18 - 10 - 2024, 01:36 PM | رقم المشاركة : ( 175901 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لقاؤه مع سمعان بن يونا (يو1) «أندراوس أخو سمعان بطرس... هذا وجد أولاً أخاه سمعان، فقال له: ”قد وجدنا مسيا“ الذي تفسيره: المسيح. فجاء به إلى يسوع. فنظر إليه يسوع وقال: ”أنت سمعان ابن يونا. أنت تُدعى صفا“ الذي تفسيره بطرس». في هذا اللقاء نرى معرفة الرب لاسم سمعان وإعطاءه اسمًا جديدًا. فهو الراعي الذي يعرف خرافه ويدعوها بأسماء (يو10: 3). وكما غيَّر يهوه في القديم اسم أبرام إلى إبراهيم، ويعقوب إلى إسرائيل، هكذا غيَّر المسيح في العهد الجديد اسم شاول إلى بولس. وفي تغيير اسم سمعان إلى بطرس دلالة على انتقاله من حالة الهشاشة إلى القوة. |
||||
18 - 10 - 2024, 01:37 PM | رقم المشاركة : ( 175902 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لقاؤه مع فيلبس الذي من بيت صيدا (يو1) «في الغد أراد يسوع أن يخرج إلى الجليل، فوجد فيلبس فقال له: ”اتبعني“». إن كان الرب يعرف خرافه ويدعوها بأسماء، فإن ما يميّز الخراف هو اتباعها له: «خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها، فتتبعني» (يو10: 27). لقد قال الرب لكثيرين ممن دعاهم هذه الكلمة: «اتبعني». قالها لعشار اسمه لاوي كان «جالسًا عند مكان الجباية، فقال له: ”اتبعني“. فترك كل شيء وقام وتبعه» (لو5: 27،28) وقال لآخر «اتبعني» (لو9: 59). وتبعيته اختيارية. قال له المجد: «إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم، ويتبعني» (لو9: 23). |
||||
18 - 10 - 2024, 01:38 PM | رقم المشاركة : ( 175903 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لقاؤه مع نثنائيل (يو1) «ورأى يسوع نثنائيل مُقبلاً إليه، فقال عنه: ”هوذا إسرائيلي حقًا لا غش فيه“. قال له نثنائيل: ”من أين تعرفني؟“ أجاب يسوع وقال له: ”قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك“» (يو1: 45-48). لقد عرف الرب يسوع المكان الذي فيه دعا فيلبس نثنائيل: ”تحت التينة“. قال المرنم عن الرب: «مسلكي ومربضي ذريتَ، وكل طرقي عرفت» (مز139: 3)، وقال أيضًا: «عجيبة هذه المعرفة، فوقي ارتفعت، لا أستطيعها» ( مز139: 6). |
||||
18 - 10 - 2024, 01:39 PM | رقم المشاركة : ( 175904 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لقاؤه مع نيقوديموس رئيس اليهود (يو3) قال له يسوع: «الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يُولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله». وقال له ثانية: «الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله... ينبغي أن تولدوا من فوق» (يو3: 3،5،7). لقد كشف الرب لنيقوديموس حالة الإنسان بحسب الطبيعة أنه يحتاج إلى ولادة ثانية. ولقد وضّح هذا الإنجيل في افتتاحيته أنه بقبول شخص الرب يسوع بالإيمان في القلب يولد الإنسان ثانية ويصير واحدًا من أولاد الله (يو1: 12،13). |
||||
