30 - 12 - 2016, 03:20 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الأستعداد للأبديه والسعى نحو الملكوت
كن ساهرًا في حروبك الروحية الإنسان الساهر على خلاص نفسه، ويرقب كل خطية تسعى إليه. وينتبه بكل يقظة قلب إلى الحروب الداخلية والحروب الخارجية التي تهاجم حياته الروحية. ولا يكون ساهرًا فقط، بل ساهرًا ومقاتلًا، حتى لا يهزمه الشيطان.. لأن كثيرًا من الخطايا، تسبقها الغفلة أو التهاون.. فيقع الإنسان في الخطية دون أن يشعر، وحينما يحس أنه قد سقط، يكون قد تورط وقطع شوطًا فيها. لذلك نحن نطلب من الله في تحليل صلاة الستار قائلين "امنحنا عقلًا مستيقظًا "أى منتبهًا غير غافل.. إن الشيطان يعمل في الظلام، حتى لا ندرك أعماله ولا نراها، لذلك سماه الرب "سلطان الظلام" (لو 22: 53). هذا الذي يعمل في الظلمة الخارجية، خارج الحياة مع الله.. وحالة غفلة النفس، هى حالة ظلمة لا ترى فيها ولا تدرك.. الإنسان السهران، لا يسهل أن يخدعه الشيطان.. وكما يقول القديس بولس الرسول عن الشيطان".. لأننا لا نجهل أفكاره" (2كو 2: 11). فالإنسان الساهر على حياته الروحية التي يفهم بها حيل العدو فيهرب منها. ولا يضربه الشيطان بضربة شمال، ولا بضربة يمين. وضربة الشمال هى التساهل والتسامح مع الخطية والتسيب. أما ضربة اليمين فهى المغالاة في الطريق الروحي، حيث يرتئى الإنسان فوق ما ينبغى (رو 12: 3). الإنسان السهران، يكون له فكر حكيم، يدرك حيل العدو.. لا يمكن أن تخدعه الخطية. ويستطيع أن يميز تمامًا الخطايا التي تلبس ثياب الحملان، وتأتى إليه في شكل فضيلة! يستطيع أن يميز القسوة التي تأتيه باسم الحزم، والشهوة التي تأتيه باسم الحب والعطف. يستطيع أن يميز حب مديح الناس، الذي يأتيه في هيئة تقديم قدوة صالحة لفائدتهم.. وهكذا في كل ما ثمر عليه من حروب في الخارج أو مشاعر في الداخل، يتذكر قول القديس يوحنا الحبيب (1 يو 4: 1): لا تصدقوا كل روح. بل أمتحنوا الأرواح، هل هى من الله ذلك لأن الشيطان كما قال الكتاب "بغير شكله إلى شبه ملاك نور" (اكو 11: 14). إن كان يدفع أحدًا للارتفاع إلى فوق في الروحيات، بغير حكمة وبغير مشورة، إنما يرفعه ليسقطه من علو، أو ليرميه في الكبرياء، أو يوصله إلى مستوى لا يستطيع أن يستمر فيه، ثم يوقعه في الكآبة والحيرة.. أما الإنسان الساهر فلا يقبل من الشيطان نصيحة، مهما كانت تبدو ومخلصه، أو تبدو نافعة!! وإن كان الشيطان يغير شكله إلى شبه ملاك نور، فإن هذا ينبهنا إلى نقطة هامة وهى أن: الساهر لا تخدعه الرؤى ولا الأحلام الكاذبة.. الذي في غفلة، قد تخدعه الرؤى والأحلام. أما الساهر على روحياته، فإنه يفحصها جميعًا، ويميز ما هو من الله ويرفض الباقى. الإنسان الساهر لا يدخل في حرب، وهو في حالة ضعف.. إنه لا يدخل في قتال مع الشيطان، إلا وهو مستعد له، سيفه على فخذه من هول الليل. أما إن أحس ضعفًا في دخله، فإنه يبعد عن كل حرب خارجية يثيرها الشياطين. بل يهرب من العثرات على قدر طاقته مهما كان تبدو خفيفة يهرب من الخطايا القريبة، ومن الخطايا البعيدة أيضًا.. من الخطايا التي يمهد الشيطان طريقها بعد أسبوع أو شهر أو سنة ويقول لنفسه في حرص الساهر.. أنا عارف أن هذه السكة سوف تتعبنى، ولو بعد فترة طويلة، فالبعد عنها من الآن أفضل وأسلم وهكذا يراقب نفسه من الداخل، ويراقب العدو من الخارج.. هذا هو الإنسان الساهر روحيًا: يراقب نفسه باستمرار، يراقب مشاعره وأفكاره وحالة قلبه الداخلية. فإن وجد في نفسه ضعفًا معينًا، أو ميلًا في وقت ما نحو الخطية، أو تراخيًا مقصودًا في مقاومتها.. يسرع بإقامة حالة طوارئ بالنسبة إلى نفسه، ويزيد من حراسته، ويدعمها بالوسائط الروحية العميقة.. ولا يترك العدو يهاجمه، وهو في حالة غفلة أو عدم إهتمام، أو وهو في حالة ضعف أو لا مبالاة. وكما قال أحد القديسين: الخطية يسبقها أما الشهوة، أو الغفلة أو النسيان. والساهر يحترس من هذه كلها. ويراقب نفسه ويرى ما يصلح لها، ويقويها، ولا يدعها تكون فريسة سهلة لعدو الخير المتربص لافتراسها وإن وجد الحرب شديدة عليه، يصرخ كما في قطع صلاة الستار "يا رب أنت تعرف يقظة أعدائى. وضعف طبيعتى أنت تعرفه يا خالقى. فاسترنى بأجنحة صلاحك، لئلا أنام نوم الوفاة". هذا ما يفعله الساهر الذي يراقب نفسه. لهذا أقول لكم في صراحة: راقبوا أنفسكم جيدًا، بدلًا من أن يراقبكم الناس. وكما قال القديس مقاريوس الكبير "أحكم على نفسك، قبل أن يحكموا عليك". إصحوا لأنفسكم. إفحصوا أنفسكم من الداخل. راقبوا أفكاركم ومشاعركم وحواسكم. وإن كان أحد منكم غير ساهر، ولم يراقب نفسه، وراقبه غيره، ووجد فيه عيبًا، ووجهه إليه، أو انتقده روحية، أن يرسل له الله من يوقظه. وكما قالالقديس يوحنا ذهبى الفم: الذى يبكتك على خطاياك، إتخذه لك صديقًا.. ينبغى أن تشكر مثل هذا، الذي لم يتركك مستمرًا في غفوتك، فأيقظك. كإنسان سائرًا في الطريق، وأمامه حفره سيقع فيها وهو غير ملتفت، فوجد من يجذبه بعيدًا عنها، ولو في عنف، ولو بكلمة شديدة. المهم أنه أنقذه، فيستحق الشكر نعم، إن كنت غافلًا عن نفسك، فأنت محتاج إلى من ينبهك فتصحو، قد يكون هذا الذي يوقظك أحد أعدائك أو أحد معارضك، فينتقدك، أو يشتمك، أو يهاجمك، بسبب أخطائك. لكنه على كل حال.. يوقظك.. فافرح بهذا الذي أيقظك، حتى لو فعل ذلك بعنف.. إعتبره مثل الملاك الذي دخل السجن، وضرب جنب القديس بطرس ليوقظه ولينقذه (أع 12: 7) واعتبره مثل الحوت الذي ابتلع يونان، لينقذه من الغرق في البحر.. لا يتضايق إذن إن أيقظتك إهانة أو مشكلة. قل كما قال المرنم في المزمور "خير لى يا رب أنك أذلتنى. لكي أتعلم وصاياك" (مز 119). إحتفظ بسهرك. وضع أمامك مبادئ تساعدك على استمرار السهر. مبادئ، أو آيات من الكتاب، أو أقوال قديسين، تضعها أمامك على مكتبك، أو تعلقها أمامك على الحائط، أو تكتبها في مفكرة لتقرأها باستمرار كأنها "سفر تذكرة" (ملا 3: 16). أو إتصل باستمرار بالأشخاص أصحاب المبادئ، أو أصحاب المستويات العليا في الروح، الذين كلما تراهم تصحو نفسك، وتتبكت على خطاياك، وتعود إلى سهرك.. ولا