الجواب : ليس أحد يفلت من هذا الامر، إلا الذي قد بلغ إلى مقدار ذلك الذي قال: " أني نسيت أكل خبزي من صوت تنهدي، وقد لصق لحمي بعظمي .. فمن كانت حالته هكذا ، فإنه يأتي بسرعة إلى قلة الطعام لأن دموعه تصير له مثل الخبز، ويبدأ إذ ذاك أن يتغذي من نعمة الروح القدس. صدقني يا أخي، أني أعرف أنسناً يعلم الرب أنه قد بلغ إلى هذا المقدار الذي ذكرت، حتى أنه كان لا يأكل في كل أسبوع مرة أو مرتين، وكان مراراً كثيرة يسبى في النظر الروحاني، ومن حلاوة ذلك كان ينسى أكل الطعام المحسوس، وكان إذا أراد أن يأكل يشعر كأنه شبعان، ولا يجد لذة للطعام، وكان يأكل بدون شهوة، لأنه كان يشتهى أن يكون دائماً مع الله ، وكان يقول : " أين نحن " .

+ قال الأخ السائل : " أنا أطلب اليك يا أبي أن توضح لى قوة هذا الامر ، وكيف يصير الإنسان إلى ما ذكرت، فأني أجهل ذلك، وإذا أنا بدأت أقلل طعامي، فما يدعنى الضعف حتى أعود إلى المقدار الاول، وأنت قلت لى أن الذي يبلغ إلى المقدار الذي قيل فيه : " أن لحمى لصف بعظمي من صوت تنهدي " يصير إلى قلة الطعام، فبين لى هذا الأمر " .

+ قال الشيخ : " هذا هو التصاق اللحم بالعظم ، أن تصير جميع أعضاء الإنسان ملتصقة، إلى أن تكون أفكار الإنسان كلها فكراً واحداً بالله، عند ذلك يلتصق الجسداني ويصير بوحانياً، ويلحق الجسد بالفكر الإلهي، وحينئذ يصير الفرح الروحاني ، في القلب ، يغذى النفس ويضبع الجسد، ويقوى كلاهما حتى لا يكون فهما ضعف ولا ملل، لأن ربنا يسوع المسيح إذ ذاك يكون الوسيط ويوقف الإنسان بالقرب من الأبواب التى ليس داخلها حزن ولا وجع ولا تنهد ، وحينئذ يتم القول : " حيث يكون كنزك ، فهناك يكون قلبك " ، فالذي يبلغ إلى هذا المقدار قد أقتنى الاتضاع الكامل ليسوع المسيح ربنا.

2- الشرب (المشرب)

+ قال أنبا موسى الأسود: " لا تحب الخمر لئلا يحرمك من رضى الرب".

+ قال أنبا أغانون : " من بذل نفسه لشرب الخمر لا يمكنه أن يخلص من شر الأفكار وقبح الأعمال. فأن لوطا لما أمتلأ من السكر وقع في مجامعه قبيحة مغايرة للناموس الطبيعي " .

+ قال أنبا أبرام " أهرب من المشارب ، ولا تدخل المجالس لئلا تصير زانيا خلوا من أمرأة الساكنك" .

+ قال بعض الأباء : " لا تقتن أناء يزيد عن حاجتك حتى ولا (سكرجة) واحدة ، والا فعليك أن تجيب عما فضل عنك " .

+ سؤال : " أن الزمنى أخر أن أشرب معه قدحا من النبيذ في قلايته فهل جيد لى أن أذهب معه ؟ .

الجواب : أهرب من شرب الخمر، تسلم سلامة الغزال من المواهق ، وذلك لأن كثيرين بسبب هذا الأمر ، أندفعوا إلى السقوط بالأفكار " .

+ سأل أخ الأب تستاريوس : " أن وجدت وقتاما ، وأكلت ثلاث خبزات فهل هذا كثير؟ " فقال له : " هل أنت في البيدر يا أخي ؟! " قال له أيضاً : " وأن أنا شربت ثلاثة أقداح خمر ، فهل هذا كثير ؟ " أجابه أيضاً قائلاً : " أن لم يكن هناك شيطان فإنها ليست كثيرة. أما أن كان فهي كثيرة، لأن الخمر مضر جداً للرهبان لاسيما الشبان ومنهم" .

+ كان أخ مقاتلاً بالزنى ، فسأل شيخاً أن يبتهل في أمرة لكيلا يقهره الشيطان، فسأل الشيخ الله في أمره سبعة أيام وبعدها سأل الأخ عن حاله فقال له : " لم يخف القتال بعد" فتعجب الشيخ لذلك، وإذا بالشيطان قد ظهر له قائلاً: " أما أنا، فمنذ اليوم الأول في أبتهالك إلى الله بشأنه ، أنصرفت عنه، أنما هو يقاتل ذاته وحده ، لأنه يأكل ويشرب وينام كثيراً " .

3- الثياب ( الملبس )

+ قال أنبا أغاثون : " أن رداء الراهب هو علامة عدم وجود الشر " .

+ وقال مار أسحق : " شيطان الزنى يرصد ثوب الراهب ، هل يلبسه باستمرار، أو يغيره عند التقائه بآخر، لأن هذا هو مفتاح الزنى " .

+ وقال أيضاً مخاطباً الأخوة : " أنآباءنا كانوا يلبسون خرقا موصولة قديمة، وأغطية عتيقة، أما الآن فلباسنا ثياب غالية الثمن. أمضوا من ههنا فقد أفسدتم ما كان ههنا " .

ولما كانوا عتيدين أن يمضوا إلى الحصاد قال لهم : " لن أوصيكم بشئ لأنكم لا تحفظون شيئاً " .

+ وقال بعض الآباء : " لا يكن لك في قلايتك ثوبا زائدا عن حاتجتك ولست في احتياج إليه، لأن هذا هو موتك، لأن هناك قوما آخرين غيرك، يؤلمهم البرد، هم أبر منك وأحق، وأنت الأثيم عندك ما يفضل عنك. ثوباً جديداً لا تلبس، لأن هذا يمنع من النوح " .

وقد أعتاد أنبا أسحق قس القلالى أن يقول :

+ أن أنبا بموا كان يقول : " أن طريقة لبس الراهب ومظهره يجب أن تكون رثة بحيث إذا القيت خارج القلاية لمدة ثلاثة أيام لا يحملها أحد " .

+ وجاء أحد الأخوة في إحدى المناسبات الى كنيسة القلالى وهو مرتد غطاء الرأس يتدلى على كتفيه، وعندما رآه أنبا أسحق تبعه قائلاً :" هنا يعيش رهبان، ولكنك رجل العالم فليس لك مكان للعيش هنا " .

4- المال

+ قال أحد الشيوخ : " أن المحب لله لا يحفظ مالاً " .

+ وقال بعض الآباء : " لا تقتن ذهباً في كل حياتك والا فما يهتم الله بك، وأن اتاك أحد بذهب ، وكنت صحتاجا، فالنفقة في قوتك، وأن لم تكن محتاجاً. فلا بت عندك " .

+ تأهل أحد الشيوخ لمواهب الله ، وذاع صيت فضله فاستدعاه الملك لينال بركة صلاته ، فلما تناقس معه وافقتع وحضر له مالا ، فقبله الشيخ وعاد به إلى قلايته، وبدأ في تنظيفها وتعميرها، فجاءه مجنون (بروح نجلس) فقال له حسب عادته: " أخرج من خليقة الله " فقال له الشيطان : " لن أطيعك فقال الشيخ: " ولم؟" فأجابه : " لأنك صرت واحدا من خدامنا أذ تركت عنك الاهتمام بالله ، واشغلت ذاتك بالاهتمام بالأرضيات .

+ سأل أخ شيخاً : " هل تحب يا أبي أحس لنفسي دنانير فتكون عندى لئلا يصيبني مرض؟ " فلما رأي الشيخ أن فكرة قد هوى أمساك الدنانير، قال له : "نعم" ، فلما مضى ، أزعجته أفكاره قائلة له : " أترى بحق قال لك الشيخ أم لا؟" ثم قام أيضاً ورجع إلى الشيخ وطلب اليه قائلاً : " من اجل الله ، قل لى الحق ، لأن أفكاري تحرنني جداً من أجل الدنانير" فقال له الشيخ : " أني لما أبصرت أنك تحب أمساك الدنانير، قلت لك أمسك أكثر من حاجتك، أما أن أمسكت بالدنانير، فسوف يكون رجاؤك عليها، فأن هي نفذت، فأن الله لن يهتم بك ولن يعينك " .

+ وقيل أن شيخاً راهباً أصيب بمرض الجذام، فأحضر له أحد المسيحيين مالا وقال له : " انفق هذا المال على نفسك في حال كبرك ومرضك" ، فأجابه الشيخ وقال : " أتريد أن تفقدني في ساعة واحدة ما قد تعبت في أقتنائه منذ بدء حياتى حتى هذه الساعة ؟ " وهكذا لم يقبل منه شيئاً .

+ وجاء عن أنبا مقاريوس الاسكندراني أنه لم يكن في جنبيه أيه محبة للمال. وحدث مرة حين جاء لصوص إلى قلايته ليلا وأخذوا ما وجدوه فيها، أنه لاحظ ما يعملون فساعدهم فيه ثم سهل لهم طريقة حمل ما أخذوا إلى خارج الصحراء.

5- القنيـــة

+ قال أنبا موسى الأسود : " محبة المقتنيات تزعج العقل ، والزهد فيها بمنحة استنارة " .

+ قال القديس انطونيوس : " لا تبق لك أكثر من حاجتك ولا تدفع أكثر من طاقتك " .

+ قال أنبا أغاثون : " أن محبة المقتنيات متعبة جداً تؤدي إلى نهاية مريرة لأنها تسبب أضطراباً شديداً جداً للنفس فسبيلنا أن نطردها منذ البدء أنها أن أزمنت فينا صار أقتلاعها صعباً " .

+ " أن كنت مشتاقا إلى ملك السماء فاترك غنى العالم " .

+ قال مار اسحق :

" ألتمس فهما لا ذهبا واقتن سلامة لا ملكاً " .

" المرتبط بالمقتنيات والملذات فهو عبد للأوجاع الذميمة".

" لا يعتبر عدك حكيما ذاك الذي من أجل الحياة في هذا العالم يستعيده فكرة للأرضيات. كل الملذات والشرور التى تعرض للجسد لتكن شبه أحلام، لأنه ليس بموت الجسد فقط تنحل منها بل كثيراً ما يمكنك رفضها والهروب منها قبل الموت. فأن كان لك منها شئ مشترك في نفسك فاعلم أنه مكنوز لك إلى الأبد. لأنها تذهب معك إلى العالم العتيد.. فأن كان ما أكتنزته من الصالحات فافرح واشكر الله في قلبك وأما أن كان ما أكتنزته من الطالحات الرديئات فاحزن وتنهد واطلب الابتعاد عنها مادمت في الجسد " .

+ وقيل عن با مقاريوس : " إنه كان يوصى تلاميذه بأن لا يقتنوا مقتنيات البته " . وكان يخاطبهم بقوله : " إن الراهب له جبة مع أنه لا يساوى عند نفسه جبة " .

+ وقال بعض الآباء : " أن شئت أن تمتلك النوح ، فاجتهد أن تكون أوانيك وكل امتعتك مسكينة فقيرة، مثل الأخوة الشحاذين ، إذا أقتنيت كتاباً فلا تنمق في تجليده ولا تزينه وبالأجمال ليكن جميع ما هو لك مما لا تتألم على فقدانه . ثيابك وحذاؤك وكل أوانيك لتكن هكذا حتى لو جاء قوم ليسر قوها، لا يرضون بها ولا يعجبهم شئ منها .

+ وقال أحد الآباء لراهب له مقتنيات :

" لقد سمى الراهب متوحدا لأنه أصبح يعيش وحده، لا يمتلك شيئاً ، فأن كان له ملك يجار عليه ويظلم فيه، أو يجور هو ويظلم ، فليس هو أذن براهب ، لأن نواميس الملوك لا تسلم بأن يحاكم الرهبان في مجالس أحكامهم، لأنهم قد ماتوا عن العالم ، ولذلك فقد عدم كل عفو ذلك الراهب الذى يدخل نفسه في مجالس الحكام لأجل شئ يظلم فيه أو يجار عليه " .

+ وقال الشيخ : " من لا يستطيع أن يبغض المقتنيات ، فلن يقدر أن يبغض نفسه حسب الوصية المسيحية " .

وسئلت القديسة المغبوطة سفرنيكى مرة أن كان عدم الاقتناء صلاحاً كاملاً: فأجابت بأن ذلك هو حد الصلاح لمن أمكنهم ذلك ، لأن الذين يصبرون على عدم الاقتناء يكون لهم حزن بالجسم ، ونياح بالروح، وهدوء في أنفسهم، كمثل الثياب الجلد التى تداس بشدة وتقلب وتغسل فتنظف، هكذا أيضاً النفس المتشددة بالفقر، فأنها تتشدد وتنظف " .

+ وكذلك قال شيخ : " أنه هوى شيطانى للراهب أن يحتفظ لديه بقوت قليل، ذلك يدخر مالا حاجة به اليه، أما الصديق فإنه يلقى على الرب همه ، وبغير هم يفرق، من أجل ذلك فيد الرب مفتوحة قدامه وهي ممتلئة، فيأخذ ويعطى بسذاجة بغير فكر. من يحفظ شيئاً زائداً لينيح به المحتاجين فهو حكيم بحق. من أجل هذا إذ تفرغ يده ، تجدها تمتلئ كل ساعة، لأنه إذا أعطى ، فله أن يأخذ أيضاً. من ينيح آخر في ضيقته، له هو أيضاً من يهبه نياح الحياة " .

+ مرة سأل أخ أنبا سرابيون قائلاً : " قل لى كلمة " فقال الشيخ : " وماذا تريد بسماع الكلمة وقد أخذت قوت الفقراء وتركته في هذه الكوة . وذلك لأنه أبضرها مملوؤة كتباً .

+ وكان الأب تادرس الفرمى يقتنى ثلاثة أناجيل ثمينة جداً فذهب إلى
أبا ماقريوس وقال له : " عندي يا أبي ثلاثة كتب، وأنا انتفع منها، والأخوة كذلك يتعيرونها وينتفعون منها . فأخبرنى الآن ماذا يتبغى أن أصنع؟ [ هل استبقيها لمنفعتي ومنفعة الأخوة، ام أبيعها وافرق ثمنها على المساكين ؟ ] .

فأجاب الشيخ قائلاً : " أن أعمال الرهبنة جميلة، ولكن أعظمها جميعاً هو الفقر الاختياري" . ولما سمع الأب تادرس هذه الكلمات ، مضى وباع الكتب وأعطى ثمنها للفقراء .

+ ورجل مدبر ، تصدق بماله ، وأمسك بعضه لقلة ايمانه واتى الى الأب أنطونيوس وسجد له قائلاً : " علمني كيف أخلص " . قال له الشيخ : " هل تريد أن تكون راهباً ؟ أن أردت أن تخلص فأصنع ما أقوله لك أولاً : " أمضى إلى القرية واشتر لحما وانزع ثيابك وعاقه في رقبته وتعال " . فأطاع الشيخ ، واشترى اللحم ، وخلع صيابه ، وحمله على رقبته ، فلم يبق طير ولا كلب في تلك القرية ، إلا واجتمعوا عليه، فنهشه الطير وجرح جسمه، فلما بلغ القديس على هذه الحال، قال له : " مرحبا يا ابن الطاعة ، اعلم يا ابنى انى قلت لك أن تصنع هذا كى أعطيك مثالاً ، فأن كثيرين من الناس إذا سمعوا الوصايا لا يحفظونها، وآخرون ينسونها لقلة الحسن، ولذلك أمرتك بهذا ليكون كلامي فيك ذا أثر لأجل ألم الوجع، فأن أصحاب قلة الحس لا تنفع فيهم الموهبة شيئاً فلهذا المعنى يا أبنى اسست فيك آثاراً لوصيتى . فإذا قد تنقى حقلك من شوك الغفلة، فلنبذر فيك الزرع المقدس .

أرأيت يا أبني كيف نهشت الطيور والكلاب جسمك وجرحته، كذلك تنهش الشياطين وتجرح أصحاب القنية ، فأفهم الآن هذا الكلام في عقلك وتفكر به كل أيام حياتك، وأياك يا أبني أن تجعل لك اتكالاً على المال ، بل أتكل على المسيح ، فاذهب الآن وفرق جميع ما أبقيت له من المال، حتى تكون يا حبيبي رهبانيتك صافية من الغش، لأنه ضار بالراهب أن يبقى في قلايته ديناراً وشيطاناً" ، وبعد أن دعمه بالكلام أخذ قليلاً من الزيت وصلى عليه ودهنه ، وللوقن شفى كأنه لم تصبه جراح ولا ألم قط ، وذهب وهو مسرور يسبح الله .

6- الرقاد

+ قال شيخ " أن لم يتم الشباب وهو جالس ، مادامت له استطاعة في جسده، فإنه عاجز مقصر، وكل شاب يرقد عل ظهره ولو قليلاً، فإنه يوقظ الاوجاع المهينة في جسده، وأي شاب يحب الراحة والنياح ، فإنه لا يفلت من الخطية، كذلك الشاب الكسلان لا يقتنى شيئاً من الحسنات " .

7- نياح الجسد

+ قال أنبا أغاثون : " ألزم التعب هاهنا، ولا تكف عن البكاء "

+ وقال أنبا يوسف : " نحن معشر أخوة هذا الزمان نأكل وننيح الجسد من أجل هذا لا ننمو مثل آبائنا، لأن آباءنا كانوا يبغضون جميع نياح الجسد، ويحبون كل الضيقات من أجل الله ، ولهذا اقتربوا إلى الله الحي " .

+ وقال شيخ : " أن الراهب الذي يعرف موضعاً فيه منفعة لنفسه، وكانت جوائح الجسد في ذلك الموضع عسيرة، ولهذا السبب يمتنع عن الذهاب إلى ذلك المواضع، فإن ذلك الإنسان ليس فيه إيمان بالله .

+ وقال آخر : " كما أن حمار المسكين لكونه لا يجد قوتاً ليشبع به ، يصبح هزيلاً ضعيفاً فتنطفئ منه شهوة الطبيعة، وإذ ركبه صاحبه، سار به ذليلاً سهل الأنقياد بسبب ضعفه، هكذا الراهب الذي يقمع جسده بنقص القوت ورداءه الملبس، فإن الشهوة العالمية تنطفئ من جسده، ونفسه تتضع بلا افتخار " .

+ وقال القديس موسى الأسود : " نسك النفس هو بغض التنعم ونسك الجسد هو العوز " .

(ب) حياة التجرد

+ قال القديس ارسانيوس : " أن الراهب غريب في أرض غريبة ، فإذا أراد أن يجد راحة، فعليه أن لا يشغل نفسه بأي شئ فيها " .

+ وقال أنبا يعقوب : " أن الغربة أفضل من إضافة الغرباء ".

+ وقال القديس مقاريوس : " كمثل إنسان إذا دخل الحمام أن لم يخلع عنه ثيابه لا ينعم بالاستحمام، كذلك الإنسان الذي أقدم على الرهبنة ولم يتعر أولا من كل اهتمام العالم وجميع شهواته وملذاته فلن يستطيع أن يصير راهباً ولن يبلغ حد الفضيلة، ولن يمكنه كذلك أن يقف قباله جميع سهام العدو التى هى شهوات النفس"

+ سأل سبعة من الأخوة أنبا ارسانيوس يوماً :

" ما هو عمل الرهبان ؟ " فأجاب أنه حين جاء إلى ذلك المكان ليسكن فيه سأل ذات السؤال لشيخين فقالا له : " أتثق بنا ؟ " فلما قال : "نعم" قالا له: " أذهب وكل ما رأيتنا نعمل اعمله أنت ايضاً " وسأله الأخوة : " وماذا كان عملهما أيها الأب؟" فقال الشيخ : " إن أحدهما أقتنى التواضع والأخر أقتنى الطاعة" فقالوا له: "وما عملك أنت ؟ " فرد عليهم : " فيما يتعلق بمشيئتي وعقلي أنه لأمر عظيم أن يجرد الإنسان نفسه من الارتباط بأي أمر" .

وهكذا انتفع الأخوة وانصرفوا فرحين ممجدين الله .

+ سأل القديس مقاريوس الاسكندري القديس أرسانيوس :

هل حسن للإنسان ألا يكون له أي شئ يتمتع به بالكلية في قلايته؟ لأني أعرف أخا كان عنده بعض أعشاب الحدائق في قلايته ولكى يمنع نفسه من التمتع بها اقتلعها من جذورها، فقال القديس أرسانيوس له: "هذا حسن ولكن على كل إنسان أن يعمل ما يستطيع عمله وإذا لم يكن لديه القوة ليثبت في هذا فإنه ربما يزرع غيرها فيما بعد ويتمتع بها " .

+ وقال أنبا أغاثون عن أنبا بيمين :

أنه في مرة صنع خمسين مكيالا من حبوب القمح إلى خبز لحاجات المجتمع، ووضعها في الشمس ولكن قبل أن تجف رأي في المكان أمراً ضايقه، فقال للأخوة الذين كانوا معه : " أنهضوا وهيا بنا نمض من ههنا " فحزنوا جداً ولما رأى أنهم أغتموا قال لهم : " هل تضايقتهم بسبب الخبز ؟ لقد شاهدت بالحقيقة رهباناً يهربون ويهجرون قلاليهم بالرغم من أنها مبيضة جيداً وكانت تحوي دواليب مملوءة من الكتب المقدسة، وكتب الخدمة، ولم يغلقوا حتى أبواب الدواليب بل رحلوا تاركين أياها مفتوحة " .

1- الراهب والعالم

+ سئل نار اسحق : " ما هو العالم ؟ "

أجاب : " أن العالم هو تجربة العالم ، العالم هو أن نكمل أرادة الجسد، العالم هو أن يفتخر الإنسان بالأشياء التى تمضي ويتركها، أذن، فلنجاهد يا أخوتي حتى نلبس لباس الفضيلة، لئلا نلقى خارجاً، لأن الرب لا يأخذ بالوجوه" .

+ وقال أنبا أفرام : " لأي شئ رفضت العالم أن كنت تطلب نياح العالم، للضيق دعاك الله الكلمة ، فكيف تطلب نياحاً . للعرى دعاك ، فكيف تتزين بالرداءة ؟ .. للعطش دعاك فكيف تشرب خمراً ؟ " .

+ وقال أحد الشيوخ : " إذا كان الراهب حريصا مجاهداً، فأن الله يطلب منه ألا يرتبط بشئ من أمور هذه الدنيا، لئلا يشغله ذلك عن ذكر ربه، وعليه أن يطلب اليه بلجاجة وبكاء ليغفر الله خطاياه " .

+ وقال شيخ : " كل من ذاق حلاوة المسكنة، فإنه يستثقل توبه الذي يلبسه وكوز الماء الذي يشرب به، لأن عقله قد أشتغل بالروحانيات، فإذا ما أرتبط الراهب بالدنيا وما فيها، وصنع هواه، فأن جميع تعبه يضيع سدى " .

+ وقال أنبا أبللوا : " لتكن عندكم هذه علامة عظيمة للنجاح متى أقتنيتم عدم الشهوة لشئ ما من أمور العالم، لان هذا هو فاتحة جميع مواهب الله " .

+ وقال ما سحق : " كل إنسان تدبيره ردئ ، حياة هذا العالم عنده شهية ويلي ذلك قليل المعرفة " .

+ وقال شيخ : " ينبغي ألا نرغب في نياح هذا العالم لئلا يقال لنا : قد أخذت خيراتم في حياتك " .

+ وقال أيضاً مار اسحق : " من يهرب من سبح العالم بمعرفة يكتنز في نفسه رجاء العالم العتيد .. والذي يفر من نياح الدنيا قد أدرك بعقله السعادة الأبدية ".

+ وقال القديس مقاريوس : " أن محبى المسيح الذين أرادوه قد تركوا نعيم الدنيا ولذاتها وصارت منزلة العالم عندهم كمزلة العويد الصغير فلم يتألموا على فقد شئ منه " .

+ حدث أن شيخاً مغبوطاً أخذ عامودا صغيراً وخيطا صغيراً وقال : "من ذا الذي يغتم على فقد هذه الأشياء الحقيرة ويحقد بسببها أن كان عاقلاً، لعمرى، أن من استبصر في قدر هذا العالم الزائل كله فلن يعتبره سوى اعتباره لهذه الأشياء الحقيرة، ومع هذا أقول أنه لن يضر الإنسان أن يكون له أشفاق على شئ ويأسف على فقده فقط، بل وعلى جسمه الذي هو أكرن من كل ما يمتلكه عنده، لأننا قد أمرنا أن نتهاون بأنفسنا وأجسادنا، فكم يجب علينا على أكثر لحالات أن نتهاون بما هو خارج عنا .

+ قال مار أفرام : " أن أعظم الناس قدرا من لا يبالى بالدنيا، في يد من كانت؟ " .

+ وقال أيضاً : " أزهد في الدنيا بحبك الله ، وأزهد فيما بين أيدي الناس بحبك الناس " .

+ قال أحد القديسين : " النفس تشتهي أن تخلص ، ألا أنها مشتبكة بالأشياء لباطلة، وعند أشتغالها بالأمور الدنياوية، يصعب عليها تعب الأخره، حتى أنها لا تقدر على أن تصلب على وجهها بغير طياشة، فصلاة كهذه ليست لها قوة فعالة، ولكنها قد صارت عادة " .

+ وقال شيخ : " كما ان عينى الخنزير تنظران إلى الأرض ولا يرفعهما، كذلك كل من أحبت نفسه اللذات العالمية، بصعوبة برفع عقله إلى الله، ويهتم بشئ مما رضيه " .

+ وقال أنبا مقاريوس : " إذا حسبت التحقير كالاكرام، واللوم كالمديح والفقر كالثراء فإنك لا تموت " .

+ سأل أخ شيخاً قائلاً : " لماذا إذا أنا مشيت في البرية أكون مرتعباً خائفاً؟ فقل له الشيخ : " ذلك لأنك لا زلت حيا في أمور الدنيا " .

+ وقال مار اسحق : " كن ميتاً بالحياة ، لا حيا بالموت " .

+ وقال أيضاً : " أبتعد عن العالم ، وحينئذ تحس بنتانته، لأنك أن لم تبتعد عنه، لن تحس برائحته الكريهة " .

+ سئل مرة : "ما هو العالم ؟ وكيف نعرفه؟ وما هو مقدار معزته لمحبته؟.

+ فأجاب : " أن العالم هو تلك الزانية التى بشهوة حسنها تجذب الناظرين إليها إلى حبها. والمقتضى بعشقه والمتثبت به، لا يقدر أن يتخلص منه حتى تفنى حياته ، فإذا ما عراه من كل شئ وأخرجه من منزله يوم موته، حينئذ يعرف الإنسان في ذلك اليوم أنه خداع وسراب مضل، حتى إذا ما جد الإنسان في الخروج من هذا العالم المظلم فإنه لن يستطيع الخلاص من حبائله ما دام هو منغمساً فيه " .

