![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأسقفية: وفي سنة 372 انقسمت كبادوكية بأمر الامبراطور إلى مقاطعتين. فكانت عاصمة المقاطعة المسامة المقاطعة الثانية هي مدينة "تيان" Tyane وقد سبب هذا الانقسام في اضطراب الكنيسة. كان "أنثيم" Anthime أسقف "تيان" يزعم لنفسه الرئاسة على كبادوكية الثانية. وقد اعترض القديس باسيليوس على هذا الزعم، وطالب بحقه كرئيس أساقفة قيصرية، واحتج بأن التقسيم المدني لا يحرمه من صفته كأسقف كبادوكية. ولكن محبته للسلام جعلته فيما بعد يقدم بعض التنازلات، فوافق على اعتبار كرسى "تيان" كعاصمة كبادوكية الثانية. وفى إبان النزاع، اختار القديس باسيليوس صديقه أغريغوريوس، أسقفا على مدينة "سازيم" Sasimes، التي كانت في المقاطعة موضوع النزاع. وعارض اغريغوريوس هذا الاختيار. ولكنه نزل عن رأيه أخيرا لسلطة أبيه مجتمعة مع سلطة صديقه. وقد رسمه القديس باسيليوس في قيصرية في منتصف سنة 372. وبعد الاحتفال رجع إلى نزنيز لينتظر فرصة مناسبة لدخول الكنيسة، ولم تسنح هذه الفرصة أبدًا. فقد منعه أنثيم من الدخول إلى "سازيم"، وكان أسقف "تيان" هذا قد كسب الحاكم الجديد لصالحه، وكان مسيطرا على كل الوسائل. وغذ نسب القديس باسيليوس إلى القديس اغرغوريوس بأنه ينقصه الشجاعة، رد عليه الأخير بأنه ليس على استعداد للتطاحن من أجل كرسي الأسقفية. على أنه قد حكم إبروشية والده الذي كان مسنا وتوفى في السنة التالية. وقد قام بنفسه بإلقاء خطاب التأبين في جنازة هذا الشيخ الوقور، في حضور القديس باسيليوس والقديسة "نن" Nonne والدته، ول تمكث على قيد الحياة إلا قليلا بعد موت زوجها. وكان في نيته بعد موت والده، أن يحيا حياة الوحدة، تلك الحياة التي كانت دائما موضوع أخر رغباته، ولكن الناس ضغطوا عليه كيلا يترك كنيسة نزنيز، فوافق على العناية بها إلى أن يعين أساقفة المقاطعة راعيًا جديدًا. |
||||
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() توحد القديس في سلوكية: وإذ كان هذا الأمر يطول جدا، وكانت صحته من جهة أخرى مضطربة جدًا، اعتزل في سنة 375 في سلوكية عاصمة ايزوريا Isaurie. وقضى خمس سنوات في هذه المدينة. وكانت وفاة القديس باسيليوس في سنة 378 ضربة قاسية بالنسبة له. وقد ألف، تكريما لصديقه، اثني عشر خطابًا. وقد ألقى خطابًا عن سيرته بعد بضعة سنين أي سنة 381 أو سنة 382. وإذ توقف الاضطهاد بسبب موت الإمبراطور فالنس Valens الذي هلك بائسا في سنة 378، أعيد أخيرا السلام إلى الكنيسة. وبحث الأساقفة سبل إصلاح الفساد الذي صنعته الهراطقة، ولهذا عقدوا عدة اجتماعات، وقرروا إرسال بعض العلماء الغيروين إلى المناطق التي نال فيها التعليم محنة قاسية. وبين كل الكنائس، لم يكن أسوأ حالا من كنيسة القسطنطينية التي كانت تئن منذ أربعين سنة تحت حكم الأريوسيين الطغاة. وقد ظل فيها المؤمنون القلائل الذين تبقوا بغير راع وبدون كنيسة أيضا لمدة طويلة. بعد ذلك توجهوا إلى القديس اغريغوريوس وكانوا يعرفون مقدار علمه وبلاغته وتقواه، واستحلفوه بإلحاح أن يهب لمعونتهم. ودعوا أساقفة كثيرين للانضمام إليهم، حتى يتأكدوا ن تحقيق مطالبهم. وظلت هذه الالتماسات كلها بدون جدوى بعض الوقت، فلم يكن هناك شيء يستطيع أن يخرج القديس اغريغوريوس عن عزلته في سلوكية، حيث كان يعيش في حالة تجرد كامل عن العالم. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ولكنه أضطر أخيرا أن يرضى. وحضر إلى القسطنطينية في سنة 279 ليرأس هذه الأبروشية، ولو أنه لم يكن من أبنائها. واستقبلوه أولا استقبالا سيئًا. فإذ كان أهالى تلك المدينة محبين للجاه، احتقروا الرجل الذي نال منه السن، ذلك الصلع ذا الوجه الذي ارتسم عليه الإجهاد بفعل الدموع والنسك، اللابس الملابس الخشنة، وتبدو عليه في كل شيء إمارات الفقر المدقع. وجعله الأريوسيون موضع استهزائهم: فأهانوه وشوهوا سمعته أيضا بافتراءاتهم. وبات الاضطهاد عاما، فكان الكبار مثل عامة الشعب، يعاملون رجل الله بأسلوب غير لائق مطلقًا، ولكنهم في ذلك لم يأتوا بشيء سوى إعطائه الفرصة لكي يكتسب لقب "المعترف" المجيد. وأما القديس اغريغوريوس عند بعض أقاربه في القسطنطينية وكان الأرثوذكسيون يجتمعون في بيتهم لكي يسمعوه،وبعد بعض الوقت، حول هذا البيت إلى كنيسة ودعاها باسم "اناستاسية" أو قيامة، لأنه هناك بعث الإيمان القويم إلى الحياة، بعد المعاناة من الضغط في هذه المدينة حتى ذلك الوقت، ونقرأ للمؤرخ "سوزومين" Sozomine بمعجزة. يقول هذا الكاتب أن امرأة حامل سقطت هناك من الدور العلوي فماتت، ثم قامت حية بفاعلية صلوات المؤمنين المجتمعين. وحوالى سنة 460، كما يروى المؤرخ "تيودورية" Theodoret، وضعوا في الكنيسة جسد القديسة أناستاسية البتول الشهيدة، بعد أن نقلوه من "سيرميخ" Sirmich إلى القسطنطينية. ويلزم ألا نخلط بين هذه الكنيسة وبين كنيسة أخرى تحمل نفس الاسم، كانت في أيدي "النوفاتيين" Les Novatiens, في عهدي قسطنطين ويوليانوس الكافر كما يروى ذلك سقراط Socrates. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() وكان القديس يواظب على التعليم في كنيسته الصغيرة، وكان يرى بفرح أن عدد سامعيه يزداد يوما بعد يوم. واجتمع الأريوسيون والآبوليناريون مع هراطقة آخرين مختلفين يحاولون أن يعرقلوا نجاح خطبه، فيفترون عليه بإدعاءات فظيعة، ويلجأون أيضًا إلى العنف. فكانوا يطاردونه في الشوارع ويرمونه بالحجارة، ويقدمونه للمحاكمة كأنه مشاغب يؤلب الشعب. وكان القديس يتحمل في صبر كل هذه المعاملة الشريرة. وكان يقول لنفسه: "صحيح أن جانب الهراطقة هو الأقوى، ولكنى أجاهد من أجل إحقاق الحق، وأنهم إذا كانوا يمتلكون الكنائس، فإن لي الله بجانبي. فلا يفتخرون بعد لأن الشعب في جانبهم، أن الملائكة معي يحرسونني ويدافعون عنى". كان الراعي القديس يحيا حياة الوحدة التامة، لم يكن يقوم أبدا بأية زيارات، إلا إذا اضطرته الشرورة إلى ذلك، يكرس الوقت الذي لم يكن يقضيه في وظائفه الكهنوتية للتأمل. ولم يكن