منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02 - 03 - 2018, 04:02 PM   رقم المشاركة : ( 20241 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,668

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

من لي في السماء ؟
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ومعك لا أريد شيئا في الأرض.
قد فني لحمي وقلبي. صخرة قلبي ونصيبي الله إلى الدهر
مزامير 25:73-26

ما الذي يستطيع ان يحفظنا حقا؟ ربما افضل طريقة للاجابة على هذا السؤال هي بسؤال اخر: ما الذى يمكننا ان نحتفظ به عندما تدخل جثاميننا الى قبورها بهدوء عند الموت؟ فقط علاقتنا مع الله وشعبه تبقى لابعد من القبر. اذا كان هو من يبقى ، فكيف نستبدله بأي يء لا يبقى ؟

الرب العظيم، حافظ العهد ومحقق كل نبوءة ، انت املي، وقوتى، ومستقبلي. اعيش هذا اليوم في ذهول تام ان حافظ الكون يعرف اسمي، ويسمع صوتي، ويهتم بي. اشكرك على كونك ماضيّ ، وحاضري، ومستقبلى. باسم مخلصي اصلي . آمين.
 
قديم 02 - 03 - 2018, 04:04 PM   رقم المشاركة : ( 20242 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,668

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الله القدوس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
انت لا مثيل لك في عظمتك وقوتك.
ليس لي حق ان امثل في حضرتك
ومع ذلك انت دعوتنى بحبك ونعمتك.
انت صخرتي ، حصني ، وقوتي.
اعتمد على ارشادك ورحمتك
لا تحمل المصاعب واتخطى العقبات.
الله القدوس انت لا تقارن وانا اعبدك.
باسم يسوع.
آمين.
 
قديم 02 - 03 - 2018, 04:07 PM   رقم المشاركة : ( 20243 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,668

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بين الأصحاب

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بين الأصحاب
فتحت ندى الفيس بوك شويه بعد ما قعدت تذاكر 3 ساعات متواصلة. لقت ريهام كاتبه من نص ساعه إنها :
مش كويسه!
اتصلت بيها على طول.
ندى: إيه يا روما؟
كاتبة ليه عالفيس إنك مش كويسه؟
ريهام: مخنوقة.
ندى: من إيه بس؟
ريهام(بتبكى):
مفيش فايده يا ندى؟
كل الصلاة دي ومفيش أي نتيجه!
ندى: إنتي بتبكي؟
ريهام: ايوه. مارك أخويا اتخانق مع بابا خناقه كبيره. مفيش فايده..
مفيش أمل!
ندى: طب هدّي نفسك كده، واحكيلي بشويش إيه اللي حصل.
ريهام: بابا اكتشف إن مارك من قعدته مع اصحابه اللى مش كويسين ابتدى يشرب سجاير. ويا عالم فى إيه تاني!
وقامت خناقه كبيره (استمرت تبكي).
ندى: يا ربي
ريهام: قعد مارك يقوله أنا براحتي، أنا عاوز اعيش حياتي.. مابحبش الخنقة وشغل الكنايس والاجتماعات بتاعكم ده.
شفتي يا ندى؟
آدي أخرة صلاتنا ليه طول الفتره اللى فاتت.
ندى: لا يا ريهام. انتى بس بتقولي كده عشان الدنيا مقلوبة دلوقتي. لكن احنا هنكتَّر صلاة واحنا واثقين إن الرب هيتدخَّل.
ريهام: ماما مانطقتش من ساعة اللى حصل، دخلت أوضتها، وسامعاها بتصلي وهي بتبكي.
ندى: وانا كمان هاصلي يا ريهام. وانت لازم تصلي.. إحنا مالناش غير الرب، وهو الوحيد اللي يقدر يفتح قلب مارك عشان يعرفه.
ريهام: آمين يا ندى. مع إني مش شايفة أي خير من اللي بيحصل ده!
ندى: افتكري الكلام اللي سمعناه في الاجتماع المرة اللي فاتت إن اللحظات اللي بتسبق طلوع الفجر هي اللي بتبقى أشد عتامة!
وانشاء الرب الفجر قرَّب.
ريهام: ولو اني مش عارفة ازاي.. لكن: يا رب.
ندى: خلاص بقى، صلي وأنا هصلي معاكي وسلمي الامور لربنا واقعدي ذاكري.
ريهام: هاحاول. شكرًا يا ندى لمحبتك واهتمامك.
قعدت ريهام تصلي، وبعدها حاولت تذاكر. سمعت حوار دار بين باباها ومامتها في الصالة:
بابا: هانعمل إيه؟
مارك بيضيع!
ماما: مش هنبطل صلاة. الولد كبر، وبقى ليه حياته المستقلة بعيد عننا، لكن مش بعيد عن الرب، وهو اللي هيرجّعه ويفتح قلبه.
سمعت ريهام باباها وماماتها وهما بيصلوا بدموع من أجل خلاص مارك. قعدت تبكي وتصلي معاهم وهي في أوضتها.
مرت اسابيع والحال زى ما هو:
مارك مع شلته اللي مشيها بطال، وبابا وماما بيصلوا بحرارة. لحد ما جه يوم غريب..
مارك روح بدري من الجامعة، وكان باين على وشه الصدمة..
صاحبه فادي اللي معاه في الشله عمل حادثة ومات!
بابا وماما كمّلوا صلاة من غير ما يكلموه.
لحد ما في يوم مانزلش من البيت خالص. دخلت ماما أوضته تطمّن عليه.. لقيته سرحان وبيبكي زي الأطفال.
مارك: أنا مودَّع فادي بنفسي!
كان رايح يحضر ماتش مع ناس قرايبه!
يا ترى هو سابنا وراح فين؟!
الواحد كان فاكر إن الدنيا قدَّامه طويله عريضه لكن.. خلصت في لحظة مع فادي!
أنا خايف يا ماما.. أنا كل ما افكَّر في إن اللي دفنَّاه كان جسمه لكن روحه؟!
روحه مش عارف فين!
مرتاحة ولا متعذبة؟!
مش قادر اتخيِّل الأمر. مش قادر!!
طبطبت ماما عليه وقالت له:
إهدى يا حبيبى. الفرصه لسه قدامك.
مارك: يا ماما أنا عملت حاجات كتير غلط. عيب أوى إني أروح لربِّنا وانا كده!
ماما: بالعكس!
ده هى دى اللحظه المناسبه، زي الابن الضال.. بعد ما خلَّص كل فلوسه واتبهدل وجاب أخره قال
”أقوم وارجع إلى أبي“.
مارك: إزاي بس؟!
ماليش وش أروح له، بعد ما كنت بقول له بلساني وبتصرفاتي إني مش عاوز أمشي في سِكّته!
ماما: هاتكون أوحش من اللص اللي كان على الصليب؟!
ده تاب وقِبِل الرب فى آخر لحظات حياته. كل حياته كانت بترفض الرب، لكن أول ما قال للرب :
”اذكرني يا رب متى جئت فى ملكوتك“
الرب قبله وقال له :
”اليوم تكون معي في الفردوس“.
أنا هاسيبك تصلي. اللي حصل ده صوت قوي من ربنا بيحذَّرك وبيقول لك إنه عاوز يردَّك ليه قبل ما يفوت الأوان!

