![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 28861 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() نبوءات الراهب "باييسيوس" الآثوسي
![]() نبوءات الراهب "باييسيوس" الآثوسي القديس الارثوذكسى اليونانى وماذا تنبأ عن الشرق الاوسط؟ مقدمة قرات نبوءات القديس باييسيوس من 7سنوات ماضية ولم تحوز على اهتمامى بل رأيت انها ليست ذات قيمة تنبوءية ,, ولا يمكن ان تحدث وخاصة تنبوءاته عن منطقة الشرق الاوسط . وكان قصر نظر منى لانى اعتمدت على الوضع السياسى السائد فى هذه الفترة , والمنطق العقلى والذى دائماً ما يكون قاصراً على رؤية الاحداث فى حيز ضيق جداً من المعطيات . اما هؤلاء القديسين فهم يرون المستقبل ببصيرة لا تتوفر لنا نحن اهل الدنيا والعالم . وعندما عثرت على هذه التنبوءات مرة اخرى فى احد صفاحات النت واعدت قرائتها مرة اخرى فوجئت بما فيها من معلومات تطابق المعطيات الحالية فى العلااقات الدولية وخاصة العلاقات المتوترة بين تركيا وروسيا وما يمكن ان يسفر عنه هذا التوتر وتتحقق نبوءة هذا القديس المجهول فى مصر ,,, فهو غير معروف عندنا برغم شهرته فى اليونان . وهنا سوف اضع لكم سيرته ,,, وبعض نبوءاته الهامة وصور لصفاحات كتابه كاملاً لمن يهمة الامر . dd.dyمجدى 4 يناير 2016 المصدر: "النهار" حجّ آلاف المؤمنين الى دير القديس يوحنا الانجيلي في "سوروتي"، المدينة الصغيرة شمال اليونان، لزيارة قبر احدث قديس في الكنيسة الارثوذكسية اليونانية، الراهب "باييسيوس" الآثوسي. وقد وقفوا صفوفا طويلة امام قبر هذا الراهب الذائع الصيت، للصلاة والتبرك. وكان المجمع المقدس للبطريركية المسكونية اعلن "رسميا" في 13 كانون الثاني 2015 "قداسة الشيخ باييسيوس الآثوسي". وقال في بيان ان "البطريرك والمجمع قبلا بالاجماع اقتراحات المجلس التشريعي في ان يدوّن الراهب باييسيوس الآثوسي في سجل قديسي الكنيسة الارثوذكسية". وجاء هذا الاعلان بعد نحو 20 عاما و6 اشهر على وفاة باييسيوس (12 تموز 1994) عن 70 عاما (ولد في 52 تموز 1924 في فارسا كبادوكيا)، وذلك في مدة تعتبر قصيرة وغير اعتيادية، وفقا للمعايير الكنسية. وقد شكلت شعبيته الواسعة بين المؤمنين "كنبي" و"رجل حكيم" احد ابرز الدوافع الى اعلان قداسته. الراهب باييسيوس الذي عاش في جبل آثوس في اليونان اشتهر بتعاليمه ومواهبه الروحية ونبوءاته. وحتى قبل اعلن قداسته، اعتبره المؤمنون من اكبر القديسين في جبل آثوس في القرن العشرين. وعلى مر الاعوام، قصده آلاف لنصيحته ونبوءاته، وتجاوزت شهرته اليونان الى مختلف ارجاء العالم . . نبوءة عن الشرق الاوسط وظهور المسيخ الدجال سيأخذُ الروسُ تركيَّا ويَعبُر الصِّينيُّونَ نَهرَ الفرات. تُخبرُني العِنايةُ الإلهيَّةُ أنَّ أحداثًا كثيرةً ستَجري. سيأخذُ الروسُ تركيَّا وتَختفي تركيَّا من خريطةِ العالمِ، لأنَّ ثلثَ الأتراكِ سيصبحونَ مسيحيِّين، وَيَموتُ الثلثُ الآخرُ في الحرب، ويغادرُ الثلثُ الأخيرُ إلى بلادِ الرافدَين. سيُصبحُ الشرقُ الأوسطُ مَسرحًا لِحربٍ تلعبُ فيها روسيا دَورًا كبيرًا. ستُراقُ دماءٌ كثيرة. سيَعبرُ الصينيُّونَ نهر الفراتِ بِجيشٍ عددُه ظ¢ظ*ظ* مليون، ويَسيرونَ وُصولاً إلى أورشليم. علامةُ اقترابِ هذه الأحداث سيكونُ دمارَ جامعِ عُمَر، لأنَّ دمارَه سيُعلِنُ بدءَ عملِ اليهودِ في إعادةِ بناءِ هيكلِ سليمان الَّذي كان مبنيًّا في الموضِع نفسه. ستَنشَبُ حُروبٌ كبيرةٌ بينَ الروس والأوروبيِّين. ستُراقُ دماءٌ كثيرة. ولن تلعبَ اليونانُ دورًا كبيرًا في هذه الحربِ. لكنَّ الروسَ سيعطونَها القُسطنطينيَّة، ليس لأنَّهم يحبُّون اليونان، لكن لأنَّهم لن يَجدوا حلاًّ أفضل، وستُسلَّمُ المدينةُ إلى الجيشِ اليونانيِّ حتَّى قبلَ أن يصلَ إليها. نبوءة عن اليهود اليهود يَزدادُ اليهودُ اعتدادًا بقوَّتِهم، وسيساعدُهم الأوروبيُّون، فيبلغُون غطرسةً تفوقُ كلَّ تصوُّرٍ. وسيتصرَّفونَ بلا رادعٍ، حتَّى إنَّهم سيحاولونَ أن يحكُموا أوروبا. سيجرِّبونَ كلَّ أنواعِ الخداع. لكنَّ الاضطهاداتِ الناتجةِ ستوحِّدُ المسيحيِّين كلِّيًّا. إلاَّ أنَّ هذه الوحدةَ لن تكونَ في الشكلِ الَّذي يرغبُ فيهِ مَن يُحاولون بأَساليبَ عديدةٍ توحيدَ الكنيسةِ تحتَ قيادةٍ دينيَّةٍ واحدة. سيتَّحِدُ المسيحيُّون، لأنَّ الأحداثَ الَّتي تَنكشفُ ستَفصلُ تلقائيًّا الخرافَ عن الجداء. عِندئذٍ ستتحقَّقُ النبوءة: "رعيَّةٌ واحدةٌ وراعٍ واحد". لا تَستسلموا للذُّعرِ، لأنَّ الجبناءَ لا ينفعونَ أحدًا. ينظرُ اللهُ إلى وضعِ كلِّ واحدٍ ويساعدُه. يجبُ أن نَبقى هادئينَ وأنْ نستخدمَ عقولَنا، وأن نستمرَّ في الصلاةِ مهما حَصل". