المحبة والفضائل
إن المحبة لابد أن تتخلل كل فضيلة.
وكل فضيلة خالية من المحبة، ليست فضيلة حقيقية.
عطاؤك للفقير إن لم تكن فيه محبة، فهو ليس شيئًا.
وخدمتك أن كانت خالية من الحب، ولا تكون خدمة مقبولة
كذلك صلاتك يجب أن تمتزج بالحب،
كما قال داود
(باسمك أرفع يدي، فتشبع نفسي كما من شحم ودسم) (مز 63: 4)
(محبوب هو اسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي) (مز 119).
كذلك كل أنواع العبادة ينبغي أن تكون ممتزجة بالحب.
فيقول المرتل عن الذهاب إلى الكنيسة
(فرحت بالقائلين لي: إلى بيت الرب نذهب) (مز 122: 1)
مساكنك محبوبة أيها الرب إله القوات، تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى بيت الرب (مز 84: 1)
ويقول عن كتاب الله
"فرحت بكلامك كمن وجد غنائم كثيرة" (كالعسلوالشهد في فمي) مز 119
إن الله في يوم الحساب، سيفحص جميع فضائلنا ويكافئنا فقط علي ما فيها من حب.
أما الفضائل الخالية من الحب، فليست محسوبة لنا.
وأخشى أن تكون محسوبة علينا..
ولهذا قال الرسول "لتصر كل أموركم في محبة" (1كو 16: 14).
حتى الإيمان، قال عنه الرسول "الإيمان العامل بالمحبة" (غل 5: 6)..
الاستشهاد أيضًا، قدم الشهداء نفوسهم فيه، ومن أجل عظم محبتهم للرب، الذي أحبوه أكثر من الحياة، ومن الأهل، ومن العالم كله. وأحبوا أن ينحلوا من رباطات الجسد، ليلقوا بالله الذي أحبوه..
المحبة التي تدخل في كل وصية،
حسب قول الكتاب "لتصر كل أموركم في محبة" (1كو 16: 14).
والمحبة التي هي هدف كل وصية،
كما قال أيضًا "وأما غاية الوصية فهي المحبة" (1تي 1: 5).
والمحبة التي هي أعظم من كل وصية،
كما ذكر الرب أنها الوصية العظمي في الناموس (مت 22: 36 - 40)
وكما قال بولس الرسول
(وأما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة. هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة) (1كو 13:13).
ولم يقل فقط إنها أعظم من الأيمان العادي، بل أعظم من كل الإيمان الذي ينقل الحبال (1كو 13: 2)
نعم , المحبة هي الوصية التي بها يتعلق كل الناموس والأنبياء (مت 22: 40)
أي أنه لو أراد الله أن يلخص لنا كل الوصايا في واحدة لكانت هذه الوصية الواحدة هي المحبة..
هذه هي المحبة التي هي أفضل من جميع المواهب والمعجزات، لأنه بعد سرد الرسول قائمة بجميع المواهب،
قال بعد ذلك "وأيضًا أريكم طريقًا أفضل" (1كو 12: 3)
وإذا بهذا الطريق الأفضل هو المحبة..
كثيرون سيقولون للرب في اليوم الأخير
"يا رب يا رب، أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعًا قوات كثيرة"
فيجيبهم أني لم أعرفكم قط.
ذلك لأن المعجزات ليست هي تخلص، وإنما المحبة.
بل كل فضيلة خالية من المحبة، هي فضيلة ميتة لا روح فيها. بل تعد فضيلة من عير المحبة.
المحبة التي هي أفضل من كل علم ومعرفة.
لأن الرسول يقول "العلم ينفخ، ولكن المحبة تبني" (1كو 8: 1).
مادامت الفضائل كثيرة جدًا، وأن جمعناها كلها أمام المؤمن، سيجد أمامه برنامجًا طويلًا جدًا.. فلنقل له:
تكفيك المحبة. وإن أتقنتها، ستجد داخلها جميع الفضائل..
بل إن وصلت إلى المحبة، لا تحتاج إلى وصايا أخري، المحبة تكفيك وتغنيك.
إن وصلت إلى المحبة تكون قد وصلت إلى الله.
لأن الله محبة (1يو 4: 16)..
ولو كانت فيك المحبة الكاملة، تكون قد ارتفعت فوق نطاق الناموس وفوق نطاق الوصايا.
وإذا ملكت محبة الله علي قلبك فأنها تطرد منه الخطية وتطرد الخوف هناك كثيرون يجاهدون ويتبعون ويريدون أن يصلوا إلى الله ولا يعرفون بتداريب عديدة وبجهاد كثير وكلما يقومون يقعون ويستمر قيامهم وسقوطهم لماذا لان جهادهم لم يبن علي المحبة كالبيت الذي يبني علي الصخر (مت 7: 24)
وبغير المحبة يصبح مجرد جهاد ظاهري لم يصل إلى العمق بعد.
** أما إذا وصلت إلي محبة الله فانك لا تخاف الخطية **
الخطية حينئذ لا تقدر أن تعيش في داخلك لأن محبة الله التي في داخلك هي نور بينما الخطية ظلمه. والنور يطرد الظلمة ولا شركة بين النور والظلمة
(2كو 6: 14).
محبة الله لا تتفق مع محبة الخطية فلا يمكن أن يوجدا معًا في قلب واحد. لذلك لا تجاهد ضد الخطية بدون محبة الله. حاول أن تدخل محبة الله إلى قلبك فتتخلص من الخطية بدون تعب.
** المحبة هي الميزان الذي توزن به أعمالنا في اليوم الأخير **
لا تقاس أعمالنا الخيرة بكثرتها، إنما بمقدار ما فيها من حب.
لا تقل له مثلًا: أنا قد وقفت يا رب ثلاث ساعات أصلي.
لأن الله سيجيبك: ليس المهم في مقدار الذي الوقت، وأنما في مشاعر الحب التي في قلبك أثناء الصلاة..
هل لك مشاعر داود المرتل الذي قال
(محبوب هو اسمك يا رب فهو طول النهار تلاوتي) (مز 119).
وقال أيضًا باسمك أرفع يدي، فتشبع نفسي كما من شحم ودسم. (مز 63: 4)..
كذلك أنت في صلاتك، هل تكون في قلبك محبة الله الذي تصل لي أم لا؟
هل يكون قلبك متصل به أم لا؟
أعلم أن الصلاة الخالية من هذا المشاعر القلبية،
ليست هي مقبولة عند الله، ولا تدخل إلى حضرته.