2- الراهب والقنية

متاع الدنيا – الخسران الجسداني – الأمر البشرية "

+ قال شيخ : " أن الله لا يشاء أن يكون الراهب الحريص المجاهد بالحقيقة مرتبطاً البتة بشيء من متاع هذه الدنيا ، حتي ولا ابرة صغيرة ، لئلا تفضل فكره عن ذكر ربنا يسوع المسيح / وتشغله عن الالجاج ( المثابرة ) في التوبة عن خطاياه ، كل انسان قد ذاق حلاوة المسكنة ، يستثقل الثوب الذي يلبسه ، والكوز الذي يشرب فيه الماء ، لأن عقله قد اشتغل باشياء اخري روحانية ، الذي يبغض بعد متاع الدنيا ، كيف يقدر ان يبغض نفسه / كما قال السيد ؟ "

+ وقال آخر : " علامة طرح العالم هي عدم اضطراب الانسان بشيء اموره ، وقد يوجد انسان يتهاون بمال كثير ، وكن بسبب ابرة ولمحبته لها ينزعج بما لا يزعجه ضياع جملة اموال كثيرة ، وتقول له تلك الابرة مقام وثن فيتعبد لها بأكثر مما يتعبد للاسكيم الكبير ، فمن هذه صورته ، ليس عبدا لله ، وانعم بما قاله احد الفلاسفة : " إذا كان عدد مواليك كعدد اسقام نفسك ، فكفي بذلك شقاء لها وبؤسا " . وقد قال بطرس الرسول : " فما انقهر له الانسان فله يكون عبدا " وقال أيضا : " أن النفس تريد الخلاص لكن لمحبتها الأشياء الباطلة وانشغالها بها ، تهرب من الاتعاب ، أما الوصايا الحقيقية فأنها تحفظها متثاقلة بخلاف السيئات التي هي رديئة وخبيثة " .

+ وقال ايضاً : " أن قائلاً قال لى : يا معلم، أن الوصايا التى أمرنا بها كثقير، وربما يظلم عقلى، فلا أدرى أيها أحفظ؟ . فقلت له: لا يزعجك هذا ، لكن أعلم أنك متى كان لك عدم تأسف على الأشياء، فقد سهل عليك أحكام الفضيلة، فلا تعتن بالأمور البشرية، لتعتق من العالم " .

+ قال مار أفرام : " أن تعاونت بالأشياء البالية، تنال الأشياء التى لا تبلى،ليكن عقلنا إلى فوق، لأننا بعد مدة يسيرة نتصرف من ههنا، فالأشياء التى جمعناها ، لمن تكون ؟ " .

+ قال أنبا أوعريس : " الذي ليست له محبة للقنية له حياة بلا أهتمام ، أما المحب القنية ، فله منغص في قلبه ، الذى هو الاهتمام " .

+ سأل أخ شيخاً قائلاً : " قل لى شيئاً أحفظه ؟ " فقال له : " أحفظ التعبير والسب ، وأصبر على التحقير والضعف الجسداني " .

+ قال القديس ابيفانيوس عند خروج نفسه :

" لا تحبوا متاع الدنيا فتستريحوا وتفرحوا في الأخرة، تحفظوا من لذات العالم ، فلا يقوم عليك وجع الشيطان ".

+ وقال أحد الشيوخ لتلاميذه عند خروج نفسه :

" لا تشتهوا متاع الدنيا، فتزدادوا متعاً كثيراً " .

+ وقال أنبا أغاثون :

" أن الإنسان الذي يأسف على فقدان شئ منه فهو ليس بكامل بعد ، فإن كنا قد أمرنا ان نرفض أنفسنا وأجسادنا فكم بالحرى المقتنيات " .

" أن الشياطين تحترق، وترتاع عندما ترى إنساناً قد شتم أو أهين أو خسر شيئاً ولم يغتم بل أحتمل بصبر وجلد ، أو إذا رأوه غير متلفت إلى الأشياء ، ولا آسف عليها إذا فقدت، لأنها تعتقد وتعلم بأنت يمشى على الأرض بغير هوى أرضى وأنه قد سلك في طريق الله " .

+ قيل أن أنبا مقاريوس الاسكندري كانم متغيباً عن قلايته فدخلها لص. ولما عاد الأب، وجد اللص يضع كل محتوياتها على جمل، فدخل الأب القلاية وحمل أشياء أخرى وسلمها للص. ولما أراد اللص أن يقيم الجمل رفض الحيوان أن يتحرك. وهنا دخل أبا مقاريوس القلاية وحمل قفة كانت متروكة ووضعها على الجمل وقال للص أن الحيوان يرفض أن يقوم حتى يحمل هذه أيضاً . وصاح القديس بالجمل، فنهض، ولكنه بعد أن سار مسافة قصيرة، برك ورفض أن ينهض حتى أنزل ما عليه .

+ أتى شيخ إلى قلايته ، فوجد لصا يسرقها ، فقال له : " أسرع قبل أن يأتي الأخوة فيمنعونا من تكميل الوصية " .

+ سأل أخ أنبا تادرس قائلاً : " أنى أريد أن أتمم الوصايا " ، فقال له الشيخ: "حدث أن كان الباب ثاوفيلس البطريرك في البرية، فقال: أني أريد أن أكمل فكري مع الله. فأخذ دقيقاً وصنعه خبزاً، فأتاه مساكين يطلبون شيئاً، فأعطاهم الخبز، ثم طلب منه آخرون، فأعطاهم الزنابيل، وطلب منه غيرهم، فأعطاهم الثوب الذي كان يلبسه، ودخل القلاية ملفوفاً في وزرة (خرقة) ومع كل ذلك، فإنه كان يلوم ذاته قائلاً : " أنى ما أتممت وصية الله " .

+ قال أنبا زوسيما :

" أنى بينما كنت في الدير بمدينة صور ، جاءنا رجل شيخ فاضل، وبينما كما نقرأ فصولاً مما قاله الشيوخ، لأن الطوباوي كان يحب قراءتها دائماً، ولذلك استثمر منها الفضيلة، واتفق أننا وصلنا في قراءتنا إلى خبر ذلك الشيخ، الذي طرق بابه اللصوص وقالوا له : " إننا جئنا لنأخذ جميع ما في قلايتك " فقال لهم: "خذوا ما شئتم أيها الأبناء" فلما أخذوا جميع ما وجدوه ، مضوا بعد أن نسوا مخلاة، فأخذها الشيخ وجرى وراءهم صارخاً قائلاً : " أيها البنون ، خذوا منى ما قد نسيتموه في القلاية " فتعجبوا من سذاجة الشيخ ، وأعادوا إليه سائر ما أخذوه، وندموا قائلين بعضهم لبعض: "بالحقيقة أن هذا الإنسان رجل الله" ، ففي قراءتنا هذا الفصل، قال لى الشيخ : "هل علمت يا أبانا أن هذا الفصل قد نفعنى منفعة كبيرة؟ " فقلت له : " وكيف نفعك أيها الأب ؟" فقال لى : " لما كنت في نواحى الأردن، قرأته، وعجبت من الشيخ، وقلت في نفسى: يارب أهلنى لأن أسلك في سبيله، يا من أهلتنى لأن ألبس زيه. ولما كان هذا بشوق منى، فقد حدث بعد يومين، أن جائني لصوص، فلما قرعوا الباب، وعلمت بأنهم لصوص، قلت في نفس: المجد للرب، ها قد جاءني الوقت لأزهر ثمرة شوقي. ففتحت لهم واستقبلتهم ببشاشة وأوقدت السراج، وبدأت أريهم ما في القلاية قائلاً لهم : لا تقلقوا ثقتي بالله، أني سوف لا أخفى عنكم شيئاً . فقالوا لى : ألك ذهب ؟ قلت : نعم ، لدى 3 دنانير، وفتحت القفة قدامهم فأخذوا وانصرفوا بسلام " .

أما أنا فقد تباحثت مع الشيخ وقلت له : " ألم يعودوا كأولئك الذين طرقوا باب ذلك الشيخ ؟ " فقال لى بسرعة : " لا يغفل الله عن ذلك، لأني ولا هذا أشتهيت. أعنى رجوعهم" وقال : "ها شوق الشيخ، فماذا منحه وماذا أعطاه؟ أنه ليس فقط لم يحزن، ولكنه يفرح بالحرى، كمن استحق هذه الموهبة، وقال مرات كثيرة: "أننا في مسيس الحاجة إلى استيقاظ مثير، وعقل غزير ، تقابل به فنون الشيطان، لأنه يسبب لنا الإنزعاج من لا شئ، ومرات يسبب حجة واجبة، كمن قد حرد موضعه، فهذا الأمر غريب جداً، واجابنى عن المشتاقين إلى سلوك طريق الله، حسبما يقول القديس مقاريوس: "الجرد غريب عن طبقة الرهبان، كما أن الحزن أيضاً غريب عن طريقة الرهبان" .

+ وقال : " أنني في وقت ما، استحسنت كتاباً عند أحد النساك المهرة (في النسخ)، وبعد أن فرغ من نسخه، أرسل يقول لى : " ها قد فرغت من نسخة، متى تشاء أن أرسله لتأخذه؟ " فلما سمع أحد الأخوة ذلك، مضى باسمى إلى الناسخ، ودفع له دنانير عن نسخة واخذه، ولم أمن أنا عارفاً بذلك ، فأرسلت أخا من أخوتى ومعه دنانير، وكتبت إلى الناسخ ليسلمع الكتاب، فلما تحقق الناسخ أنه قد لعب به وخدعه، ذلك الذي سبق فأخذه، أنزعج لذلك، وقال: "ها أنا ماضي إليه لأوبخه أولاً، لأنه فرر بى، وأخذ ما ليس له " .

فلما سمعت بذلك أرسلت إليه أقول له : " أنت تعلم يا أخى أننا نقتني الكتب لكى نتعلم المسكنة، والمحبة، والوداعة، فإذا كانت فاتحة اقتناء الكتب بحرد وخصومة، فلا أريد أقتناءه، ولن أحارب أحداً، أو أخاصمه بسبب ذلك، لأن الخصومة والمنازعة لا تليق بعبيد الله، وها أنا قد طرحت عنى أمر هذا الكتاب، فلا تقلق الأخ بسببه بالكلية " .

ولما تذكرت حال الشيخ الذي كان الأخ جاره يسرق ما يجده له ، وانه علم ذلك ولم يوبخه، بل صار يعمل أمثر مما سبق وعمل قائلاً :" ربما يكون الأخ محتاجاً" ، تعجبت من تحنن القديسين، وتذكرت الشيخ الذي سرقت آبنته، ولما وجدها في قلاية الأخ، أحتشم واختفى إلى أن خباها الأخ وسترها. ولما ضبط الأخ من الوالى، مضى الشيخ ولاطف الوالى، حتى أخرجه من الحبس.

+ وقيل عن هذا الشيخ أيضاً : أنه مضى وقتا ما إلى السوق ليبتاع له توباً، فدفع ثمنه دينارا واحداً، وأخه ووضعه تحته ، إلى أن يتمم عدد الدراهم الباقية من ثمنه، ثم بعد السداد يلبسه، فعبر به من أراد أخذ الثوب، وأحس الشيخ بذلك ، فتحنن على آخذه، وتنحى في جلسته قليلاً عن الثوب الذي تحته، حتى أخذ الثوب ومضى دون أن يوبخه الشيخ على ذلك .

+ وقال الطوباوي : " كم كانت تضحيته بالأوعية التى تضيع بالثوب ولكن مروءته كانت عظيمة، لأنه أظهر بما فعله، أنها في حال كونها له، كانت كأنها ليست له، وكذلك لما أخذت منه، بقى غير مغموم عليها، ولم ينزعج لضياعها. لذلك أقول: " ليس أمتلاكما الشئ مؤديا، ولكن ميلنا وانصبابنا إلى أمتلاكه، هو المؤذى.. فمثل هذا لو كان له كل العالم لكان حاله كحال من لم يمتلكه، لأنه أزهر بتصرفه، أنه معتوق من كل الأشياء " .

+ وقال : " أن الشياطين متى أبصروا أنساناً غير ماثل، ولا منصب إلى الأمور ، فلا يحزن لفقدها ، حينئذ يعلمون أن هذا الإنسان يمشى على الأرض وليس له هو أرضى، وذلك يرجع إلى الميول والحركات الخاصة بالنيات والإرادات لأنه يمكن لإرادة وحركة صادرة عن نية واحدة إذا كانت شديدة الحرارة، أن تقدم لله ساعة واحدة، ما لا تقدمه حركة نية أخرى غي خمسين سنة".

+ وقيل أيضاً : أن إنساناً تاجراً ، خبيراً بالفصوص والخرز، عارفاً بجوهر الؤلؤء، ركب في سفينة مع غلمانه، وكانت معه جواهر وأشياء أخرى غالية وصثمينة، وكان في السفينة عدة نواتية .

وكان بين النواتية صبى حسن ، هادئ الحركة ، هذا شكاً لذلك التأجر بأنه يبغض صناعة البحر، كما يبغض معاشرة رفقته، لما هم عليه من العادات والطباع الذميمة.

ثم قال له التاجر : " لا يضيق عليك الأمر، فإذا سهلت طريقنا بمعونة الرب، وصعدنا من هذه السفينة، أخذتك معى، واعتنيت بمصالحك" فطاب قلب الصبى بالكلام " .

وحدث في بعض الأيام أن تشاور النواتية فيما بينهم على أن يقذفوا بالتاجر وبغلمانه إلى البحر، من أجل ما معه من المال، فلما أعلموا ذلك الصبى الذي كان صديقاً لذلك التاجر، أسرع وأخبره بما تشاوروا عليه، فقال له التاجر "هل أنت متحقق من ذلك ؟ " قال له : " نعم " .

حينئذ قام الجواهرى بسرعة، واستدعى غلمانه وقال لهم : كل ما أمركم به أفعلوه بسرعة ، لأنه أن تهاونتم فسوف أموت أنا وسوف تموتون أنتم أيضاً . ثم بسط أزارا في وسط المركب، وقال لهم : هاتوا ربوات الجواهر كلها . فقدموها إليه، ففتحها وأفرغها قدام كل من في المركب، وبدأ يقول : " هذا عدوى، وأنا أشفق عليه، هذا قاتلى، وأنا أحبه هذا مبعدى من الحياتين فما أنتفاعى به، أحملوا معى" فحملوه معه، وبسرعة طرح جميع الجواهر البحر، فلما رأى الملاحون ذلك تحيروا في أمرهم، وانحلت مشورتهم، ثم أصبح يتصدق منهم الخبز، فالملاحون لما أبصروه على تلك الحال رحموه وبدأ هو يقول : "أشكرك يا رب، لأنك أنهضتنى لخلاص نفسى وجسدى اليوم زالت عنى قسوى القلب، وربحت تلك النفوس الهالكة، أولئك الذين بهمى قلوبهم تشاوروا، وبسببى طلبوا أن يسكنوا الجحيم المخلد " .

3- الراهب والصدقة

+ قال الأب زينون :

" أن الراهب الذي يأخذ صدقة، سوف يعطى حسايا عنها" .

+ وقال شيخ :

" المرائي بالمسكنة ويخدع بها الرحومين، ليأخذ منهم شيئاً في خفية هو خاطف ظالم، لأنه أخذ بالرياء بغير وجه حق، وما كان وقفا على المساكن أخذه هو"..

+ قال أنبا أفراطس "

" أن شاء أن أحيا فهو يعلم كيف يسوس أمرى، وأن لم يشأ فما لى وللحياة". وكان يأبى أن يأخذ من أحد شيئاً، وإذ مات مقعداً ملقى على فراشه كان يقول:
"أن أخذت من أحد شيئاً ، فليس لى ما اكافئه به" .

+ قيل : حدث يوما أن جاء إلى الاسقيط إنسان غنى عاد من غربة وأعطى لكل راهب ديناراً صدقة، كما أرسل بركة لبعض الملازمين قلاليهم، فرأى أحدهم في تلك الليلة حقلاً مملوء أشواكا وانسانا يقول له : " أخرج ونظف حقل من أعطاك الأجرة " فلما قام باكراً ، أرسل الدينار لصاحبه قائلاً له : "خذ دينارك، لأنه ليست لى قوة على اقتلاع أشواك غيرى. باليتنى أستطيع اقتلاع شواك حقلى فحسب " .

4- الراهب واحياة البساطة

+ قال شيخ :-

أنى لما كنت في البريى الداخلية، كان بالقرب منى شاب راهب مهتم لخلاص نفسه، فرأيته مصلياً مسالما للوحوش، يأنس إليها كما تأنس هي إليه، وبعد الصلاة كانت هناك ضبعة ترضع صغارها ، فتقدم ذلك الراهب لشاب وطرح نفسه وابتداأ يرتضع مع صغارها .

ومرة أخرى رأيته مصلياً وهو يسأل الله أن يؤهله ويعطيه نعمه أن يصالح نار ولا تضره. ثم أضرم ناراً عظيمة وسجد في وسطها على ركبتيه، وكان المصلى الله فيها .
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:21 PM   رقم المشاركة : ( 26 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,779

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

الطاعة

+ قال الأب ايرايس :

" أن الطاعة فخر الراهب، فمن اقتناها يسمع الله صوته، ويقف أمام المصلوب رب المجد بدالة، لأن إلهنا من أجل طاعته لأبيه صلب عنا " .

+ وقالت القديسة سفرنيكي :

" إذا كما في الكنونيون فأننا نختار الطاعة على النسك لأن ذلك يعلم التعاظم، وتلك تعلم التواضع، فيجب علينا ألا نطلب ما يصلح شأننا ولا نتعبد بشيئاتنا الخاصة، بل علينا أن نطيع ما يامرنا به ذلك الذي بالأمانة نستودعه سراً"

+ وقال القديس برصنوفيوس :

" الذين يريدون أن يسلكوا طريقا ما ، أن لم يسيروا مع من يريهم الطريق مع بدايتها إلى نهايتها، لن يستطيعوا الوصول إلى المدينة، فأن لم يترك التلميذ رغباته خلفه ، ويخضع في كل شئ ويتضع، لن يبلغ مدينة السلام. أما الذي لا يفعل رغباته ولا يلاجج بكلمة فأنه يستريح "

+ وقال القديس أنطونيوس :

" الطاعة والمسكنة يخضعان الوحوش لنا " .

(أ) طاعة الله

+ قال القديس باسيليوس :

" درب جسدك على طلعة نفسك، ودرب نفسك على طاعة الله " .

+ وقال أنبا أنطونيوس :

" أن حدثك أخ بأفكار فأحذر أن تظهرها لأحد، بل صل عنه وعنك كى تخلصا معا . أن أمرت بشئ يوافق مشيئة الله فاحفظه وأن أمرت بما يخالف الوصايا فقل أن الطاعة لله أولى من الطاعة للناس. واذكر قول الرب: أن خرافى تعرف صوتى وتتبعنى وما تتبع الغريب " .

+ وقال أخ لشيخ : " لست قادراً على إتمام الطاعة الكاملة " ، فقال له : "أعمل بقدر قوتك ، وأنا أؤمن أن الله يحسبك مع من يكمل الطاعة، وقد قال :
" لا تختنق إذا سقطت ، بل أنهض وتب " ، فقد قال سليمات الحكيم : أن الصديق إذا سقط سبع مرات في اليوم فهو يقوم " .

(ب) طاعة المرشد الروحي

+ قال راهب :

" أن الذي يجلس في طاعة أب روحاني لهو أكثر جراءة وأقل خطراً من ذاك الذي يجلس منفرداً في الوحدة والسكون " .

+ قال القديس انطونيوس :

" لا تكن قليل السمع لئلا تكون وعاء لجميع الشرور فضع في قلبك أن تسمع لأبيك فتحل بركة الله عليك " .

+ وقال القديس باخوميوس :

" أسمع يا ولدى وكن أديبا وأقبل التعليم . أحب الذي يؤديك بخوف الله كن مطيعا مثل اسحق الذي يسمع لأبيه ويطيعه كخروف ساذج القلب " .

+ أخبر أب أنه أبصر أربع مراتب مرتفعة في السماء :

الأولى : مريض صابر شاكر لله .

الثانية : صحيح يضيف الغرباء وينيح الضعفاء .

الثالثة : منفرد في البرية مجتهد .

الرابعة : تلميذ ملازم لطاعة أبيه من أجل الله ، ووجد أن مرتبة التلميذ اسمى من المراتب من المراتب الثلاثة الأخرى، وزعم أنه سأل الذي أراه ذلك قائلاً: " كيف صار هذا هكذا وهو أصغرهم فأصبح أكبرهم مرتبة؟" فقال :"أن مل واحد منهم يعمل الخير بهواه وأما هذا فقد قطع هواه لله، وأطاع معلمه، والطاعة لأجل الله أفضل الفضائل .

+ وقال أنبا دانيال :

استدعانى مرة أنبا أرسانيوس وقال لى : " كن في صلح مع أبيك حتى عندما يذهب إلى سيدنا يشفع أمامه فيك ويكون لك خير " .

+ " من كان بلا مدبر لا تكون له سلامة " الدرجى

+ قال القديس أنطونيوس :

ينبغى للراهب الشاب أن يستشير الشيوخ قبل كل خطوة يخطوها في قلايته وقبل كل نقطة ماء يشربها .. لأني رأيت رهبانا كثيرين بعد أن تعبوا كثيراً – وقعوا في دهشة عقل لأنهم توكلوا على معرفتهم فقط. إذ لم يصفوا إلى الوصية القائلة . " أسأل أباك فيخبرك ومشايخك فيقولوا لك " .

+ لا تقم بعمل من الأعمال الا بعد استشارة أب الدير .

+ لا تتحدث بجميع أفكارك لجميع الناس ألا للذين لهم قوة على خلاص نفسك لئلا تكون عشرة .

+ قال شيخ :

" حدث أن انسانا شريفاً فرق جميع ماله وأطلق عبيده وزهد في الدنيا، ألا أنه صار متوكلاً على نفسه وحده، مرشداً لذاته، ولم يرد أن يكون تابعاً لغيره، متعلماً ممن هم أقدم منه، فوقع في نجاسات شنيعة وكاد يهلك، لولا أن مراحم الله أسرعت إليه بالتوبة فتعلم – بالخبرة – أن التواضع أفضل وأعظم من كل الأعمال والفضائل" .

بركة الطاعة للمرشد الروحي

كان رجل علمانى معه أبن فطيم ، فذهب إلى الأسقيط وطالت مدته، فلما كبر الصبى ونشأ رهبنه، وحدث بعد رهبنته بقليل أن بدأ الشياطين يحركون فيه الشهوة الرديئة ، فقال لأبيه : " أنى ماض من هنا إلى العالم ، لأني لست قادرا على أن أصبر على هذا القتال الصعب" ، أما أبوه فكان يهديه ويطلب إليه ألا يمضي ، ولكن الشاب كان يعود إليه ويقول : " يا أبي، لست قادراً على أن أقيم ههنا ، أتركني أمضى" ، فقال له أبوه : " أطعنى يا ابنى هذه المرة فقط ، خذ معك ثمانين خبزة، وخذ كذلك من الخوص ما يكفي لعملك مدة 40 يوماً ، وأمضى إلى البرية الداخلية، وأقم هناك إلى أن تفرغ من خبزك وعملك وبعد ذلك لتكن مشيئة الله " . فأطاعه الحدث، ودخل إلى البرية الداخلية، وأقام بها يتعب ويضفر الخوص ويأكل خبزا يابساً ، فلما أتم 20 يوما ظهر له الشيطان الذي كان يقاتله في صورة شعة منتنة الرائحة، قذرة جداً لدرجة أنه لم يستطع أن يطيق رائحة نتنها. فبدأ الشاب يطردها، فقالت : " لم تطردني الآم ؟ ألست أنا التى كنت أنت تشتهينى؟ ألست أنا التى أزرع في قلوب الناس الأفكار، وأملأهم شهوة، وأسقطهم في الزنى؟ أما أنت فمن أجل أنك أطعت أباك ، فأن الله لم يتركنى أخذعك وأسقطك في الهلاك، ولكنه نظر إلى خضوعك وأظهر لك رائحة نتنى بغير هواى " .

فشكر الشاب الله ، وقام من ساعته وعاد إلى أبيه ، وقال له: " ليست أريد أن أمضى إلى العالم بعد يا أبى، لأنى قد رأيت العدو وتاففت من رائحته" ، وكان أبوه قد أعلن له ذلك، فقال له : " لو أنك صبرت يا بنى لكمال 40 يوماً، وحفظت تمام وصيتى، لكنت رأيت أكثر من ذلك " .

+ أعترف من أجل سلامتك ، واقطع أهوية قلبك ،

فالمعترف في الأكثر يستريح من القتال ،

وبغير أعتراف وطاعة لا يخلص الخطاة .. " الدرجى

+ قال شيخ :

" لا تكتم أفكارك الشريرة وخطاياك القديمة، فأن وجد الشيطان فيك هوى واحدا مكتوما، ففيه يطرحك، لأن الشيطان ليست له قوة أن يجر أنساناً إلى فعل الخطية ، ولكنه إذا أبصر هواه مائلاً إلى شئ من الخطية ، ففيه يطرحه ، فأن رآه متحفظاً يستشير في أموره كلها ، ويطع لما يشار به عليه، فلا يقوى عليه في شئ بالجملة " وكان يقول : " لست أعرف للراهب سقطة إلا إذا صنع رغابته، فإذا نظرت راهبا قد سقط، فاعلم أنه وقع بهواه، لأنه فعل برأي نفسه " .

قال بعض الأخوة لشيخ من الرهبان :

" يا أبى، أنى أطلب إلى الشيوخ فيكلموننى فيما هو لخلا نفسى، ولكنى لست عاملاً بشئ مما يقولون لى فما الذي أنتفع به من هذا الأمر، وأنا مملئ من الشرور" . وكان عند الشيخ كوزان فارغان، فقال له الشيخ : " أحضر أحد هذين الكوزين وصب فيه ماء وخضخضه " فجعله الشيخ يغسل الكوز مرات كثيرة ثم قال له : " ضعه عند الكوز الآخر " ، ففعل ، وبعد ساعة قال له : " أحضر الكوزين معا، وانظر أي الكوزين أنقى" فقال له الأخ : "الذي صببنا فيه الماء النقي" ، قال له الشيخ : " كذلك تكون نفس من يسأل الشيوخ ولا يعمل بما يقولونه أنقى من نفس من لا يسأل ولا يعمل معاً " .

+ " أختبر مرشدك أولا بحكمة وتجربة لئلا تقع عند مريض بدل الطبيب"

الدرجى

+ قال أنبا قسيانوس :

" أن أنبا موسى أوصانا بألا نكتم أفكارنا بل نكشفها لمشايخ روحانيين لهم معرفة وتمييز، وليس لمن طال عمره ، وشاب شعره، لأن كثيرين قصدوا أهل كبر السن وكشفوا لهم عن أفكارهم ، وحيث أنه لم يكن عندهم معرفة فعوض العلاج طرحوهم في اليأس ، وهذا ما حدث لأخ من البارزين في الجهاد إذ أنه لا تأذى بالزنى نتيجة كثرة القتال الواقع عليه، ذهب إلى أحد الشيوخ، وكشف له أفكاره، وكأن الشيخ عادما، فضجر منه وقال : " أيها النقي إذ قد تدنست حواسك بهذه الأفكار فعلى أي شئ تتكل ؟ " فلما سمع الأخ قوله ، حزن جداً ويئس من خلاصه، وترك قلايته ، ومضى قاصداً العالم، ولكن حدث بتدبير من الله أن التقي به شيخ آخر، فلما رآه عابسا مضطربا سأله عن حالة قائلاً : " ماذا بك يا ولدى؟" فقال له الآخ : "يا أبى أنى تأذيت بأفكار الزنى ، فمضيت إلى الشيخ فلان، وكشفت له أمري: فبحسب جوابه ليس لى رجاء في الخلاص " .

