منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17 - 01 - 2014, 05:34 PM   رقم المشاركة : ( 21 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

موقفنا من الضعفاء

إن كنت أنت ضعيفًا، فلا تيأس من ضعفك. وإن رأيت شخصا ضعيفًا، فلا تحتقر ضعفه، هوذا الرسول يقول:
"شجعوا صغار النفوس. اسندوا الضعفاء. تأنوا على الجميع" (1تس 5: 14).
افتحوا طاقة من رجاء، لتضئ على الذين يسيرون في الظلمة خائفين ومضطربين. حدثوهم عن الرجاء وعن عمل الروح القدس، كيف أن الله يتدخل ولو في آخر لحظة. احكوا لهم قصص الذين سقطوا وقاموا، وصاروا من المنتصرين الغالبين.
الإنسان الروحي القوى، لا يفتخر على الضعيف ولا يستصغره، ولا يشهر به، بل على العكس يقويه، يمنحه من القوة التي فيه، التي أعطاه الرب غياها. يسند الضعفاء الذين سقطوا، ويعطيهم رجاء في التوبة. ويذكرهم بأن "الصديق يسقط في اليوم سبع مرات ويقوم" (أم 24: 16).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
إن الله نفسه يسند الضعفاء، الذين كالأطفال. ويقول المزمور:
"حافظ الأطفال هو الرب" (مز 116: 6)
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وفى بعض الترجمات يقال "يحفظ البسطاء".. مهما كانوا صغار النفوس. لقد قال الرب عن الزرع الذي قال الرب عن الزرع الذي يعطى ثمرًا ثلاثين وستين ومائة، إنه زرع جيد (مت 13: 23). ونحن قد نعتبر أن الجيد هو الذي يعطى مائة، وبالتجاوز الذي يعطى ستين. ولكن حنان الله على الضعفاء، واعتبر أن الذي يعطى ثلاثين فقط، هو أيضًا زرع جيد. يكفى أنه يعطى ثمرًا
حقا إنه إله الضعفاء، وإله المساكين.
كان يزور العشارين والخطاة، ويحضر ولائمهم، ولم يحتقرهم مثلما احتقرهم الكتبة والفريسيون بل دعا واحدا منهم هو متى وجعله رسولًا من الأثنى عشر، ودخل بيت زكا، وقال: اليوم حصل خلاص لهذا البيت، إذ هو أيضًا ابن لابراهيم (لو 19: 9). وبعد القيامة ظهر أولا لمريم المجدلية التي أخرج منها سبعة شياطين (مر 16: 9)
إن الله لم يقف ضد الضعفاء، بل ضد المتكبرين.
لذلك يقول الكتاب إن "الله يقاوم المستكبرين" (يع 4: 6). إنه هو "المقيم المسكين من التراب، والرافع البائس من المزبلة ليجلس مع رؤساء شعبه" (مز 112). بل إن الرب يقول "إلى هذا أنظر إلى المسكين، والمنسحق الروح، والمرتعد من كلامى" (اش 66: 2)..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
حقا إن كل إنسان معرض للضعف.
وقد حكى لنا الكتاب سقطات للقديسين، وضعفات للرسل والأنبياء. فالذي يحتقر سقطة الضعيف، ما أسهل أن تقوى عليه حروب العدو فيسقط. وما أعمق نصيحة القديس بولس الرسول في قوله "اذكروا المقيدين كأنكم مقيدون معهم، والمذلين كأنكم أنتم أيضًا في الجسد." (عب 13: 3).
الإنسان الروحي لا يدين أخاه الضعيف، بل يصلى لأجله.
يشفق عليه، ويطلب له من الرب معونة. ويعرف أنه ليس كل إنسان يصل إلى المستويات الروحية العالية. وليس الكل قد نالوا دفعة كبيرة من النعمة. والمواهب ليست واحدة، "ونجم يمتاز عن نجم في المجد" (1كو 15: 41).
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:37 PM   رقم المشاركة : ( 22 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

معالجة الضعف

بعض نصائح نقولها للإنسان الضعيف الشاعر بضعفه:
1-ابعد عن مجال الخطية التي تضعف إرادتك.


ابعد عن العثرات، وعن كل الأسباب التي تقودك إلى الخطية، والتي لا تقوى على مقاومتها. ابعد عن كل تأثير سيء. ولا تضع في نفسك أنك أقوى من المحاربات. فقد قيل عن الخطية إنها "طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء" (أم 7: 26). مادمت ضعيفا، أعترف بضعفك، وابحث عن السبب، وتجنبه..
ونصيحة الابتعاد عن أسباب الخطية، تضعها لك الكنيسة في أول صلاة باكر إذ تتلو المزمور الأول: "طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار، وفي طريق الخطاة لم يقف، وفي مجلس المستهزئين لم يجلس".
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
2- اطلب القوة من الله. واجعل ضعفاتك مجالًا لصلواتك.


وكما قال المرتل في المزمور "قوتى هو الرب، وقد صار لي خلاصًا" (مز 117). وقال أيضًا "لولا أن الرب كان معنا حين قام الناس علينا، لابتلعونا ونحن أحياء.." (مز 123). "إن لم يحرس الرب المدينة، فباطلا سهر الحارس" (مز 126). ويقول بولس الرسول "الجميع تركونى.. ولكن الرب وقف معى وقوانى" (2تى 4: 16، 17). اطلب إذن قوة من فوق.
وقل "معونتى من عند الرب الذي صنع السماء والأرض" (مز 120).
عمق صلاتك. فما أكثر الضعفاء الذين نالوا قوة بالصلاة، وانتصروا وغنوا قائلين "الحرب للرب" (1صم 17: 47)، "وليس لدى الرب مانع أن يخلص بالكثير أو بالقليل" (1صم 14: 6).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

3- مهما كنت ضعيفا، لا تيأس.


لا تفقد الأمل مطلقا. لأن اليأس يحطم النفس، ويجعلك تستسلم ليد العدو، وتستمر في الخطأ. كأن لا فائدة من الجهاد!! ضع أمامك أمثلة كانت أسوأ من حالتك، وخلصها الرب من خطاياها. وشجع نفسك وقل: إن الله الذي خلص موسى الأسود، ومريم القبطية، وأوغسطينوس، ومريم المجدلية.. لابد سيخلصني أنا أيضًا.. ولكن ليس معنى هذا، أن تركن إلى ضعفك وتستمر فيه، معتمدًا على معونة إلهية لابد ستصلك!! وإنما جاهد.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
4- جاهد بكل ما عندك من قوة، مهما كانت ضئيلة.


واستمع إلى قول بولس الرسول وهو يوبخ العبرانيين قائلا "لم تقاوموا بعد حتى الدم، مجاهدين ضد الخطية" (عب 12: 4). كل ما كان يملكه داود من سلاح، هو مجرد حصاة وضعها في مقلاعه، وتقدم إلى الصف، والرب هزم به جليات الجبار (1صم 17: 48، 49).
إن جهادك مهما كنت ضعيفًا يدل على رفضك للخطية، ورغبتك في التخلص منها. وهو في حد ذاته طلب إلى النعمة أن تتقدم.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
5- ركز على مقاومة الخطايا الثابتة المتكررة.


لأنها هي نقط الضعف التي فيك. هذه التي تكررها في كل اعتراف، وتشكو منها باستمرار. ركز على هذه بالذات، بتداريب مستمرة لمقاومتها، وبأن تغصب نفسك على ذاتك، بل وتعاقب نفسك في كل سقوط، وتوبخها. طالبا معونة الرب.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
6- تجديد الذهن، للوصول إلى فهم سليم.


يقول القديس بولس الرسول "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو 12: 2). وهذا يعنى أن تتغير نظرتك إلى الأمور التي تخطئ فيها، بتجديد ذهنك. فكثيرون يسقطون بسبب فهم خاطئ لمعنى القوة، أو لمعنى الكرامة، أو بسبب فهم خاطئ لمعنى الحرية.. الخ. هؤلاء جميعا يحتاجون إلى تجديد الذهن. يحتاجون إلى فهم سليم لحقيقة القوة والكرامة والحرية. وهذا الفهم الجديد والاقتناع به ويحفظهم من السقوط.
7- يزول ضعفك، إذا دخلت محبة الله في قلبك:


أنت تضعف أمام الخطية، إذا كنت تحب الخطية أكثر مما تحب الله ووصاياه. فإن دخلت محبة إلى قلبك، ستطرد محبة الخطايا من داخلك، وهكذا تصبح قويًا في مقاومة كل إغراء.. وصدق ذلك القديس الذي قال إن التوبة هي استبدال شهرة بشهوة، أي أن شهوة الروح تحل محل شهوة الجسد،ومحبة الله. وعاشر الذين يحبونه، اقرأ عن الذين أحبوه، وتمثل بهم.
8- تذكر أن ضعفاء كثيرين، صاروا أقوياء وقديسين.


بطرس الرسول الذي خاف وضعف أمام جارية، وأنكر المسيح (مت 26: 69 – 75). هو نفسه الذي وقف في قوة أمام رئيس كهنة اليهود، وقال له "ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع 5: 29). وقال للرؤساء والشيوخ والكهنة "إن كان حقا أمام الله ان نسمع لكم أكثر من الله، فاحكموا!! لأننا نحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا" (أع 4: 19: 20).
9-كلما ضعفت، تذكر نعمة الله العاملة..


النعمة القادرة أن تقوبك.. لذلك تذكر قول القديس بولس الرسول "ولكن حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدًا" (رو 5: 20).. تزداد النعمة لتحميك من الخطية.. وتذكر أيضًا قول الرسول "لأنى حينما أنا ضعيف، فحينئذ أنا قوى" (2كو 12: 10).. ضعيف بذاتى، ولكن قوى بنعمة الله العاملة معى.. التي تقويني.
10-اعلم أن الله دائما مع الضعفاء..