تغضب منه إطلاقًا. إنه يوقظك لتسهر. وإن كنت ساهرًا على خلاص نفسك، تراقبها، وتراقب كل خطية تحاربك، وتراقب الشياطين وكل خططهم وكل فخاخهم.. فهناك نصيحة أخرى هامة وهى: كما تراقب الخطايا الظاهرة، راقب أيضًا خطاياك الخفية: إهتم بهذا أيضًا.. أعنى الخطايا الساكنة في أعماق النفس من الداخل، الخطايا الكامنة في أعماق العقل الباطن، والتي تكون مصدرًا لأفكار وظنون وأحلام وحركات للنفس تبدو غير إرادية.. راقب كل هذه، حاول أن تعالجها. كن كحارس ديدبان على نفسك. وتمثل بالزارع الحكيم. الزارع الذي يكون متيقظًا تمامًا، منتبهًا لكل ما يحيط بزرعه وما يلزم له. يراقب الجو، الحرارة، البرودة، الرياح، العواصف، ويحمى زرعه من كل هذا. كما يرقب مواعيد الرى، ومواعيد السماد العضوى والكيماوى. ويرقب الآفات أو الحشرات التي تهاجهم الزرع، ويقاومها ويخلصه منها. كما يرقب ما يطرأ على زرعه من ذبول أو إصفرار، ويعرف سببه ويعالجه. ويرقب النمو والثمر.. هذا مزارع ناجح، ساهر على صالح مزروعاته. إفعل أنت أيضًا هكذا بالنسبة إلى حياتك، فتحيا.. إرقب كل خطية من بدايتها.. ولا تنتظر عليها حتى تكبر وتتأصل.. حالما تلمح الفكر الخاطئ آتيا من بعيد، اطرده أو اهرب منه، ولا تتركه يدخل إلى ذهنك ويتمكن. ولا تدع الفكر يتحول إلى شعور، ويضعف إرادتك. إنما كمراقب ساهر على حفظ تخومه، ينذر بالخطر إن رأى عدوًا آتيا من بعيد.. هكذا مع الخطية قاومها من قبل أن تسيطر. قل لها كما قال المرنم في المزمور "يا بنت بابل الشقية.. طوبى لمن يمسك أطفالك، ويدفنهم عند الصخرة" (مز 136). |
||||
30 - 12 - 2016, 03:21 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الأستعداد للأبديه والسعى نحو الملكوت
السهر الروحي وحفظ النفس وانتظار العريس السماوي طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه معنى السهر والغرض منه + مقدمة : [ فاسهروا إذاً لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان ] (مت25: 13) يقول القديس كيرلس الكبير : [ حينما يأتي المسيح، إذن، في مجد أبيه كما هو مكتوب، فإن سفينة الرسل، أي الكنيسة وكل من فيها، أي كل من يرتفعون فوق متاع الدُنيا بإيمانهم ومحبتهم لله، هؤلاء سوف يبلغون ” الأرض التي كانوا ذاهبين إليها ” (يو6: 21)، أي سيبلغون ملكوت السماوات كمن يبلغ ميناء آمناً … والمسيح نزل ليلاً من الجبل مفتقداً تلاميذه السهارى، وهم نظروه آتياً … والمسيح سينزل أيضاً – كما في الليل – من السماء والعالم نائم يغُّط في خطيئته الكثيرة … لذلك قال لنا أيضاً : ” اسهروا إذاً، لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم ” (مت24: 42)] + معنى السهر : أن لفظة يسهر بالمعنى المعروف عند الناس هو: اليقظة وعدم النوم في الليل، وقد تعني السُّهاد أي: ذهاب النوم عن المرء ليلاً = الأرق وكلمة سهر في اللغة العربية تعني: لم ينم الليل كله، أو بعض ساعات فيه .. وقد يفيد المعنى أيضاً: مواصلة العمل أو اليقظة أو الانتباه لكل هجوم قد يُشن من العدو أو مباغته قد يُفاجأ بها الجندي في المعركة، وهنا السهر يأتي بغرض الحماية والحراسة كدفاع عن النفس، أو تأتي بغرض السهر في انتظار السارق لئلا يأتي ويسرق … ومن هنا نشأ المعنى المجازي في الكتاب المقدس عن السهر، وهو في هذه الحالة يعني اليقظة، والكفاح ضد الخمول والإهمال الروحي للوصول إلى الهدف: [ طوبى للإنسان الذي يسمع لي ساهراً ( في حراسة مستمرة، متيقظ، منتبه، مترقب (watch) (أمثال8: 34) ) كل يوم عند مصارعي حافظاً قوائم أبوابي ] عموماً السهر هو اليقظة الروحية، وهي عكس الإهمال الروحي، فالسهر يعني الانتباه وعدم الكسل والتراخي، ويأتي بمعنى النهوض من السقوط مع عدم الكسل والتراخي مع ترقب دائم ومستمر لئلا يسقط الإنسان مرة أخرى … ويعني أيضاً القيام بحركة يقظة مستمرة نحو الحياة [ بانفتاح العين الداخلية ]: [ لا تحب النوم (استيقظ – كن نشطاً) لئلا تفتقر. افتح عينيك تشبع خبزاً ] (أمثال20: 13)، والمعنى يحمل قوة القيامة ليبصر الإنسان نور الله ويشبع به: [ استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيُضيء لك المسيح ] (أفسس5: 14) أن اليقظة والسهر لا يأتوا مطلقاً للإنسان إن لم يُقيم الله النفس أولاً ويعطيها حياة جديدة باسمه، وفيها يأتي تحذير الله من الكسل والتراخي والحث الدائم على السهر لحفظ النفس في يقظة مستمرة … فالله في بادئ الأمر يعطي صوته للقيامة أي دعوة للنهوض من عالم الموت أي بُعد النفس وانعزالها عنه هو ينبوع الحياة ومعطيها، فينادي بصوته لكل نفس قائلاً [صرخ بصوت عظيم لعازر هلم خارجاً (يو 11: 43)] ، وايضاً بعد هذا يفتح العين الداخلية [ فانفتحت أعينهما (مت 9: 30) ] … [ أنهضي أنهضي قومي يا أورشليم .. ] (إشعياء51: 17) [ استيقظي استيقظي ألبسي عزك يا صهيون ألبسي ثياب جمالك (فخرك) ] (إشعياء 52: 1) ومن هذا النداء الذي يأتي من الله في داخل النفس، يقوم الإنسان من رقاد الموت ويرى مجد الله في داخله فيسهر على حياته التي جُددت في المسيح يسوع، وصار خليقة جديدة فيه لابساً ثياب عُرس الملك السماوي، فيحرس حياته التي نالها كفعل نعمة مقدم من رب النجاة ، فيسهر على حياته في حراسة الله : [ ها أنا آتي كلّص في الليل طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه لئلا يمشي عرياناً فيروا عُريته ] ( رؤ16: 15) وهنا واضح الغرض من السهر وهو اليقظة والترقب بانتباه شديد لأجل حفظ الثياب لئلا يتعرى الإنسان من ثوب النعمة كما تعرى آدم من نعمة الله وافتضح أمره ووجد نفسه عرياناً مطروحاً بعيداً عن الله، لأن الخطية تعري الإنسان وتفضحه وتصنع له ثوباً من خزي وعار لا يُحتمل … |
||||
30 - 12 - 2016, 03:21 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الأستعداد للأبديه والسعى نحو الملكوت
عموماً نجد أن المعنى الهام في السهر = guard أي الحراسة، بمعنى أن يكون الإنسان متيقظ منتبه لأي هجوم قد يُشن عليه أو مُباغتة يُفاجأ بها، مع اليقين بأنه: إن لم يحرس الرب المدينة فباطلاً يسهر الحراس .
