04 - 06 - 2020, 06:39 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة العمل – الترجمة الحقيقية للحياة المسيحية
وبناء على ذلك، فلغة الإنجيل هيَّ لغة حوار بين طرفين، أي بين شخصين، الطرف الأول أو الشخص الأول هوَّ الله صاحب المبادرة، والطرف الثاني صاحب الاستجابة هوَّ الإنسان أي أنا على المستوى الشخصي، وكما يقول القديس تيخون من زادونسك من الناحية الاختبارية العملية: [كلما تقرأ الإنجيل فالمسيح نفسه هوَّ الذي يُكلمك. وبينما أنت تقرأ، أنت تصلي وتتحدث معه]. فأي حوار عموماً يتطلب طرفين وليس طرف واحد، أي شخصين، وحوار الله حوار مُلزم، أي يُعطي ويأخذ: فالله يعطي كلمته للإنسان، ودور الإنسان أن يتجاوب مع كلمة الله المعطاة لهُ؛ ففي لغة الحوار بين الله والإنسان: الله يتكلم والإنسان يسمع أولاً ثم يُجيب، وأيضاً الإنسان يتكلم والله يسمع ويُجيب؟؟ وأي جواب يطلب الله، سوى جواب الإيمان؟ فبدون إيمان لا يُمكن إرضاؤه، بل يستحيل على الإطلاق إرضاؤه (عبرانيين 11: 6)، وأي جواب يطلب الإنسان، إلا استجابة الله لصلاته، وبدون إيمان أيضاً تستحيل استجابة الصلاة مهما كانت حسب قصد الله في نظرنا. ===== وأبسط معنى للإيمان، هوَّ التصديق، أي تصديق الله بكل بساطة مثل بساطة الأطفال، أي تصديق كلمته كما هي، تصديق مطلق بلا مناقشة أو حوار، أو تفسير أو فلسفة أو تأويل أو تحوير أو حتى تأمل من جهة فكري وتصوري الشخصي عنها، أي ينبغي قبولها وتصديقها كما هيَّ في ذاتها، أي كما قالها الرب بنفسه، فالله يتكلم والإنسان يسمع ويؤمن، أي يُصدق ويثق فيه كالأطفال، فينطق بعد سماع الكلمة قائلاً ببساطة: آمين = "حقاً هكذا يكون" أو "بالحقيقة هذا سيكون فعلاً"، وطبعاً ذلك لأن الله الحق تكلم، ومعنى الله تكلم = فعل، لأن منذ البدء مكتوب: "قال الله.. فكان كذلك" (أنظر سفر التكوين الإصحاح الأول) |
||||
04 - 06 - 2020, 06:40 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة العمل – الترجمة الحقيقية للحياة المسيحية
===== ولكن، من الصعب جداً بل ومن المستحيل، أن يقول الإنسان "آمين" أي "حقاً هكذا يكون" ثم يُطيع ويخضع لكلمة الله، بدون إشراق النعمة على القلب، والاستعداد لحضور الله الحقيقي والرغبة الحقيقية في أن تتحقق أقوال الله كما هي فعلياً على أرض الواقع [لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ عَلَى الأَرْضِ كَمَا هِيَ فِي السَّمَاءِ – ترجمة تفسيرية متى 6: 10]، وتصير كلمته ذات مفعول في داخلي، أي تُغيرني على المستوى الشخصي فعلياً، في واقع حياتي اليومية. ===== فلا بُدَّ من أن يكون هُناك استعداد قائم في قلب الإنسان، الذي هوَّ الاستعداد والرغبة الحقيقية في التغيير الداخلي، أي أن تتغير حياته فعلاً، مهما كانت صالحه أو نافعة في نظره، أي يكون الإنسان أو أنا شخصياً، مشتاق للتغيير والتجديد حسب الصورة التي قصدها الله في المسيح يسوع ربنا، بل ومقتنع تماماً – في داخلي – بحتمية التغيير وضرورته. ===== وبالطبع الإيمان وحده بكلمة الله هوَّ الذي يُعطي التغيير الحقيقي لحياتنا: فأجاب قائد المئة وقال يا سيد لست مستحقا أن تدخل تحت سقفي، لكن قل كلمة فقط فيبرأ غلامي؛ وامرأة