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 28862 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 28863 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 28864 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 28865 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 28866 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 28867 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 28868 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 28869 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() القديس اظ”غسطينوس الاظ”سقف والمعلم
![]() القديس اغسطينوس من اظ”عظم الشخصيات في تاريخ المسيحية . ولد اغوسطينوس سنة 354، في مدينة تاغستا، سوق اظ”هراس في الجزايظ”ر ، والده هوبتريسيون وكان وثنياً وامه مونيكا وكانت مسيحية . تلقن العلوم العالية على يد اظ”ساتذة وثنيين فمحوا من ذهنه ما كان قد تعلمه من مباديظ” الديانة المسيحية. اظ”تمّ دروسه العالية في قرطاجا، فتفوق على اظ”قرانه وهو في التاسعة عشرة من عمره. و...كان طموحًا اظ•لى المجد والغنى، وَلوعاً بمطالعة كتب الفلاسفة الوثنيين وشعرايظ”هم. استسلم اظ•لى شهوات الجسد، وانتحل مذهب المانيِّين المنكرين الوحي والمعتمدين على الفلسفة الطبيعية وقوة العقل البشري. وراظ”ى في تلك الطريقة ما زاده توغلاً في المفاسد والشرور. وكانت والدته مونيكا تبكي وتتضرع اظ•لى الله لاظ”جل اهتداء ابنها. فاستجاب الله صلاتها، وكشح عن عقل اغوسطينوس ظلمات الضلال. فنبذ المانيِّة وفسادها ، لاظ”نّها لم تكن لتشبع عقله وقلبه المتعطشين اظ•لى ينبوع الحقيقة والمحبة الصافي. وقد حمله على التوبة مثل المتوحدين ولا سيما حياة القديس انطونيوس الكبير فقال لصديقه اظ”ليبيوس:" هوظ”لاء البسطاء يرثون السماء ونحن العلماء نلهو باظ”باطيل الاظ”رض؟" ثم خرج يبكي خطاياه وياظ”سف على سيرته الماضية. قصد القديس امبروسيوس الذي كان يسترشده يوم كان تلميذًا في ميلانو، فمنحه سر العماد المقدس وهو ابن 33 سنة. اظ”مّا اظ”مّه مونيكا فطار قلبها فرحاً على اهتداء ابنها، ثم رقدت بالرب بين يديه. انكبّ اغوسطينوس على اظ”عمال التوبة ومطالعة الكتاب المقدس والتاظ”ليف، فرسمه فاليريوس اظ”سقف ايبونه كاهناً سنة 391 واظ”قامه مساعدًا له. ولمّا توفي فاليريوس، خلفه اغوسطينوس على كرسي الاسقفية. فاظ”خذ يعيش عيشة الراهب الناسك. شيد للرهبان ديرًا قضى فيه حياته كلها. كما اظ”نشاظ” ديرًا للراهبات، كانت اظ”خته ريظ”يسة عليهنّ. وقام يكافح الدوناتيين فاظ”فحمهم وردّ منهم كثيرين اظ•لى الحقيقة. كافح هرطقة البيلاجيين الناكرين النعمة ومفاعيلها والخطييظ”ة الاصلية. لُقِّبَ "باللاهوتي وكوكب العلماء وزهرة المدارس وعمود الكنيسة ومَفزعة المبتدعين". وقد اظ”نشاظ” اغوسطينوس الكنايظ”س والمستشفيات ودار للايتام . وكان عَطوفًا كل العطف على الفقراء والمرضى. وقد اضطر مرة اظ”ن يبيع اظ“نية الكنيسة ليقدّم ثمنها جزية عن بعض الاظ”سرى، وكانت اظ”عماله الخيرية لا يحصى لها عدّ. وكان بسيرته قدوة رايظ”عة للموظ”منين . علم وكتب كثيراً . من اظ”شهر كتبه : كتاب الاعترافات وهي سيرته الذاتية وكتاب مدينة الله . قاوم اضاليل عصره بجراظ”ة وشجاعة . رقد في الرب يوم 28 اظ”غسطس سنة 430، وله من العمر 76 سنة. ومن اقواله " خلقتنا لك ياالله ولن يطميظ”ن قلبنا حتى يستريح فيك " . وقد اظ”غنى الكنيسة بما تركه من الموظ”لفات التي تربو على 120 كتابًا ما عدا الرسايظ”ل النفيسة. واظ”نشاظ” رهبانية تعد اظ”كثر من ميظ”تي جمعية من رهبان وراهبات ينتمون اظ•ليه ويسيرون بموجب القوانين والفرايظ”ض التي وضعها. فلتكن صلاته معنا. اظ“مين! |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 28870 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() تفسير سفر المزامير - مزمور 