وفي ضوء هذا المعنى لابد من أن نتعرض لكلمات هامة للغاية وهما: [ السهو و الغفلة ؛ النسيان والذهول ] فالسهو: يكون لما يعمله الإنسان وما لا يعلمه، وقيل أن السهو في اللغة هو الغفلة أي عدم إدراك الشيء مع انه يوجد المعلومات الكافية عنه محفوظة في العقل، وفي العرف عند الناس، يعتبر السهو قسم من النسيان، فإنه فقدان الصورة الحاصلة في العقل، بمعنى أنه لو العقل كانت فيه صورة معينة أمامه وغفل عنها تحت أي سبب فسُهي عليه، ولكن يمكن تذكرها بسهولة، لذلك يعتبر السهو هو غفلة القلب عن الشيء بحيث ينتبه إليه بأقل تنبيه فيعود إليه سريعاً في حال تذكره، سواء بعامل داخلي أو خارجي ذكره بالشيء الذي سُهيَّ عنه … أما النسيان فيختلف عن السهو، لأنه فقدان الصورة الحادثة في العقل مع كل المعلومات اللازمة لتذكرها، وفي هذه الحالة لا يوجد إمكانية تذكر الشيء الذي نُسيَّ إلا بعد تحصيل جديد، فمثلاً إذا قرأنا موضوع علمي أو فكري عام، وتركناه فتره ونسيناه، فأننا لن نقدر أن نتذكر منه شيئاً إلا إذا عدنا إليه مرة أخرى لنقرأه من جديد، وفي هذه الحالة يُسمى ما نفعله التحصيل، وطبعاً التحصيل يحتاج لمجهود وتركيز شديد … وهكذا بالنسبة لحياة الإنسان مع الله حينما ينسى توبته ويتوغل في حياة الشر والفساد أيام وسنين فينسى كل معاملات الله وكلمته الحية ولا يستطيع أن يتذكر شيء إلا إذا عاد وتاب وبدأ من الأول مثل الطفل الذي يتعلم مبادئ الحروف الأولى … والذهول هو إصابة الإدراك بالحيرة والدهشة قد تأتي بسبب المباغتة، وعلى الأخص حينما يسرح الإنسان بفكرة في شيء آخر ويظهر أمامه شيء مفاجأ يباغته فتشل حركته ويصعب إدراك الشيء للوهلة الأولى لأنه تفاجأ به … وهذا مثلما يُفاجأ العدو الجندي في المعركة وهو غير متوقع أن يراه، فيُشل تفكيره ويصاب بالحيرة ويسهل أسره أو قتله … عموماً سها عن الشيء، أي غفل عنه. أو فعل شيئاً ما سهواً أي عن غفلة أو عن جهل، أي عن غير تعمد أو قصد. ونرى الله في العهد القديم قد هيأ وسيلة للتكفير عن خطايا السهو. وكانت الوسيلة هي تقديم ذبيحة معينة في كل حالة من هذه الحالات [ أنظر لاويين 4: 1 إلى لاويين 6: 7 ]، وهذا بالطبع أن هذه الذبيحة رمزاً لذبيحة ربنا يسوع المسيح الكاملة والكافية لغسل الضمير من الخطايا وتطهير كل مداخل ومخارج الإنسان . وبالطبع هذه الخطايا لم تكن بالضرورة عن غفلة، مثلما يسير الإنسان في الشارع مثلاً ويسقط في حفرة لم ينتبه لها، بل قد تكون عن غير قصد نتيجة ضعف أو تردد أو عن جهل. وكان يلزم بالطبع التكفير عنها لأنها لم تصدر عن قصد وتمرد أو عصيان شريعة الله بتبجح وعناد قلب قاصد يُسيء لله عن تدبير وتخطيط، أي عن قصد ونية واضحة … أما الذين يحتقرون كلمة الله ويرتكبون الشرّ عن عمد وقصد وبتدبير وتخطيط واضح أي مع سبق الإصرار والترصد، بمعنى الإصرار على الخطية وانتهاز الفرصة المناسبة لارتكابها بكل وعي وعن قصد واضح وإرادة تعي كل الوعي أنها ضد إرادة الله ومشيئته بل وعن عناد قلب تقسى بغرور الخطية، فلابد لمن مثل هؤلاء أن يُقطعوا من بين الشعب إذا لم يكن لهم علاج حسب المكتوب : [ وأما النفس التي تعمل بيدٍ رفيعة (مقتدرة) … فهي تزدري بالرب، فتُقطع تلك النفس من بين شعبها، لأنها احتقرت كلام الرب ونقضت وصيته. قطعاً تُقطع تلك النفس. ذنبها عليها ] (عدد 15: 30و31 ) فننتبه يا أحبائي ونسهر على حياتنا ولا ندع الخطية تتسرب لقلوبنا بل لنتوب عنها فوراً ولا نتأخر لحظة واحدة أو يعترينا التردد، ولا يستهين أحد بالشر معتقداً أنه ممكن يتوب فيما بعد، لأن من كثرة الخطية يتقسى القلب وتتحجر النفس، وعوض أن كان يفعل الإنسان الخطية سهواً أو عن ضعف، يتجبر ويصنعها بقصد وتدبير وتخطيط وبكل عناد، وتصير حياته من أسوأ لأسوأ وليحذر كل من يحب الله بكل قلبه من الخطية لأنه مكتوب: [ و لكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين (مت 24 : 12) ] |
||||
30 - 12 - 2016, 03:22 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الأستعداد للأبديه والسعى نحو الملكوت
أ – الغرض من السهر : [ وبينما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق إذا رجُلان قد وقفا بهم بلُباس أبيض وقالا: أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء؛ إن يسوع هذا الذي أرتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء … كانوا يواظبون بنفسٍ واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع ومع إخوته (أولاد الخالة والعمومة أو من زوجة يوسف السابقة حسب بعض المفسرين) ] (أعمال 1: 9 – 14) هُناك هدفان من السهر الروحي أظهرهم الكتاب المقدس بوضوح: [ ها أنا آتي كلصٍ. طوبى لمن يسهر (يترقب – ينتظر – يحرس – ينتبه – يقظ) ويحفظ ثيابه لئلا يمشي عُرياناً فيروا عُريته (أو عاره) ] (رؤيا 16: 15) الهدف الأول من السهر عند المؤمن الحقيقي هو اليقظة والانتباه مع حراسة نفسه بهدف الاستعداد للقاء الرب عند مجيئه الثاني أو ليوم انتقاله إليه من هذا العالم، فنحن كلنا نهتف مع الكنيسة في كل قداس كعلامة الاستعداد الداخلي وترقب مجيء الرب في أي لحظة قائلين: [ وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي آمين ]، وطبعاً هذا الهتاف يظل شكلي وبلا معنى عندنا إلا أن نعرف الرب فعلاً ونعيش حياة الاستعداد كل يوم مترقبين موعد مجيئه … أما الهدف