منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31 - 05 - 2024, 12:44 PM   رقم المشاركة : ( 162041 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,066

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






أيها المسيح الرب إلهنا
أحفظنا جميعاً حتى يبزغ الفجر ويُعلن مجدك

آمين


 
قديم 31 - 05 - 2024, 12:56 PM   رقم المشاركة : ( 162042 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,066

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة








المزمور الثَّانِي والخمسون
سلوك الأشرار والأبرار


لإمام المغنين. قصيدة لداود النبي عندما جاء دواغ الآدومى وأخبر شاول وقال له جاء داود إلى بيت أخيمالك.

"لماذا تفتخر بالشر أيها الجبار ..." (ع1)


مقدمة:

كاتبه: هو داود النبي كما يظهر من عنوان المزمور.

متى كتب؟ في بداية هروب داود من وجه شاول، بعد ذهاب داود إلى أخيمالك رئيس الكهنة في مدينة نوب التي يسكنها الكهنة، حيث أكل خبز الوجوه، وأخذ سيف جليات، ورآه دواغ الآدومى هناك، فأخبر شاول، وآثاره ضد أخيمالك، فقتل شاول أخيمالك وكل الكهنة، ولم يهرب سوى واحد منهم هو أبياثار (1 صم21).

دواغ الأدومى هو من نسل عيسو وانضم إلى شعب اليهود، ووصل أن يكون أكبر الرعاة المسئولين عن أغنام شاول، وهو إنسان شرير، يميل إلى سفك الدماء، فنقل أخبار إلى شاول، وهي حقائق، ولكنها مدعمة باستفزازات لشاول، وكلها كذب، إذ أظهر أخيمالك متعاونًا مع داود ضد شاول، وهذا لم يحدث. وعندما أمر شاول بقتل الكهنة، خاف كل عبيد شاول من ذلك، فتقدم دواغ وذبحهم جميعًا بالسيف، فدواغ شرير، ويتباهى بالشر؛ لذا فهو يرمز لضد المسيح، المقاوم للحق.

هذا المزمور يبين أن قوة الشرير مهما بدت طاغية، فهي سريعة الزوال، ولا ينتظر الشرير إلا العقاب الإلهي. أما الأبرار فيباركهم الله ويكافئهم، وهذا يثبت المؤمنين في حياة البر.

يعتبر هذا المزمور أحد المزامير الثمانية التي يحمل عنوانها أن داود مطرود وهارب من وجه شاول، وتسمى "مزامير الطريد" وهي (مز7، 34، 49، 52، 54، 56، 57، 142).

هذا المزمور غير موجود بالأجبية.


(1) صفات الشرير (ع1-4):





ع1: لِمَاذَا تَفْتَخِرُ بِالشَّرِّ أَيُّهَا الْجَبَّارُ؟ رَحْمَةُ اللهِ هِيَ كُلَّ يَوْمٍ!

أحب دواغ الأدومى الشر، فمارسه واستمر فيه، ولأجل تقربه للملك شاول فعل شرورًا كثيرة مثل الكذب، واستهان بأرواح الكهنة وقتلهم بلا شفقة، بل وأباد كل من في مدينتهم من النساء والأطفال، وأفتخر بأنه يصنع الشر، وهذه أول صفة من صفات الشرير.

فهو يمثل الفجور، ويرمز لضد المسيح، والكتاب المقدس يظهر أمثلة لهؤلاء الفاجرين المفتخرين بالشر، مثل ربشاقى، وسنحاريب.

رحمة الله هي كل يوم؛ لتوقف شر الأشرار، وتحفظ وتنجى الأبرار، أو تعدهم بالأبدية، كما حدث مع كهنة نوب (1 صم: 21)، فالله ضابط الكل برحمته يضع حدودًا للشر. وهكذا نرى في هذه الآية مقابلة بين شرور الإنسان، ورحمة الله، وهذه هي فكرة المزمور كله.



ع2: لِسَانُكَ يَخْتَرِعُ مَفَاسِدَ. كَمُوسَى مَسْنُونَةٍ يَعْمَلُ بِالْغِشِّ.

الصفة الثانية في دواغ، أو في الشرير، هي الكذب، واختراع المفاسد، فقد أوهم شاول أن أخيمالك يتعاون مع داود ضد شاول، فحتى يتقرب دواغ من شاول كذب ليحقق هدفه، وكذلك هو مخادع وغشاش، فانضم إلى اليهود، واختتن، وقد صنع هذا وتظاهر، ولكنه حقيقة لا يحب الله وعبادته، بدليل قسوة قلبه، واندفاعه ليقتل الكهنة، أما اليهود الحقيقيون عبيد شاول، فلم يستطيعوا أن يقتلوا الكهنة.

يشبه داود دواغ "بموسى مسنونة" التي تزيل الشعر كله بسهولة، كما قتل دواغ الكهنة، وأباد مدينتهم بسهولة، فهو يفكر بالشر، ويسرع إليه، ويفعله بسهولة؛ لأنه من طبيعته، وبالتالي يتمادى ويستمر فيه. وكذلك الموسى المسنونة تجرح وتقطع بسرعة كل من لا يحترس منها، فالشرير مخادع ولا يؤتمن.



ع3، 4: أَحْبَبْتَ الشَّرَّ أَكْثَرَ مِنَ الْخَيْرِ، الْكَذِبَ أَكْثَرَ مِنَ التَّكَلُّمِ بِالصِّدْقِ.
سِلاَهْ. أَحْبَبْتَ كُلَّ كَلاَمٍ مُهْلِكٍ، وَلِسَانِ غِشٍّ.