16 الله كفايتي وفرحي ![]() كان داود يتأمل في كمال الشبع الذي يجده في الله، وملء الفرح الذي يهبه الله وحده. في أغنية الثقة هذه، يحتمي المرتل في الهيكل معبرًا عن ثقته بالرب الذي يملك على أرض شعبه. مما يثبت أن داود هو واضع هذا المزمور ما ورد في عنوانه؛ وما جاء على لسان القديس بطرس الرسول في يوم الخمسين بخصوص قيامة الرب إلهنا (أع 2: 25-31)؛ وأيضًا ما أعلنه القديس بولس في حديثه إلى أهل أنطاكية (أع 13: 35-37). وإن كان بعض الدارسين يرون أن واضع المزمور لاويٌ، لأنه يقول: "الرب هو نصيب ميراثي وكأسي" [5]. إذ لم يكن للاويين نصيب في الأرض، بل كان الرب هو ميراثهم، كان لداود النبي - كما لكل مؤمن حقيقي - ذات الشعور، أن لا نصيب له في الأرض ولا في العرش بل الرب نفسه هو نصيبه، يجد فيه شبعه. ويتحدث المرتل عن كل إنسان تقي له شركة مع الرب وله ولاؤه في حبه للرب، كما يتحدث عن أمانتنا مع الرب وأمانة الرب من جهتنا، معلنًا أن رؤية الرب وحضرته هما سرّ فرحنا. أقسامه: 1. العبد الأمين [1-6]. 2. الرب الأمين [7-11]. + إقرأ مزمور 16 من سفر المزامير + + عودة لتفسير سفر المزامير + عنوان المزمور: هذا هو أول مزمور من مزامير الميختام Michtam (Miktam) الستة (16، 56-60]. أما معنى "ميختام" فغير مؤكد[308]: * يعتقد البعض أنها تشير إلى النغمة التي يُنشد بها المزمور. * يرى آخرون أنها مشتقة من لفظ يعني "يقطع" أو "يحفر"، بمعنى أن المزمور يُحفر أو يُنقش على أحد الأعمدة القيّمة والوطيدة. أما العنوان حسب الترجمة السبعينية فهو "مذهَّبة منقوشة على عامود". * يرى البعض أنها تعني "سرًّا"، أغنية ذات مغزى عميق، وربما تنبئ عن عمق المغزى العقيدي والروحي في تكوينه المقدس. * يرى كثيرون أن كلمة "ميختام" منشقة من كلمة معناها "ذهب"، مما يدل على أن المزمور هو "مذهَّبة"، وقد تُرجمت "الجوهرة الذهبية"، لأن المزمور يعلن عن مسيحنا القائم باعتباره العبد المطيع الذي فيه ننال الحياة المجيدة المقامة، ونقبل الأب نصيبنا وقسمتنا. * يرى البعض أن الكلمة هنا هي لفظ "ميختاب" الموجودة في (إش 38: 9)، وفي العديد من نصوص الكتاب المقدس، ومن ثم فهي تعني "كتابة". مزمور مسياني: كتب على الأقل جزء من المزمور عن المسيّا القادم (أع 2: 25-28؛ 13: 35-37)، ومن ثم يُصنف المزمور بأنه مزمور مسياني. يقول Gaebelein: [المزمور السادس عشر هو المزمور المسياني الخاص الثالث. يعلن المزمور الثاني عن بنوته، والمزمور الثامن أنه ابن الإنسان، أما في هذا المزمور فيمكن أن نتتبعه بكونه العبد المطيع على الأرض الذي سلك باتكال على الله (الأب) وثق فيه تمامًا في الحياة والموت، موت الصليب. لقد عبر (السيد) عن القيامة بجانب ما وراءها من بركات من تمتع بحضرة إلهه وجلوسه عن يمينه... كتب داود هذا المزمور كنبي... ومن ثم لنا في هذه "الجوهرة الذهبية" صوت الرب إلهنا في عمق اتضاعه[309]]. ربنا يسوع المسيح كنائب وممثل لنا، آدم الثاني، هو العبد المطيع الذي أصلح طبيعتنا التي فسدت بعصيان أبينا آدم الأول. وقد قبل مسيحنا الأب كنصيب ميراثه وكأسه، لا يطلب معه شيئًا. في طاعته دخل إلى براثن الموت، وهو القدوس وحده الذي لم يعرف الخطية، لهذا لم يرَ فسادًا في موته. قيامة المسيح: "لأنك لا تترك نفسي في الجحيم، ولا تدع صفيَّك أن يرى فسادًا" [10]. يرى آباء الكنيسة أن ربنا يسوع المسيح الذي صار العبد الصالح يسأل الآب من أجل قيامته[310]. بقيامة السيد المسيح الذي لم يمسه فسادًا، صار لنا رجاء القيامة المجيدة (1 كو 15: 1-4؛ 20-23). * إذ لم يخضع في موته وآلامه إلى الناموس البشري (أي تألم ومات بسبب الخطية)، بل بإرادته الحرة كتب عنه وحده هكذا؛ إذ مات حسب الجسد ولم يمت حسب الروح، لأن نفسه لم تُترك في الجحيم، "ولم يرَ جسده فسادًا"، كما يقول بنفسه: "ليس أحد يأخذها مني، بل أضعها من ذاتي... لي سلطان أن آخذها" (يو 10: 18) القديس يوحنا كاسيان * لم تكن للنار سلطان على ثياب حنانيا وأخويه، ولا على أجساد الأبرار؛ وسوف لا تكون في النهاية للنار سلطان على الذين آمنوا بيسوع الأب أفراهات * بدى كأن الجسد قابل للفساد، لكنه لم يبق هكذا بطبيعته فإنه إذ لبسه الكلمة بقى بلا فساد. فإنه إذ جاء في جسدنا وتشبه بحالنا، لذا نحن نقبله ونشترك في الخلود