فلما سمع الشيخ قوله، أخذ يسكن من روعه ويشجعه وابتدأ يعيد إلى نفسه الرجاء في التوبة. قائلا: " لا يغمك هذا الكلا . ولا تيأس نفسك من الخلاص، فها أنا بالرغم مما بلغته من هذا السن وهذه الشيبة، كثيرا ما أتأذى بهذه الأفكار، فلا تحزن من هذا الأشتغال الذي لا يبلغ جهادنا فيه مقدار ما يأتينا رحمة الله ومعونته، لكن هب لى يومك هذا وأرجع إلى فلايتك" ، فأطاع الأخ ورجع إلى قلايته، أما الشيخ الذي رده إلى قلايته، فأتى إلى قلاية ذلك الشيخ الذي قاده إلى اليأس ووقف خارجها وسأل الله بدموع كثيرة قائلاً : " أما أطلب إليك يا ربى وإلهى أن تصرف هذا القتال عن هذا الأخ ، وتسلطه على هذا الشيخ الذي قاده إلى اليأس، وذلك ليجرب في شيخوخته ويتعلم في كبر سنه ما لم يتعلمه في طول زمانه، ليشعر بأوجاع المجاهدين المقاتلين فيتوجع لوجعهم، وبذلك يحصل على منفعة نفسه".

فلما أتم الشيخ صلاته، نظر فإذا بجيش واقف قرب قلاية الشيخ وهو يصوب نحوه سهاما ويجرحه، وإذا بالشيخ يقوم لساعته سكرانا، وخرج من قلايته، واندفع يجول من هنا إلى هناك، ولم يحتمل الوقوف على قدميه، ولا أستطاع العودة إلى قلايته، فسلك الطريق التى سلكها الشاب الذي قطع منه رجاء التوبة مريداً أن يعود إلى العالم، فلما علم الشيخ المختبر بما عزم عليه الشيخ الآخر استقبله وقال له :

" إلى أين أنت ذاهب أيها الأب ، وما سبب هذا الأضطراب الذي اضطرك للخروج من قلايتك ؟ " ، أما هو فتوهم أن الشيخ قد عرف بحاله، ومن الخجل لم يرد عليه جواباً ، فقال له ذاك : " أرجع إلى قلايتك ، ومن الآن كن عارفاً لضعفك، وأعلم بأن إلى هذه الغاية لم تجرب بعد، أما لأن الشيطان كان غافلاً عنك، أو لاستهانته بك، لم يتجرد لقتالك، ولذلك نجوت ، وها قد ظهر الأن أنك غير أهل لأن تعد من المجاهدين، لأنك لم تقدر أن تصارع يوماً واحداً فما أصابك اليوم كان نتيجة لتصرفك مع ذلك الشاب الذي أتاك، وقد أذاه عدونا كلنا، فبدلاً من أن تعينه تشجعه، القيته في اليأس ، ولم تفكر فيما قاله الكتاب : : خلصوا المسوقين إلى الموت ، شجعوا صغيرى الأنفس " .

ولم تذكر أنه مكتوب عن سيدك : " قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ " ، فمن اليوم واظل على الصلاة والدعاء، ليصرف الله عنك هذه الضربة التى أصابتك، لأنه قال : " أنا أضرب وأنا أشفي. وأنا أميت، وأنا أحيي" ، وهو الذي يحذر إلى الجحيم ويصعد. ولما قال القديس هذا، صلى إلى الله فانصرف عن ذلك الشيخ ما كان قد نزل به من القتال، ووعظه قائلاً : "يجب أن تسأل الله في كل وقت أن يعطيك لسان أدب لتعرف ماذا ينبغى أن تقوله في وقته".

" من بعد دخولك في طاعة أبيك

لا تفتشه ولا تدينه ولا تستبدله

بل ليكن لك فيه أمانة " الدرجى

+ قال أخ :

" قلت لتلميذ أنبا بفنوتيوس تلميذ الأب مقاريوس الكبير : " قل لى يا أبي كلمة أحياها " فقال لى : أحفظ القناة التى تجرى إلى مزرعتك" ، فقلت له : كيف أحفظها ؟ " قال : " إذا لم تسكن مع فلاح فمن أبن لك أن تعرف ما تشتمل عليه الفلاحة من حرث وبذر وحفظ وسقى وحصاد وغيره ؟ " .

قلت أيضاً : " وما معنى هذا ؟ " قال : " إذا لم تسكن مع شيخ مجرب كي يعلمك الرهبنة ، فمن أين تتعلمها ؟ فلو انتقلت من مكان إلى مكان ، أو أنفردت وحدك ، أو صرت أبا قبل أن تستأهل لذلك من قبل الله ، فانك تقيم كل زمانك وأنت لا تعرف كيف تحصد ثمر الفضيلة، بل تضيع الزرع الذي هو تعليم طريق الله ، فيجب عليك أن تسكن مع شيخ حتى تنال منه البركة الأخيرة، مثل اليشع الذي ثبت مع إيليا حتى رفع إلى السماء ، فلما باركه تضاعفت عليه روحه.

ومثل تلميذي الأنبا انطونيوس اللذين سكنا مع الشيخ حتى طرح الجسد ، وباركهما البركة الأخيرة فحل عليهما روح الله وصارا راعيين صالحين .

ومثل يوحنا الذي سكن مع " أنبا بموا " أبيه حتى فارق جسده ، فسلمه للشيوخ قائلاً : " هذا ملاك وليس بانسان " .

وكمثل يوحنا تلميذ " أنبا بلا " الذي أطاع أباه فأحضر الضبعة مربوطة.

ومثل تلميذ آخر لشيخ كان يمشى مع متوحد حتى وصلا إلى شاطئ نهر فيه تماسيح، فعبر التلميذ المطيع بينها ، وما أستطاع المتوحد العبور ، حتى أن الشيوخ في ذلك الوقت قالوا : " أن التلميذ بطاعته صار أعلى من المتوحد " .

ومثل تلميذ آخر كات طائما لمقاريوس، هذا كان قد أرسله أبوه إلى مصر فلما وقع في تجربة، صرخ بصوت عظيم قائلاً : " يا إله أبي خاصني" ، فمن ساعته وجد نفسه يمشى في طريق الاسقيط .

وقد كتب : " أبذر وقت الصباح، ولا تبطل زرعك إلى وقت المساء " ومعناه: " الصلاح الذي بدأت به داوم عليه إلى وقت وفاتك " .

وانظر إلى الذين تركوا آباءهم ماذا أصابهم ، فعيسو لما ترك والده واختلط بالأمم المبذولة رذله الله، وجيحزى لما لم يطع اليشع أصابه البرص، والتلاميذ .

فها أنا قد أخبرتك بطريق الحياة والموت، فأن دخلت من الباب الضيق الذي هو طاعتك لأبيك أوصلك ذلك إلى الحياة الأبدية، وأن مشيت في الطريق الواسع الذي هو أهوية قلبك أدى بك إلى الهلاك " .

فقلت له : " يا أبتاه ، اقد أتى بعض الأخوة إلى أبي، ولست قادراً على السكنى معهم" . فقال لى : " لو كان فيك اتضاع ، لاستقطعت السكنى مع الوحوش فكم بالحرى مع الأخوة؟ واسمع قول داود النبي : " هوذا ما أحسن وما أحلى أن يسكن الأخوة معاً " .

فقلت له : " أنى اشاء أن أصير شهيداً" . فقال لى : " أن خالفت أباك فسوف تتعب ولن تصير شهيداً " . فقد حدث شيخاً قال لتلميذه في زمن الأضطهاد : " يا أبني ، أن كان لك أشتياق أن تصير شهيداً فأذهب" ، أما الأخ فبالرغم من اشتياقه إلى ذلك ، إلا أنه لم يطع رغبته ، ولم يمض ، بل قال : " لو صرت فوق رتبه الشهداء ، فبركتك لى كل يوم هي أفضل يا أبي " ، فلما رأى الله إيمانه في أبيه خاطبه بالصوت قائلاً : " لأنك أطلعت أباك ، ها أنا أعطيك أكليل الشهداء جاعلاً رتبتك في مصاف جماعة القديسين" أما الذين تركوا آباءهم في الرب قائلين: "أننا نتوحد ونصوم ونهرب من الناس" فانخدعوا بذلك الشيطان ولم يصنعوا لا وحدة ولا صوماً ولا هروباً من الناس، بل تنقلوا بين الإديرة والمدن والقرى، وزخرفوا ملابسهم، وفرح بهم الشيطان وهزأ بهم لأنهم قبلوا خداعه " .

فقلت له : " لقد ربحت منك كثيراً يا أبي وأريد أن أسكن معك بقية حياتي" فقال لى : " أحى أبوك بعد ؟ " قلت : " نعم " ، فقال لى : " هذا عدم أدب ، لأن من كان لا أب له فأني أقبله ، أما أنت فلا ، لئلا تصبح وقد أفسدت بنوتك وأكون أنا قد بلبلت قانون الرهبنة، فآباؤنا قد كانوا يحفظون ضمير بعضهم بعضاً ، وبغير طاعة لم ينجح أحد " .

فقلت له : " يا أبي ماذا أصنع حتى أكمل الطاعة ؟ ، قال : " أسمع، سمعت أنا عن رجعلين، أعطى لكل منهما سبعة فدادين قمح ليحصدها في يوم واحد، فلما نظر أحدهما الفدادين قال :

" من من الناس يقدر أن يحصد هذه كلها في يوم واحد ؟ " .

وإذ قال ذلك مضى ولم يحصد شيئاً، أما الآخر فقال : "على أن أعمل بقدر قوتى، ولا أوقف الحصاد" . فمن من الأثنين أرضى سيده ؟ " ؟

فقلت : " الذي عمل بكل قوته طبعاً " .

قال لى : " أذن أمضى أنت وأعمل بكل قوتك ، وأنا أؤمن أنك تحسب مع الذين أكملوا الطاعة في الملكوت " .

ثم قال : " أن الحروف الثابت في الخطيرة محروس، اما الذي يترك حظيرته ويذهب إلى قطيع آخر فإنه يبقى وحشيا، ولن يسلم من ذئب أو لص، وهكذا الراهب الذي يترك ديره، إذ يشبه أيضاً حماراً، وكل من يجده يركبه ، حتى إذا عقر لن يوجد له صاحب ثابت يعتنى به فيهلك من الجوع والتعب والجراح. هكذا تكون حال الراهب إذا ترك ديره وأباه وأخوته، وسكن عند آخرين، فانهم يرسلونه إلى هنا وهناك حتى يسقط في الزنى ويهلك ولا يجد من ينهضه فمن ذا الذي يترك العناية بأولاده ويهتم بأولاد غيره ؟ " .

ثم قال : " أن أبي قال لى : أن المفترقين يتعبدون كل واحد حسب هواه وارادته، وأما الذي يطيع أباه من أجل المسيح فهو أفضل، إذ يقطع مشيئته لله.

فقلت له يا أبي ، أن النجاسات التى يبذرها الشيطان في ، سواء أكملتها أم لم أكملها فأن العدو لا يتركنى أخبر أبى بها بسبب الاستيحاء " ، فقال لى : لا تطع عدوك بل أخبر أباك بجميعها حتى بأحلام الليل ، ولا تخف عنه شيئاً من أفكارك أن كنت مطيعا له في كل شئ من أجل الله ومؤمنا أنه يحسب عنك لطاعتك له ، وأما ما تخفيه عنه فسوف تحاسب أنت عنه كله " .

فقلت له : " هل لى أن أعرف شيخا آخر يطيب به قلبي إزاء نجاستي؟". قال: " إذا توفى أبوك وعين أخ ليصير بعده أبا للأخوة، فاتبعه لأن روح أبيك قد تضاعفت عليه مثل اليشع بعد مفارقة إيليا، ويشوع بعد موسى .. قد قال الآباء: "لا تخبر بجراحك غير أبيك الروحاني " ، وأن كان أبوك متوفي ، ولم يعين للأخوة أب، فأطلب لك أبا شيخاً قديساً كاملاً في أعماله قدام الله ، وأظهر له جميع أمراضك، فهو يصلى عليك فتعافى، وهذا واحد من ربوات، لأن الآباء قالوا: "لا تظهر خطايام لكل الناس ، لئلا تعثر كثيرين وتؤذي الضعفاء ، وأخيراً تعثر بهم، وبالاجمال ، فإن لم تضر بهم ، فأنك لن تنتفع منهم، فتضطر إلى أن تتقدم لغيرهم لتنتفع منهم وهكذا " ، ولكن كما كانت الأحكام الصغيره ترفع إلى الفهماء من شهب اسرائيل/ فيحكمون فيها، والأحكام الكبيرة والمسائل الصعبة ترفع إلى موسى فيحكم فيها، وما صعب عليه منها سأل الله في حكمه فيها، هكذا تصرف أنت ، فالأمور الصغيرة أخبر بها الفهماء من الأخوة، والأمور الصعبة أخبر بها الأب، وما صعب عليه منها فهو يسترشد من الله فيها .

واحذر أن تقول بقلة إيمان كلمة رديئة في أبيك وأخوتك لكي لا يمنعك الله من دخول أرض الميعاد ، وتحرم من أكل ثمرتها كما جرى مع شعب اسرائيل ومع موسى أبيهم ويشوع وكالب أخوتهم، وأنذر أنه لا يدخل أرض الميعاد منهم إلا هذان اللذان أطاعا أباهما، أما الذين رجعوا بقلوبهم إلى مصر، فقد ماتوا كلهم في البرية. فائبت أنت مع أبيك، مثل يشوع مع موسى، ليصير مثله نبياً صانعاً العجائب ، وأبا لأمة كبيرة ، ووارثاً لأرض الميعاد ، متمتعاً بثمراتها أنت وبنوك.

وقد قتل الله : " أكرم أباك وأمك ليطول عمرك ويحسن إليك"، وقال : من يقل كلمة رديئة في أبيه أو أمخ يهلك" ، فإذا كان هذا عن الأب الجسدانى فكم بالحرى الروحاني. فالذي يترك أباه ويسعى فيه، يشبه بوداس الذي ترك معلمه وأسلمه. كما أن الذي يهزأ بأبيه، فأنه يرث لعنة حام الذي ضحك على أبيه لما أنكشف ، وحرم من بركة سام ويافت اللذين ستراه " .

قلت : " يا أبي أن الشيطان يتعب الرهبان أكثر من أهل العالم " ، قال : "نعم ، مثل ملك يريد أن يطرد من مملكته قوما ويدخل عوضهم إليها، فلابد أذن أن يعادى الذين أخرجهم، أولئك الذين أبدلهم بهم، وأجلسهم على كراسيهم، ومهما قدروا على أتيانه من الشر بهم فعلوه، فالرهبان الآن يجاهدون في سبيل دخول هذه المملكة والجلوس على كراسيهم، فالشياطين إزاء ذلك، يقاتلون بالأكثر. فيجب عليك يا بنى أن تطيع وتتضع للآباء الروحانيين ، لئلا تسقط مثلهم (الشياطين) ، فأنهم بالعظمة والمعصية لأبي الأرواح، سقطوا وهلكوا " .

قلت له : " يا أبى لقد سمعت عن قوم أنهم يصومون يومين يومين وأربعة أربعة ، وستة وستة ، وتملأنى الغيرة فأود لو أصوم مثلهم " . فقال لى : "الذي صنع هكذا بغير مشورة ، فإن الشياطين يرفعونه بالأكثر ، وهكذا يخفضونه في أسفل سريعاً، فالذي يقوم بما يفوق قدرته يقتل جسده، وحينئذ ينكسر كالقوس، إذا زاد توترها أكثر من حدها " .

قلت : " وماذا أصنع أن شتمنى أخ ؟ " فقال : " أن المشتوم إذا احتمل ، ففرت له الخطية التى شتم بها وصارت على الشاتم ، مثل أن يقال " يا سارق ، يا كذاب .. " ، فقد جرى ذلك مجرى الاعتراف، فالمشتوم لما أظهرت خطيته سكت واحتمل فقد أعتبر كأنه أقر بها ودين عليها، أما الذي شتمه ، فقد تحمل وزرها لكونه دان أخاه بذكرها. مع أنه قد أمر بأن يظهر خطايا نفسه ، لكنه بالعكس أظهر خطايا غيره ، وقد قبل : " أنه من الجهالة أن يهتم الإنسان مرض غيره، ويترك الاهتمام بمرض نفسه، أو يترك ميته ويمضى ليبكى على بيت غيره، كما أنه من أعظم الجهالات أن يغفل أنسان عن خطيته، ويذكر خطية أخيه " .

+ سأل أخ شيخاً :

" يا أبي ، أن لى 25 سنة أخدم فيها شيخاً ، ولكنه قد أثقل على الآن ، ذلك فأني أريد أن أتركه " . فقال له الشيخ : " هوذا قد صار لك 25 سنة تحت شجرة الحياة ، وأنت تأكل من ثمرتها ، وتريد الآن أن تأكل من الزوان ، تترك خدمة الشيخ، لأن شجرة الحياة التى بها تعيش هي كلمة الله التى سمعها من أبيك ، والزوان هو أفكار أبليس ، تلك التى إذا قبلتها ، تجعلك غريباً من شجرة الحياة " .

أطلع مرسدك بلا تردد وبلا فحص .

+ الطاعة بلا تردد :

قيل عن القديس مرقس تلميذ الأب سلوانس أنه كانت له طاعة عظيمة، ما كان كاتباً. وكان الشيخ يحبه كثيراً من أجل طاعته. وإذا كان له أحد عشر حيذا آخرون ، فهؤلاء كانوت يحزنون بسبب حبه له أكثر منهم، فلما سمع الشيوخ ذلك جاءوا إليه ولاموه على ذلك. فما كان منه إلا أن أخذهم وخرج وقوع على قلايا قائلاً : " أيها الأخ هلم إلى فانى محتاج إليك " فلم يتبعه ولا واحد منهم وراء، وأخيرا جاء إلى قلاية مرفس وقرع الباب قائلاً : يا مرقس " فلما سمع صوت الشيخ وثب في الحال وخرج خارجاً ، فأرسله في خدمة . فقال للمشنح : أيها الآباء، أين باقي الأخوة؟" ثم دخل قلاية مرقس مفتشا فوجده كان يكتب وقت ندائه عليه، وقد بدأ بكتابا الأعداء الكبرى التى فيها ، فعند سماعه صوت الشيخ لم يرسل الفلم ليتمها فتركها فقط فلما رأوا ذلك كذا قالوا :

" بالصواب تحب هذا أيها الأب ، ونحن نحبه ، والله يحبه " .

وحيث في بعض الأوقات أن كان الأب سلوانى يمشى مع مشايخ في الاسقيط ومرقس معه ، فأبصر الشيخ خنزيرا بريا فقال لمرقس : " أترى يا ولدى هذا الوحش الصغير ؟ " قال : نعم يا معلم. قال الشيخ: " أنظر كيف أن قرونه. مستوية حسنة" قال له : نعم يا معلم. فتعجب الشيوخ من جوابه وانتفعوا من عدم مراجعته لمعلمه .

حدث مرة أن القديس أرسانيوس أوصى الكسندروس قائلاً : " إذا أنتهيت من عمل يديك هلم إلى لنفطر، ولكن إذا حضر غرباء فكل معهم ولا تحضر إلى" فبدأ الكسندر في عمله متأخرا ولما كان وقت الأكل لم يزل امامه بعض الخوص ليعمل فيه، ولكن لحفظه وصية الشيخ صبر ليتم شقه، ولما أبطأ ظن القديس ارسانيوس أنه تأخر بسبب بعض الأخوة الغرباء له ، وبعد أن أتم أبا الكسندر عمله حضر إلى الشيخ ، فقال له : " هل حضر عندك غرباء ؟ .. أجابه الكسندر : لا يا ابتاه . فقال له الشيخ : " فلم أبطأت ؟ " أجابه : " لأنك قلت لى إذا أكلمت شق الخوص تعال إلى فحفظا لقولك وبعدما أتممت عملى ، أتيت " فتعجب الشيخ من شدة طاعته وقال له : " هلم أسرع وقدم خدمة التسبيح والصلاة واشرب بعض الماء لأنك ما لم تفعل هذا عجلاً يحدث لجسدك أنحلال " .

المثابرة :

وقع أخ في بلية ، ومن الحزن أتلف عمل رهبانيته وإذ أراد أن يبدأ بالعمل نم الرأس كان يستثقل ذلك ويقول : " متى أبلغ إلى ما كنت فيه ؟ " وكان يضجر، وتصغر نفسه، فلا يقدر أن يبدأ بعمل الرهبنة مرة أخرى، وأخيراً ذهب إلى أحد الشيوخ وقص عليه أمره ، فلما رأي الشيخ حزنه ، ضرب مثلاُ قائلاً له : " كان إنسانا له بقيع ، فمن توانيه أمتلأ ذلك البقيع شوكا ، فلما أنتبه بعد ذلك ، وأراد أن ينقى ذلك البقيع من الشوك قال لابنه: " يا بنى أذهب الى البقيع ونقه واقلع شوكه"، فلما ذهب أبنه وأبصر كثرة الشوك سئم ومل، ونام، وبعد أيام كثيرة، أتاه أبوه لينظر ماذا عمل الغلام فلما رآه لم يعمل شيئاً قال له : "حتى الآن لم تنق شيئاً ؟" فقال الغلام " "أخبرك يا أبتاه، كلما عزمت بلى البدء في العمل، أبصر كثرة الشوك لأحزن، ومن كثرة الحزن كنت أضع رسى وأنام" .

فقال أبوه " لا يكون الأمر هكذا يا أبنى ، ولكن نق كل يوم قدر مفرشك فقط، قليلاً قليلاً" ، ففعل الغلام كما أمره أبوه، وداوم على ذلك حتى فرع الشوك من ذلك البقيع. وأنت كذلك يحبيبي، أبدأ بالعمل شيئاً فشيئاً ولا تضجر، الله بطيبة ونعمته يردك إلى سرتك الأولى " .

فذهب لك الأخ وعمل وصبر كما علمه الشيخ فوجد نياحا وأفلح .

ذكروا إذ كان في مدينة الاسكندرية هيكل خارج باب الشمس على اسم القديس سرابين، وكان فيه شيخ راهب مسكين بتصدق. وكان ينصرف مرة بعد الثالثة ومرة بعد الخامسة. فأبصره قيم الهيكل مدة طويلة. وانتفع بطريقة وتفكر أن يمضى خلفه ويعرف أين ذهب. وماذا يعمل .. فتبعه ولم يعلم الشيخ فرأه قد اشترى خبزة واحدة وقطعة جبن. ثم خرج إلى اهر المدينة إلى المقابر. ودخل في طافوس جديد، وعند دخوله لاحقه قيم الهيكل وسجد له قائلاً: من أجل الرب قل لى: من أنت ؟ لأجل محبة المسيح .. وما عملك ؟ !! فانتفع وتربح نفسى .

فقال الشيخ : وما هو عملى أنا الضعيف حتى تسأل عنه . وكيف خطر هذا ببالك أن تسألني عن عملى. فقال من أجل الرب لا تخف عنى أعمالك النيرة. فعلم الشيخ أنه لأبد من معرفة خبره فقال له : " أنى أجلس في هيكل سرابيون القديس وأجد فيه حاجة طعامى وأخرج إلى هذا الطافوس وأشتغل باقي نهارى بالبكاء على خطاياي " . فعمل مطانية وسأله قائلاً: " من أجل الرب أجلس في قلايتك مبتهلاً في أمرى وأنا أحظر لك كل يوم طعام يومك " . فقال له الشيخ بشرط أن تتركه خارج الباب وتنصرف، وأنا أعمل مرادك. فوافقه القيم على هذا .

فلما مكث القيم مدة يسيرة يعمل ما أمره الشيخ ، قرع بابه يوماً من الأيام وثبت خارج الباب حتى خرج له الشيخ . نجد له قائلاً : " من أجل الرب اجعلنى راهباً" ، فأدخله الشيخ عنده وخاطبه بمواعظ الرهبانية وعظم اسكيمها .

فلما قبلها رهبنه وصار عند الشيخ راهبا مقيما . واعاد الخروج على قديم عادته إلى ذلك الهيكل يجلس فيه يستجدى صدقة تقوم بحاجتهما ويشترى خبزتين وقطعتين من الجبن فأبصره رجل جندى محب للمسيح وكان يكثر الدخول إلى ذلك الهيكل، وتأمل تردده. وانتفع منه ولحقه ليعرف إلى أبن بمضى فلما عرف حاله سأله أن يقيم في قلايته . مصلياً عليه وعلى منزله وهو يحمل إليه قوته. فقال له الشيخ : " أننى أحتاج إلى خبزتين وقطعتى جبن كل يوم " . ولم يخبره أن قيم الكنيسة عندها .

فبعد أن مكث الجندى مدة من الزمان يحمل إلى الشيخ حاجته، تنيح الشيخ وقبل وفاته قال لتلميذه : " أجلس هنا ولا تذهب إلى موضع البتة وإذا حمل اليك الجندي الخبزتين وقطعني الجبن فقل له : " أنى لا أحتاج سوى خبزة واحدة وقطعة واحدة " ثم أجلس مهتماً بنفسك وأن حفظت وصيتى فأنا سأكون معك كل حين على مألوف عادتى، فلما توفى الشيخ دفنه. وكان إذا صلى يشعر أن الشيخ يصلى معه كما وعده .

وأقام على هذا الحال أياما كثيرة ، ثم هاجمه الشيطان مبغض الحسنات الذي يحسد الناس الذين يريدون الخلاص. قائلاً : الآن ماذا يقول والدك في أمرك هل قد مات أن هو حى ، فلو ذهبت ورأيت والدك وردعت إلى ذاتك كنت تجلس مستريحاً بعد ذلك بلا هم ولا قتال من العدو. فلما خدعه الشيطان بهذه الحيلة الماكرة، ذهب وأبصر والده ورجع ، فلما حان وقت صلاته وتلاوة مزاميره، لم يعد يسمع صوت الشيخ، فترك المزمور طفق يبكى فوق قبر الشيخ قائلاً : أيا أبتاه خليتنى يا معلمى وتركتنى . أين وعدك الصادق يا سيدي الشيخ المبارك المملوء حمة، لا يتمنى منك لأجل الله. فخرج إليه صوت من القبر قائلاً : العلى أتا تركتك، أنت خالفت وصيتى وتركتنى، أتظن أننى أنا كنت المصلى معك ومؤنسك، أنما ربنا يسوع المسيح الكثيرة الرحمة لما كنت قابلا وصيتى أرسل ملاكاً روحانياً يؤنسك ويصلى معك لأني أنا في موضعي كما أمر الرب إلى وقت مراده.

وألما عصيت وصيتى التى كنت من أجل الله أنصرف عنك الملاك، فأجلس وأبك على خطايام والرب برحمته يعينك لأنه صاحب كنوز الرحمة
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:22 PM   رقم المشاركة : ( 27 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,779

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

العفة

قال شيخ :

" طوبى للإنسان الذي يحفظ نفسه طاهراً في الصغر حتى الكبر، طوبى بمن له نصيب في قيامة الصديقين، فأن الملائكة تجمعه إلى أهواء الحياة، التى هي فرح ملكوت السموات " .