لقد اختار ضعفاء العالم، ليخزى بهم الأقوياء (1كو1: 27).. في هؤلاء تظهر قوته. ولذلك اتذكر اننى كتبت مرة في مذكراتى "قال الشيطان لله: اترك لي يا رب الأقوياء، فإننى كفيل بهم. أما الضعفاء فلا أقدر عليهم. إذا في شعورهم بضعفهم يلجأون إليك، ويحاربوننى بقوتك..".
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:39 PM   رقم المشاركة : ( 23 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

الإنسان الروحي لا يعتمد على ذراعه البشرى

كما بالغ البعض في أهمية النعمة، حتى اهملوا جانب الجهاد والعمل، كذلك بالغ البعض في أهمية العمل والجهاد، حتى تجاهلوا أهمية يد الله في حياتهم! واعتمدوا في روحياتهم على ذراعهم البشرى.
أما الانسان الروحي فيؤمن في أعماق بخطورة الاعتماد على ذراعه البشرى. إنه يبذل كل جهده، ولكنه لا يعتمد على جهده، بل على عمل الله فيه (وكما قال المرتل في المزمور:
إن لم يبن الرب البيت، فباطلًا تعب البناؤون وإن لم يحرس الرب المدينة، فباطل هو سهر الحراس.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
حقا إن كل عمل يعمله الإنسان وحده، دون أن يشترك الله فيه، لابد سيكون مصيره إلى المجد الباطل وافتخار الذات. أما العمل الذي تشعر أن الله هو الذي عمل فيك، وهو بنعمته قد منحك القوة لإتمامه، وأنك كنت مجرد أداة في يديه الإلهيتين.. فإن هذا العمل هو الذي يكون لتمجيد الله وتسبيحه وشكره. وتختفى الذات في هذا العمل الإلهى، ويظهر الله وحده..
ولذلك عليك أن تدخل الله في عملك، لأنه يقول "بدونى لا تقدرون أ تعملوا شيئًا". إياك أن تعمل وحدك، وبدون الله! فإنك سترجع النجاح إلى عزيمتك، وإلى نجاحك في تداريبك.. وهكذا تتركز ذاتك ويختفى الله!!
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
لا شك ان هناك أعمالا يعملها الله كلها، دون أي تدخل للعامل البشرى فيها وسنضرب لذلك أمثله:
+ معجزات اقامة الموتى: واضح فيها أن الميت لم يقم ذاته، وإنما الرب قد أقامه، لا دخل للقوة البشرية هنا. وأنت أيضًا ميت أيضًا بالخطية، وقد أقامك المسيح.. ومثال آخر الامراض المستعصية التي كانت ترمز للخطية، مثل مرض الأبرص، وصاحب اليد اليابسة، والمفلوج، والأشل، والمقعد، والأعمى. كلهم قد شفاهم الرب بغير ذراعهم البشرى. لذلك فالإنسان الروحي يقول: "اعتبرنى يا رب مثل الميت، الذي لا يقدر على إقامة نفسه، ومثل الأبرص الذي لا يستطيع تطهير ذاته".
أنت يا رب الذي تقدر أن تقيم الميت، وتشفى الأبرص.
أنت يا رب عملت مع كثيرين كانوا فاقدي القدرة، ولم يقووا على تخليص نفوسهم، وأنت قد خلصتهم. مثال ذلك أبونا إسحق.. لقد وضع على الحطب فوق المذبح، وأعدت النار، وارتفعت السكين فوقه. ولكنك أنت الذي تدخلت في اللحظة الحاسمة، وأنقذت اسحق.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الإنسان الروحي يذكر أيضًا مثال العاقر. التي لم تستطع من ذاتها أن تنجب ولكنها بنعمة الله صارت مثمرة أكثر من الجميع (أش 54). ويقول للرب: أنت الذي فتحت رحمها المغلق، وقلت لها في رفق "ترنمى أيتها العاقر التي لم تلد.. لأنك تمتدين إلى اليمين وإلى اليسار. ويرث نسلك معًا، ويعمر مدنا خربه.. لحيظة تركتك، وبمراحم عظيمة سأجمعك" (اش 54).
نعم إن نفسك قد تكون عاقرًا، لم تنجب من ذاتها فضيلة واحدة. ولكنها بالروح القدس سيكون لها بنون كثيرون، ويبارك الله بنيها فيها.
ولكنها بدون روح الرب، تنجب، ولن تثمر. إن "البنين ميراث من الرب "كما قال الكتاب. وهو وحده الذي يستطيع أن يفتح رحم العاقر، كما فعل مع سارة، ورفقة وراحيل وحنة وأليصابات.
اعتبر نفسك مثل "الميت الذي لا يقدر على القيامة من ذاته، وكالأرض الذي يحتاج إلى الرب لتطهيره، وكالعاقر التي من ذاتها لا تلد، بل الرب يفتح رحمها، فاطلب الرب إذن من كل قلبك.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
انظر شمشون، في اعتماده على قوته، واعتماده على الرب..
ما مصير قوته البشرية الجبارة، التي استطاعت أن تخلع باب المدينة، ة تقتل الأسد، وتخيف الناس.. لقد انتهى بها الأمر إلى الضياع. فقبض الأعداء على شمشون وفقأوا عينيه، جعلوه يجر الطاحون كالحيوان. ولكنه أخيرًا عندما قال "يا سيدى الرب، اذكرنى، وشددنى هذه المرة فقط، فأنتقم نقمة واحدة عن عينى" (قض 16: 28)، عندئذ أعطاه الرب قوة، فكان الذين أماتهم في تلك المرة، أكثر من الذين أماتهم طول حياته.. لأن يد الرب عملت معه.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
اطلب إذن تدخل الرب في حياتك. ولكن ليس معنى هذا أن تنام وتكسل، وتطلب الرب. ولكن جاهد بكل قدرتك، دون أن تعتمد على هذه القدرة وحدها، لأنها بدون الرب لا تستطيع شيئاَ..
اعمل. ولكن لا تعمل وحدك. لا تعتمد على ذراعك البشرى، وعلى قوتك وذكائك وتقواك. اعرف أنك بدون الله لا يمكن أن تنجح. وإن نجحت، يكون نجاحك فشلا، لأنه سيصير طعامًا للذاتية والمجد الباطل.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
+ تعجبنى عبارة قالها بطرس الرسول، عندما شفى الله على يديه الرجل المقعد عند باب الهيكل، والتف الناس مندهشين حول بطرس ويوحنا، حينئذ قال لهم بطرس:
"ما بالكم تتعجبون من هذا؟ ولماذا تشخصون إلينا، كأننا بقوتنا أو بتقوانا جعلنا هذا يمشى؟ إن إله ابراهيم وإسحق ويعقوب، إله آبائنا مجد فتاه يسوع.." (أع 3: 12).
+ لقد قال بطرس هذا الكلام، لأنه جرب الذراع البشرى من قبل، ولم ينتفع شيئًا: على الأقل في حادثتين هامتين:
الأول في صيد السمك: لقد سهر الليل كله، بكل ما عنده من فن في الصيد، ومن خبرة وقدرة. وكانت نتيجة ذلك للرب: تعبنا الليل كله، ولم نصطد شيئا".
ولكنه، عندما دخل الرب في سفينته، وعندما أرشده أين يلقى الشبكة وألقاها حسب مشيئته في الأعماق، حينئذ اتت بصيد كثير، حتى كادت تتخرق.
والخبرة الثانية التي اختبرها التي اختبرها بطرس كانت في حادثة انكاره للمسيح،لقد اعتمد على ذاته كثيرا، وعلى محبته للرب، وعلى تصميماته: قال للرب: لو أنكرك الجميع، فأنا لا أنكرك.. ولو أدى الأمر أن أموت معك..
ولكن بطرس المعتمد على ذاته، انكر المسيح أمام جارية..
لم تنفعه نيته الطيبة ولا عزيمته، ولا مجرد محبته، ولا تصميماته، ولا حماسته التي قطع بها اذن العبد..
ليته حول تصميماته إلى صلاة. ليته قال: اعطنى يا رب أنا الضعيف قوة لكي لا أنكرك، قوة استطيع بها إذا ما غربلتي الشيطان أن صمد..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
كثيرون يجاهدون بمفردهم، يتعبون، ويفكرون، ويدبرون، ويخططون لحياتهم الروحية، دون أن يعنوا بإدخال الرب معهم.
سأضرب لكم أمثلة أراد الله بها إثبات فشل الذات في كافة مواهبها ونواحي قوتها. شمشون الذي فقئت عيناه وهو مثال لفشل الذراع البشرى في القوة، وسليمان الذي بخر للأصنام مثال لفشل الذراع البشرى في الحكمة، وداود الذي زنى وقتل مثال لفشل الذراع البشرى على الرغم من كثرة مواهبه. وبطرس الرسول في إنكاره للسيد المسيح مثال الذراع البشرى على الرغم من حماسة وغيرته وإخلاصه. وبطرس الذي سهر الليل كله ولم يصطد شيئا مثال لفشل الذراع البشرى عل الرغم من خبرته وفنه.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
لذلك إذ عرفت فشل الذراع البشرى، في كل قوته، وحكمته، مواهبه، وحماسه وغيرته، وفنه وخبرته.. إن عرفت هذا، لا تعش مستقلا عن الله، ولا تجاهد بغير معونته.
ادخل الله معك في الصغيرة والكبيرة..
كثيرون يطلبون الله فقط في الأمور الخطيرة، أما الأمور الصغيرة فيثقون بقوتهم فيها، وفيها يفشلون ويسقطون. لهذا يهتم الشيطان بهذه الأمور الصغيرة ويركز عليها ليسقطهم بها.
ولذلك يحذر القديسون من شيطان يسمى "شيطان الأمور الصغيرة".
من أجل هذا قال النشيد "خذوا لنا الثعالب، الثعالب الصغيرة المفسدة للكروم". أما أنت فادخل الرب حتى في الصغائر. لا تثق بقوتك، مهما بدا لك الأمر تافها.
كثير من القديسين سقطوا في خطايا ظنوها "خطايا المبتدئين". أما أنت فلا تحتقر خطية معينة، ولا يظن أن هناك خطية تافهة لا تحتاج إلى معونة من الرب. اطلب الرب باستمرار ليعمل معك في كل أمر، صعبا كان أم سهلًا.
لا تقل هذا الأمر سهل، اعمله بنفسي. ذاك أمر صعب، احتاج فيه إلى معونة إلهية، فالأمر السهل هو الذي يقف فيه الله معك، وإلا صار صعبًا. والأمر الصعب هو الذي تعمله وحدك بدون الله مهما بدا سهلا.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
تعجبنى قصة خيالية قيلت عن فلك نوح. كان فيه ثمانية أفراد: نوح وزوجته، وأولاده الثلاثة وزوجاتهم الثلاث.. ولكن..
قيل أن هناك تاسعا كان في الفلك، وكان يدير دفته.. ولولاه ما خلص الفلك. هذا التاسع هو الله
نعم، هل يعقل أن يكون نوح قد دخل الفلك دون أن يدخل الله معه؟!
لاشك أن العناية الإلهية هي التي تقودنا. بدونها لا يمكن لذراعنا البشرى أن يعمل.. نحن نغرس، ونسقى. ولكن الله هو الذي ينمى. إذن ليس الغرس شيئا، ولا الساقي، بل الله الذي ينمى." (1كو 3: 7 9.
لوط لو لم ينقذه الملاكان، لهلك في سدوم.. لقد أمسكا بيديه، وكانا يدفعانه عندما يتوانى، ويعجلان بخروجه..
دانيال لو لم يرسل الله ملاكه ليسد أفواه الأسود، لضاع في الجب. ولولا ملاك الله لبقى بطرس في السجن.
لذلك لا تركز تفكيرك في ذاتك، وفى مواهبك وقدرتك وفهمك، وفي إرادتك وعزيمتك وتدابيرك، وخبرتك وطهارتك. خف جدًا لئلا تكون معتمدًا على ذراع بشرى..
جاهد، ولكن ليس بمفردك.. واعمل، ولا يعتمد على عملك. وفكر، ولكن "على فهمك لا تعتمد "انظر إلى لمبات الكهرباء: قد تكون قوية وجميلة، ومن أجود الأصناف، وكذلك أسلاكها جيدة، وتوصيلاتها سليمة. ولكن إن لم يسر فيها التيار، فلن تضئ، كذلك أنت..
هناك آية أحب أن تضعها أمامك باستمرار، كشعار وهى:
"إن لم بين الرب البيت، فباطلًا تعب البناؤون. وإن لم يحرس الرب المدينة، فباطلًا سهر الحارس" (مز 127: 1).
صحيح يجب أن تعمل مع الله. هو يبنى. وأنت تناوله الطوب والحجارة والمونة، أو أنت تكون حجرا صالحا في يديه. ولكن لا تظن أنك أنت الذي تبنى حياتك، وحدك، بدونه، استمع إلى بولس الرسول، هو يقول "استطيع كل شيء في المسيح الذي يقوينى".
إنه يستطيع كل شيء، ولكن ليس وحده، بل في المسيح الذي يقويه. وإن لم يقوه المسيح، لن يستطيع شيئًا.
لذلك نحن في الترتيلة نقول له "امسك يدى وقدنى". قل له يا رب أنا بدونك لا استطيع شيئا. قدنى ارشدنى. "علمنى يا رب طرقك، فهمنى سبلك"، "افتح عينى الغلام ليرى "اعطنى القوة والمعونة. اعمل في ضعفى.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
كلمة جميلة قالها المسيح لتلاميذه الذين دربهم بنفسه: "لا تبرحوا أورشليم، حتى تلبسوا قوة من الأعالي"..
وماذا عن كل خبراتنا ومعرفتنا وروحياتنا؟ أو ماذا عن تلمذتنا الطويلة، لك أنت؟.. لا تعتمدوا على ذواتكم. انتظروا موعد الآب انتظروا حتى تلبسوا قوة من الأعالي.. "ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم، وحينئذ تكونون لي شهودًا حينئذ، وليس قبل..
هكذا أنت، لا تعمل إلا بعد أن تناول قوة من فوق. اسع وراء هذه القوة، بكل ضعفك، بكل صلواتك وتصرفاتك، وحينئذ تشهد له..
إذن ليس بذراعك البشرى، حتى لو كنت رسولا ومن الأثنى عشر، بل بالقوة التي تلبسها من الأعالي. ليس بقوتك، ولا بتقواك، بل باسم يسوع المسيح، يمكن لهذا المقعد أن يمشى. إن لم يبن الرب البيت، فباطلا تعب البناءون.
كل خطية تقابلك، قل لها "أنا آتيك باسم رب الجنود "مثلما قال داود لجليات. ادخل إلى الرب في المعركة، لأن الحرب للرب. تأكد أن الرب يحارب معك. وإن لم تشعر به، صارعه حتى الفجر، وقل له لا أتركك حتى تذهب معى وإن لم تذهب معى فلن أحارب ولن اذهب مثلما قال القائد باراق لدبورة النبية (قص 4: 8)
كن كالبيت المبنى على الصخر، "والصخرة كانت المسيح"، وحينئذ لا تسقط. ولا تبن بيتك على ذاتك، لأن ذاتك تراب ورماد والبيت المبنى على التراب يكون سقوطه عظيمًا..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
ملائكة الكنائس السبع كانوا في يمين المسيح" (رؤ2)0 في يمين الرب التي صنعت قوة (مز 117)
كن أنت أيضًا في يد الله. كن كالطفل الذي يسير في الطريق مطمئنًا، لأن أباه ممسك بيده. قل له "لا تتركني يا رب لذاتى وذكائى امسك بيدة". "آه يا رب لو انفرد بى عقلى وذكائى بعيدا عنك "اذن لكنت هلكت!!
هوذا الرسول يقول "لا تستكبر، بل خف" (رو 11: 20). إن خفت، قل له "إن سرت في وداى ظل الموت، لا أخاف شيئا، لأنك أنت معى. عطاك وعكازك هما يعزياننى" (مز 23).
هذا هو الإنسان الروحي، الذي يسير في طريقه المقدس، معتمدًا على قوة الله التي تستده، والتي ترشده، والنى تحميه، والتي تعمل فيه..
لا يعتمد إطلاقًا على ذراعه البشرى.. ولا أي ذراع بشرى، بعيدًا عن الله..
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:42 PM   رقم المشاركة : ( 24 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

