منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22 - 09 - 2024, 08:36 AM   رقم المشاركة : ( 173731 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


الغُفران

لقد عرَّفَ يسُوعُ إحدَى القِيم، عندما قامَ فَرِّيسيٌّ إسمُهُ سِمعان بدعوةِ يسُوع ليتناولَ الطعامَ في منزِلِه (لُوقا 7: 36- 50). كانَت العادَةُ في تِلكَ الأيَّام أن يُعطَى الضَّيفُ إناءَ ماءٍ لكي يغسِلَ قدَميهِ، وزيتاً ليمسحَ وجهَهُ، وقُبلَةً للترحيب وحُسنِ الضِّيافَة. ولكن عندما دَعا سمعانُ يسُوعَ إلى بَيتِهِ، لم ينَلْ يسُوعُ شيئاً من كُلِّ هذهِ. وكانت هُناكَ إمرأةٌ في تِلكَ المدينة، كانت معرُوفَةً كإمرأَةٍ خاطِئة، ويبدو أنَّها سَمِعَت أنَّ يسُوعَ كانَ يتناوَلُ الطعامَ على مائِدَةِ سِمعان. بإمكانِنا أن نفتَرِضَ أنَّ هذه المرأة كانت قدِ إلتَقَت بِيَسُوع سابِقاً، وعرفت الخلاص الذي أكَّدَ لها أنَّ خطاياها غُفِرَت. عندما أدرَكَت أنَّ سِمعان لم يكُن قد قامَ بواجِباتِ حُسنِ الضِّيافَةِ ليسُوع، بدأت بِغسلِ قدَمَي يسُوع بدُمُوعِها، وبمسحِهما بِشعرِ رأسِها. ثُمَّ نضحَت قدَمَيهِ بطيبِ نارِدين خالِصٍ كَثيرِ الثَّمَن.

بينَما كانَ سِمعانُ يُراقِبُ هذا، أدانَ قِيَمَ يسُوع، مُفكِّراً في قَلبِهِ، "لو كانَ هذا نَبِيَّاًَ لَعَلِمَ مَنْ هذه الإمرأة التي تَلمُسُهُ وما هِيَ. إنَّها خاطِئة." (لُوقا 7: 39). أما يسُوع، وهُوَ عالِمٌ بأفكارِ سِمعان، أخبَرَهُ بهذا المثل: "كانَ لِمُدَايِنٍ مَديُونان. على الواحد خَمسُمئة دِينار وعلى الآخر خَمسُون. وإذ لم يكُنْ لهُما ما يُوفِيان سامَحَهُما جَميعاً. فقُلْ. أيُّهُما يكُونُ أكثَرَ حُبَّاً لهُ؟ فأجابَ سِمعانُ وقالَ أظُنُّ الذي سامَحَهُ بالأكثَر. فقالَ لهُ بِالصَّوابِ حَكَمتَ." (لُوقا 7: 41- 43).

إنَّ مَثَلَ يسُوع هذا ينطَبِقُ مُباشَرَةً على ما كانَ يحدُثُ بينَ يسُوع وهذه المرأة وسمعان. لقد عرَّفَ يسُوعُ القيمةَ التي نضعُها على غُفرانِ خطايانا، عندما قدَّمَ تطبيقَ هذا المثل قائلاً لِسمعان: "أتنظُر هذه المرأة؟ إنِّي دخَلتُ بيتَكَ وماءً لأجلِ رِجلَيَّ لَمْ تُعطِ. وأمَّا هِيَ فقد غَسَلَت رِجليَّ بالدُّمُوع ومَسَحَتهُما بِشعرِ رأسِها. قُبلَةً لم تُقَبِّلني. وأمَّا هي فمُنذُ دَخَلتُ لم تكُفَّ عن تقبِيلِ رِجَليَّ. بِزَيتٍ لم تدهُنْ رأسي. وأمَّا هِيَ فقد دَهَنت بالطِّيبِ رِجليَّ. من أجلِ ذلكَ أقُولُ لكَ قد غُفِرَت خطاياها الكثيرة لأنَّها أحبَّت كثيراً. والذي يُغفَرُ لهُ قَليلٌ يُحِبُّ قَليلاً." (لُوقا 7: 44- 47)

لم يَرَ سِمعانُ خَطيَّتَهُ كدَينٍ كَبيرٍ تمَّ غُفرانُهُ. لقد كانَ مثل الرجُل الذي سامَحَهُ سيِّدُهُ بِخَمسينَ ديناراً. ولكنَّ المرأةَ التي جلسَت عند قدَمَيّ يسُوع رأتْ خطاياها المغفُورة كدينٍ هائِلٍ تمَّ إلغاؤُهُ، فسقطَت عندَ قدَمي يسُوع بمحبَّةٍ وعبادَة. لقد عرَّفَ يسُوعُ قيمةً ما عندما ختمَ تعليمَهُ بالقول: "قد غُفِرت خطاياها الكثيرة لأنَّها أحبَّت كَثيراً."

هذا لا يعني أنَّ خطايانا تُغفَرُ لأنَّنا نُحِبُّهُ كثيراً. فلقد قالَ يسُوعُ للمرأة أنَّ إيمانها خلَّصَها: "إيمانُكِ قدْ خلَّصَكِ. إذهَبي بِسلام." (50) لقد كانت محبَّةُ المرأةِ للمسيح بمثابَة تصديقٍ على إيمانِها بغُفرانِها وخلاصِها، أمَّا موقِفُ سِمعان تجاهَ هذه المرأة الخاطِئة فكانَ بُرهاناً على عدَمِ إيمانِه. صادَقَ يسُوعُ على إيمانِ هذه المرأة عندما قَبِلَ عبادَتَها المُحِبَّة، وغفرَ خطاياها لأنَّها أعطَت قيمةً وتقديراً كبيراً لغُفرانِهِ خطاياها.

هل تعتَرِفُ بالقيمةِ التي وضَعها يسُوعُ على الغُفران؟ إن كُنتَ تجدُ نفسَكَ في هذه المرأة، لأنَّكَ تعرِفُ أنَّكَ خاطِئٌ، وشُعُورُكَ بالذنبِ يجعَلُكَ تشعُرُ وكأنَّ خطيَّتَكَ هي دَينٌ كبيرٌ تتمنَّى أن تراهُ مَلغِيَّاً، عليكَ أن تُدرِكَ أنَّ يسُوعَ جاءَ ليَمُوتَ على الصليبِ لكَي يمحُوَ دَينَ خطاياك. وإن كانَ خَطَايَاكَ قد غُفِرت بالإيمان، فعليكَ أن تَقْدُرَ قيمةَ غُفرانِكَ حقَّ قدرِهِ، لكي تمتَلئَ حياتُكَ بالعطفِ على الأشخاصِ الذين يُشبِهُونَ هذه المرأة التي أحبَّت كثيراً، لأنَّ خطاياها غُفِرت. ولا تنسَ أنَّ يسُوعَ علَّمَنا أن نُصلِّيَ يوميَّاً ما معناه، "سامِحنا بِدُيُونِنا كما نُسامِحُ نحنُ المَديُونِينَ إلينا. وإغفِرْ لنا خطايانا كما نغفِرُ نحنُ للمُذنِبينَ إلينا."