18 - 10 - 2024, 01:40 PM | رقم المشاركة : ( 175905 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لقاؤه مع المرأة السامرية (يو4) في هذا اللقاء نرى الرب مسافرًا، وقد تعب من السفر. إنه الراعي الذي «يذهب لأجل الضال حتى يجده» (لو15: 4). ثم إنه هو الذي بادر المرأة بقوله لها: «أعطيني لأشرب»! إنه يقترب بكل إشفاق، وكأنه هو المحتاج، مع أنه هو الذي عنده ينبوع الحياة. لقد قال لها: «لو كنت تعلمين عطية الله، ومن هو الذي يقول لكِ أعطيني لأشرب، لطلبت أنت منه فأعطاك ماء حيًا» (يو4: 7-10). ولقد عرف كيف يشوِّق قلبها لطلب هذا الماء الحي بقوله: «من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد، بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية» (يو4: 14). ثم هو يعرف كيف يقود النفس في نور حضرته لتُكشف وتعترف بآثامها. قال لها يسوع: «اذهبي وادعي زوجك وتعالي إلى ههنا». إنه يعرفها ويعرف ماضيها، وهو يساعدها على أن تُكمِّل اعترافها. قالت له المرأة: «ليس لي زوج». قال لها يسوع: «حسنًا قلتِ: ليس لي زوج». وهنا يكشف الرب حقيقة المرأة وما كانت تعيش فيه بقوله: «كان لك خمسة أزواج، والذي لك الآن ليس هو زوجك». إنه هو الذي يعرف كل خفياتنا (جا12: 14)، وكل السرائر (رو2: 16)، وكل كلمة على ألسنتنا، وكل فكر يدور في داخلنا (مز139: 1،4). نعم.. لقد جعلت «خفياتنا في ضوء وجهك» (مز90: 8). |
||||
18 - 10 - 2024, 01:40 PM | رقم المشاركة : ( 175906 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لقاؤه مريض بركة بيت حسدا (يو5) إن الرب يسوع في أيام جسده على الأرض «جال يصنع خيرًا» (أع10: 38). فهو الممسوح لهذه الخدمة كما قال: «روح الرب عليّ لأنه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي منكسري القلوب» (لو4: 18؛ إش61: 1،2). وعند بركة بيت حسدا «كان هناك إنسان به مرض منذ ثمان وثلاثين سنة. هذا رآه يسوع مضطجعًا، وعلم أن له زمانًا كثيرًا»، إن هذا الكثير يسبق تجسد ابن الله بحوالي ثماني سنين، والرب علم بذلك لأنه هو العليم بكل شيء، لكنه سأل ذلك المريض: «أ تريد أن تبرأ؟». إنه يريد أن يسمع عن حاجته وطلبته. أجابه المريض: «ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء، بل بينما أنا آتِ، ينزل قدامي آخر». لقد أعلن أنه لا توجد معونة في أحد، ولا هو عنده القدرة في ذاته للنزول في البركة. «قال له يسوع: ”قُم. احمل سريرك وامشِ“. فحالاً برئ الإنسان وحمل سريره ومشى» (يو5: 5-9). إن الرب هو صاحب الكلمة المصحوبة بسلطان القوة الفورية للشفاء، فهو ليس فقط العليم، لكنه أيضًا القدير. |
||||
18 - 10 - 2024, 01:41 PM | رقم المشاركة : ( 175907 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لقاؤه المرأة التي أُمسكت في فعل الزنى (يو8) نقرأ عن الرب يسوع في أول إنجيل يوحنا أنه جاء «مملوءً نعمة وحقًا» (يو1: 14)، ونعمته هذه تفاضلت حتى أدركت أشرّ وأشقى الخطاة. إن هذه المرأة قد أُمسكت متلبسة في ذات فعل الزنى (يو8: 4)، «وموسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه تُرجم. فماذا تقول أنت؟». وهذا سؤال وُجِّه للمسيح «ليجرِّبوه» (يو8: 6)، لكنه لم يجب عن سؤالهم هذا، بل «انحنى إلى أسفل، وكان يكتب بإصبعه على الأرض، ثم انتصب وقال لهم: ”من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر!