تعبير ابن الإنسان
استخدام عبارة ابن الإنسان في مناسبات تدل على اللاهوت:
لاشك أن عبارة ابن الإنسان تعبر عن ناسوت المسيح، كما أن عبارة ابن الله تدل على لاهوته. ومع ذلك فإن السيد المسيح استخدم عبارة ابن الإنسان في مواضع كثيرة نذكر منها:
1- شرح أن ابن الإنسان موجود في السماء وعلى الأرض:
وذلك في قوله لنيقوديموس "ليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو13:3).
فمن هو هذا ابن الإنسان الذي نزل من السماء؟ والذي هو من السماء ويكلم نيقوديموس على الأرض؟ أهو الطبيعة الإلهية أم الطبيعة البشرية؟ لا يمكن أن يكون هو الكلمة المتجسد. فهذه العبارة واضحة جدًا في اثبات الطبيعة الواحدة.
2- وقال " إن ابن الإنسان هو رب السبت أيضًا" (متى 8:12).
فإن كان تعبير ابن الإنسان يعنى الطبيعة البشرية، وفي نفس الوقت هو رب السبت أي الله، إذن فقد اجتمع اللاهوت والناسوت معًا في تعبير واحد. وهذا دليل على وحدة الطبيعة.
3- قال إن ابن الإنسان له سلطان على الأرض أن يغفر الخطايا (متى 6:9).
بينما لا يغفر الخطايا إلا الله وحده. فهل الذي قال للمفلوج " مغفورة لك خطاياك " هو الناسوت أم اللاهوت؟ أليس حسنًا نقول إنه الكلمة المتجسد.
4- قال إن ابن الإنسان هو الذي سيدين العالم.
فهل الطبيعة البشرية هي التي ستدين العالم أم اللاهوت؟ يقول إن ابن الإنسان سوف يأتى في مجد أبيه مع ملائكته. وحينئذ يجازى كل واحد بحسب عمله (متى 27:16). نلاحظ هنا أنه
يقول ابن الإنسان وفي نفس الوقت يقول. " في مجد أبيه".
أي يجمع بين كونه ابن الإنسان وابن الله في عبارة واحدة، مما يدل على وحدة الطبيعة. ويقول ابن الإنسان مع ملائكته بينما تعبير ملائكته يدل على لاهوته.
وهكذا نرى هنا أن تعبير ابن الإنسان، لا يمكن أن يدل على الطبيعة الإنسانية وحدها ولا على الطبيعة اللاهوتية وحدها.
وإنما على وحدة الطبيعة أي الطبيعة الواحدة التي للكلمة المتجسد.
5- ونفس التعبير نجده في (متى 25:31-34) " ومتى جاء ابن الإنسان في مجده، وجميع الملائكة والقديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسى مجده.. ويقيم الخراف عن يمينه، والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه. تعالوا إلى يا مباركي أبى رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم".
هنا ابن الإنسان، وأبى في عبارة واحدة.
أي أن المتكلم هو ابن الإنسان، وهو ابن الله في نفس الوقت. وابن الإنسان هو الذي سيدين العالم، بينما الدينونة هي للابن ابن الله (يو22:5). وهنا وحدة الطبيعة واضحة.
6- وقال لرئيس الكهنه (في محاكمته) " من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوة، وآتيًا على سحاب السماء" (متى 26:63-65). وفي ذلك قال القديس اسطفانوس وقت استشهاده " ها أنا أنظر السماء مفتوحة، وابن الإنسان قائم عن يمين الله" (أع 56:7).
فمن هذا القائم عن يمين الله؟ والجالس عن يمين القوة والآتي على سحاب السماء؟ هو الطبيعة البشرية أم الطبيعة اللاهوتية؟
لا نستطيع هنا أن نفصل أو نميز، بل نقول أنها الطبيعة الواحدة طبيعة الكلمة المتجسد.
7- وهو كابن الإنسان يدعو الملائكة ملائكته والمختارين مختاريه.
إذ يقول " يبصرون ابن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير، فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت، فيجمعون مختاريه.." (متى 24: 29-31).
وهنا كابن الإنسان يتصرف كإله ولا نستطيع في هذه العبارة أن نقول هنا الطبيعة البشرية وهنا الطبيعة الإلهية. فالمتكلم هو يسوع ابن مريم، والمتكلم في نفس الوقت هو ابن الله ديان الأرض كلها، الذي له سلطان على الملائكة يرسلهم. وله سلطان على البشر يجمع مختاريه من أقصاء السماوات إلى أقصائها. إنها طبيعة واحدة لا فصل فيها.
8- قال السيد المسيح أيضًا في حديثه مع تلاميذه:
" فإن رأيتم ابن الإنسان صاعدًا حيث كان أولًا" (يو 62:6).
المهم هنا في عبارة (حيث كان أولًا). أي أنه كان أولًا في السماء. والمعروف طبعًا أن الذي كان في السماء هو اقنوم الابن. ولكن هنا لوحدة الطبيعة يقول عن ابن الإنسان، ما يقوله عن اقنوم الكلمة، لأنه هو الكلمة المتجسد.
وهذا يطابق أيضًا قوله لنيقوديموس عن ابن الإنسان، إنه هو الذي نزل من السماء (يو13:3)، بينما الذي نزل من السماء هو اقنوم الابن أي اللاهوت.
وبنفس هذا المعنى يقول بولس عن السيد إنه " الرب من السماء" (اكو 47:15).