24 - 04 - 2019, 06:44 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس نيقولاي فيليميروفيتش
أسقفاً على زيخا
شعر نيقولاي بحنينٍ كبيرٍ لوطنه، فعاد إلى بلغراد حوالي نهاية الحرب العالميّة الأولى. هناك عمل على تأسيس الدّولة اليوغسلافيّة الجديدة وشغل منصب المترجم لرئيس الدّولة نيقولا باشيش. رغم كلِّ الضّوضاء في حياته أحسّ نيقولاي بأنّ شيئاً ما ينقصه. أراد أن يساعد الشّعب الصّربيّ بشكل ملموس. تحقّقت هذه الرّغبة في 12 آذار 1919، عندما انتخبته الكنيسة الصّربيّة الأرثوذكسيّة أسقفاً على زيخا وهو الكرسيّ التّقليديّ لرئيس أساقفة صربيا. كان عمره حينئذ 39 سنة. خلال تنصيبه أسقفاً بكى المغبوط نيقولاي كطفلٍ صغير. وهكذا بعد أربع سنوات من العمل الدّؤوب للحصول على الدّعم الإنكليزيّ والأميركيّ لصربيا، أصبح الأسقف نيقولاي مستعداً لأن يساعد الشّعب الصّربيّ الّذي مزّقته الخلافات والحروب. |
||||
24 - 04 - 2019, 06:44 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس نيقولاي فيليميروفيتش
رعى الأسقف نيقولاي قطيعه بمحبة خالصة وخفّف من آلامه حتّى تخطّى حدود زيخا إلى كلّ يوغوسلافية. عمل الأسقف بمثال الرّبّ يسوع المسيح، فشفى المرضى، وحرّر المأسورين روحيّاً ووعظ بالخلاص والحياة الأبديّة للنّفوس العطشى. نُقل، عام 1921، إلى مطرانيّة أوخريدا وبيتولا. وقد تمّ نقله لتسهيل اتِّحاد الكنيستين الصّربيّة والمكدونيّة الّذي نتج عن إنشاء المملكة اليوغسلافيّة الجديدة. زرع الأسقف نيقولاي في رعيته هذه بذور الوحدة، وزار أثينا والقسطنطينيّة وصولاً إلى الجبل المقدّس حيث استُقبِل كموحّدٍ للكنيسة الأرثوذكسيّة في رباط محبّة المسيح وكنيسته. ولدى عودته إلى بلاده كتب "صلوات قرب البحيرة" خلال فترة نقاهته بجانب بحيرة أوخريدا، ووضعه بأسلوبٍ شعريّ غنيّ، يشبه، على الصّعيد الرّوحيّ، كتابَ المزامير لداود الملك.
|
||||
24 - 04 - 2019, 06:45 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس نيقولاي فيليميروفيتش
مهمّة في الولايات المتّحدة
في هذه الفترة كانت الكنائس الأنكليكانيّة وعددٌ من الجامعات في الولايات المتّحدة تستدعيه مراراً ليلقي محاضرات هناك. في البدء، رفضت الحكومة الملكيّة اليوغسلافيّة ومجمع الأساقفة المقدّس إرساله، ثم، إذ كثرت الدّعوات، رضخا للأمر الواقع، وأُرسل الأسقف نيقولاي للمرّة الثّانيّة إلى أميركا. وصل الأسقف المغبوط نيقولاي إلى الولايات المتّحدة بنعمة الله في 24 حزيران 1921. كان لديه ثلاثةُ أهدافٍ رئيسيّة يجب تحقيقها فوراً: 1- إلقاء المحاضرات والمواعظ في الجامعات والكنائس بهدف تصوير الحرب العالميّة الأولى من وجهة نظر أوروبا الشّرقيّة. 2- جمع المساعدات لإنشاء مياتم في صربيا للأطفال الفقراء الّذين فقدوا ذويهم خلال الحرب العالميّة الأولى. 3- زيارة الرّعايا الصّربيّة الأرثوذكسيّة لشكرهم على دعمهم خلال الحرب، وإعداد تقرير عن إمكانيّة إنشاء أسقفيّة للكنيسة الأرثوذكسيّة الصّربيّة في أميركا. |