الصفة الثالثة للشرير هي محبة الشر أكثر من الخير، فدواغ أحب الكذب واستفزاز شاول ضد الكهنة أكثر من التماس العذر لأخيمالك في مساعدته لداود؛ مثل أنه يجهل وجود أية مشاكل بين داود وشاول. وفى محبة دواغ للشر استخدم الكذب وقسوة القلب فذبح الكهنة.

في محبة الشرير للشر أحب كل كلام شرير يهلك الآخرين، ويغشهم، فالشرير يلتصق بالأشرار، ويحب شرورهم مما يجعله يتمادى في شروره بلا حصر.

نجد في نهاية آية (3) كلمة "سلاه"، وهي وقفة موسيقية، ليتأمل الإنسان خطورة الشر، ويبتعد عنه.

† احترس من أن يثيرك إبليس، فتتمادى في أي شر، مهما كان صغيرًا، أو بعيدًا عن أعين الناس، فهو يريد تحويل قلبك إلى الشر؛ حتى يفصلك عن الله. وعندما ينبهك الله أسرع إلى التوبة؛ لتستعيد بنوتك لله، وتتنقى طبيعتك، وتعود لعمل الخير.


(2) جزاء الشرير (ع5-7):



ع5: أَيْضًا يَهْدِمُكَ اللهُ إِلَى الأَبَدِ. يَخْطَفُكَ وَيَقْلَعُكَ مِنْ مَسْكَنِكَ
وَيَسْتَأْصِلُكَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ. سِلاَهْ.

"أيضًا" تعنى لذلك، أي نتيجة لصفات الشر التي تمسك بها الشرير، يجلب عليه الله عقوبات كثيرة، وهي:

أ - يهدمك: أي يحطمك الله، ويفقدك كل مظاهر قوتك. وهذا الهدم يستمر طوال حياته، أي إلى الأبد، فيلقى في العذاب الأبدي.

ب - يخطفك: يتم العقاب الإلهي فجأة، بعد أن أطال الله أناته على الشرير، الذي تمادى في شروره مدة طويلة، يأتي عليه العقاب الإلهي فجأة، فيخطفه من كل لذاته، وكبريائه، ويفقده كل قدرة، وقوة.

ج - يقلعك من مسكنك: مهما كان الشرير متأصلًا، ومثبتًا نفسه، ومهما كانت له قوة، أو علاقات، أو أموال، يقلعه الله من مسكنه المستقر، كما يقلع النبات من الأرض، ويلقيه خارجًا؛ ليجف ويحرق بالنار، أى يفقد كل ما كونه لنفسه، ويلقى في النار الأبدية.

د - يستأصلك عن أرض الأحياء: يفقد الشرير حياته، إما بالموت، أو يعتبر ميتًا في نظر الله؛ لأنه انفصل عنه، ولا يكون له مكان في أرض الأحياء، أي ملكوت السموات، فلأنه رفض الحياة مع الله على الأرض، يصبح ميتًا إلى الأبد، أي لا يشعر بالله، ويتعذب إلى الأبد، إذ معرفة الله هي الحياة، والبعد عنه هو العذاب الأبدي.

تنتهي الآية بكلمة "سلاه" وهي وقفة موسيقية للتأمل في عقاب الشرير؛ حتى يبتعد الإنسان عن الشر.



ع6، 7: فَيَرَى الصِّدِّيقُونَ وَيَخَافُونَ، وَعَلَيْهِ يَضْحَكُونَ:
«هُوَذَا الإِنْسَانُ الَّذِي لَمْ يَجْعَلِ اللهَ حِصْنَهُ،
بَلِ اتَّكَلَ عَلَى كَثْرَةِ غِنَاهُ وَاعْتَزَّ بِفَسَادِهِ».

عندما يرى الصديقون الشرير، الذي لم يعتمد على الله، ولم يجعله حصنه، بل اتكل على ممتلكاته، وعلى وسائله الشريرة، التي يكسب بها الماديات. إذ يرى الصديقون كل هذا، يخافون الله؛ لأنهم قد تعودوا رؤية الله، فيشعرون بمشاعره، وكيف يتضايق قلبه من الشر، ويخافون على أنفسهم أن يتهاونوا، فيسقطوا في شيء من هذه الشرور، ولذا يزدادون حرصًا، وتدقيقًا، متذكرين دائمًا مخافة الله.

كذلك يضحك الصديقون على الشر، أي يستهزئون بالشر، ويشعرون أنه شيء سئ، وتافه، وزائل، فلا يغريهم ليصنعوه، بل ينفرون منه، ويزداد تمسكهم بالله.

† تذكر مخافة الله كل حين؛ لتحفظك من الخطية، وتقربك إلى الله، فتتمتع برؤيته، بل ويكشف لك كنوز معرفته، وتفرح بعشرته.


(3) سلوك البار ومكافأته (ع8، 9):



ع8: أَمَّا أَنَا فَمِثْلُ زَيْتُونَةٍ خَضْرَاءَ فِي بَيْتِ اللهِ.
تَوَكَّلْتُ عَلَى رَحْمَةِ اللهِ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ.

إذ يرى الصديق خطايا الشرير يبتعد عنه؛ هذا هو الجانب السلبى، ولكن من الناحية الإيجابية يتمتع الصديق - كما يعبر في هذه الآية - بما يلي:

أ - يشبه نفسه بزيتونة خضراء، أي شجرة تعطى ثمارًا؛ لأن الإنسان الروحي له ثمار روحية، وكذلك ينتج الزيت، الذي يحتاجه المؤمن؛ ليملأ به مصباحه، وهذا الزيت هو الأعمال الصالحة. والزيتونة خضراء، أي مملوءة حياة بالله العامل فيها. وأيضًا الزيتونة ترمز للسلام كما في قصة نوح؛ لأن الصديق يصنع السلام، ويميل إليه، فيملأ الله قلبه سلامًا.