بنزف دم منذ اثنتي عشرة سنة وقد أنفقت كل معيشتها للأطباء ولم تقدر أن تُشفى من أحد، جاءت من ورائه ولمست هدب ثوبه لأنها قالت في نفسها إن مسست ثوبه فقط شفيت. ففي "الحال" وقف نزف دمها، فقال يسوع من الذي لمسني وإذ كان الجميع ينكرون قال بطرس والذين معه: يا معلم الجموع يضيقون عليك ويزحمونك وتقول من الذي لمسني، فقال يسوع قد لمسني واحد لأني علمت إن قوة قد خرجت مني (متى 8: 8؛ لوقا 8: 43 – 46، متى 9: 21) |
||||
04 - 06 - 2020, 06:40 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة العمل – الترجمة الحقيقية للحياة المسيحية
===== وذلك لأن الإيمان، هو دعوة في الأساس، قائمة على عمل، وهذا العمل عمل إلهي بالدرجة الأولى، وهو عمل قائم على عهد، وهذا العهد قائم على سفك دم، وهذا الدم المسفوك هو دم ابن الله الحي، دم يسوع المسيح، دم العهد الجديد، دم بصخة مقدسة، أُعطى في سرّ تأسيس عشاء مقدس على مائدة سماوية ملوكية خاصة، وهو هو دم الإفخارستيا؛ وهذا الدم هوَّ الذي يُطهر ويغسل، والذي به لنا قدوماً لله ولعرش النعمة لننال عوناً في حينه: فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي؛ ولكن إن سلكنا في النور كما هو في النور، فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل (أي) خطية. (العبرانيين 9: 14؛ 1يوحنا 1: 7) ===== فالله يدعونا دعوة عهد جديد لا كالعهد الأول الذي يختص بالجسد، لكي لا نعيش بحسب الجسد بل حسب الروح، وهذه الدعوة دعوة لإتباع خطوات الرب يسوع بالإيمان، خطوة بخطوة إلى الجلجثة والقبر ومن ثمَّ القيامة وخبرة الصعود المتواصل معه؛ أي أننا مدعوين بالإيمان، أن نتبع الرب يسوع المسيح ونترك كل شيء ونسير وراءه بإخلاص التلميذ المحب لمعلمة والملتصق والمتحد بل والملتحم به أشد التلاحم كرأسه وإلهه: وفيما يسوع مجتاز من هناك رأى إنساناً جالساً عند مكان الجباية اسمه متى فقال له اتبعني، فقام وتبعه؛ فقال بطرس ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك. (متى 9: 9؛ لوقا 18: 28) ===== فبحسب واقع إنجيل خلاصنا نحن مدعوين بالإيمان أن نسير في طريق الرب، وما هوَّ طريقه، سوى طريق الآلام والموت، أي طريق الرب طريق الصليب ونهايته القيامة، فلا قيامة بدون موت ولا موت بدون صليب، ولا صليب بدون إيمان، ولا إيمان بدون كلمة الله، ولا إصغاء لكلمة الله بدون استعداد للطاعة: أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أشربها أنا، وأن تصطبغا بالصبغة التي اصطبغ بها أنا، فقالا له نستطيع، فقال لهما يسوع أما الكأس التي أشربها أنا فتشربانها، وبالصبغة التي اصطبغ بها أنا تصطبغان. (مرقس 10 :38 – 39) |
||||
04 - 06 - 2020, 06:40 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة العمل – الترجمة الحقيقية للحياة المسيحية