||||
24 - 04 - 2019, 06:45 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس نيقولاي فيليميروفيتش
نجح أسقفنا في كلّ مهامه: ألقى أكثر من مئة وخمسين محاضرة وموعظة خلال ثلاثة أشهر. رسالته كانت واضحة: لا تلوموا المزارع الأوروبيّ (في أوروبا الشّرقيّة) لنشوب الحرب العالميّة الأولى لأنّه ذو نفسٍ نبيلة، بل لوموا الطّبقة المثقّفة الّتي خلقتها الجامعات في أوروبا الغربيّة. فهؤلاء المثقّفون هم الّذين يضلّون. وقال إنّه إذا استمرّ الوضعُ على ما هو عليه في أوروبا الغربيّة فلا بدّ من نشوبِ حربٍ عالميّةٍ ثانيّة. وكم كان محقّاً في ما تنبّأ به! من أشهر مواعظه ما ألقاه في الكنيسة الأنكليكانيّة في كاتدرائيّة القدّيس يوحنّا اللاهوتيّ في مدينة نيويورك. عنوان عظته كان "الحجر الّذي رذله البنّاؤون"، فيها دعا أوروبّا الغربيّة إلى العودة إلى جذورها، إلى المنبع الحقيقيّ وصخرة ثقافتهم وحضارتهم بأكملها، أي إلى الرّبّ يسوع المسيح المخلّص، الّذي هو الطّريق والحق والحياة.
|
||||
24 - 04 - 2019, 06:45 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس نيقولاي فيليميروفيتش
كذلك دعا الولايات المتّحدة الّتي فيها غنى في الجنسيّات لأن تحملَ مشعلَ الأمل لكلِّ العالم. قال: أوروبا اكتشفت هذا العالم، فهل تستطيع أميركا أن تنظّمَه؟ هذا كرره آملاً أن تقود أميركا المسيرة للوصول إلى عالم يسود فيه السّلام والعدالةَ. في هذه المواعظ دُعي نيقولاي اسحق ثانياً والذّهبيّ الفم الجديد. وبفضل نشاطاته حصل على قبوليوغسلافية في هيئة الأمم المتّحدة.
كان الأسقف نيقولاي يشعر بألم فقدان القريب لدرجة أنّه كان يجهش بالبكاء لدى زيارته المياتم والفقراء المهملين في بلاده. وقبل قدومه إلى أميركا أسّس دارَ أيتامٍ في بيتولا سلّمه للأمّ أنّا. أطلق الأطفال الفقراء في يوغسلافية على الأسقف نيقولاي لقب "ديدا فلاديكا" أي الجدّ الأسقف، نظراً لعنايته الشّديدة بهم وتدخّله الشّخصيّ للتّخفيف من بؤسهم. رأس الأسقف نيقولاي الجمعيّة الصّربيّة للاعتناء بالأطفال في بلغراد، ومن خلالها جمع آلاف الدّولارات في الولايات المتّحدة ليهتمّ بهم. بهذه الأموال أسّس عدداً من المياتم الّتي أشرف عليها شخصيّاً. جمع فيها أكثر من ستمائة ولدٍ معوز وأمّن لهم حاجاتهم الماديّة والرّوحيّة مفيضاً عليهم من محبّة المسيح. |
||||
24 - 04 - 2019, 06:45 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس نيقولاي فيليميروفيتش
وفي ما يخصّ تأسيس كنيسة صربيّة أرثوذكسيّة في أميركا، كتب الأسقف نيقولاي رسالة فصحيّة عام 1921 لكلّ الرّعايا الصّربيّة في أميركا. رحّب بالبطريركيّة الصّربيّة الّتي أُعيد تأسيسها وعلى رأسها الكلّيّ قدسه ديمتري. كذلك رسم مخططاً لكيفيّة تأسيس مطرانيّة صربيّة في أميركا. الأسقف نيقولاي هو أوّل إكليركيّ صربيّ يسافر إلى أميركا، وعليه استقبلته الجماعات الصّربيّة بكثير من الاحترام. مشاكل الصّربيّين في أميركا كانت كثيرة:
