2519 -
"وأنا أريحكم"
رسم الفنان الدنيماركي "هنريخ" صورة للمسيح عنوانها "وأنا أريحكم"، يُرى فيها المسيح محاط بجمهرة من الناس من كلّ جنس ولون. وفي كتاب "إنجيل الفن"؛ قدّم الكاتب شرحاً لهذه الصورة فقال:" إن هذا الواقف إلى يمين المسيح وفي يده القيود؛ هو مجرم جاء يلتمس الغفران. وهذا الممسك بهدب ثوبه؛ يمثّل الآثمين في الأرض؛ وقد جاء يلتمس من ربّ الفداء خلاصاً وعوناً. وذاك العابس الوجه؛ يمثّل الذين اختبروا الفشل، فجاء يلتمس العون والإرشاد.أما الجالس عند قدمية بوجه مشرق بالبشر، فيمثّل الذين اختبروا راحته حين قبلوا خلاصه". هذا هو"يسوع المسيح" مريح التعابى، يأتي إليه الرازحين تحت ثقل الخطايا فيستريحون، ينظر إليه مكتئبي النفس فيتعزّون، يلتمسه المذنبون فينالون غفراناً لخطاياهم. وما أروع الدعوة التي ما زال يقدمها للمتعبين حتى يومنا هذا: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم". إنها كلمات تكشف لنا عن كفاية المسيح وسعة رحمته ومدى محبته وغنى لطفه. وتعبّر عن شوقه لضم جمهور التعابى إلى صدره الدافق بالحنان. أنه يعطي راحة لا تستطيع قوة في الوجود تعكيرها، لأن السلام الذي يعطيه كعمق المحيط، لا يتأثر بالعواصف التي تثيرها الطبيعة.
في الحقيقة أن هموم الحياة كثيرة، وكم من المرات ينتابنا انقباض في النفس، فنعيش مهمومين، بينما كان في استطاعتنا اختبار الفرح الحقيقي لو أننا التفتنا إلى الراعي العظيم "يسوع المسيح"، الذي قال" التفتوا إليّ واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض لأني أنا الله". وكم من المرات تراودنا أفكار مظلمة، بينما كان في مقدورنا أن نحيا في النور لو أننا التجأنا إلى المسيح الذي أكد لنا بالقول:"أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة".
صديقنا، حين تحيق بك البلايا، وتعصر قلبك الهموم، حين ينهك ضميرك بذكريات الماضي الأثيم. انظر إلى "مريح التعابي"، القادر أن يحررك ويمحو ماضيك، يريحك ويملأ قلبك بسلامه الذي يفوق كل عقل. سلم له طريقك واتكل عليه وهو يُجري..لا تجعل اليأس يتملكك، فهو يستطيع أن يخرج مثل النور برك، وحقك مثل الظهيرة. ولا تستسلم تحت ثقل القلق والهم، فحمل الهموم بعيداً عن مريح التعابى يسحق النفس تماماً كحجري الرحى.. أما المتكل على المسيح فيستطيع أن يقول مع النبي داود:"عند كثرة همومي في داخلي، تعزياتك تلذذ نفسي".