الصادر عنه البابا أثناسيوس الرسولي * تقدم ليتحدث معهم في ثقة عن الأب داود، أنه كان نبيًا، وعرف أن الله أقسم له بأنه من ثمرة صلبه يأتي من يجلس على كرسيه. وإذ يتنبأ بهذا يتحدث عن قيامة المسيح، أنه لا يُترك في الجحيم، ولن يرى جسده فسادًا القديس إيريناؤس 1. بركات الله: يحفظ الله مؤمنيه من خلال حبه لهم: "احفظني يا رب فإني عليك توكلت" [1]. يستهل العابد صلاته بتوسل أن يحفظه الله ويهتم به. وتناسب هذه الصلاة داود النبي والسيد المسيح؛ فإن كان داود قد غلب جليات الجبار، وخرجت النساء للقاء شاول بالغناء: "ضرب شاول ألوفه وداود ربواته، إلا أن حياة داود كانت دائمًا مهددة بالخطر من شاول ورجاله... ولم يكن له من يحفظ حياته إلا الله وحده. إنه كراعٍ يعرف كيف يحتضن الخروف الضعيف ويحوط حوله بذراعيه، حاملاً إياه على منكبيه... وها هو يجد رعاية أعظم من راعي الخراف الناطقة. أما عن السيد المسيح، ففي أثناء تجسده قدم صلوات وتوسلات بصراخ عظيم ودموع، إلى ذاك القادر أن يخلصه من الموت (عب 5: 7). وقد جاء في سفر إشعياء وعد الآب للسيد المسيح أن يحفظه: "هكذا قال الرب: في وقت القبول استجبتك وفي يوم الخلاص أعنتك، فأحفظك وأجعلك عهدًا للشعب" (49: 8). وقد تحقق ذلك كما يظهر في صلاة السيد المسيح الوداعية بكونه شفيعنا ورئيس الكهنة السماوي، الذي فيه نصير محفوظين، إذ يقول: "أيها الآب القدوس، احفظهم في اسمك، الذين أعطيتني، ليكونوا واحدًا كما نحن" (يو 17). من أجلنا دخل مسيحنا إلى الضيق ليصرخ كممثل لنا طالبًا من الأب أن يحفظه، وإذ سُمع له من أجل بره الإلهي صرنا نحن - كأعضاء جسده محفوظين. يرى بعض الدارسين أن المرتل لم يضع هذا المزمور لمواجهة نكبة معينة أو ضيقة ما يريد الخلاص منها، إنما هو ثمرة اختبار تَقوى خلاله يدرك المرتل وكل عابد تقي أن حمايته هي في الله؛ يختبرها المؤمن على أساس التمتع بالحضرة الإلهية في الهيكل[315]. "قلت للرب أنت ربي، ولا تحتاج إلى خيراتي" [2]. إذ تلتقي النفس بالله مصدر حمايتها تدخل كما في عهد فتقول له "أنت ربي"، وتعلن ثقتها فيه بكونه ربها، وأنها ليست ملكًا لذاتها ولا سيدة نفسها، بل سلمت حياتها له بكونه ربها وقائد حياتها. إذ نثق به، يحفظنا فيه كملجأ لنا، ويتعامل معنا بكوننا خاصته وهو خاص بنا (ربي). هو ليس في حاجة إلى صلاحنا. إذ لا نقدم لله القدير شيئاً ما ننفعه به (أي 22: 2-3؛ 35: 7-8؛ لو 17: 10)، لا يمكن أن نقدم له أية عطية، لا نعطيه إلا مما هو له (1 أي 29: 14). إنه يطلب قلوبنا وحبنا بكوننا أولاده، من خلال هذا الحب يكشف عن ضعفنا، لا ليُديننا بل ليُصلح طبيعتنا. حتى بالنسبة للسيد المسيح كممثل لنا فإنه لم يتجسد ولا مات ليعلن عن عطفه نحو الآب إنما نحو الخطاة، كاشفًا عن حب الآب وابنه لهم. ما قدمه من خير إنما لحساب الخاطئ لا لحساب الآب الذي نخطئ في حقه، إذ يقول: "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 13: 6). * لا يحتاج (الله) إلى صلاحنا، بل نحن نحتاج إلى صلاحه، وكما يقول النبي: "لا تحتاج إلى خيراتي" القديس غريغوريوس أسقف نيصص * كما يقول المرتل "لا تحتاج إلى خيراتي"؛ قل لي: ما هو نفع الله أن أكون بارًا (عادلاً)؟!، وماذا يضيره أن أكون شريرًا؟! أليست طبيعته غير قابلة للفساد؟ لا يصيبها ضررًا وفوق أي الأم؟ ليس لدى العبيد مهما كانوا أغنياء شيء ما من عندياتهم، بل ما لديهم هو من سادتهم القديس يوحنا الذهبي الفم * يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن المتحدث هنا في هذا المزمور هو السيد المسيح، إذ يقول: [مكتوب أن الرب قال للرب "أنت ربي"... هنا يشير إلى الأقانيم من ذات الجوهر... فأننا لا نفهم وجود جوهرين مختلفين عن بعضهما البعضن بل أقانيم، كلها من ذات الطبيعة[318]]. 