===== عموماً الإيمان بكلمة الله، دون أن نتبع الرب فعلياً، ليس لهُ أي معنى أو قيمة تُذكر؛ فالإيمان لهُ متطلباته، ومتطلبات الإيمان الحي هوَّ سماع صوت الله وحفظ وصاياه التي تحمل قوة تنفيذها فيها، ولأن الإيمان ينشأ بدافع من الحب، أي حب الإنسان لله، فالحب وحده يدفع الإنسان بتلقائية بحفظ وصايا من يُحب: الذي عنده وصاياي ويحفظها، فهو الذي يحبني، والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأُظهر له ذاتي. (يوحنا 14: 21) وماذا يعنى حفظ الوصية، غير الطاعة: بالإيمان إبراهيم لما دُعيَّ (من الله) أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيدا أن يأخذه ميراثاً، فخرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي، بالإيمان تغرب في أرض الموعد كأنها غريبة، ساكنا في خيام مع اسحق ويعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه، لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله، بالإيمان سارة نفسها أيضاً أخذت قدرة على إنشاء نسل وبعد وقت السن ولدت إذ حسبت الذي وعد صادقا، لذلك ولد أيضا من واحد وذلك من ممات مثل نجوم السماء في الكثرة و كالرمل الذي على شاطئ البحر الذي لا يعد، في الإيمان مات هؤلاء أجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها وأقروا بأنهم غرباء ونزلاء على الأرض، فأن الذين يقولون مثل هذا يظهرون إنهم يطلبون وطناً، فلو ذكروا ذلك الذي خرجوا منه لكان لهم فرصة للرجوع، ولكن الآن يبتغون وطناً أفضل أي سماويا، لذلك لا يستحي بهم الله أن يدعى إلههم لأنه أعد لهم مدينة، بالإيمان قدم إبراهيم اسحق وهو مُجرب (test)، قدم الذي قبل المواعيد وحيده، الذي قيل له انه بإسحق يدعى لك نسل، إذ حسب إن الله قادر على الإقامة من الأموات. (عبرانيين 11: 8 – 19) ===== عموماً، الحياة المسيحية، حياة عمل، بمعنى أنها حياة تنحصر في عمل الإيمان العامل بالمحبة، المحبة التي بدورها تدفع الإنسان لتبعية الرب من كل قلبه، وتبعية الرب تُلزم الإنسان بالطاعة التامة لوصاياه. ===== إذاً فحياتنا المسيحية على مستوى الفعل والعمل كواقع، لا بُدَّ من أن تمتلئ من حياة الإيمان المدعمة بالطاعة الخالصة، وهذا الإيمان هوَّ الإيمان الحي الذي يجعلنا من خلال كلمة الله أن نتغير، ونندفع وراء الرب المسيح ملك المجد بأتباعه حتى الموت موت الصليب، حاسبين كل الأشياء (مهما ما كانت بل وكل شيء وأي شيء) خسارة ونفاية من أجل فضل معرفته، لأننا لن نستطيع أن نحيا مُجاهدين ضد الخطية حتى الدم، نحيا حياة الغلبة والنصرة، بحياة مقدسة شريفة (حسب إرادة الله) متفقة مع وصاياه الخفيفة والحلوة للنفس التي تحبه، طالما لم نحسب تلك الحسبة (أي حساب كل الأشياء خسارة) نستخدم العالم لكن قلبنا ليس فيه، أي نستخدمه على مستوى الخارج حسب حاجتنا الطبيعية، لكن قلبنا غير متعلق بأي شيء فيه على الإطلاق لذلك لا نحزن على خسارة ولا نفرح بمكسب. |
||||
04 - 06 - 2020, 06:41 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة العمل – الترجمة الحقيقية للحياة المسيحية
عموماً الإيمان بكلمة الله، دون أن نتبع الرب فعلياً، ليس لهُ أي معنى أو قيمة تُذكر؛فالإيمان لهُ متطلباته، ومتطلبات الإيمان الحي هوَّ سماع صوت الله وحفظ وصاياه التي تحمل قوة تنفيذها فيها، ولأن الإيمان ينشأ بدافع من الحب، أي حب الإنسان لله، فالحب وحده يدفع الإنسان بتلقائية بحفظ وصايا من يُحب: الذي عنده وصاياي ويحفظها، فهو الذي يحبني، والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأُظهر له ذاتي. (يوحنا 14: 21) ===== وماذا يعنى حفظ الوصية، غير الطاعة: بالإيمان إبراهيم لما دُعيَّ (من الله) أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيدا أن يأخذه ميراثاً، فخرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي، بالإيمان تغرب في أرض الموعد كأنها غريبة، ساكنا في خيام مع اسحق ويعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه، لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله، بالإيمان سارة نفسها أيضاً أخذت قدرة على إنشاء نسل وبعد وقت السن ولدت إذ حسبت الذي وعد صادقا، لذلك ولد أيضا من واحد وذلك من ممات مثل نجوم السماء في الكثرة و كالرمل الذي على شاطئ البحر الذي لا يعد، في الإيمان مات هؤلاء أجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها وأقروا بأنهم غرباء ونزلاء على الأرض، فأن الذين يقولون مثل هذا يظهرون إنهم يطلبون وطناً، فلو ذكروا ذلك الذي خرجوا منه لكان لهم فرصة للرجوع، ولكن الآن يبتغون وطناً أفضل أي سماويا، لذلك لا يستحي بهم الله أن يدعى إلههم لأنه أعد لهم مدينة، بالإيمان قدم إبراهيم اسحق وهو مُجرب (test)، قدم الذي قبل المواعيد وحيده، الذي قيل له انه بإسحق يدعى لك نسل، إذ حسب إن الله قادر على الإقامة من الأموات. (عبرانيين 11: 8 – 19) |
||||
04 - 06 - 2020, 06:41 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة العمل – الترجمة الحقيقية للحياة المسيحية
===== عموماً، الحياة المسيحية، حياة عمل، بمعنى أنها حياة تنحصر في عمل الإيمان العامل بالمحبة، المحبة التي بدورها تدفع الإنسان لتبعية الرب من كل قلبه، وتبعية الرب تُلزم الإنسان بالطاعة التامة لوصاياه. ===== إذاً فحياتنا المسيحية على مستوى الفعل والعمل كواقع، لا بُدَّ من أن تمتلئ من حياة الإيمان المدعمة بالطاعة الخالصة، وهذا الإيمان هوَّ الإيمان الحي الذي يجعلنا من خلال كلمة الله أن نتغير، ونندفع وراء الرب المسيح ملك المجد بأتباعه حتى الموت موت الصليب، حاسبين كل الأشياء (مهما ما كانت بل وكل شيء وأي شيء) خسارة ونفاية من أجل فضل معرفته، لأننا لن نستطيع أن نحيا مُجاهدين ضد الخطية حتى الدم، نحيا حياة الغلبة والنصرة، بحياة مقدسة شريفة (حسب إرادة الله) متفقة مع وصاياه الخفيفة والحلوة للنفس التي تحبه، طالما لم نحسب تلك الحسبة (أي حساب كل الأشياء خسارة) نستخدم العالم لكن قلبنا ليس فيه، أي نستخدمه على مستوى الخارج حسب حاجتنا الطبيعية، لكن قلبنا غير متعلق بأي شيء فيه على الإطلاق لذلك لا نحزن على خسارة ولا نفرح بمكسب. |
||||
04 - 06 - 2020, 06:41 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة العمل – الترجمة الحقيقية للحياة المسيحية
