31 - 07 - 2015, 06:47 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الوحي التام للكتاب المقدس
هذه التصريحات ما هي إلا تطبيق مباشر للتعابير الخاصة بخلق الله للكون على ذلك الزائر العجيب لعالم البشر المخلوق. فإذا راجعنا مطلع سفر التكوين الذي هو بداية سلسلة الوحي الإلهي نجد أن التعبير "في البدء" إشارة لنشأة العالم هو نفسه الذي يبدأ به الإنجيل حسب يوحنا، والواقع أن الترجمة اليونانية للتوراة المعروفة بالسبعينية استخدمت نفس الكلمتين اليونانيتين اللتين استخدمهما البشير يوحنا. المسيح إذاً كان الموضوع المباشر لوحي الكتاب المقدس منذ "البدء". فهو حسب (الرسالة إلى العبرانيين 1: 3) "حامل كل الأشياء بكلمة قدرته" عليه تنطبق كلمات الوحي الإلهي الأولى في سفر التكوين "في البدء ... خلق السموات والأرض، وقال ... ليكن نور فكان نور". كما أن كلمات الوحي الإلهي في نفس السفر والموجهة للحيَّة واعدة بمجيء المخلص لعالم البشر إثر سقوط الجنس البشري، هذه الكلمات هي أيضاً تشير للمسيح. قال الرب للحيَّة: "وأضع عداوة بينك وبين المرأة (حواء) وبين نسلك ونسلها (أي المسيح المولود من امرأة)، يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه" (سفر التكوين 1: 5).
لم يقتصر الانطلاق التدريجي في الوحي الإلهي تجاه هوية وقصد مجيء المسيح لعالم البشر على عبارات عامة ومركزة، بل أنه في الواقع يشكل المحور الرئيسي الذي يتكتل ويتجمع حوله الوحي والذي بدونه يفقد الوحي نفسه مغزاه وتجانسه. وهو أيضاً العمود الفقري الذي يرتكز عليه جسم ذلك الوحي والذي بدونه يفقد الوحي حيويته وقوته وجماله. ولكي يتضح لنا هذا الأمر علينا أن نتسائل عن القصد من توالي ذكر وقائع عصيان وتمرد الإنسان وفشله في إرضاء الله عبر صفحات أسفار ونبوات العهد القديم. ثم ماذا عن تلك التفاصيل العديدة المختصة بنظم الذبائح والطقوس الذبائحية؟ وماذا أيضاً عن تلك الشرائع وخاصة الوصايا العشر التي أوحى بها الله لشعبه في حقبة العهد القديم والتي لم يكن حتى من الممكن لفرد واحد التقيد بها بصورة كاملة؟ هذه وأمور أخرى يصعب حصرها في حيز كتابنا الضيق هذا، إنما تجد معناها ومرادها الحقيقيين في رؤيتها وتفهمها عبر شخص المسيح. بدونه تبقى أسئلة محيرة بدون إجابة. |
||||
31 - 07 - 2015, 06:47 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الوحي التام للكتاب المقدس
فالوقائع المتكررة في الأسفار المقدسة لفشل شعب الله أمام ربهم وطرح كل ثقة بنجاحهم بمعزل عنه خارجاً. من ثم التطلع بجدية وإخلاص لما يوفره ويرتبه هو لهم من مخطط وسبيل الخلاص. فلو أن شعب الله لم يذكر ولم يدرك تلك الحقائق المؤلمة عن إفلاسه الروحي وفشله الذريع لما كان هناك داع لتوقع مجيء المخلص والتحضير له. ذلك هو المفهوم الذي انطلق منه رسل المسيح في مطلع العهد المسيحي عندما طلبوا من الشعب اليهودي الإيمان بالمسيح.