هناك أنواع كثيرة من الراحة

راحة الجسد، وراحة النفس، وراحة الفكر، وراحة الضمير، وراحة الروح.. والراحة من المشاكل وهناك راحة حقيقية، وراحة زائفة، أو خاطئة..
وقد يوجد إنسان، راحته في هواية معينة، في لون من الرياضة مثلا، أو في أحد الفنون كالرسم أو الموسيقى أو الشعر، أو يجد راحته في القراءة، أوفى تسلية ما محل الألغاز.. وليس في هذا كله شيء خاطئ، مادامت وسيلة سليمة. ولكنه مع ذلك ليس هو الراحة الحقيقية.
والبعض قد يجد راحته في المتعة مع الأصدقاء والصحاب والمعارف، بروح الأسرة الواحدة، بأسلوب اجتماعي، يتسامرون ويتسلون، أو يتعاونون معًا في العمل عام. وهذا لون سليم من الراحة، مادام لا خطأ فيه. ولكنه مستوى معين من الراحة، يوجد ما هو أعلى منه.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وهناك راحة زائفة، وراحة خاطئه
لقد استراح آخاب الملك حينما استطاع أن يدبر مؤامرة ظالمة استولى بها على حقل نابوت اليزرعيلى، وساعدته في ذلك زوجته إيزابل، إذ أرادت أن تحقق له رغبته، ولو بجملة من الخطايا ولم يسترح الاثنان، إذ أرسل الله إيليا النبى إلى آخاب ليقول له "في المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت اليزرعيلى، تلحس الكلاب دمك أنت أيضًا" (1مل 21: 19). وهكذا حدث لزوجته أيضًا (2مل 9: 36).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