وسابت ماما مارك لوحده.
مرِّت الأيام.. مارك مش بيخرج كتير.. معظم وقته فى البيت.. وتمرّ أيام كمان، ومارك صوته واضح من أوضته إنه بيصلي
"اقبلنى يا رب، أنا عاوز ارجع ليك، مش عاوز أقضي حياتي في حاجات أساسًا ماكانتش بتبسطني إلا وقت قليل. مش عاوز تكون آخرتي بعد ده كله عذاب في النار. عاوز أحسّ بسلام، وافرح فرح حقيقي من جوه غير الفرح المؤقَّت اللي كنت بافرحه وأنا بعيد عنك. تعبت من وجع الضمير. سامحني.. أنا غلطت في حقَّك كتير، لكن أنا جايلك بحسب كلامك فى الكتاب المقدس إن هبة الرب هي حياه ابديه، إن اللى بيقبلك بيقى ابن للرب. أنا باقبل عطيتك، وعاوز أكون ملكك. آمين.

ومرت الايام، وفعلاً استجابة الصلاة ابتدت تبان في حياة مارك.. مارك ابتدى يتغيَّر بجد!
بيقضي وقت كبير فى قرايه الكتاب.. اهتماماته اتغيرت.. عاوز يعرف ربنا أكتر.. مش بيقعد كتير مع شلته، بالعكس ده بقى بيكلمهم عن ربنا وبيجيبهم معاه الاجتماع!
ندى: شفتي؟ مش قلت لك؟
ريهام: أنا فعلاً مش مصدقة نفسي واللي بيحصل فى بيتنا ده!
ندى:
”يُخرج من الآكِل أُكلاً ومن الجافي حلاوة“.
ريهام: ده حقيقي بجد، مين كان يتوقع؟!
ندى: دي أخبار مشجِّعه، تخليّنا نكمِّل صلاة للباقيين، واحنا واثقين إن الرب بيكلِّم كل فرد بنصلي من أجله فى اللستة.
ريهام: آمين يا ندى. في مين تاني في لستة الصلاة بنصلي من أجله ولسة مارجعش للرب؟
ندى: فاضل بنتين من شلتي القديمة وجارتنا وجوزها وولاد خالتك.
ريهام: أنا متشجعة أوي من قائمة الصلاة. فاكرة تاريخ بدايه الصلاة لمارك؟
وأخيرًا كتبنا تاريخ رجوعه للرب.
ندى: بنعمة ربنا هايجي اليوم اللي هانكتب فيه تاريخ رجوع كل اللي في اللستة للرب.
ريهام: آمين.

* * *
أشكرك أحبك كثيراً...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين

يسوع يحبك ...
 
قديم 02 - 03 - 2018, 04:11 PM   رقم المشاركة : ( 20244 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,668

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العمل العام والعمل فى خدمة الكلمة

وما يفرضانه على الخادم

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
احاول تبسيط وتلخيص ما اريد قوله بلغة عامية بسيطة:

1- ] العمل في "العمل العام " - سواء خدمة الكلمة - او خدمة المحبة العمل الخيري العام الcharity
بيفرض فروض على المتجرد للعمل .... لابد ان
أ- يتسع صدرك للنقد بأنواعه ودرجاته
ب - ان تكون من المهارة والتهيئؤ للزود عن طهارة سريرتك ونقاوة يدك بالكلمة والبيان المقنع على مستوى المنطق والاقناع : يعنى المستندات والادلة ..

2] - العمل فى المجال العقيدى فى الكنيسة
بيفرض على المتكرس لهذا النوع من الخدمة أن يتسع صدره للمتسائلين والمنأؤيين والمناظرين ...
لازم ابونا يقبل أن يكون معرضاً للمجادلة والمناظرة التى الفيصل فيها و الحكم فيها للمنطق والعقلانية والدليل والاقناع

3] العقيدة وتفاصيلها - مكانها الكنيسة
ليس معهد لاهوت فى أثينا ولا كلية لاهوت فى النمسا ولا معهد فى روسيا ولا مؤءسسة ما - للتوزيع والنشر فى لبنان - مع احترامنا وتقديرنا للجميع - إذ تبقي خصوصية كل مجتمع ملكه هو .
والكنيسة كمكان وكجماعة بكل تشكيلاتها هى جهة تدارس العقيدة بابائها ومرشديها وخدامها -
ومن الاساءة والاهانة للكنيسة ان نسأل خدام وشمامسة فيها عن مؤءهلاتهم للمناقشة فى العقيدة ودراسة اللاهوت
لان مكان الدراسة اللاهوتية هو الكنيسة بكل ما تعنيه معانى الكلمة
لا شقة فى ارض الجولف ولا دكان فى دوران شبرا أو غيرها ..
مكررين احترامنا للجميع -
------------------------------------
=====================--------------

1- لابد ان يطيل أبونا اناته على من يسألوه على اجتهاده "فى ضبط الاعياد او تعديل القراءات -" او من يراجع من وارئه مؤلفاته وتعبيراته وترجماته ويرد على المشككين والمسيئين بالتواضع والوداعة وطول الاناة ويغلبهم بالمنطق والحجة - وإلا فلماذا نلقي الملامة على مطراناً ونصوره بالوحشية والاستبداد - فقديما قال الاديب :" لاتنهى عن خلق وتأتى بمثله - عارٌ عليك إن كنت.... عظيم"

2- من حق أى فرد فى الجماعة المؤمنة ان يتابع المسائل اللاهوتية ففى كنيستنا القبطية الارثوذوكسية
لا احتكار للدين فى جماعةٍ او قطاع بعيدا عن الشعب
والغلبة للبيان والمنطق والدليل والحجة والبرهان..
 
قديم 02 - 03 - 2018, 04:14 PM   رقم المشاركة : ( 20245 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,668

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المسيح والتجربة ونصرتنا العملية