وقال القديس موسى الأسود :

+ " لنحب طهارة القلب والجسد لننجو من الدنس " .

+ " الذي يريد كرامة الرب عليه أن يتفرغ لطهارة نفسه من الدنس".

+ " الذي يتهاون بعفة جسده يخجل في صلاته " .

وقال مار أفرام :

" مسك البطن وصيانة اللسان ، ولجام العينين، طهارة للجسد، فإن أمسكت بطنك ، وصنت لسانك ، ولم تحفظ ناظريك الا يجمحا فلست ممسكا بالطهارة بالكامل " .

وفي بعض الأيام جمع الأب باخوميوس الأخوة وقال لهم : أريد الأن أن أقول لكم وصايا لكي تحفظوها كلكم خلاصا وثابتا لنفوسكم لا سيما لأولئك الذين لم يقووا في الإيمان والأعمال حتى لا يقعوا في فخ أبليس . وأياكم أن يشك أحد منكم في هذا الكلام الذي أقوله لكم وأذكروا الكلام المكتوب : " أنكم لا تؤمنون ولا نفهمون وهذا هو الكلام الذي أريد أن تحفظوه " .

+ تشبه بعفة يوسف وحكمته وصبره وأتبع سيرته .

+ ألزم البكورية في أعضائك والطهارة في قلبك وجسدك .

+ أياك والنجاسة فهي تفصل الإنسان عن الله وأهرب من جميع ملذات الدهر الحاضر .

+ أحرص على طهارة جسدك وسلامة قلبم فإنك أن تحققت من نوالهما أبصرت الله ربك .

+ أحتفظ بالقدس لئلا تفتضح في موضع الحكم . فيبصرك معارفك ويعيرونك قائليت : " كنا نظنك حملا فوجدناك ذئباً " . أين تستر وجهك وكيف تفتح فاك. وبماذا تتخلص من عملك الملتصق بك كالصبغة بالثوب وماذا تصنع. حينئذ تبكى ولا ينفع البكاء . تسأل ولا يسمع منك. الآن يا بنى أرفض هذا العالم وارذله وأمشى مستقيماً .

+ قال الأب أغريفوريوس الثاؤلوغوس :

إن هذه الأشياء الثلاثة الآتية ، يطلبها الله من كل إنسان من بنى المعمودية وهي : إيمان مستقيم من كل النفس، وصدق اللسان ، وظهر الجسد وعفته " .

قصص عفيفات

+ تحدثوا عن عذراء حرة عفيفة هادئة في منزلها، فأحبها شاب ردئ ، ولم يكن يكف عن التردد على منزلها، فلما شعرت العذراء لتردده وقتاله، شق ذلك عليها جدا وحزنت ، فحدث في يوم من الأيام أنه جاء كعادته يدق ألبان ، وكانت العذراء حينئذ جالسة على المنسج، فلما علمت أنه هو الذي يدق على الباب ، خرجت إليه ومعها مخرازها، وقالت له : " ما الذي يأتي بك إلى ههنا يا إنسان ؟" فقال لها " " هواك يا سيدتي " فقالت : " وما الذي تهواه منى ؟ " فقال لها : "عيناك فتنتانى ، وإذا أبصرتك يلتهب قلبي " ، فجعلت مخرازها في أحدى عينيها ، وقلعتها بصرامة وطرحتها له ، وشرعت في قلع الآخرى، فأسبرع الشاب وأمسك بيدها، فدخلت إلى منزلها وأغفلت بابها، فلما رأى الشاب أن عينها قد قلعت حزن جداً، وندم على ما كان منه، وخرج إلى البرية من ساعته وترهب " .

+ وقيل أنه لما نهب بيت المقدس ، وقعت عذراء راهبة شابه جميلة ، في قسم أحد الفرسان الذي أراد أفسادها. فقالت له : " تمهل قليلا لأن بيدى مهنة تعليمتها من العذارى ، ولا تصلح لعملها الاعذراء، والا فلا نفع لها" فقال لها : "وما هى ؟ " فقالت له : " هي ذهن إذا دهن به إنسان ، فلن يؤثر فيه سيف أو أي نوع من الأسلحة البتة. وأنت محتاج إلى ذلك، لأنك في كل وقت تخرج للحرب" ، فقال لها "وكيف أتحقق ذلك؟" فأخذت زيتا ووجهت إليه الكلام قائلة : "أدهن رقبتم، وأعطنى السيف كى أضربك به " فقال لها : " لا ، بل أدهنى أنت رقبتك أولاً ، وأنا أضرب بالسيف " فأجابته إلى ذلك ببشاشة ، وأسرعت فدهنت رقبتها وقالت: "أضرب بكل قوتك" ، فاستل سيفه، وكان ماضيا جداً، ومدت القديسة رقبتها، وضرب بكل قوته، فتدحرج رأسها على الأرض، ورضيت عروس المسيح أن تموت بالسيف دون أن تدنس بتوليتها. فحزن الفارس جداً، وبكى بكاء عظيماً، إذ قتل مثل هذه الصورة الحسنة، وعرف أنها خدعته لتلفت من الدنس وفعل الخطية.

1- قمع شهوات الجسد

+ قال شيخ :

" كما أنه من بذار عرق الصوم ينبت سنبل العفة، كذلك أيضاً من الشبع يتولد الفسق، ومن الامتلاء النجاسة، أما الأفكار الشهوانية فلا تجسر على البطن الدائعة المتذللة قط ، فحين يصبح المأكول داخلنا يتسبب عنه زيادة في أفرازات الزرع الطبيعي المجتمع في جسدنا، وإذا امتلأت أوانى الزرع من السائل، فإنه يسيل تلقائياً، إذا عرض له أن ينظر جسداً ما، إذ يحرك فيه السعور من غير الإرادة مع ما يتحرك بالفكر في ساعته من مادة بلذة، تتحرك من هناك وتنطلق في جميع الجسم، حتى ولو كان الفكر شجاعاً جداً وعفيفاً ونقيا بحركاته. ولكن بسبب ذلك الأحساس في الأعضاء، فلوقته يضطرب أفرازه، وعفة أفكاره النقية تتسخ. وطهارته تتنجس، لأجل أضطراب تلك الآلام التى تتحرك في القلب عن توقد الأعضاء، وفي الحال تذهب قوته، ويوجد مغلوباً مهزوما بغير قتال. ولن يتعب عدوه في الجهاد معه لأنه غلب تحت إرادة الجسد الثائر، وهكذا يجمع أفكاراً متلبسة بأشكال مثيرة أثناء رقاده، ويلقى سريره الطاهر فندقا للزوانى، وتتدنس أعضاؤه الطاهرة من غير أن تدنو منه أمرأة. أي بحر يضطرب هكذا، مثل أضطراب العقل السديد، بقوة الأمواج الثائرة عليه في جسمه من امتلاء البطن.

+ أيتها العفة، ما أنقى حسنك بالرقاد على الأرض. وألم الجوع يشتت النوم لأجل ضعف الجسد، أقمعوا البطن عن كل مأكول يبعث داخلنا أشكالاً مرذولة، وصوراً مثيرة تتشكل منه، فتخرج وتظهر لنا في بلد عقلنا الخفي، جاذبة أيانا إلى مشاركتها بأفعال الشر. أما خلو البطن فإنها تكون كمثل برية مقفرة للضمير، هادئة من سجس الحسيات .

البطن الملآن ، هو بلد الهواجس والمناظر، حتى أننا نحن الذين في البرية والقفر ، وجدنا الشبع بسبب الكثير من أمثال ذلك " .

+ وقال أنبا أغاثون :

" أن الله لا يطلب من أولئك الذين يبدأون خدمة أعمال خوف الله شيئاً سوى أن يضبطوا أجسادهم بالطاعة للوصايا ضد انفعالات الشهوة " .

أسباب الخطية

+ قال شيخ :

" ثلاثة تسبق كل خطية : الغفلة . النسيان . الشهوة " .

+ وقال مار أسحق :

يسقط في كل الظنون الردية السمجة ، كل أنسان مستعبد للأربعة الآلام الأتية: جسد شهوانى، رغبة في أشياء جسدانية، لسان قاس، نقل الكلام من أحد إلى آخر بنوع المثلبة " .

كما أن الذي يتخلى عنه الله لأجل تعظمة يسقط في واحد من ثلاثة أنواع من الخطية وهي : " أما في فسق سمج ، وأما في ضلالة شيطانية ، وأما في أذية (مضرة عقلية) " .

تحكم قبالة مسببات الآلام، فتهدأ منك الآلام من ذاتها . كما أن جريان الماء يتجه إلى أسفل ، هكذا قوة الغضب إذا ألفت موضعاً في فكرنا .

+ وقال أحد الشيوخ لتلاميذه عند خروج نفسه :

" تحفظوا من كل شئ فيه لذة من لذات هذا العالم التى تحرك الجسد بالفكر، وذلك ليكون الجسد دائماً هادئاً ومحفوظاً من الحركات الشيطانية " .

+ وقال الشيخ :

" أن للشيطان ثلاث خصال قوية ، وهي تتقدم كل خطية، وهي: النسيان – التوانى – الشهوى ، ومن الشهوى يقع الإنسان ، فإن أنتبه العقل ولم ينس ، فلن يجئ إلى التوانى، وأن هو لم يتوان، فلن يأت إلى الشهوة، وأن هو لم يشته، فلن يسقط بنعمة ربنا يسوع المسيح " .

(أ) نياح الجسد

+ سأل أخ شيخاً عن الجسد ، فقال له الشيخ :

" أن جميع الوحوش والحيوانات إذا أنت أكرمتها، لا تسئ إليك إلا الجسد وحده، فأنك إذا أحسنت إليه أساء إليك عوض الأحسان" . كما قال هذا الشيخ أيضاً: " أنى سألت شيخاً آخر، وكان ذلك الشيخ في رباطات ضيقة فقلت له : ياأبى ، لعلك إذا جئت إلى وسط الأخوة استرحت من هذا التعب فقال : "نعم، يا أبنى، لكنى أخاف من هذا الفرس الذي أركبه، أعنى جسدى لأنه إذا أصبخ في الراحة، وعدم الضيق، رمانى إلى أعدائي، وجعلني شماتة" .

+ وقال أنبا موسى الأسود :

" لا تأمن للجسد إذا رأيت نفسك مستريحاً من المحاربات في أي وقت من الأوقات. لأنه من شأن الأوجاع أن تثوق فجأة بخداع ومخاتلة عسى أن يتوانى الإنسان عن السهر والتحفظ وحينئذ يهاجم الأعداء النفس الشقية ويختطفونها لذلك يحذرنا ربنا قائلاً : " أسهروا " .

+ وقال أيضاً :

زينة الجسد هزيمة للنفس ومن يهتم فليست فيه مخافة الله .

+ وقال مار أسحق :

من أكرم الجسد ، فقد أكرم معه الشياطين الذين خدعوه منذ القديم .

+ وقال أيضاً :

معرفة الله لا تسكن في جسد محب للراحة، أي إنسان يحب جسده لا يؤهل لمواهب الله، كما يتفق الأب على أبنه هكذا يشفق المسيح على الجسد العمال ، وفي كل وقت قريب من فمه " .

+ وقال القديس أنطونيوس :

لا تكن كسلاناً فتموت بأشر حال . أضعف جسدك كمريض ملقى على سرير فتهرب الأوجاع عنك. أياك واللعب فإنه يطرد خوف الله من القلب ويجعله مسكناً لجميع الشرور .

+ وقال أيضاً مار استحق :

" بأمرين يصنع الجسد نياحة بحماقة ، مسببا للنفس تعباً وشقاء، وطلاسم عظيمة للفكر، أما هذان الأمران: فأولهما عدم ضبط البطن الغير مخضعة لتجلد الصوم، وثانيهما : عدم ترتيب الأعضاء التى تعطى سبيلاً للنظر واللمس العديم التعفف، الذي منه يحدث فساد هيكل الله بتوسط الأفكار الطائشة في الأباطيل" .

" العفة في وسط التنعم لا تثبت بغير فساد، كما أن الجوهرة في وسط النار لا يحفظ شعاعها بغير فساد " .

+ وقال أنبا بنيمين :

" ممقوت عند الله كل نياح جسداني : .

+ وقيل أيضاً :

" كما أنه لا يمكن أن يكون بغير أذية ذاك الذي يشفق على عدوه المحارب له في صفوف القتال، هكذا لا يمكن أن يشفق المجاهد على جسده، وتنجو نفسه من الهلاك " .

(ب) الشهوة

+ قال أنبا باخوميوس :

" أحفظ نفسك من الشهوة فهي أم جميع الخطايا والشباك والمقتضى بها يضل عقله فلا يعود يعلم شيئاً من أسرار الله " .

+ وقال أنبا موسى الأسود :

"قهر الشهوة يدل على تمام الفضيلة والانهزام لهل يدل على نقص المعرفة"

+ وقال أنبا أوغريس :

" كل ما يريده الإنسان بلا شك يشتهيه. وما يشتهيه يجهد نفسه حتى يقتنيه. فإذا اقتناه، فقد اكمال الشهوة، وإذا أكمل الشهوة فقد أرضى جميع حواسه ولذذها، وكل من ليست فيه شهوة حسنة فهو جرن للأوجاع " .

+ وقال أنبا انطونيوس :

" أحذر من أن تحب بلوغ شهواتك واغراضك وابغض كل أعمال الدنيا وأرفضها فإنها تبعد الإنسان عن الله " .

+ قال أحد الشيوخ :

" أن لى أربعين سنة أحس بقتال الخطية في قلبى، وما خضعت لها قط لا بشهوة ولا بغضب " .

+ وكان أحد الشيوخ يمشى ومعه تلميذه، فوجد في الطريق تفاحة مطروحة فأخذها وفحصها، ثم طرحها تحت رجليه وسحقها في الأرض، فقال له تلميذه: "لم فعلت هكذا يا أبى ؟ " فقال الشيخ : " نهم يا ابنى ، لأن شهوة الثمرة أخرجت آدم من الفردوس " .

(ج) الأكل

+ قال مار أسحق :

" كما أن المواد الدهنية تزيد النار اضطراما، هكذا طرأوة المأكل تنمى ألم"

+ قال أنبا موسى الأسود :

" أبغض شهوة البطن لئلا يحيط بك عماليق ، ضبط شهوة البطن يقلل من تأثيرات الشهوات. شهوة الأطعمة توقظ الغرائز والأنفعالات، والامتناع عنها يفمعها . شهوة البطن أساس كل الأوجاع " .

+ قال شيخ أن أنبا بفوتيوس قال لى :

" أن جميع أبائنا .. الذين كانوا قبلنا .. حفظوا قلوبهم . أذن فإن كان أحد من جيلنا الآن يحفظ لسانه من النميمة وجسده من الزنى ويديه من السرقة وبطنه من الشره ، فهو طوباوى. لأن الشره هو الذي يولد الزنى والسرقة وأشياء أخرى كثيرة جداً " .

+ وقال أنبا بلا :

" أن حفظنا الإيمان الصحيح ، وحفظنا الجسد من الزنى ، واللسان من النميمة ، فنحة بنعمة الله مفلحون حسب هذا الزمان " .

+ قال أنبا موسى الأسود :

" الشبع من النوم يثير الأفكار وخلاص القلب هو السهر الدائم – النوم الكثير يولد الخيالات الكثيرة والسهر بمعرفة يزهر العقل ويثمره – النوم الكثير يجعل الذهن كثيفاً مظلماً والسهر بمقدار يجعله لطيفا نيراً. من ينام بمعرفة هو أفضل ممن يسهر في الكلام الباطل " .

+ وقال أنبا أنطونيوس :

أبغض الجسد وأرفض لذاته فأنها ممتلئة شروراً ولا تنم إلا يسيراً بقدر.

(هـ) الجسدانيات

+ قال أنبا بنيمين :

" أنه خير للراهب أن يفر من الجسدانيات ، لأنه ما دام الإنسان قريباً من الجسدانيات، فإنه يشبه من يجلس عند فوهة جب عميق، ففي أي ساعة أراد العدو دفعة فيه هان عليه طرحه فيه، أما إذا كان الراهب بعيداً عن الجسدانيات، فإنه يشبه رجلاً بعيداً عن الحب، ففي الوقت الذي يعمل العدو على جرفه إليه، يكون الله قد بعث إليه بمن يخلصه " .

(و) التجول في العالم

+ كمثل من هو حامل جوهرة ثمينة ، ويمضى بها في طريق، وتشاع عنها أفكار سمجة، فيصبح في كل وقت مرتعباً من السالب، هكذا الذي قد أقتنى جوهرة العفة، ويسير في العالم الذي هو طريق الأعداء ، بدلا من أ يدخل منزل القبر (القلاية) الذي هو بلد الثقة، فهذا ليس له رجاء في أن يفلت من اللصوص السالبين، وكما أنه لا يمكن لذاك أن لا يخالف، كذلك أيضاً ولا هذا، لأنه لا يعرف من أي بلد وفي أي وقت يخرجون عليه بغتة ويجردونه من جميع ماله، ثم يسلب في باب داره ، ولو كان في الشيخوخة " .

+ وقال شيخ :

" المنصرف إلى العالم بعد رفضه أياه ، أما أن يسقط في فخاخه ويتدنس قلبه بأفكاره ، وأما أنه لا يتدنس لكنه يدين المتدنسين فيتدنس هو أيضاً " .

+ وقال أنبا موسى الأسود :

" ملازمة خوف الله تحفظ النفس من المحاربات وحديث أهل العالم والاختلاط بهم يظلم النفس وينسيها التأمل " .

قتال الزنا

+ وقال أنبا موسى الأسود :

" إذا حسن لك الزنى أقتله بالتواضع والجأ بنفسك إلى الله فتستريح ، وإذا حوربت بجمال الجسد فتذكر نتانته بعد الموت فانك تستريح " .

+ قال أنبا أيليا السائح :

" أنه كان في مغارة قرب دير الخصبان ، فلم يأت مصف النهار في شدة الحر في شهر أغسطس، حتى قرع انسان على مغارته، فخرج وأبصر أمراة، فقال لها : ماذا تضعين ههنا ؟ قالت له : أنا بقربك في مغارة على ميل واحد ، أسير سيرتك ، وفيما كنت أدور في البرية عطشت من شدة الحر ، فاصنع حبا يا أبى واسقنى قليل ماء . ثم قال : فسقيتها وأخليت سبيلها ، فلما أنصرفت تملكنة قتال الزنى ، فهزمت له ، وأخذت عصاى ومضيت سائراً إلى مغارتها في ساعة حر صعب، فلما دنوت من مغارتها والشهوة تلهلنى، سهوت فأبصرت الأرض قد أنفتحت وظهر من تحتها أجساد موتى كثيرين منتنة جدا، وكان أنسان بهى يرينى تلك الأجساد ويقول لى : " هذا جسد أمرأة، وهذا جسد صبى فاشف الأن شهوتم من أيهما شئت ، وأبصر كم من الأتعاب تريد أن تهلك من أجل هذه الشهوة المنتنة، وتحرم نفسك ملك السماء! أيى لهذا الإنسان الذي يضيع تعبه من أجل شهوى بطالة" . ومن شدة رائحة النتن وقعت على الأرض، فأقامنى ذلك الرجل، وأزال عنى القتال، ورجعت إلى معارتى أسبح الله وأمجده على خلاصي " .

فانظروا يا أخوتى، كيف أن القرب من النساء هو مهلك، ويسبب القتال حتى للرجال الأبرار المتعبين بالنسك طوال أيامهم .

سؤال : ما بال الزنى يؤذي الإنسان ، ويلح عليه كثيراً؟

الجواب : لأن الشيطان قد عرف أن الزنى من شأنه أن يجعلنا عراة من الروح القدس ، واسمع ربنا قائلاً" " لا تثبت روحي في هؤلاء الناس بسبب كونهم زناة ".

+ قوتل أخ بالزنى فذهب إلى شيخ كبير قال له : " يا أبى ماذا أصتنع فأن قتال الزنى قد آذانى؟ " قال له الشيخ " هذا الشئ لم يقاتلنى قط " فدهش ذلك الأخ، وذهب إلى شيخ آخر، وقال له. ألا تعجب ؟ فأنى قد شكوت إلى فلان الشيخ أذيتى من قتال الزنى فأخبرنى بشئ يفوق الطبيعة إذ قال لى : لم أقاتل أنها بهذا الشئ قط.. فقال له ذلك الشيخ : يا حبيبى ، أن ذلك القديس لم يتكلم بذلك جزافاً، ولكن أرجع وتب إليه وأسأله بأن يخبرك بقوة الكلمة . فرجع الأخ إلى الشيخ واستغفر منه قائلاً" أغفر لى يا أبي، فأنى خرجت من عندك بجهالة، ولكنى أحب تبين لى كيف أنك لم تقاتل قط بالزنى؟ فأجابه الشيخ قائلاً : "أنى منذ ترهبت، لم أشبع قط من الخبز ولا من الماء ولا من النوم ، فأشغلتنى هذه الثلاثة، ولم تدعنى أحس بالقتال الذي ذكرته " ..

+ قيل عن راهب ، أن ألم الزنى أتى عليه بشدة، فلما أزعجع جداً، قام وخرج من قلايته ومضى إلى جحر ضبعة ، ونزل إليه وهو يقول: "خير لى أن أموت بهذه الضبعة، من أن أموت بالخطية" فأقام هناك ستة أيام وهو صائم لا يذوق شيئاً، وفي اليوم السابع أتته الضبعة بمأكول ، فاستمر مقيما في ذلك الموضع 40 يوماً، وفي كل أسبوع كانت الضبعة تأتيه بما يأكله ، وبعد ذلك أتاه صوت يقول له : تقو . ومن ساعته هرب عنه روح الزنى ، فشكر الله ورجع الى قلايته.

+ قيل عن الأم سارة ، أنها مكثت 13 سنة وهي مقاتلة قتالاً شديداً من شيطان الزنى، وكان يصنع معها مغريات العالم، ولم تكن تحيد قط عن مخالفة الله والنسك، فصعدت مرة إلى السطح لتصلى فرأت روح متجسماً وقال : لقد غلبتينى يا سارة. فأجباته: أنى لم أغلبك، ولكن سيدى يسوع المسيح . فأنصرف عنها القتال من ذلك الوقت .

شكا أخ إلى شيخ من قتال الزنى فقال له الشيخ : " أتريد أن تخلص وأنت نائم؟ أذهب وأتعب واجتهد، أطلب تجد، اسهر وتضرع تعط، أقرع يفتح لك. فكم من الناس يتجلدون في التعب والسهر وقد يتحملون العذاب من أجل ربح جسماني، فأثبت أنت أذن وتجلد من أجل الله ، والله يمنحك النصرة " .

+ قال شيخ :

" إذا قوتل راهب بالزنى وحفظ بطنه ولسانه وغربته ، فلى إيمان أنه لا يسقط بمعونة الله " .

+ وقال آخر :

" ليس شئ يغسل دنس الزنى مثل دموع التوبة، لأن الزنى يخرج من الجسد والقلب، وكذلك الدموع تخرج من الجسد والقلب " .

+ وقال آخر :

" السهر والصلاة والجوع والتعب مع العزلة من الناس تبطل شهوة الزنى"

2- جمع العقل

(أ) مقاومة الأفكار الشريرة

+ قال الأب جرينوس :

" أن كثيرين يقاتلون بشهوة الجسد وهم زناة من غير أن يقتربوا إلى جسد غريب، لأنهم لم يعرفوا كيف يقمعون أفكارهم، فحفظوا البتولية لأجسادهم فقط، وزنوا بأنفسهم، فيجيد أن يحرص كل واحد منا على أن يحفظ قلبه " .

+ سأل أخ شيخاً قائلاً :

" إذا بذر في الشياطين فكرا نجساً، أو غواية الليل بالجنابة، يمنعوني من أن أصلى قائلين لى : أنك نجس " .

أجاب الشيخ قائلاً : " إذا وضعت الأم الصبى الأم على الأرض متمرغاً في وسخه فإنه عندما يرى أمه يرفع ووجهه نحوها وعيناه ممتلئة دموعاً، لتتحنن أمه عليه وتضمه إليها، وتصعده على صدرها، وتقبله، ولا تنظر إلى شئ من وسخه، كذلك نحن يا أخى ، إذا ما أغوتنا الشياطين فلنسرع صارخين نحو الله باكين بين بدية، فإنه يقبلنا من وسط نجاساتنا ويظهرنا له دفعة أخرى " .

+ سأل أحد الأخوة أنبا موسى قائلاً :

ماذا أصنع لكي أمنع أمراً يتراءى لى دائماً، فقال له الشيخ: أنك ان لم تصبح مقبور كالميت فلن تستطيع أن تمنعه (يقصد الفكر) .

+ وقال ايضاً :

+ الحرية تولد العفة ومكابدة الهموم تولد الأفكار .

+ أن جاءتك أفكار عن النساء فاذكر أين ذهبت الأوليات منهن وأين حسنهن وجمالهن .

+ وقال القديس أنطونيوس :

+ لا تتبع جميع أفكارك بل أجعل فكرك في الوصايا كل حين وداوم على فعلها.

+ لا تفكر في الخطايا القديمة التى فعلتها لئلا تتجدد عليك – لا تذكر لعبك ولذاتك في زمان كسلك ولا تتحدث عنها لئلا يصبح ذكرها لك عثرة .

ومرة سألة أحد الأخوة بخصوص الأفكار فأجابه الشيخ قائلاً : لا تطع أفكارك. أتركها حتى تهدأ وتخمد فيظهر فيها الدود ثم تموت .

(ب) طرد الخوف والشك

+ قال أنبا موسى الأسود :

ليكن قلبك من نحو الأفكار شجاعاً جداً فتخف عنك حدتها، أما الذي يخاف منها فإنها ترعبه فيخور، كما أن الذي يفزع منها يثبت عدم إيمانه بالله حقا ولن يستطيع الصلاة قدام يسوع سيدة من كل قلبه ما لم يطرد الإفكار أولاً .

+ وقال الأب إيرايس:

" كما أن الأسد مرهوب لدى الحمير الوحشية ، هكذا الراهب المهذب، مرهوب لدى أفكار الشهوة " .

3- ضبط الحواس

(أ) النظر

+ قال القديس أنبا موسى الأسود :

+ أحفظ عينيك لئلا يمتلئ قلبك أشباحاً خفية .

+ من ينظر إلى أمراة بلذة فقد أكمل الفسق بها .

+ وقال بعض الشيوخ :

" أضبط عينيك لئلا تنظر الأرضيات ، وتصير غريبا من السمائيات " .

+ وقال شيخ :

كما أن رائحة السم المميت تفسد مزاج الجسد، كذلك المناظر السمجة تفسد سلامة الضمير وكما أنه لا يثبت الزجاج في تقلبه مع الأحجار بل ينكسر ، هكذا لا يمكن أن يكون أحد طاهراً، وهو مداوم النظر والكلام مع الناس.

+ وقال القديس باسليوس :

أبتعد من نظر وسماع مالا يفيد ، فتتخلص من فعل ما لا يفيد .

(ب) اللســــان

+ قال أنبا موسى الأسود :

+ كمثل بيت لا باب له ولا أقفال ، يدخل كل من يقصده ، كذلك الإنسان الذي لا يضبط لسانه .

+ من يهتم بضبط لسانه يدل على أنه محب للفضيلة، وعدم ضبط اللسان يدل على أن داخل صاحبه خال من أي عمل صالح .