“، ثم انحنى أيضًا إلى أسفل وكان يكتب على الأرض. وأما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم، خرجوا واحدًا فواحدًا، مبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين» (يو8: 6-9). إن أولئك المشتكين الذين طالبوا بتوقيع القصاص الذي أمر به موسى، كانوا هم أنفسهم متورطين في ذات الخطايا، وكاشف الأسرار والخفايا سطرها لهم، لذا كانت ضمائرهم تبكتهم فخرجوا!! لكنه لكونه قد جاء لا ليدين بل ليخلّص، «بقي يسوع وحده والمرأة واقفة في الوسط. فلما انتصب يسوع ولم ينظر أحدًا سوى المرأة، قال لها ”يا امرأة، أين هم أولئك المشتكون عليكِ؟ أما دانك أحد؟“ فقالت: ”لا أحد يا سيد!“. فقال لها يسوع: ”ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضًا“» (يو8: 9-11). |
||||
18 - 10 - 2024, 01:43 PM | رقم المشاركة : ( 175908 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لقاؤه المولود أعمى: (يو9) نرى في هذه المعجزة ليس فقط الرب الذي له قوة على الشفاء كما في يوحنا 5 مع مريض بركة بيت حسدا، لكن الذي له قدرة على الخلق. ونرى عملية الخلق عندما تفل الرب يسوع على الأرض، وصنع من التفل طينًا، وطلى بالطين عيني الأعمى. لقد كوَّن بإصبعه عيني ذلك المولود أعمى! والرب لم يمنح هذا الأعمى نور البصر فحسب، بل أعطاه أيضًا نور البصيرة، وهكذا هو مكتوب «ابن الله قد جاء، وأعطانا بصيرة لنعرف الحق» (1يو5: 20). لقد شهد هذا الأعمى - الذي أبصر- عن المسيح شهادات رائعة، وإن كان قد لقي الطرد إذ «أخرجوه خارجًا» بعدما شتموه، فوجده يسوع وقال له: «”أتؤمن بابن الله؟“ أجاب ذاك وقال: ”من هو يا سيد لأومن به؟“ فقال له يسوع: ”قد رأيته، والذي يتكلم معك هو هو!“. فقال: ”أومن يا سيد!“ وسجد له» (يو9: 35-38). |
||||
18 - 10 - 2024, 01:44 PM | رقم المشاركة : ( 175909 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لقاؤه مع مريم ومرثا (يو11) كان يسوع يحب مرثا وأختها ولعازر (يو11: 5)، إنه المحب الألزق من الأخ (أم18: 24). وكان يحب بصفة خاصة لعازر، إذ أرسلت الأختان للرب قائلتين : «يا سيد هوذا الذي تحبه مريض» (يو11: 3). وقال الرب نفسه: «لعازر حبيبنا قد نام» (يو11: 11). وقال اليهود عندما بكى يسوع: «انظروا كيف كان يحبه!» (يو11: 36). ما أرق مشاعرك يا سيدي! يا من ترثي للمجرب، وتمزج دموعك بدموع المتألمين. لكن ما أعظمك سيدي وأنت أمام القبر، عندما تنتزع الفريسة من بين أنياب ملك الأهوال، وتقول للميت: «لعازر، هلم خارجًا!» فيخرج الميت! (يو11: 43،44). وما أجمل ما صُنع بعد ذلك في بيت عنيا (بيت العناء) إذ صنعوا له هناك عشاء تكريمًا وتقديرًا وعرفانًا وامتنانًا لفضله العظيم، وهناك كان لعازر - الذي أقيم- أحد المتكئين مع الرب، ومرثا تخدم ولكن بدون تذمر أو مشغولية بذاتها هذه المرة، ومريم تسكب الناردين الخالص كثير الثمن وتدهن قدمي يسوع به. |
||||