الثاني الذي هو مصدره الهدف الأول، هو حفظ الثياب، التي هي برّ ربنا يسوع الذي نلناه بمعموديتنا وثبتناه بإيماننا الشخصي الذي نعلنه كل يوم في حياة مستمرة مع الله بكل تواضع القلب وطول أناه بتوبة مستمرة، مسرعين بحفظ وحدانية القلب، نحيا بسلام الله [ و انتم متأصلون و متأسسون في المحبة حتى تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو ] (أف 3: 18)، وأن نلبس الرب يسوع ولا نصنع تدبيراً للجسد لأجل الشهوات، فعلينا أن نحفظ ثيابنا ونُصلحها بالتوبة المستمرة والصلاة الدائمة وقراءة الكلمة لئلا نُصاب بالعُري، ويتكلم القديس مقاريوس الكبير عن خطورة العُري الروحي وكيف نلبس الثياب قائلاً : [ … ما أعظم فضيحة العُري، فإذا كان من جهة الجسد يُعتبر العُري فضيحة كبرى. فكم بالحري النفس العارية من القوة الإلهية التي لا تكتسي ولا تلبس اللباس الأبدي الروحاني غير الموصوف – وهو الرب يسوع نفسه بالحق – وهي مغطاة بالخجل والأهواء الرديئة، وكذلك كل من كان غير مكتسي بذلك المجد الإلهي يجب عليه أن يستحي ويقرّ بفضيحته كما استحى آدم من عُري جسده ومع أنه ستر نفسه بورق التين فلم يزل خجله مصاحباً لهُ لعلمه بفقره وعُريه جيداً. فعلى هذه النفس أن تطلب من المسيح الذي يُعطي المجد لكي يكسوها بالمجد في النور الذي لا يوصف، بدون أن تعمل لنفسها غطاء من الأفكار الباطلة أو تنخدع بزعمها أنها بارة من نفسها وأنها تملك لُباس الخلاص. فإنه أن استند أحد على بره ولم يتطلع إلى برّ الله، هذا البرّ الذي هو الرب يسوع ” الذي صار لنا براً وفداء ” (1كورنثوس 1: 30). كما يقول الرسول، فإن تعبه يصبح باطلاً لا ثمرة لهُ، لأن كل زعمه ببره يظهر في اليوم الأخير كلا شيء بل يكون مثل خرقة نجسة كما قال إشعياء النبي ” كخرقة الحائض كل برنا ” (إشعياء 64: 6). فلنطلب إذن من الله ونتوسل إليه أن يُلبسنا لبُاس الخلاص وهو الرب يسوع المسيح، النور الفائق الوصف الذي إذا لبسته النفوس لا تخلعه قط، بل تتمجد أجسادهم أيضاً في القيامة بمجد ذلك النور الذي تلبسه النفوس الأمينة الفاضلة منذ الآن حسب قول الرسول: “إن ذلك الذي أقام المسيح من بين الأموات سيُحيي أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم” (رومية 8: 11) ] (عظات القديس مقاريوس 20: 2 – 3 ) ويقول أيضاً : [ وكما أن العملة الذهبية إن لم تُطبع عليها صورة الملك لا يتم التعامل بها في السوق ولا تُخزَّن في الخزانة الملكية بل تُطرح خارجاً، كذلك النفس إن لم تحصل على صورة الروح السماوي في النور الذي لا يُنطق به، أي إن لم ينطبع عليها المسيح نفسه، ولا تكون لائقة للخزائن السماوية، بل يطرحها تجار الملكوت المهرة، الذين هم الرسل. فإن ذلك الذي دُعيَّ ولم يكن لابساً لبُاس العُرس طُرِدَ خارجاً كغريب إلى الظلمة الخارجية، لكونه لم يكن لابساً الصورة السماوية. هذه هي علامة الرب وختمه المطبوع على النفوس- أي روح النور الذي لا يُنطق به – وكما أن الإنسان الميت هو بلا نفع ولا فائدة لأهل المكان، لذلك فأنهم يحملونه خارج المدينة ويدفنونه، هكذا النفس التي لا تحمل الصورة السماوية صورة النور الإلهي التي هي حياة النفس، فأن هذه النفس تُطرد خارجاً، لأن النفس الميتة هي بلا فائدة لمدينة القديسين، لأنها لا تحمل الروح الإلهي المُنير. فكما أنه في هذا العالم تكون النفس هي حياة الجسد، هكذا ففي العالم الأبدي السماوي فإن حياة النفس هي روح اللاهوت, وبدون حياة الروح فإن النفس تكون ميتة ولا نفع فيها لسكان العالم السماوي ] (عظات القديس مقاريوس 30: 5) ويقول الشيخ الروحاني : [ إذا كان الله موجوداً في كل كائن وأنت خالٍ منه، فالحياة هي خارج عنك، فماذا ينفعك منها؟ وإذا كنت مملوءاً حياة وتشعر أن الله فيك، فالموت هو خارج عنك. فماذا يهمك ؟ أنظر أنت لتراه في ذاتك متحداً بك! فإذا نظرته حقاً فيك، فانزع ذاتك من نظرك لترى الله وحده يحيا كل حين فيك. لا يقدر إنسان أن ينظر الحُسن الذي داخله قبل أن يحتقر كل حُسن خارجه. ولا يُمكنه التمتع بالله قبل أن يحتقر العالم كله. من وضع نفسه ورذلها نال الحكمة من الله، ومن يحسب نفسه حكيماً زالت عنه حكمة الله. ] (حياة الصلاة الأرثوذكسية ص272: 418 – 419) |
||||
30 - 12 - 2016, 03:23 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الأستعداد للأبديه والسعى نحو الملكوت
ب – كيف يكون السهر والحفاظ على الثوب :
لا يُقصد بالسهر سهر الليل الطبيعي أو بمجرد تَذَكُّرّ أن الرب سيأتي سريعاً، أو بأي طريقة أخرى نظن أنها تجعلنا على استعداد لملاقاة الرب، لأن السهر الحقيقي هو التفرُس الدائم والمستمرّ في عريس النفس المحبوب يسوع : [ أما أنا فبالبرّ أنظر وجهك. أشبع إذا استيقظت بشبهك (سأمتلئ حتى الشبع بظهور مجدك) ] (مزمور 17: 15) فالمسيح – له المجد – هو النور: [ أنا هو نور العالم ] الذي يُشرق على النفس فيُنير الإنسان من الداخل حتى أنه يفيض فيه نوراً ويشع منه نصرته ، ولأن النور طبيعة الله فالإنسان نفسه يصير له نفس الطبع بإشراق النعمة في قلبه ، حتى عند استعلان مجد الله ينجذب إليه الإنسان، لأن المثيل يرتاح على مثيله، فالله هو ميناء النفس المستنيرة بنوره العظيم … ويقول القديس مقاريوس الكبير: [ كما أن الرسام يتفرس في وجه الملك أولاً ثم بعد ذلك يرسمه، وحينما يكون وجه الملك متجهاً نحو الرسام الواقف