(10) كهنوت المسيح والمؤمنين في العهد الجديد:
نجد العلاقة بين الكهنوت في العهد القديم، والكهنوت في العهد الجديد، مبنية بوضوح في الرسالة إلى العبرانيين، حيث نقرأ أن كهنوت هرون وخلفائه لم يكن به كمال (عب 7: 11 و23)، ولم "يقدر أبدًا بنفس الذبائح كل سنة، التي يقدمونها على الدوام أن يكمل الذين يتقدمون.. تلك الذبائح التي لا تستطيع البتة أن تنزع الخطية" (عب 10: 1 و 11). بل لم يكن كهنوت هرون –لذلك- هو الرمز لكهنوت الرب يسوع المسيح في عمله كرئيس كهنة، بل كان الرمز هو ملكي صادق لمركزه كملك وكاهن، ولأن الكتاب المقدس لم يسجل له بداية أيام ولا نهاية حياة، بل هو "مشبه بابن الله، هذا يبقى كاهنًا إلى الأبد.. له كهنوت لا يزول. فمن ثم يقدر أن يخلص أيضًا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله، إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم.. ابنًا مكملًا إلى الأبد" (عب 5: 1-10، 7: 1-28).
ومع ذلك كان كهنوت هرون ونظام الذبائح –في بعض النواحي- رمزًا لعمل المسيح الفدائي "فبعدما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة، جلس إلى الأبد عن يمين الله" (عب 10: 12)، فلم تعد هناك حاجة لكهنوت هرون ولا للذبائح الحيوانية، لأن المسيح قد أكمل عمل الخلاص كرئيس الكهنة "المكمل إلى الأبد" (عب 7: 28).
فكل مضامين كهنوت هرون قد تمت في المسيح كما جاء في الرسالة إلى العبرانيين، فهو: (1) رئيس كهنة عظيم (عب 4: 14). (2) مختار من الله (عب 5: 4). (3) شارك البشر في صورة اللحم والدم، كما كان "رئيس الكهنة مأخوذًا من الناس ولأجل الناس في ما لله" (عب 2: 14، 5: 1). (4) "رئيس كهنة قدوس بلا شر ولا دنس، قد انفصل عن الخطاة، وصار أعلى من السموات (عب 7: 26). (5) مقام من الله إلى الأبد (عب 7: 28). (6) قدم نفسه ذبيحة (عب 7: 27، 8: 3، مع 9: 12-14). (7) خادم للأقداس الحقيقية (عب 8: 2، 9: 6 و7 و11). (8) كان الكاهن يخدم تحت عهد، والمسيح جاء وسيطًا "لعهد أعظم قد تثبت على مواعيد أفضل" (عب 8: 6).
كانت الأمة في العهد القديم "مملكة كهنة، أمة مقدسة" (خر 19: 5، لا 11: 44 و45، عد 15: 40). ولكن هذا لم يتحقق في كل الشعب، بل في الكهنة الأمناء الذين كانوا يمثلون الشعب، وكانوا يخدمون وهم مطهرون طقسيًا. وفي العهد الجديد تم كل هذا بصورة أكمل في شخص المسيح وعمله. والكنيسة الآن هي "كهنوت ملوكي، أمة مقدسة" (1بط 2: 5 و9، رؤ 1: 6، 5: 10، 20: 6)، وهذه القداسة ليست قداسة طقسية، لأن المؤمنين الآن "مقدسون في المسيح يسوع"، "ومدعوون قديسيين" (1كو 1: 2)، وينمون في القداسة لأن الروح القدس يسكن فيهم (رو 8: 9-11). فجميع المؤمنين هم كهنة لتقديم "ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح" (1بط 2: 5- انظر أيضًا عب 13: 15 و16، رو 12: 1). ولأن جميع المؤمنين بالمسيح هم كهنة، ورئيس الكهنة العظيم، الرب يسوع المسيح ابن الله، جالس الآن "في يمين العظمة في الأعالي" فيستطيع كل مؤمن أن "يتقدم بثقة إلى عرش النعمة" (عب 4: 14- 16، انظر أيضًا أف 2: 18، 3: 12). وكما كان الكهنة يغتسلون في المرحضة قبل التقدم للخدمة في القدس، هكذا يُطلب منا أن "نتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان، مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير ومغتسلة أجسادنا بماء نقي" (عب 10: 19- 22 مع خر 29: 4، لا 16: 4).
* يُكتَب خطأ: كاهين، رئيمن كهمن، كاهانوت.