18 - 10 - 2024, 01:47 PM | رقم المشاركة : ( 175910 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نظرة على أقوال المسيح إننا نتعجب عندما نرى أن حياة الرب يسوع القصيرة على الأرض تحتوى على هذا الكَمّ الهائل من الأقوال التي فَاه بها خلال الفترة التي قضاها بيننا على الأرض خادمًا. والأعجب أن أقوال المسيح لم تكن مُستقاة من إعلانات أتَتَ إليه من السماء، بل لقد كان هو شخصيًا مصدرًا لها. إن موسىكان ينسب أقواله لله، كما نقرأ كثيرًا «وقال الرب لموسى»؛ والقول «هكذا قال الرب»، الذي نطق به كل من إيليا وأليشع وغيرهما، كان المستند والدعامة لخدمتهم النبوية. 1- الشهادة عن أقوال المسيح وعلى الرغم من ذلك فإن كل أقوال الأنبياء في يومهم لم تلقَ من الشهادة والتأييد مثلما لاقت أقوال الرب يسوع وهو ما زال هنا على الأرض. ويمكننا حصر سبع شهادات جاءت على ألسنة جماعات وفئات مختلفة من البشر عن أقوال المسيح. 1- «لم يتكلم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان» (يو7: 46). هذه هي شهادة الخدام الذين أرسلهم الفريسيون ورؤساء الكهنة ليمسكوا يسوع (يو6: 32). هذا تقرير وإقرار من يكنّون كراهية للمسيح. 2- «وكان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه» (لو4: 22). هذه هي شهادة الجموع التي استمعت إليه في مجمع الناصرة، فقد كانت كلماته مقنعة وسبب بركة للسامعين. 3- «ولما أكمل يسوع هذه الأقوال بُهتت الجموع من تعاليمه لأنه كان يعلمهم كمَن له سلطان وليس كالكتبة» (مت7: 28)؛ فقد كانت أقواله لها التأثير المباشر على قلوب وضمائر المستمعين. 4- «وكثيرون إذ سمعوا بُهتوا قائلين: من أين لهذا هذه؟» (مر6: 2)، أي هذه التعاليم الراقية والسامية التي تُعتبَر أسمى تعاليم قيلت في كل العصور والأجيال. 5- «ولما جاء إلى وطنه كفرناحوم كان يعلّمهم من مجمعهم حتى بُهتوا وقالوا: من أين لهذا هذه الحكمة؟» (مت13: 54)؛ فلم يعبُر على الأرض إنسان نطق بكلمات الحكمة مثلما فعل المسيح، الذي هو ”الحكمة متكلمًا“ (أم28: 12). 6- «فلم يقدروا أن يمسكوه بكلمة قدام الشعب» (لو20: 26). هنا نجد أن أقوال المسيح وإجاباته لا يوجد بها أي خطإٍ يُمسَك عليه، لذلك نراهم وقد تعجبوا من جوابه وسكتوا. 7- «أ لم يكن قلبنا ملتهبًا فينا، إذ كان يكلمنا في الطريق، ويوضِّح لنا الكتب؟» (لو24: 32). هنا نجد الرب يتكلم مفسِّرًا وشارحًا الكتب المقدسة، باعثًا في قلوبهم شوقًا إليه، والتهابًا وفرحًا غامرًا، وفهمًا كاملاً. وعليه فإننا نجد في هذه الشهادة السباعية أن أقوال المسيح، دون غيرها من أقوال البشر، اتصفت بالنعمة والسلطان والسمو والحكمة وبالخلو الكامل من الخطإ، كما أنها تفرح القلب وتهب الفهم. عزيزي هل تتمسك بأقوال المسيح وتجلها وتحترمها، فتقدر أيضًا من فاه بها؟ 2- عن أي شيء عبَّر كلام المسيح حينما قال اليهود للمسيح «مَن أنت؟» قال لهم «أنا من البدء ما أكلمكم به» (يو8: 25). أي أن المسيح أراد أن يقول: ”إن أقوالي هي التعبير الكامل عن شخصيتي ومن أنا“. فهو لم يتكلم يومًا أقوالاً منقولة عن غيره من البشر للتعبير عن أفكارهم أو مبادئهم أو حياتهم، بل لقد كانت أقواله تعبيرًا عن شخصيته هو ومبادئه هو وتعكس حياته التي عاشها. كما أنه في هذه الأقوال التي تفوَّه بها، حفظ مجد الله في كل شيء، في كل قول نطق به، وكل عمل أنجزه، بينما نرى أعظم الأنبياء - كل في يومه - فشل في حفظ مجد الله. فموسى أمره الرب بأن يكلِّم الصخرة، فضربها مرتين (عد20: 7-12)، ولا ننسى إيليا وهو تحت الرتمة (1مل19: 4). فأين نجد إنسانًا استطاع أن يحفظ المجد الإلهي بهذا القدر من الجمال والكمال في كل الأقوال؟ 