أمامه لكي يرسمه فحينئذٍ يرسم الصورة بسهولة وتكون حسنة جداً، ولكن إذا حوَّل الملك وجهه بعيداً لا يستطيع الرسام أن يرسم، لأن الوجه ليس في مواجهته، كذلك يفعل المسيح – الفنان الصالح – في أولئك الذين يؤمنون به ويتطلعون إليه ويُثَبْتون نظرهم فيه دائماً. فأنه حالاً يرسم صورة الإنسان السماوي على صورته. فمن روحه ومن جوهر النور نفسه – النور غير الموصوف – يرسم صورة سماوية، وينعم عليها بعريسها الصالح الذي يفيض بالنعمة والجمال، فأن كان الإنسان لا ينظر إليه ويتفرس فيه دائماً، ويغفل كل شيء آخر، فأن الرب لا يرسم صورته بواسطة نوره الخاص. لذلك ينبغي أن ننظر إليه ونتفرس فيه، بحيث نؤمن به ونحبه، ونرذل كل شيء غيره، ونأتي أمامه لكي ما يرسم صورته السماوية، ويرسلها إلى داخل نفوسنا. وهكذا إذ نلبس المسيح، فأننا ننال الحياة الأبدية ونحصل على يقين تام –هنا ومنذ الآن – وندخل في الراحة ] (عظات القديس مقاريوس الكبير 30: 4) فعلينا أن ننظر إلى وجه الرب دائماً لتنطبع صورته فينا: [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كو 4 : 6)؛ [ و نحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح ] (2كو 3 : 18) |
||||
30 - 12 - 2016, 03:23 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الأستعداد للأبديه والسعى نحو الملكوت
اليقظة وصية المسيح:
(أ) الوصية الأساسية التي يطلبها الرب ويوضحها لتلاميذه في ختام حديثه عن الأزمنة الأخيرة هي السهر الروحي: [ أسهروا وصلوا لأنكم لا تعلمون متى يكون الوقت … اسهروا إذاً . لأنكم لا تعلمون متى يأتي رب البيت أمساء أم نصف الليل ، أم صياح الديك ، أم صباحاً ، لئلا يأتي بغتة فيجدكم نياماً ( أي في خمول وإهمال روحي ) وما أقوله لكم أقوله للجميع ( لا يوجد استثناء ) اسهروا ] (لو13: 33 – 37) هنا يؤكد الرب شيئين ، الشيء الأول [ لا تعلمون متى يكون الوقت – لا تعلمون متى يأتي رب البيت ]، فهو يؤكد على عدم معرفة الوقت ولا الساعة وهي غير معلنة لمخلوق على وجه الأرض مهما كان قامته الروحية أو وضعه الرسولي أو الكنسي، فأي محاولة أو اجتهاد عن معرفة الساعة أو تحديد وقت مجيء الرب هي تضيع وقت وبحث بلا طائل، بل بلبلة ولغو كلام باطل ضد مشيئة الله التي أعلنها لنا في الكتاب المقدس، فكل من يبحث عن الأزمنة والأوقات، فلا يتعب نفسه لأن الرب أغلق على هذا الأمر تماماً ولم ولن يعرفه أحد قط مهما ما بلغ من ذكاء عقلي وقدرة على المعرفة والبحث الدقيق … والشيء الثاني [ اسهروا ] وهنا يؤكد الرب على السهر المقترن بالصلاة القلبية المرتفعة إلى الله من الأعماق بالتفرس في الحبيب ومشاهدة نور وجهه لينطبع على القلب ويشع من النفس، ويؤكد الرب يسوع من خلال كلماته أنه لا يوجد سهر بلا صلاة !!! ومع السهر والصلاة، هناك ترقب وتوقع لمجيئه على سحب المجد في أي لحظة أو وقت، ربما الآن ونحن نقرأ هذه السطور، ربما بعض لحظات ، ربما الغد أو أي وقت ما، أو ربما نرحل نحن عن عالم الشقاء في أي لحظة أو ساعة لا نعرفها أيضاً، لأن مَن منا يعرف ساعة مماته وانتقاله من هذا العالم !!! عموماً نحن لا نعرف متى يأتي رب المجد، ومجيئه يمكن أن يكون في أي لحظة مباغتة، وهذا يستدعي من التلميذ الأمين والابن المطيع لأباه، والعبد الصالح الأمين للسهر والصلاة، ولنا أن نسأل: كيف تكون الصلاة ؟!! الصلاة ليست تمتمة ببعض الكلمات المحفوظة أو المقروءة والتي تخرج من الفم بدون معرفة أو شعور أو مجرد طلب الاحتياجات المادية الأرضية أو المعجزات التي تخص الجسد ونسيان الحاجة الروحية وشركة الثالوث القدوس الإله الواحد الحي الذي نقف أمامه، ونظن أننا بذلك نصلي ونعمل الواجب الذي علينا، وبذلك نقضي أوقاتنا مع أنفسنا أو حتى مع الناس المتواجدين في الكنيسة أو أمام الأيقونة في البيت ولكن ليس مع الله في الصلاة فنخرج بلا ثمر !!! فالصلاة الحقيقية هي رفع العقل والقلب معاً إلى الله، هي تأمل في الله، هي حديث جريء مُقدم من المخلوق للخالق العظيم ، هي حديث الخاطي المنكسر بضعفه أمام الله القوي شافي أوجاع النفس الداخلية، هي وقوف النفس خاشعة أمام الملك العظيم في نسيان كامل لكل ما هو حولها، هي وقفة المتسخ بملوثات الخطية بإيمان وثقة في رب الخلاص فيغتسل من خطاياه فيحمل نير يسوع الهين وحمله الخفيف ، فيقبل الصليب وينطلق في طريق الموت عن الذات ليبلغ قيامة يسوع … الصلاة هي حياة شركة مع الملائكة والقديسين في النور، الذين أرضوا الله منذ بدء العالم، الصلاة هي إصلاح الحياة التي انحرفت، وهي القوة التي تدفع النفس بسهولة وتلقائية لعمل الرحمة، الصلاة مبددة الخوف من الموت، والصلاة رغبة مُلحَّة لا تهدأ نحو الخيرات السماوية لتتزين النفس بكل زينة الروح والتقوى لتكون صالحة لعرس الحمل لتجلس على مائدته المقدسة مع جميع القديسين ، هي استعاد القلب لملاقاة العريس وانتظار دائم لمجيئه سريعاً ، حتى أن من القلب يخرج هتاف مشترك مع جميع أحباء الله في الكنيسة: [ وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي آمين ] يقول القديس مقاريوس الكبير : [ ينبغي أن نُصلي، ليس بحسب أي عادة جسدية ، ولا بعادة الصمت ، أو أحناء الركب. بل ينبغي أن يكون لنا عقل منتبه وبهدوء ورزانة ننتظر الله ونتوقعه، إلى أن يأتي إلينا ويفتقد النفس من خلال كل مخارجها ومسالكها وحواسها. وهكذا فإننا حينئذٍ نكون صامتين حينما ينبغي الصمت ونُصلي بصوت مرتفع حينما ينبغي ذلك، ونُصلي بصراخ ما دام العقل مشدوداً بقوة نحو الله . وكما أن الجسد حينما يقوم بأي عمل، فأنه يكون منشغلاً تماماً بهذا العمل وكل أعضاؤه يساعد بعضها البعض، كذلك فلتكن النفس مقدمة ومعطاة للرب تماماً بالصلاة والمحبة نحو الرب. ولا تتشتت وتُحمل بواسطة أفكارها، بل تسعى بكل طاقتها وتجمع نفسها مع كل أفكارها مصممة على انتظار المسيح ملازمة إياه ] (عظات القديس مقاريوس الكبير 33: 1) |