أولاً مقدمـــــــة 2 - عطش الإنسان إلى المطلقالإنسان – بطبيعة تكوينه الأساسي من جهة الخلق – عنده قناعة داخلية بالله مُثبته بيقين في أعماقه، لا بحسب المنطق العقلي، ولكن بالحس الباطني، وهذا الحس دفين في أعماق الإنسان من الداخل، وهذا واضح من سفر التكوين حينما تكلم عن خلق الإنسان على صورة الله ومثاله، فأثر ملامح الصورة الإلهية يظهر محفوراً عميقاً في أعماق القلب البشري بالرغم من التشويش الحادث بسبب الخطية والسقوط وخبرة حياة الشرّ التي عاشها، ويتجلى الله ويظهر في عطش الإنسان الداخلي واشتياقه لحياة أفضل مما يعيشها على الأرض، لأن ميله الطبيعي الذي يحركه نحو خالقه هو رغبته بأن يؤمن بما هوَّ أعظم وأمجد وأفضل، لأن اشتياقه الدائم وحنينه هو للحياة الأبدية، لذلك يقول المرنم: عطشت نفسي إلى الله، إلى الإله الحي، متى أجئ وأتراءى قُدام الله؛ يا الله إلهي أنت، إليك أُبكر، عطشت إليك نفسي، يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلاماء. (مزمور 42: 2؛ 63: 1) ===== فالإنسان – مهما من كان هوَّ – يعيش غير راضي أو قانع بحياته، لأنه لا يراها الحياة التي يتمنى أن يعيشها، أو أن هذه هيَّ طبيعة حياته المنحصرة في الحياة حسب الجسد، يأكل ويشرب لأن غداً يموت. لأنه دائماً يميل إلى تغيير حياته للأفضل والأحسن، بل وحتى أن وصل لما يتمناه ويحلم به في هذا العالم، يظل غير قانع، بل يطلب ويسعى جاهداً إلى ما هوَّ أفضل وأعلى منه، فهوَّ لا يتوقف ولا يشبع أو يقنع أبداً ويشعر أن هناك شيء عظيم ينقصه!! |
||||
04 - 06 - 2020, 06:42 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة العمل – الترجمة الحقيقية للحياة المسيحية
===== الإنسان يُعرَّف عند علماء النفس بأنه "حيوان قلق" وهذه الميزة يختلف بها عن سائر الكائنات الحية. فللحيوان رغبات غريزية محدودة بسيطة، سهلة الإرضاء جداً، لذلك ليست في حياته مشاكل، أما الإنسان فكلما حاول إشباع رغباته اشتدت وقويت فيه هذه الرغبات بشكل غريب مُتصاعد، وكأن هناك شيئاً في أعماق كيانه يحركه ويُعذبه، بل ويدفعه دون هوادة نحو ما يجهله ولا يعرف ما هوَّ على وجه التحديد! ===== ففي الإنسان صراع داخلي لا يهدأ أبداً، ما بين رغباته وبين ما يملكه، وبين إرادته وقدرته، بين ما يُريد أن يكونه وبما هوَّ عليه الآن، وبين ما في داخله وما في خارجه، فكلما حاول أن يقترب مما يرغبه أو ما يُريده ويحقق حلمه، كلما أبتعد ما يُريده عنه موقظاً في نفسه الخيبة والحسرة والحزن. وهذا ما يبدو في الخبرة اليومية وفي كل المجالات؛ فمثلاً: ===== (1) الإنسان الذي يسعى إلى المال أو مركز اجتماعي أو مجدٍ ما، لا يكتفي بما حصل عليه. بل كلما بلغ مقصده، طمع في المزيد جوعاً، لذلك لا يعرف قلبه راحة أو استقرار (فعين الإنسان لا تشبع) كما يقول المثل السائد. (2) والإنسان الذي يسعى إلى الجمال. فأمام منظر طبيعي بديع أو قطعة أدبية رائعة أو قصة جميله، أو لوحة فنية، أو قطعة موسيقية ساحرة، يشعر الإنسان، إلى جانب نشوة وابتهاج قلبه بها، بشيء من الحزن الشديد والشجن، ويزداد هذا الحزن بنسبة ما يكون جمال هذا المنظر أو قوة الإنتاج الفني. (3) خبرة الحب: فالحب، كما هوَّ معروف، ينتظر منه الإنسان سعادة مطلقة، دائمة، وبخاصة إذا كان هذا الإنسان رومانسي بطبعه، ولكن يجد هذا الإنسان – بعد قصة حب قوية وبعد أحلام رومانسية استمرت طويلاً – أنه أُصيب بخيبة أمل في حبه، فالمحبوب، مهما سمت صفاته، بشر وليس إلهاً، لذا لا يمكنه أن يقدم لمحبوبة السعادة الفردوسية الكاملة التي يحلم بها.===== |
||||