+ أحتفظ لسانك ليسكن في قلبك خوف الله .

+ لنستعمل اللسان في ذكر الله والعدل لنتخلص من الكذب .

+ وقال أنبا أنطونيوس :

+ أحذر أن تتكلم بكلام فارغ ولا تسمعه من غيرك أو تفكر فيه ؟؟ زليكن كلامك في ذكر الله واستغفاره .

+ لا تكن مقاتلاً باللسان ، أجعل كل أحد يباركك . والرب يسوع المسيح يعينك على العمل بمرضاته .

+ أياك والكذب فهو بطرد خوف الله من الإنسان .

+ لا تحلف البته لا بشك ولا بحق .

+ لا تتكلم قط في هموم الدنيا بشئ .

+ وقال القديس مقاريوس :

+ أحتفظوا ألسنتكم ، وذلك بألا تقولوا على أخوتكم شراً، لأن الذي يقول عن أخيه شراً يغضب الله الساكن فيه لان ما يفعله كل واحد برفيقه، فبالله يفعله.

+ أحتفوا ذواتكم من كلام النميمة الوقيعة، لكي تكون قلوبكم طاهرة، لأن الأذن إذا سمعت الحديث النجس، لا يمكن أن تحفظ طهارة القلب بدون دنس.

+ أحتفظ نفسك من حرية الكلام والعمل. لأنه لا يليق بالراهب أن يسمح بأن يدينه فكره في أمر من الأمور .

+ قيل أن بعض الأخوة في الاسقيط اتفقوا على زيارة القديس أنطونيوس فلما ركبوا المركب وجدوا فيها شيخاً من الآباء يريد المضي إليه كذلك. ولم يكن الأخوة يعرفونه. ثم أندفعوا يتحدثون حديث الآباء وبما جاء في الكتب ويذكرون أيضاً صنائع أيديهم .. والشيخ جالس يسمع صامتاً. فلما صعدوا من المركب علموا أن الشيخ ماض معهم إلى الأنبا أنطونيوس . فلما وصلوا إليه نظر إليهم القديس وقال للأخرة : نعم الرفيق وجدتموه (يقصد الشيخ) ثم قال للشيخ نعم : الرفقة وجدتهم أيها الأب . فقال له الشيخ : أما هم فممتازون ولكن دارهم ليس عليها باب. فإذا أراد أحد الدخول إلى الأصطبل ليحل الحمار ويأخذه، ما كان له مانع ، أعنى أنهم يتكلمون بكل ما يجرى على ألسنتهم .

(ج) المــس

+ قال أنبا أنطونيوس :

أحرس ثيابك لئلا تمشى عرياناً في يوم الحكم فتفتضح. وإذا نمت لا تدخل يدم داخلك لئلا تخطئ بغير هواك. لا تحل منطقتك وأنت قوي. وإذا تعريت فلا تنظر جسدك ولا تمسك خد قريبك ولا يده لا صغيراً ولا كبيراً وليكن جلوسك بأدب.

(د) الضحك

+ قال يوحنا ذهبى الفم :

" من أجل أننا لا نحتفظ من الزلات الصغار فإننا نقع في الكبار ، فمثل ضحك أنسان في غير وقت الضحك ، فجر غيره إلى الضحك "

+ كما قال ايضاً : " ما هو لضحك ؟ وما هي مضرته ؟ . حينئذ تبدأ مخافة الله في أن تنقطع ويتولد من الضحك المزاح ، ومن المزاح الأقوال القبيحة، ومن هذه تكون الأفعال المذمومة، فالعدو المخادع يسهل علينا الزلات الصغار، ومنهما يولجنا الى الخطابا الكبار ومن هنا يقودنا إلى اليأس .

فينبغي لنا أن نطرد هواجسه من مبادئها ، ولا نتهاون بالصغار حيث العدو فيها، ومنها يجرنا إلى الكبار. والا فلو كان يحاربنا ظاهراً عيانا، لكل تتاله سهلا علينا، وقهره متيسراً لدينا لكنه يعمل لنا كمينا وفخا ، لا نقف على الخلاص منه سريعاً، فإن تيقظنا أفسدنا عليه كل حيله، وذلك لان ربنا قد كسر عنا سلاحه ، وقد حذرنا من الصغائر، إذ أنه ما وقف عند حد قوله "لا تقتل" فحسب، بل قال: ولا تغضب وأنتهى إلى منعنا من مخاطبة أحد لأخيه بكلمة امتهان ، وما وقف عند حد قوله " لا تزن " ، لكنه حذرنا من النظر إلى أمرأة بشهوة، وأعطى الويل للضاحكين، وبالغ في الاستقصاء في باب الصغار إلى أن قال : " أن كل كلمة بطالة يقولها الإنسان ، سوف يعطى عنها جوابا " . فإذا عرفنا ذلك ، فسبيلنا أذن أن نحفظ أنفسنا من الخواطر ، فلا نسقط سريعاً .

+ من قول بعض الشيوخ : " أحذر من الضحك لأنه يحل الحواس ، ويبطل كل فضيلة " .

+ قال شيخ : أحذر أن تصنع خطية بهواك ، لئلا تعتادها فتصنعها بغير هواك كالضحك " .

+ قال أنبا أغاثون : أن الدلال والمذاح والضحك امور تشبه ناراً تشتعل في قصب فتحرق وتهلك .

+ أبصر " أنبا نومين " أخا يضحك فقال له : لا تضحك يا أخي، لئلا يبتعد الله عنك.

+ أبصر شيخ آخر أحد الأخوة يضحك فقال له :

" لا تضحك يا أخى، والا بعدت عنك الطوبى التى أعطاها الرب للحزانى".

4- الغربة والهروب من الدالة والنساء

+ جاء أخ مرة لأنبا أغاثون وقال له :

يا أبي أريد أن أسكن مع أخ فارسم لى كيف أقيم معه ؟

فقال له الشيخ : كن معه دائما كمثل اليوم الذي بدأت سكنك عنده. واحفظ غربتك هكذا كل أيام حياتك وأياك أن تكون بينكما دالة " .

+ فقال له الأخ : ولماذذا نتحاشى الدالة ؟

أجابه أنباء أغاثون : " أن الدالة تشبه ريح السموم . عند هبوبها يهرب الناس جميعاً من أمامها وهي تهلك ثمار الأشجار " .

+ فقال الأخ : أبهذا المقدار تكون الدالة رديئة ؟

أجابه الشيخ : " لا يوجد وجع أردا منها لأنها مصدر كل الأوجاع "

لذلك يجب على الراهب الحريص أن لا تكون له دالة حتى ولا على القلاية ولو كان وحيداً فيها. لأنى رأيت أخا يسكن في قلاية زمانا وكان له فيها مضجع وقال لى : " أنى خرجت من القلاية . ولما عدت إليها لم أعرف المضجع لو لم يدلنى أخر عليه " . وهكذا يجب أن يكون الراهب النشيط المجاهد .

+ قيل عن القديس مقاريوس : أنه كان يوصى تلاميذه قائلاً : " أهربوا من كلام النساء المؤدى إلى الهلاك " .

وكان يقول أيضاً : " احذروا ألا تكون بينكم وبين صبى دالة لأن الصبى إذ رأيته صاعداً إلى السماء فهو سريع السقوط فما عليكم ألا أن تطلبوا من المسيح ألهنا أن يعينه " .

+ وقال القديس برصنوفيوس :

" لا تأخذ ولا تعط مع إنسان يقاتلك به العدو، بل أنظر لنفسك وأعلم أن مصيرك أن تموت وتلقى الديان " .

+ وقال أيضاً :

" إذا كنت تحب أن تخلص من الأوجاع النجسة، أقطع منك الخلطة والدالة مع كل إنسان، ولا سيما من ترى قلبك مائلاً إليه بشئ من الأوجاع، وهكذا تعتق من السبح الباطل، لأن السبح الباطل ملتصق بالرباء والرياء يلد الأوجاع، لأن المجاهدين ، أن لم يحرصوا فلن يكللوا، والفرسان أن لم يجاهدوا في معركة الحرب، فلا يمدحون من الملك " .

+ وقال شيخ : " من يغلب الأسد ليس بشجاع ، كذلك من يقتل اللبؤة ليس بجبار ، أما من يخرج من هذا العالم وهو نقي من عيب النساء فهذا هو الغالب".

+ وحدث مرة أن سأل أخ الأب دانيال قائلاً :

" أرسم لى وصية واحدة أحفظها " فقال : لا تجعل مع أمرأة في صحفة واحدة، ولا تأكل معها لأن هذا فخ شيطان الزنى " .

+ وقيل : أن أنبا أسحق خرج مرة فوجد آثار قدم أمرأة في الطريق ففكر في هذا الأمر ، وأزال الأثر قائلاً : " لربما يراه أحد الأخوة فيسقط " .

+ في بعض الأوقات ، قامت سفينة من ديولفن ، ورمتها الرياح إلى بعض الجبال حيث كان هناك رهبان، فخرجت أمرأة من السفينة ، وجلست على الشاطئ فوق تل رمل ، واتفق حينئذ أن جاء أحد الرهبان ليملأ جرته ، فأبصر المرأة، فرمى الجرة وعاد مبادراً إلى رئيس الدير وقال : " يا أبتاه عند النهر امرأة جالسة" ، فلما سمع الشيخ قوله ، خفى قلبه ، ثم أخذ عصاه وخرج بسرعة وهو يصيح قائلاً : " أغيثوني فقد جاءنا لصوص أشرار" ، فلما أبصروا أنزعاج الشيخ لحقوه حاملين عصيهم إلى النهر، فلما رأي النوتية قدومعم عليهم هكذا خطفوا المرأة من فوق التل بسرعة، ووضعوها في السفينة، وقطعوا حيل السفينة وتركوها منحدرة في جريان النهر .

5- التحرر من قيود السحر

حدث في ذات يوم أن ألتقى الأب القديس أفرام السريان بأمرأة فاسدة، وراودته عن نفسها كي يشترك معها في جماع دنس ولا شنعت عنه ، فقال لها : "أن بعض الأخوة اعتدوا المجئ إلى هنا، فاتبعينى إلى موضع آخر" فتبعته، ولماأقتربوا من موضع يجتمع فيه أناس كثيرون، قال لها: " أنى أرى أن نكمل الفعل ههنا" فقال له : " يا رأهب ، أما تستح من الناس الذين يبصروننا ونحن في الفعل القبيح؟! " فقال لها : وانت يا امرأة ، اما تستخين من الله خالق الناس الذي ينظرنا في هذا الفعل القبيح؟ فخزيت وأنصرفت خائبة.

+ وبلغ الأب مقاريوس عن راهب متوحد داخل البرية منذ خمسين عاماً لم يأكل خبزا قط وقد كان يقول عن نفسه أنه قتل ثلاثة أعداء : " الزنى ، وحب المال ، والسبح الباطل " .

فمضى الأل مقاريوس إليه، فلما رآه المتوحد فرح كثيرا وكان رجلاً ساذجاً. فسأله الشيخ عن عزائه وعن أحواله وعن جهاده فقال له: "أنه استراح من قتال الزنى وحب المال والسبح الباطل" . فقال له الأب : لى بعض أسئلة أريد أن أوجهها إليك فأجبنى عنها وهي :

+ إذا اتفق لك أن عثرت على ذهب ملقى وسط حجارة فهل يمكنك أن تميز الذهب من الحجارة ؟

قال : نعم ولكنى أتغلب على فكرى فلا يميل إلى أن آخذ شيئاً منه .

قال : حسنا .

+ وإذا رأيت امرأة جميلة أيمكنك ألا تفكر فيها أنها أمرأة ؟

قال : لا . لكنى أمسك فكري ألا يشتهيها .

قال : مبارك .

+ وأن سمعت أن أخا يحبك ويمجدك وعن آخر يبغضك ويشتمك؟ واتفق أن حضر أليك الأثنان. أيكونان أمامك في منزلة واحدة ؟

قال : لا . لكنى أمسك أفكاري فلا أكافئه حسب أعماله وأقواله وشتيمته بل أزهر له المحبة .

أخيراً قال له الأب مقاريوس : " أغفر لى يا أبي فأنك حسنا جاهدت وقاتلت وصبرت من أجل المسيج . لكن أوجاعك لم تمت بعد، بل مازالت حية ولكنها مربوطة، فتب واستغفر الله. ولا تعد إلى ما كنت تصف به نفسك لئلا تثور عليك الأوجاع بالأكثر. فاما سمع المتوحد ذلك الكلام أنتبه من غفلته وسجد بين يدى الشيخ قائلاً : " أغفر لى يا أبي فلقد داويت جهلي بمراهم وعظك الصالح " .

+ أتى أخ إلى الأب مقاريوس وقال له :

يا معلم قل لى كلمة تنفعنى . فقال له القديس : " أمضى إلى المقابر وأشتم الموتى " .

فمضى الأخ وشتمهم ورجمهم وعاد وأخبر الشيخ بما عمله. فقال له الشيخ: " أما خاطبوك بشئ " . فقال : لا . فقال له الشيخ : أمضى غدا وأمدحهم.

فمضى الأخ ومدحهم قائلاً " يا قديسون . يا أبرار . يا صديقون " ؟ وعاد وأخبر الشيخ بما صنعه فقال له " أما أجابوك بشئ ؟ " قال : لا ، قال الشيخ : "أن كنت حقا قد مت مع المسيح ودفنت معه فاصنع هكذا مثل أولئك الأموات ، لأن الميت لا يحس بكرامة ولا باهانة وبذلك تستطيع ان تخلص" فانتفع الأخ بذلك.

6- تنقية النقس

+ قال أنبا مقاريوس :

كمثل الحديد الذي إذا طرحته في النار يصير أبيضاً ويتنقى من الشوائب كذلك النفس إذا ما حل فيها الروح القدي المعزى وسكن فيها فأنها تصير نقية كالملح متلألئة ببياض الفضيلة فتنسى الأرضيات وتشتاق إلى السمائيات وتوجد في كل وقت سكرانة بالالهيات شغوفة بالعلويات. وذلك من أجل نقاوتها وطهارتها حتى يظن الإنسان أنه قد أنتقل من هذا العالم إلى الحياة الأبدية بربنا يسوع المسيح، ويرى الجزاء الكامل العادل العتيد أن يكون للأبرار والخطأة في الدهر الآتي الذي لن يزول ، الدائم إلى الأبد ..

+ وقال أيضاً :

نفسى الكامل في الفضائل نجدها نقية كالشمس من قبل أن تلحقه كلمة ردية – فإذا سمع كلمة ردية أو نميمة، للوقت تطفى الشياطين على عقله، وتحجب عنه النور ، وتصيره شقيا، وتكون نفسه متزعزعة، وفضائله ناقصة.

+ وقال أيضاً :

أن نحن ذكرنا السيئات التى تحل بنا من الناس ، فأننا نقطع قوة ذكر الله من قلوبنا وأن نحن ذكرنا شرور الشياطين نبقى غير مجروحين.

7- رؤية الله

+ قال القديس مقاريوس :

أن النفس لها استطاعة أن تنظر إلى الله في كل حين ، فتوجد لها دالة عند سيدها، لأنها حينئذ يكون لها قدرة على ذلك، لذلك فلنحرص بكل قوتنا ألا نحيد عن خوف الله ولا نتعبد للأوجاع.

+ وسأله أخ قائلاً :

كيف تقتنى النفس خوف الله ؟

أجابه : إذا لم تنظر النفس إلى الله لا تخافه .

قال له : وبماذا يظهر الله للنفس .

أجابه : بالعزلة ، والضيقة ، والصراخ كل حين بشوق ولا يفتر عن أن ينادي قائلاً : " يا ربى يسوع المسيح" فإذا ما كان ذكره دائماً في قلبك كل حين فانه يجئ وبسكن فيك. ويعلمك كل الأعمال الصالحة .

8


- خوف الله

+ قال القديس أنطونيوس .

" يجب أن يكون خوف الله بين أعيننا دائماً أبداً . وكذلك ذكر الموت، وبغضه العالم ، ونتجنب كل ما فيه من راحة ولذة للجسد ، وأن نزدرى هذه الحياة الفانية، لنحب الله ونحيا له، لأنه سوف يطلب منا هذا في يوم الديونية، ما إذا كنا قد جعنا، أو عطشنا، أو تعرينا، أو تنهدنا، أو حزنا من كل قلوبنا، أو أمتحنا لأنفسنا هل نحن مستحقون لله، فلنؤثر الحزن لكي نجد الله، ولنستهن بالجسد لكي تنجو أنفسنا من العذاب " .

+ وقال أيضاً:

سيأتي وقت يصير فيه أولاد الناس أغبياء ، يتحولون عن خوف الله ، وإذا وجدوا انساناً غير أرعن أو أحمق مثلهم يقومون عليه ويقولون له : " أنت أرعن واحمق " لأنه لا يماثلهم .

+ وقال أنبا باخوميوس :

سبيل الراهب ألا يكتفي بنسك الجسد وتعبه وحده. بل عليه أن يحصل على خوف الله ساكنا فيه فأنه هو الذي يحرق الأفمار الرديئة ويفنيها كمثل النار التى تحرق الصدأ وتنظف الحديد من الشوائب. كذلك خوف الله يطرد كل رذيلة من الانسان ويجعله للكرامة يصلح لعمل الله .

+ وقال أيضاً :

لا تكسل عن أن تتعلم خوف الله لكى تطلع وتنمو مثل الغرس الجديد وترضى الله كطفل صغير .

سئل مرة الأب سلوانس : أي سبيل سلكت حتى حصلت على هذه الحكمة؟. أجاب وقال : " أنى ما تركت في قلبي قط فكراً يغضب الله " .

+ وقال أنبا مقاريوس :

ليس شئ يعلو على خوف الله . لأنه يسود على كل شئ. فبخوف الله يحيد كل إنسان عن كل الشرور، فلنقتن لنا هذا، ولنبتعد عن كل ما لا يريده الله . ولنصنع كل ما يرضيه ونحفظه ، ولا نصنع شيئاً يغضبه، ولنعلم أن كل ما نعلمه عريان ومكشوف لديه ولا نخفى عليه خافية .

+ وقال أيضاً :

لا تطاوع مشورة الشياطين الأنجاس، إذا حدثوا بخداع قائلين: أن الله لا يؤاخذك بخصوص هذا الأمر اليسير أو هذه الوصية الصغيرة، إذا توانيت فيها، بل أذكر أن كل معصية كبيرة أم صغيرة فانها تغضب الله .

+ سأل أخ أنبا تادرس : " بأي طريق يمكن للأنسان أن يخرج الشياطين من ذاته ؟ " .

+ فقال له القديس : " أذا قبل إنسان ضيفا وأكرمه ، فأن كان لا يقدر أن يطرده اليوم ، ففي الغد لا يقدر أن يطرده ذلك إذا كان متاعه داخل بيته ، أما إذا أعطاه متعه وجميع ما كان داخل بيته، فحينئذ لو أراد طرده أغلق الباب في وجهه، وهكذا الحال مع الشيطان، إذا لم تطرح متاعه خارجاً عنك، الذي هو الزنى والنجاسة والكذب وجميع آلاته، فلا تقدر أن تطرده " .
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:23 PM   رقم المشاركة : ( 28 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,779

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

العمل

(أ) عمل اليدنين

أن أباءنا الروحانيين جعلوا عمل اليدين مثل قانون محدد وليس من أجل المال وحسبوه كأحد الفضائل للأسباب الآتية :

(أ) لأنه يخفف عن الأخ الثقل والملل :

(ب) لكي يعد قوته ويعطى أيضاً منه صدقة لآخرين لئلا يجد مجالاً للخروج من قلايته بسبب العوز فيسبب له دالة وخلطة مع العلمانيين .

(ج) لكي يمنع عن نفسه الشرور التى تتولد من البطالة .

وفيما يلي بعض أقوال قديسين :

+ قال أحد القديسين :

" أن الآباء قد سلموا إلينا هذه الطرق ، وهي أن نعمل بأيدينا وأن نلازم الصمت. وأن نبكي على خطايانا " .

+ وقال الأب لوط :

" الراهب الذي لا يمارس عملا يدان كانسان لهم مغتصب " .

+ وقال الأب بيمين :

" ثلاثة أعمال رأيناها للأب بموا : صوم إلى المساء كل يوم. وصمت دائم. وعمل اليدين " .

+ وقال القديس مرقس :

لا تكن من القوم البطالين الذين يؤثرون الاغتذاء من وجوه سمجة لا سيما من النساء ، وإذ لك يدان فاعمل وكل ، لأنه أوفق لك أن تتشاغل بعمل اليدين من أن تتضرع لأعمال الخطية، لأن العمال لا يقبل البطالة لئلا يسقط كم يظن أن منكب على عمل روحاني ولا يسير فيه كما ينبغى .

+ قيل أن أحد الروهبان كان يشتغل في عيد شهيد. فلما أبصره أخر هكذا. قال له : أيجوز اليوم ؟ فأجابه : أن الشهيد فلان قد عذب في هذا اليوم . وجلد وتجشم أتعابا كثيرة حتى الموت . ألا ينبغي لى أن أتعب ولو قليلاً في عمل يدى!!

(ب) عمل اليدين بالنسبة للراهب

+ قال قاسينوس الرومي :

" أنه لأمر فظيع وقبيح بنا أن العلمانيين يتعبون ويعملون ويعولون أولادا ونساء ويدفعون خراجا وضريبة ويحسنون إلى فقراء ومحتاجين حسب طاقتهم ويحملون إلى بيت الله باكورات وقرابين، أما نحن فلا نقتنى من أتعابنا حتى ولا حاجاتنا اللازمة لنا، بل نحبس أيدينا داخل ثيابنا، ونستجدى أتعاب غيرنا، ولا نصغى إلى الرسول القاتل: " أن هاتين اليدين قد خدمتا حاجاتى وحاجات الذين هم معى " وقوله : " أن الرب اعطى الطوبى للمعطى أكثر من الآخذ" وقوله أيضاً: "نحن نوصيكم يا أخوتنا باسم ربنا أن تتجنبوا كل أخ عديم النظام، لا يسلك حسب التقليد الذي سلمناه لكم، لأننا ما شئنا عدم النظام بينكم ولا أكلنا من أحد خبزا مجانا، بل كما نتعب ونكد عاملين ليلا ونهارا لئلا نثقل على واحد منكم. ليس لأنه لا سلطان لنا، بل لنعطيكم أنفسنا مثالاً .

لأني وقت أن كنت عندكم، قد أوصيتكم بهذا . أن من لا يشاء أن يعمل عملاً فلا يأكل. والأن فقد سمعنا أن فيكم قوما يسيرون بعدم نظام ولا يمارسون عملاً. فنحن نوصى هؤلاء ونسألهم باسم ربنا يسوع المسيح أن يعملوا عملهم بسكون . ويأكلوا خبزهم " .

أسمعتم كيف أن الرسول بحكمة يزيل علل الصلف. ويدعو الذين لا يعملون عادمي النظام. وبهذا أرانا رذيلة كبرى شريرة، لأن البطال غير نافع في أمر ما . وهو مهيأ للغضب . وللسكوت غير موافق . وهو عبد للضجر . منغمس في الشهوات متجهم في أقواله فاعل الرذائل الأخرى كلها ، أما قوله " أنهم يسلكون بحسب الوصية التى أخذوها منا ، فيقصد به أنهم متوافون ومتكبرون معاً. ومبطلون للوصايا . كذلك قوله : لم نأكل منكم خبز البطالة. فيؤنب به اذلين لا يعملون بأنهم يأكلون البطالة أي أنهم يعالون بغير واجب، - ولذلك كان الآباء باسقيط مصر لا يسمحون للرهبان لا سيما الشبان منهم – بأن يتفرغوا من عمل. لاصيفا ولا شتاء حتى ولا لحظة من الزمان . لأن الذي يمارس العمل يتخلص من الضجر ويتحصل على ما يقيت به نفسه ويسعف به المحتاجين .

+ قيل : أنه حضر إلى الأب لوقيوس رهبان من أولئك الذين يدعون "مصلين" فسألهم عن عمل أيديهم فقالوا له : نحن لا نهتم بعمل اليدين. أنما نهتم بالصلاة الدائمة كقول الرسول. فقال لهم الشيخ : أما تأكلون وتنامون؟ قالوا : نعم. فقال لهم : فإذا ما جلستم تأكلون أو إذا نمتم فمن يصلى عنكم؟ فلم يكن لهم ما يجيبونه به . فقال لهم : أغفروا لى فأن عملكم ليس كقولكم، لكنى أريكم كيف أنى أمارس عمل يدى. وأصلى دائما. وذلك بأن أجلس بعون الله وابل خوصا واضفر الضغيرة وأقول : أرحمني يا الله كعظيم رحمتك وككثرة رأفتك أمح أثمى ، أفما يعتبر ذلك صلاة . أجابوه : نعم. قال لهم : وإذا مكثت هكذا طول النهار أعمل وأصلى فيكون لى عن عمل كل يوم ستة عشر فلسا. فأعطى منها على الباب فلسين.. وآكل بالباقي فيصبح آخذ الفسين مصليا عنى في وقت أكلى وفي وقت نومي وبنعمة الله تكمل لى الصلاة الدائمة كأمر الرسول. وإذ أمارس عملي فأني بذلك أقهر شيطان الملل والشهوة . لأن الملل يؤدي إلى البطالة. والشهوة كائنة في البطالة. والطريق التى سلمها لنا جماعة الرهبان هي هذه :

أنخ يلزمنا نشتغل بأيدينا ونصوم طول النهار ، ونقتني صمت اللسان، ونبكى على خطايانا .

+ ومرة زار أحد الأخوة الأب سلوانس في جبل سيناء، فلما رأي الأخوة منكبين على العمل قال للشيخ : " لا تعملوا للطعام البائد أيها الأب، لأن مريم أختارت لها الحظ الصالح " .

فقال الشيخ لتلميذ : " أعط الأخ انجيلا وادخله في قلايو فارغة " ففعل . فلما حانت ساعة الأكل بقى الأخ منتظرا على الباب مترقبا وصول من يسأله المجئ إلى المائدة. فلما لم يدعه أحد ، نهض وجاء إلى الشيخ وقال له : " أما أكل الأخوة اليوم يا أبانا ؟ " أجابة : نعم . فقال له : ولماذا لم تدعنى للأكل معهم ؟ فأجابه الشيخ " ذلك لأنك روحاني ، لست في حاجة إلى طعام ، وأما نحن فجسديون نحتاج إلى طعام ولذلك نمارس الأعمال. أما أنت فقد أخترت النصيب الصالح" تقرأ النهار كله، ولا تحتاج إلى أن تأكل طعاماً" . فلما سمع الأخ هذا الكلام خر ساجدا وقال : " أغفر لى يا أبانا " فأجابه الشيخ : " لا شك أن مريم تحتاج إلى مرثا . لأن مريم برمثا مدحت " .

+ جاء قوم إلى الأب شوشاى ليسمعوا منه قولا . فلم يخاطبهم بشئ ولم يزد في كلامه عن " أغفروا لى " ولما رأوا عنده زنابيل قالوا لتلميذه : ماذا تعملون بهذه الزنابيل ؟ قال لهم : أن الشيخ يقرقها هنا وهناك ... فلما سمع الشيخ قال: أن شوشاى من هنا ومن هناك يغتذي .. فلما سمعوا ذلك أنتفعوا جداً.