 
قديم 22 - 09 - 2024, 08:42 AM   رقم المشاركة : ( 173732 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


شُعُورُكَ بالذنبِ يجعَلُكَ تشعُرُ وكأنَّ خطيَّتَكَ هي دَينٌ كبيرٌ تتمنَّى أن تراهُ مَلغِيَّاً،
عليكَ أن تُدرِكَ أنَّ يسُوعَ جاءَ ليَمُوتَ على الصليبِ لكَي يمحُوَ دَينَ خطاياك.
وإن كانَ خَطَايَاكَ قد غُفِرت بالإيمان، فعليكَ أن تَقْدُرَ قيمةَ غُفرانِكَ حقَّ قدرِهِ
لكي تمتَلئَ حياتُكَ بالعطفِ على الأشخاصِ الذين يُشبِهُونَ
هذه المرأة الخاطة التي أحبَّت كثيراً، لأنَّ خطاياها غُفِرت.
ولا تنسَ أنَّ يسُوعَ علَّمَنا أن نُصلِّيَ يوميَّاً ما معناه
"سامِحنا بِدُيُونِنا كما نُسامِحُ نحنُ المَديُونِينَ إلينا.
وإغفِرْ لنا خطايانا كما نغفِرُ نحنُ للمُذنِبينَ إلينا."
 
قديم 22 - 09 - 2024, 08:46 AM   رقم المشاركة : ( 173733 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


أُناسٌ مُتَألِّمُون

لقد أولى يسُوعُ قيمَةً كُبرَى للناس – خاصَّةً أُولئكَ الذينَ كانُوا يتألَّمُونَ، وكانُوا مُحتاجِينَ إلى كُلٍّ من الشِّفاءِ الجَسَدِيّ والرُّوحِيّ. نقرَأُ عن العديدِ من الأمثِلة حيثُ تحرَّكَ يسُوعُ بِعَطفٍ ليَشفِيَ أُناساً أهمَلَهُم المُجتَمَع – عندما لمسَ عيني الأعمَيَين اللَّذَينِ كانَ يلتَمِسانِ منهُ الشِّفاء، رُغمَ أنَّ الجمعَ إنتَهَرَهُما ليَسكُتُوا (متَّى 20: 29- 34)، وعندما مدَّ يدَهُ ليُطَهِّرَ الأبرَصَ الذي إقتَرَبَ منهُ، رُغمَ أنَّ البُرصَ كانُوا يُعتَبَرُونَ منبُوذينَ ونَجِسين (مرقُس 1: 40- 42)، وعندما شفى يدَ الرَّجُل اليابِسة في الهَيكَلِ يومَ السبت، رُغمَ أنَّ الفَرِّيسيِّينَ تآمَرُوا ضِدَّهُ لعمَلِهِ هذا (مَرقُس 3: 1- 6). هذه الأمثِلة تُخبِرُنا كيفَ تحرَّكَ يسُوعُ بالعَطفِ على الناسِ المُتَألِّمين، وكيفَ تألَّمَ على قساوَةِ قُلوبِ الناسِ في المُجتَمَع.

لم يكُنْ ليسُوعَ فقط عطفٌ على الأفرادِ الذين إلتَقاهُم في طريقِهِ، ولكن أيضاً على الجُموع التي كانت تَتبَعُهُ: "وكانَ يسُوعُ يَطُوفُ المُدُنَ كُلَّها والقُرَى يُعَلِّمُ في مَجامِعِها. ويَكرِزُ بِبِشارَةِ الملكوت. ويَشفِي كُلَّ مرَضٍ وكُلَّ ضعفٍ في الشعب."

"ولمَّا رأى الجُمُوع تحنَّنَ عليهِم إذ كانُوا مُنزَعِجِينَ ومُنطَرِحِينَ كَغَنَمٍ لا راعِي لها. حينَئِذٍ قالَ لِتَلامِيذِهِ الحصادُ كَثيرٌ ولكنَّ الفَعَلَةَ قَليلُون. فاطلُبُوا من رَبِّ الحَصَادِ أن يُرسِلَ فَعَلَةً إلى حصادِهِ." (متَّى 9: 35- 38)

تُشيرُ الكلماتُ اليُونانِيَّةُ المُستَخدَمَةُ في هذا النَّص إلى أنَّ جسدَ يسُوعَ إرتَعشَ بكامِلِهِ عندما رأى هذه الجُموع، وعطفَ عليهمِ بشكلٍ كَبير. ولكنَّهُ لم يشعُر بالعطفِ على هَؤُلاء الناسِ المُتألِّمينَ فقط، بل طوَّرَ ستراتيجيَّةً خاصَّةً لمُساعدتِهِم في مِحنَتِهِم – وهي ستراتيجيَّة تطلَّبت إنخراطَ تلاميذِهِ أيضاً في مُساعدتِهِ للجُموع المُتَألِّمَة.

في كُلِّ مَرَّةٍ رأى فيها يسُوعُ آلامَ الجُموع، كثَّفَ تدريبَ تلاميذِهِ. قالَ للرُّسُل في المقطَعِ السابِق، "الحصادُ كَثيرٌ ولكنَّ الفعَلَةُ قَليلُون. فاطلُبُوا من رَبِّ الحصادِ أن يُرسَلَ فعلَةً إلى حَصادِهِ." في خِتامِ الإصحاحِ الرابِع من إنجيلِ متَّى، نقرَأُ أنَّ الجموعَ الغَفيرَة كانت تأتي إلى يسُوع من كُلِّ حدبٍ وصَوب. وعندما كانَ جمعٌ غفيرٌ قد تجمَّعوا، دعا تلاميذَهُ إلى رأسِ الجَبَل، وعقدَ خُلَوَةً جنَّدَ فيها التلاميذ الإثني عشَر. في كُلِّ مرَّةٍ رأى هذه الجمُوع، كثَّفَ تدريبَهُ لهؤلاء الإثني عشر.

في متَّى 14 و15، نجدُ حادِثَةَ إشباع يسُوع للخَمسَةِ آلاف وللأربَعَةِ آلاف. نقرَأُ أنَّهُ "تحنَّنَ عليهِم وشفَى مرضاهُم" (14: 14)، وأنَّهُ "أشفَقَ على الجَمعِ لأنَّ [كانَ] لهُم ثلاثَةُ أيَّامٍ يمكُثُونَ مَعَهُ وليسَ لهُم ما يأكلُون." (15: 32) في كِلتَي المُناسَبَتَين، أمرَ يسُوعُ تلاميذَهُ أن يُعطُوا الشعبَ ليأكُلُوا، وذلكَ من بعضِ السمكِ والخُبزِ القليل، الذي كثَّرَهُ إلى أن أشبعَ آلافِ الجُمُوعِ الجائِعة.

تُعطينا هذه المقاطِعُ ليسَ فقط سرداً لهاتَينِ المُعجِزَتَين العظيمَتَين ليسُوع، بل أيضاً تَبياناً لرُؤياهُ الإرساليَّة. لقد وضعَ يسُوعُ تلامِيذَهُ ستراتيجيَّاً بينَهُ وبينَ الجُموع، ومرَّرَ الغِذاءَ للجُمُوع من خلالِ أيدِي تلاميذِه. وهذه تماماً هي الطريقة التي بها يُريدُ يسُوعُ أن يسُدَّ حاجات الناس المُتألِّمينَ في هذا العالم – إنَّهُ يُريدُ أن يُقدِّمَ نفسَهُ، خُبز الحياة، إلى الناسِ المُتألِّمين في العالم، من خِلالِ أيدِي كَنيستِه.