ب - "فى بيت الله": سر قوة هذه الزيتونة أنها مغروسة في بيت الله، أي أن لها علاقة قوية جدًا، ومتأصلة في عبادة الله، فتنال كل البركات السابق ذكرها، ولا يستطيع أحد أن يقلعها، أي الأشرار وكل خطاياهم لا يؤثروا فيها.

ثبات الصديق، أو البار يعتمد على اتكاله على الله، الذي يثبته، ويحفظه، ويدافع عنه، ويباركه في هذه الحياة، ثم في الأبدية.

يشبه داود نفسه بالزيتونة المغروسة في بيت الله، رغم أنه مطرود، ومستبعد عن بيت الله؛ لأن قلبه متعلق بالله، وببيته، ولذا نقرأ هذا الجزء من المزمور في عشية عيد يوحنا المعمدان (2 توت) الذي عاش في البرية، مطرودًا من هيرودس، ولكن قلبه كان متعلقًا ببيت الرب، وبمسيحه أكثر من كل شعب اليهود.

الزيتونة الخضراء ترمز للمسيح، فكل المعانى السابق ذكرها تكمل في المسيح.



ع9: أَحْمَدُكَ إِلَى الدَّهْرِ لأَنَّكَ فَعَلْتَ،
وَأَنْتَظِرُ اسْمَكَ فَإِنَّهُ صَالِحٌ قُدَّامَ أَتْقِيَائِكَ.

في نهاية المزمور يشكر داود الله، ويسبحه؛ لأنه وهبه البركات المذكورة في هذا المزمور. هذا هو فعل الله فيه، فهو يقدر عمل الله، ويشكره، فيثبت في علاقة عميقة، وحب دائم لله.

هذا التسبيح أنتج في قلب داود أشواقًا نحو الله، يعبر عنها بأنه ينتظر الرب، أي أنه جوعان، وعطشان إلى الله، فيهبه الله بركات، وتمتع به. وإذ تستنير حياة داود يكون قدوة لأتقياء الله، الذين ينتظرون الرب أيضًا، فيتشجعون في سعيهم نحو الله. وفى انتظار داود لإسم الله يحتمل أتعاب الحياة وحروب إبليس بفرح، واثقًا من مساندة الله له، وبركاته التي سيهبها له؛ لأن المؤمنين بالله يتعرضون لحروب كثيرة، والله يسمح بها، ولكن في نفس الوقت ينعم على أولاده بالصبر والمساندة، بل أكثر من هذا اختبار عشرته وسط الضيقات.

† اتكالك على الله يمتعك بالمساندة والثبات في حياتك الروحية، فلا تضطرب من تقلبات الحياة، أو حروب إبليس، وتستمر في نموك الروحي.





المزمور الثَّالِثُ والخمسون
خلاص الرب


مزمور لداود حينما هرب من وجه أبشالوم ابنه

"يا رب ما أكثر مضايقيَّ .." (ع1)


مقدمة:

أ - هذا المزمور تكرار للمزمور الرابع عشر، ولكن لماذا تكرر هذا المزمور في سفر واحد؟

1. لأن كاتبهما واحد، وهو داود النبي، فهما متشابهان إلى حدٍ كبير.

2. وضع المزمور الأول وهو (مز14) في المجموعة الأولى، بحسب التقسيم اليهودي، وتشمل (مز1-41)، وهي المجموعة إلى تتكلم عن خلاص الإنسان، فيظهر زيغان قلب الإنسان وراء الشر، ومن أجل هذا تجسد المسيح ليفديه. أما المزمور الثاني (مز53) فوضع في المجموعة الثانية التي تشمل (مز42-72)، وهي المجموعة التي تتحدث عن خلاص الجماعة، أو الكنيسة المعرضة ككل للزيغان، والفساد، وتحتاج كلها للخلاص.

3. فكرة هذا المزمور -وهي أن قلب الإنسان مُعَرَّض للفساد، والشر، والخيانة- فِكرة متكررة على مر الأجيال، والمقصود بالتكرار تنبيه الإنسان لخطورة هذا الفساد ليحترس منه، خاصة وأن كل إنسان مهما كان قربه من الله معرض للسقوط، كما حدث مع يهوذا تلميذ المسيح.

4. رغم تكرار المزمور، ولكن يوجد بعض الفروق بين المزمورين، وهذا يؤكد أن الكاتب كتبهما كل على حدة، فتأتى الكتابة مختلفة قليلًا، وليست طبق الأصل؛ فهذا المزمور ليس نسخة من المزمور الآخر. وهذا يؤكد عدم تحريف الكتاب المقدس، فلم تتدخل يد الإنسان لتحذف أحد هذه المزامير؛ حتى لا يعترض أحد على هذا التكرار.



قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلهٌ». فَسَدُوا وَرَجِسُوا رَجَاسَةً. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا.

اَللهُ مِنَ السَّمَاءِ أَشْرَفَ عَلَى بَنِي الْبَشَرِ لِيَنْظُرَ: هَلْ مِنْ فَاهِمٍ طَالِبِ اللهِ؟

كُلُّهُمْ قَدِ ارْتَدُّوا مَعًا، فَسَدُوا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا، لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ.