(ج) أعمل في هدوء

+ قال مار أفرام :

" فاتحة العجرفة هي عدم مشاركة الراهب الأخوة في العمل حسب قدرته ، وإذا ما جئنا إلى العمل فلا نكثر الكلام بل ليكن اهتمامنا وتفكيرنا في الهدف الذى من أجله خرجنا " .

+ سكن شيخ مع أخوة ، واعتاد أن يقول لهم عن الشغل دفعة واحدة ، فإذا لم يفعلوه قام هو وعمله بدون غيظ.

+ سئل أحد الآباء : " أن شئ يلزم لمن يريد الخلاص ؟ " وأذ كان الأب ملازما العمل لا يرفع رأسه عنه ، أجاب : " هذا هو ما تراه " .

+ سأل اخ أنبا سيصويص الصعيدي : قل لى كلمة .. فأجابه .. " لماذا تطلب كلاما. أصنع مثلما ترى " .

+ وسأل أحد الشيوخ أنبا بيمين قائلاً : ماذا أعمل يا أبت مع أبنى أسحق الذي يسمع الى بسرور؟ قال له أنبا بيمين : " إذا كنت ترغب أن تكون ذا منفعة له أعطه مثالا عن طريق الأفعال وليس عن طريق الأقوال، لئلا بملاحظته الأقوال فقط يكون عديم النفع . أما إذا أعطيته مثالاً عن طريق الأعمال فستمكث طويلاً معه وسينتفع " .

+ يقول أنبا اسحق قسيس القلالى :

أنه عندما كنت شابا صغيرا أعتدت السكنى مع أنبا كرونيوس، ولم يكن يكلفني مطلقاً بعمل شئ ما .. والآن وقد صار شيخاً لا يستطيع التحكم في أطرافه ألا أنه لا يزال يقف ويقدم لى الماء بيديه وكذلك الأمر مع الجميع .. وهذا هو ما كان يحدث أيضاَ بالنسبة لأنبا تيودور الذي من البارما ، إذ أنه لم يكن يكلفني بعمل أيا كان نوعه. وكان يعد هو المائدة وكنت أقول له : لقد جئت يا أبي لكي أساعدك فلماذا لا تطلب منى أن أؤدى لك عملاً ؟ . لكن الشيخ كان لا يخاطبني بشئ بل كان يحفظ الكون. فصعدت أنه واعلمت الشيوخ بالأمر فجاءوا إليه قائلين: " يا أبانا لقد جاء إلى قداستك هذا الأخ لكي تعينه ، فلماذا لا تأمره بعمل ما ؟" أجابهم النسيخ: وهل أنا رئيس دير حتى آمره؟ أنني لن أقول له شيئا ألا عن رغبتي في أن يفعل هو مثلما يراني أعمل .

ومن ذلك الوقت كنت أسبقه في عمل الشئ قبل أن يقوم هو به. ولا زال يعمل هو في صمت وسون وبهذه الطريقة جعلنى أتعلم أن أعمل في سكون وهدوء.

(د) تعب الجسد

+ قال أنبا أنطونيوس :

- أختر التعب فهو يخلصك من جميع الفواحش مع الصوم والصلاة والسهر، لأن تعب الجسد يجلب الطهارة للقلب. وطهارة القلب تجعل النفس تثمر.

- اشتغل بكل قوتك ليتمجد أبوك الذي في السموات .

- لتكن متعبا في شغل يديك فيأتيك خوف الله .

+ وقال أنبا موسى الأسود :

- أهم أسلحة الفضائل هي أتعاب الجسد بمعرفة والكسل والتواني يولد المحاربات .

- أتعب جسدك لئلا تخزى في قيامه الصديقين .

- إذا سكنت مع أخوة فلا تأمرهم بعمل ما. بل أتعب معهم لئلا يضيع أجرك .

- لا تحب الراحة ما دمت في هذه الدنيا .

- أن الارتداد الخفي من العمل يظلم العقل ، أما احتمال الأنسان وجلده في الأتعاب فهذا ينير العقل بربنا ويقوى ويسلح الروح.

+ قال أنبا دانيال :

ما دام الجسد ينبت ، فبقدر ذلك ، تذبل النفس وتضعف، وكلما ذبل الجسد نبتت النفس.

+ وقال شيخ :

يتقدم كل الفضائل احتقار الإنسان للراحات . الذي يغذب جسده بالراحة في بلد السلام ، فإنه يبقغط بالضيقة والذي يتنعم في شبابه ، يكون عبدأ في شيخوخته، وفي الآخر يتنهد .

جاء أحد المتوحدين إلى غدير فيه قصب (بوص أو غاب) فجلس هناك وصار يقطع من حشائش النهر ويضفر ويرمى الضفيرة في النهر لأنه لم يكن يعمل لاحتياج ، بل لكي لا يكون باطلاً، فكان يشعب جسده، ولم يزل هكذا حتى قصده الناس فلما رآهم تحول عن ذلك المكان .

+ سئل مرة أنبا أغاثون : أيهما أعظم ، تعب الجسد أم الاحتفاظ بما هو في داخله؟

فأجاب وقال :

أن الانسان يشبه شجرة، فتعجب الجسد هو الورق أما المحافظة على ما هو من داخل فهي الثمرة، لذلك فكل شجرة لا تثمر ثمراً جيداً تقطع وتلقى في النيران.

فلنحرص على الثمرة التى هى حفظ العقل. كما يحتاج الأمر أيضاً إلى الورق الذي يغطى الثمرة ويزينها، وما الورق ألا تعب الجسد كما ذكرنا .

(هـ) أعمل بأجتهاد

+ الأب أغريفوريوس الثيؤلوغوس :

+ وقال أنبا بيمين :

" مثل الدخان الذي يطرد النحل حتى يقطفوا العسل، كذلك نياح الجسد يطرد خوف الله ، ويتلف كل عمل صالح " .

+ قال شيخ :

" ليست الحاجة إلى كثرة الكلام .. لأن كثرة الكلام غريرة في الناس ، وإنما الحاجة ماسة إلى العمل " .

+ وقال آخر :

" إذا كان للراهب كلام بغير عمل ، فأنه يشبه شجرة مورقة لا ثمر فيها، أما من له كلام وعمل ، فهو مثل شجرة مورقة مثمرة " .

+ قال أنبا ماطوس :

" أنى أحب العمل الخفيف الدائم ، أكثر من عمل شديد في بدئه، لا يلبث أن يقطع سريعاً " .

+ قال شيخ :

أراد أنسان موسر أن يعلم أولاده النشاط ، فقال لهم : " هل تعلمون كيف صرت غنياً ؟ أن سمعتم مشورتي أستغنيتم مثلي" . فسألوه عنها، فقال لهم: "في كل سنةيوجد يوم من أيامها، كل من عمل فيه باجتهاد استغنى، ألا أنى لشيخوختي قد نسيت أي يوم هو ، فلا تتوانوا أنتم في العمل كل يوم ، لئلا يفوتكم العمل في ذلك اليوم المبارك ، فيضيع تعبكم في السنة كلها" ثم قال الشيخ " هكذا نحن أيضا لسنا نعرف يوم وفاتنا، فأن توانينا حين وفاتنا، فاتنا مقصدنا وضاع كل تعبنا، وأن أجتهدنا إلى الآخر وجدنا ملكوت السموات " .

+ وقال أحد الآباء :

إذا قمت باكر كل يوم ، خاطب نفسك قائلاً : " يا نفسى استيقظى لترئى ملك السماء " ثم خاطب جسدك قائلاً : وأنت يا جسمى عمل لتفتذى " .

+ سأل أخ شيخاً :

" أن اتفق لى تحصيل حاجاتي من حيثما أتفق فهل يليق بى أن بيدى ؟" أجال الشيخ : " وحتى ولو أتتك حاجاتك من حيثما أتفق فلا تترك العمل ، أعمل بكل جهدك " .

+ قال الأب لوقيوس :

" أنا عبد وسيدى قال لى : أعمل عملا وأنا أعولك بالطريقة التى أراها، فأن أنا استجديت واقترضت، فليس هذا من شأنك، فقط أعمل أنت ، وأنا أقوم بأودك".

وقيل عن الأب بموا لما حضرته الوفاة ، أن سأله الأباء قائلين : قل لنا كلمة فقال: " أنى منذ دخولي هذه البرية وبنائي القلاية وسكناى فيها، ما أنقضى على يوم واحد بدون عمل، ولا أتذكر أنى أكلت خبزا من أنسان ، والى هذه الساعات ما ندمت على لفظ واحد لفظته وها أنا منطلق إلى الرب كأنى ما بدأت بشئ يرضيه بعد " .

(و) أعمل وستعطى أجر تعبك

+ في أثناء جهاد الأسقف أنبا كيرادوس لما كان يهذب على اسم المسيح، قال مثلاً: " أن الأرض التى تشق بالسكة، وتقلب بالمحراث، تثمر ثمراً مضاعفاً، كذلك الجسد إذا أنكسر وأنحل بالتعب، حينئذ يثبت للنفس أجنحة وتتعالى إلى المسيح الذي قتل من أجلها وهي حاملة ثمرة مائة ضعف " .

+ كان شيخ جالسا في البرية ، وكان بينه وبين الماء الذي يستقى منه 12 ميلا ، فذهب مرة ليستقى، فضجر وقال لنفسه: لماذا أعاني هذا التعب؟ فلأذهب وأسكن بقرب الماء. وفيما هو يفكر في هذا الأمر، التفت إلى خلفه، فأبصر شيخاً يعد خطوانه، فسأله: " من أنت ؟ " فقال له : " أنى ملاك الرب بمعثنى لأعد خطاك، لكى يعطيك أجر تعبك" فلما سمع الشيخ ذلك ، طابت نفسه، وزاد على المسافة خمسة أميال أخرى .

(ز) أعمل لأن البطالبة مفسدة للنفس

+ قال أنبا موسى الأسود:

إياك والبطالة لئلا تحزن . أحرى بك أن تعمل بيديك ليصادف المسكين منك خبزة ، لأن البطالة موت وسقطة للنفس.

+ قال القديس نيلس :

أن البطالة هي مصدر رداءة الأعمال، لا سيما من أولئك الذين قد عدموا الأب. لأن اليهود لما لم يكن لهم في البرية عمل يشتغلون به، خرجوا من البطالة الى عبادة الأوثان. فعلينا ألا نفارق عمل اليدين، لأنه نافع جدا ومهذب.

+ وقال أيضاً :

أن أنسانا كسلانا، بلغنى عنه أنه أخذ من خزانته الأنجيل من الساعة السابعة الى غياب الشمس ، ولم يستطع أن يفتحه البتة، وكأنه كان مربوطاً بالرصاص... أما أنطونيوس فأنه لم يفعل أمامنا هكذا ... بل عمل كما أراه الملاك، فتارة كان جالسا ولعمله ممارسا، وتارة أخرى كان قائما وللصلاة ملازماً. فكان يؤدي ذلك، ولا يترك تلك .. فحظى بنور فائق الحد. حتى أنه قال لأحد فلاسفة زمانه: " أنى كما في لوح أتأمل طبيعة المخلوقات دائماً، وذلك بتلاوة أقاويل الرب حتى ولو في ظلمة الليل الحالكة . بهذا المقدار فإنه كان يتصل بالله، والليل يضئ مثل النهار " .

(ح) أعمل لتعطى المساكين

+ قال احد الآباء "

" أهتم بعمل يديك ومارسه أن أمكنك ليلاً ونهاراً. لكي لا تثقل على أحد. وحتى يكون لك ما تعطى المساكين، حسبما يأمر به الرسول. ولكيما تصرع شيطان الضجر، وتزيل من نفسك بقية الشهوات ، لأن شيطان الضجر منكب على البطالة ، وهو في الشهوات كأمن ".

+ قال القديس نيلس :

" يجب أن تكون أعمال يديك الهية لا أرضية . ولتكن أثمارها مشاعة بينك وبين المساكين .

+ قال مار أفرام :

أن أحد الأخوى قال : طلبت من الله أن يعطيني عملا بدل نعمة كي أعول جميع المنكوبين ، لأنى بذلك أفرح .

+ سأل أخ شيخاً قائلاً :

" أريد أن أقيم مع آخر في كنونيون (حياة مشتركة) حتى أستريح في قلايتى ، ويعطيني عملا أعمله بيدي ويهتم بى " .

قال الشيخ : " لا تفعل ذلك ، وألا غما كنت تستطيع أن تعطي أحد خبزاً"

+ يأل أخ الأب بيمين قائلاً :

قل لى كلمة . فأجابه قائلاً : واظب على عمل يديك ما استطعت وذلك لتعميل منه صدقة لأنه مكتوب " أن الرحمة تطهر الخطايا " .

أجعل لك عمل اليدين مثل قانون محدد وليس من أجل الطمع ، فلا تبطل بسببه الأعمال الروحية .

+ أخبرنا يوحنا الخادم أنه سأل في شبابه شيخاً قائلاً : كيف استطعتم أن تعلموا عمل الله بنياح، مع أننا لم نستطيع أن نعمله نحن حتى ولو بالتعب ؟ فقال الشيخ: نحن أنما أمكننا ذلك لأن عمل الله كان رأس مالنا ، وحاجة الجسد كانت حقيرة عندما. أما أنتم فحاجة الجسد عندكم هي رأس مالكم، وعمل الله ليس مما لابد منه لديكم، من أجل ذلك فأنكم تكلون وتخورون. وبخصوص ذلك قال مخلصنا لتلاميذه : " يا ٌليلي الإيمان أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره ، أما هذه الأشياء فتزدادونها " .

+ فسأل الأخ قائلاً : زدنى أيضاحاً. فقال له : " ها أنت تسمع عنى أنى مريض ويجب عليك أفتقادى ، فتقول في نفسك : إذا ما فرغت من عملى أمضي إليه وأفتقده، ويتفق أن يعوقك عائق ما فلا تجئ إلى بالكلية، وبذلك تكون قد جعلت عمل اليد الذي هو رأس المال وحياة النفس في المرتبة الثانية. كذلك ربما يطلب إليك أخ آخر قائلاً : تقدم يا أخي وساعدني في هذا الأمر؟ فتقول في نفسك : أأترك عملي وأذهب معه، فتكسر وصية المسيح التى تتعلق بالعمل النفساني وتعكف على عملك الذي ينبغي أن تجعله القصد الثاني .

أجعل لك عمل اليدين مثل قانون محدد ولا تبطل شيئاً من الصلوات السبعة الموضوعة بواسطة آبائنا القديسين .

+ قال بعض القديسين :

إذا باشرت عملا في قلايتك وحانت ساعة صلاتك ، فلا تقل : أفرغ من هذا القليل الذي بيدي وبعد ذلك أقوم . بل بادر للوقت وأوف الثلاة لله في وقتنا في كل حين ، لئلا تعتاد نفسك تدريجيا أهمال الصلاة
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:24 PM   رقم المشاركة : ( 29 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,779

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

الوحدة

كرامة الوحدة وأفضليتها

+ ثلاثة رهبان تأخروا في الرب، فاختار أحدهم الصلح بين الناس كقول الرب: " طوبى لفاعلى السلامة فأنهم بنى الله يدعون " ، واختار الآخر خدمة المرضى وتعهدهم كقوله " كنت مريضا فتعهدتموني" أما الأخير فقد اختار لنفسه الوحدة ليتفرغ لخدمة الرب وحده والصلاة كل حين كقول الرسول.

فأما الأول فإنه ضجر من خصومة الناس ولم يقدر أن يرضيهم كلهم، فلما تعب مضى إلى صاحبه الذي يفتقد المرضى فوجده قد ضجر هو الآخر مما هو فيه، فقاما معا وأتيا إلى المتوحد، وأعلماه بحالهما واستخبراه عن حالة فسكت قليلاً، ثم سكب ماء في أناء وقال لهما : " تأملا هذا الماء " ، فتأملاه مضطربا ولم ينظراً فيه شيئاً . وبعد أن سكن الماء قال لهما : " أنظرا الأن " فنظراً، وإذا الماء يريهما وجهيهما مثل المرآة، فقال لهما : " هكذا تكون حال من يكون بين الناس فإنه لأجل أضطرابهم لا يمكنه أن ينظر ما فيه ، أما إذا أنفرد ولاسيما في البرية، فحينئذ يرى نقائصه .

وأخبر بعض الآباء القديسين أن رفيقين من الأخوة ترهبا معا وأقبلا يتزايدان في النسك والعفة وسارا سيرة فاضلة مرضية . فعرض أن أحدهما أخذوه وصيروه رئيسا على دير عام وبقى الآخر متوحدا في نسك تام وعمل عجائب كثيرة وشفى مجانين كثيرين وأبرأ مرضى وأخبر بأنباء قبل كونها .

فلما سمع الذي كان قد صار رئيس الدير فرح لأخيه إذ أستحق هذه المواهب الجليلة وعجب هو من نفسه أنه ما وصل ولا إلى واحدة منها. ثم سكت ولم يكلم أحدا ثلاثة أسابيع طالبا إلى الله بدوام أن يكشف له كيف صار ذلك يعمل العجائب مشهورة الذكر عند كل من يعرفه وأنا ما وصلت ولا إلى واحدة من مواهب الله .

فظهر له ملاك الله وقال له : أن أخاك جلس لأجل الله باكيا حزينا نهاراً وليلاً قدامه جائعا عطشا لا يطلب من يسليه، أما أنت فمهتم بأشياء كثيرة، وتلقى قوما كثيرين وتخاطبهم. فيكفيك عزاء الناس " فهرب لوقته وصار حبسا.

+ قال القديس أكليميكوس : " من يحب مخالطة الناس لن يستطيع أن يتفرغ لنفسه وهو عاهة لنفسه .

+ قال القديس برصنوفيوس " محبة المسيح غربتنا عن البشر والبشريات".

+ وقال شيخ : " كل موضع تمضى إليه، أحرص ألا تجعل ذاتك من أهله"

+ وقال الأب يعقوب : " أن الغربة أفضل من ضيافة الغرباء" .

+ وقالت الأم سارة : " أن أنا طلبت أن أصنع إرادة كل الناس ، فانى سوف أوجد تائهة على باب كل أحد، فينبغى لى أن أحفظ قلبي نقياً مع كل أحد ، وأنا مبتعدة عن كل أحد " .

قيل أن بعض الآباء كان يجلس في البراري البعيدة ويسكت ، وفي يوم من الأيام سأله تلميذه قائلاً : " لماذا يا أبى تفر هاربا في البراري البعيدة ، مع أنى أسمع الناس تقول أن الذي يسكن بقرب العالم ويقاتل أفكارة من أجل الله يصير أكثر أجرة ؟ " .

أجابة الشيخ : أن الذي ينتفع من قربه للعالم هو ذاك الإنسان الذي يصل إلى أن ينظر مناظر موسى النبى ويصير أبنا لله ، أما أنا فانى أبن آدم وأنا مثل آدم أبى الذي بمجرد أن أبصر الخطية أشتهاها فأخذ وأكل منها ومات .

من أجل ذلك كان آباؤنا يهربون إلى البراري وهناك كانوا يقتلون شهوة البطن لعدم الأطعمة ، إذ كانوا لا يجدون هناك الأشياء التى تلد الأوجاع كلها".

+ وسأل أخ شيخاً قائلاً : " يا أبى ، لماذا لا يثبت جيلنا هذا في أتعاب الآباء الأولين ؟ " .

فأجابه الشيخ قائلاً : أنه لا يحب الله ولا يفر من الناس ولا يبغض قشاش العالم، لأن كل شخص يفر من الناس ومن المقتنيات فإن تعب الرهبنة يأتيه قبل سنه، فكمثل إنسان يريد أن يطفئ نارا قد أشتعلت في بقعة، فما لم يسبق ويبعد القش من قدام النار، لا يمكنه أطفاؤها، كذلك الإنسان ، أن لم يذهب إلى موضع لا يجد فيه الخبز والماء الا بشدة ، فلا يستطيع أن يقتنى تعب الرهبنة لأن النفس مالم تبصر لا تشتهى سريعاً " .

سؤال : " أن أرناب في أخ من الرهبان . تؤثر أن أسجد له سجدة ؟

الجواب : " أسجد له سجدة واقطع ذاتك منه، فإن أنبا أرسانيوس قال : "أحب الكل وأنت بعيد عن الكل" .

الثبات في الوحدة

+ حدث مرة أن جاء للقديس مقاريوس أخ جالسا في قلايته ، فتقلقل في الوحدة ، فلما عرفة بذلك ، قال له الشيخ : " أمضى ودع فكرك ، وأترك الوحدة الآن واجلس في الطاعة مع آخرين حتى يسكن العاصف" ، فمضى إلى جبل السلوى، وسكن مع الأخوة، وبعد قليل عاد إلى الشيخ، وقال له : " ومع الأخوة ما وجدت راحة . فقال له الشيخ : " مع الأخوة لا تستريح وفي الوحدة لا تتنيح ، فلماذا لبست لباس الأجناد المجاهدين ؟ ولما سمين نفسك راهباً ، ألا تتحمل الضرب والطعن والأحزان ، وأقلها الجوع والعطش . كم سنة لك في الاسكيم؟" ، فقال له : " ثمان سنين " ، فقال له الشيخ : " يا أبنى ، أن لى في الاسكيم إلى يومنا هذا سبعين سنة ، لم تخل يوما واحداً من الأحزان المرة ، وأنت في مدى ثمان سنين تريد التياح ! " .

فلما سمع الأخ هذا الكلام من الشيخ ، تعزى ومضى وسكن وحده، وبدأ يلبس عدة الحرب، وأخذ بيده الترس المنيع، أعنى الإيمان الصحيح ، ووضع على رأسه خوذة الخلاص، أي الرجاء والتصديق بما في الكتب ، حازيا قدميه ببشارة الأنجيل ، وهكذا أخذ يثبت نفسه بتدبير حسن ، حتى انحلت عنه قوة المعاند .

- لا يكن لك رجاء في هذا العالم لئلا يضعف رجاؤك في الرب .

رفض العالم

+ قال أنبا موسى الأسود :

- لنرفض شرف العالم وكراماته لنتخلص من المجد الباطل .

- لا تهتم بشئون العالم كأنها غاية أملك في هذه الحياة، وذلك لتستطيع أن تخلص .

- أبغض كلام العالم كى تبصر الله بقلبك لأن الذي يخلط حديثه بحديث أهل العالم يزعج قلبه .

- محبة أهل العالم تظلم النفس والابتعاد عنهم يزيد المعرفة .

- الذي يريد أدراك الكرامة الحقيقية عليه ألا يهتم بأحد من الناس ولا يدينه، وكلما يصلى تنكشف له الامور التى تقربه من الله فيطلبها منه. ويبغض هذا العالم، وهكذا فإن نعمة الله تهب له كل صلاح .

- أن الإنسان اذي يهرب من العالم يشبه العنب الناضج ، أما الذي يعيش بين مباهج أهل العالم فإنه يشبه العنب الحصرم.

+ كان أخ مسرعاً في الذهاب إلى المدينة ، فلما سأل شيخاً مشورة صالحة، قال له الشيخ : " لا تسرع في الذهاب إلى المدينة، ولكن أهرب من المدينة بسرعة".

الابتعاد عن العالم والعزلة

قال البار أشعياء بصدد الابتعاد عن العالم :

" أنى في بعض الأوقات كنت جالساً بقرب القديس مقاريوس الكبير حين تقدم إليه رهبان من الاسكندرية ليمتحنوه قائلين : " قل لنا كيف نخلص ؟ " .

فأخذت أنا دفترا وجلست بمعزل عنهم لأكتب ما يتحاورون به، أما الشيخ فإنه تنهد وقال :" كل واحد منا يعرف كيف يخلص، ولكننا لا نريد الخلاص.

فأجابوه : " كثيرا ما أردنا الخلاص، ألا أن الأفكار الخبيئة لا تفارقنا فماذا نعمل؟ "

فأجابهم الشيخ : " أن كنتم رهبانا ، فلماذا تطوفون مثل العلمانيين . أن الذي قد هجر العالم ولبس الزي الرهبانى وهو في وسط العالم، فهو لنفسه يخادع ، فمن كانت هذه حالة ، فقد صار تعبه باطلاً، لأنهم ماذا يربحون من العلمانيين سوى نياح الجسد، وحيث نياح الجسد لا يوجد خوف الله، لا سيما أن كان راهبا ممن يدعون متوحدين ، لأنه ما دعى متوحدا إلا لكى ينفرد ليله ونهاره لمناجاة الله. أما الراهب المتصرف بين العلمانيين فهذه تصرفاته :

قبل كل شئ تكون فاتحة أمره أنه يضبط لسانه ويصوم ، ويذلل نفسه إلى أن يعرف ويخرج خبره ويقال عنه : الراهب الفاني هو عبد الله ، وسرعان ما يسوق أبليس إليه من يحضر له حوائجه من خمر وزيت وثياب ودراهم وكل الأصناف، ويدعونه : " القديس ، القديس " .

فبدلا من أن يهرب من السبح الباطل الناتج عن قولهم له : " القديس " يتعجرف الراهب المسكين ، ويبدأ في مجالستهم ، فيأكل ويشرب معهم، ويستريح براحتهم ، ثم يقوم في الصلاة ويعلى صوته حتى يقول العلمانيون أن الراهب يصلى ساهراً، وكلما زادوه مديحاً، زاد هو كبرياء وعجرفه. فان كلمة أحد بكلمة حسنة جاوبه حسنا .

ثم يكثر نظره إلى العلمانيين ليلا ونهارا ويرشقه أبليس بسهام النساء ، ونشاب الصبيان ، ويلقيه في اهتمامات عالية ويقلق وينزعج كما قال الرب : " أن كل من نظر إلى امرأة نظرة شهوة فقد أكمل زناه بها في قلبه " . وأن كان ينظر إلى هذا القول على أعتبار أنه خزافة، فليسمع قول الرب قائلاً له : " أن السماء والأرض تزولان، وكلامى لا يزول" .

وبعد ذلك يبدأ في حشد حاجته لسنته، بل يجمعها مضاعفة، ويبدأ كذلك في جمع الذهب والفضة، ويلقيه الشيطان في هوة حب المال، فأن أحضر له إنسان شيئاً يسيراً أشاح بوجهه عنه ولا يقبله كأنه لم يأخذ شيئاً، أما أن أحضر له إنسان ذهباً أو فضة أو ملبوسات أو غير ذلك مما يرضاه ، فللوقت يقبله بفرح ويعد المائدة الحسنة ويبدأ يأكل . أما البائس ، لا بل المسيح فيتلوى جوعا، ولا يفهمه أحد. لهؤلاء قال سيدنا المسيح : " أن دخول الجمل في ثقب أبرة ، أيسر من دخول غنى إلى ملكوت الله " .

قولوا لى يا أبائي : هل الملائكة في السماء تدمع ذهباً وفضة وتسجد لله؟ ، فنحن يا اخوتى عندما لبسنا هذا الزى، أترى لنجمع مقتنيات وحطاما، أم لنصير ملائكة؟. فإذا كنا يا أخوتي قد هجرنا العالم ورفضناه، فلماذا نتراخى أيضاً ويردنا أبليس عن طريق المسكنة، أما فهمتهم أن الخمر ونظر النساء والذهب والفضة والنياح الجسدى وقربنا من العلمانيين ، هذه كلها تبعدنا من الله ، لأن أصل الشرور كلها محبة الفضة ، وبمقدار ما بين السماء والأرض من البعد ، هكذا بين الراهب المحب للفضة وبين مجد الله .