2. يكشف الله أسراره لقديسيه: "أظهر عجائبه لقديسيه الذين في أرضه، وصنع فيهم كل مشيئاته" [3] تستمد كلمة "قديسيه" معناها من أصلها، من مفهوم الشعب المقدس الذي أفرزه الله له أو عزله له، دعاه ليُعلن قداسة الله ومجده للعالم من خلال معاملات الله معهم وشهادتهم له[319]. يقول العلامة أوريجانوس: [إن المؤمنين الذين يسعون في طلب القداسة يُدعون "قديسين"، بسبب تَقدمهم في حياة القداسة وإن لم يدركوها تمامًا في كمالها. إنهم يتمتعون بالحياة المقدسة خلال الشركة مع السيد المسيح القدوس، يغتسلون بدمه من خطاياهم وضعفاتهم، ويتسربلون ببره وقداسته بعمل روحه القدوس فيهم]. هؤلاء القديسون يعيشون في "أرضه"؛ إنهم يسلكون في ذات العالم الذي فيه يعيش الأشرار وعلى ذات الأرض، لكن القديسين يرون في هذا العالم وهذه المسكونة بصمات الله صانع المستحيلات لأجلهم، فيدركون أنهم إنما في أرض إلههم، كمن هم في بيت أبيهم المصون. بهذا يرون أنفسهم في كنيسته المقدسة "أرض المخلص"، فتستريح نفوسهم حتى ترتفع إلى سماواته لتراه وجهاً لوجه. حقًا ما أحوجنا أن ندرك أننا تحت مظلة مخلصنا الذي يقدس عالمنا بالرغم مما يصنعه الأشرار، وننعم بالسكنى في أرض الله أو كنيسته! يعلن الرب "عجائبه" في حياتنا، فيحوّل حتى شر الأشرار إلى نفعنا، يخرج من الآكل أُكلاً، ومن الجافي حلاوة... عندئذ ونحن في أرضه ليس فقط نتعرف على مشيئته بل يعمل هو كل مشيئته فينا، إذ يقول المرتل: "صنع فيهم كل مشيئته"، محققًا كل خطته الخلاصية فينا لننعم بشركة أمجاده. ما هي عجائب كل مشيئته في قديسيه إلا عمله الخلاصي، خاصة قيامته وصعوده ومجيئه الأخير، أمور تُستعلن لقديسيه. أنهم أحباؤه الأخصاء الذين يمنحهم ذاته لينعموا بحياته المقامة كحياة جديدة، فتنسجم مشيئتهم المقدسة مع مشيئته... يشتهون الصعود معه والتمتع بمجد يوم الرب العظيم. من هم هؤلاء القديسون الذين في أرض الرب؟ * القديسون الذين بسرور يضعون رجاءهم في أرض الأحياء؛ هم مواطنو أورشليم السماوية، الذين تتثبت سيرتهم الروحية بمرساة الرجاء في تلك المدينة التي تُدعى بحق أرض الله، مع أنهم لا يزالون يسلكون على هذه الأرض وهم في الجسد. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). هؤلاء القديسون هم تلاميذ المسيح والمريمات وآخرون تمتعوا بظهورات المسيح القائم من الأموات. كان الصلب عامّاً، فقد عاين اليهود والأمم المسيح المصلوب، لذلك هم بلا عذر. أما القيامة فتُمنح كهبة إلهية لمن يسعى إلى طلب الحياة الأبدية، ويصبح المسيح القائم نصيبًا لهم وميراثًا. "الرب هو نصيب ميراثي وكأسي" القديس أغسطينوس هكذا يكشف المخلص الرب أسرار قيامته في قلوب قديسيه ليتمتعوا به نصيبًا وميراثًا، يشبع نفوسهم بالمجد الأبدي، مقدسًا حتى الأرض التي يسيرون عليها لتُحسب أرضه... وكأنه يهب قديسيه قيامته كحياة مقامة لهم ويأخذ أرضهم (أجسادهم) لينسبها له؛ بمعنى آخر يدخل ربنا مع قديسيه في حب مشترك خلاله يصير ما لنا له وما له لنا، بل نصير نحن أنفسنا له، وهو لنا. أما عن الأشرار فقيل: "كثرت أمراضهم، ومن بعد هذا أسرعوا" [3]. يسمح لهم بالأوجاع والأمراض لعلهم بأمراضهم الجسدية يدركوا مرضهم الداخلي، فيلجأوا مسرعين إلى المخلص، طبيب الأجساد والنفوس القدوس. * "كثرت أمراضهم"، لا لكي تُبيدهم بل لكي يصرخوا طالبين الطبيب! القديس أغسطينوس أجاب الرب قائلاً: "أقول لك حتى سبعين مرة سبع مرات"، فإنه حتى الآنبياء بعد مسحهم بالروح القدس أخطأوا بكلمات... كتب القديس أغناطيوس الرسولي والشهيد في جسارة: [اختار الرب رسلاً كانوا خطاة أكثر من الكل]. وبسبب سرعة تحولهم يتغنى المرتل قائلاً: "كثرت أمراضهم، ومن بعد هذا أسرعوا" القديس جيروم يسمح للأشرار بالضيق لعلهم يبحثون بالتوبة عن الله كطبيب ومخلص، ويسمح لقديسيه بها لتزكيتهم ونموهم ومجدهم. يرى القديس كيرلس الكبير أن هذه النبوة قد تحققت إذ قبلت الأمم الإيمان بالسيد المسيح كشافي لجراحاتها. * كثيرة كانت ضعفاتهم، لكنهم أسرعوا بعد ذلك [4]. بالحقيقة كانت معاصيهم كثيرة التي يُتهمون بها، هذه التي دعاها بلطف "ضعفات"؛ فإنهم كانوا تائهين في الخطأ، مذنبين بجرائم شنيعة، ليس في طريق واحدة بل بطرق كثيرة، لكنهم أسرعوا إلى الإيمان، أي لم يتباطؤا في قبول وصايا المسيح، بل باستعدادٍ اعتنقوا الإيمان. لهذا اقتنصتهم شبكة المسيح، وهو يعلمكم قائلاً بلسان أحد الآنبياء القديسين: "لذلك فانتظروني يقول الرب إلى يوم أقوم إلى السلب، لأن حكمي هو يجمع الأمم" (صف 3: 8) القديس كيرلس الكبير إن كان الله يعلن أسراره لقديسيه، وفي نفس الوقت يطلب عودة الأشرار إليه كطبيب يشفي جراحات نفوسهم، فإن القديسين من جانبهم يتحاشوا شركة الأشرار في شرهم، خاصة في عبادتهم... "لا أجمع مجامعهم من الدماء، ولا أذكر