هل أنتَ كَواحِدٍ من المُتألِّمِينَ بينَ هذه الآلاف من الجُموع، تتطلَّعُ بِشَوقٍ للإقتِرابِ من يسُوعَ بشكلٍ كافٍ لتأخُذَ منهُ "الخُبز"؟ دَعْ ذلكَ يلمُس قلبَكَ لِتَعرِفَ أنَّكَ القصدَ الذي من أجلِهِ جاءَ ومن أجلِهِ يَعيشُ في كنيستِهِ ومن خِلالِها اليوم. إنَّهُ يُريدُ أن يَلمُسَ قُلُوبَ أشخاصٍ نَظِيرَكَ.

وبالمُقابِل، هل أنتَ راغبٌ بالإعتِرافِ بالقِيمَةِ التي أولاها يسُوعُ للأشخاصِ المُتألِّمينَ في هذا العالم؟ على خِلافِ رِجالِ الدِّين، الذين لم يستطيعُوا أن يشعُروا بالمحبَّةِ والعطفِ على أُولئكَ الذين كانُوا في حاجَةٍ، تحرَّكَ قلبُ يسُوع عطفاً ليلتَقِيَ بالناس حيثُ كانُوا بحاجَةٍ إليه. ولهذا فهُوَ يضعُ التحدَّي أمامَنا، وأمامَ تلاميذِهِ، بأن نقُولَ ما يقُولُهُ هُوَ عن إعطاءِ خُبزِ الحياة للجِياعِ والمُتَألِّمين. ففي المرَّةِ القادِمة عندما تلتَقِي بشخصٍ جائِعٍ، أو مُتألِّم، تذكَّرْ القِيمة التي أولاها يسُوعُ لهكذا أشخاص، واطلُبْ من المسيحِ الحَيِّ المُقام أن يُمَرِّرَ من خِلالِكَ إلى هؤلاء الأشخاص المحبَّةَ، النُّورَ والحَياة.


 
قديم 22 - 09 - 2024, 08:47 AM   رقم المشاركة : ( 173734 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






هل أنتَ راغبٌ بالإعتِرافِ بالقِيمَةِ التي أولاها يسُوعُ للأشخاصِ المُتألِّمينَ في هذا العالم؟
على خِلافِ رِجالِ الدِّين، الذين لم يستطيعُوا أن يشعُروا بالمحبَّةِ والعطفِ على أُولئكَ الذين كانُوا في حاجَةٍ، تحرَّكَ قلبُ يسُوع عطفاً ليلتَقِيَ بالناس حيثُ كانُوا بحاجَةٍ إليه.
ولهذا فهُوَ يضعُ التحدَّي أمامَنا، وأمامَ تلاميذِهِ، بأن نقُولَ ما يقُولُهُ هُوَ عن إعطاءِ خُبزِ الحياة للجِياعِ والمُتَألِّمين.
ففي المرَّةِ القادِمة عندما تلتَقِي بشخصٍ جائِعٍ، أو مُتألِّم، تذكَّرْ القِيمة التي أولاها يسُوعُ لهكذا أشخاص، واطلُبْ من المسيحِ الحَيِّ المُقام أن يُمَرِّرَ من خِلالِكَ إلى هؤلاء الأشخاص المحبَّةَ، النُّورَ والحَياة.
 
قديم 22 - 09 - 2024, 08:49 AM   رقم المشاركة : ( 173735 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


"أنا هُوَ"


إنجيلُ يُوحنَّا هُوَ سيرَةُ حياةِ المسيح التي تُشدِّدُ على ما كانَ سيقُولُهُ عن نفسِهِ وعن رِسالَتِهِ في هذا العالم. في هذا الإنجيل، بإمكانِنا أن نتأمَّلَ بهذه التصريحات عن مُهِمَّةِ يسُوع، ومن ثَمَّ نُجِيبُ على السُّؤال الذي طرَحَهُ يسُوعُ على رُسُلِهِ: "من تَقُولُونَ أنِّي أنا؟" عندما نقُومُ بهذا، إن قُلنا نفس ما يقُولُهُ يسُوعُ عن نفسِهِ، نكُونُ نعتَرِفُ بيسوع المسيح.

لقد سبقَ وتعلَّمنا أنَّهُ في الإصحاحِ الثالِث من إنجيلِ يُوحنَّا، دعا يسُوعُ نفسَهُ بإبنِ اللهِ الوَحيد وحلَّ الله الوَحيد لمُشكِلَةِ الخَطيَّة، ومُخَلِّصُ اللهِ الوحيد المُرسَل إلى العالم، ولكَ ولي بالتحديد. فإن كُنَّا نُريدُهُ أن يكُونَ مُخَلِّصَنا، علينا أن نعتَرِفَ بتِلكَ القِيَم التي أولاها يسُوعُ لنَفسِه.

في الإصحاحِ التالي من إنجيلِ يُوحنَّا، نقرَأُ عن حديثِ يسُوع معَ إمرأَةٍ عندَ بئرِ سُوخار، في قَلبِ السامِرة. وعندما سألتْهُ كيفَ يتكلَّمُ معَها، وهُوَ رجُلٌ يهُوديٌِّ وهي إمرأَةٌ سامِريَّة، أجابَها بالقَول، "لو كُنتِ تعلَمِينَ عَطِيَّةَ الله ومَنْ هُوَ الذي يَقُولُ لكِ أَعطِينِي لأشرَبَ، لَطَلَبتِ منهُ أنتِ فأعطاكِ ماءً حيَّاً." (يُوحنَّا 4: 10)

فسألتِ المرأَةُ يسُوعَ إن كانَ أعظَمُ من أبيهم يعقُوب، الذي أعطاهُم البِئر، فقالَ لها: "كُلُّ من يَشرَبُ من هذا الماء يَعطَشُ أيضاً. ولكن من يَشرَبُ من الماء الذي أُعطيهِ أنا فلَن يعطَشَ إلى الأبد." (يُوحنَّا 4: 13- 14) وبعدَ أن تأكَّدَت من أنَّ سُلطانَهُ لإعطاءِ هكذا ماء جعلَهُ أعظم من مُجرَّدِ إنسان، وبما أنَّهُ تكلَّمَ الحقَّ عن أنَّها ليسَ لدَيها زوجٌ، وأنَّها كانَ لديها سابِقاً خمسةُ أزواج، عندها دعتْهُ نَبِيَّاً (19).

تابَعَ يسُوعُ إرباكَها بأجوبَتِهِ على أسئِلتِها، إلى أن ذَكَرَت في النِّهايَة المَسِيَّا: "أنا أعلَمُ أنَّ مَسِيَّا الذي يُقالُ لهُ الَمسيح يأتي. فمتى جاءَ ذاك يُخبِرُنا بِكُلِّ شَيء." (25) عندَها أجابَها يسُوع، "أنا الذي أُكَلِّمُكِ هُوَ." (26)

فيما بعد، إعتَرَفَتِ المرأَةُ بالإضافَةِ إلى بعضِ الرِّجالِ السامِريِّين الذين كانت تعرِفُهم أنَّ يسُوعَ هُوَ المسيح: "إنَّنا لَسنا بعدُ بِسببِ كلامِكِ نُؤمِنُ. لأنَّنا قد سَمِعنا ونَعلَمُ أنَّ هذا هُوَ بالحقيقَة المَسيحُ مُخَلِّصُ العالم." (42) لقد إعتَرَفُوا (أي قالُوا نفسَ الشيء) بالقيمةِ التي أولاها يسُوعُ لِنَفسِهِ عندما تكلَّمَ معَ المرأةِ السامِريَّة، مُعتَرِفينَ بكونِهِ المَسِيَّا، المسيح، والمُخلِّصُ (الوَحيد) للعالم.