قال الرسول بطرس في موعظته الشهيرة في يوم الخمسين لآلاف من مستمعيه اليهود: "يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم تعلمون. هذا أخذتموه مسلماً بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي أثمة صلبتموه" (سفر أعمال الرسل 2: 22-23). وفي مناسبة أخرى قال الرسول بطرس لجمع يهودي مماثل: "أيها الرجال الإسرائيليون ما بالكم تتعجبون من هذا ... إن إله إبراهيم وإسحق ويعقوب إله آبائنا مجد فتاه يسوع الذي أسلمتموه أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم بإطلاقه، ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل، ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من بين الأموات ونحن شهود لذلك ... وأما الله فما سبق وأنبأ به أفواه جميع أنبيائه أن يتألم المسيح قد تممه هكذا .. فإن موسى قال للآباء إن نبياً مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من أخوتكم. له تسمعون في كل ما يكلمكم به ... وجميع الأنبياء أيضاً من صموئيل فما بعده، جميع الذين تكلموا سبقوا وأنبئوا بهذه الأيام، أنتم أبناء الأنبياء والعهد الذي عاهد به الله آبائنا قائلاً لإبراهيم "وبنسلك تتبارك جميع قبائل الأرض". إليكم أولاً إذ أقام الله فتاه يسوع أرسله يبارككم برد كل واحد منكم عن شروره (سفر الأعمال 3: 12-26). |
||||
31 - 07 - 2015, 06:48 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الوحي التام للكتاب المقدس
أما استفانوس ففي معرض دفاعه عن نفسه ضد تهم زعماء اليهود الكاذبة بأنه جدف على كلمة الله قام بعرض سريع في الفصل السابع من أعمال الرسل لتحضير الله التاريخي لتجسد المسيح، وهو يبدأ بوعد الله لإبراهيم وينتهي بدور الملك سليمان التحضيري للمسيح مروراً بالأنبياء إسحق ويعقوب ويوسف وموسى وهارون ويشوع وداود مبرهناً أن الشعب مع كل ذلك تمرد وسعى وراء أهوائه الفاسدة ووراء آلهة الأصنام. في الأعداد (39-42) نقرأ: "لم يشأ آباؤنا أن يكونوا طائعين له (أي لموسى) بل دفعوه ورجعوا بقلوبهم إلى مصر قائلين لهارون إعمل لنا آلهة تتقدم أمامنا ...، فعملوا عجلاً في تلك الأيام وأصعدوا ذبيحة للصنم وفرحوا بأعمال أيديهم، فرجع الله وأسلمهم ليعبدوا جند السماء ...".
أعلن الرسول بولس بدوره لليهود في أكثر من مناسبة عن تحضير الوحي الإلهي التدريجي لقدوم المسيح. هذا ما نراه أيضاً في سفر أعمال الرسل الفصل الثالث عشر. من الواضح إذن أن الرسل كانوا قد فهموا تاريخ معاملات الله مع شعبه اليهودي من منظار التحضير لمجيء المسيح.. والعهد الجديد يكشف لنا سر وجود تلك القوائم المطولة والمكررة للأسماء والتي تبدو مملة للقارئ في أسفار العهد القديم. يكمن ذلك السر أيضاً في التحضير للمسيح لأنه لم يكن هناك داعٍ ولا معنى لتلك اللوائح بالأسماء لو أنها لم تكن بقصد الإشارة إلى صحة هوية المسيح وإثبات أصله البشري ، رجوعاً بإبراهيم وداود وغيرهما من الآباء الأوائل الذين وعد الأنبياء أن يأتي المخلص من نسلهم. هذا أمر مهم للغاية لأن وحي الله للبشر في الكتاب المقدس ذا طبيعة تاريخية واقعية تعتمد على الدلائل المشهود لها من شهود عيان. |
||||
31 - 07 - 2015, 06:48 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الوحي التام للكتاب المقدس
ما معنى تلك التفاصيل عن الطقوس الذبائحية في العهد القديم في الوقت الذي كشف فيه الأنبياء عن عدم جدوى تلك الذبائح بالنسبة لإرضاء الله ؟ يقول الرب على فم أشعياء في مطلع نبوته (أشعياء 1: 11): "بدم عجول وخرفان وتيوس ما أسر". بل أنه يواصل هجومه عليها قائلاً : "لا تعودوا تأتون بتقدمةٍ باطلة. البخور هي مكروهة لي..." (الآية 13). والنبي ميخا يتساءل: "هل يسر الرب بألوف الكباش بربوات أنهار الزيت، هل أعطي بكري عن معصيتي ثمرة جسدي عن خطية نفسي؟" (نبوة ميخا 6: 7).