- كان معظمهم يرعاهم كهنة روسيّون وهم لا يفهمون لغتهم. - لا أديرة لتقود الشّعب في الحياة الرّوحيّة. - لا معاهد لتعليم الكهنة والمؤمنين. - الزيجات المختلطة كانت تخلق الكثير من المفاهيم الخاطئة بين المؤمنين. - الانشقاقات في الكنائس الأرثوذكسيّة الأخرى خلقت جوّاً من عدم الثقة في إكليروس الكنيسة بين كلّ الأرثوذكسيّين في أميركا. - كانت الكنائس البروتستانتيّة والكاثوليكيّة بالإضافة إلى العلمنة الأميركيّة تتسلّل إلى حياة الكنيسة. - سوء تنظيم الرّعايا الصّربيّة: الصّرب في أميركا كانوا "كقفير نحل دون ملكة" على حسب قول أحد الإكليركيّين في رسالة موجّهة إلى البطريرك الصّربيّ عام 1921. |
||||
24 - 04 - 2019, 06:45 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس نيقولاي فيليميروفيتش
العودة إلى بلغراد
عاد الأسقف نيقولاي إلى بلغراد في 16 حزيران عام 1921، بعد ستّة أشهر من العمل الرّسوليّ في أميركا. حزن الصّربيّون في أميركا كثيراً لفراقه، والكلّ رجا عودته كأسقفٍ لأسقفيّة أميركا الجديدة. بعد عشرة أيّامٍ قدّم الأسقف نيقولاي تقريره عن رحلته إلى الولايات المتّحدة أمام المجمع الصّربيّ المقدّس. وفي 21 أيلول عيّن المطران برنابا الأسقف نيقولاي ليشغل مهام الأسقف في أميركا يعاونه الأرشمندريت مرجاريجي الّذي من دير راكوفيكا كمساعد إداريّ. هذا القرار أغضب الكثير من المؤمنين الأرثوذكس في صربيا، لأنّهم كلّهم، أساقفة وإكليريكيّين، رهباناً وعلمانيّين، لم يكونوا مستعدّين لأن يتخلّوا عن الذّهبيّ الفم الصّربيّ للصّربيّين في أميركا. شعر الأسقف نيقولاي بالانزعاج من الوضع القائم فذهب في زيارة حجّ إلى الأراضي المقدّسة في كانون الثّاني 1922، ومن هناك انتقل إلى الجبل المقدّس حيث أمضى الفصح في دير خيلاندار. كانت هذه الخلوة ضروريّة ليستعيد الأسقف نيقولاي نشاطه الرّوحيّ، مبتعداً عن المشكلات الملحّة وطالباً العون من أبيه السّماوي. |
||||
24 - 04 - 2019, 06:46 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس نيقولاي فيليميروفيتش
عاد الأسقف نيقولاي إلى صربيا لحضور اجتماع المجمع المقدّس، وكان قد أصبح مقتنعاً بأنّ الوضع في أميركا يتطلّب أسقفاً مكرّساً حياته بالكامل للكنيسة هناك. لذلك رشّح الأرشمندريت مارداريجي ليكون الأسقف الدّائم للكنيسة الصّربيّة الأرثوذكسيّة في أميركا. وافق المجمع على هذا التّرشيح وتمّ تنصيبه في 18 تشرين الأوّل 1923. هذا القرار لم يحرّر الأسقف نيقولاي من مسؤوليّاته الزّائدة فقط بل كان بمثابة بركة إلهيّة للمؤمنين في صربيا. هكذا كرّس الأسقف نيقولاي وقته للكتابة ولرعاية قطيعه ليغرس فيهم حبّ الرّبّ يسوع المسيح وكنيسته.