أَلَمْ يَعْلَمْ فَاعِلُو الإِثْمِ، الَّذِينَ يَأْكُلُونَ شَعْبِي كَمَا يَأْكُلُونَ الْخُبْزَ، وَاللهَ لَمْ يَدْعُوا؟

هُنَاكَ خَافُوا خَوْفًا، وَلَمْ يَكُنْ خَوْفٌ، لأَنَّ اللهَ قَدْ بَدَّدَ عِظَامَ مُحَاصِرِكَ. أَخْزَيْتَهُمْ لأَنَّ اللهَ قَدْ رَفَضَهُمْ.

لَيْتَ مِنْ صِهْيَوْنَ خَلاَصَ إِسْرَائِيلَ. عِنْدَ رَدِّ اللهِ سَبْيَ شَعْبِهِ، يَهْتِفُ يَعْقُوبُ، وَيَفْرَحُ إِسْرَائِيلُ.



ب- الفروق الموجودة بين المزمورين:

1. في (مز14: 1) نجد "رجسوا بأفعالهم" أما في (مز53: 1) فنجد بدلًا منها "رجسوا رجاسة".



2. في (مز14: 2) نجد "الرب من السماء"، أما في (مز53: 2) فنجد بدلًا منها "الله من السماء".



3. في (مز14: 3) نجد "الكل قد زاغوا" أما في (مز53: 3) فنجد بدلًا منها "كلهم قد ارتدوا".



4. في (مز14: 4) نجد "ألم يعلم كل فاعلى الإثم" أما في (مز53: 4) فنجد بدلًا منها "ألم يعلم فاعلوا الإثم".



5. (مز14: 5، 6) يحدثنا عن خوف الأشرار من الأبرار، رغم معارضتهم، ومقاومتهم لهم، وللإنسان المتضع، كما شرحنا بالتفصيل في (مز14). أما في (مز53: 5) فيتحدث عن خوف الأشرار، رغم عدم وجود ما يخيف، وقد بدد الله قوة من حاصروا البار وأخزاهم؛ لأنهم أشرار، والله قد رفضهم، كما أزال قوة سنحاريب وجيشه، الذين حاصروا أورشليم أيام حزقيا الملك. أي أن (مز53: 5) هو دمج لمعنى آيتى (5، 6) في (مز14).



6. نلاحظ اختلاف الترقيم بعد هذا بين المزمورين، أي أن (مز14: 7) تقابل (مز53: 6).







الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ والخمسون
حتمية الخلاص الإلهي


قصيدة لداود عندما أتى الزيفيون وقالوا لشاول

أليس داود مختبئًا عندنا

"اللهم باسمك خلصنى.." (ع1)


مقدمة:

كاتبه: داود كما هو مذكور في العنوان.

متى كتب؟ عندما كان داود مطرودًا من شاول، ووصل إلى منطقة زيف الجبلية، الواقعة في سبط يهوذا جنوب أورشليم وحبرون. وذهب الزيفيون إلى شاول، وأخبروه أن داود مختبئ عندهم؛ ليأتى ويقبض عليه. وهذا يبين مدى خوفهم من شاول، ومحاولتهم إرضائه، ولكن الله أنقذه من يد شاول، وحاول الزيفيون مرة أخرى وأخبروا شاول أن داود موجود في برية زيف، وأنقذه الله أيضًا (1 صم26: 1-25). وغالبًا كتب داود هذا المزمور بعد إنقاذ الله الأول له عندما كان في عين جدى وكان شاول محاصرًا له، وكاد أن يقبض عليه، ولكن أتاه خبر بهجوم الفلسطينيين على أرض بني إسرائيل، فترك داود وذهب لمواجهة الفلسطينيين (1 صم23: 14-29) فشكر داود الله الذي سمح بهذا الهجوم لإنقاذه من يد شاول.

يطلب داود في هذا المزمور من الله أن يخلصه، فيتدخل الله ويخلصه، فيشكره على خلاصه، ويسبحه. فهو مزمور شكر لكل إنسان مرَّ بضيقة، وصلى إلى الله فأنقذه.

هو أحد المزامير الثمانية التي يحمل عنوانها أن داود مطرود من شاول وتسمى مزامير الطريد.

هذا المزمور مكمل للمزمور السابق له؛ لأن المزمور 53 يبين مقاومة الأشرار للبار، وهذا المزمور يظهر مساندة الله للبار، وإنقاذه من أيدي الأشرار.

هذا المزمور موجود في بداية صلاة الساعة السادسة بالأجبية، التي فيها يصلب المسيح عن العالم، وداود يعانى من الآلام ويشارك المسيح صليبه، ثم يقدم ذبيحة التسبيح والشكر لله، أي أننا نمجد ذبيحة المسيح على الصليب بالشكر والتسبيح. ولذلك تقرأه الكنيسة الغربية في يوم الجمعة العظيمة تذكارًا لصلب المسيح.




(1) طلب الخلاص (ع1-3):



ع1: اَللَّهُمَّ، بِاسْمِكَ خَلِّصْنِي، وَبِقُوَّتِكَ احْكُمْ لِي.


اسم الله يخلص أولاده، ويكسر أعداءه؛ لذا اهتمت الكنيسة بترديد اسم الله منذ القرون الأولى للمسيحية في صلاة يسوع، وكذلك في الأبصاليات اليومية للتسبحة.

لأن داود يسلك بالاستقامة، فيطلب حكم الله العادل؛ لينقذه من أعدائه، فهو يثق في عدل الله، وبسلوكه (داود) المستقيم، ويؤمن أن الله لا يرفض صلوات طالبيه؛ ولذلك فالكنيسة تطلب المسيح مخلصها مهما حلت بها الضيقات، واثقة من قوته وحمايته.