يا تُرى ماذا عنَى للمرأَةِ أنَّها إكتَشَفَت أنَّها كانت تتكلَّمُ معَ المَسِيَّا؟ إنَّ سُؤالَنا يجِدُ جوابَهُ عندما نقرَأُ أنَّها تركت جرَّتَها – التي كانَت السبب الأساسي الذي من أجلِهِ جاءَت إلى البِئر – ومَضَت إلى المَدينَةِ لِتُخبِرَ الرِّجالَ عنهُ. في تِلكَ الحضارة، كانَ من الغَريبِ أن تتكلَّمَ إمرأَةٌ معَ الرِّجالِ عن أيِّ أمرٍ كان. حتَّى هي تعجَّبت من كونِ يسُوع قد تكلَّمَ إليها، رُغمَ أنَّها إمرأَةٌ سامِريَّة. هل كانَ مُمكِناً أنَّها كانت تعرِفُ هؤُلاء الرِّجال، لكونِها مُرتَبِطَةً معَهُم بعلاقَةٍ "مِهَنِيَّة"؟ يُخبِرُنا يسُوعُ أنَّهُ لم يأتِ إلى هذا العالَم من أجلِ الأبرار، بل من أجلِ الخُطاة (متَّى 9: 13).

إنَّ تجاوُبَ المَرأَة معَ مُقابَلَتِها معَ يسُوع، تضَعُ أمامَنا التحدِّي أن نُفكِّرَ بتجاوُبِنا نحنُ معَ إدِّعاءاتِ يسُوع في إنجيلِ يُوحنَّا. قالَ يسُوعُ للمرأَةِ أنَّها لو عرَفَت من هُوَ الذي كانَ يطلُبُ منها ليَشرَبَ، لكانت طلبت منهُ أن يُعطِيَها ماءَ الحَياة. تطبيقيَّاً، ينبغي أن يكُونَ هذا تحدِّياً لنا في كُلِّ مرةٍ نُصلِّي. فعندما نُصلِّي، نكُونُ نتكلَّمُ معَ اللهِ القَدير نفسه. وإن كُنَّا نُؤمِنُ أنَّنا نتكلَّمُ معَ اللهِ القَدِير، فماذا علينا أن نطلُبَ منهُ؟

يُتابِعُ يسُوعُ بإخبارِنا عبرَ إنجيلِ يُوحنَّا، عمَّن هُوَ، ولماذا جاءَ إلى هذا العالم. حتَّى أنَّهُ يقُولُ أنَّهُ مُعادِلٌ لله، عندما يقُولُ أنَّهُ يستطيعُ أن يعملَ كُلَّ ما يعمَلُهُ الله: "لا يَقدِرُ الإبنُ أن يعمَلَ من نفسِهِ شَيئاً إلا ما ينظُرُ الآبَ يعمَلُ. لأنْ مهما عَمِلَ ذاك فهذا يعمَلُهُ الإبنُ كذلكَ" (يُوحنَّا 5: 19). هذه الأُمور تشمَلُ إقامَة الموتى وإعطائِهم الحَياة، الأمرُ الذي اللهُ وحدَهُ يقدِرُ أن يعمَلَهُ.

إذا إدَّعَى إنسانٌ ما أنَّهُ معادِلٌ لله، سيسألُهُ الناسُ الذين حولَهُ بكُلِّ عفوِيَّةٍ، "هل بإمكانِكَ أن تعمَلَ ما يعمَلُهُ الله؟" أجابَ يسُوع على هذا السؤال قائِلاً، "نعم" وبرهنَ إدِّعاءَهُ. فلقد أقامَ يسُوعُ المَوتى، ولهذا برهَنَ مُساواتَهُ معَ الله، وأنَّهُ يستطيعُ أن يعمَلَ كُلَّ ما يستطيعُ اللهُ وحدَهُ أن يعمَلَهُ. بالنسبَةِ لرِجالِ الدين آنذاك، جعلَ يسُوعُ نفسَهُ مُعادِلاً لله (يُوحنَّا 5: 18)

عندما وصلَ هذا الحِوارُ الذي بدأَ يُوحنَّا تَسجِيلَهُ في الإصحاحِ الخامِس من إنجيلِهِ، عندما وصلَ إلى ذُروَتِهِ في نِهايَةِ الإصحاحِ الثامِن من إنجيلِ يُوحنَّا، أخبَرَنا يُوحنَّا أنَّ الصِّراعَ بينَ يسُوع ورِجال الدِّين أصبَحَ عدائِيَّاً. فحَمَلُوا حِجارَةً ليرجُمُوا يسُوع، عندما تكلَّمَ عن إبراهِيم قائِلاً أنَّهُ يَعرِفُهُ. فدفعَ هذا رِجالَ الدِّين ليسأَلُوا يسُوع، "ليسَ لكَ خُمسُونَ سنَةً بعد، أفَرَأَيتَ إبراهِيم. قالَ لهُم يسُوع الحَقَّ الحَقَّ أقُولُ لكُم قبلَ أن يَكُونَ إبراهِيم أنا كائِن." (يُوحنَّا 8: 57- 58)

لم يكُنْ هُناكَ أدنَى شَكّ في أذهانِ رِجالِ الدين عمَّن كانَ يسُوع وماذا قالَ عن نفسِه. ورِجَالُ الدِّينِ في أيَّامِنا الحاضِرة يُشكِّكُونَ بأقوالِ يسُوعَ عَن نفسِه. قالَ أحدُهُم، "أنا أُؤمِنُ أنَّهُ كائِنٌ، بينما الآخَرُونَ لا يُؤمِنُونَ أنَّهُ كانَ. وبينما هُم غَيرُ مُتَأكِّدينَ من أنَّهُ عمِلَ، فأنا أُؤمِنُ أنَّهُ لا يزالُ يعمَلُ الآن." فأصغِ إلى بعضِ أقوالِ يسُوع عن نَفسِه، واقرَأْ إنجيلَ يُوحنَّا، ومن ثمَّ قرِّرْ لنَفسِكَ بماذا تُؤمِنُ عن كُلِّ تصاريح يسُوع عن نفسِه في إنجيلِ يُوحنَّا، حيثُ يقُولُ في يُوحنَّا 10: 30، "أنا والآبُ واحِد." في الإصحاحِ الرابِع عشر، أجابَ يسُوعُ على طَلَبِ فيلبُّس لرُؤيَةِ الآب، بالقَول، "أنا معَكُم زَماناً هذه مُدَّتُهُ ولم تعرِفْنِي يا فِيلبُّس؟ الذي رآني فقد رأى الآب فكَيفَ تقُولُ أنتَ أرِنا الآب؟... صَدِّقُوني أنِّي في الآب والآب فيَّ." (يُوحنَّا 14: 9، 11) عندما صَلَّى الرَّبُّ يسُوعُ الصَّلاة العظيمة التي يُسجِّلُها يُوحنَّا في الإصحاحِ السابِع عشر من إنجيلِهِ، قالَ، "والآن مَجِّدْنِي أنتَ أيُّها الآب عِندَ ذاتِكَ بالمَجدِ الذي كانَ لي عِندَكَ قبلَ كَونِ العالَم." عبرَ الأناجيل، وخاصَّةً إنجيل يُوحنَّا، نجدُ يسُوعَ يُصرِّحُ عن لاهُوتِهِ ويضعُ نفسَهُ على مُستَوى الآب.