04 - 06 - 2020, 06:42 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة العمل – الترجمة الحقيقية للحياة المسيحية
إن للإنسان المحدود أماني متسعة جداً غير محدودة، يسعى جاهداً لكي يُحققها، رغم جهله بمصدرها وكيفية إشباعها شبع حقيقي، لذلك يعيش في توترّ وقلق دائم مصحوب بحزن داخلي موجع لنفسه جداً؛ ولكن ما هوَّ سرّ هذا التفاوت الصارخ الذي في حياة الإنسان؟ من أين أتى هذا السعي إلى اللامتناهي والمطلق، رغم أن خبرته في الحياة تُقدم لهُ المحدود الزمني أي المحدود النسبي، الذي لا يُشبعه على الإطلاق، بل يزيده قلق وجوع يصل لحد الحزن والضيق الشديد؟عموماً باختصار شديد ===== في الحقيقة، أن في أعماق الإنسان المحدود – في الداخل، في الباطن – صورة أصلية لكائن أعلى وأسمى غير محدود، لذلك فأن سعي الإنسان إلى المطلق هو تعبير عن حنينه وشوقه الباطني لأصل الصورة المُشكل عليها، فالصورة تحن لأصلها. ===== فخيبة الإنسان وخطأه الدائم، هوَّ أنهُ ما زال يبحث عما يروي عطشه ويُسدد احتياجاته في هذا العالم الحاضر الذي يفنى ويزول، أي بين المخلوقات والمجتمع، وطلب كل ما هوَّ على الأرض، فهوَّ يطلب حياة كريمة معقولة ليس فيها شرّ، ويتمنى عملاً يبعده عن التفكير بالشرّ ويجعله يحيا حياة كريمة ويسدد كل احتياجاته ليعيش حياة مادية كريمة، ويسعى لحياة تجعله يهدأ لنفسه أو حب يُشبع قلبه، وزوجة صالحة تهتم به وتُشبع احتياجاته النفسية والعاطفية، وكلها طلبات عادية ومشروعة لأي إنسان طبيعي، ولكن مهما ما كانت (هذا المتطلبات) عظيمة وشريفة، لكنها – في النهاية – تخص الأرض والحياة الطبيعية في المجتمع، ومع أن كل هذا طبيعي وجيد جداً لكل إنسان، لكن هيهات أن أشبع قلبه وأعطاه السلام الذي يرجوه والراحة التي يسعى إليها، أو يعطيه ضمان الحياة الأبدية. ===== |
||||
04 - 06 - 2020, 06:42 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة العمل – الترجمة الحقيقية للحياة المسيحية
فمصيبة الإنسان أنه يبحث دائماً عن الذي يروي عطش قلبه غير الله، أو بجانب الله، أو أنه يسعى بكل قوته في أن يصلي ويطلب بدموع من الله أن يُشبع قلبه في حياة مريحة وهادئة بلا صراع على الأرض، ولكن هيهات من أن يستريح الإنسان في الأرض مهما ما فعل أو صنع أو طلب. فكما أن المدّ يفترض وجود القمرّ الذي يجذب إليه ماء البحر، ولو كان مختفياً وراء السحب، كذلك مدّ النفوس وسعيها المتواصل إلى ما تُشبهه أو إلى ما خُلقت عليه، لأن من المستحيل أن يوجد في الوجود كله ما يُشبع النفس ويرويها غير المُطلق المتسع الذي لا حدود لهُ، أي الله الذي هوَّ وحده الذي يجذب النفس حتى ولو اختفى عن نظرنا وإدراكنا، لأن الله خلقنا متجهين إليه، لأنه هوَّ أصل الصورة المخلوقين عليها التي تجذبنا وتشدنا إليها مثلما يجذب المغناطيس المعدن، لأن ما يُشبع النفس فعلاً ويرويها ليس كل ما هو محدود لأنها لم تخلق على صورة المحدود الزمني، بل على صورة الأزلي الأبدي، لذلك لن تجد قلوبنا راحة ولا هدوء ولا سلام ولا سكينة ولا مسرة ولا سعادة حقيقية ثابتة لا تزول، إلا إذا استقرت في ملكها ورأسها المسيح الرب، بل والتصقت به التصاقاً حتى تصير معه روحاً واحداً. =====
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|