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المسيح والتجربة ونصرتنا فيه

المسيح الرب أتى في ملء الزمان
متحداً بجسم بشريتنا ليزرع فينا صلاحه الخاص نازعاً عنا شوكة الموت، ولم يأتي لكي يشترك في أعمال الجسد الميتة أو يقف في حالة صراع ما بين قبول الخطية ورفضها، لذلك لم يقل الرسول أن المسيح الرب أتى في جسد الخطية لكي نتحدث عن القبول والرفض ما بين الفعل وعمله، بل قال: لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزاً عَنْهُ فِي مَا كَانَ ضَعِيفاً بِالْجَسَدِ فَاللَّهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ (رومية 8: 3)
فالمسيح الرب أتى في الجسد حسب التدبير
ليأخذ قضية الموت، أي أنه وصل للحدود التي وضعت للإنسان بسبب الخطية، لأن القضية ليست في نوع الخطية في ذاتها بل ما سببته في الكيان الإنساني، لأنها تسلطت بالموت وأنهت الحياة المخلوقة حسب الله، لأن الإنسان لم يُخلق للموت، لكن الموت دخل بحسد إبليس عن طريق الخطية، والخطية هي العصيان وعدم حفظ الوصية، والذي دعمها هو شريعة الخير والشرّ الذي اغتصبها الإنسان لنفسه عن طريق الغواية، وهي شريعة فاسدة لأن النور لم يكن فيها، لأن الإنسان دخل في حالة من معرفة الخير والشر بدون الله فسادت الظلمة وانطفأ نور الذهن المتقد الذي كان فيه، فالله لم يكن له دخل في هذا الأمر لأنه نهاه أن يأخذ من هذه الثمرة التي أنشأت فيه كل صراع ما بين الخير والشرّ، وحينما تعرف الإنسان على الشرّ دخل إليه الفساد وبدأ يدخل في صراع ما بين قبول الخير والشرّ، بين قبول الوصية وطاعة الله، وبين أن يفعل الشرّ ويعصى الله، فدخل الإنسان في حالة من الحرية المشوشة، التي من خلالها ضاع منه التمييز بين النور والظلمة، الموت والحياة، فانحدر الإنسان من حالة مجد الحضرة الإلهية وتغيرت ملامحه النورانية وفقد بساطته الأولى، ودخل في تعقيد الشرّ الذي يعمل بالفساد في كل من يتعامل معهُ، ومنذ ذلك الحين صار في حالة صراع طاحن ما بين النور والظلمة، وصار صعب عليه أن يحيا ويثبت في النور، لأن ميل الشر عنده أقوى من الخير الأسمى، فضل وتاه ولم يعد يستطيع ان يصنع صلاحاً يُرضي الله بسبب استحواذ الظلمة التي انفرشت على كيانه كله.
فالخطية حدت الإنسان
وقلصت حياته وقيدته بالموت، فصارت كل حياته تحت العبودية، حتى الوصية النورانية نفسها صارت مجال عثرة وغير قادرة على أن تعمل شيء، بسبب ظلام الموت المسيطر على كل ملكاته الروحية، لأن الوصية صارت مكتومة بسبب الظلمة التي غطت الذهن كسحابة كثيفة سوداء حجبت نور الشمس بالتمام، لذلك لم تعد الوصية مفهومة على مستوى النور، فتعثر الإنسان فيها ولم يعد يقبلها أو حتى يفهمها ببساطة النور، لأن الوصية مقدسة وصالحة جداً، تهدي النفس لأنها نور يهدي خطوات السائرين في طريق الحياة، وهي تصير الجاهل حكيماً، لكن مشكلة عدم القدرة بالحياة بها والصراع أن نفعلها أو لا نفعلها هو الظلمة التي أطفأت نور الذهن وزحفت بالموت فأفسدت طبعنا المقدس وضلتنا عن الحق.
فالصراع القائم في داخل الإنسان
بين الخير والشر انتفى في شخص المسيح الرب، لأنه حينما جربه المُجرب لم يكن فيه هذا الصراع، لأنه لم يدخل التجربة منجذباً من شهوة الجسد أو شهوة العيون أو تعظم المعيشة، لأن الظلمة لا تسكنه، لأن هو بشخصه وذاته النور الحقيقي الذي أتى حسب التدبير ليُنير كل إنسان سادت وسيطرت عليه الظلمة، فهو دخل كنور حقيقي في ساعة الظلمة ليُجرب من ابليس، الذي جربه بكل حيله التي حارب بها الإنسان منذ البدء، فلم يقوى عليه، لأنه لم يكن فيه شيء يستطيع أن يمسكه منه، لأنه غير قابل للسقوط في شبه شرّ، لأنه لا يحمل في نفسه أي قبول للخطية أو حتى فيه شبه ظلمه، ولأن الرسول عرف هذا بإعلان لأنه شاهد وعاين مجد الابن الوحيد في الجسد وسمع منه قال: وَهَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ (1يوحنا 1: 5).
لذلك فأنه لا صحة لقول أن المسيح الرب قابل للخطية،
وله أن يفعلها أو لا يفعلها، لأنه أولاً لم يأتي في جسد الخطية بل في شبه جسد الخطية، ولم نرى عنده أي صراع قائم بين الخير والشرّ، أو النور والظلمة، أو يفعل أو لا يفعل خطية ما، لأن هو النور وكيف له أن يتفق مع الظلمة او يقبلها حتى جدلاً: ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً قَائِلاً: «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ» (يوحنا 8: 12).
فالرب في التجربة لم يكن ينتصر لحساب نفسه،
كأنه كان في حالة من الصراع ما بين الشر والخير، أو بين مشيئة الآب ومشيئة ذاته، فدخل في صراع يقبلها أو يرفضها، لأن هذا الصراع غير متواجد البتة في شخصيته ولا كيانه إطلاقاً، لأنه أتى في ملء الزمان لا من أجل نفسه بل من أجلنا، ودخوله في التجربة لينتصر لحساب بشريتنا الجديدة فيه، لكي يكون لنا النصرة باسمه وبفعل قوته، لأننا ندخل منذ البداية منتصرين باسمه، لأنه سلمنا نصرته الخاصة بالإيمان، فنحن حينما ندخل بهذا الإيمان الحي بشخصه نقف أمام عدو مهزوم في جبل التجربة، فنحن لا ندخل التجارب الشريرة أو في ساحة المعركة مع العدو لكي نحارب بقدرتنا الخاصة منفردين، بل ندخل باسم رب الجنود، لأن الحرب للرب، والانتصار فيها مؤكد وبلا صراع، لكن لو الرب كان فيه هذا الصراع وهذه المفارقة والقبول فكيف لنا أن ننتصر ونغلب هذا الصراع ما بين الإنسان العتيق والإنسان الجديد، لأن كل من هو في المسيح صار خليقة جديدة يحيا بحياته وينتصر بنصرته التي انتصر بها ببره الخاص، لأن كل من يلبس المسيح يحيا به، وكل من يحيا به يحيا بنصرته، لأنه أعطانا قدرته هو وألبسنا ذاته، لذلك النصرة لنا فعلياً لأنه مكتوب:
وَلَكِنْ شُكْراً لِلَّهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ؛ وَلَكِنَّنَا فِي هَذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا (أو نُحْرِزُ مَا يَفُوقُ الانْتِصَارَ) بِالَّذِي أَحَبَّنَا (2كورنثوس 2: 14؛ رومية 8: 37)
ولنا الآن نقف وقفة لنُجيب على سؤال هام،
وهو لماذا نحن نُهزم أحياناً في هذه الحرب وما زال الصراع قائماً فينا؟
طبعاً نحن نلنا عربون المجد وما زلنا في الجسد، ففينا بواقي إنسان عتيق ولنا إنسان جديد، فأن خضعنا للعتيق وتركنا الجديد ولم نحيا بالإيمان متمسكين بشخص الابن الوحيد، فأننا نُهزم لأننا نقف أمام العدو في حالة عُري من قوة الإنسان الجديد وصدرنا مكشوف من درع البر وترس الإيمان، فمن الطبيعي نُهزم بسهولة، أما أن كنا نحيا صالبين الأهواء مع الشهوات ونحيا منكرين أنفسنا حاملين الصليب ونتبع الرب بإيمان حي دائم، فالنصرة لنا لأن الرب هو العامل فينا وهو الذي بيننا وبين العدو سور نار قوي فيه النصرة والغلبة، لأن ابليس الحية القديمة الذي خدعت بمكرها حواء انهزم في جبل التجربة ولا يقوى أن يقف أمام مسيح القيامة والحياة الذي اشهره جهراً في الصليب وافرغه من قوته تماماً، والرب نفسه قال: رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ (يوحنا 14: 30)، فالغلبة والنصرة لنا في المسيح يسوع وحده، فحينما نتمسك بشخص المسيح الرب ونحيا حسب الإنسان الجديد نجد الظلمة تتلاشى وحدها والصراع لا وجود لهُ.
أما ان كان هناك ميل في القلب نحو العتيق
والحياة القديمة نجد الصراع قائم، لأن الإيمان بشخص المسيح غير واضح ولا ثابت، وليس معنى هذا أننا فقدنا إنسانيتنا الجديدة في المسيح، لكن معناه أن هناك ميل خفي يحتاج علاج، وتصحيح رؤية إيمان تحتاج يقظة، وفي كل الأحوال الله لا يترك النفس بل يقومها ويُربيها طالما ما زال فيها ميل نحوه وشوق للحياة معهُ، لكنها تعتبر حالة طفولة تحتاج لنضوج، فينبغي أن ننتبه لحياتنا ونعدل المسيرة أولاً بأول متمسكين بوصية الله، ثابتين في مخدعنا مصلين في الروح القدس، متمسكين بإنساننا الجديد الذي يتجدد كل يوم حسب صورة خالقه.
 