وقد يظن إنسان أنه يريح نفسه بالتدخين أو الخمر:
أو بتعاطي بعض المخدرات. وقد يصل الأمر به في كل ذلك إلى الإدمان. وهو لا يدرى أن السجاير أو الخمر لا تحل له مشكلة، بل هي مشكلة أخرى تضاف إلى مشاكله. والمخدرات إنما تتيهه عن نفسه فينسى مشاكله إلى حين. ولكن هذه المشاكل تظل باقية بلا حل، تضاف إليها مشكلة أخطر وهى تعاطى المخدرات..
وإنسان آخر قد يرى راحته في تحقيق شهوة معينة:
كأن ينتقم لنفسه ممن أهانه أو أساء غليه، ويرد الكلمة بكلمتين، وعندئذ يستريح!! كذلك إن استطاع أن يهزم منافسه.. وكلها راحة زائفة وخاطئة..
ذلك قد يشعر براحة داخلية، من يحقق لنفسه شهوة في العظمة، أو القنية والامتلاك، أو شهوة جسدية، أو قضاء الوقت في الهو وعبث..!! أو ممارسة باقى عاداته الخاطئة.. ويكون في كل ذلك قد أهلك نفسه..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
مادام الأمر هكذا، فلنبحث عن الراحة الحقيقية وكيف تكون:
أول ذكر للراحة في الكتاب المقدس هو الآية التي تقول: "فاستراح الله في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدسه، لأنه فيه استراح من كل عمله الذي عمل الله خالقًا" (تك 2: 2، 3).. وهنا نجد راحة مصحوبة بالبركة والتقديس، وتقدم لنا مبدأ هاما وهو: الراحة المقدسة في إتمام عمل صالح:
لأن الله نظر إلى نظر إلى كل ما عمله، فإذا هو حسن جدًا (تك 1: 21)، فاستراح لذلك.. وبنفس الوضع نجد راحة أخرى في إتمام عمل الفداء، حينما قال وهو على الصليب "قد أكمل" (يو 19: 30). وأيضًا وجد راحته في قوله للآب:
"العمل الذي أعط يتنى لأعمل، قد أكملته" (يو 17: 4).
والإنسان الروحي يستريح في أعماقه من الداخل، حينما يمكنه أن يكمل كل عمل صالح يعهد به إليه، وحينما يكمل خدمته. مثلما قال القديس بولس الرسول: "إنى الآن اسكب سكيبًا، ووقت انحلالى قد حضر. جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان. وأخيرا قد وضع لي أكيل البر، الذي يهبه لي في ذلك اليوم الديان العادل" (2تى 4: 6 – 8).
لقد استراح السيد المسيح، حينما اكمل عمل الفداء، وأصعد من الجحيم الراقدين على رجاء، وفتح لهم باب الفردوس. ثم هزم الموت بقيامته في فجر الأحد.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
لهذا نقدس يوم الأحد، ونعتبره يوم الرب، يوم الراحة الحقيقية.
لأن فيه اراح الرب البشرية من عقوبة الخطية، ومن الموت. واصبح بقيامته باكورة الراقدين (1كو 15: 20، 23).. وهناك نستريح في يوم الأحد.. كان يوم السبت هو اليوم الذي استراح فيه الله خالقا. ويوم الأحد هو الذي استراح فيه فاديا ومخلصا..
والراحة فيه ليست مجرد راحة الجسد، إنما راحة الروح أيضًا.
فالإنسان الروحي يجد راحته في هذا اليوم، في بيت الله، في القداس الإلهي بألحانه وبركاته، وفي الاستماع إلى القراءات المقدسة والعظة، وفي التناول من الأسرار الإلهية. ويجد راحته فيما يقوم به من خدمة في يوم الرب هذا. وبهذا كله ترتاح روحه، ولا يشعر بتعب فيما يبذله من مجهود ويذكر ما قاله القديس يوحنا الرسول في مقدمة سفر الرؤيا:
"كنت في الروح في يوم الرب" (رؤ 1: 10).
لاشك أنه حينما كان في الروح، كان يجد راحة قلبية، تنسيه الضيقة، والنفى في جزيرة بطمس، وترشحه لتلك الرؤيا الإلهية العجيبة التي رآها..
الراحة في يوم الرب، ليس معناها الكسل أو الخمول، وليس معناها أن الإنسان لا يعمل أي عمل على الإطلاق، كما كان بفهم الفريسيون من وصية الرب (تث 5: 13، 14). فوصية الرب كانت خاصة بالامتناع عن العمل العالمى، وليس عن العمل الروحي.. إذن كان يحل عمل الخير في السبوت (مت 12: 12).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
أرواحنا تستريح في الله. والله يستريح في ارواحنا.
كما قال في المزمور "ههنا موضع راحتى إلى أبد الآبد. ههنا أسكن لأنى اشتهيته" (مز 132: 14). الله حقا يستريح في القلب الطاهر. يستريح في قديسيه، وأيضًا يتمجد فيهم (2تس 1: 10). والإنسان الروحي كما يرتاح الله فيه، كذلك:
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الإنسان الروحي يجد راحته في إراحة الآخرين:
إنه يشعر بلذة وراحه، كلما أراح غيره. يستريح قلبه وتستريح روحه في كل عمل محبة يقوم به نحو الآخرين. يجد راحة قلبية، حينما ينقذ مسكينا، أو يحسن إلى فقير، أو يعطف على يتيم، أو يحل مشكلة إنسان في ضيقة، أو يعزى حزينًا.. ويجد راحة في الخدمة الروحية التي يقوم بها، مهما كلفته من مجهود..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
راحة الروح تجعله لا يشعر بتعب الجسد.
عامل الإطفاء مثلا يخاطر بالقاء نفسه وسط النار والدخان، ويشعر براحة كبيرة كلما أنقذ إنسان من الحريق. وكذلك من يتعب لينقذ شخصًا من الغرق. كذلك من يبذل كل جهده، ليرد خاطئا عن طريق ضلاله، فينقذ نفسا من الموت، ويستر كثرة من خطايا" (يع 5: 20). كل تعبه في الافتقاد، وفي الحوار والإقناع، وفي احتمال هذا الخاطئ، كل هذا التعب لا يشعر به، بل بالحرى يجد فيه لذة إن أمكنه أن يخلص نفسه. وبهذا يشعر براحة كبيرة.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
لاشك أن أكبر راحة شعر بها المسيح، كانت على الصليب.
وسط آلام الصلب المبرحة، كان يشعر براحة لا يعبر عنها، في تخليص البشرية من حكم الموت، وفي إرضاء العدل الإلهى، وفي بذل نفسه كمحرقة وذبيحة خطية لفداء البشر جميعا.. راحة مؤسسة على الألم، الذي احتمله بسبب الحب..
ولعل نفس الراحة، شعر بها الشهداء، والقياس مع الفارق.
وسط عذاباتهم وآلامهم، كانوا يشعرون براحة، إذ هم على وشك الالتقاء بالرب في الفردوس، والتخلص من رباط الجسد والمادة، والانطلاق إلى كورة الأحياء ومجمع القديسين...
وهكذا أيضًا، وكل من احتمل آلاما لأجل المسيح،وهكذا قيل عن الآباء الرسل القديسين، بعد جلدهم "وأما هم فذهبوا فرحين، لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل اسمه" (أع 5: 41).
وهكذا الأب والأم يشعران براحة من كل تعبهما من أجل تربية أولادهما.
مهما بذلا من جهد جسدى في العناية بهؤلاء الأطفال، مهما احتملا من تعب في سهر الليل، وفي العناية بصحة هؤلاء الأطفال ونظافتهم، وفي الاهتمام بتعليمهم والإنفاق عليهم. في كل ذلك يشعران براحة. كما تشعر الأم براحة وهى تحمل جنينا في أحشائها، لأن الله وهبها ابنا، مهما كانت متاعب الحبل والولادة..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
إن الراحة ليست هي مجرد راحة الجسد، إنما هي راحة الضمير ايضًا..
والضمير يرتاح حينما يؤدى رسالته، وحينما يقوم بواجبه، ويكلمه على أحسن وجه، ولا يهتم اطلاقا بتعب جسده في سبيل إكمال عمله، وتحقيق هدفه الصالح. وكلما كانت آماله عالية، كلما تعب بالأكثر، ووجد راحة في تعبه. وكما قال الشاعر:
كلما كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجساد
بعكس ذلك الذي يستريح جسديا، ويتعب ضميره.
كالإنسان الذي يكسل ولا يذهب إلى الكنيسة أو إلى الخدمة، بحجة حاجة جسده إلى الراحة. هذا الإنسان يستريح جسده، ولكن ضميره يتعب. أو الخادم الذي يكسل في افتقاد مخدوميه، أو بحجة تعب الجسد يقصر في زيارة مريض، أو في الذهاب لتعزية حزين، هذا يريح جسده بينما يتعب ضميره.
كذلك التلميذ الذي لا يذاكر، ويمتع جسده باللهو والراحة، تتعب نفسيته فيما بعد حينما يفشل في امتحاناته، ويتعب ضميره لتقصيره في واجباته. وبالمثل كل إنسان يهمل عمله، ويركن إلى الرحة، فيفشل أولا يخطى برضى رؤسائه..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
تعب الإحتمال أيضًا فيه راحة للروح.
تعب النفس في تحويل الخد الآخر، وفي مشى الميل الثانى، وفي الصبر على من يخاصمك، ويأخذ ثوبك فتترك له الرداء ايضًا. وفي عدم مقاومة الشر (مت 5: 39 – 41)0 كل هذه الألوان من الاحتمال، حتى إن تعبت فيها النفس، ولو في أول الطريق، إلا أن الضمير يرتاح لأنه نفذ الوصية.
كذلك الذي يسهر الليل في الصلاة.
ويقوم في نصف الليل، ليسبح الله على أحكام عدله. وتسبق عيناه وقت السحر، ليتلو في جميع أقواله (مز 119).. هذا تجد روحه راحة بكل تعب الجسد. وكذلك تجد راحة في جهاده ومصارعته لقوى الروحية (أف 6)، والصبر إلى المنتهى حتى يخلص (مت 24: 13).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
ومع كل ذلك، لم يحرمنا الله من راحة الجسد.
فمنحنا يوم السبت (الأحد حاليا) لنستريح فيه، جسديا وروحيا. لأن الله الذي خلق أجسادنا، يعرف أن هذا الجسد يحتاج إلى راحة يوم كل أسبوع. ولذلك قال الرب: "ليست إنما جعل لأجل الإنسان. وليس الإنسان لأجل السبت" (مر 2: 27).
من حقك إذن، بل من واجبك، أن تريح جسدك من الإرهاق، ومن المرض. وتعطيه حاجته من النوم. ولا تسبب له أمراضًا بإهمالك في القواعد الصحية. وأيضًا تعطيه كفافه من الغذاء. ولكن...
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
ولكن لا تكون راحة جسدك على حساب تعب روحك.
أنت "تقيت جسدك وتربيه" (أف 5: 29). ولكن في نفس الوقت "تقمع جسدك وتستعبده" (1كو 9: 27)، ولا تجعله يتمرد على الروح.. تعطى الجسد غذاءه، ولا تعطيه شهواته. تعطية النوم للراحة، ولكن توقظه للصلاة، لكي تستريح الروح أيضا. وهكذا فإن الإنسان الروحي يحفظ ميزان الراحة بين الجسد والروح.
كثير من الناس يرهقون أجسادهم أزيد من احتمالهم، فترهق أعصابهم أيضًا. وقد يخطئون بسبب أعصابهم المرهقة، وتتعب أرواحهم بذلك. والأمر يحتاج إلى حكمة وافراز.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وفى إراحة جسدك، ابعد عنه الخطاء النفسية التي تتعبه.
فالغضب والنزفزة من أمراض النفس، ويتعب الجسد أيضًا. وكذلك الاضطراب والقلب وحمل الهم والكآبة الزائدة، كلها متاعب في النفس، تسبب تعبا للجسد أيضًا وقد قال الرب في علاج ذلك "لا تهتموا بما للغد يهتم بما لنفسه" (مت 16: 34).. لذلك فالإنسان الروحي، الذي يكون قلبه مرتاحا ونفسه في سلام، بحياة الإيمان والتسليم.. هذا أيضًا براحة روحه يريح جسده أيضًا من أمراض كثيرة..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
والإنسان الروحي، كما يريح نفسه وجسده، كذلك بالأكثر يريح روحه.
يريحها من الخطايا، ومن العادات السيئة والطباع الرديئة. ويريحها من الشهوات ومن الاستسلام للإغراءات، ويريحها من مقاومة الجسد لها، الجسد الذي يشتهى ضد الروح (غل 5: 16، 17). ويريحها بالانتصار على حروب الشياطين، ومقاومتهم راسخًا في الإيمان راسخا في الإيمان (1بط 5: 9). ويريح روحه أيضًا بمنحها الغذاء الروحي الذي يقويها ويقربها إلى الله ويعمق محبته فيها.. ويريح روحه، بأن لا يعمل شيئا يتعب ضميره.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وتستريح روحه في طاعة الله. ويستريح الله بطاعته.
إن الله يستريح في القلوب المؤمنة به، المحبة له، التي تصنع مشيئته، وتتمم ارادته، كالملائكة "الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه" (مز 103: 20).
الإنسان الروحي، تستريح روحه في شركة الروح القدس (2كو 13: 14). فلا يعمل عملًا إلا إذا كان روح الله يشترك معه فيه. الروح تستريح حينما تقول لله في كل عمل "لتكن مشيئتك". فهذا تريح وتستريح. ما أجمل ما قيل عن موسى النبي إنه صنع كل شيء حسب المثال الذي أراه الرب على الجبل (عب 8: 5).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
ننتقل إلى النقطة الأخيرة، وهى كيف يستريح الإنسان:
إذا استراح الإنسان من الداخل، يستريح من الخارج أيضًا. وإن تعب داخله، لابد أن يظهر عليه هذا التعب من الخارج.. نظرته إلى الأمور هي التي تتعبه. لذلك قال القديس بولس الرسول "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو 12: 2)
يجب أن يقتنع الإنسان بفعل الخير، فتصير تصرفاته خيرة.
يجب أن يستريح قلبه تمامًا للسلوك بالروح. ولا توجد شهوة خاطئة تتعب الإرادة. وكما قال القديس ذهبي الفم "لا يستطيع أحد أن يؤذى إنسان، ما لم يؤذ هذا الإنسان نفسه". الإنسان المستريح في الداخل لا يتعبه أي سبب من الخارج. وهو أيضًا لا يتعب أحدًا. بعكس الإنسان غير الروحي، الذي طبعه النكد، ونفسيته غير مستريحة، فأقل الأسباب تتعبه، ويستقبلها هو بتعب.
التعب في داخله، وليس بسبب الأسباب الخارجية.
لأن الروحيين أحاطت بهم من الخارج أسباب متعبة كثيرة، ومع ذلك لم يتعبوا.
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:47 PM   رقم المشاركة : ( 25 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

لا تجعل راحتك على تعب الآخرين

ما أكثر الخطايا التي يقع فيها من يبنى راحته على تعب الآخرين. وسنضرب لذلك أمثلة عدية منها.
1- من يجد لذته في التهكم والضحك على غيره.