عاشَ هذا الرَّجُل فقط لمُدَّةِ ثلاثٍ وثلاثِينَ سنَةً. ولكنَّهُ تركَ أثرَاً عميقاً على العالم، لدرجَةِ أنَّهُ لمُدَّةِ ألفَي عام بعدَهُ، أضحى التاريخُ البَشريُّ ينقَسِمُ إلى ما قبله وما بعده.

كانَ C. S. Lewis كاتِباً إنكيزيَّاً تَقيَّاً خدَمَ بينَ المُشَكِّكِين، وكانَ مُدافِعاً عظيماً عن الإيمانِ المَسيحيّ، وأخبَرَنا ما معناهُ أنَّنا عندما نتأمَّلُ بتصريحات يسُوع هذه عن نفسِه، نجدُ أمامَنا خَيارانِ لا ثالِثَ لهُما: فعلينا إمَّا أن نُوافِقَ معَ يسُوع وندعُوَه كما كانَ وكما قالَ هُوَ عن نفسِهِ، أو أن ندعُوَهُ كاذَبَاً ومجنُونا. عندما ننظُرُ بتَمَعُّنٍ إلى تصريحات يسُوع هذه عن نفسه، يُصبِحُ من المُستَحيلِ ومن غَيرِ الصُّدقِ أن نُنكِرَ أنَّ يسُوعَ كانَ تماماً ما قالَهُ عن نفسِه، وأنَّهُ لم يكُن سوى مُجرَّد رَجُلٍ ومُعلِّمٍ عَظيم.

لقد قالَ يسُوعُ أنَّهُ إبنُ اللهِ، مُساوٍ للآب، والطريقُ الوَحيدُ الذي من خِلالِهِ نستطيعُ أن نَنالَ الخلاصَ والحَياةَ الأبديَّةَ. فإن لم تَعتَرِفْ بالقِيمَةِ التي أولاها يسُوعُ لِنفسِهِ، عليكَ أن تُقَرِّرَ أنَّهُ كانَ كاذِباً وأعظَمَ مُزَيِّفٍ عرَفهُ العالم. أو بإمكانِكَ أن تكُونَ لطيفاً وتقول أنَّهُ كانَ مجنُوناً. ولكن من تقُولُ أنَّهُ هُوَ؟ وهل تُوافِقُ على كونِهِ تماماً كما قالَ عن نفسِه؟ وهَلْ ستَعتَرِفُ بالقيمةِ التي أولاها يسُوعُ لنَفسِهِ، وتدعُوهُ اليوم ليكُونَ ربَّكَ؟


 
قديم 22 - 09 - 2024, 08:52 AM   رقم المشاركة : ( 173736 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






عندما صَلَّى الرَّبُّ يسُوعُ الصَّلاة العظيمة التي يُسجِّلُها يُوحنَّا
في الإصحاحِ السابِع عشر من إنجيلِهِ، قالَ
"والآن مَجِّدْنِي أنتَ أيُّها الآب عِندَ ذاتِكَ بالمَجدِ
الذي كانَ لي عِندَكَ قبلَ كَونِ العالَم." عبرَ الأناجيل، وخاصَّةً إنجيل
يُوحنَّا، نجدُ يسُوعَ يُصرِّحُ عن لاهُوتِهِ ويضعُ نفسَهُ على مُستَوى الآب.
 
قديم 22 - 09 - 2024, 08:54 AM   رقم المشاركة : ( 173737 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


الشرِكَة معَ الآب


لقد كانَ يسُوعُ في إتَّحادٍ دائِمٍ معَ الآب. وغالِباً ما كانَ يستَيقِظُ باكِراً ليقضِيَ وقتاً على إنفِرادٍ في الصلاةِ إلى الآب. وكَثيراً ما تكلَّمَ عن كَونِهِ يعمَلُ فقط ما قالَ لهُ الآبُ أن يعمَلَ. لقد كانَ إتِّحادُهُ معَ الآبَ مُستَمِرَّاً وحَمِيماً. فكانت أصعَبُ مرحَلَةٍ وصلَ إليها في آلامِهِ على الصَّليب، عندما إنكَسَرَ إتِّحادُهُ معَ الآب، لكونِهِ أصبَحَ حرفِيَّاً خَطِيَّةً لأجلِنا، ويبدو أنَّ الآبَ لم يعُدْ قادِراً آنذاك على الإستِمرارِ في الشَّرِكَةِ معَهُ (مرقُس 15: 34؛ 2كُورنثُوس 5: 21؛ إشعياء 53: 5، 6).

في صَلاةِ يسُوع الأخيرة في بُستانِ جُثسَيمانِي، نقرَأُ أنَّ القصدَ من مَجيئِهِ إلى الأرض ومن موتِهِ لأجلِ خطايانا، كانَ منذُ البِدايَةِ أن تكُونَ لنا نحنُ أيضاً شَرِكَةٌ معَ الآب: "وهذه هي الحَياةُ الأبديَّةُ، أن يعرِفُوكَ أنتَ الإلهَ الحقيقيَّ وحدَكَ ويسُوعَ المَسيحَ الذي أرسَلتَهُ." (يُوحنَّا 17: 3)

وبهدَفِ تحديدِ قيمةِ هذه الشَّرِكة معَ الآب، أخبَرَ يسُوعُ في مرحَلَةٍ مُعيَّنَةٍ من خدمتِهِ بمَثَلٍ فقال: "إنسانٌ صنعَ عشاءً عظيماً ودَعا كَثيرين. وأرسَلَ عبدَهُ في ساعَةِ العَشاء لِيَقُولَ لِلمَدعُوِّينَ تَعَالَوا لأنًَّ كُلَّ شَيءٍ قد أُعِدَّ. فابتَدأَ الجميعُ بِرَأيٍ واحِدٍ يستَعفُون. قالَ لهُ الأوَّلُ إنَّي اشتَريتُ حقلاً وأنا مُضطرٌّ أن أخرُجَ وأَنظُرَهُ. أَسألُكَ أن تُعفِيَني. وقالَ آخَرُ إنِّي إشتَرَيتُ خَمسَةَ أزواج بَقَرٍ وأنا ماضٍ لأمتَحِنَها. أسألُكَ أن تُعفِيَني. وقالَ آخَرُ إنِّي تَزَوَّجتُ بإمرأَةٍ فَلِذَلِكَ لا أقدِرُ أن أجيءَ.