قديم 02 - 03 - 2018, 05:00 PM   رقم المشاركة : ( 20246 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,668

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الباب الضيق

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حياة النقاوة التي تؤهّل القلب لمعاينة الله ليست إلا شركة آلام مع المسيح المصلوب، لهذا يقول الرب نفسه: "ادخلوا من الباب الضيق، لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدّي إلى الهلاك، وكثيرون هم الذين يدخلون منه. ما أضيق الباب، وأكرب الطريق الذي يؤدّي إلى الحياة، وقليلون هم الذين يجدونه" [13-14].

+ دُعي الطريق كربًا وضيقًا لكي يخفّف من أتعابنا، ولكي يُعلن أن الأمان عظيم والمسرّة عظيمة... الطريق كرب والباب ضيّق، لكن المدينة التي ندخلها ليست هكذا، لهذا لا نطلب هنا الراحة كما لا تتوقّع ألمًا هناك. القدّيس يوحنا الذهبي الفم

+ كرب هو الطريق الذي يدخل بنا إلى الحياة، وضيّق أيضًا، لكن المكافأة رائعة وعظيمة إذ ندخله في مجد! القدّيس كبريانوس

+ الباب الواسع هو الملاذ العالميّة التي يطلبها البشر، والباب الضيّق هو الذي ينفتح خلال الجهاد والأصوام كالتي مارسها الرسول بولس: "في ضربات، في سجون، في اضطرابات، في أتعاب، في أسهار، في أصوام" (2 كو 6: 5)، "في تعبٍ وكدٍّ، في أسهارٍ مرارًا كثيرة، في جوعٍ وعطشٍ، في أصوامٍ مرارًا كثيرة في بردٍ وعُرْيٍ" (2كو11: 27). وقد شجّع الرسول بولس تيموثاوس على ممارستها: " فتقوَّ أنت يا ابني بالنعمة التي في المسيح يسوع، وما سمعته منّي بشهود كثيرين أودِعه أناسًا أمناء يكونون أكفّاءً أن يُعلِّموا آخرين أيضًا، فاشترك أنت في احتمال المشقّات كجندي صالح ليسوع المسيح. ليس أحد وهو يتجنّد يرتبك بأعمال الحياة لكي يرضي من جنَّده، وأيضًا إن كان يجاهد لا يكلّل إن لم يجاهد قانونيًا." (2 تي 2: 1-5)

لاحظ بتدقيق كيف يتكلّم عن كِلا البابين. فالغالبيّة العُظمى تدخل من الباب الواسع، بينما قليلون هم الذين يكتشفون الباب الضيق. إننا لا نبحث عن الباب الواسع، ولا حاجة لنا مطلقًا أن نكتشفه، إذ هو يعرض نفسه علينا تلقائيًا. أمّا الباب الضيّق فلا يجده الكل، وحتى الذين يجدونه فليس جميعهم يدخلونه، إذ كثيرون بعد اكتشافهم باب الحق تجتذبهم ملاذ الدنيا ويرجعون من منتصف الطريق. ( القدّيس جيروم )

يقول العلاّمة أوريجينوس أن الطريق الرحب يحوي زوايا كثيرة، عندها يقف المراءون للصلاة كي يراهم الناس فينالون أجرتهم (مت 6: 5). وعلى العكس الطريق الكرب لا يحوي زوايا شوارع يقف عندها المؤمن، بل يسرع منطلقًا إلى الحياة الأبديّة خلال الباب الضيق. لا يجد المؤمن في الطريق ما يبهجه فيستقر عنده، لكنّه يتّجه نحو السيّد المسيح سرّ بهجته وحياته.

الباب الضيّق هو باب الملكوت الذي لن يدخله إلا رب الملكوت يسوع المسيح الذي بلا خطيّة وحده، والطريق الكرب ليس إلا صليبه الذي لا يمكن لأحد أن يعبر فيه سوى المصلوب. لهذا لن ننعم بالدخول من الباب الضيّق، ولا السير في الطريق الكرب، إلا باختفائنا في يسوع المسيح المصلوب وثبوتنا فيه. بهذا يتحوّل الكرب والضيق إلى بهجة اتّحاد مع المصلوب.


 
قديم 02 - 03 - 2018, 05:01 PM   رقم المشاركة : ( 20247 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,668

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الأنبياء الكذبة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كما حذرنا السيّد المسيح من الحروب الخفيّة وحب الظهور التي تفسد نقاوة القلب، وتنزع بساطة العين الداخليّة، يحذّرنا أيضًا من الحروب الخارجيّة، خلال الأنبياء الكذبة والهراطقة وضد المسيح... هؤلاء الذين يحملون مسحة التقوى الخارجيّة، بينما قلوبهم ذئاب خاطفة. يقول السيد: "احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب حملان، ولكنّهم من داخل ذئاب خاطفة" [15]. هكذا يحذّرنا السيّد من الأنبياء المخادعين الذين "يلبسون ثوب شعر لأجل الغش" (زك 13: 4). يتظاهرون بالحياة النسكيّة وشكليّات الورع لخداع الكثيرين، أو كما يقول الرسول: "مثل هؤلاء هم رسل كذبة، فعلة ماكرون مغيّرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح" (2 كو 11: 13-14)، وذلك كرئيسهم الوحش الذي يتظاهر بصورة السيّد المسيح الحمل، إذ له "قرنان شبه خروف" (رؤ 13: 11) وقد حذّرنا آباء الكنيسة كثيرًا من المخادعين. يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [من يصرخ بما هو لله بصوت التواضع الحقيقي والاعتراف الحق للإيمان فهو حمل، أمّا من ينطق بتجاديف ضدّ الحق وعداوة ضدّ الله فهو ذئب.] كما يقول القدّيس جيروم: [ما يُقال هنا عن الأنبياء الكذبة يفهم عن كل من ينطق بغير ما يسلك به عمليًا، لكنّه يخصّ بالأكثر الهراطقة الذين يظهرون لابسين العفّة وصوّامين كزيّ للتقوى، أمّا روحهم في الداخل فمملوءة سمًا، بهذا يخدعون البسطاء من الإخوة.]

يُعلن السيّد أن الأنبياء الكذبة واضحون، يمكن تمييزهم عن أولاد الله الحقيقيّين، بقوله: "من ثمارهم تعرفونهم. هل يجتنون من الشوك عنبًا؟أو من الحسك تينًا؟هكذا كل شجرة جيّدة تصنع أثمارًا جيدًا، وأما الشجرة الرديّة فتصنع أثمارًا رديّة. لا تقدر شجرة جيّدة أن تصنع أثمارًا رديّة، ولا شجرة رديّة أن تصنع أثمارًا جيّدة. كل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تقطع وتلقى في النار، فإذًا من ثمارهم تعرفونهم" [16-20].