أسماءهم بشفتيَّ" [4]. كان من عادة الوثنيين أن يشربوا كأسًا من الدم كتقدمة وكنوع من العبادة. وربما قصد بالدم هنا تقديم دم الضحايا البشرية كجزء من الطقوس الوثنية. أما ذكر أسمائهم فربما قصد به أسماء الآلهة، إذ قيل: "لا تذكروا إسم آلهة أخرى ولا يُسمع من فمك" (خر 23: 13)؛ "تقطعون تماثيل آلهتهم وتمحون إسمهم من ذلك المكان" (تث 12: 3). "وانزع اسماء البعليم من فمها فلا تذكر أيضًا باسمائها" (هو 2: 17). كأن الله أراد لشعبه أن يتقدس تمامًا فلا يدنس فمه بمجرد ذكر اسماء الآلهة الوثنية. تحت ضغط الظروف اضطر داود النبي أن يهرب إلى جت حيث أقام هناك (1 صم 27: 3)، كما ذهب مرة أخرى إلى أرض موآب (1 صم 22: 3-4). وقد استغل أعداؤه ذلك ليتهموه بأنه اشترك مع الوثنيين في حياتهم واجتماعاتهم وعباداتهم، وأنه تدنس بنجاساتهم، لذا يبرر المرتل نفسه من هذا الاتهام، فإنه وإن التجأ إليهم، لكنه لم يشاركهم في اجتماعاتهم الدموية ولا دنَّس شفتيه بذكر أسماء آلهتهم. يرى البعض أنه ربما عرض هؤلاء الوثنيون على داود أن يشاركهم عبادتهم، كما يظهر من حديثه مع شاول عندما ألتقى به في برية زيف: "والآن فليسمع سيدي الملك كلام عبده، فإن كان الرب قد أهاجك ضدي فليشتَم تقدمةً، وإن كان بنو الناس فليكونوا ملعونين أمام الرب، لأنهم قد طردوني اليوم من الانضمام إلى نصيب الرب، قائلين: "اذهب أُعبد آلهة أخرى" (1 صم 26: 9). 3. يمنحنا الله ذاته كأسًا لنا ويكون نصيبنا: "الرب هو نصيب ميراثي وكأسي. أنت الذي ترد إليّ ميراثي" [5]. لغة هذا العدد وما يليه مستمدة بلا شك من تقسيم الأرض في كنعان، إذ كان كل شخص ينال نصيبه من الميراث بالقرعة، وتوضع خطوط لتحديد الموضع؛ هكذا بالقرعة تم تقسيم الأرض وتوزيعها أما الكهنة واللاويون فلم يُعط لهم نصيب، إذ كان الله نفسه هو نصيبهم وميراث قسمتهم. لهذا يقول داود - الذي من سبط يهوذا لكنه لم ينشغل بالميراث الأرضي - أن الله هو نصيبه، وأكد ذلك في مواضع أخرى (مز 119: 26) كما أكد آساف نفس الأمر (مز 73: 26)[322]. هذه هي غبطة التمتع بالشركة مع الله؛ ربما الكأس هنا هي كأس عيد الله التي كانت تمر على الحاضرين في وليمة تعبدية للاشتراك في العيد، وهي رمز وعربون نعمة الله الخلاصية[323]. ظن إبليس أنه قادر أن يطغى ابن الإنسان بوعده أن يعطيه كل ممالك العالم إن سجد له (مت 4: 8-9)؛ وقد رفض ابن الإنسان ذلك لأنه ما جاء ليملك على الأرض بل على القلوب، مفضلاً أن يكون الآب نصيبه وميراثه وكأسه... إذ قال "لتكن إرادتك لا إرادتي"، مع أنه واحد معه في ذات الأرادة الإلهية. رفض أن يتسلم الكأس من يد العدو ليشرب كأس الصليب، مطيعًا حتى الموت موت الصليب، بكونه كأس الطاعة للآب وكأس الحب للبشرية! * ليختْر آخرون أنصبة لأنفسهم، أنصبة أرضية زائلة، ليتمتعوا بها. أما نصيب القديسين فهو الرب، نصيب أبدي. ليشرب آخرون من المسرات المميته، أما نصيب قسمتي وكأسي فهو الرب. "حبال المساحة وقعت لي من الأماكن المجيدة (الأعزاء)". وقعت حبال تقسيم حدود نصيبي في مجدك كما بقرعةٍ، هكذا كما كان الله هو مِلكْ الكهنة واللاويين ونصيبهم (عد 18: 20). القديس أغسطينوس * أطع أمر الرب "اتبعني"؛ وخذ رب العالم مِلكًا ونصيبًا لك، لكي تُسبّح مع النبي: "الرب نصيبي"، وكلاويٍّ حقيقي لا تملك ميراثًا أرضيًا القديس جيروم * الآن، من كان بشخصه هو نصيب الرب أو يكون الرب نفسه نصيبًا له، ينبغي عليه أن يسلك كمن صار في ملكية الرب ومن مَلَك الرب. فإن من يملك الرب يقول مع المرتل: "الرب نصيبي". لا يملك مع الرب شيئًا؛ فإنه إن امتلك شيئًا معه لا يكون الرب نصيبه القديس جيروم * تحوي الكأس كل الخمور القوية، وهي أيضًا "سرّ" فيه يعلن المسيح ذاته القديس مارافرام السرياني * حين نحصل على لقب "لاوي"، الذي يعني "هو ذاته مِلكي" أو "هو لي"، حينئذ تعظم كرامتنا، إذ يقول الله للإنسان: "أنت لي"، أو كما قيل لبطرس عن الأستار الذي وجده في فم السمكة: "اعطهم عني وعنك" (مت 17: 27) القديس امبروسيوس "حبال المساحة وقعت لي في الأماكن الفضلى (من الأعزاء)، وإن ميراثي لثابت لي" [6]. يبدو أن داود كان فرحًا جدًا بنصيبه في أرض الميعاد التي هي عربون كنعان السماوية. حتى مياه مدينته بدت له أفضل من أية مياه في مواضع أخرى (2 صم 23: 15؛ 1 أي 11: 17). المؤمنون الحقيقيون الذين يختبرون عطية الخلاص يشعرون بفرح شديد الآن لما تمتعوا به من قِبل الله. وأيضًا من أجل ما ينتظرونه في الدهر الأتي. بالإيمان يعاينون هنا السيد المسيح حالّ في قلوبهم مشبع للكنيسة، وهناك يرونه وجهًا لوجه. ميراثنا الأبدي يفرح قلوبنا أثناء جهادنا في هذا العالم، اذ ننعم بالعربون داخلنا كمجد داخلي لابنة الملك. ميراثنا ثابت لنا [6]، لا يستطيع أن يسبحه، إذ هو "ميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل، محفوظ في السموات لأجلهم" (1 بط 1: 4). 