||||
30 - 12 - 2016, 03:24 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الأستعداد للأبديه والسعى نحو الملكوت
(ب) مجيء الرب سيكون فُجائي كاللص: ” أسهروا إذاً لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم، وأعلموا هذا أنه لو عرف رب البيت في أي هزيع يأتي السارق لسهر ولم يدع بيته يُنقب ، لذلك كونوا أنتم أيضاً مستعدين لأنه في ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان ” (مت24: 42 – 44) ولذلك فإن المسيحي الحقيقي هو مالك نفسه كرب البيت، فينبغي أن يكون يقظ كالخادم الأمين الساهر على منزل سيده ليحفظه من اللصوص، فلا ينبغي أن يترك نفسه ويُهملها، فلا ينبغي أن يغلب عليه صفة الإهمال والخمول الروحي، بل ينبغي لهُ أن يسهر ويكون في يقظة واستعداد روحي دائم ليستعد لملاقاة الرب عند مجيئه في أي لحظوة أو ذهابه إليه؛ ويقول القديس الأنبا أنطونيوس الكبير: [ وأنا أطلب إليكم باسم ربنا يسوع المسيح أن لا تتوانوا عن حياتكم وخلاصكم، ولا تَدَعوا هذا الزمان الزائل يسرق منكم الحياة الأبدية، ولا هذا الجسد اللحمي الفاني يبعدكم عن المملكة النورانية. ولا هذا الكرسي الفاني الهالك ينزلكم عن كراسي محفل الملائكة. بالحقيقة يا أولادي إن نفسي لمندهشة وروحي منزعجة لأننا أُعطينا كلنا الحرية أن نكون قديسين ونحن بعمانا سكرنا بأوجاع هذا العالم. وأنا أطلب إليكم يا أولادي الأحباء أن تعلموا أننا خُلقنا ذوى سلطان على إرادتنا، من أجل ذلك تقاومنا أرواح الشر لتُضعف هذه الإرادة منا. ولكن ملاك الرب يُعسكر حول خائفية ومن جميع أحزانهم يُخلصهم ] (حياة الصلاة الأرثوذكسية ص 276: 455 – 456) عموماً، فاليقظة الروحية هي التي تُميز مسلك المسيحي الأمين في طريقه مع الرب. واليقظة تقوم على الحذر والحيطة والاحتراس من أي شيء يُطفئ حرارة عمل الروح القدس في القلب [ لا تطفئوا الروح (1تس 5 : 19) ] . وطبعاً هذا يتطلب الانسلاخ عن الملذات والشهوات والجري وراء الخيرات الأرضية بهدف التمتع بها كملذات للنفس حياتها الخاصة : [ فاحترزوا لأنفسكم لئلا تُثَقَل قلوبكم في خمار (ملذات) وسكر (خلاعة) وهموم الحياة فيُصادفكم ذلك اليوم بغتة (مجيء الرب) ، لأنه كالفخ يأتي على جميع الجالسين على وجه كل الأرض، اسهروا إذاً وتضرعوا في كل حين لكي تُحسبوا أهلاً للنجاة من جميع هذا المزمع أن يكون وتقفوا قدام ابن الإنسان – لو21: 34 – 36 ] يقول القديس الأنبا أنطونيوس الكبير : [ لا تعطوا من الآن لعيونكم ولا نُعاساً لأجفانكم حتى ترفعوا ذواتكم ذبائح طاهرة للرب وتستحقوا أن تُعاينوه ، لأنه بغير الطهارة لا يُمكن لأحد أن يُعاين الرب كما يقول الرسول ] (من رسائل الأنبا أنطونيوس) ويقول القديس مقاريوس الكبير : [ لذلك فلنُصلي لكي ننذبح بواسطة قوته ونموت عن عالم الظلمة الخبيث ولكي تموت فينا روح الخطية ، ولكي ما نلبس وننال حياة الروح السماوي ، وننتقل من حيث الظلمة إلى نور المسيح ، لكي نستريح في الحياة إلى مدى الدهور. فكما أن المركبات تتسابق في الميدان والمركبة التي تسبق الأخرى تصير لها مانعاً وحاجزاً وعائقاً ، حتى أنها لا تستطيع أن تتقدم وتصل إلى النُصرة ، وهكذا أيضاً سباق أفكار النفس والخطية في الإنسان . فإذا حدث أن سبق فكر الخطية (أي أن فكر الخطية هو سابق الفكر الصالح) فإنه يعوق النفس ويحجزها ويمنعها ، حتى أنها لا تستطيع أن تقترب إلى الله وتنال النُصرة منه ، ولكن حيث يركب الرب ويمسك بزمام النفس بيديه فإنه دائماً يغلب لأنه بمهارة يُدير ويقود مركبة النفس إلى ذهن سماوي مُلهم كل حين . وهو – أي الرب – لا يُحارب ضد الخبث إذ له دائماً القوة الفائقة والسلطان في نفسه ، بل هو يصنع النصرة بنفسه . ] ويقول القديس أنبا أنطونيوس : [ إذ قد بدأنا السير في طريق الفضيلة فعلاً وسرنا فيه ، وجب أن نزداد جهاداً … وأن لا يفلت الإنسان إلى ما وراء كامرأة لوط … لأن الإلتفات إلى وراء ليس إلا الشعور بالندم والتفكير في العالم مرة أخرى ] (من رسائل الأنبا أنطونيوس) ويقول القديس مقاريوس الكبير : [ فحينما تُخَصَص النفس ذاتها كلها للرب، وتلتصق به وحده وتسير بوصياه ، وتُعطي روح المسيح حقه من الإكرام – الروح الذي أتى عليها وظللها – فأنها تُحسب حينئذٍ أهلاً لأن تصير روحاً واحداً وتركيباً واحداً معه ، كما يقول الرسول : ” وأما من التصق بالرب فهو روحاً واحداً ” (1كو6: 17) ، أما إذا سَلَّمَ الإنسان نفسه للهموم أو لطلب المجد أو العظمة أو الكرامات البشرية ، وسعى وراء هذه الأشياء ، واختلطت نفسه وامتزجت بالأفكار الأرضية . أو ارتبطت وتقيدت بأي شيء من أمور هذا العالم ، فإن مثل هذه النفس إذا اشتاقت أن تنطلق وتنجو وتهرب من ظلمة الشهوات التي قيدتها بها قوات الشرّ ، فأنها لا تستطيع أن تهرب ، وذلك سبب محبتها لأعمال الظلمة ، ولأنها