حرب الشيطان ومجابهته
-إنكم تكشفون لي الآن أنّ الشيطان يشنّ علينا حرباً شرسة لا هوادة فيها. فلِمَ يحاربنا؟ وما هي خطته ومنهجه؟ إني لمتعطش جداً إلى سماع رأيكم، لكي نتمكن من تمييز ما يبدي الناس من آراء في موضوع((الصلاة))، لأنّ للعديدين مزاعم كثيرة ولا نعلم ما فيها من أفكار من صنع الشيطان ودسّه.
لم ينبس الناسك القديس الحكيم ببنت شفة وعاد إلى كتاب((الشيوخ)) وفتحه ببطء ثم أخذ يقرأ: ((سأل الإخوة الأنبا أغاثون قائلين: أيُّ فضيلة – أيها الأب – في الديار النسكية تحتاج إلى مزيد من الجهد؟ فقال لهم: إنكم ترأفون بي. لكني أعتقد أنه ليس هناك جهد يضاهي جهد صلاة المرء إلى الله، لأنّ الملاحَظ دائماً أنّ المرء إذا أراد الصلاة تألَّب عليه الأعداء لكي يُثنوه عن تأدية هذا الإلتزام، فإنهم يعلمون أنّ الصلاة هي أعظم العوائق التي تعترضهم. وإذا تحمّل المرء أي طريقة حياة بصبر وثبات إكتسب راحة. غيرأنّ الصلاة تتطلّب منا جهداً حتى آخر نسمة من حياتنا)).
وأغلق الشيخ الكتاب ثم استأنف الكلام فقال: لقد علَّم الآباء القديسون قائلين إن لم يكن الإنسان واقعاً تحت سيطرة الشيطان بصورة دائمة، فهو كيفما كان الحال قائم في نطاق نفوذه وفي متناول هجماته الجنونية. والأبالسة يحومون دائماً حول النفس يترصدونها ويحاولون إسقاط المؤمن في الخطيئة عن طريق الحواس تارة(عندما يكون موضوع الخطيئة قريباً) وعن طريق المخيلة طوراً (حين يكون الشيء أوالشخص بعيداً) ويحاول الأبالسة إسقاطه أيضاً عن طريق ثورات الجسد. والإنسان بكامله نفساً وجسداً يمكن أن يقع تحت تأثير الشيطان والتردّي في أسره.