ع2: اسْمَعْ يَا اَللهُ صَلاَتِي. اصْغَ إِلَى كَلاَمِ فَمِي.

إن داود يصلى من قلبه دون كلام، ويفتح شفتيه بصلوات مسموعة، فهو بقلبه ولسانه يطلب الله لينقذه من أعدائه. وبالطبع الله لا يمكن أن يتركه.



ع3: لأَنَّ غُرَبَاءَ قَدْ قَامُوا عَلَيَّ، وَعُتَاةً طَلَبُوا نَفْسِي.
لَمْ يَجْعَلُوا اللهَ أَمَامَهُمْ. سِلاَهْ.

عتاة:
جبابرة.

أعداء داود يقسمهم إلى مجموعتين:

أ - غرباء: ويقصد بهم الزيفيين، مع أنهم يهود، ومن نفس سبطه، أي سبط يهوذا، ولكنهم تغربوا عنه، ولا يحبونه، وحاولوا قتله بتسليمه ليد شاول.

ب- العتاة: ويقصد بهم شاول وجنوده الذين يريدون قتل داود، وحاولوا ذلك مرات كثيرة.

هاتان الفئتان فعلا الشر؛ لأنهما أهملا وجود الله، فلم يكن في داخلهما إلا أفكارهما البشرية الشريرة، ولكن الله قادر أن ينقذ داود من أيديهما.

الكنيسة تقابل أعداء في كل جيل، سواء من أبنائها الذين تغربوا عنها بسقوطهم في البدع، أو الكبرياء، أو الشهوات المختلفة، وأحيانًا غرباء ليسوا من أبناء الكنيسة. وهؤلاء يستعينوا بأقوياء العالم للإساءة إلى الكنيسة، وليس أمامهم خوف الله، ولكن الله القوى ينقذ كنيسته مهما تكاثر عليها الأشرار.

تنتهي هذه الآية بكلمة "سلاه" وهي وقفة موسيقية للتأمل في اسم الله الذي يحفظنا ويحمينا، ويقوينا، ويشبع نفوسنا.

† لا تخف من الأشرار وتهديداتهم مهما كانت قوتهم، أو كثرتهم؛ لأن الله قادر على حمايتك. فقط اطلب الله وألح عليه، فتنال مراحمه وبركاته.


(2) شكر الله المخلص (ع4-7):



ع4: هُوَذَا اللهُ مُعِينٌ لِي. الرَّبُّ بَيْنَ عَاضِدِي نَفْسِي.

إن كان داود قد بدأ مزمور في طلب الخلاص من الله، لكنه يعود فيشكر الله المساند له، ويسبحه، وهذه هي عادة داود في كل مزاميره. فيعلن هنا أن الرب معين له، بل مساند، بالتالى إن كان الله معينًا وعاضدًا، فمن يستطيع أن يقف أمام داود؟ وهذا يظهر إيمان داود، وطمأنينته بين يدى الله.

وعندما يقول إن الرب بين عاضدى نفسي لا يقصد أنه مجرد واحد من المساندين، ولكن يقصد أنه المساند الحقيقي الأساسى، حتى لو وجد بعض الناس المساندين لداود. بالإضافة إلى أن وجود الله بين المساندين يشجع هؤلاء المساندين في مساندتهم لداود.



ع5: يَرْجعُ الشَّرُّ عَلَى أَعْدَائِي. بِحَقِّكَ أَفْنِهِمْ.

بروح النبوة يتنبأ داود عن أعدائه أن يرجع شرهم على رؤوسهم، وبحق الله، أي قوته يفنى هؤلاء الأعداء. وبهذا يثبت العدل الإلهي، ولا يضطرب الأبرار من كثرة الشر. ولعل الأشرار الباقين يتوبون، ويؤمنون بالله.

قد يقصد بالأعداء الشياطين، الذين نهايتهم العذاب الأبدي.

لا يقصد داود الانتقام والشماتة بالأعداء؛ لأن تسامح داود واضح، إذ صفح عن شاول عدوه مرتين، رغم أنه كان قادرًا على إهلاكه، فهو بالطبع هنا لا يقصد الانتقام من أعدائه، ولكن إظهار فساد الشر وبطلانه.



ع6: أَذْبَحُ لَكَ مُنْتَدِبًا. أَحْمَدُ اسْمَكَ يَا رَبُّ لأَنَّهُ صَالِحٌ.

منتدبًا:
طوعًا، وعن طيب خاطر.

إذ آمن داود بالله المعين، والمساند له، والمخلص من كل ضيقاته، تحرك قلبه بالحب نحو الله؛ ليقدم له ذبائح الشكر كتعبير عن محبته، وليس طلبًا للمكافأة؛ لأنه قد نال فعلًا الطمأنينة والسلام؛ لمساندة الله له. وهذه الذبائح ليست إجبارية لداود، بل تطوع، ومحبة منه؛ لأن داود كان مستبعدًا، مطرودًا، بعيدًا عن الهيكل، فلم يستطع أن يقدم ذبائح حيوانية، فقدم ذبائح الشفاة الإختيارية، تسبيحًا لله. وما يدفع داود لشكر الله هو تأمله الدائم في صلاح الله، وعنايته، وعطاياه المستمرة له.



ع7: لأَنَّهُ مِنْ كُلِّ ضِيْق نَجَّانِي، وَبِأَعْدَائِي رَأَتْ عَيْنِي.

ظهر صلاح الله واضحًا في إنقاذ داود من كل ضيقة، بل تدخل الله السريع في ضرب الأعداء، فرأى داود انتصاره، وتشجع ليثبت في بره. لذا استمر في شكره وتسبيحه لله؛ إذ كان يسترجع دائمًا ما رأته عيناه في أعمال الله معه، وإنقاذه من الأعداء.