استخدم بعض الهراطقة هذه الكلمات الإلهيّة للادعاء بوجود طبيعتين متعارضتين فالبعض بطبعهم صالحون والآخرون أشرار، ولا يمكن للصالحين أن يصنعوا شرًا وللأشرار أن يصنعوا خيرًا، وكأن الإنسان مسيّرا لا يدّْ له في اختيار الطريق، إنّما طبيعته هي التي تملي عليه سلوكه. هذا الأمر يتنافى مع محبّة الله وتقديسه لحرّية الإرادة الإنسانيّة، كما يتنافى مع عدله إذ كيف يجازينا عن تصرفات ليس لنا حرّية السلوك بها أو الامتناع عنها؟

نقتطف هنا بعض كلمات القدّيس جيروم: [لنسأل هؤلاء الهراطقة الذين يؤكّدون وجود طبيعتين متعارضتين، إذ يفهمون كما لو أن الشجرة لا يمكن أن تأتي بثمر رديء (حتى إن انحرفت)، إذ كيف أمكن لموسى - الشجرة الصالحة - أن يخطئ عند ماء الخصومة؟ أو كيف أنكر بطرس الرب عند آلامه، قائلاً: لا أعرف الرجل؟ أو كيف أمكن لحمى موسى - الشجرة الرديئة - الذي لا يؤمن بإله إسرائيل أن يقدّم مشورة صالحة؟] هذا القول لا يحمل تعارضًا مع كلمات السيّد المسيح، فالشجرة الصالحة لا تثمر إلا ما هو صالح مادامت في يدّ الله مستمرّة في صلاحها، لكنها إن انحرفت ولو إلى حين وتحوّلت إلى شجرة شرّيرة تخطيء لتعود بالتوبة فتأتي بالثمر الصالح من جديد. وهكذا أيضًا بالنسبة للشجرة الرديّة فإنها تبقى تعطي ثمرًا رديًا حتى متى صارت صالحة بالقدّوس الصالح تقدّم ثمرًا صالحًا. يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [إنه لم يقل أن الشجرة الرديّة لا يمكن أن تصير صالحة، وإنما قال لا تحمل ثمرًا جيدًا مادامت هي رديّة!]

إن كنّا شجرًا رديًا فقد جاء السيّد المسيح التفاحة الصالحة، الذي قيل عنه: "كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبي بين البنين، تحت ظلِّه اشتهيت أن أجلس وثمرته حُلوة في حلقي" (نش 2: 3). نتطعَّم فيه، فنصير أغصانًا صالحة، تأتي بثمر كثير. لهذا يقول: "أنا الكرمة وأنتم الأغصان، الذي يثبت فيّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير، لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو 15: 5). إذ نثبت فيه نحمله داخلنا، كسرّ صلاحنا وبرّنا، وكما يقول القدّيس غريغوريوس أسقف نيصص: [لقد صار مطيعًا ذاك الذي أخذ ضعفاتنا وحمل أمراضنا، شافيًا عصيان البشر بطاعته. فبجراحاته يشفي جرحنا، وبموته يطرد الموت العام عن البشر.]

كنّا أشجارًا رديّة تحمل شوكًا وحسكًا، لا نقدر أن نثمر عنبًا أو تينًا، لكننا في المسيح يسوع ربّنا تحوّل شوكنا إلى كرم يثمر عنبًا جديدًا، وحسَكنا إلى شجرة تين جديدة. خارج المسيح تكون لنا طبيعة الأرض الساقطة تحت اللعنة فتنتج حسكًا وشوكًا (تك 3: 18)، هذه التي نخلعها في مياه المعموديّة لنحمل الطبيعة الجديدة التي صارت لنا في المسيح يسوع لنحمل فينا عنبًا وتينًا. بهذا نفهم كلمات السيد: "اجعلوا الشجرة جيّدة وثمرها جيدًا" (مت 12: 33).

وللقدّيس يوحنا الذهبي الفم تعليق جميل على العنب والتين، [يحوي العنب في داخل سرّ المسيح، فكما يحوي العنقود الكثير من الحبات مترابطة معًا خلال فرع العنقود الخشبي، هكذا للمسيح مؤمنون كثيرون يتّحدون معًا خلال خشبة الصليب. والتين يمثّل الكنيسة التي تضم داخله جموع المؤمنين في حضن المحبّة الحلو، وذلك كما تحوي التينة بذارًا كثيرة داخل غطائها الواحد. فالتينة تمثل المحبّة في حلاوتها والوحدة في اتّحاد البذار الكثيرة معًا. أمّا العنب فيقدّم لنا مثالاً للصبر، إذ يدخل المعصرة؛ كما يُشير إلى الفرح إذ تفرح الخمر قلب الإنسان؛ ويشير إلى الإخلاص حيث لا يمزج بماء؛ وإلى الحلاوة إذ هو شهي. أمّا الشوك والحسك فيشيران إلى الهراطقة إذ يحملون الأشواك من كل جانب. هكذا ترى خدّام الشيّاطين مملوئين بالمخاطر من كل ناحية. مثل هذا الشوك والحسك لا يقدّم للكنيسة ثمارًا.]

في اختصار أقول أننا في المسيح يسوع ربّنا نخلع أعمال الإنسان القديم من شوكٍ وحسكٍ، أي الأعمال الأرضيّة، لكي نحمل فينا العنب والتين الروحي. يصير كل منّا أشبه بحبة العنب التي ترتبط بإخوتها خلال الصليب (الفرع الخشبي) والتي يلزم أن تجتاز المعصرة وتحتمل الضيّق مع ذاك الذي قال: "قد دست المعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي أحد" (إش 63: 3). وليدرك كل واحد منّا - مهما بلغت مواهبه أو قدراته أو مركزه الروحي أو الاجتماعي أو رتبته الكنسيّة - أنه ليس إلا بذرة في التينة المقدّسة، لا قيمة لها في ذاتها خارج الجماعة المقدّسة، ولا عذوبة لها إلا بثبوتها في غلاف المحبّة الحلو الذي الحلو الذي يضم الجميع معًا بروح الاتفاق والسلام!

هذا هو ما يفرِّح قلب الله أن نصير له خمرًا روحيًا اجتاز المعصرة، وأن نسلك بروح الحب الكنسي الحق، وليس أن نحمل مجرّد شكليّات العبادة أو ألفاظ الإيمان النظري، لهذا يقول السيّد مؤكّدًا: "ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات. كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: يا رب يا رب أليس باسمك تنبّأنا؟ وباسمك أخرجنا شيّاطين؟ وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟فحينئذ أصرِّح لهم أني لا أعرفكم قط. اذهبوا عنّي يا فاعلي الإثم" [21-23].

يحدّثنا السيّد عن يوم مجيئه الأخير، حيث فيه يلتقي مع الأشرار لا كعريس مفرح بل كديّان مرهب، لا تشفع فيهم صلواتهم الطويلة الباطلة، ولا كرازتهم باسمه، ولا إخراجهم الشيّاطين وصنعهم قوات باسمه... فهو لا يعرفهم لأنهم فعلة إثم.