3- كيف تكلم المسيح مّما يعبِّر عن كمال الشخصية التنوع في أسلوب ونوع ومادة الكلام، بل ونبرته في المواقف المختلفة، كلٍّ بما يناسبه تمامًا. فأقوال البشر عامة، تبدو متناقضة وغير متوافقة مع الحقيقة أو منسجمة معها، مثلما نرى في أقوال عالي الكاهن لحنة وهي تصلي عند قائمة هيكل الرب (1صم1: 14). أما الرب فقد تكلّم في كل موقف بما يناسبه تمامًا، لا من جهة الحالة الخارجية الظاهرية فقط، بل طبقًا للحالة الباطنية الداخلية في أحيان كثيرة (مر2: 8-11). كما أننا نراه يتكلم هادئًا في مجمع الناصرة (لو4)، وتارة صارخًا عند قبر لعازر (يو11)، وفي جثسيماني نراه يتكلم باكيًا (لو22؛ عب5). بل لقد تكلم في كل ما يتعلق بالإنسان. تكلم في شتى المجالات وفي كل الظروف، تكلم محاورًا مقنعًا له، وتارة موبِّخًا، وأخرى حانيًا. تكلم واعظًا معلِّمًا، تكلم مجاوبًا عن أسئلة واستفسارات بل واتهامات، فلم يتهرب من الإجابة يومًا ولو في أحرج المواقف ومهما ترتب عليها من نتائج. 4- لمن تكلم المسيح إن المسيح هو الشخص الوحيد الذي اتسعت دائرة أحاديثه إلى جميع فئات البشر، جماعات أو أفراد. ففي محيط العائلة تكلم إلى أبويه (لو2)، والى أمه (يو2)، وأخوته (يو7). تكلم إلى رجال الدين كما إلى عامة الشعب، تكلم إلى الشرفاء والأدنياء، تكلم إلى الحكماء والجهلاء، تكلم إلى الأردياء والصالحين، تكلم إلى الأصحاء والمرضى، تكلم إلى أصحاب النوايا الحسنة والسيئة، تكلم إلى الرجل كما إلى المرأة، تكلم إلى الأحياء والأعجب إلى الموتى، مدح وأدان. وفى كل ما قال تكلم بما يليق بكماله الشخصي كالإنسان الكامل. 5- بماذا تكلم المسيح لا شك أن الكثير من أقوال المسيح اختص بها سامعيه بصفة عامة، كما أنه له أحاديثه الخاصة مع تلاميذه. وسنورد فيما يلي بعض الأقوال التي نطق بها الرب قطوف من أقوال المسيح 1- «لأني نيري هين وحملي خفيف» (مت11: 30). 2- «أريد رحمة لا ذبيحة» (مت12: 7؛ 9: 13). 3- «إن أراد أحد أن يأتي ورائي» (مت16: 24؛ مر8: 24؛ لو9: 23). 4- «لأن من له سيُعطى وأما من ليس له...» (مر4: 25). 5- «لأن الأرض من ذاتها تأتي بثمر» (مر4: 28). 6- «بماذا كنتم تتكالمون؟» (مر9: 33). 7- «من ليس علينا فهو معنا» (مر9: 40). 1- لأن نيري هين وحملي خفيف هذه هي الدعوة التي وجّهها المسيح - له المجد - لمستمعيه من اليهود الذين كانوا مثُقَِّلين بنير الناموس (أع15: 10)، ونير الفريسيين وتعاليمهم، وذلك بدعوته لهم أن يحملوا نيره هو. ونير المسيح يعني وداعته التي اتصف بها وتواضعه وطاعته لمشيئة أبيه. فهذا نير، إذا قبلناه واتصفنا به في حياتنا، فإنه يخفِّف عنا كل مصاعب وأتعاب الحياة، لأنه يريح النفس «فتجدوا راحة لنفوسكم». وعليه فأي نير تحمل يا عزيزي؟ هل ما زلت تحمل نير البشر الذي يحني النفس والقلب ويشعرك بعدم الحرية؟ أم أنك تحمل نير المسيح الخفيف المناسب اللطيف؟ 