4. يهبنا الله حكمة وفهمًا: "أبارك الرب الذي أفهمني، وأيضًا إلى الليل أدَّبتني كليتاي" [7]. كثيرًا ما كان البابا كيرلس السادس يردد هذه العبارة، ويكتبها لابنائه الأحباء... فإن الحكمة أو الفهم أثمن ما يقدمه الله للإنسان، بكوَّنْ كلمة الله نفسه هو "الحكمة". فلا نعجب إن شهد الإنجيل عن السيد المسيح أنه تهلل بالروح مسبحًا الآب من أجل تمتع الكنيسة البسيطة بالفهم الروحي، إذ قيل: "تهلل يسوع بالروح وقال: أحمدك أيها الآب، رب السماء والأرض، لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال؛ نعم أيها الآب، لأن هكذا صارت المسرة أمامك" (لو 10: 21). يتهلل كلمة الله لتمتع الكنيسة بالفهم السماوي المخفي عمَّن ظنوا أنفسهم حكماء وفهماء، ويُسر الآب بكنيسته الحكيمة بالروح والحق. سبق لنا الحديث في أكثر من موضع أن مدرسة الإسكندرية حسبت المعرفة "الغنوسية gnosis" الروحية هبة إلهية توهب للمؤمنين خلال حياة التأمل والممارسة العملية للوصية والسلوك بالروح الكنسي أو الحياة الصالحة في الرب[328]. كان القديس أكليمندس الإسكندري يدعو المسيحي الروحي "غنوسيًا". ويقول: [إن الغنوسية - التي هي المعرفة وإدراك الأمور الحاضرة والمستقبلة والماضية كأمور أكيدة وموثوق فيها - يمنحها ابن الله الذي هو "الحكمة" ويعلنها[329]. كما أوضح أن السيد المسيح يهب الغنوسية خلال قراءة الكتاب المقدس[330] بروح كنسي حتى لا نسيء فهمها كالهراطقة. بهذا نحمل الكمال بسلوكنا الإنجيلي الكامل، كما يؤكد أن المعمودية تجعل الغنوسية ممكنة بالنسبة لنا، باستنارة عيوننا الداخلية[331]. إذ ترتبط المعرفة الحقة بالعمل الروحي، خاصة التوبة، يقول المرتل: "وأيضًا إلى الليل أدَّبتني كليتاي"... غالبًا ما تتم التوبة بالليل حيث السكون، فيرجع الإنسان إلى نفسه ويكتشف خطاياه، متكئًا على رب المجد كمخلص الخطاة. كما تنقي الكلية الدم هكذا تنقي التوبة المستمرة النفس لتؤهل للميراث الأبدي الذي بلا دنس. ولعل الليل يشير إلى ظلمة الخطية، فإننا بالتوبة نشعر بمرارة ظلمتنا، متطلعين برجاء إلى شمس البر الذي يشرق في أعماقنا ببهائه. غالبًا ما ينكشف الإنسان في أعماقه أثناء هدوء الليل، فالأشرار يجدون في الليل مجإلا للهو وممارسة الشر وتدبير مؤامرات، والقديسون يجدون في الليل مجالاً للصلاة والتأمل وانطلاقة النفس بالحب نحو السماويات. * حينما علَّق (أوريجانوس) على كلمات المرتل: "وأيضًا إلى الليل أدَّبتني كليتاي" قال: [إذا ما بلغ إنسان قديس مثلك حد الكمال يتحرر من الضعفات البشرية حتى في الليل ولا يجربه فكر شرير القديس جيروم يحدثنا القديس أكليمندس الإسكندري عن ارتباط المعرفة الروحية الحقة بالتوبة والجهاد، قائلاً: [الغنوسي إنسان تقي يهتم أولاً بنفسه (بخلاصها)، وبعد ذلك بقريبه حتى يكون الكل صالحًا جدًا. فإن الابن يفرح أباه الصالح بظهوره صالحًا على شبه أبيه... في مقدورنا أن نؤمن وأن نطيع[333]]. فالمعرفة لا تكون بالذهن فقط وإنما بخبرة الحياة التي نعيشها لنتشبه بالله أبينا. يقول القديس أكليمندس: [الغنوسي كمحب للحق الواحد الحقيقي يكون إنسانًا كاملاً، صديقًا لله، ويُحسب ابنا ]. 