الله يعرف أولاده وخدّامه المقدّسين، ولا يعرف الأشرار فعلة الإثم، لهذا عندما سقط آدم في الخطيّة سأله: أين أنت؟ وكما يقول القدّيس جيروم: [كان الله يعرف أن آدم في الجنّة، ويعلم كل ما قد حدث، لكنّه إذ أخطأ آدم لم يعرفه الله، إذ قال له: أين أنت؟] كأنه لا يراه، لأن آدم اعتزل النور الإلهي والبرّ، فصار تحت ظلال الخطيّة وظلمة الموت.] يُعلّق القدّيس أغسطينوس على قول السيد: "لا أعرفكم" هكذا: [لا أراكم في نوري، في البرّ الذي أعرفه.] فالله لا يرانا في نوره عندما نطيل الصلوات باطلاً أو نكرز باسمه أو نصنع قوّات وإنما حينما نحيا معه وبه ونسلك طريقه. وفيما يلي بعض تعليقات للآباء في ذلك:

+ إنهم يتعجّبون لأنهم يعاقبون مع أنهم صنعوا معجزات، أمّا أنت فلا تتعجّب لأن كل المواهب إنّما أُعطيت لهم كهبة مجّانيّة لم يساهموا فيها من جانبهم بشيء، لذا فهم يعاقبون بعدل، إذ هم جاحدون مَن أكرمهم... لنخف أيها الأحبّاء ولنهتم بحياتنا جدًا فلا نُحسب أشرارا لأننا لم نصنع معجزات الآن. لأن المعجزات لا تفيدنا في شيء وكما أن عدم صنعها لا يضرّنا، إنّما نهتم بكل فضيلة. القدّيس يوحنا الذهبي الفم

+ كتابة أسمائنا في السماء برهان على حياتنا الفاضلة، أمّا إخراج الشيّاطين فهو هبة من المخلّص، لذلك يقول للذين يفتخرون بعمل القوات دون ممارسة الحياة الفاضلة: "لا أعرفكم"، إذ لا يعرف الله طريق الأشرار. القدّيس أثناسيوس الرسولي

+ + +
 
قديم 02 - 03 - 2018, 05:02 PM   رقم المشاركة : ( 20248 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,668

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

اليوم السادس (السبت) من الاسبوع الثاني من الصوم الكبير
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الانجيل :
13 ادخلوا من الباب الضيق لانه واسع الباب و رحب الطريق الذي يؤدي الى الهلاك و كثيرون هم الذين يدخلون منه
14 ما اضيق الباب و اكرب الطريق الذي يؤدي الى الحياة و قليلون هم الذين يجدونه
15 احترزوا من الانبياء الكذبة الذين ياتونكم بثياب الحملان و لكنهم من داخل ذئاب خاطفة
16 من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا
17 هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة و اما الشجرة الردية فتصنع اثمارا ردية
18 لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا ردية و لا شجرة ردية ان تصنع اثمارا جيدة
19 كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في النار
20 فاذا من ثمارهم تعرفونهم
21 ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات
+ + +
الباب الضيق

حياة النقاوة التي تؤهّل القلب لمعاينة الله ليست إلا شركة آلام مع المسيح المصلوب، لهذا يقول الرب نفسه: "ادخلوا من الباب الضيق، لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدّي إلى الهلاك، وكثيرون هم الذين يدخلون منه. ما أضيق الباب، وأكرب الطريق الذي يؤدّي إلى الحياة، وقليلون هم الذين يجدونه" [13-14].

+ دُعي الطريق كربًا وضيقًا لكي يخفّف من أتعابنا، ولكي يُعلن أن الأمان عظيم والمسرّة عظيمة... الطريق كرب والباب ضيّق، لكن المدينة التي ندخلها ليست هكذا، لهذا لا نطلب هنا الراحة كما لا تتوقّع ألمًا هناك. القدّيس يوحنا الذهبي الفم

+ كرب هو الطريق الذي يدخل بنا إلى الحياة، وضيّق أيضًا، لكن المكافأة رائعة وعظيمة إذ ندخله في مجد! القدّيس كبريانوس

+ الباب الواسع هو الملاذ العالميّة التي يطلبها البشر، والباب الضيّق هو الذي ينفتح خلال الجهاد والأصوام كالتي مارسها الرسول بولس: "في ضربات، في سجون، في اضطرابات، في أتعاب، في أسهار، في أصوام" (2 كو 6: 5)، "في تعبٍ وكدٍّ، في أسهارٍ مرارًا كثيرة، في جوعٍ وعطشٍ، في أصوامٍ مرارًا كثيرة في بردٍ وعُرْيٍ" (2كو11: 27). وقد شجّع الرسول بولس تيموثاوس على ممارستها: " فتقوَّ أنت يا ابني بالنعمة التي في المسيح يسوع، وما سمعته منّي بشهود كثيرين أودِعه أناسًا أمناء يكونون أكفّاءً أن يُعلِّموا آخرين أيضًا، فاشترك أنت في احتمال المشقّات كجندي صالح ليسوع المسيح. ليس أحد وهو يتجنّد يرتبك بأعمال الحياة لكي يرضي من جنَّده، وأيضًا إن كان يجاهد لا يكلّل إن لم يجاهد قانونيًا." (2 تي 2: 1-5)

لاحظ بتدقيق كيف يتكلّم عن كِلا البابين. فالغالبيّة العُظمى تدخل من الباب الواسع، بينما قليلون هم الذين يكتشفون الباب الضيق. إننا لا نبحث عن الباب الواسع، ولا حاجة لنا مطلقًا أن نكتشفه، إذ هو يعرض نفسه علينا تلقائيًا. أمّا الباب الضيّق فلا يجده الكل، وحتى الذين يجدونه فليس جميعهم يدخلونه، إذ كثيرون بعد اكتشافهم باب الحق تجتذبهم ملاذ الدنيا ويرجعون من منتصف الطريق. ( القدّيس جيروم )

يقول العلاّمة أوريجينوس أن الطريق الرحب يحوي زوايا كثيرة، عندها يقف المراءون للصلاة كي يراهم الناس فينالون أجرتهم (مت 6: 5). وعلى العكس الطريق الكرب لا يحوي زوايا شوارع يقف عندها المؤمن، بل يسرع منطلقًا إلى الحياة الأبديّة خلال الباب الضيق. لا يجد المؤمن في الطريق ما يبهجه فيستقر عنده، لكنّه يتّجه نحو السيّد المسيح سرّ بهجته وحياته.

الباب الضيّق هو باب الملكوت الذي لن يدخله إلا رب الملكوت يسوع المسيح الذي بلا خطيّة وحده، والطريق الكرب ليس إلا صليبه الذي لا يمكن لأحد أن يعبر فيه سوى المصلوب. لهذا لن ننعم بالدخول من الباب الضيّق، ولا السير في الطريق الكرب، إلا باختفائنا في يسوع المسيح المصلوب وثبوتنا فيه. بهذا يتحوّل الكرب والضيق إلى بهجة اتّحاد مع المصلوب.