نعم لا توجد رذيلة أشر من رذيلة الراهب المحب للفضة . أن الراهب الذي يجالس العلمانيين يحتاج إلى صلوات قديسين كثيرين ، أما سمعت قول الرسول يوحنا: " لا تحبوا العالم ولا شيئاً مما في العالم فمن أحب العالم ، فليست فيه محبة الله" كذلك الرسول يعقوب يقول أيضاً : " من أراد أن يكون خليلا للعالم فقد صار عدوا لله " .

فلنفر نحن أيها الأخيرة من العالم كما نفر من الحية ، لأن الحية إذا نهشت فالبكاد تبرأ عضتها، كذلك نحن أيضاً أن شئنا أن يكون رهبانا فلنهرب من العالم، لأن الأوفق لنا أيها الأخوة أن تكون لنا حرب واحدة بدلاً من قتالات كثيرة .

قولوا لى يا أخوتى ويا أبائى ، في أي موضع أقتنى أباؤنا الفضائل، في العالم أم في البراري ؟ أذن ، كيف تقتني الفضائل ونحن في العالم ، لن نستطيع ذلك ما لم نجع وما لم تعطش وما لم نساكن الوحوش وتموت بالجسد، كيف تريد أن نرث ملكوت الله ونحن بين العالم ، لتنظر إلى ممالك الأرض فإنه ما لم يحارب الجندي ويغلب فلن ينال الرتبة، فكم وكم أحرى بنا أن نفعل ذلك. فلا نظن أننا نرث ملكوت السموات ونحن بين العالم فلا يوسوس لنا الشيطان أفكارا ردية هكذا قائلاً: أجمع حتى تستطيع أن تعمل صدقة. لنعلم أن من لم يشأ أن يصنع رحمة من فلس واحد فأن يعمل رحمة من ألف دينار .

لا يليق بنا أن نفعل ذلك يا أخوتى ، لأن هذه الأمور هي من عمل العلمانيين، أن الله لا يريدنا نحن الرهبان أن نقتني ذهباً أو فضة أو ملابس أو أموراً هيولية لأن الرب أوصى قائلاً : " أنظروا إلى طيور السماء فإنها لا تزرع ولا تمصد ولا تزن في الاهراء ، وأبوكم السماوي بقوتها " ، أن الراهب المقتني ذهباً وفضة لا يثق بأن الله قادر على أن يعوله، وأن كان لا يعوله فلن يعطيه ملكه.

أن الراهب الذي عنده حاجته وينتظر من يحضر له، هو شريك ليوداس الذي ترك النعمة وسعى طالبا محبة الفضة .

وبولس الرسول أذ عرف ذلك، لم يدع محبة الفضة أصل كل الشرور فحسب، بل وسماها أيضاً عبادة أوثان ، فالراهب المحب للفضة هو عابد للأوثان، أن الراهب المحب للفضة بعيد من محبة المسيح، الراهب الذي له في قلايته فضة فإنه يعبد ويسجد للأصنام المنقوشة، أعنى الدنانير، وكل يوم يذبح لها عجولا وكباشاً، بأخضاع نيته وارادته لمحبة الفضة الردية، تلك التى تفصل الراهب عن طغمات الملائكة فيا لمحبة الفضة المرة، أصل كل الشرور، الفاصلة للراهب من ملك السموات ، والباعثة أياه إلى التعلق بسلاطين الأرض " . فيالمحبة الفضة سبب كل الرذائل، الساحبة للسان الراهب المحب للفضة ، لأنه قد تخلى عن الوصية القائلة : " لا تكنزوا لكم ذهباً ولا فضة " .

وقد يزعم ذلك الراهب المسكين قائلاً : " أن الاقتناء لا يضرني" وهو لا يعلم أنه حيث الذهب والفضة والهيوليات، فهناك دالة الشياطين وهلاك النفوس، والويل المؤبد. كيف يدخل التخشيع في نفس إنسان مقتن للفضة، وقد جاء عن مصدر دعوته إلى الحياة الدهرية ، خالقة ورازقه، وصار بذلك متعبداً وساجداً لمنحوتات غير متحركة : أعلى الدنانير ، كيف يقتني الخشوع من هذه صفته ؟

يا أخوتى ، ويا أحبائي كيف يكون لنا نحن الرهبان ذهب وفضة وملابس ، ولا نكف كذلك عن الجمع ، مع أن البائس لا بل المسيح جائع وعطشان وعريان ، ولا نفكر فيه؟ ماذا يكون جوابنا أمام السيد المسيح : وقد هجرنا العالم ، وها نحن نعاود الطواف فيه ؟

أن طقسنا ملائكى لكننا جعلناه علمانياً ، لا يكون هذا منا يا أخوتى. أيانا أن نعلمه بل لنهرب من العالم، لأنه أن كنا بالكاد نخلص في البرية، فكيف يكون حالنا بيت العلمانيين ؟ ، فلن يكون لنا خلاص ، لا سيما والرب يقول : " من لا يهجر العالم وكل ما فيه وينكر نفسه ويأخذ الصليب ويتبعنى فلن يستحقنى" ، وأيضاً يقول: " أخرجوا من بينهم وافترقوا عنهم وأنا أقبلكم وأجعلكم لى بنين وبنات ".

أرأيتم عظم المنفعة من الهروب من العالم، لأنه نافع لنا جداً وموافق، لأن مجالس العلمانيين ليس فيها شئ سوى البيع والشراء وما يتعلق بالنساء والأولاد والزرع والدواب، فهذه المخالطة تفصل الراهب عن الله، فمؤاكلتهم ومشاربتهم تجلب الكثير من الضرر. ولسنا نعنى بهذا أن العلمانيين أنجاس ، معاذ الله، لكنهم يسلكون في الخلاص طريقا آخر غير طريقنا، فهروبنا هو هروب من مخالطتهم- فلنطلب سبهم فينا أكثر من مديحهم لنا، لأن سبهم لن يفقدنا شيئاً أما مديحهم فهو سبب عقوبتنا، منفعتى إذا انا أرضيت الناس وأغضبت ربى والهى، لأنه يقول : "لو كنت أرضى الناس فلست عبداً للمسيح " .

إذن فلنبتهل أمام ربنا قائلين : " يا يسوع إلهنا نجنا وانقذنا من مخالطتهم" .

(أ) وحدة السكن

+ قال القديس أنطونيوس :

- " لا ترقد على حصيرة واحدة مع من هو أصغر منك " .

- " لا يرقد أثنان منكم على حصيرة واحدة " .

+ وقال القديس باخوميوس :

" لا يرقد أحدكم على مرقد ليس له، ولا يدخل أحد منكم إلى موضع رفيقه بغير رساله أو حاجة . كي لا يجد العدو له فينا موضعا البتة " .

(ب) الزيارات

+ قال القديس أنطونيوس :

" لا تلب دعوة وليمة . وإذ مضيت إلى أخ فلا تبطئ في قلايته " .

(ج) أروقة الدير

+ قال القديس أنطونيوس :

" لا تجلس في أزقة الدير " .

(د) الأهل

+ قال القديس أنطونيوس

- أن شئت أن تخلص فلا تدخل بيتم الذي خرجت منه، ولا تبصر أبويك ولا أقرباءك الجسدانيين، والا فأنت تقيم زمانك كله بغير ثمرة .

- لا تعد تفتقد أهلك الجسدانيين . ولا تعطهم وجهك لينظروك .

+ قيل عن أحد رهبان الاسقيط أن ابنه أخذ في خدمة سلطانه ، فكتبت أم الصبي إلى زوجها الراهب أن يسأل الوالى في اطلاقه، فأجاب الراهب وقال للرسول: " أن هو أخلى سبيله أما يأخذون غيره ؟ " قال : " نعم " قال الراهب : "وأية منفعة من أن تفرح قلب هذه ، ونحزن قلب أخرى ؟ " .

وكان ذلك الراهب يعمل عملا متواصلاً ، فكان يأخذ منه حاجته ، وما بقى بعد ذلك يفرقه على المساكين ، فلما حدثت مجاعة عظيمة، أرسلت الوالدة ولده إليه تطلب منه أن يعطيها خبزاً قليلاً، فلما سمع الراهب قال لولده ، " أما يوجد في الموضع قوم آخرون محتاجون مثلكم ؟ " فأجابه : " نعم يا أبي كل الناس محتاجون" فأغلق الباب في وجهه وتركه باكيا وقال : " أمض يا ولدى، والمتهم بالكل يهتم بكم " .

فسأله أحد الأخوة الشيخ قائلاً : " أما يؤلمك الفكر إذا رددت هكذا؟ فأجابه: " أن لم يكره الإنسان نفسه في كل أمر ، فما يقدر أن يقدم شيئاً من الصلاح البتة".

قال أحد الآباء :

" أن جحدت أنسباءك بالجسد ، مع أمور الجسد لأجل الله، فلا تنخدع للرحمة على والدتم أو أبنك أو أخيك أو أحد أنسبائك، لأنك قد تخيلت عن هذه كلها، أذكر ساعة موتك ، فلن ينفعك واحد منهم " .

+ أخبر أحد الرهبان بأن أباه قد مات ، فأجاب الذي أتاه بلخبر قائلاً : "كف عن التجديف ، فأن أبى لا يموت " .

+ قيل أن بعض الأخوة كانت له والدة تقية ، فلما حدثت مجاعة كبيرة ، أخذ قليلاً من الخبز ومضى إليها ، ولما كان يسير جاء إليه صوت قائلاً: " أتهتهم أنت بوالدتك ، أم أنا المهتم بها ؟ " فميز الأخ قوة الصوت ، وخر على الأرض بوجهه قائلا :" أنت يا رب هو المتهم بنا " ونهض رادعاً إلى قلايته. وفي اليوم الثالث ، جاءت إليه والدته، وقالت له : " أن فلانا الراهب أعطاني قليلا من الحنطة ، خذها وأصنع لها أرغفة لنأكل " فلما سمع الأخ بذلك ، مجد الله وقوى أمله .

+ وراهب أخر كان فاضلاً جداً لدرجة أنه كان يخرج الشياطين بصلاته وكانت له أم عجوز مسكينة ، فحدثت مجاعة عظيمة، فأخذ الراهب خبزاً ومضى ليفتقد والدته ، وبعد أن رجع إلى قلايته ، أحضر أمامه مجنون فقام ليصلى عليهكعادته، فأخذ الشيطان يهزأ به قليلاً : " ماما .. ماما " .

+ كذلك قيل : سأل أحد الأخوة شيخاً . وقال له أن أختى مسكينة فهل أعطيها صدقة ، أذ ليس لها نظير في المساكين ؟ " قال له الشيخ : " لا " . قال الأخ: " لم أيها الأب " قال له الشيخ : " لأن الدم يجذبك إلى ذلك ، أكثر من وصية المسيح " .

+ وراهب سأل الأب برصنوفيوس بشأن أخيه العلماني المحتاج إلى ثوب فأجابه :

" اتسألني أيها الأخ بخصوص أخيك ؟ ، أنى لا أعرف لك أخا غير المسيح فأن كان لك أخوة فأعمل معهم ما شئت ، فأنا ليس لى كلام ، لأنه أن كان الرب نفسه قال : " من هى أمى ومن هم أخوتى ؟ " فلماذا أقول أنا لك ؟ هل تطرح وصية الرب وترتبط بمحبة أخيك حتى ولو كان مفتقرا إلى ثوب وأن كنت قد ذكرت أخاك، فلم لم تتذكر المساكين الآخرين، لا بل لم لم تذكر القائل عن نفسه: "أنى كنت عريانا ولم تكسونى ؟ " ولكن الشياطين تلاعبك بل وتذكرك أيضاً بأولئك الذين كنت قد جحدتهم لأجل المسيح، لكيما تظهر مخالفاً لأوامره " .

+ كان لأحد الرهبان أخ علمانى وكان يواسيه في عمله وبقدر ما كان يواسيه ، كان ذاك يفتقر أكثر ، فمض الراهب واخبر بعض الشيوخ فقال له الشيخ: " أن سمعت منى ، فلا تعد تعطية شيئا بعد ، بل قل له : لما كان لى كنت أعطيك ، أما الآن فبقدر ما تيسر لك هات أنت لى . وكل ما يأتي به إليك أعطه للمساكين واسألهم أن يصلوا من أجله " .

فلما جاءه أخوه العلمانى، قال له كما أعلمه الشيخ . فمضى من عنده كئيباً، وفي اليوم الثالث ، أحضر له من تعبه قليل بقل ، فأخذه الراهب وأعطاه للشيوخ وسألهم أن يصلوا من أجله . ولما جاء ثانى مرة أحضر له بقولا وثلاث خبزات، فأخذها الراهب وعمل مثلما عمل أولاً. ولما جاء لثالث مرة، أحضر له أشياء ذات ثمن كنبيذ وسمك، فلما رأى الراهب ذلك تعجب وأستعدى المساكين وأطعمتهم وقال لأخيه : " هل أنت محتاج إلى قليل من الخبز فأعطيك ؟ فقال له ذاك : "لا يأ خي . لأني لما منت آخذ منك شيئا. كان كأنه نار يدخل إلى بيتى فتأكله وكأنه هباء تأخذه الريح فلا أجده ، ومنذ أن توقفت عن أن آخذ منك شيئاً، بارك الله لى".

فمضى الراهب وأخبر الشيخ . بكل ما جرى فقال الشيخ : " أن متاع الراهب هو نار ، أينما دخل أحرق " .

(هـ) الصبيان

+ قال أنبا أنطونيوس :

" لا تتحدث مع صبى ، لا تصادقه البتة ولا تعاشره بالجملة ولا ترهبنة بسرعة . وإذا حدثت عثرة بسبب شاب لم يلبس الأسكيم بعد فلا ترهبنه بل أخرجه من الدير بسرعة " .

+ قال شيخ :

" لا تصادق صبياً ولا تخاطبه ولا تبغض أنساناً "

" أن فخ الشيطان بالنسبة للرهبان هم الصبيان أكثر من النساء " .

+ قال أنبا بيمين :

" أن سكن أنسان مع شاب ، فإنه فاعل خطية ، لأن معاشرة الشباب معصية فإحذرها " .

+ وقال أبو يحنس :

" كل من اجتمع أو تكلم مع صبى فهو زان بكفره " .

+ وقيل أيضاً :

" كن ملازماً للشيوخ الروحانيين ، وتعلم سيرتهم وأبعد عن الأحداث والصبيان " .

+ قال أنبا باخوميوس :

" لا تصادق صبيا وأن كنت غريباً فأعتكف ولا تدخل عند أحد ولا تختلفط بصنائع الدنيا " .

+ قال الشيخ الروحانى :

" المحبة المفرزة للصبيان، هي زنى سمج أمام الرب، ولا يوجد جبر لأنكساره. شاب يصاحب شابا ، فليبك عليهما ذوو الأفراز. والشيخ الذي يحب صحبه الصبيان، أعلم أن أوجاعه انجس من الصبيان النجسين ، وأن كان يكلمهم بالأعاجيب لكن قلبه بالحماة غارق، يا أخى، أن عشت للعالم، فسوف تصبح حيا للعالم . واحد بواحد، فأن أثنين لا يوجد أن مثل الكلمة الذي له المجد إلى الأبد آمين " .

(و) العلمانيون

+ قال أنبا انطونيوس :

" لا تخالط علمانيا بالجملة " .

(ز) الرؤساء

+ قال أحد الرهبان : " لا تتعرف بالرئيس ولا تتملقه ، لئلا يحصل لك من ذلك دالة ، فتشتاق للرئاسة " .

+ وقال آخر : " لا تصادق رئيسا " .

(ح) الأصحاب والجيران

+ قال مار أسحق : " من مات بقلبه عن أصحابه، فقد مات المحتال عنه".

= سأل أخ أنبا موسى : قائلاً : " كيف يبتعد الإنسان بنفسه عن جاره ؟ قال له الشيخ : ما لم يضع الإنسان في قلبه أنه قد صار في القبر منذ ثلاث سنين ، فلن تكون له القوة الكافية لحفظ هذا القول " .

(ط) الأخوة غير الحكماء

+ قال مار أسحق :

- صديق غير حكيم يشبه سراجا في شمس، ومشير أحمق كضرير مرشد.

- حالة تفتت القلب هي مجالسة غير الحكماء إذ أنها فخ مخفي .

- صديق جاهل هو ذخيرة خسارة . مشاهدة النادبات في منزل البكاء أفضل من رؤية حكيم تابع لاحمق .

(ى) الأخوة المنحلون

+ قال مار اسحق :

- لا تكن صديقا لمحب الضحك والمؤثر أن يهتك الناس، لأنه يقودك إلى أعتياد الاسترخاء .

- لا تظهر بشاشة في وجه المنحل في سيرته، وتحفظ من أن تبغضه.


- عبس وجهك لدى من يبدأ في أن يقع في أخيه قدامك، فإنك أن فعلته هكذا، تكون متحفظاً لدى الله تعالى ولديه .

(ك) الاخوة المتعظمون

+ قال مار أسحق :

- جالس المجذومين ولا تجالس المتعظمين .

- العادم من الأصدقاء المغرورين ، عادم من الضنك .

(ل) النســـاء

" لا تقرب إليك امرأة ، لا تأكل معك ولا تدعها تدخل منزلك فالغضب يمشى خلفها " .

+ قال مار أسحق :

" عفة ومحادثة مع أمراة ، كلبؤة وخروف في بيت واحد " .

+ قال القديس باخوميوس :

- لا تحادث أمراة ولا تدخل عندها، لأن الحديد إذا وقع على الحجر قدح ناراً . الجسد قائلاً : " أننا منذ زمان طويل قد تحنكنا بالتجربة، أو أنني قد صرت ضعيفاً أو عجوزا أو أن الحزن والصوم قد أذلنى " .

فأياك أن تغتر به لأن الأعداء داخله يكمنون لك. لئلا يحلقوا شعر رأسك (أي أفكار عقلك) فيفارقك روح الله وتضعف قوتك فيأتي الغرباء ويربطونك ويذهبون بك إلى موضع الطحن حيث تصبح أضحوكة والعوبة فيقلعون عينيك ويصيرونك أعمى لا تعرف طريق الخلاص . ولا تنفك من أسرك حتى تموت عند الغرباء بحزن عظيم .

فالأن يا بنى استيقظ واعرف مواعيدك وأهرب من القاس القلب الغاش لئلا يقلع عينى عقلك. تحفظ من الزني وأذكر العذاب المعد للدنسين. أهرب من مصر ولا تشرب ميها من جيحون التى هى الأفكار العاهرة .

+ قال أنبا بنيامين :

كما أن الملح من الماء يخرج وفي الماء ينحل ويذوب ، كذلك الرجال من النساء يخرجون ، ومن النساء يهلكون .

+ قال أبرام تلميذ شيشاي لأبيه :

" يا أبي، أنك قد كملت وأرضيت الله، فامض بنا إلى قرب العالم قليلاً ".

فقال الشيخ : " أبحث لنا يا أبني عن موضع لا يوجد فبه أمرأة فتمض إليه"

قال له التلميذ: " وأي موضوع يوجد خاليا من امرأة غير البرية ؟ " .

قال : " فأحملنى يا بنى وادخل بى الى داخل البرية " .

+ وقيل أيضاً : أن أحد رؤساء ديارات البرية نزل في بعض الأيام، قاصرا المدينة ، فوجد طفلا ملقى على جانب الطريق، فأخذه الى الدير ورباه على (لبن) شاة، حتى كبر ولم يكن يعرف سوى الرهبان، وحدث أن خرج الرئيس مرة لقضاء أمر ما ، فأخذه معه، وبينما هما يمشيان في الطريق، إذا بمواش ترعى ، رآها الغلام قال لمعلمه : " ما هي هذه الأشياء يا أبى ؟ " .

فقال له : " هذا بقر ، وتلك جمال ، وهذا حمير ، وهذا كذا .. " ، وهكذا استمر الغلام يستفهم من معلمه عن كل شئ يبصره ، حتى لقيتهما جارية، شابة، جميلة ، فقال الغلام : " ما هذه يا أبى ؟ " .

فقال له : " هذه هي الشيطان " ، فلما قضيا حاجتهما ، ورجعا إلى الدير، سأل الشيخ الغلام قائلاً : " ماذا أعجبك يا أبنى من كل ما رأيت ؟ " فقال الغلام: "لم يعجبني شئ إلا الشيطان وحده " .

فلما سمع الشيخ تعجب كيف أن المرأة تفتن حتى الذين لا يعرفون شيئاً" .

(م) الاحتراس بالأعضاء والحواس من الدالة

+ قال القديس باخوميوس :

- لا يرافق أحدكم الآخر لقضاء الحاجة معا في مكان واحد .

- لا يمسك أحد منكم يد رفيقه أو يلمس أي شئ من جسده من غير أمر شروري إلا في رجل مريض أو في حالة وقوع احد فيساعده آخر حتى يقوم ، ويحتاج الأمر حينئذ أن يمسكه حتما ويلمسه . على أن ذلك أيضاً يكون بحرص وحذر " .

- لا يجلس أحد منكم مع رفيقه في متكأ في عزلة ليتهامسا معا بل كونوا بعيدين بعضكم عن بعض قليلا حين الكلام مع بعضكم البعض .

(ن) الالتصاق بالاطهار والعمالين

+ قال مار أسحق :

" محادثة الفضلا والمشير الحكيم سور رجاء " .

+ قال أنبا باخوميوس :

" إذا ضعفت عن أن تكون غنيا بالله فالتصق بمن يكون غنيا به لتسعد بسعادته وتتعلم كيف نمشى حسب اوامر الإنجيل. فإذا أحببت الأطهار فأنهم يكونون لك أصدقاء ومعهم تصل إلى مدينة الله المملوءة نوراً " .

+ قال شيخ :

" إذا أقام راهب عمال في موضع مع رهبان غير عمالين، فإنه لا يفلح إلا إذا ضبط نفسه ، ولم يرجع إلى الوراء ، ويكون بذلك مستحقاً جزاء صالحاً، أما الراهب الباطل ، الذي يقيم بين مجاهدين فأن أنتبه ، فأنه يمشى إلى قدام ، ولن يرجع إلى وراء .

+ وقال آخر :

" من اجتمع باخوة عمالين ، فلو كان غير عمال فان لم يتقدم إلى قدام ، فلن يتأخر إلى وراء، كذلك من يجتمع بأخوة متهاوئين فلو كان عمالاً فأن لم يخسر فلن يربح . الساقط فينهض لئلا يهلك ، والقائم فليتحفظ لئلا يسقط .

+ وقال شيخ :

إذا أنت مشيت مع رفيق صالح من قلايتك إلى الكنيسة ، فإنه يقدمك ستة أشهر، وأذا أنت مشيت مع رفيق ردئ من قلايتك إلى الكنيسة فهو يؤخرك سنة.
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:25 PM   رقم المشاركة : ( 30 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,779

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

المجاهد

+ قال بعض الشيوخ :

" ينبغى للمجاهد أن يبغض كل المفرحات التى للعالم، ويقاتل الأوجاع واللذات، ويقضي حياته كلها بالتحفظ، ويطلب محبة الله ورضاه، ويكون دائماً كل حين حذرا من عاداته القديمة، مبتعدا منها، لاسيما الأفعال الرديئة ، وكل الاهتمامات الجدسية والكلام والسمع، وليبتعد أيضاً من الشبع ، وليس الشبع من الأطعمة اللذيذة والشراب فقط، بل ومن الخبز والماء، ومن كل أمتلاء، وليكن أكله بقدر، وفي وقت الصلاة يجمع عقله كمن هو قائم بين يدى الله ، لأنه في ذلك الوقت يحتاج إلى أن يجمع فكره لله بلا طياشة، ويتمم خدمته وذبيحته الروحية، ولا يغفل عن ذكر الرب وتلاوة المزامير في كل حين ، لأنه بهذا تعتق النفس من الأفكار السيئة، وليكن مبتعداً عن كل حديث ، ونظر، وعمل ليس فيه ربح، وكل ما يعمله، ويتكلم به يكون لتسبيح الله لا ليرائى الناس، ولا يفرح بفرح الناس ، ولا يسر بكثرة المقتنيات " .

+ وقال شيخ :

" كما أن الفارس إذا خرج للقتال لا يهتم بأحد من الناس، ولا يفكر أن كان هذا قد طعن أم ذاك، أو أن كان هذا قد خلص أو ذاك، وانما الهدف الأول الذي يضعه نصب عينيه هو كيف ينتصر، هكذا ينبغي أن يكون الراهب ".

+ وقيل أيضاً :

" إذا لم تتحرك الأوجاع على الإنسان، فلن يكون مجرباً" .

+ وحدث مرة أن سأل أنبا يوسف الآب سيصوى قائلاً :

" كم من الزمان يحتاج الإنسان لقطع الآلام ؟ " .

أجابه الشيخ : " في أية ساعة تتحرك الآلام ، ففي الحال أقطعها".

+ سأل أنبا موسى الأنبا سلوانس: " هل يمكن للإنسان أن يبدأ كل يوم؟" .

أجابه : أن كان مجاهداً فإن في استطاعته أن يبدأ كل يوم " .

+ ومرة سمع أنبا اسحق صياح ديك فقال لأنبا بيمين : هل يوجد دواجن هنا يا أبي ؟ " .

أجابه قائلاً: " لماذا تجبرنى أن أتحدث إليك يا أسحق ؟ الذين يشهبونك فقط هم الذين يسمعون مثل هذه الأصوات ، أما المجاهد فلا يشغل نفسه بمثل هذه الأمور" .

أ- الحرارة في العبادة

" حارين في الروح – عابدين الرب "

+ قال القديس يوحنا القصير :

أن أحد الرهبان رأى بالنظر المعقول ثلاثة رهبان وقوفا على شاطئ البحر، فجاءهم صوت من الشاطئ الآخر قائلاً: " خذوا لكم أجنحة من نار وتعالوا إلينا" فأثنان منهم أخذوا أجنحة نارية وطارا بها إلى الجانب الآخر، أما الثالث فصار يبكى ويصرخ نائحاً، وفي آخر الوقت أعطى أجنحة لكنها عديمة القوة وبصعوبة كان يطير ثم يعود فيسقط، وينهض ثم يعود فيغرق وهكذا حتى وصل إلى الجانب الآخر بعد تعب عظيم، هكذا يكون عمل خذا الجيل، فأن كان قد أخذ أجنحة لكن نار الروح ليست فيها، وبذلط تجدها قد عدمت قوة روح الله .

+ وقيل أيضاً :

" جيد للراهب أن يعيش مثلما عاش أنبا أرسانيوس فاحترسوا أيها الأخوة لكى تقفوا أمام الله بلا لوم وأن تقتربوا إليه بالدموع مثل المرأة الخاطئة وتضرعوت للرب الإله باعتباره واقف أمامكم لأنه قريب ويراعانا بأهتمام".

+ كان رجل راهب رومى في دير ثيؤدوسيوس قرب الأردن. أسمه "اخرسطوفورس" فصنع أحد الرهبان مطانية وقال له : أصنع محبة يا أبي وأخبرنى بعملك وإنت شاب. فعلم الشيخ إنه يطلب ذلك لمنفعة نفسه. فقال له: أخبرك يا أبنى أننى كنت في حرارة أول ما ترهبت وكنت أذهب في الليل إلى مغارة الأب القديس ثيودوسيوس لأصلى وكان لها 18 درجة فكنت أعمل على كل درجة مائة مطانية. فإذا بلغت إلى أسفل المغارة صنعت أيضاً مطانيات كثيرة وأصلى إلى ضرب الناقوس. وبعد ذلك كنت أعمل القانون مع الآباء. فبقيت على هذا مدة عشرين سنة في صوم وتعب ومسكنة وطاعة .