لا تبغض أعمال الشرّ بغضاً كاملاً . لذلك فلنعد أنفسنا للمجيء إلى الرب بكل عزم القلب وبإرادة غير منقسمة ، ونصير تابعين للمسيح ، لنُتمم كل ما يُريده ، و ” لتذكر وصاياه لنعملها ” (مز103: 18). ولنفصل أنفسنا تماماً عن محبة العالم ، ونربط نفوسنا بالرب وحده ،ويكون هو وحده شاغل عقولنا ويكون هو همنا (اهتمامنا) وهو مطلبنا وحده . وإذا كان يلزمنا أن ننشغل بعض الشيء أيضاً بالجسد ، وبالأشغال الموضوعة علينا ، ومن أجل الطاعة لله ، فحتى في هذه الحالات ، لا ندع عقلنا يبتعد عن محبة الرب وطلبه والشوق إليه ، وهكذا إذ نسعى ونجتهد بقلب يقظ ، سائرين في طريق البرّ بقصد مستقيم ، ونحترس دائماً لأنفسنا ، فإننا نال موعد روحه ، ونخلُص بالنعمة من هلاك ظلمة الشهوات التي تُحارب النفس ، فنصير حينئذٍ أهلاً للملكوت الأبدي ويوهب لنا أن نتنعم كل الأبدية مع المسيح ، مُمجدين الآب والابن والروح القدس إلى الأبد آمين ] |
||||
30 - 12 - 2016, 03:24 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الأستعداد للأبديه والسعى نحو الملكوت
أبناء النور وموقفهم من الظلمة
كل من يؤمن ويعتمد ويصير تلميذاً للرب ويحبه بكل قلبه ويبغض نفسه – [ إن كان أحد يأتي إلي و لا يبغض أباه و أمه و امرأته و أولاده و أخوته و أخواته حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون لي تلميذا (لو 14 : 26) ؛ من يحب نفسه يهلكها و من يبغض نفسه في هذا العالم يحفظها إلى حياة أبدية (يو 12 : 25) ] – ويحيا بالصلاة وقراءة الكلمة ويُمارس سرّ الإفخارستيا وسط الكنيسة ويأخذ جسد الرب ودمه مأكل حق كقوة شفاء وخلاص لنفسه ، فأنه يُدعى ابن النور : [ كان النور الحقيقي الذي يُنير كل إنسان آتياً إلى العالم … وأما كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه ] (يو1: 9 و12) وأولاد النور يتميزون بأنهم لا يعيشون في ظلمة شرّ وفساد العالم ولا يسلكون في ليل الزمان الذي هو الخطية وخداع حيل عدو الخير الحية القديمة [ و لكنني أخاف انه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح (2كو 11 : 3) ] يقول القديس مقاريوس الكبير : [ إن العالم مستعبد لشهوة الخطية، وهو لا يدري بها، وهُناك نار نجسة تشعل القلب وتنتشر إلى كل الأعضاء ، وتحث الناس على فعل الشهوات وعلى آلاف خطايا أخرى . فأولئك الذين يتركون أنفسهم أو يسمحون لأنفسهم أن تُداعبها الخطية . فيبتهجون بها ، إنما يرتكبون الخطية داخلياً في القلب . وهكذا يجد الشرّ مكاناً لهُ فيهم ، إلى أن يسقطوا في النجاسة المكشوفة … فأن الشهوات هي كجبال ثقيلة لا تُحتمل وفي وسطها توجد أنهار من التنانين والوحوش السامة والثعابين . وكما يَبتلع الحوت إنساناً في بطنه ، هكذا تبتلع الخطية النفوس . أنها لهب نار حارقة وسهام مُلتهبة من الشرير . فالرسول يقول ” لكي تقدروا أن تطفئوا سهام الشرير الملتهبة ” (أف6: 16) ، لأن الخطية وجدت لها مكاناً في النفس . ووضعت أساساتها حول النفس ] فأبناء النور في سهر دائم ويعيشون في حياة نورانية لا تعتريها ظلمة قط ، وهذه الحياة – إن كانت حقيقية – تظهر في سلوكهم النوراني : [ وهذا هو الخبر الذي سمعناه منه ونخبركم به : أن الله نور وليس فيه ظلمة البتة ، إن قلنا أن لنا شركة معهُ وسلكنا في الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحق ، ولكن إن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يُطهرنا من كل خطية ] (1يو: 5 – 7) [ لأنكم أنتم تعلمون بالتحقيق أن يوم الرب كلص في الليل هكذا يجيء لأنهُ حينما يقولون سلام حينئذٍ يُفاجئهم هلاك بغتة كالمخاض للحُبلى فلا ينجون ؛ وأما أنتم أيها الإخوة فلستُم في ظلمة حتى يُدرككم ذلك اليوم كلص ، جميعكم أبناء نور وأبناء نهار ، لسنا من ليل ولا ظلمة ، فلا نَنَمْ إذاً كالباقين بل لنسهر ونصحَ لأن الذين ينامون فبالليل ينامون ، والذين يسكرون فبالليل يسكرون ، وأما نحن الذين من نهار فلنصحَ لابسين درع الإيمان والمحبة وخوذة هي رجاء الخلاص ، لأن الله لم يجعلنا للغضب ( الدينونة ) بل لاقتناء الخلاص بربنا يسوع المسيح الذي مات لأجلنا حتى إذا سهرنا أو نمنا نحيا جميعاً معهُ لذلك عزوا يعضكم بعضاً وأبنوا أحدكم الآخر كما تفعلون أيضاً ] (1تسا5: 2 – 11) وفي رسالة القديس بولس الرسول لأهل رومية، يخاف على المؤمنين الأتقياء من أن ينخدعوا بظلمة هذا العالم ويزوغوا وراء أهواء الجسد الغير منضبط ، فيدعوهم للنهوض واليقظة للاستعداد لاستقبال الخلاص النهائي : [ هذا وأنكم عارفون الوقت (أو الزمان )، إنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم – هذا وإنكم لعالمين بأي وقت نحن : فقد حانت ساعة تنبهكم من النوم – فأن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا ، قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور ، لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر والسُكر ن لا بالمضاجع والعُهر ، لا بالخصام والحسد ، بل ألبسوا الرب يسوع ولا تصنعوا تدبيراً (تخطيط وترتيب) للجسد لأجل الشهوات ] (رو13: 11 – 14) فاليقظة هنا هي خروج من ليل العالم الحاضر الشرير إلى نهار الأبدية في المسيح يسوع ، أي الخروج من سيرة الخطية الحزينة المظلمة ، إلى سيرة أهل النور وبهجة القداسة وحرية أولاد الله وفرح الأبدية … واليقظة بلغة المسيح يسوع – له المجد – هي قيامة من الموت ، موت الخطية المفسد للنفس والمشوه لطبعها الإلهي [ أستيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيُضيء لك المسيح ] (أفسس 5: 14) ، وهنا يظهر فعل التوبة الإيجابي للعودة لحضن الله في المسيح [ أخاك هذا كان ميتاً فعاش ] (لو15: 31) عموماً ساعة اليقظة ومنهج حياة التوبة ، هي كل وقت وكل عمر وكل قامة ، وهي لائقة لكل خاطئ ، ومن هو الذي بلا خطية [ إن قلنا إنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا أن اعترفنا بخطايانا فهو أمين و عادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل إثم ] (1يو1: 8 – 9) |