5. الأنبياء الكذبة

كما حذرنا السيّد المسيح من الحروب الخفيّة وحب الظهور التي تفسد نقاوة القلب، وتنزع بساطة العين الداخليّة، يحذّرنا أيضًا من الحروب الخارجيّة، خلال الأنبياء الكذبة والهراطقة وضد المسيح... هؤلاء الذين يحملون مسحة التقوى الخارجيّة، بينما قلوبهم ذئاب خاطفة. يقول السيد: "احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب حملان، ولكنّهم من داخل ذئاب خاطفة" [15]. هكذا يحذّرنا السيّد من الأنبياء المخادعين الذين "يلبسون ثوب شعر لأجل الغش" (زك 13: 4). يتظاهرون بالحياة النسكيّة وشكليّات الورع لخداع الكثيرين، أو كما يقول الرسول: "مثل هؤلاء هم رسل كذبة، فعلة ماكرون مغيّرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح" (2 كو 11: 13-14)، وذلك كرئيسهم الوحش الذي يتظاهر بصورة السيّد المسيح الحمل، إذ له "قرنان شبه خروف" (رؤ 13: 11) وقد حذّرنا آباء الكنيسة كثيرًا من المخادعين. يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [من يصرخ بما هو لله بصوت التواضع الحقيقي والاعتراف الحق للإيمان فهو حمل، أمّا من ينطق بتجاديف ضدّ الحق وعداوة ضدّ الله فهو ذئب.] كما يقول القدّيس جيروم: [ما يُقال هنا عن الأنبياء الكذبة يفهم عن كل من ينطق بغير ما يسلك به عمليًا، لكنّه يخصّ بالأكثر الهراطقة الذين يظهرون لابسين العفّة وصوّامين كزيّ للتقوى، أمّا روحهم في الداخل فمملوءة سمًا، بهذا يخدعون البسطاء من الإخوة.]

يُعلن السيّد أن الأنبياء الكذبة واضحون، يمكن تمييزهم عن أولاد الله الحقيقيّين، بقوله: "من ثمارهم تعرفونهم. هل يجتنون من الشوك عنبًا؟أو من الحسك تينًا؟هكذا كل شجرة جيّدة تصنع أثمارًا جيدًا، وأما الشجرة الرديّة فتصنع أثمارًا رديّة. لا تقدر شجرة جيّدة أن تصنع أثمارًا رديّة، ولا شجرة رديّة أن تصنع أثمارًا جيّدة. كل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تقطع وتلقى في النار، فإذًا من ثمارهم تعرفونهم" [16-20].

استخدم بعض الهراطقة هذه الكلمات الإلهيّة للادعاء بوجود طبيعتين متعارضتين فالبعض بطبعهم صالحون والآخرون أشرار، ولا يمكن للصالحين أن يصنعوا شرًا وللأشرار أن يصنعوا خيرًا، وكأن الإنسان مسيّرا لا يدّْ له في اختيار الطريق، إنّما طبيعته هي التي تملي عليه سلوكه. هذا الأمر يتنافى مع محبّة الله وتقديسه لحرّية الإرادة الإنسانيّة، كما يتنافى مع عدله إذ كيف يجازينا عن تصرفات ليس لنا حرّية السلوك بها أو الامتناع عنها؟

نقتطف هنا بعض كلمات القدّيس جيروم: [لنسأل هؤلاء الهراطقة الذين يؤكّدون وجود طبيعتين متعارضتين، إذ يفهمون كما لو أن الشجرة لا يمكن أن تأتي بثمر رديء (حتى إن انحرفت)، إذ كيف أمكن لموسى - الشجرة الصالحة - أن يخطئ عند ماء الخصومة؟ أو كيف أنكر بطرس الرب عند آلامه، قائلاً: لا أعرف الرجل؟ أو كيف أمكن لحمى موسى - الشجرة الرديئة - الذي لا يؤمن بإله إسرائيل أن يقدّم مشورة صالحة؟] هذا القول لا يحمل تعارضًا مع كلمات السيّد المسيح، فالشجرة الصالحة لا تثمر إلا ما هو صالح مادامت في يدّ الله مستمرّة في صلاحها، لكنها إن انحرفت ولو إلى حين وتحوّلت إلى شجرة شرّيرة تخطيء لتعود بالتوبة فتأتي بالثمر الصالح من جديد. وهكذا أيضًا بالنسبة للشجرة الرديّة فإنها تبقى تعطي ثمرًا رديًا حتى متى صارت صالحة بالقدّوس الصالح تقدّم ثمرًا صالحًا. يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [إنه لم يقل أن الشجرة الرديّة لا يمكن أن تصير صالحة، وإنما قال لا تحمل ثمرًا جيدًا مادامت هي رديّة!]

إن كنّا شجرًا رديًا فقد جاء السيّد المسيح التفاحة الصالحة، الذي قيل عنه: "كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبي بين البنين، تحت ظلِّه اشتهيت أن أجلس وثمرته حُلوة في حلقي" (نش 2: 3). نتطعَّم فيه، فنصير أغصانًا صالحة، تأتي بثمر كثير. لهذا يقول: "أنا الكرمة وأنتم الأغصان، الذي يثبت فيّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير، لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو 15: 5). إذ نثبت فيه نحمله داخلنا، كسرّ صلاحنا وبرّنا، وكما يقول القدّيس غريغوريوس أسقف نيصص: [لقد صار مطيعًا ذاك الذي أخذ ضعفاتنا وحمل أمراضنا، شافيًا عصيان البشر بطاعته. فبجراحاته يشفي جرحنا، وبموته يطرد الموت العام عن البشر.]

كنّا أشجارًا رديّة تحمل شوكًا وحسكًا، لا نقدر أن نثمر عنبًا أو تينًا، لكننا في المسيح يسوع ربّنا تحوّل شوكنا إلى كرم يثمر عنبًا جديدًا، وحسَكنا إلى شجرة تين جديدة. خارج المسيح تكون لنا طبيعة الأرض الساقطة تحت اللعنة فتنتج حسكًا وشوكًا (تك 3: 18)، هذه التي نخلعها في مياه المعموديّة لنحمل الطبيعة الجديدة التي صارت لنا في المسيح يسوع لنحمل فينا عنبًا وتينًا. بهذا نفهم كلمات السيد: "اجعلوا الشجرة جيّدة وثمرها جيدًا" (مت 12: 33).

وللقدّيس يوحنا الذهبي الفم تعليق جميل على العنب والتين، [يحوي العنب في داخل سرّ المسيح، فكما يحوي العنقود الكثير من الحبات مترابطة معًا خلال فرع العنقود الخشبي، هكذا للمسيح مؤمنون كثيرون يتّحدون معًا خلال خشبة الصليب. والتين يمثّل الكنيسة التي تضم داخله جموع المؤمنين في حضن المحبّة الحلو، وذلك كما تحوي التينة بذارًا كثيرة داخل غطائها الواحد. فالتينة تمثل المحبّة في حلاوتها والوحدة في اتّحاد البذار الكثيرة معًا. أمّا العنب فيقدّم لنا مثالاً للصبر، إذ يدخل المعصرة؛ كما يُشير إلى الفرح إذ تفرح الخمر قلب الإنسان؛ ويشير إلى الإخلاص حيث لا يمزج بماء؛ وإلى الحلاوة إذ هو شهي. أمّا الشوك والحسك فيشيران إلى الهراطقة إذ يحملون الأشواك من كل جانب. هكذا ترى خدّام الشيّاطين مملوئين بالمخاطر من كل ناحية. مثل هذا الشوك والحسك لا يقدّم للكنيسة ثمارًا.]