"فأتَى ذلكَ العَبدُ وأخبَرَ سيِّدَهُ بِذلكَ. حِينئذٍ غَضِبَ رَبُّ البَيتِ وقالَ لِعَبدِهِ اخرُجْ عاجِلاً إلى شَوارِعِ المَدينَة وأَزِقَّتِها وأَدخِلْ إلى هُنا المَساكِين والجُدع والعرج والعُمِي. فقالَ العبدُ يا سَيِّدُ قد صارَ كما أمرتَ ويُوجدُ أيضاً مكان. فقالَ السيِّدُ لِلعَبدِ أخرُجْ إلى الطُّرُقات والسِّياجات وأَلزِمْهُم بالدُّخول حتَّى يمتَلِئَ بيتي. لأنِّي أقُولُ لكَ إنَّهُ ليسَ واحِدٌ من أولئكَ الرِّجالِ المَدعُوِّينَ يَذُوقُ عَشَائي." (لُوقا 14: 16- 24)

في تِلكَ الأيَّام، وفي تِلكَ الحضارة، كانَ تناوُلُ الطعامِ معاً يُشيرُ إلى الشركة. ولم تكُنْ هُناكَ شَرِكَةٌ أعظَم من الشَّرِكة التي يتِمُّ إختِبارُها عندما تُدعَونَ لتَكسُرُوا خُبزاً في مَنزِلِ صَديقٍ أو قَريبٍ أو أيِّ شخصٍ كانَ قد دعاكُم إلى مائدَتِه. في الإستِعارَة الجميلة في آخِرِ سِفرٍ من أسفارِ الكتابِ المقدَّس، يُخبِرُنا يسُوعُ بأنَّهُ واقِفٌ على بابِ حياتِنا، يقرَعُ بِصبرٍ، لأنَّهُ يُريدُنا أن نفتَحَ لهُ البَاب، وأن يدعُوَنا لنتعشَّى معَهُ (رُؤيا 3: 20).

يُشيرُ هذا المَثَلُ إلى القيمة التي أعطاها يسُوعُ للشَّرِكَةِ معَ الله. ويُخبِرُ بِقِصَّةِ رَبِّ البَيتِ، الذي أرادَ أن يفتَحَ أبوابَ منزِلِهِ على مِصراعَيها حيثُ أعدَّ مائدَةً عظيمة. لقد رُفِضَت دعَواتُهُ جَميعاً من قِبَلِ أُولئكَ الذين دَعاهُم إلى حفلَةِ العشاء. وكانت أعذارُهُم أنَّهُم إشتَرُوا مُلكاً وينبَغي أن يذهَبُوا ليَرَوهُ. (يبدُو من الغَريبِ أنَّ هؤُلاء إشتَرُوا مُلكاً دُونَ أن يرَوهُ. قد يعني هذا أنَّهُم رُغمَ كونِهم قد سبَقُوا ورَأَوا هذا المُلك، ولكنَّهُم أرادُوا أن يرَوهُ الآن بعدَ أنِ إمتَلَكُوهُ. إنَّ جوهَرَ هذا العُذر مُمكِن أن يعنِيَ أنَّ أُمُورَ ومُمتَلَكات هذا العالم كانت أكثَرَ أهمِّيَّةً بالنسبَةِ لهؤُلاء من الشركة معَ الله؟

عُذرٌ آخَرُ هو أنَّهُم إشتَرُوا خمسةَ أزواج بقَر وأرادُوا تجريبَها. إنَّ خمسةَ أزواجِ بقَر تكفي للعَمَلِ على مزرعَةٍ شاسِعَةٍ مُترامِيَةِ الأطراف. وبما أنَّ ثيرانَ الفِلاحة ترمُزُ إلى العَمَل، فإنَّ هذا العُذر يُعبِّرُ عن إستخدام الإنشِغال بالعَمَل كحُجَّةٍ لعدَمِ المجيء إلى عشاءِ الرَّب.

عُذرٌ ثالِثٌ هُوَ أنَّنِي تزَوَّجتُ مُؤخَّراً، ولا أستطيعُ أن أجِيءَ. ثُمَّ تُضيفُ إحدَى التَّرجمَات بالقَول، "لقد تزوَّجتُ مُؤخَّراً، وأنا أكيدٌ أنَّكَ ستَتَفهَّمُ عدم قُدرَتي على المَجيء" (لُوقا 14: 20). جَواباً على رفضِ كُلِّ الدعوات إلى العَشاء، غَضِبَ رَبُّ البَيتِ كثيراً وقالَ لخادِمِهِ أن يخرُجَ إلى المَدينَة ويدعُوَ كُلَّ المرضَى والمنبُوذِين ليَنضَمُّوا إليهِ ويُشارِكُوه العشاء – أي أشخاص لن يقدِرُوا أبداً على رَدِّ دَينِ هذه الدعوة، وكانَ مُستَحيلاً أن يُدعَوا إلى أيَّةِ مأدُبَةِ عشاءٍ كهذه.

ولِكَي يُوجِّهَ اللهُ هكذا دعوة إلى مائدَتِهِ، إحتاجَ أن يُرسِلَ إبنَهُ الوحيد إلى العالم ليَمُوتَ عن خطايانا. لقد كانت خيمَةُ العِبادَة وهيكَلُ سُليمان يُشيرانِ إلى التعاليم المُوحى بها التي أعطاهَا اللهُ لمُوسى، ليُظهِرَ لهُ كيفَ ينبَغي على الخُطاة أن يقتَرِبُوامن اللهِ القُدُّوس. لقد مكَثَ حُضُورُ اللهِ في غُرفَةٍ داخِليَّة، وكان ترتيبُ ليتُورجيا العبادَةِ هُناك يتكلَّمُ بمُجمَلِهِ عن الإقتِراب من محضَرِ الله. كانَ هُناكَ حجابٌ غَليظ يحجُبُ الدُّخولَ عن هذا المكانِ المقدَّس الذي مكَثَ فيهِ اللهُ. فالخُطاةُ لم يقتَرِبُوا حتَّى من المَكانِ المُقدَّس. مرَّةً في السَّنَة، وبينما كانَت كُلُّ الجماعَةِ تتحلَّقُ حولَ خيمَةِ العبادَة، كانَ رَئيسُ الكَهَنة يدخُلُ إلى محضَرِ اللهِ، بالنّيابَةِ عن شعبِ الله.

كانَ هيكَلُ سُليمان مَبنِيَّاً على هذا النَّمُوذَج عينِهِ للإقتِرابِ من الله. في ذلكَ الهَيكَل، كانَ الحِجابُ يُشبِهُ ستارَ المسرَح. وعندما ماتَ يسُوعُ على الصَّليب، إنشَقَّ هذا الحِجابُ من فَوقُ إلى أسفَل، مُشيراً بذلكَ إلى المُعجِزة العظيمة أنَّهُ لم يعُدْ مُتوجِّباً على شعبِ الله أن يقتَرِبُوا منهُ بالطريقَةِ التي بها طَلبَ اللهُ أن يقتَرِبَ شعبُهُ منهُ في العهدِ القديم. وقد تظُنُّ أنَّهُ في هذه الحال، سوفَ يتراكَضُ الناسُ جَميعاً للدُّخُول إلى حضرَةِ الله، بعدَ أن أُعلِنَت هذه الأخبارُ السارَّة. ولكنَّ مَثَلَ يسُوع هذا يُرينا أنَّهُ لم تكُن الحالُ هكذا.

إن هذه الأعذار هي طريقَةٌ ساخِرَة لإيضاحِ غيابِ التركيز على الأولويَّات في حياةِ شعبِ الله. فعندما يقُولُ هؤُلاء أنَّهُم لا يستطيعُونَ المجيء، فإنَّ أعذارَهُم لا تُعبِّرُ عن إستِحالَةِ المَجيء. بل تعني أعذارُهُم الواهِيَة والضعيفة أنَّهُم إختارُوا أن لا يأتُوا لأنَّهُم يُولُونَ قيمَةً أكبَر لأُمُورِ هذا العالم، ولِعَمَلِهم، وعلاقاتِهم الإنسانِيَّة، ممَّا يُولُونَهُ لعلاقتِهم معَ الله.