مع كل نفي لوجود أي قيمة كفرية في تلك الذبائح بحد ذاتها فإن الله أوصى بها ووضع لها نظاماً منسقاً ومفصلاً في أسفار التوراة، لماذا؟ لو حاولنا فهم ذلك خارج نطاق الرمز والإشارة والتحضير لذبيحة المسيح الكفارية الحقيقية لكنا نضيع أوقاتنا ومجهودنا عبثاً. فوجود تلك الذبائح الرمزية كان مهماً بل لازماً وضرورياً لتوجيه البشر وفتح عيونهم لحاجتهم الماسة لعمل إلهي بدلي يؤدي إلى مغرفة خطاياهم. تلك الذبائح إنما كانت ترمز مسبقاً لما كان الله يحضر لعمله في المسيح. توضح الرسالة إلى العبرانيين ذلك بكل جلاء "... موسى بعدما كلَّم جميع الشعب بكل وصيةٍ بحسب الناموس أخذ دم العجول والتيوس مع ماء وصوفا قرمزياً وزوفا ورش الكتاب نفسه وجميع الشعب قائلاً : (هذا هو دم العهد الذي أوصاكم الله به) والمسكن أيضاً وجميع آنية الخدمة ورشها كذلك بالدم، وكل شيءٍ تقريباً يتطهر حسب الناموس بالدم وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة". (الرسالة إلى العبرانيين 9: 19-22). |
||||
31 - 07 - 2015, 06:48 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الوحي التام للكتاب المقدس
ويواصل الوحي الإلهي عبر الكتاب تعقيبه على ما عمله موسى موضحاً: "فكان يلزم أن أمثلة الأشياء التي في السموات تطهر بهذه وأما السموات عينها فبذبائح أفضل من هذه، لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقة (أي كما فعل كهنة العهد القديم)، بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا، ولا ليقدم نفسه مراراً كثيرة كما يدخل رئيس الكهنة إلى الأقداس كل سنةٍ بدمٍ آخر. فإذ ذاك كان يجب أن يتألم مراراً كثيرة منذ تأسيس العالم ولكنه الآن قد أظهر مرة عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه" (الرسـالة إلى العبرانيين 9: 23-26).
في الوقت الذي يؤكد فيه الوحي الإلهي بطلان الاتكال على تلك الذبائح الرمزية للحصول على مغفرة فعلية للخطية كما رأينا في نبوتي أشعياء وميخا نجد أن الله يقدم رسالة الرجاء عبرهم وعبر غيرهما من الأنبياء بإشارات واضحة وجلية للحل الذي كان سيأتي به المسيح المخلص المنتظر عبر آلامه وموته فيقول: "كلنا كغنمٍ ضللنا، ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه (أي على المسيح) إثم جميعنا" (نبوة أشعياء 53: 6)، ويقول الوحي الإلهي على لسان النبي ميخا: "من هو له مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب ... يعود يرحمنا، يدوس آثامنا وتطرح في أعماق البحر جميع خطاياهم، تصنع الأمانة ليعقوب والرأفة لإبراهيم اللتين حلفت لآبائنا منذ أيام القدم" (نبوة ميخا 7: 18-20). |
||||
31 - 07 - 2015, 06:48 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الوحي التام للكتاب المقدس
أما الشرائع الإلهية التي أوحى الله بها، خاصة الوصايا العشرة، فهي أيضاً يستحيل فهم وجودها في العهد القديم دون النظر إليها على ضوء قدوم المسيح لعالم البشر. ففي الوقت الذي فيه كان من الواضح أنه ليس بمقدور أي إنسان أن يعيش بموجبها بصورة كاملة أصر الله على أن تكون "هذه الكلمات التي أنـا أوصيتك بها اليوم على قلبك، وقصها على أولادك وتكلم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم واربطها علامـةً على يدك ولتكن عصـائب بين عينيـك واكتبها على قوائـم أبـواب بيتـك وعلى أبوابك" (سفر التثنية 6: 6-9).