يتخذه مجالا للسخرية والتفكه والتسلية، غير مبال بجرح مشاعره، ومشاركة الناس له في جعل هذا الإنسان أضحوكة لهم.. وبخاصة إن كان لا يستطيع الدفاع عن نفسه، أو يحتشم من ذلك، لأن الذي يتندر عليه أكبر منه سنًا أو مقامًا. هذا الساخر هو إنسان يجد راحته في تعب غيره نفسيًا..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
2- مثال آخر: من يقيم حفلة ساهرة صاخبة بميكروفونات تنقل الصوت عاليا عبر عدة شوارع..

ويستمر على ذلك إلى ما بعد منتصف الليل في صخب ولهو وغناء وضوضاء. ولا يبالى في كل ذلك بشعور غيره ولا بمصلحته. المحتاج إلى نوم، لا يستطيع أن ينام. والتلميذ لا يستطيع أن يذاكر. والمريض يزعجه الصوت، وربما يكون قد تناول حبوبًا منومة تفقد مفعولها. والباقون يفقدون حريتهم في الكلام وفي القراءة وفي الاستمتاع بوقتهم. ولكن صاحب الحفلة مسرور بحفلته، غير عابئ بتأثيرها على غيره.

كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
ومثل ذلك من يفتح راديو أو ترانزستور أو قطار. هو يريد أن يسمع ولا يهمه غيره..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
3- كذلك من يدخن سيجارة، وبجواره من يكره رائحتها..

ينفخ دخانها في وجهه، أو فيما حوله. وقد يكون بجواره من يكاد يختنق من رائحة الدخان. وبخاصة لو كان ذلك في مكان مغلق، في حجرة، أو أتوبيس، أو طائرة.. هو يريد أن يتمتع بمزاجه الخاص، ولا يعبأ بتعب غيره. وقد يفعل ذلك دون أن يستأذنه وحتى لو أستأذن يكون ذلك إجراء شكليًا. وما أكثر ما تتعب الزوجات من أزواجهن المدخنيين.. يدخل تحت بند التدخين أيضًا المصانع التي تعكر الجو بدخانها، وتؤذى صحة الناس لكي يكسب أصحابها مالًا.. وكذلك العربات التي تنفث في سيرها دخانًا..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
4- وبالمثل من يتعب غيره بمكالمات تليفونية قد تطول..

يطلب غيره تليفونيا في أي وقت. وقد يكون نائما، أو على مائدة الطعام، أو عنده ضيوف، أو يكون منشغلًا بعمل هام يجب أن يقوم به. ويظل هذا الإنسان يتكلم ويتكلم، ودون يسأل هل الذي يسمعه لديه وقت لسماعه أم لا. بينما اللياقة تقتضى أن يسأل..! وقد يكون صوته عاليًا يسمعه الذين حول السامع، وربما يعرفون به أسرارًا ما كان يجوز أن يسمعوها!
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
5- وبنفس الوضع: الحكم على بعض الزيارات:

إنسان يزوره غيره على غير موعد، دون أن يعرف هل هذا القريب أو الصديق مستعد لاستقباله أم لا! ولكنه يدخل ويجلس ويتكلم. وقد تطول الجلسة، وصاحب البيت يخجل من أن يقول له أنه منشغل، أو كان على وشك الخروج لمهمة معينة أو موعد مع آخرين! ويكون هذا الضيف جالسًا في بيت صاحبه. إنما هو جالس على أعصابه.. وما أصعب مثل هذا الزيارات إن كانت خلال أيام الامتحانات، ويعلو فيها الصوت، والطلبة محتاجون إلى هدوء.. ومع ذلك فهؤلاء الضيوف يحاولون أن يجدوا راحتهم، ولو على تعب غيرهم.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
6- وعلى نفس القياس: بعض الرحلات إلى الأديرة والمتوحدين:

كل ما يريده أصحاب الرحلات أن يتمتعوا بالدير، دون أن يضعوا في ذهنهم راحة الرهبان أو هدوء الدير. وقد الدير. وقد يكون في الرحلة أطفال يصيحون ويجرون ويلعبون. وقد يرتفع صوت أعضاء الرحلة، وقد يتجولون في الدير بغير نظام. وأحيانا تكون في الدير عدة رحلات بعدة أتوبيسات مع عربات خاصة. ويجتمع في الدير مئات، وتسود الضوضاء أرجاء هذا المكان المقدس، وأصحاب الرحلة سعداء!! لا يفكرون في تعب الرهبان الذين تركوا العالم التماسًا للهدوء! وتزيد المشكلة إن أصر بعض أعضاء الرحلة على زيارة المتوحدين.. إنهم يريدون راحتهم، ولا يفكرون في طقس الحياة التي يعيشها غيرهم..
معروفة قصة البابا ثاوفيلس الذي أراد زيارة القديس الأنبا أرسانيوس المتوحد فلما عرف أن ذلك يؤذى وحدته، امتنع عن ذلك...
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
7- هناك أيضًا أشخاص يريدون أن يتكلموا، وربما في موضوعات لا يستريح لها سامعوهم..

وقد يقصون أسرار أناس آخرين، أو مشاكل معينة، أو أخطاء قد حدثت، أو يفتحون أذهان سامعيهم لمعرفة أمور جديدة عليهم من الخير لهم أن لا يسمعوها.. ولكنهم يريدون أن يتكلموا، ولو اتعبوا السامعين، ولو صبوا في آذانهم معلومات مؤذية، ولو أتلفوا أفكارهم. وقد يحاول السامع أن يهرب، ولكنهم يضغطون بالكلام، لأنهم يجدون لذتهم في الحديث، شاء السامع أن يسمع أو لم يشأ!! هذا بالإضافة إلى اضاعه وقته..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
8- فى كل مرة تضغط على غيرك، تيقن تمامًا أنك تبحث عن راحتك على حساب تعبه..

وقد يكون هذا الضغط على إراداته، لكي ينفذ ما لا يريد. وقد يستخدم فيه أحيانًا الإلحاح المتعب الذي يشكل ضغطًا على أعصابه وعلى أذنيه.. وقد يكون الضغط مباشرة أو عن طريق وسطاء. أو يكون ضغطًا على ضميره بتهديده بالالتجاء إلى أخطاء يشارك في مسئوليتها.. المهم أن يصل الشخص إلى تحقيق غرضه بالضغط أو الضغوط، ولا يهمه مطلقا شعور من يضغط عليه، ولا تعب أعصابه، وتعب فكره وتعب إرادته، والوقت الذي تستغرقه الضغوط..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
9- هناك أشخاص يستريحون نفسيًا بالشكوى والبكاء، ويشركون غيرهم في سماع مشاكلهم ومتعابهم وأحزانهم..

ولو حدث ذلك مرة أو في بعض مناسبات، لكان ممكنًا الاحتمال بالمشاركة الاجتماعية "بكاء مع الباكين" (رو 12: 15). ولكن ماذا عن أشخاص تعودوا الشكوى والبكاء والنكد.. ما أن يقابلوا صديقًا، حتى بنفتح ريكوردر الشكوى والبكاء والحزن واليأس والتعب، إلى غير نهاية ومهما حاول السامع أن يخفف عنهم، لا يستطيع، ويزداد الأنين والتعب، وربما لغير سبب، أو لسبب تافه، أو بحديث متكرر، وبلا نتيجة! المهم أنهم يريدون أن ينفسوا عن أنفسهم، ولو تعب سامعوهم.. ليتك حينما تتكلم، أن تنظر إلى ملامح سامعك.. هل تعب؟ هل ضجر؟ ممكن أن تكمل كلامك أم لا. ما أكثر الذين يفقدون أصدقاءهم ومعرفهم، بمداومة الشكوى والبكاء.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
10- نقطة أخرى هي موضوع العثرات:

إنسانة تقف طويلا أمام المرآة قبل أن تخرج. ولا تفارق المرآة حتى ترضى تمامًا عن نفسها، إنها صارت في منتهى الفتنة. كل من يراها يعجب بها. ولا يهمها في كل ذلك انها تعثر. المهم راحتها النفسية في أن تكون تكون موضوع الإعجاب، ولو تعب الذين يعجبون بها. نصيحتى لك: لا تجعلى المرآة تقودك.. بل اهتمى أن لا تكونى عثرة لأحد..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
11- يشابه هذا بعض المتزينات في الحفلات:

إنسانة تريد أن تكون الأولى في إحدى الحفلات. وقد تحضر حفلة عرس، وتحاول أن تكون أجمل وأشيك من العروس نفسها!! تلبس ملابس فوق مستوى الكل، وتتحلى بحلى لا تتحلى بها إمرأة أخرى. تريد أن تجذب انتباه الكل، ولو ألغت وجود غيرها، ولو أتعبت باقي النساء وشعرن بصغر نفس وبضآلتهن إلى جوارها! هذه أيضًا تبحث عن راحتها بتعب الأخريات. وإن ناقشتها ترد قائلة "إنها حفلة، ويجب أن أحتفظ بأناقتي". نعم ولكن في حدود المعقول. ودون إثارة الغيرة، ودون الدخول في مقارنات. البسى في الحفلة ما يناسب مستوى المشتركات في الحفلة، بأناقة معقولة.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
12- ما أكثر المشاكل الزوجية، التي سببها أيضًا من يجعل راحته على تعب غيره:

ومثال ذلك الزوجة التي تطلب من زوجها طلبات فوق طاقته المالية. فإما أن ترهقه ماليًا، أو تضطره إلى الافتراض أو إلى الديون. أو أن يقول ليس معى! وأحيانا تحرجه بحظها العاثر في أن تتزوج رجلًا ليس معه ما ينفقه عليها! وهكذا تجرح شعوره.. ونفس الكلام ينطبق على الابن الذي يطلب من أبويه ما هو فوق طاقتهما، والمواطن الذي يطلب من الدولة ما هو فوق طاقتها.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
13- مثال آخر: هو المهاجر الذي يحضر إلى مصر، ليطلب من الكنيسة أن تزوجه في أيام الصوم؟

وأحيانًا في الصوم الكبير!! وإن قيل له أن قوانين الكنيسة لا تسمح بإجراء سر الزواج في الصوم، يظل يضغط ويضغط، ويقدم أعذارًا وتبريرات خاصة بالسفر وبالإجازات. وإن وجد أن هذه التبريرات غير مقبولة، يحتج ويغضب ويصيح ويصر، ويهدد بالزواج عند الطوائف الأخرى. والمهم راحته في أن يتزوج، ولا يهتم بضمير الكاهن، ولا بقوانين الكنيسة، ولا بكسر الصوم. إنه يريد موافقة الكنيسة، وليس بركتها. يريد راحته على تعب غيره..!
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
14- من الأشياء العجيبة ايضًا: من يريد ان يبنى مجده على هدم غيره، ويظن بهذا أنه يظهر تفوقه!