2- أريد رحمة لا ذبيحة اقتبس المسيح هذه العبارة من هوشع 6: 6، إذ نقرأ هناك قول الرب على لسان النبي هوشع للشعب: «إني أريد رحمة لا ذبيحة، ومعرفة الرب أكثر من المحرقات». فالرب هنا يدعو الشعب الذي تحوَِّل عنه ورفض الإصغاء إلى صوت أنبيائه، يطالبهم الرب بإظهار الرحمة نحو المساكين من شعبه، فذلك أفضل من اهتمامهم بالطقس والمظهر الخارجي دون الاهتمام بالجوهر، الذي هو معرفة الله معرفة حقيقية. فطاعته ومخافة اسمه أفضل من كل المحرقات الدموية التي يجتهدون في الحفاظ على ممارسة تقديمها في المواسم والأعياد كما تنص شريعة موسى. إن هذا القول قد اقتبسه الرب وهو هنا على الأرض في مناسبتين: الأولى، في بيت متى (مت9: 13)، حيث دعا متى كثيرين من العشارين والخطاة، الأمر الذي استاء منه الفريسيون إذ قالوا منتقدين الرب: «إنه يأكل مع العشارين والخطاة». إلا أن قول المسيح هذا «اذهبوا وتعلموا ما هو» بمعنى: يجب أن تفهموا ما هو جوهر الشريعة، وهو أني أريد رحمة. والرحمة هنا هي رغبة الله الصادقة في خلاص هؤلاء الخطاة، وهو بعمله هذا يكون قد أظهر لهم رحمة الله. وهذه الرحمة، كما عبَّر المسيح عنها، َهي أعظم بما لا يُقاس من حفظ الشخص المتدين للمظهر الطقسي الخارجي للديانة، ثم إدانة البشر وانتقادهم على سوء سلوكهم، دون إظهار أية رغبة في خلاصهم. ثم نطق المسيح أيضًا بهذه العبارة في متى 12: 7، وذلك حينما أدان الفريسيون تلاميذَ المسيح على قطفهم السنابل في يوم السبت. وأراد الرب بقوله هذا أن يفهم الفريسيين جوهر الناموس أنه لخدمة الإنسان، لا لزيادة معاناة الإنسان، فلقد كان تلاميذ المسيح جائعين، ولم تمنع الشريعة ما فعلوه. أما المسيح فقد استخدم التاريخ في حادثة أكل داود من خبز التقدمة، ليبرر ما فعله تلاميذه. ألا نقرأ قول يعقوب في رسالته (يع 2: 13) أن «الرحمة تفتخر على الحكم»؟ إذ أن الله يجد سروره في الرحمة أكثر من الدينونة. فهل فهم الفريسيون ذلك في يومهم؟ وهل فهمنا نحن هذا القول الإلهي: «إنى أريد رحمة لا ذبيحة» لنسلك به كمن عرفنا شخص المسيح؟ 3- إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه أراد المسيح أن يوضح بلا أي خداع أو تملق، الطريق الذي يجب على تلاميذه أن يسلكوها «إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني». فالمسيح لم يَعِد تلاميذه بحياة الرفاهية والراحة، أو ببريق الوعود والإغراءات إن تبعوه، بل أراهم الطريق الذي يجب أن يسلكوه إن أرادوا أتباعه، وهو (أي المسيح) خير مثال لنا في اجتياز هذا الطريق. هذا هو الطريق الذي سلكه هو - له المجد - ونحن في أثره نسير. 4- لأن من له سيُعطى. وأما من ليس له... في حديث الرب عن حمل الصليب نرى التألم هو طريق التلميذ، أما حديث الرب هنا فينصرف إلى حياة ”الشهادة“ لأولئك الذين عملت كلمة الله في قلوبهم وأثمرت حياة أبدية فيهم. إن هؤلاء الذين عرفوا المسيح أصبحوا تحت مسئولية وامتياز إذاعة الحق، بمقدار ما وصل إليهم من التعليم المسيحي. لقد أوضح الرب أن المعوِّق الأول للشهادة هو ”اختفاء السراج تحت المكيال“. وهذا معناه أن ارتباك المؤمن بالحياة الزمنية اليومية قد لا يتيح له الوقت والفرصة لتقديم الشهادة من خلال العمل الذي