ما هو القصد من ذلك؟ يفيدنا الوحي الإلهي بالعهد الجديد بالجواب. فالرب يسوع المسيح نفسه يقول: "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس (أي الشريعة) أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل ... فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى أصغر في ملكوت السموات. وأما من عمل وعلَّم فهذا يدعى عظيماً في ملكوت السموات" الإنجيل حسب (متى 5: 17-19)، وهو هنا يؤكد أهمية تلك الأحكام والوصايا. لماذا؟ السبب بسيط وهو أن شرائع الله تلعب دورها الحيوي في مواجهتنا بمطاليب عدالة وقداسة الله، وتذكيرنا بخطيئتنا وحاجتنا للتخلص منها عبر ما يوفره الله من خلاص. هذا ما تقوله بالحرف الواحد (الرسالة إلى غلاطية 3: 24-26) : "... لقد كان الناموس (أي وصايا وشرائع الله الأخلاقية) مؤدبنا (أي المعلم الذي يوجهنا) إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان، لكن بعدما جاء الإيمان (أي بمجيء المسيح) لسنا بعد تحت مؤدب، لأنكم جميعاً أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع". |
||||
31 - 07 - 2015, 06:48 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الوحي التام للكتاب المقدس
إذاً لا يصح ولا يحق لنا أن نحاول النظر إلى مضامين الوحي الإلهي في أي جزء من أجزاءه في معزل عن المسيح. صحيح أن هناك تفاوت في درجات الإشارة إليه. هذا صحيح ليس بين سفر وآخر فحسب، بل أيضاً بين جزء وآخر في نفس السفر. فبعض أجزاء الوحي الإلهي تبدو للتو مرتبطة ارتباطاً مباشراً بشخص المسيح، أمثال تلك هي النبوات التي خصته بتفصيل عجيب. والبعض الآخر يتطلب فهم ارتباطه بيسوع المسيح المزيد من التأمل والدراسة. لكن مهما تكن درجات الإشارة إليه في نصوص الوحي تبقى تلك النصوص مبهمة ومشوهة المعالم ما لم يتم فهمها في محيط مجمل بحث ما كشفه الله للبشر عبر التاريخ والذي يصل إلى قمته في شخص المسيح.
هذه بالذات هي الحقيقة الأساسية التي قصد الوحي الإلهي الكشف عنها في الرسالة إلى العبرانيين. فهي تبدأ هكذا: "الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي جعله وارثاً لكل شيء الذي به أيضاً عمل العالمين، الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته، وبعدما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا، جلس في يمين العظمة في الأعالي (1: 1-3). |
||||
31 - 07 - 2015, 06:48 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الوحي التام للكتاب المقدس
ليس المسيح بالنسبة للكتاب المقدس محور الوحي الإلهي فحسب، بل أنه أيضاً محور الخليقة والتاريخ البشري بأسرهما. هذا ما عبر عنه الرسول يوحنا في قوله: "نعلم أننا نحن من الله والعلم قد وضع في الشرير، ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق. ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية". (رسالة يوحنا الأولى 5: 19-20). فالكتاب المقدس يعادل ما بين معرفة المسيح ومعرفة الحق (أي الله)، بالنسبة للإنسان. لم يكن في الإمكان الوصول إلى الله أو التعرف عليه إلا في المسيح. هذا ما يكشف عنه الإنجيل. "الله لم يره أحد قط، الابن الوحيد، الذي هو في حضن الآب هو خبَّر" الإنجيل حسب (يوحنا 1: 18)، ... الواقع أن الرسول يوحنا يعرفنا بوحي من الله أن هذا هو السبب الذي من أجله وجد الإنجيل نفسه، فيقول: "الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه ولمسته أيدينا، من جهة كلمة الله (أي بخصوص وحي الله)، فإن الحياة أُظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا، الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به، لكي يكون لكم شركة معنا ..." (رسالة يوحنا الأولى 1: 1-3).