قد يكون الله متع داود برؤيا لهزيمة أعدائه، أو هلاكهم الأبدي؛ حتى لا يضطرب منهم؛ لذا تشجع وتثبت في إيمانه، وشكره.

† انظر إلى المسيح إلهك المخلص، فيتشجع قلبك أمام أي ظروف صعبة، بل تصير شجاعًا لا تخاف من أحد، وتتمتع باختبار الله، فتسبحه دائمًا.







المزمور الخَامِسُ والخمسون
الله يخلص المتكلين عليه


لإمام المغنين على ذوات الأوتار. قصيدة لداود

"اصغ يا الله إلى صلاتي ولا تتغاضى عن تضرعي.." (ع1)


مقدمة:

كاتبه: داود النبي.

متى كتب؟ عندما كان داود هاربًا من وجه أبشالوم ابنه؛ إذ ظل أبشالوم يهيج مدينة أورشليم ضد أبيه لمدة سنتين، ويستميل الشعب إليه. ثم ذهب إلى حبرون وجمع جيشًا وهجم على أورشليم، فهرب داود لئلا يقتله ابنه أبشالوم، بمشورة أخيتوفل، الذي كان من أكبر مشيرى داود، وخانه، وانضم إلى أبشالوم، ودبر مكيدة طرد، ثم قتل داود (2 صم15: 7-13).

كان هذا المزمور –كما يُشار في العنوان– يُرَنَّم بمصاحبة ذوات الأوتار، وهي آلات موسيقية وترية، كل منها له وتر واحد.

يتشابه هذا المزمور مع المزمور (41) في أن كليهما يتحدثا عن خيانة الصديق.

لأن هذا المزمور يتحدث عن خيانة الصديق، فهو نبوة عن إرميا، وخيانة أهله ومحبيه له (إر12: 6)، وكذلك نبوة عن خيانة يهوذا الإسخريوطى للمسيح (مت26: 14).

لا يوجد هذا المزمور في صلوات الأجبية.




(1) خوف واستغاثة (ع1-8):



ع1: اِصْغَ يَا اَللهُ إِلَى صَلاَتِي، وَلاَ تَتَغَاضَ عَنْ تَضَرُّعِي.


تتغاضى: تتغافل وتتجاهل.

أحس داود أنه في ضيقة، فطلب من الله أن ينصت باهتمام إلى صلاته، ولا يهمل تضرعاته، التي هي صلوات بتذلل وانسحاق أمام الله. كل هذا يبين مدى إحساس داود باحتياجه لله؛ لأنه في ضيقة كبيرة.



ع2: اسْتَمِعْ لِي وَاسْتَجِبْ لِي. أَتَحَيَّرُ فِي كُرْبَتِي وَأَضْطَرِبُ،

كربتى:
ضيقتى الشديدة.

واجه داود ضيقة شديدة؛ حتى أن قلبه اضطرب ولم يعرف ماذا يفعل، فأسرع إلى الله، ورفع صلواته، وطلب منه أمرين:

أ - أن يتنازل ويسمعه، أي يتنازل الله عن عظمته، ويسمع الإنسان الحقير، وهذا يبين اتضاع داود.

ب - أن يستجيب له؛ لأنه ليس له منقذ إلا الله، وهذا يبين إيمان داود، وحاجته لله.

داود هنا يرمز للمسيح، وهو مقبل على الصليب، عندما كان في بستان جثسيماني، وطلب أن تعبر عنه كأس الآلام. فقد كان في حيرة بين قداسته وبره، ومن ناحية أخرى ضرورة حمل كل خطايا العالم على رأسه.



ع3: مِنْ صَوْتِ الْعَدُوِّ، مِنْ قِبَلِ ظُلْمِ الشِّرِّيرِ.

لأَنَّهُمْ يُحِيلُونَ عَلَيَّ إِثْمًا، وَبِغَضَبٍ يَضْطَهِدُونَنِي.

يميلون علىَّ إثمًا: يلقون علىَّ اتهامات باطلة وإساءات.

يوضح داود أن أصوات أعدائه علت عليه باتهامات باطلة، وثارت عليه بغضب، فظلموه وهو برئ سواء من ابنه ابشالوم، أو صديقه ومشيره أخيتوفل، بالإضافة إلى شعبه الذي رعاه داود، وأحبه، ودافع عنه سنينًا طويلة. وهكذا قاموا عليه جميعًا، وطردوه، وخلعوه عن عرشه.

داود هنا رمز للمسيح، الذي قام عليه الكهنة ورؤساء الكهنة، وكذلك الكتبة والفريسيون، وتقدم تلميذه الخائن يهوذا، وسلمه للكهنة، الذين حاكموه في محاكمات ظالمة، ودفعوا بيلاطس أن يحكم عليه بالصلب.



ع4: يَمْخَضُ قَلْبِي فِي دَاخِلِي، وَأَهْوَالُ الْمَوْتِ سَقَطَتْ عَلَيَّ.

أظهر داود مدى معاناته للألم، فصور أن قلبه كامرأة تتألم بآلام الولادة، التي تدعى المخاض. وكما أن المرأة تتوقع مولودها، يتوقع هو الموت الفظيع له، ولمن حوله، ويعبر عن هذه الفظائع بأهوال الموت. أي أن مشاعره كانت في ألم شديد، وتوقع لأتعاب مفاجئة؛ لأن بعد انقلاب ابنه عليه ماذا بقى له؟ لا يوجد إلا الله، ملجأ وحيد له.