حتى في المحيط الكنسي! كاتب يريد أن يحطم جميع البديهيات والمسلمات التي يعرفها الكل، ومحاولا أن يثبت خطأها، لكي يقدم رأيًا جديدًا، كأنه يفهم أكثر من الكل. هو الوحيد الذي يفهم، وكل ما ورثناه عن الأجيال هو خطأ إلى أن بعثه الله، ليقدم للناس المفاهيم السليمة.. من هنا نشأ المبتدعون الذين شيئًا جديدًا، لعله ينى لهم مجدًا، بتقديم ما لم يصل اليه الغير. يحاول أن يظهر علمه، بإعلان جهل الكل، وقد يسأل غيره أحيانًا أسئلة محرجة المقصود بها أن يظهر جهلة. ثم يجيب هو عن الأسئلة ليظهر تفوقه..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
15- ومثال ذلك من يخفى مواهب غيره، لتظهر مواهبه هو:

لا يسمح لغيره بالظهور، ليبقى وحده في الصورة. كالأستاذ الذي لا يعطى المعيد فرصة ولا شهادة، إلا بشق الأنفس. وفى نفس الأشكال يقع غالبية الناشئين، فلا فرصة سهلة لكاتب ناشئ، أو لمخترع ناشئ، أو لفنان ناشئ، لأن الكبار يريدون احتكار العبقرية ذاتها! ويجدون راحتهم في أن يخلو الجو لهم، ولو تعب كل الناشئين يحتكرون الجو ويحتقرون الغير..! يدخل في ذلك أيضًا من يحتكر الكلام أثناء اجتماع، ولا يعطى غيره فرصة لكي يتكلم!
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
16- من أمثلة الراحة بتعب الآخرين: الزوج الغيار:

الذى من أجل غيرته على زوجته، يكاد يحبسها في البيت. لا يراها أحد، ولا تتكلم مع أحد. ولا تضحك على فكاهة قالها الغير، حتى إن كانت فكاهة تضحك الحجر! وإلا يقيم الدنيا ويقعدها. لماذا تنبسطين في الكلام؟! كأنما اشترى عصفورة جميلة وحبسها في قفص. حتى إن غنت داخل القفص، يمنعها من الغناء! وهكذا يضيق عليها تضييقا يجعلها تكره الحياة بسببه. وإن جادلته أو عاتبته، يقول لها "هذا هو الذي يريحنى "! ولكنها راحة على تعب غيرك، لا تقيم فيها أي أعتبار لشعور زوجتك..
وبالمثل الزوجة الغيارة أو النكدية أو الكثيرة التحقيق مع زوجها، والتي ترهقه بأسئلة واحراجات، لكي تستريح هى، مهما تعب هو..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
17- تظهر الراحة على تعب الآخرين غى موضوع الزحام:

كل شخص يريد أن يسبق غيره، أو يأخذ مكان غيره، أو يصل هو، ولا يهم أن يصل غيره أو لا يصل! والعجيب أن ذلك قد يحدث أحيانًا أثناء التناول من الأسرار المقدسة وبخاصة أيام الأعياد والمناسبات. بينما التناول يليق به إنكار الذات وانسحاق النفس، ولا يليق به بتاتا أن يبحث الإنسان عن راحته بتعب غيرهم. يشبه هذا إيضًا من يبحث عن الأماكن الأولى في الاجتماعات، أو يحجزها قبل مجيئه. وكذلك من يقف في اجتماع، ولو أخفى الرؤية عن غيره. ومن يوقف عريته في مكان، ولو عطلت المرور على غيره.. العجيب أن الزحام قد يحدث أيضًا في الجلوس من أب الاعتراف فقد يدخل معترف إليه. وهناك طابور طويل ينتظر. فلا يهمه كل هؤلاء، ويقضي ما يشاء من الوقت، ولو تعب المنتظرون. العجيب أيضًا أنه لا يعترف بهذا أثناء جلسته مع أب الاعتراف!
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
18- وموضوع الزحام يذكرنا بالمنافسات عمومًا:

ومنها المنافسات في الوظائف والمناصب، حيث يريد أن يزيح شخصًا من مكانه ومركزه ليحل محله. أو يأخذ درجة أو علاوة بدلا منه، ولو بتقديم شكوى ضده، أو إشاعة المذمة فيه. أو يتسبب في فشله ليضيعه. وفي مجال السياسة، حزب ينافس حزبًا، ويكره الناس فيه ليأخذ مكانه ويدخل في المنافسات أيضًا المضاربات في الأسواق. ونحن لا نقول إن كل منافسه خاطئة. بل نقصد المنافسات التي تلجأ إلى طرق خاطئة لأن تتعب غيرها أو تتخلص منه أو تحطمه..!
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
19- وتدخل في موضوعنا أيضًا كل أنواع السرقة:

فالنشال يريد أن يأخذ ما في جيب غيره ليضعه في جيبه هو. وكذلك كل سرقة. ويدخل في هذا المجال الغش في التجارة،واحتكار الأسواق والمضاربات فيه، والربا الفاحش، والسوق السوداء، الهروب من الضرائب والجمارك. في كل هذا يبنى كل إنسان راحته على تعب غيره. ومثلها صاحب العمل الذي يبخس أجور عماله ليغتني هو، وكأنه يسرق عرقهم وتعبهم. وكذلك الذي يطلب رشوة ليقضى عملا مشروعًا.
إنها أيضًا سرقة وقد تكون بالإكراه، وهى راحة خاطئة بتعب الآخرين نضع مثال آخاب الملك الذي أراد أن يغتصب حقل نابوت اليرزعيلى (1مل 21). كذلك كل أنواع الظلم والتسخير.
وأيضًا من يسرق فكر غيره وينسبه إلى نفسه. ومن يترجم لمؤلف، وينسب الفكر لنفسه.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
20- نذكر هنا أيضًا نظرية (كبش الفداء):

حيث تقوم مثلا سرقات في شركة من كبار المسئولين فيها، وبقدم موظف بسيط، أو مدير، أو عضو مجلس إدارة منتدب ليحمل المسئولية كلها، ويتبرأ المخطئون الحقيقيون، فينالون راحتهم بتعب غيرهم. كذلك محاولة النجاة من مسئولية أي خطأ بإلصاقه بآخر. ومن يتهم غيره لينجو هو.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
21- اغتصاب الفتيات واغراؤهن يدخل في موضوعنا أيضًا.

إذ يجد شاب راحته الجنسية في أن يضيع فتاة ويغتصبها. وحتى مجرد العلاقة التي تشغل عقل الفتاة وعاطفتها، وتضيع سمعتها، لمجرد أن يجد الشاب متعته في مصادقة فتاة، مهما أساء إليها بهذه الصداقة‍! إنها راحة مبنية على تعب الآخرين.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
22- يدخل في هذا الأمر أيضًا الغضب والنرفزة:

إنسان أعصابه تعبانه. ينفس عن ضيقه بأن يصب غضبه على الآخرين كلامًا أو كتابة، لكي يستريح هو، مهما تعبوا هم. وما ذنبهم في تعرضهم لأعصابه المرهقة. وإن عاتبته يقول: لم استطع أن أستريح إلا بعد أن قلت هذه الكلمة! ولكنها راحة خاطئة.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
23- يدخل في هذا الموضوع ايضًا: الحروب والاستعمار:

حيث تجد إحدى الدول راحتها في تحطيم دولة أخرى، أو في حصارها اقتصاديًا، أو في استعمارها وقد يفعل الأفراد مثل هذا في حدودهم الضيقة.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
24- نذكر أيضًا الاستطلاع ومحبى معرفة أسرار الناس.

راحتهم هذه ما أكثر ما تتعب غيرهم، سواء الذين يريدون معرفة أسرارهم، أو الذين يلحون عليهم بالسؤال، ليستخرجوا منهم المعلومات، بالأسئلة المتواترة، والإلحاح المتعب، حتى يعصرونهم عصرًا ليستخرجوا كل ما عندهم من من المعلومات من ملومات بالضغط والإحراج.
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:50 PM   رقم المشاركة : ( 26 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

ما معنى الراحة؟
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

هؤلاء الذين يبحثون عن راحتهم بتعب غيرهم، إنما يخطئون في فهم الراحة. ويبحثون عن راحة مغشوشة:
فالراحة الحقيقية هي راحة الضمير، وراحة الإنسان مع الله، وكذلك الراحة الأبدية. أما الراحة التي يبحث عنها هؤلاء، فهي راحة غير حقيقية. والإنسان الروحي يبذل نفسه من أجل غيره، ويتعب ليريح الناس. كذلك يجب أن لا تكون الوسيلة إلى الراحة وسيلة خاطئة "وقد قيل ما عاش من عاش لنفسه فقط". والكتاب يقول "قدموا بعضكم بعضًا في الكرامة" (رو 12). ويجب أن يبعد الإنسان عن الأنانية وحب الذات.
هناك استثناء واحد، وهو العقوبة التي تستلزمها الرعاية، لأجل راحة المجموع، وتثبيت القيم والروحيات.
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:53 PM   رقم المشاركة : ( 27 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

التعب المقدس والراحة في إراحة الغير


الإنسان الروحي لا يهرب من التعب بحثًا، بل يفرح كثيرًا بأن يتعب من أجل الله.
إنه يبحث أولا عن راحة ضميره، عن راحته في الرب.. أما راحة الجسد، فيضعها في آخر اهتماماته. ويفضل التعب إن كان فيه كسب روحي. ويرى راحته في هذا التعب الذي يوصله إلى الله، والذي يكون فيه بناء الملكوت.
وهنا نميز لونًا من التعب المقدس، له أمثلة كثيرة في الكتاب:
منه التعب في الكرازة والتعليم، وفي الخدمة عومًا، والتعب في الجهاد الروحي. والقديس بولس الرسول، لما ظنه البعض أقل من باقى الرسل في درجه الرسولية، قال مدافعًا عن رسوليته "وأنا تعبت أكثر من جميعهم. ولكن لا أنا، بل نعمة الله العاملة معى" (1كو 15: 10). وقال "أهم خدام المسيح؟ أقول كمختل العقل، فأنا أفضل: في الأتعاب أكثر، في الضربات أوفر، في السجون أكثر. في الميتات مرارًا عديدة" (2كو 11: 13). وقال عن خدمته أيضًا "في تعب وكد، بأسفار مرارًا كثيرة".. فكان أهم ما افتخر به هو التعب. وقال عن مكافأة التعب:
"كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه" (1كو3: 8).
وقد مدح الكهنة الذين "يتعبون في الكلمة والتعليم"، وقال عنهم "فليحسبوا أهلًا لكرامة أفضل" (1تى 5: 17). وقال لأهل تسالونيكى "نسألكم أيها الأخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم، وأن تعتبروهم كثيرًا جدًا في المحبة" (1تس 5: 12).
وفى رسالته إلى رومه، ذكر أسماء نسوة قديسات تعبن في الخدمة: فقال "سلموا على مريم التي تعبت من أجلنا كثيرًا.. سلموا على تريفينا وتريفوسا التاعبتين في الرب. سلموا على برسيس المحبوبة التي تعبت كثيرًا في الرب" (رو 16: 6، 12).


كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
إن كل تعب يتعبه الإنسان من أجل الرب، هو تعب محبوب لا يمكن أن ينساه الله. وذلك كما قال الرسول:
"لأن الله بظالم حتى ينسى عملكم وتعب المحبة التي أظهرتموها نحو اسمه" (عب 6: 10).
حسن أن تقول إنك تحب الله. ولكن محبتك له تظهر في تعبك من أجله.. والله يكافئك على المحبة وعلى التعب. وهكذا قال الرسول "لم اسع باطلًا، ولا تعبت باطلًا" (فى 2: 16). قال لأهل كورنثوس "كونوا راسخين غير متزعزعين، مكثرين في عمل الرب كل حين. عالمين أن تعبكم ليس باطلًا في الرب" (1كو15: 58).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
إن الإنسان الذي يتعب، يفرح بثمار تعبه.
مثال ذلك: الزارع الذي يتعب في حرث الأرض وزرعها وريها، وتنظيفها من الآفات.. إلى أن يأتى وقت الحصاد، فيفرح، ويعرف أن تعبه لم يكن باطلًا، بل كافأه الرب بالبركة حسب كل تعبه.
إن كل تعب يتعبه الإنسان بهدف روحى، وبأسلوب روحى، من أجل الله، هو تعب محسوب له عندالله، مسجل عنده. وهكذا قال الرب لملاك كنيسة أفسس:
"أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك" (رؤ 2:2).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
إنه أمر معزى أن الله يعرف كل تعبك، ويكتبه لك في سفر الحياة، ولابد سيكافئك عنه في الأبدية السعيدة، وربما في هذه الحياة أيضًا. كما يسندك في تعبك ويقويك. أويقول لك كما قال للقديس بولا الطموهي في جهاده "كفاك تعبًا يا حبيبى بولا".. وهو يقول على الدوام:
"تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال، وأنا أريحكم" (مت 11: 28).
يريحنا بأن يرفع الأثقال عنا، أو يعزينا عزاء روحيًا في أتعابنا، أو يقدم لنا ووده الجميلة، أو يعطينا لذة في التعب حتى نشتاق إلى تعب أكثر، أو يذكرنا بأن كل عملنا لأجله سيتبعنا في البدية السعيدة، كما قيل في تطويب المنتقلين:
"00لكى يستريحوا من أتعابهم، وأعمالهم تتبعهم" (رؤ 14: 13).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
لذلك فالإنسان الروحي، حينما يتعب من أجل الرب، يشعر ببركة في هذا التعب. وإن كل تعب له إكليل، فلا يركن إلى الراحة أبدًا في هذه الحياة، متذكرًا قول الوحى في سفر الأمثال: "فى كل تعب منفعة" (أم 14: 23). وكما قدم لنا الكتاب المقدس أمثلة للذين تعبوا لأجل الرب..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
كذلك قدم لنا تاريخ الكنيسة أمثلة من التعب المقدس.
القديس اثناسيوس الرسولى مثلًا، كم تعب من أجل الإيمان، وكم اضطهادات لاقاها من الأريوسيين الهراطقة.. وكم من اتهامات باطلة، ومقاومات كثيرة صدرت "العالم ضدك يا أثناسيوس"..!!
ولكنه احتمل كل هذا التعب في صبر وفي فرح، لأجل حماية الإيمان، آخذا بركة هذا التعب..
وبالمثل وأكثر: التعب الذي احتمله الشهداء.
من تهديدات ومحاكمات وسجن، وألوان مرعبة من التعذيب، وما ذاقوه من آلام فوق الوصف.. لكنه كان تعبًا مباركًا من أجل الرب، نالوا عليه أكاليل، واستحقوا بسببه الراحة الأبدية.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الإنسان الروحي يفرح بالتعب، ويجد راحته فيه.
أى أنه يجد راحته الداخلية في هذا التعب الخارجي، وأو يجد راحة روحه في تعب جسده، أو يجد الراحة الأبدية في هذا التعب الزمني المؤقت.. فهو مستعد أن يتعب هنا ليستريح هناك.
إن القديس يوحنا المعمدان لاقى المتاعب في توبيخ هيرودس على أنه آخذ امرأة أخيه، فسجن وقطعت رأسه.. ولكنه أراح ضميره ليستريح في الأبدية. وأعطانا جميعًا مثالًا قويا للشجاعة في الدفاع عن الحق.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
لا ننسى أيضًا تعب الذين كانوا أمناء في الخدمة، وقد وضعوا أمامهم قول الرب: "كن أمينا إلى الموت، فسأعطيك إكليل الحياة" (رؤ2:10).
"إلى الموت".. هل يوجد تعب أكثر من هذا؟! ولكنه تعبير عن محبة الإنسان لله.. انظر داود النبي وهو يقول:
"لا أصعد على سرير فراشى، ولا أعطى لعينى نومًا، ولا لأجفانى نعاسًا، ولا راحة لصدغى، إلى أن أجد موضعًا للرب ومسكنًا إله يعقوب" (مز 132: 3- 5)..
إنه لا يسمح لنفسه بالراحة الجسدية، إلا إذا تم واجبه وحقق مسئوليته في خدمة الرب،وحينئذ يستريح روحًا وجسدًا. ينام وهو مستريح من الداخل..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الإنسان الروحي لا يهرب من التعب. فالذى يهرب من التعب، إنما يهرب من الله..
إنه يهرب من واجبه ومن مسئوليته، ويهرب من الأكاليل المعدة..! بينما الذي يتعب، إنما يظهر بالتعب مقدار محبته لله، ومقار إهتمامه بملكوت الله على الأرض، واهتمامه بخدمة الله في أشخاص أولاده..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
لذلك إن أردت أن تستريح في قلبك، اعمل على راحة غيرك.
كل الذين أراحوا غيرهم، شعروا بسعادة داخليه بسب ذلك، حتى في مجال الحياة الاجتماعية. وما أكثر الأمثلة على ذلك:
فالطبيب يجد راحة في ضميره وقلبه عندما يريح المريض الذي يعالجه، ويبعد عنه الألم. ورسام الكاريكاتير يجد راحته في أن يفرح من يروا رسومه ويقرأوا فكاهاته. وهكذا كل فنان يجد راحته عندما يدخل فنه إلى قلوب الناس ويريحهم.
الشخص الذي يبحث عن راحته الشخصية، قد يكون أنانيًا.
أما الإنسان الروحي فيفكر دائمًا في راحة الآخرين. هناك نفوس يمكن أن نسميها نفوسًا مريحة، كل من يختلط بها يستريح. وهى مصدر راحة باستمرار. ونضرب لذلك أمثلة:
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
*مثال ذلك الأمومة والأبوة:
الأم تتعب جدًا في تربية أبنتها. وتتعب في تجهيز ابنتها المزواج. وتفرح بزواجها لأنها استقرت في حياتها. وعلى الرغم من أنها حرمت من عشرتها، إلا أنها تشعر بسعادة لسعادتها وربما تبيع مجوهراتها وحليها لتجهيز ابنتها إذا لزم الأمر. وهكذا الأب في تربية أبنائه وفي الاهتمام بتعليمهم ومستقبلهم. ويشعر إن رسالته في الحياة هي أن يجلب كل وسائل الراحة والسعادة لابنائه. ولكل هذا نجد أن إلهنا الصالح لقب نفسه بالأب السماوى. والمهم أن الأب والأم يريحان أبناءهما على أساس سليم.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
*مثال آخر في إراحة الآخرين، هو الراعى وعمله لأجل رعيته.
إنه لا يعمل من أجل راحة نفسه، بل يبذل كل جهده من أجل خرافه، يأتى بها إلى المراعى الخضراء وإلى ماء الراحة، ويحميها من كل اعتداء تتعرض له ومن كل خطر. ولهذا كله أقام الله رعاة لشعبه للاهتمام بهم، ليرعوا رعية الله التي اقتناها بدمه (أع 20: 28).
بل إن الرب نفسه شبه نفسه بالراعى، وقال "أنا هو الراعى الصالح. والراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو 10: 11). وقال الرب في العهد القديم، في سفر حزقيال النبي "أنا أرعى غنمى واربضها – يقول السيد الرب – واطلب الضال، وأسترد المطرود، وأجبر الكسير، وأعصب الجريح" (حز 34: 15، 16).. كله عطاء لراحة غنمه..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
*كل هذا يعطينا فكرة عن الراحة في العطاء.
الإنسان الروحي يجد سعادته في أن يعطى، ويجد راحته في سعادة الذي هو يعطيه. إن الرضيع يجد راحته في المرضعة التي ترضعه، سواء كانت أو غيرها. والمرضعة تجد راحتها في راحته وإذا ابتسم، تشعر بسعادة كبيرة.. ما أكثر ما يعمل من أجل الطفولة. كلها راحة في العطاء.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وما أكثر العاملين من أجل المجتمع في كافة المجالات..
كرجال المطافئ، ورجال الاسعاف، ومنقذى الغرقى. ومثل جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.. كلها تجد راحتها في راحة الآخرين. وتشعر بسعادة في انقاذ الغير.. وهكذا كل من يعمل في العمل الاجتماعى والعمل الإنسانى.
الطبيب النفسانى يشعر بسعادة حينما يشفى مريضه من القلق أو الاضطراب أو الخوف أو الوهم أو الشك، مهما كلفه ذلك من جهد مضنى بسبب تعامله مع شخص غير طبيعى..
كذلك العلماء الذين يسهرون ويكدون، لكي يقدموا للناس مخترعات تريحهم في حياتهم، أو أدوية تنقذهم من المرض والألم.
فيا ليتك أنت أيضًا تجد راحتك في خدمة غيرك وإراحته.. وفي حل مشاكل الآخرين أو إبعاد المشاكل عنهم.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الإنسان الروحي يجد راحته في الله، مهما أحاطت به المشاكل.
إنه يضع الله بينه وبين المشاكل. فلا يفكر في المشكلة، إنما في الله الذي يحلها. وفي كل مشكلة تصادفه يقول "ربنا موجود". وإيمانه بالله وتدخله لحل المشاكل، يمنحه راحة داخلية وسلامًا قلبيًا مبنيًا على الإيمان بالله وعمله.
أتذكر أننا في أواخر سنة 1967 إضطررنا إلى نقل اجتماعنا إلى فناء الكلية الإكليريكية في الهواء الطلق. فقال لى البعض "وماذا نفعل من جهة المطر، إذا حل فصل الشتاء؟ فقلت لهم: إله الشتاء هو الذي سيدبر الأمر".
الإنسان الروحي يستريح في حياة التسليم التي يحياها.
يترك كل أموره الله، لكي يدبرها. كما يقول الكتاب "إلق على الرب همك وهو يعولك" (مز 55: 22). وأيضًا "ملقين كل همكم عليه، لأنه هو يعتنى بكم" (1بط5: 7). ويثق بوعد الرب القائل "تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال، وأنا أريحكم" (مت 11: 28). فلماذا لا تلجأ إلى الله في كل مشاكلك ومتاعبك، وهو يريحك؟
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الإنسان الروحي يجد راحته في الصلاة.
أو يجدها في آية معزية تفرح قلبه، أو يجد راحته في تذكره لوعود الله. يكفيه مثلًا قوله الإلهي "تشدد وتشجع.. لا أهملك ولا أتركك" (يش 1: 5، 6) أو "ها أنا معكم كل الأيام وإلى أنقضاء الدهر" (مت 28: 20) أو "هوذا على كفى نقشتك" (أش 49: 16). فيفرح بكل هذا، ويجد راحة في قلبه، معتمدًا على وعود الله.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
ما جمل تلك العبارة التي كتبها القديس أوغسطينوس في اعترافاته قائلًا للرب:
"ستظل قلوبنا قلقة، إلى أن تجد راحتها فيك".
الإنسان البعيد عن الله يعيش في تعب، لأن الراحة الحقيقية لا يجدها إلا في الله. ولذلك حسنًا قال داود النبي "أما أنا فحسن لي الالتصاق بالرب" (مز 73: 28).
وقال "الاتكال على الرب خير من الاتكال على البشر. الرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء" (مز 117). "دفعت لأسقط، والرب عضدنى. يمين الرب صنعت قوة بالرؤساء" (مز 117).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
كما يستريح الإنسان في حياة الإيمان، يستريح في حياة الرجاء..
الذى يفقد الرجاء، يقع في اليأس، ويقترب من الهلاك أو الضياع. أما الإنسان الروحي، فيرى بالرجاء أن كل مشكلة لها حل، وكل باب مغلق له مفتاح أو عدة مفاتيح، وكل سقطه لها قيام بعدها
المشاكل لها شكل هرم. ترتفع حتى تصل إلى قمتها، ثم تنحدر نازلة على الجانب الآخر. هكذا كانت مشاكل يوسف الصديق، وارتفعت حتى أوصلته إلى السجن، ثم نزلت ووصل إلى المملكة. وبالمثل كانت تجربة أيوب: ارتفعت حتى فقد كل شيء، ثم انتهت فنال البركة بالضعف (أى 42: 10).
راحة الإنسان الروحي في حياة التسليم والسلام، وحياة الإيمان والرجاء.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وثق أنك إذا استرحت في الداخل، ستستريح من الخارج أيضًا.
وباستمرار لتكن وسائلك إلى الراحة وسائل روحية. لأن هناك إنسانًا قد يقع في مشكلة، فيجد راحته في كذبة تغطيها، أو في حيلة كلها خداع كما فعل داود لما سقط..! أو إنسان يتعب، فيلجأ إلى حبوب مسكنة، لا تحل مشكلته أو تتيهه عنها..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
والراحة ليس معناها التوقف المطلق عن العمل، إنما البعد عن الإرهاق.
فإذا تعبت من التفكير في موضوع ما، لا تستطيع أن توقف عقلك عن الكر تمامًا إنما تغير مجرى تفكيرك، وتستبدل فكرًا بفكر، فتستريح.
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:56 PM   رقم المشاركة : ( 28 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