5. يمنحنا الله رؤيته الدائمة: "تقدمت فرأيت الرب أمامي في كل حين، لأنه عن يميني كي لا أتزعزع" [8] إن كان الله يهب مؤمنيه المعرفة ليتمتعوا بحبه ويسلكوا حسب مشيئته، فإن غاية هذه المعرفة العملية أن نراه هنا بالإيمان كعربون لرؤيته في الدهر الأتي بالعيان. نراه هنا في كل شيء، نهارًا وليلاً، ونحن سائرين وأيضًا ونحن جالسين، نراه في كل ما نصنعه وفي كل ما نحتمله من آلام. رؤية الله أمامنا علامة قيادته لنا وإرشادنا كما كان يظهر كعمود نور في البرية يقود شعبه؛ ونراه عن يميننا أي سرّ قوتنا فلا نتزعزع. * يوجه المسيحي كل عمل - صغيرًا كان أم عظيمًا - حسب مشيئة الله، متممًا إياه بكل حرص ودقة، ويحفظ أفكاره مثبتة في (الله) الواحد الذي وهبه العمل لكي يتممه، بهذه الكيفية يتم القول: "تقدمت فرأيت الرب أمامي في كل حين، لأنه عن يميني كي لا أتزعزع" . القديس باسيليوس الكبير تعبير "عن يمين" يشير إلى القوة، لهذا قيل عند صعود السيد المسيح أنه جلس على يمين الآب، أي يحمل قوة الآب، بكونه واحدًا معه، ولا يعني هذا أن للآب يمين ويسار بطريقة مادية مكانية. * إذن الجلوس عن اليمين لا يعني أن الآب عن يساره[336] ؛ لكن كل ما هو يمين في الآب وثمين فهو للابن القائل: "كل ما للآب هو لي" (يو 16: 15). من ثم إذ يجلس الابن عن اليمين يُرى الآب أيضًا عن اليمين، فإنه إذ صار (الابن) إنسانًا يقول: "رأيت الرب أمامي في كل حين، لأنه عن يميني كي لا أتزعزع". هذا أيضًا يكشف أن الابن في الآب، والآب في الابن، لأن الآب عن اليمين والابن أيضًا عن اليمين. وبينما يجلس الابن عن يمين الآب إذا بالآب في للابن . البابا أثناسيوس الرسولي 6. يقف الله بجوارنا فلا نتزعزع [1]: نحن واثقون في عونه، أيا كان الخطر أو كانت الضيقة، واثقون في مشورته وإرشاده لنتخذ قرارات سليمة. 7 . يهبنا التهليل في رجاء "من أجل هذا فرح قلبي، وتهلل لساني؛ وأيضًا جسدي يسكن على الرجاء لأنك لا تترك نفسي في الجحيم. ولا تدع صفيَّك أن يرى فسادًا" [9-10]. الله كمصدر شبع للنفس البشرية يقدم لنا "التهليل" هبة من عنده لمن هم في شركة معه، فتمتلئ قلوبنا فرحًا وسعادة، إذ نشعر بالآمان ما دمنا بين ذراعي الله. القلب في الداخل يفرح واللسان الخارجي يتهلل، وكأن كل كيان الإنسان - الداخلي والخارجي - يتجاوب مع عمل نعمة الله بالفرح والتهليل. الجسد والنفس يمجدان الله؛ مع أن الجسد يمارس الأصوام والنسك وما يبدو من حرمان وتعب، لكنه يسكن على رجاء القيامة... يدرك وسط الآلام أنه يعبر حتى القبر ليقوم جسدًا روحيًا؛ أما النفس فتدرك عُرسها الأبدي مع مخلصها الذي يهبها الخلود الدائم... في مقدمة السفر رأينا كيف أشارت هذه العبارة إلى قيامة السيد المسيح. ربما يقول قائل: ما دامت هذه العبارة هي نبوة عن حياة المخلص، فلماذا تتحدث عن الفرح؟ حقًا لقد إتسمت حياته على الأرض في معظمها بالدموع والأحزان، لكنه أيضًا تهلل بالروح من أجل ما تتمتع به الكنيسة من معرفة وفهم وحكمة فيه (لو 10: 21)؛ وفي وسط الآمه القاسية كان هناك إدراك سري بالخيرات القادمة خلال صليبه. فمن أجل هذا السرور الموضوع أمامه حسب كثرة الآلام كأنها لا شيء؛ لقد إستهان بالخزي (عب 12: 2). وعندما يفرح القلب - يتمتع بالمجد الداخلي - يتهلل لسانه[338]. 8. يعرفنا طرق الحياة: "قد عرفتني طرق الحياة، تملأني فرحًا مع وجهك البهجة في يمينك إلى الأنقضاء" [11] ورد تعبير "طرق الحياة" مرة واحدة هنا في سفر المزامير، وتكرر ثلاث مرات في سفر الأمثال (2: 19؛ 5: 6؛ 15: 24)، وهو تعبير يقابل "الهاوية" Sheol و"الموت". لا يمكن فهمه إلا بأنه حياة معاشة في شركة مع الله، تستمر إلى ما بعد الموت[339]. إذ سبق فتحدث عن قيامة السيد المسيح في العدد السابق [10]، ها هو يعلن "طريق الحياة" أو "طريق المجد الأبدي" خلال الصعود، لنرى وجه الله فنمتلئ فرحًا، ونعيش مع السيد المسيح عن يمينه أبديًا. لقد صعد الرب وجلس عن يمين الآب، فاتحًا طريق السماء والمجد لكنيسته لترتفع معه كملكة وتراه وتجلس عن يمينه... بهذا تتحول أحزان الكنيسة الزمنية إلى علة مجد أبدي! إلهي... أنت كفايتي وفرحي * ربي... أنت هو نصيبي وكأسي... سرّ شبعي وتهليل نفسي امتلكتني بحبك الباذل، علمني كيف أقتنيك، ولا أطلب معك شيئًا! * هب لي أن أسرّ بشركة القديسين كما تُسر أنت بهم، واسمح لي ألا أشارك الاشرار مشوراتهم أو كلماتهم أو تصرفاتهم! * أنت قائدي... أتكل عليك فتحفظني! تكشف لي أسرارك وتتمم إرادتك فيّ! تهبني عربون ميراثك، وتدخل بي إلى أمجادك الخفية! هب لي حكمة أيها الحكمة الإلهي! متعني برؤيتك الدائمة، ولتكن أنت قوتي ويميني! اعلن حضورك الإلهي في داخلي فلا أتزعزع! عرفني قوة قيامتك واحملني إلى سمواتك كما في طريق الحياة الملوكي! مشتاق أن أرى وجهك فأسبح متهللاً مع ملائكتك أبديًا! |
||||