موقف الاصلاح البروتستانتي والرد عليه :
كان لوثر يؤمن في بداية الأمر بسر التوبة ويؤيده ويمارسه شخصياً ويشجع المؤمنين على ممارسته معتبراً إياه "تجديداً لسر المعمودية". إلا أنه فيما بعد، طبّق كلام الإنجيل الخاص بالربط والحل بسر المعمودية لا بسر التوبة.
فقد كان يؤيد الإقرار بالخطايا إنما لأي مؤمن وليس للكاهن بالذات لأن كل مؤمن يحمل بذور الكلمة، والكلمة هي التي تدفع الخاطئ للتوبة، ومن ثم لا داعي إلى وساطة الكنيسة خاصةً وأن المسيح لم يؤسس فعل الإقرار للكاهن كما أن الكنيسة الأولى لم تألف الإقرار للكاهن .وبحسب رأيه، ليس الكاهن هو من يحلّ الخطايا بل المسيح، وما الكاهن سوى خادم يقرّ بأن الله قد غفر فعلاً خطيئة من يؤمن بأن الله غفرها وإن لم يكن تائباً توبة كاملة .
غير أن لوثر كان يؤمن أن الإقرار بالخطيئة المميتة أمر نافع ومفيد، إنما غير ضروري إذ أن الله يرحم ويغفر مباشرةً. أما الإقرار بالخطايا العرضية فلم يوافق عليه وكذلك لم يوافق على ضرورة نيل سر التوبة مرة واحدة في السنة على الأقل .وكان يقول أن جملة "مغفورة لك خطاياك من لدن الله " هي جملة إخبارية لا تعني الحل من الخطيئة.
ينطلق لوثر في تحليله للتوبة من الشريعة إلى الإنجيل ومن التوبة إلى الإيمان، بمعنى أن الشريعة تولد التوبة بالخوف، خوف الضمير أمام الله الديّان. أما الإنجيل فإنه يولد الإيمان الذي هو رد الإنسان على الله. وجميع الأعمال الذاتية كالإقرار والتكفير هي رياء وتبرير ذاتي ومجهود ذاتي فاشل. ولخذص مجمل نظرته بالآية: "توبوا وآمنوا بالإنجيل".. فالإيمان بالإنجيل هو الغاية القصوى.