الإنسان الروحي يحيا بالروح لا بالحرف

كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
إنه يضع أمامه على الدوام قول الرسول:
"لا الحرف، بل الروح. لأن الحرف يقتل، ولكن الروح يحيى" (2كو3: 6). وهذا المبدأ يشمل حياته كلها. فهو في كل وصايا الله.
يهتم بروح الوصية، وليس بحرفيتها..
إنه ليس فريسيًا ولا ناموسيًا، ولكنه شخص روحي. فالفريسيون كانوا يتمسكون بحرفية الوصية، كما فعلوا مع الرب في وصية السبت مثلًا. حتى أنه حينما منح البصر للمولود أعمى، وكان ذلك يوم سبت، قالوا "هذا الإنسان ليس من الله، لأنهلا يحفظ السبت" (يو 9: 16). وقالوا للمولود أعمى "أعط مجدًا لله. نحن نعلم أن هذا الإنسان خاطئ" (يو 9: 24)،. ولما شفى السيد مريض بيت حسدًا بعد مرضه 38 عامًا، يقول الكتاب إن اليهود "كانوا يطلبون أن يقتلوه، لأنه فعل ذلك في يوم سبت" (يو 5: 16)
إنه الحرف الذي الذي يقتل، لأنه يدل على عدم فهم لروحانية الوصية.
وسنحاول أن نتأمل بعض نقاط في الحياة الروحية، لنرى كيف يسلك الإنسان الروحي بالروح وليس بالحرف.
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:57 PM   رقم المشاركة : ( 29 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

الصوم

كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
كثيرون يصومون، ويظنون أن الصوم هو فقط الطعام النباتى. ويحاولون أن يجهزوا لأنفسهم أطعمة نباتية شهية جدًا في أكلها، ومغذية جدًا فيما يضيفونه عليها من ألوان الطعام النادرة والغالية الثمن..! ويتساءلون عن السمن النباتى، والجبنة النباتى، واللبن النباتى، والشيكولاته النباتى. وينسون قول دانيال النبى عن صومه:
"كنت نائحًا ثلاثة أسابيع أيام، لم أكل طعامًا شهيًا، ولم يدخل فمي لحم ولا خمر. ولم أذهن" (دا 10: 2، 3)
وأحب أن أركز هنا على عبارة "لم آكل طعامًا شهيا".. لأنه حيث يأكل الإنسان أطعمة شهية أثناء صومه، كيف يمكنه أن يسيطر على رغبات الجسد، وهو يعطيه ما يشتهيه من الطعام؟!
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الإنسان الروحي يدرك أن الصوم في حقيقته هو إذلال للجسد، وانتصار على شهوة الطعام، وارتفاع فوق مستوى المادة،فلا يعتبر أن الصوم هو مجرد الطعام النباتى.. إنما هو في صومه يهتم بعنصر المنع، أي منع جسده عنا يشتهيه، مهما كان ذلك طعامًا نباتيًا صرفًا.
ولهذا كثيرون يصومون ولا يستفيدون، لأنهم يسلكون في صومهم بطريقة حرفية شكلية.
ولم يدخلوا في روحانية الصوم، ولا في روحانية الوصية الخاصة بالصوم والقصد الإلهي منها!
وهكذا صاموا بالجسد، وكانت أرواحهم مفطرة.
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:59 PM   رقم المشاركة : ( 30 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

المطانيات

المطانيات هي السجود. فما هو المقصود بهذا السجود؟
الإنسان الروحي لا يرى السجود مجرد انحناء الجسد. وإنما أيضًا انحناء الروح والجسد.
لذلك يقول مع المرتل في المزمور "أما أنا فبكثرة رحمتك ادخل إلى بيتك، واسجد قدام هيكل قدسك بمخافتك"..
وعبارة "مخافتك "تدل على خشوع الروح أثناء السجود. وعبارة "بكثرة رحمتك أدخل إلى بيتك "تعنى الشعور بعدم استحقاق. وهكذا يصيح الشماس أثناء القداس "أسجدوا الله بخوف ورعدة"..

كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
هنا المشاعر الروحية تصحب حركة الجسد.
أحيانًا تعتذر لإنسان وتضرب له مطانية، فلا يقبلها منك إذ يشعر أنها عمل جسدانى لا روح فيه.
وقد تقول بعد ذلك: مذا أفعل له أكثر من هذا؟ لقد ضربت له مطانية، وانحنيت برأسى إلى الأرض!! يا أخى المهم أن تنحني روحك.. لا تتمسك بحرفية المطانية دون روحها.
أما الإنسان الروحي ففى سجوده يقول مع داود النبي: "لصقت بالتراب نفسى" (مز 119: 25).
وليس مجرد رأسى التي لصقت في سجودها بالتراب. النفس التي تلتصق بالتراب هي مقبولة أمام الله والناس.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
قرأت لأحد الرهبان مقالًا في عيد الغطاس، شرح فيه كيف أن السيد المسيح انحنى أمام المعمدان، لكي يكمل كل بر، مع أن يوحنا المعمدان اقل من السيد المسيح بما لا يقاس، وليس أهلًا أن ينحنى ويحل سيور حذائه.. ثم ختم مقاله بعبارة: "اعطنا يا رب أن ننحنى أمام من هم أقل منا،لكي نكمل كل بر"..!!
إن كنت ترى أنهم أقل منك، فما معنى الانحناء إذن؟! أهو حرفيات بغير روح؟ إننا نريد إنحناء الروح.
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب معالم الطريق الروحى لقداسه البابا شنوده الثالث مسموع
من كتاب من هو الإنسان؟ البابا شنوده الثالث القلب
كتاب السهر الروحي - البابا شنوده الثالث
كتاب التلمذة - البابا شنوده الثالث
كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث


الساعة الآن 07:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024