|
||||
31 - 07 - 2015, 06:49 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الوحي التام للكتاب المقدس
الوحي الإلهي في الأساس إذاً هو عن المسيح وعمله الفدائي. وكمال ذلك الوحي هو في إتمام المهمة التي أسندت إليه، تمجد اسمه عبر التاريخ البشري. فكلمة الله للبشر لا ترتكز في قصدها على شخص المسيح فحسب بل إنها في الواقع كانت في طور التكميل ولم تكتمل إلا بمجيئه هو، ليكشف عن الله بوضوح. فنبوة أشعياء كانت قد سبقت وأوضحت ذلك بضع مئات من السنين قبل مجيء المسيح بالقول: "يعطيكم السيد (أي الرب) نفسه آية (أي عجيبة) ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل (أي الله يحل وسطنا ويكون متكاتفاً معنا نحن البشر)" (نبوة أشعياء 7: 14)، وهذا هو مضمون بشارة الملاك للعذراء مريم في الإنجيل حسب (متى 1: 23)، ثم تقول نفس النبوة: "لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام" (نبوة أشعياء 9: 6).
وكما رأينا الوحي بطبيعته هو كشف الله عن نفسه وعن مشيئته للبشر، إنه كلمة الله للبشر، فالمسيح هو تلك الكلمة أو الوحي في صورة كاملة ونهائية: "والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمةً وحقاً" الإنجيل حسب (يوحنا 1: 14). إذاً لكل جزء من الوحي الإلهي دوره في توجيه البشر إلى تلك النقطة الحاسمة التي كانت مرتقبة منذ البداية، أي: "ملء الزمان" عندما كشف الله عن نفسه بأوضح أسلوب، أي في تجسد المسيح. ففي المسيح كشف الله عن ذاته بكل كمال، كشف عن قدرته وسلطانه عن جماله وبهائه ومجده، عن قداسته وعدالته وطهارته، كما كشف عن محبته ورحمته لبني البشر. |
||||
31 - 07 - 2015, 06:49 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الوحي التام للكتاب المقدس
حضَّرت أسفار العهد القديم لذلك المجيء وجهزت له المنصة الملائمة للاستقبال والتربة الخصبة للقيام بمهمته، أما الإنجيل (أي العهد الجديد) فقد أخبرنا بذلك الحدث التاريخي بالذات، مؤكداً لنا أن هذا هو محط أنظار كل الأجيال ومقصد كل التاريخ البشري.
قال العهد القديم انتظروا ذلك والعهد الجديد قال هذا: هو ذاك الذي كنتم تنتظرونه وها هو يكمل كل شيء. ما أشير إليه بكلمات وأحداث، من ظمأت إليه القلوب وتأججت لأجل قدومه الصدور، ها هو الآن قد جاء وأكمل مهمته بكل نجاح. لقد تم كل شيء في مخطط الوحي الإلهي "قد أكمل" الإنجيل حسب (يوحنا 19: 30). "بالإجماع عظيم هو سر التقوى، الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح، تراءى لملائكته، نودي به بين الأمم، أومن به في العالم، رفع في المجد" (الرسالة الأولى إلى تيموثاوس 3: 16). |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
فالمسيح، حامل الوحي التام والنهائي |
فالمسيح، حامل الوحي التام والنهائي |
نحترم الوحي اللفظي للكتاب المقدس |
امثال شعبية وما يقابلها من امثال فى الكتاب المقدس |
استخدامك للكتاب المقدس |