يقوم به، فالشهادة تختفي بسبب روح محبة للعالم، والانغماس في الاهتمام بالحياة الأرضية أكثر من الاهتمام بالشهادة للحق. كما حذّرنا الرب من طبيعتنا البشرية المتكاسلة. ذلك النوع من الحياة الذي شبّهه الرب ”بالسرير“. فطلب الراحة، وعدم الرغبة في التعب يخفي الشهادة، مع أن هؤلاء قد يحتفظون بالحق لأنفسهم فقط. وقد شجّع الرب تلاميذه، ويشجعنا نحن بهذا القول «لأن من له سيُعطى». ونفهم من هذا أن من له الأمانة في الشهادة للحق الذي يمتلكه سيُعطى له أيضًا المزيد من المشجعات الإلهية، لتأخذ شهادته اتساعًا في المجال وعمقًا في التأثير. وأما «من ليس له، فالذي عنده سيؤخذ منه». وهنا يحذر المسيح أن كل من ليس له الرغبة أو الأمانة في تقديم الشهادة، فبعد وقت يؤخذ ما عنده. ألا يشجعنا هذا وذاك على مواصلة الشهادة للمسيح؟! 5- لأن الأرض من ذاتها تأتي بثمر يقدِّم لنا الرب هنا أعظم المشجِّعات لكي نقدِّم الشهادة بإيمان ويقين: أن ثمارها لا بد آتية، لأن الزارع الذي يلقي البذار على الأرض، يذهب بعد إلقاء البذار إلى مضجعه لينام ثم يقوم. إلا أن البذار التي زرعها تطلع وتنمو. أما كيف يتم ذلك، فهذا هو عمل الكلمة الخفي والمعجزي، في آنٍ واحد، في القلب البشري، وذلك لان الله هو الذي يُنمي (1كو3: 6،7). 6- بماذا كنتم تتكالمون؟ إن الجدال الذي دار بينهم كان الرب على عِلم به (لو9: 47)، وإذ أراد أن يعالج الموقف، أظهر حكمة ولطفًا، فتأنّى عليهم حتى وصلوا إلى البيت. وهناك، بعيدًا عن جماهير الطريق، بادرهم بلطفه الجميل قائلاً: «بماذا كنتم تتكالمون فيما بينكم في الطريق؟». لقد انصرف حديثهم إلى من يكون الأعظم، وهي رغبة الجسد في تعظيم الذات البشرية، الأمر الذي يرفضه الرب لأن يكون بين قديسيه، وبين خدامه بصفة خصوصية. ومهما كانت مبرِّرات التلاميذ، فإنه لا يجب أن يكون بين خدام الرب غيرة أو جدال أو مشاجرة (لو22: 24)؛ لأن الخدمة ليست سباقًا أو منافسة محمومة بين الواحد والآخر، وإن كانت حسنة هي الغيرة في الحسنى. إلا أن الطريق الصحيح الذي رسمه لنا المسيح لمن يكون الأعظم هو أن يكون الشخص آخر الكل، أي يتذيل القائمة. وهذا هو الشعور القلبي الصحيح لكل عظيم، إذ لا يسعى بنفسه للتقدم على إخوته راغبًا في إظهار ذاته وما عنده من إمكانيات قد لا تتوافر في غيره. 7- من ليس علينا فهو معنا هنا يُخرج الرب تلاميذه من تحيّزهم المذهبي الضيق لجماعتهم، ونحن أيضًا معهم. فليس لأن ذلك الرجل لا يتبعنا، نقاوم ونرفض خدمته، أو نقلل من شأنها. ومن المؤكد أن تلك الروح المذهبية التي كانت للتلاميذ ما زالت عند كثيرين في يومنا هذا، فالبعض يرفضون الآخرين لكونهم ليسوا من نفس الجماعة التي ينتمون إليها. والشخص المتعصب هو شخص ضيق الأفق، لا يرى إلا أنه هو وجماعته فقط مستودع الحق، وكلٌ يرى أن ما يمارسه هو وجماعته هو أكمل شيء، وقد يكون هذا صحيحًا عند البعض، إلا أنه ليس مبرِّرًا للتعصب. ومن الجانب الآخر يجب أن نفهم أن للرب خدّامًا مدعوين دعوة إلهية وموهوبين، في كل مكان في الأرض، علينا أن نعطيهم كرامتهم، ليس لكونهم ينتمون إلينا، بل لأنهم خدام للمسيح، ويعملون لأجل غرض واحد، هو مجد المسيح. |
||||