ع5: خَوْفٌ وَرَعْدَةٌ أَتَيَا عَلَيَّ، وَغَشِيَنِي رُعْبٌ.

غشينى:
غطانى.

يستكمل داود وصف مشاعره في ضيقته عندما سمع بانقلاب أبشالوم عليه، فقال أن الخوف غطاه، وأحاط به من كل جانب وأيضًا الرعدة؛ أى الخوف الشديد، والرعب، أي الاضطراب العنيف. في كل هذا يبين قسوة التجربة، ولكن وسط هذا الألم الشديد تظهر قوة الله المخلصة لداود.



ع6: فَقُلْتُ: «لَيْتَ لِي جَنَاحًا كَالْحَمَامَةِ، فَأَطِيرَ وَأَسْتَرِيحَ!

عندما أحاط الشر داود من كل جانب تمنى أن ينقذه الله منه، وتخيل أن الحل أن يعطيه الله جناحى حمامة؛ ليطير ويبتعد عن هذا الشر، ويستريح. واختار الحمامة بالتحديد؛ لأنها ترمز للبراءة، والبساطة، والتسامح، فحتى لو تشاجر الحمام مع بعضهم البعض، وتضاربوا بمناقيرهم، يعودون بعد قليل، ويأكلون معًا في محبة واحدة.

لعل داود بروح النبوة رأى الروح القدس، الذي يظهر بشكل حمامة، فتمنى لو يعطيه الله جناحى الروح القدس ليسمو فوق الضيقات المحيطة به، فحتى لو لم يبتعد بجسده، ولكن روحه يحفظها الله بسلام وسط الضيقة الشديدة، وينشغل بمحبة الله، ويملأ قلبه سلامًا.



ع7، 8: هأَنَذَا كُنْتُ أَبْعُدُ هَارِبًا، وَأَبِيتُ فِي الْبَرِّيَّةِ. سِلاَهْ.
كُنْتُ أُسْرِعُ فِي نَجَاتِي مِنَ الرِّيحِ الْعَاصِفَةِ، وَمِنَ النَّوْءِ».

النوء:
ريح شديدة تحدث اضطرابات في البحر.

أمام هجوم أبشالوم برجال كثيرين؛ لطرد، وقتل داود - وهم في هذا يمثلون الريح العاصف والنوء - اضطر داود أن يهرب إلى البرية، ويبيت هناك، فالبرية الجرداء أكثر أمانًا من المدينة المحصنة أورشليم، المملوءة شرًا بسبب أبشالوم، ولكن في البرية وهدوئها يرى الله، ويستريح بين يديه.

استخدم داود كلمة يبيت في البرية، التي تعنى النوم وقت الظلام؛ ليعبر عن ضيقته الشديدة، وسواد حياته في تعرضه للهلاك بيد ابنه، وخيانة صديقه، ولكن رجاءه، وحصنه هو الله.

اضطراب العالم وتياراته العنيفة يهرب منها الإنسان الروحي إلى البرية؛ ليختلى مع الله، ويستعيد سلامه، ويشعر بقوة الله المساندة، ويشبع بحبه.

يضع كلمة سلاه في نهاية الآية السابعة، وهي وقفة موسيقية؛ ليتأمل فيها الإنسان أهمية الابتعاد عن الشر، والاختلاء بالله.

كان المسيح يخرج إلى البرية؛ ليصلى ويختلى، وهكذا ترك الرهبان العالم على مر الأجيال، وتفرغوا للصلاة في البرارى، فسندوا الكنيسة بصلواتهم، ومحبتهم وعلمهم.

† لا تحرم نفسك من التمتع بالخلوة مع الله، التي فيها تتأمل محبته، فتسبحه وتشكره، وفى نفس الوقت ترى خطاياك في ضوء محبته، عندما تحاسب نفسك، فتندم بانسحاق، فيسامحك الله، وينقى قلبك.



(2) عداوة الخائنين (ع9-15):



ع9: أَهْلِكْ يَا رَبُّ، فَرِّقْ أَلْسِنَتَهُمْ، لأَنِّي قَدْ رَأَيْتُ ظُلْمًا وَخِصَامًا فِي الْمَدِينَةِ.

أهلك: بدد مشورة، أو اجعلهم يرتبكون.

شعر داود بخيانة أبشالوم الذي أخذ يستميل الشعب إليه ضد أبيه داود بكلام كذب. فتأثر داود، وطلب معونة الله ليفرق أراءهم، ويبدد مشورتهم. ويقصد أخيتوفل، الذي كان مشيرًا، وصديقًا لداود، ثم انقلب عليه، وصار مع أبشالوم.

رأى داود الظلم قد انتشر في المدينة، أي أنهم ظلموا داود، وهو برئ باتهامات باطلة قالها أبشالوم، مثل أن أبيه داود يعطل الحكم في القضايا (2 صم15: 2-4) ورأى أيضًا خصامًا في المدينة، إذ أن كثيرون انقلبوا على داود وآخرون دافعوا عنه، فطلب من الله أن يهدئ المدينة، ويبعد الظلم والشر.

هكذا أيضًا أيام المسيح عندما أثار الكهنة الشعب ضد المسيح وظل البعض يمدحه؛ لأنه صنع بينهم معجزات، فامتلأت أورشليم من الخصام والظلم للمسيح.



ع10، 11: نَهَارًا وَلَيْلًا يُحِيطُونَ بِهَا عَلَى أَسْوَارِهَا، وَإِثْمٌ وَمَشَقَّةٌ
فِي وَسَطِهَا. مَفَاسِدُ فِي وَسَطِهَا، وَلاَ يَبْرَحُ مِنْ سَاحَتِهَا ظُلْمٌ وَغِشٌّ.