وفي بعض الليالي وقد أتممت المطانيات، فبلغت الى أسفل المغارة كأنني قد سبى عقلي . ونظرت إلى أسفل المغارة، وإذا قناديل بعضها مضئ وبعضها مطفأ ورجلان لباسهما أبيض يسرجان تلك القناديل .. فسألتهما عن خبر تلك القناديل. فقالا: في هذه القناديل الآباء فقلت ولم بعضها منطفئ وبعضهم مضئ. فقالا: كل من أحب أخاه فقنديله يسرج .

فقلت لهم : أصنعوا محبة من أجل الله وأخبروني أيهما قنديلي، وهل يسرج أم لا . فقالا لى : أصل وأحب ونحن نسرجه .

فقلت لهم وأيضاً أنا احتاج أن أصلي فأي شئ عملي إلى هذه الغاية .

وبعد ذلك تنبهت ورجعت إلى نفسى. ولم أر أحداً . فقلت لنفسي . أخرسطوفورس : أن كنت تريد الخلاص فأنت محتاج إلى نقاوة وتعب. ولما أصبحت توجهت إلى طورسينا وليسر معى الا الثياب التى على . فأقمت هناك خمسين سنة. فجاءنى صوت يقول : عد إلى ديرك حيث جاهدت لتكون مع آبائك.

ببعد أن أخبر بهذا أقام أياماً قلائل وتنيح .

ب- تكوين العادة

+ قال مار اسحق :

+ " رباطات النفس هي العادات التى يعتادها الإنسان أن كانت بالجيد أو بالردئ" .

+ " تخوف من العادات أكثر من الأعداء، أن من يربى عنده عادة، هو كإنسان يشعل نارا بكثرة الوقود، وذلك لأن قوة الإنسان تتقوم بالمادة، أما العادة فإنها إذا ما طالبت مرة ولم تجبها إلى طلبها، فأنك تجدها في وقت آخر ضعيفة أما أن صنعت لها ما طلبته فإنها تتقوى في الثانية أكثر مما سلف " .

+ " لا تثبت مع أي فكر كان حتى ولو كان حقيراً، لئلا تتأسس فيك عاداك، واضطرار العادة يجعلك عبداً لذاك الألم " .

+ " المتوحد الذي يخدم الآلام هو تلميذ الآلام ، واضطرار عادة معلمه تغصبه ليكون كمثل معلمه بغير أرادته حسب الكلمة السيدية، كل ملك ولو كان حقيراً ، لكنه جبار في بلده وقوى، وكل ألم ولو أنه حقير، ولكن في بلد يظهر سلطانه " .

+ " العادات تشجع الآلام ، والأعمال تؤسس الفضيلة " .

+ " سلاح الألام والفضائل هو تغيير العوائد والخاصيات، فالعوائد تطلب ما يقدم لها وهي زباطات بالنفس، وبالسهولة تقتنيا وبصعوبة تنحل منها " .

+ " أن الآلام والفضائل التى لم تؤسس بالاعتياد مدة من الزمن فهي كالشجاع العارى من سلاحه " .

" لا تترك عادة تتأسس فيك وتزيد الأفكار بغير قيام ، لئلا تتجدد فيك الآلام التى قد هدأت قليلاً " .

+ " الأنواع والعوائد التى عتقت في الإنسان ، تكمل له موضع الطبع".

+ كل عادة إذا سلمت لها بأهتيارك، تصبح لك في النهاية سيداً، تسير قداكه مضطراً بغير أختيارك " .

+ قال شيخ :

" لا يوجد شئ أصعب من العادة الرديئة، إذ يحتاج صاحبها في سبيل قطعها إلى زمان وتعب كثير، أما التعب فهو في متناول الكثيرين ، ولكن الزمان الذي يحتاج إليه فما أثل من قضاه حتى النهاية، لأن أكثر أصجابها أختطفهم الموت قبل تمام قطعها، والله وحده هو الذي يعلم كيف يدينهم " .

ج- اقتناء الفضيلة

+ سئل شيخ : " كيف يقتنى الراهب الفضيلة ؟ " فأجاب : " أن شاء أحد أن يقتنى فضيلة ما ، فأن لم يمقت أولا الرذيلة التى تضادها فلن يستطيع أن يقتنيها، فإن شئت أن يحصل لك الحزن فأمقت الضحك، وأن آثرت أن تقتني التواضع فابغض الكبرياء. وأن أحببت أن تضبط ارادتك فامقت الشر والتحريف في الأشياء. وأن شئت أن تكون عفيفا أمقت الفسق. وأن شئت أن تكون زاهداً في المقتنيات فامقت حب الفضة. ومن يريد أن يسكن في البرية فليمقت المدن . ومن يشتهى أن يكون له سكوت فليمقت الدالة، ومن أراد أن يكون غريباً من عاداته فليبغض التخليط ومن يريد أن يضبط غضبه فيبغض مشيئاته ومن يريد أن يضبط بطنه فليبغض اللذات والمقام مع أهل العالم. ومن أراد عدم الحقد فيبغض المثالب. ومن لا يقدر أن يكابد الهموم فليسكن وحده منفرداً، ومن يريد أن يضبط لسانه فليسد أذنيه لئلا يسمع كثيراً. ومن يريد أن يحصل على خوف الله فليمقت راحة الجسد ويحب الضيقة والحزن. فعلى هذه الصفة يمكنك أن تعبد الله باخلاص ".

+ وسأل أحد الأخوة شيخاً " كيف تقتنى النفس الفضيلة ؟ " .

فقال : " إذا هى أهتمت بزلاتها وحدها " .

+ قال قديس : " أن الفضيلة تريد منا أن نريدها لا غير " .

من أقوال الأنبا أوغريس :

" من يقول أنه أفتنى فضيلة بغير جهاد، فهو إلى الأن ممسوك في الآلام، لأن شر الأعداء هو قبالة أتعاب الفضيلة، والقلب الذي ليس فيه قتال، ليست فيه فضيلة ولا شجاعة ، وكما أن الإنسان البراني يعمل شغل اليد كي لا يحتاج ، هكذا الجوانى يعمل لئلا يثقل العقل، لأن الأفكار إذا وجدت النفس بطالة من تذكار الله، حينئذ تذكرها بالأفعال الردية ".

+ وقال مار اسحق :

+ " لا تظن في نفسك أنك تنال مسيرة فاضلة أو صلاحا لنفسك بغير تعب".

+ " إن حد كل تدبير للسيرة يكون بهذه الثلاثة " :

التوبة ، والنقاوة ، والكمال .

ما هي التوبة ؟ .. هي ترك الأمور المتقدمة ، والحزن من أجلها .

ما هي النقاوة ؟ .. هي قلب رحيم على جميع طبائع الخليقة .

وما هو الكمال ؟ .. هو عمق الاتضاع ورفض كل ما يرى وما لا يرى ، أي ما يرى بالحواس ، وما لا يرى بالهذيذ عليه " .

+ وقال أيضاً :

" خمس فضائل يدونها جميع طبقات الناس لا يمكنهم أن يكونوا بلا لوم ، وإذا حفظها الإنسان ، يخلص من كل مضرة ، ويصير محبوباً عند الله والناس أيضاً وهي :-

" جسد عفيف ، لسان محترس ، زهد في الرغبة والشره، كتمان الشر في سائر الأشياء بغرض مستقيم إلهي، وأكرام كل طبقات ومراتب الناس، فوق ما يستحق ذلك الوجه ، لأن الذي يكرم الناس يكرم هو ايضاً منهم ، كما يأخذ المجازاة من الله ، لأن الكرامة توجب الكرامة، والازدراء يجلب أزدراء، والذي يكرم الله يكرم هو أيضاً منه " .

+ وقال آخر :

" من أجل هذا لسنا نفلح لأننا لا نعرف مقدرتنا، وليس لنا صبر في عمل نبدأ به ، ولكننا نريد أن نقتني الفضائل بلا تعب " .

+ وقيل أيضاً :

" سمع أخ بأخبار القديسين فظن أن في أمكانه أن يقتني فضائلهم بلا تعب فسأل شيخاً كبيراً ، فقال له : " أن أردت أن تقتني فضائل القديسين، فصير نفسك مثل صبى يكتب كل يوم آية من معلمه، فإذا حفظها كتب غيرها، فافعل أنت كذلك هكذا: قاتل بطنك في هذه السنة بالجوع ، فإذا أحكمت ذلك قاتل حينئذ السبح الباطل لتبغضه كالعدو. وإذا قومت هذيت فاحرص على أن تزهد في أمور الدنيا وتضع أتكالك على الله، فأن تيقنت أنك قد قومت هذه الثلاث خصال، فستلقى المسيح بدالة كثيرة " .

+ وطلب أخوة الى شيخ أن يترفق بنفسه في كثرة الجهاد فقال : " حقا أقول لكم يا أخوتي ، أن مصير إبراهيم خليل الله أن يندم إذا رأى كثرة مواهب ، ولم يجاهد ويتعب أكثر مما فعل " .

+ وقالت القديسة سفرنيكي :-

" أن الذين يجمعون غنى الدنيا من العتاد في البحار والأسفار الشديدة ، كلما ربحوا وجمعوا أزدادوا في ذلك اشتغالاً، أما ما في أيديهم فلا يلتفتون إليه ، وما ليس في أيديهم من الغنى يشتهونه ويطلبونه، ويحرصون على جمعه . وأما نحن فقد صرنا في سيرتنا في الرهبنة بخلاف ذلك ، لأن الأمر الذي خرجنا لنطلبه وليس في أيدينا شئ منه، لا نريد أن نقتنيه من أجل خوف الله " .

+ ومرة قال الطوباوي أو غريس للقديس أرسانيوس:

" كيف ونحن ليس لنا معرفة وحكمت بشرية ليس لنا فضائل، وهؤلاء القرويون المصريون أغنياء جداً بها " .

أجابه أنبا أرسانيوس : " نحن ليس لنا معرفة عالمية ولكن هؤلاء المصريون القرويون أكتسبوا الفضائل بجهادهم " .

+ لماذا نحب الفضائل :

* لنحب المسكنة لتخلص من محبة الفضة .

* لنحب السلامة اننجو من البغضة .

* لنقتن الصبر وطول الروح، لأن ذلك يحفظنا من صغر النفس.

* من له معرفة وهمة فقد هزم الشر لأنه مكتوب ان الاهتمام ملازم للرجل الحكيم والضعيف الهمة لم يعرف بعد ما هو لخلاصه، أما الذي يقهر لأأعداءه فإنه يكلل بحضرة الملك .

* لو لم نكن حرب وقتال ما كانت فضيلة ومن يجاهد بمعرفة فقد نجا من الدينونة لأن هذا هو السور الحصين .

د- الجهاد ضد الشياطين

+ أخبر بعض الآباء : " أنه كان ساكنا بالقرب من أخ عمال مع الله ، فاعتراه توان وكسل ، وبعد مدة أنتبه من توانيه ولام نفسه قائلاً : " يا نفسى، التى متى تتوانين عن خلاصك، أما تخافين من دينونية الله يا شقية وأنت في مثل هذا التوانى، فتسلمين للعذاب الدائم؟" فلما تفكر في مثل هذا انهض نفسه في عمل الله. ففي بعض الأيام وهو واقف يصلى، أحاطت به الشياطين وعذبته فقال لهم : " الى متى تؤذونني؟ أما كفى ما قاسيته في زمانى من التوانى؟ " فقالت له الشياطين : "لما كنا نراك متوانيا، كنا متوانين عنك، ولما رأيناك قمت وتجردت لنا، قمنا نحن أيضاً عليك ، فتلق ما يأتيك" . فعندما سمع ذلك ، أخذته الغيرة، وأزداد نشاطاً وحرارة في عمل الله ، وبنعمة الله حصل على الغلبة .

سأل أخ الأب صيصوى: " يا ترى ، هل كان الشيطان يضطهد القدماء هكذا؟" أجال الشيخ: " بل اليوم يضطهد أكثر لأن زمانه قد قرب ، فهو لذلك قلق".

قال أنبا مطايوس: " أن الشيطان لا يعرف في أي الأوجاع تنهزم النفس، ولكنه يزرع، ولا يعلم هل سيحصد أم لا، أنه يزرع زنى، ودينونة، ووقيعة، وقتل، وجميع الأوجاع ، والشر ، فأي وجع يرى النفس مائلة إليه، ففيه يشغلها".

سئل شيخ : " لماذا تقاتلنا الشياطين جدا؟ " فقال " لأننا طرحنا سلاحنا أعنى الطاعة والاتضاغ والمسكنة " .

+ أخبر بعض الشيوخ : " أنه في بعض الليالى ، في ابتداء صلاته وهو في البرية الجوانية، سمع صوت بوق يضرب ضربا عاليا كمثل ما تضرب أبواق الحرب فتعجبت متفكراً بأن البرية مقفرة ليس فيها أدمى، فمن أين صوت البوق في هذه البرية : أترى حرب هنا ؟ . وإذا الشيطان قد وقف مقابلة وقال بصوت عال: " نعم يا راهب ، حرب هى، أن شئت فحارب، والا سلم لأعدائك ".

وسأل أحد الأباء أنبا بيمين قائلاً :

" لماذا تقاتلنا الشياطين يا أبى ؟ " أجاب الشيخ قائلاً : الحقيقة أن الشياطين لا تحاربنا إلا عندما نتمم ميولنا الرديئة الى هى في الحقيقة شياطننا التى تحاربنا فنهزم امامها برضانا. اما أن شئت أن تعرف مع من كانت الشياطين تصارع قلت لك " مع أنبا موسى وأصحابه " .

+ وكان أحد الرهبان المجاهدين إذا قالت له الشياطين في فكرة " ها قد ارتفعت وصرت كبيراً " كان يتذكر ذنوبة قائلاً : " ماذا أصنع من أجل خطاياي الكثيرة ! " ، وإذا قالوا له : " لقد فعلت ذنوباً كثيرة وما بقى لك خلاص" ، يقول: "وأين هى رحمة الله الكثيرة" ، فانهزمت عنه الشياطين قائلة : "لقد قهرتنا، أن رفعناك أتضعت، وأن وضعناك ارتفعت " .

+ ظن رهبان كثيرون امكانية شفاء شهواتهم، والحصول على راحة النفس بجهادهم وقوتهم. فتخلت عنهم النعمة وسقطوا من الحق، فمنا أن المريض جسديا لا يمكن شفاؤه بدون طبيب بشرى ودواء، بالرغم من كثرة سهره وصومه، في المدة التى يتعاطى فيها الدواء، هكذا أيضا المريض روحيا من قبل انفعالات الخطية، بدون يسوع طبيب الأرواح والقوة الكامنة في وصاياه والتواضع الذي يماثل تواضعه ، لا يمكن أن يبرأ من خطاياه، ولا يمكن أن ينال شفاء كاملاً.

من أجل ذلك فكل من يحارب ضد الشهوات والشياطين بوصايا سيدنا يشفى من مرض الشهوات وينال شفاء النفس، ويعتق من فخ ابليس .

+ أخبر القديس أنبا دانيال الاسقيطى عن أحد الأخوة: أنه كان مقيما في مصر وأثناء سيره في الطريق أدركه المساء، فدخل الى طافوس لينام فيه بسبب البرد. ولما رآه الشياطين، قال أحدهم لصاحبه: أرأيت أي جسارة لهذا الراهب، أنه قد نام في مقبرة، اسرعوا وتعالوا حتى نزعجه. فاجابة الأخر وقال : ما فائدتنا من إزعاجنا له أنه من أصحابنا ويعمل ما نواه – يأكل ويشرب ويقع في الناس ويتوانى في الصلاة – فبدلا من أن نتعب مع هذا سر بنا نحزن من يحزننا ليلاً ونهاراً ففتح الرب اسماع الآخ، فلما سمع ذلك تعجيب وندم على أفعاله وتاب أخيراً.

+ قال الأخوة :

لماذا منع القديس ايسيذورس أنبا موسى الأسود من الجهاد ومن القتال مع الشياطين بالرغم من أن الأباء القديسين كانوا يحفزوننا دائماً على النمو في الفضيلة وعلى القتال ضد الشهوات ؟ لماذا قال له : استرح يا موسى وكف عن محاربة الشياطين لأن الإنسان له حد في كل شئ، فهل ينطبق هذا على الجهاد وأعمال الحياة النسكية ؟ " .

+ قال الشيخ :

أن القديس موسى كان يجهل في الابتداء قواعد الحياة النسكية، ولأنه كان ممتلئا صحة كان يعمل أعمالاً كثيرة وكان يساعده على ذلك قوة جسده، وكان يظن أنه بكثرة أعماله وحدها يستطيع قهر الشياطين اذليت إذ عرفوا غرضه كانوا يهجمون عليه بأكثر قوة بحروب متتالية سرا وجهراً، ولكن أبا ايسيذورس أراد أن يعرفه الطريق السليم ونحصه كمرشد مختبرا أن يتضع وقال له :

بدون قوة الروح القدس الذي أعطانا الله أياه لإتمام وصاياه والتى تقوى فينا كل يوم بالتناول من جسده ودمه ، لن نتخلص من الخطايا ولن نستطيع أن نقهر الشياطين، وبالتالي لن نستطيع أن ننمو في الفضيلة . عندئذ تعلم موسى هذه الأمور، واتضعت أفكاره وتناول من الأسرار المقدسة، وهزمت الشياطين وحولوا حربهم عنه، ومن ذلك الوقت فضاعدا عاش في سلام وراحة وإزداد معرفة وحكمة.

هـ العمل والمثابرة

( غير متكاملين في الاجتهاد )

قال القديس باخوميوس :

+ هذه هي الأعمال الفاضلة : أن قاتلك فكر ضجر من نحو أخيك فعليك أحتماله بطول روح حتى ينجيك الله منه. صبر مع صوم دائم، صلاة بغير فتور في مخادع قلبك بينك وبين الله ، وأحساس صالح تجاة أخيك، بتوليه محفوظة في أعضائك، طهارة وقدس في قلبك، عنق منحن، وضرب مطانية فمع قولك :" أغفر لى " ، دعة في أوان الغضب " .

+ أن كنت بائسا (متضجرا) فداوم على العمل بدون ملل، كن عمالا ولا تكسل وتمم نذرك الذى قررته مع الله خالقك وربك " .

+ " أجتهد في شبابك لتفرح في كبرك " .

+ " يا أبنى في كل شئ أطلب الله بطول روح مثل الزارع والحاصد فإنك تملأ أهراءك من نعم الله " .

+ " لن تشارك القديسين في مواهبهم، ما لم تتعب جسدك أولا في مشاركة أعمالك، كذلك لن تدخل الحياة، أن لم تضيق على نفسك أولا حتى الموت".

" جميع المواهب بطول الروح وثبات القلب تعطي، وجميع القديسين لما ثبتوا قلوبهم نالت أيديهم المواعيد. فخر القديسين هو طول الروح في كل شئ، وبهذا حسبوا قديسين .

" قال أنبا باخوميوس"

+ " لا تقض أيامك بالتوانى . كما مر العام الماضي كذلك هذا العام " وكما مر أمس كذلك اليوم . فالى متى تكسل ؟ استيقظ وأيقظ قلبك قبل أن يوقفك مكرها في يوم الحكم لتعطي الجواب عن جميع ما صنعت . أن صرت في حرب الموت لا تجزع فإن روح الله ينقذك. لأنه مكتوب: إنى لا أخشى شرا لأنك معى فكن رجلاً قوياً جبارا في جميع تدابيرك ولا تفسد يوماً واحداً من عملك وتحقق مما تقدمه لله الحقيقي كل يوم .

" وقال أنبا يوحنا القصير "

+ لابد للإنسان من الإيمان الخاص الحقيقي، فالايمان العام هو لكل الناس ومن نعمة ربنا علينا أنه ولدنا . فأما الإيمان الخاص الذي يقربنا من الله فهو بأن تسأل ونطلب منه العظائم التى ولا التصديق بوجودها يقدر عليه آخرون. وأن نعتصم به فهو أقوى من كل شئ، ثم أن الثبات في الجهاد والصبر على البلايا هو ايضاً أفضل كل الأمور .

وقال أنبا أغاثون :

+ " أن السيرة الفاضلة بدون كلام نافعة ، أما الكلام بغير عمل فهو باطل لأن أحدهما بسكوته ينفع والآخر بكثرة كلامه يقلق. فإذا استقام القول مع العمل كملت فلسفته .

وقال أيضاً :

+ " أن الشر أزاغ الناس عن معرفة الله ، وفرق الناس بعضهم عن بعض فلنبغض إذا الشر ولنطلب السلام لبعضنا البعض وبذلك تكمل فلسفة الفضيلة.

و- المعرفة الاختبارية

قال مار اسحق :

+ مثل المصور الذي يصور الماء في الحائط ولا يقدر ذلك الماء المرسوم أن يبرد عطشه، وكمثل المرء الذي ينظر الأحلام كذلك الإنسان الذي يتظلم من غير عمل، أما الذي من أختباراته يتكلم عن الفضائل فيكون مثل ذلك الذي من بضاعة تجارته يلقى كلمته لسامعيه ومن الشئ الذي أقتناه في نفسه يزرع التعليم في آذان السامعين ويفتح فمه بدالة مع بنيه اللروحانيين ، وذلك كموقف يعقوب الشيخ مع يوسف العفيف إذ قال له : هو ذا قد أعطيتك نصيباً فاضلاً عن اخوتك وهو ما أكتسبته من الأموريين بسيفي وقوسى .

كما قال أيضاً :

+ " أبله يصنع صناعة البحرية من ذاته، أفضل من عارف يتعلم سيرة الروح من أسطر الكتب ، وبالتسليم من آخرين من غير تجربة محكمة بذاته".

ز – إكليل الجهاد والثمار

1- الجهاد

قال القديس موسى الأسود :

+ " من يحتمل ظلما من أجل الرب يعتبر شهيداً. ومن يتمسكن من أجل الرب يعوله الرب. ومن يصير جاهلاً من أجل الرب يحكمه الرب " .

وقد وضح هذا القول في خطاب أرسله إلى أنبا نومين قال فيه :

أنى أفضل خلاصك بخوف الله قبل كل شئ طالبا أن يجعلك كاملاً بمرضاته حتى لا يكون تعبك باطلاً يكون مقبولا من الله لتفرح .. لأننا نجد أن التاجر إذا ربحت تجارته كثر سروره وكذلك الذي يتعلم صناعة إذا ما أتقنها كما ينبغي إزداد فرحه متناسيا التعب الذي أصابه، وذلك لأنه قد أتقن الصنعة التى رغب فيها . ومن تزوج أمرأة وكانت عفيفة صائنة لنفسها فمن شأنه أن يفرح قلبه. ومن نال شرف الجندية فمن شأنه أن يستهين بالموت في حربه ضد أعداء ملكه وذلك في سبيل مرضاة سيده. وكل واحد من أولئك الناس يفرح إذا ما أدرك الهدف الذي تعب من أجله فإذا كان الأمر هكذا من شئون هذا العالم فكم وكم يكون فرح النفس التى قد بدأت في خدمة الله عندما تتم خدمتها حسب مرضاة الله ؟ .

الحلف أقول لك أن سرورها يكون عظيما، لأنه في ساعة خروجها من الدنيا تلقاها أعمالها وتفرح لها الملائكة إذا أبصروها وقد أقبلت سالمة من سلاطين الظلمة لأن النفس إذا خرجت من جسدها رأفتها الملائكة وحينئذ يلتقى بها أصحاب الظلمة كلهم ويمنعونها عن المسير ملتمسين شيئاً لهم فيها. والملائكة وقتئذ ليس من شانهم أن يحاربوا عنها، لكن أعمالها التى عملتها هي التى تحفظها وتستر عليها منهم. فإذا تمت غلبتها تفرح الملائكة حينئذ ويسبحون الله معها حتى تلاقى الرب بسرور، وفي تلك الساعة تنسى جميع ما أنتابها من أتعاب في هذا العالم.

فسبيلنا أيها الحبيب أن نبذل قصارى جهدها ونحرص بكل قوتنا في هذا الزمان القصير على أن نصلح أعمالنا وننقيها من كل الشرور عسانا نخلص بنعمة الله من أيدي الشياطين المتحفزين للقائنا إذ أنهم يترصدون لنا ويفتشون أعمالنا أن كان لهم فينا شئ من أعمالهم لأنهم أشرار وليس فيهم رحمة، فطوبى لكل نفس لا يكون لهم فيها مكان فإنها تفرح فرحاً عظيماً.

+ وقال أيضاً :

+ " أن كانت الأتعاب لا تقود إلى الصلاة فعمل المصلى باطل " .

+ وسأله أخ : " ما هى المقارنة بين الجهاد والصلاة ؟ " قال له الشيخ :
" من يصلى طالبا العتق من الخطية لا يجوز أن يكون مهملا، لأن من أخضع مشيئته يقبله الرب " .

2- الثمار

قال القديس مقاريوس الكبير :

" كما أن عصا هرون أزهرت وأثمرت في ليلة واحدة، كذلك الراهب إذ حل فيه الرب فإن نفسه تزهر وتثمر أثمار الروح القدس بمعونة خالفها السيد المسيح له المجد " .

وقال شيخ :

" كل من يسكن في موضع ولا يعمل فيه ثمرة صالحة فالموضع نفسه يطرده "

سأل أحد الأخوة شيخاً وقال له "

" ما هي فلاحة النفس ؟ " فقال الشيخ : أن فلاحة النفس هي السكوت ، وضبط الهوى ، وشفاء الجسد، والصلاة الكثيرة والامتناع عن معاتبة زلات الناس، وتأمل الإنسان في هفواته وحده ، فمتى تثبت الإنسان في هذه الفضائل، فإن نفسه لا تبطئ في النجاح والنمو حتى تثمر " .

وقال مار اسحق :

" أن الهواء يسمن الأثمار والاهتمام بامور الله عز وجل يسمن اثمار النفس، أن أثمار الشجرة تكون فجة ومرة ، ولن تصلح للأكل حتى تقع فيها الحلاوة من الشمس ، كذلك أعمال التوبة الأولى فجة ومرة جداً، ولا تفيد الراهب حتى تقع فيها حلاوة الثاؤريا، فتنقل القلب من الأرضيات .

وقال شيخ :

" كما أن الأرض لا تثبت وحدها من غير بذار وفلاحة ومطر سمائي وحراسة مما يمكن حراستها من البهائم والطيور ، وسلامة من الله مما لا يقدر الإنسان على دفعه ، كالدود والجراد وريح السموم. فإن كانت الأرض لا تثبت بغير تلك الأمور، فكم بالحرى النفس، فإنها لا تثمر الفضائل بدون تعليم وتعب كثير ومعونة الهية واحتراس من الأعداء بقدر استطاعة الإنسان، ثم تضرع الى الله في طلب تعضيده أزاء ما تعجز قدرته عنه ".
 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بستان في بستان الرهبان
زهور من بستان - كتاب بستان الرهبان
من قصص بستان الرهبان
من بستان الرهبان
جاء في بستان الرهبان


الساعة الآن 11:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024