هل تُقدِّرُ القيمةَ الكَبِيرَة للشركة معَ الله؟ وهل تُقدِّرُ الكلفة التي ترتَّبَت على الله لكَي يفتَحَ لكَ الطريق للشَّرِكَة معَهُ؟ وهل تُقدِّرُ مِقدارَ كلفَةِ قول يسُوع المسيح للعالَم أجمَع، "أنا هُوَ الطريق... ليسَ أحدٌ يأتي إلى الآب إلا بي؟" وهل ستعتَرِفُ (تقُولُ الشيءَ نفسَهُ) معَ يسُوع، بقيمَةِ الشركةِ معَ الله؟

إنَّ ما نُؤمِنُ بهِ بالفِعل، نعمَلُهُ. وكُلُّ ما عدا ذلكَ فهُوَ مُجرَّدُ كلام. بِناءً على طريقَةِ صرفِكَ لوقتِكَ، ولِمالِكَ، ولعواطِفِكَ، هل تعتَرِفُ بالقيمةِ التي قصدَها يسُوعُ عندما علَّمَ بهذا المثل العميق؟


 
قديم 22 - 09 - 2024, 08:57 AM   رقم المشاركة : ( 173738 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






هل تُقدِّرُ القيمةَ الكَبِيرَة للشركة معَ الله؟
وهل تُقدِّرُ الكلفة التي ترتَّبَت على الله لكَي يفتَحَ لكَ الطريق للشَّرِكَة معَهُ؟
وهل تُقدِّرُ مِقدارَ كلفَةِ قول يسُوع المسيح للعالَم أجمَع،
"أنا هُوَ الطريق... ليسَ أحدٌ يأتي إلى الآب إلا بي؟"
وهل ستعتَرِفُ (تقُولُ الشيءَ نفسَهُ) معَ يسُوع، بقيمَةِ الشركةِ معَ الله؟


إنَّ ما نُؤمِنُ بهِ بالفِعل، نعمَلُهُ. وكُلُّ ما عدا ذلكَ فهُوَ مُجرَّدُ كلام.
بِناءً على طريقَةِ صرفِكَ لوقتِكَ، ولِمالِكَ، ولعواطِفِكَ،
هل تعتَرِفُ بالقيمةِ التي قصدَها يسُوعُ عندما علَّمَ بهذا المثل العميق؟
 
قديم 22 - 09 - 2024, 08:58 AM   رقم المشاركة : ( 173739 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


الرَّجُلُ عندَ البِركَة

لقد سبقَ وتَعَلَّمنا الكثير عن القيمة التي أولاها يسُوعُ للمُتأَلِّمِينَ والمَرضَى في هذا العالم، وكيفَ جاءَ ليَشفِيَ أمراضَهُم ولِكَي يَرُدَّ نُفُوسَهُم رُوحِيَّاً. لقد سبقتُ وأشرتُ إلى الشفاء الستراتيجيّ الذي تمَّ وصفُهُ في الإصحاحِ الخامس من إنجيلِ يُوحَنَّا، حيثُ شفَى يسُوعُ رجُلاً لكَي يُسهِّلَ حِواراً معَ رِجالِ الدين. إذا نظَرنا أكثَرَ عن كثَب إلى هذا الشِّفاء، نجدُ قيمَةً أُخرى للمسيح تظهَرُ عندما تُعيدُ محبَّةُ المسيحِ الصحَّةَ لأحدِ أولئكَ الاشخاصُ المُتألِّمين الذي أولاهُم يسُوعُ قيمَةً كُبرى. هُنا نجدُ وصفَ يُوحنَّا لهذا الشفاء: "وبعدَ هذا كانَ عيدٌ لِليَهُودِ فَصَعِدَ يَسُوعُ إلى أُورشَليم. وفي أُورشَليم عِندَ بابِ الضَّأنِ بِركَةٌ يُقالُ لها بالعِبرانِيَّة بَيتُ حسدا لها خَمسَةُ أروِقة. في هذه كانَ مُضطجِعاً جُمهُورٌ كَثيرٌ من مرضى وعُمي وعُرج وعُسمٍ يتوقَّعُونَ تحريكَ الماء. لأنَّ ملاكاً كانَ ينزِلُ أحياناً في البِركة ويُحرِّكُ الماءَ. فمن نزلَ أوَّلاً بعدَ تحريكِ الماء كانَ يبرَأُ من أيِّ مرَضٍ إعتَراهُ.

"وكانَ هُناكَ إنسانٌ بهِ مرَضٌ منذُ ثمانٍ وثلاثِينَ سنَةً. هذا رآهُ يسُوعُ مُضطَّجِعاً وعَلِمَ أنَّ لهُ زَماناً كَثيراً فقالَ لهُ أتُريدُ أن تبرَأَ. أجابَهُ المَريضُ يا سَيِّدُ ليسَ لي إنسانٌ يُلقِيني في البِركة متى تحرَّكَ الماءُ. بل بَينما أنا آتٍ ينزِلُ قُدَّامِي آخر. قالَ لهُ يسُوعُ قُمْ. إحمِلْ سَريرَكَ وامشِ. فحالاً بَرِئَ الإنسانُ وحمَلَ سَريرَهُ ومَشى." (يُوحنَّا 5: 1- 9)

تُشيرُ اللُّغَةُ الأصليَّةُ إلى هذا الجمع من النَّاس، الجالِسينَ عاجِزينَ بجانِبِ البِركة. تَصِفُهُم إحدَى الترجمات "كجَمعٍ عظيمٍ من الضُّعفاء." كانُوا ينتظِرُونَ بجانِبِ البِركَةِ كُلَّ يومٍ، لأنَّهُم كانُوا يعتَقِدُونَ بما كانَ لرُبَّما خُرافَةً، أي أنَّهُ عندما تتحرَّكُ مياهُ هذه البِركة، وأحياناً تحرَّكت، إعتَقَدُوا أنَّ هذا كانَ يعني أنَّ ملاكاً دخلَ البِركة، وأوَّلُ مريضٍ يُلقِي نفسَهُ فيها سوفَ يُشفى.

ولكنَّ أحدَ هؤُلاء المُنطَرِحينَ بجانِبِ البِركة، صارَ لهُ هُناكَ ثمانٍ وثلاثينَ سنةً. ومن بينِ هذه الجُموع الغفيرة من المرضى والضُّعفاء، ركَّزَ يسُوعُ كُلَّ إهتِمامِهِ على هذا الرَّجُل وسألَهُ، "أتُريدُ أن تبرَأَ؟" إنَّ إطارَ هذه المُعجِزة يُثيرُ بِضعَةَ أسئِلة. فمن بينِ هذه الجُمُوع الغَفيرة من الضُّعفاء، لماذا إختارَ يسُوعُ أن يشفِيَ رجُلاً واحِداً فقط؟ ولماذا لم يشفِ يسُوعُ كُلَّ أُولئكَ المُنطَرِحينَ بجانِبِ البِركة؟ ولماذا سألَ يسُوعُ رجُلاً كانَ مطرُوحاً بجانِبِ هذه البِركَة لمُدَّةٍ ثمانٍ وثلاثِينَ سنَةً، إن كانَ يُريدُ أن يبرَأَ؟

إنَّ المُتَمرِّسينَ في مَجَالِ الصحَّةِ يقُولونَ أنَّ هذا السُّؤال لا ينبَغي أن يبدوَ في غيرَ مكانِهِ، كما يظهَرُ للوهلَةِ الأُولى. فبعضُ الناسِ هُم مُنشَغِلُونَ مهوُوسُونَ بِصِحَّتِهم طوالَ الوقت، ولكنَّهم لا يُريدُونَ بالحقيقَةِ أن يُصبِحوا أصِحَّاء. لاحظُوا أنَّ السؤالَ لم يكُن، "هل تُريدُ أن تكُونَ صحيحاً؟" بل كانَ السؤالُ، "هل تُريدُ أن تبرَأَ؟" فالشفاءُ يتطلَّبُ أكثَرَ من مُجرَّدِ رَغبَةِ الإنسان بأن يكُونَ صحيحاً. ينبَغي أن نعتَرِفَ بالحقيقَةِ الصارِخة أنْ وحدَهُ سُلطانُ يسُوع المسيح يستطيعُ أن يعمَلَ من أجلِنا ما يقدِرُ سُلطانُ المسيح أن يعمَلَهُ.