||||
30 - 12 - 2016, 03:24 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الأستعداد للأبديه والسعى نحو الملكوت
السهر والحذر من التجارب اليومية:
يتطلب السهر الروحي الكفاح ضد التجارب اليومية وهذا لا يأتي إلا من واقع محبة النفس لظهور يسوع على سُحب المجد : [ عالمين هذا أنهُ سيأتي في آخر الأيام قوم مستهزئون سالكين بحسب شهوات أنفسهم وقائلين أين هو موعد مجيئه ، لأنهُ من حين رقد الآباء كل شيء باقٍ هكذا منذ بدء الخليقة … ولكن لا يُخفى عليكم هذا الشيء الواحد أيها الأحباء أن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة ، وألف سنة كيومٍ واحد . لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يُهلك أُناس ، بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة ، ولكن سيأتي كلصٍ في الليل يوم الرب ، الذي فيه تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر مُحترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها ، فبما أن هذه كلها تنحل ،أي أُناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مُقدسة وتقوى منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب … ] (2بطر3: 3 – 4 و 8 – 12) وفي الوقت الذي كان ينبغي أن يسهر فيه التلاميذ كانوا نياماً وهذا يُمثل الزمان الأخير : [ أسهروا وصلوا لئلا تدخلوا [ تقعوا ] في تجربة ، أما الروح فنشيط [ يُريد بنشاط ورضا كامل ] أما الجسد فضعيف [ واهن ، مرتخي ] ] (مت26: 41) فعلينا أن نكون متيقظين ، صاحين ومنتبهين ، غير متكاسلين في الجهاد والاجتهاد ضد التجارب المتنوعة صارخين إلى الرب ليلاً ونهاراً كما علمنا : [ ولا تدخلنا في تجربة لكن نجينا من الشرير ] (مت6: 13) |
||||
30 - 12 - 2016, 03:25 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الأستعداد للأبديه والسعى نحو الملكوت
السهر وأخطار الحياة الحاضرة
أن حياتنا الحاضرة مملوءة بالأخطار الشديدة بسبب أن العالم موضوع في الشرير ، ولا زال في كل تقدم – من جيل لجيل – يزداد سوء في الشر والفساد حتى أن الخطية تظهر خاطئة جداً ومدمرة لكل قوى الإنسان ، وتزداد في العنف والشدة وعلى الأخص في جيلنا هذا ، فينبغي علينا – لو كنا نؤمن إيمان حي بالمسيح الرب – أن نستيقظ ونسهر : [ أصحوا واسهروا (كونوا صالحين ساهرين ، حذرين ومنتبهين) لأن إبليس خصمكم كأسدٍ زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو (يبحث ويفتش عن فريسة له) ، فقاوموه راسخين (ثبات دائم بحزم ) في الإيمان .. ] (1بطر5: 8 و9) [ أسهروا أثبتوا في الإيمان كونوا رجالاً تقووا ] (1كور16: 13) والمعنى في الآية يأتي هكذا [ استيقظوا وانتبهوا بشدة صامدين بحراسة قوية ، ثابتين وراسخين في الإيمان ، كونوا شجعان بواسل كرجال أقوياء ، أو بمعنى أدق : تصرفوا كرجل جريء باسل وشجاع ] [ واظبوا (بمداومة) على الصلاة ساهرين فيها (مع) الشكر ] (كو4: 2) عموماً فأن السهر الروحي واليقظة من متطلبات الإيمان الجوهرية للاستعداد لمجيء الرب ثانية ، وهي الطابع والسلوك المُميز للمسيحي الحقيقي الذي ينبغي لهُ أن يُقاوم برودة وجحود الأيام الأخيرة الذي فيها تفشى الشر بصورة مركزة ، حتى أنه قُنن وصار هو الصحيح عند الناس بحجة الحرية … فعلى المسيحي أن يظل مستعداً كل لحظة لاستقبال المسيح له المجد الذي سيأتي سريعاً حسب وعده ، وينبغي الهروب السريع والدائم من الفساد الذي في العالم : [ كما أن قدرته الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة اللذين بهما قد وَهَبَ لنا المواعيد العظمى والثمينة لكي تصيروا شركاء الطبيعة ألإلهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة ، ولهذا عينه وأنتم باذلون كل اجتهاد ، قدموا في إيمانكم فضيلة ، وفي الفضيلة معرفة ، وفي المعرفة تعففاً ، وفي التعفف صبراً ، وفي الصبر تقوى ، وفي التقوى مودة أخويه ، وفي المودة الأخوية محبة ، لأن هذه إذاً كانت فيكم وكثُرت تُصيركم لا متكاسلين ولا غير مثمرين لمعرفة ربنا يسوع المسيح ] (2بط1: 3 – 8) يقول الشيخ الروحاني (القديس يوحنا سابا) : [ لا يدخل مدينة الروحانيين مَن كانت لهُ صلة بالعالم وبشهوة العالم . لا يدخلها إلا كل من يُمقت دالة الناس وغرور الحياة . فكل من انطلقت في نفسه وفي عظامه محبة المسيح ، لا يقدر أن يحتمل قذارة الشهوة المرذولة ، وكل من صار رفيق الملائكة واستُأنس بأسرارهم لا يقدر أن يحتمل عِشرة العالم ومكائده . وكل من ربط عقله بالله والانشغال بالسماء لا يستطيع أن يربط عقله بالعالم والانشغال بالأرض ] ( حياة الصلاة فصل 1: 421) |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|