إلى جانب الكتابة، بدأ نيقولاي بإنشاء حركة دينيّة شعبيّة عُرفت فيما بعد بـ"حركة صلوات الله". كان يجتمع تلاميذُ الأسقف في المنزل الأسقفيّ ليُرنّموا الأغاني الرّوحيّة الّتي كتبها هو. التّسبيح باللّغة الصّربيّة بعث الفرح في قلوب الأرثوذكسيّين الصّرب المتحمّسين، الّذين حصلوا به على تجديدٍ روحيٍّ بعد الحرب الّتي أضنتهم، وأضحوا شعباً محبّاً لله بقيادة نيقولاي. الكثير من الكهنة والاكليركيّين حسدوا نيقولاي، لكنّهم عندما بدأوا بتحسّس النّموّ الرّوحيّ بين المؤمنين في رعاياهم، أخذوا يدعمونه في "حركة الصّلاة". هؤلاء الحركيّون كانوا يواظبون على قراءة الكتاب المقدّس، وإنشاد التّرانيم الروحيّة، وتلاوة الصّلاة باستمرار، وزيارة الأديرة، والاعتراف بخطاياهم، وحفظ الأصوام والمناولة المتواترة لجسد ربّنا وإلهنا يسوع المسيح ودمه. وشيئاً فشيئاًً أخذ الإكليريكيّون في مختلف الأسقفيّات يقتدون بالأسقف نيقولاي الّذي كان في طليعة التّجدّد الرّوحيّ الّذي حصل في الكنيسة الصّربيّة آنذاك. من خلال حركة الصّلاة، أُعيد إحياء الرّهبنة ودراسة اللاهوت، وهذا بان جليّاً في حياة القدّيس يوستينوس بوبوفيتش أحد أكبر اللاهوتيّين والنّسّاك في زمننا الحاضر. |
||||
24 - 04 - 2019, 06:48 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس نيقولاي فيليميروفيتش
تنبّأ بحصول كارثة!
عام 1927، وبناء لدعوة الجمعيّة الأميركيّة - اليوغسلافيّة، سافر الأسقف نيقولاي إلى الولايات المتّحدة للمرّة الثّالثة. هناك أمضى ثلاثة أشهر، تكلّم فيها في عددٍ من الجامعات والكنائس واستعلم عن تقدّم دير القديس سابا الصّربيّ في ليبيرتيفيل (Libertyville) الّذي أسّسه الأسقف المكرّس حديثاً مرداريجي. في طريق العودة إلى صربيا، عرّج على لندن، حيث بقي أسبوعين وتنبّأ بقرب حصول كارثة كبيرة. رسالته كانت واضحة: توبوا فقد اقترب ملكوت السّموات! ولدى عودته إلى أوخريدا باشر بكتابة عددٍ من الكتب أهمّها "توطئة أوخريدا" (The Prologue of Ohrid) وهو كتاب فيه قصصٌ قصيرة عن حياة قدّيسين وحوادث تبعث على التّقوى. يُذكر أنّه ضمن أسقفيّته في مدينة بيتولا، كان يوجد المعهد الصّربيّ للقدّيس يوحنّا اللاهوتيّ، أحد مدرّسي اللاهوت هناك كان الرّاهب الكاهن يوحنّا مكسيموفيتش (المعيّد له في 2 تموز) وذلك بين العامين 1929 و1934. أحبّ الأسقف نيقولاي الرّاهب يوحنّا كثيراً وقدّره وكان له تأثير إيجابي فيه. وكان يردّد للمقرّبين منه: إذا أردت أن ترى قدّيساً حيّاً: اذهب إلى بيتولا إلى الأب يوحنّا. (حياة الأسقف نيقولاي والأب يوحنّا سوف يتقاطعان مجدّداً في المستقبل، إذ إنّ كلاهما سوف يمضي آخر سني حياته في الولايات المتّحدة ويرقد هناك، وكلاهما سوف يُعلَن قدّيساً). |
||||
24 - 04 - 2019, 06:48 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس نيقولاي فيليميروفيتش
عام 1930، اشترك الأسقف نيقولاي في مؤتمر جمع كلّ الأرثوذكس من كلّ القوميّات عُقد في دير فاتوبيذي في جبل آثوس. وكان هو الصّوت الجامع لكلّ الأرثوذكس في العالم، وقاد الأتقياء من يونانيّين وصربيّين وروسيّين وبلغاريّين ليتجاوزوا كلّ انتماء عرقيّ قد يهدد رباطات المحبّة والوحدة في الرّوح بينهم. وباستخلاصه التّقليد الأرثوذكسيّ المقدّس من كلّ الكنائس الأرثوذكسيّة المحلّيّة استطاع أن يقدّم للغرب المسيحيّ صورة دقيقة وشاملة للإيمان القويم لكنيسة جامعة مقدّسة رسوليّة واحدة.
إبّان الحرب العالميّة الثّانية عام 1941، كان الأسقف نيقولاي يجمع رسائله في كتاب عنونه "الرّسائل الرّسوليّة"، وتشهد هذه الرّسائل للنشاط الإنجيليّ المذهل الّذي كان يقوم به واستيعابه الكامل والفريد للأزمات الرّوحيّة في زمنه. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|