يقتات إلا بالخبز وبعض الأعشاب المصلحة بقليل من الملح. وتظهر على خديه آثار الدموع التي كان يسكبها بصفة شبه مستمرة. كان يتوسل ليلا ونهارا إلى الله أن يرحم رعيته. ولم يسع كل الذين كانوا يسمعونه إلا أن يتعجبوا من علمه العميق، ومن الموهبة النادرة التي جعلته يصير الحقائق المعنوية ملموسة، معبرا عن نفسه تعبيرا واضحا بديعا. وغذ استأنس الهراطقة والوثنيون رويدا رويدا، ذهبوا ليستمعوا إليه على سبيل الفضول، وبالرغم من آرائهم المسبقة عنه، اضطروا أن يعترفوا بسمو استحقاقه. وأصبحت نتيجة مقالاته ملموسة بالأكثر يوما بعد يوم. فازداد عدد المؤمنين أكثر فأكثر. وفتح اتباع الضلال عيونهم، يتعجلون العودة إلى حضن الكنيسة. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() وكان هناك أمر واحد يحزن القديس: وهو التصفيق الذي يصاحب سماع مقالاته، فكان يخشى أن ينال سم المجد الباطل من قلبه، وجعلته هذه الخشية لا يتكلم جهرا إلا بشيء من الاستيحاء والحرج. وما كان أحد يأخذ عليه مطلقا مدحه للعظماء. فهدف مقالاته الوحيد هو شرح الإيمان القويم وتنبيته، وإصلاح ما فسد من الأخلاق. كان يقاوم بشدة عادة النزاع حول المسائل الدينية، وكانت منتشرة جدا في ذلك الوقت في القسطنطينية. وبحسب رأيه، أن طريق الخلاص مغلق أمام كل الذين يتملكهم روح النزاع. ولا يمكن للمرء أن يذهب إلى السماء بغير حفظ وصايا الرب. فيلزم لذلك الحرص على أداء الصدقة، وممارسة الضيافة، وزيارة المرضى وخدمتهم، وأن نصلى ونئن على خطايانا، ونخضع حواسنا، ونضبط ثورات الغضب، ونصون على الدوام لساننا، ونقمع شهوة الجسد. واجتذبت فضائل القديس اغريغوريوس ومواهبه عددا كبيرا من الناس حوله. فترك القديس (جيروم) إيرونيموس St. Jerome صحارى سوريا لكي يحضر إلى القسطنطينية، واصطف ضمن تلاميذ القديس، ودرس الكتاب المقدس تحت إشرافه، وكان يفخر بأنه يتتلمذ على يد مثل ذلك المعلم، كما نرى ذلك في كتاباته. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() وحرك النجاح العجيب لأعمال القديس اغريغوريوس حسد إبليس وجنوده. وكان من هؤلاء الأخيرين رجل مسيحي زائف يشتغل بالفلسفة، هو "مكسيم" Maxime الشهير المولود بمدينة الإسكندرية. هذا الماكر المملوء من عدم الحياء والكبرياء الذي تمتاز به شيعته، ذهب إلى القسطنطينية حيث استطاع أن يخفى بريائه الاستعلاء الذي كان يأكل صدره، ورزائله الأخرى أيضا. واقنع أولا بعض الأشخاص ووقع القديس اغريغوريوس في شراكه فمدحه في سنة 379. ربح هذا الذئب المتنكر في شكل حمل علمانيين كثيرين وكاهنًا شريرًا، وبعد ذلك جعلهم يرسمونه سرا أسقفا على القسطنطينية. ووضع عيه الأيادي بعض الأساقفة المصريين الذين كانوا قد حضروا منذ وقت قصير لهذا الغرض. وأثارت رسامته غير القانونية كل العالم. وكتب البابا "داماز" Damase خطابا يعرب فيه عن الألم الذي تسببه له مثل هذه الجريمة، ويعلن أن اختيار مكسيم يلزم أن يعتبر لاغيا. وأظهر الامبراطور تيودوسيوس الكبير أيضا