أجابَ الرَّجُلُ أنَّهُ فَقَدَ كُلَّ أمَلٍ بالشِّفاء قائلاً: "يا سَيِّد، ليسَ لي إنسانٌ يُلقِيني في البِركة متى تحرَّكَ الماء. بل بَينَما أنا آتٍ ينزِلُ قُدَّامِي آخَر." (7)

لقد فقدَ هذا الرَّجُلُ كُلَّ أملٍ بقُدرَةِ البِركة على شِفائِهِ. ولقد أدرَكَ أنَّهُ لم يكُنْ وَحيداً، وبينما كانَ يزحَفُ تجاهَ البِركَةِ ليصِلَها قبلَ الآخرين، فَقَدَ كُلَّ أملٍ بأنَّ البِركَةَ ستُقدِّمُ لهُ الشِّفاء. وبعدَ أن فَقَدَ الأملَ من البِركَة، بدَأَ يُفَتِّشُ عن مصادِرَ أُخرى لِشِفائِه. من المُحتَمَلِ جدَّاً أنَّهُ كانَ يُصلِّي إلى الله لكَي يَشفِيَهُ مُباشَرَةً، بدُونِ حاجَةٍ إلى خُرافَةِ بركةِ بيتِ حسدا العاجِزة. كانَت هذه هي الحالُ التي وجدَهُ عليها يسُوع – ينتَظِرُ بَرَكَةً، التي وجدَهَا في يسُوع.

أشخاصٌ كَثِيرُونَ ينظُرُونَ إلى خارِجِ سُلطانِ اللهِ لينالُوا الشِّفاء. لديهم عدَّةُ "بِرَك بيت حسدا" التي ليسَ بإمكانِها أن تمنَحَهُم الشفاءَ المُتكامِل الذي يحتاجُونَهُ ويطلُبُونَهُ. وهكذا يلجَأُونَ إلى المادِيَّةِ وإلى إشباعِ الذَّات. ويتطلَّعُونَ إلى تشكيلَةٍ من "الشَّافِين،" الذين يظهَرُونَ بشتَّى الأشكالِ والأحجام، ولكنَّهُم لا يتطلَّعُونَ إلى الله. وكما كانت الحالُ معَ هذا الرَّجُل عندَ بِركَةِ بيتِ حسدا، فقط عندما نتطلَّعُ إلى ما هُوَ أبعَد من "بِرَكِ بيتِ حسدا" ونضعُ إيمانَنا بسُلطانِ المسيح وحدَهُ، عندها فقط سيكُونُ بإمكانِنا أن نبدَأَ بإختِبارِ الشفاء من الداخِل إلى الخارِج، بالطريقَةِ التي وحدَهُ المسيحُ يستطيعُ أن يشفِيَنا بها.

إنَّ تطبيقَ هذه القصَّة هُوَ مُزدَوِجٌ. أوَّلاً، علينا أن نسألَ أنفُسَنا قبلَ كُلِّ شَيءٍ، إن كُنَّا نُريدُ أن نبرَأ، وبعدَ ذلكَ إن كُنَّا نُؤمِنُ أنَّ المَسيحَ وحدَهُ يستطيعُ أن يشفِيَنا. ثانِياً، علينا أن نسألَ أنفُسَنا إن كُنَّا نُقَيِّمُ كُلَّ الأشخاصِ المُتَألِّمين الآخرين في العالم، كما فعلَ يسُوع.

قبلَ هذا المقطَع ببِضعَةِ أعدادٍ، نجدُ يسُوعَ يتحدَّى تلاميذَهُ بأن يُطَبِّقُوا محبَّتَهُم للأشخاصِ المُتَألِّمين، أمثال المَرأَة السامِريَّة التي كانت مُستَعِدَّةً لتنالَ المياهَ الحيَّة: "أما تقُولُونَ إنَّهُ يكُونُ أربَعَةُ أشهُرٍ ثُمَّ يأتي الحصاد. ها أنا أقُولُ لكُم إرفعُوا أَعيُنَكُم وانظُرُوا الحُقُولَ إنَّها قدِ إبيَضَّت للحصاد." (4: 35) هُناكَ أشخاصٌ في شتَّى أنحاءِ العالم حاضِرونَ لِقُبُولِ شِفاءِ الخلاص – إنَّهُم مثلُ الحقُول اليانِعة، الحاضِرة للحصاد. ويسُوعُ يضعُ أمامَنا التحدِّي بأن نعمَلَ في هذه الحُقُول، لنُوصِلَ خَلاصَهُ وشِفاءَهُ الرُّوحِي إلى هؤلاء الناس أمثال المرأة التي كانت عندَ البِئر، والرجُل الذي كانَ عندَ بالبِركة. فهل تعتَرِفُ بالقيمةِ التي أولاها يسُوعُ للأشخاصِ المُتألِّمِينَ الذي يتطلَّعُونَ إلى ما وراء آبارِهم وبِرَكِهم، مُنتَظِرينَ الشفاء الذي وحدَهُ المسيحُ يقدِرُ أن يُحقِّقَهُ في حياتِهم.


 
قديم 22 - 09 - 2024, 08:59 AM   رقم المشاركة : ( 173740 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






أشخاصٌ كَثِيرُونَ ينظُرُونَ إلى خارِجِ سُلطانِ اللهِ لينالُوا الشِّفاء. لديهم عدَّةُ "بِرَك بيت حسدا" التي ليسَ بإمكانِها أن تمنَحَهُم الشفاءَ المُتكامِل الذي يحتاجُونَهُ ويطلُبُونَهُ.
وهكذا يلجَأُونَ إلى المادِيَّةِ وإلى إشباعِ الذَّات. ويتطلَّعُونَ إلى تشكيلَةٍ من "الشَّافِين،" الذين يظهَرُونَ بشتَّى الأشكالِ والأحجام، ولكنَّهُم لا يتطلَّعُونَ إلى الله.
وكما كانت الحالُ معَ هذا الرَّجُل عندَ بِركَةِ بيتِ حسدا، فقط عندما نتطلَّعُ إلى ما هُوَ أبعَد من "بِرَكِ بيتِ حسدا" ونضعُ إيمانَنا بسُلطانِ المسيح وحدَهُ، عندها فقط سيكُونُ بإمكانِنا أن نبدَأَ بإختِبارِ الشفاء من الداخِل إلى الخارِج، بالطريقَةِ التي وحدَهُ المسيحُ يستطيعُ أن يشفِيَنا بها.
 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024