في اختصار أقول أننا في المسيح يسوع ربّنا نخلع أعمال الإنسان القديم من شوكٍ وحسكٍ، أي الأعمال الأرضيّة، لكي نحمل فينا العنب والتين الروحي. يصير كل منّا أشبه بحبة العنب التي ترتبط بإخوتها خلال الصليب (الفرع الخشبي) والتي يلزم أن تجتاز المعصرة وتحتمل الضيّق مع ذاك الذي قال: "قد دست المعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي أحد" (إش 63: 3). وليدرك كل واحد منّا - مهما بلغت مواهبه أو قدراته أو مركزه الروحي أو الاجتماعي أو رتبته الكنسيّة - أنه ليس إلا بذرة في التينة المقدّسة، لا قيمة لها في ذاتها خارج الجماعة المقدّسة، ولا عذوبة لها إلا بثبوتها في غلاف المحبّة الحلو الذي الحلو الذي يضم الجميع معًا بروح الاتفاق والسلام!

هذا هو ما يفرِّح قلب الله أن نصير له خمرًا روحيًا اجتاز المعصرة، وأن نسلك بروح الحب الكنسي الحق، وليس أن نحمل مجرّد شكليّات العبادة أو ألفاظ الإيمان النظري، لهذا يقول السيّد مؤكّدًا: "ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات. كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: يا رب يا رب أليس باسمك تنبّأنا؟ وباسمك أخرجنا شيّاطين؟ وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟فحينئذ أصرِّح لهم أني لا أعرفكم قط. اذهبوا عنّي يا فاعلي الإثم" [21-23].

يحدّثنا السيّد عن يوم مجيئه الأخير، حيث فيه يلتقي مع الأشرار لا كعريس مفرح بل كديّان مرهب، لا تشفع فيهم صلواتهم الطويلة الباطلة، ولا كرازتهم باسمه، ولا إخراجهم الشيّاطين وصنعهم قوات باسمه... فهو لا يعرفهم لأنهم فعلة إثم.

الله يعرف أولاده وخدّامه المقدّسين، ولا يعرف الأشرار فعلة الإثم، لهذا عندما سقط آدم في الخطيّة سأله: أين أنت؟ وكما يقول القدّيس جيروم: [كان الله يعرف أن آدم في الجنّة، ويعلم كل ما قد حدث، لكنّه إذ أخطأ آدم لم يعرفه الله، إذ قال له: أين أنت؟] كأنه لا يراه، لأن آدم اعتزل النور الإلهي والبرّ، فصار تحت ظلال الخطيّة وظلمة الموت.] يُعلّق القدّيس أغسطينوس على قول السيد: "لا أعرفكم" هكذا: [لا أراكم في نوري، في البرّ الذي أعرفه.] فالله لا يرانا في نوره عندما نطيل الصلوات باطلاً أو نكرز باسمه أو نصنع قوّات وإنما حينما نحيا معه وبه ونسلك طريقه. وفيما يلي بعض تعليقات للآباء في ذلك:

+ إنهم يتعجّبون لأنهم يعاقبون مع أنهم صنعوا معجزات، أمّا أنت فلا تتعجّب لأن كل المواهب إنّما أُعطيت لهم كهبة مجّانيّة لم يساهموا فيها من جانبهم بشيء، لذا فهم يعاقبون بعدل، إذ هم جاحدون مَن أكرمهم... لنخف أيها الأحبّاء ولنهتم بحياتنا جدًا فلا نُحسب أشرارا لأننا لم نصنع معجزات الآن. لأن المعجزات لا تفيدنا في شيء وكما أن عدم صنعها لا يضرّنا، إنّما نهتم بكل فضيلة. القدّيس يوحنا الذهبي الفم

+ كتابة أسمائنا في السماء برهان على حياتنا الفاضلة، أمّا إخراج الشيّاطين فهو هبة من المخلّص، لذلك يقول للذين يفتخرون بعمل القوات دون ممارسة الحياة الفاضلة: "لا أعرفكم"، إذ لا يعرف الله طريق الأشرار. القدّيس أثناسيوس الرسولي
+ + +
 
قديم 02 - 03 - 2018, 05:17 PM   رقم المشاركة : ( 20249 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,668

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

معجزة الطوباوي اسطفان نعمه لا تشبه أي معجزة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ولد الأخ اسطفان نعمه في آذار العام 1887 ودعي في المعموديّة يوسف. نشأ في عائلة مؤمنة مغمورة بالمحبة المريمية وحب الله والإنسان.
كان يوسف نعمه، سلوى العائلة وبهجة البيت وملاكه الحارس، فكان يهرب من الضجيج ويرغب في الانفراد والخلوة. وعندما كان يود الصلاة، يبتعد عن البيت لألا يسمع ما يعكّر صفو تأملاته وصلاته.
تعلّم مبادئ القراءة والكتابة والتعليم المسيحي مع أولاد الضيعة تحت الأشجار الموجودة بالقرب من كنيسة مار اسطفان الجميلة.
وكان الأخ نعمه يصلي بخشوع وانتباه، وكان ينبّه عائلته في كل ليلة للصلاة، فيمتلئ البيت بالروحانية. لم يكن يحب الاختلاط بالناس ولا السهرات، حتى لدى أقربائه بل يلازم بيته ويصلي ويطيل وقت الصلاة، ثم يرقد وهو يردد: الله يراني، الله يراني، يا عذراء بين يديك أسلم روحي، يا يسوع ومريم ومار يوسف عينوني وساعدوني عند ساعة مماتي.
كان يرعى المواشي في حقل مارسابا الذي أخذه كصومعة يخلو بها للصلاة كأنه ناسك عظيم. هناك في هذا المعبد القديم كان يحلّق في أجواء التأملات التي جعلته ينفرد تاركا العالم إلى الرهبانية اللبنانية المارونية، منبت وحقل القديسين والقديسات.
ولما توفي الأخ نعمه، ذاعت عجائبه.

ومن المعجزات التي حدثت في أيامه نذكر بحسب مريم زوجة طنوس نعمه:
“عندما دخل الدير كنت أسمع عنه الأخبار الطيبة وأنه راهب صالح ومثالي في حب السلام ويكره الخصومة بين الناس.
وأذكر أنه كان ذات يوم راجعا إلى الدير وكانت الأمطار غزيرة، فاعترضه قسم من أقربائه، منهم طنوس الياس نعمه كي يبقى في الضيعة، فرغم الأمطار الغزيرة واصل سيره إلى الدير، لأنه ما اعتاد أن ينام في الضيعة. وقيل إن أحد الأقرباء أمسك به كي يدخله إلى البيت، فوجد أنّ ثوبه ناشفا تماماً مع غزارة الأمطار”.
 
قديم 03 - 03 - 2018, 01:29 PM   رقم المشاركة : ( 20250 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,668

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الصوم هو فرصة للإنسان لكي يعالج فيها نقاط ضعفه
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأنبا أرميا، الأسقف العام، رئيس المركز الثقافي الأرثوذكسي، الصوم هو فرصة للإنسان لكي يعالج فيها نقاط ضعفه. "أجعل من فترة الصوم فرصة تعمل فيها من أجل معالجة ما بك من نقاط ضعف وتعديلها إذ لا يوجد إنسان بلا أخطاء أو عيوب" "أجعل الله من أهم أولوياتك ليكن سعيك في العالم في طريق المحبة، ومحبتك لله ومنها تنطلق لمحبة الآخرين".
 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025