اشمئزازه ضد الدخيل، وكان الإمبراطور في ذلك الحين في تسالونيكي. ولما حضر إلى القسطنطينية، عرض على "ديموفيل" Demophile وهو أسقف أريوسي، إما أن يقبل تعليم مجمع نيقية، وإما أن يخرج من المدينة. فقرر أن يخرج من المدينة. ولما رأى الإمبراطور ثيودوسيوس القديس اغريغوريوس، أظهر له آيات تقديره ومحبته، وقال له معانقا أن المؤمنين القويمين يطلبونك أسقفا عليهم، وأؤكد لك أن اختيارهم يتفق جدا مع رغباتي. وبعد وصوله ببضعة أيام، رفع الكنائس من الأريوسيين، وسلم للقديس اغريغوريوس كنيسة القديسة صوفيا التي كانت تتبعها الكنائس الأخرى. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() رسامته بطريركا على القسطنطينية أثناء الاحتفال، طلب الشعب بصوت واحد أن يصير القديس اغرغوريوس بطريركًا على القسطنطينية. وكان الصياح الذي يسمع من كل جانب يسبب نوعا من الاضطراب. فأوقف القديس ذلك قائلا أنه في الوقت الحاضر يلزم إلا يفكر أحد في شيء آخر غير شكر الرب لإعادته الإيمان القويم. وكان التواضع الذي أظهره القديس في هذه المناسبة موضع إعجاب الإمبراطور. وكانت هناك صعوبة بالنسبة لكرسي القسطنطينية. فما كان يمكن شغله إلا بعد أن يقرر مجمع أنه شاغر، ويعلن إلغاء رسامة "ديموفيل" وكذلك مكسيم. ولحسن الحظ كان أساقفة كل الشرق مجتمعين في القسطنطينية في ذلك الوقت، (سنة 381)، وأن البطريرك ميليس الأنطاكى كان يرأس المجمع، وقد وقف الآباء بناء على التماسه، إلى جانب القديس أغريغوريوس النزنيزى ورسموه بصفة قانونية بطريركًا على القسطنطينية دون النظر إلى الدموع التي كانت تنهمر من عينيه بسبب تواضعه. ولما توفى القديس ميليس أثناء انعقاد المجمع، رأس القديس اغريغوريوس جلساته الأخيرة. وبذل كل ما في الوسع لكي يعيد السلام إلى كنيسة أنطاكية التي كانت مضطربة بسبب الانشقاق. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() وزاد ذلك أعداءه: وحاولوا أن ينالوا من كرامته، ولم يكتفوا بذلك، بل حاولوا الاعتداء على حياته. وذات مرة، كلفوا أحد القتلة أن يخلصهم من ذلك الرجل الذي كانوا يبغضونه بغضا شديدا. وسمحت السماء بألا تساعد الظروف غضبهم كما كانوا يرغبون، إذ ندم القاتل واقترب من القديس والدموع تنساب من عينيه، وهو يقرع صدره معترفا بجريمته. فرد عليه القديس اغريغوريوس قائلًا: "ليغفر لك الله ذنبك، فإن صلاحه الذي حفظني يتطلب أن أعفو عنك. انك بين يدي الآن بسبب جريمتك: ولكنى لا أطلب منك شيئا واحدا، وهو أن تنكر الهراطقة وتهب نفسك بإخلاص لله"، كانت هذه الوداعة مدعاة لأن يربح الأسقف القديس أتباعا كثيرين، حتى من الأريوسيين. كانت الرقة التي يعامل بها أشد الناس عداوة له، يقرها الجميع ما عدا بعض المؤمنين الذين كانوا ينقادون وفقا لثورة الحماس غير الحكيم. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() وعندئذ وصل أساقفة ومصر ومقدونية إلى المجمع. وعارضوا انتخاب القديس، بحجة أنه لا يتفق والقوانين التي تمنع نقل الأسقف من أبروشية إلى أخرى. فرد القديس بهدوء بأن القوانين المقدمة قد فقدت صلاحيتها في الشرق بسبب عدم اتباعها، وهذا كان أمرا معروفا، ثم أضاف بأن تلك القوانين لا تنطبق عليه، إذ أنه لم يجلس على كرسي "سازيم" وأنه لم يحكم أبدا أبروشية نزنيز بصفته أسقف رسمي. وإذ رأى أن هذه لأسباب ليس بها أي أثر، وأن العقول كانت مشحونة جدًا، صرخ وسط المجمع قائلا: "إذا كنت انتخابي يسبب كل هذه الاضطرابات، فإني أوافق على أن يكون لي نصيب يونان، فيرمونى في البحر لكي تهدأ العاصفة، ولو أنى لم أهيجها. ولو صح عزم الجميع أن يفتدوا بي، لتمتعت الكنيسة، بعد وقت قصير بسلام عميق. إني لم أرغب أبدًا في أن أصير أسقفًا، وإذا كنت أسقفًا، فذلك بالرغم منى، إذا كنتم ترون أنه من الأفضل أن انسحب، فإني مستعد أن أعود إلى وحدتي، حتى تستطيع كنيسة الله أن تصبح أخيرا هادئة. وأهيب بكم أن توحدوا مجهوداتكم لكي يجلس على عرش القسطنطينية شخص فاضل لديه الحمية من أجل الدفاع عن الإيمان". وبعد أن تكلم كذلك، خرج من المجمع مسرورا جدا لأنه تخلص من حمل ثقيل جدًا. وتعجب الأساقفة جدا من سلوكه، ولكنهم كانوا ضعفاء إذ قبلوا استقالته على الفور. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() وبعد خروجه من المجمع، توجه القديس اغريغوريوس إلى القصر. وغذ خضع عند الإمبراطور وقبل يديه قال له: "جئت يا سيدي، ليس بقصد طلب الأموال والأمجاد لي أو لأصدقائي، ولا لكي ألتمس سماحتكم نحو الكنائس، جئت لأطلب منكم السماح بالانسحاب. أنت تعرف إني وليت بالرغم منى عرش هذه المدينة. وأنكرني حتى أصدقائي، لأني لا انظر إلا إلى مطالب السماء. إني استحلفك أن تقبل استقالتي، فتضيف إلى مجد انتصاراتكم، مجد إعادة الوحدة والوفاق في الكنيسة". وقد تأثر الإمبراطور جدًا من هذا السمو الروحي، وبألم شديد منح الأسقف ما كان يطلبه في حماس. وقد ودع القديس اغرغوريوس الشعب بخطاب بديع ألقاه في الكنيسة الكبيرة حضره آباء المجمع وعدد لا يحصى من الشعب. وفيه يوازن بين حالة كنيسة القسطنطينية عندما حضر إليها وبين الحالة التي يتركها فيها، ويشكر الله على إعادة الإيمان المستقيم، وعرض انه تصرف منذ انتخابه بعزوف تام عن أية مصلحة شخصية، وانه لم يمتلك لنفسه شيئا من إيرادات الكرسي الأسقفي، وفي هذا المقال يأخذ القديس على المدينة حبها للاحتفالات وتعظم المعيشة، ولما كانوا يتهمونه بأنه يبالغ جدا في بساطة مظهره وأنه لا يعتني بهاء وظيفته، دافع عن نفسه بهذه الكلمات: "ما كنت أعرف أنه من واجبي أن أنافس القناصل والحكام. وقواد الجيش في الفخامة، هؤلاء لا يعرفون كيف يستعملون أموالهم سوى في مظاهر العظمة الدينونية. كنت أنكر الوصول إلى استخدام مال الفقراء لأجل الأطعمة الممتازة، وركوب الخيول المطهمة، والانتقال في عربة فخمة والصرف على جمع من الخطم. فإذا كنت بتصرفي بأسلوب آخر، قد أسأت إليكم، فإن الخطأ قد وقع، وأرجو أن تغفروه لي". |
||||
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|