امتلأت مدينة أورشليم من الافتراءات على داود، وانتشرت في كل مكان، فأحاطت بكل الشعب، وسقط في هذه المكيدة كثير من رؤساء المدينة، وتبعوا أبشالوم، وانتشر الفساد في المدينة، وحتى في ساحاتها التي يجتمع فيها القضاة، ويظهرون العدل؛ ضاع كل هذا، وأصبحت الساحات مكانًا لإثارة الشعب ضد داود بالأكاذيب.



ع12-14: لأَنَّهُ لَيْسَ عَدُوٌّ يُعَيِّرُنِي فَأَحْتَمِلَ. لَيْسَ مُبْغِضِي
تَعَظَّمَ عَلَيَّ فَأَخْتَبِئَ مِنْهُ. بَلْ أَنْتَ إِنْسَانٌ عَدِيلِي، إِلْفِي وَصَدِيقِي،
الَّذِي مَعَهُ كَانَتْ تَحْلُو لَنَا الْعِشْرَةُ. إِلَى بَيْتِ اللهِ كُنَّا نَذْهَبُ فِي الْجُمْهُورِ.

يوضح داود مدى الضيق الذي حل به؛ لأن الخيانة والإساءة صدرت ليس من عدو معروف بعداوته لداود، بل من صديق وأليف أحب داود، وهو مشيره أخيتوفل، الذي كان داود يعامله كأخ، وليس ملك مع أحد عبيده، بل كان يتمتع داود بالجلوس معه، وكذلك الممارسات الروحية، سواء الزيارات العادية لهيكل الله، أو في الأعياد والمناسبات. فكيف تصدر الخيانة، والانقلاب، والكذب من هذا الصديق الحميم؟ إنه شيء في غاية الصعوبة أن تأتى الإساءات للإنسان من حيث لا يدرى، ولا يتوقع.

قال داود هذا الكلام بروح النبوة عن المسيح، الذي اتخذ يهوذا الإسخريوطى تلميذًا له، بل صديقًا وأليفًا، إذ ائتمنه على الصندوق، وعلى ترتيب كل احتياجاته، هو والتلاميذ، أي أعطاه مكانة أكبر بين التلاميذ، فخانه وسلمه لليهود؛ ليقتلوه، فصلبوه.



ع15: لِيَبْغَتْهُمُ الْمَوْتُ. لِيَنْحَدِرُوا إِلَى الْهَاوِيَةِ أَحْيَاءً،
لأَنَّ فِي مَسَاكِنِهِمْ، فِي وَسْطِهِمْ شُرُورًا.

يبغتهم:
يفاجئهم.

هذه نبوة من داود عما سيحدث لأخيتوفل، إذ رأى بروح النبوة أن الموت سيفاجئه، وينزل إلى الهاوية، حيث العذاب الدائم، ولعله كان متأثرًا بانفتاح الأرض لابتلاع قورح وداثان وأبيرام، ومن معهم (عد16: 32)، ولأن أخيتوفل أصر على الشر، وخان الله وسيده الملك داود بلا سبب. وقد حدث هذا فعلًا، فبعد هروب داود، واستيلاء أبشالوم على العرش، ومعه أخيتوفل، اختار أبشالوم مشورة حوشاى وترك مشورة أخيتوفل، وتضايق أخيتوفل جدًا، وفى يأس شنق نفسه (2 صم17: 23).

هذه نبوة أيضًا عن يهوذا الأسخريوطى، الذي بعدما سلم المسيح للكهنة شعر بخطيته، ولكن بيأس، فشنق نفسه (مت27: 5).

† الخيانة أمر صعب جدًا، ولو حدثت معك ستنزعج، فلا تخون الله بخطيتك، وتغيظه، وتتحداه. فكيف يصدر الشر منك نحو الله؟ أي من الابن نحو أبيه، ومن الصديق نحو صديقه؟ ولكن هناك رجاء ارجع، وتب سريعًا، فهو حنون وسيسامحك، وكأنك لم تفعل شيئًا.


(3) الله يخلصني من الخونة (ع16-21):



ع16، 17: أَمَّا أَنَا فَإِلَى اللهِ أَصْرُخُ، وَالرَّبُّ يُخَلِّصُنِي.
مَسَاءً وَصَبَاحًا وَظُهْرًا أَشْكُو وَأَنُوحُ، فَيَسْمَعُ صَوْتِي.

بعد أن أظهر داود ضيقه من الخيانة المرة، والظلم، والفساد الذي ملأ مدينة أورشليم بفعل أبشالوم، وأخيتوفل، اتجه الاتجاه الصحيح، أى اتجه إلى الله بالصلاة. ولأن وجع قلبه شديد صرخ. وتظهر عظمة إيمان داود في قوله إن الرب يخلصنى، فهو يثق أن صراخه يصل إلى الله، والله حتمًا سيخلصه، مع أن الخلاص لم يكن قد تم بعد، ولم يعد داود إلى عرشه.

هذا الصراخ بدأ في نهاية اليوم عندما اختلى داود مع الله في صلاة طويلة، قد تكون امتدت لساعات أثناء الليل، وبعد أن نام قليلًا، قام ليواصل صلواته صباحًا، وظهرًا، أي طوال النهار. فهو يصلى صلاة دائمة في الليل والنهار، ويخرج كل مشاعره في شكوى، وبكاء، واستغاثة بالله، الذي لا يمكن أن يرد أولاده، وطالبيه.

هذه نبوة عن المسيح الذي في عمق آلامه في بستان جثسيماني صرخ إلى الآب لتعبر عنه هذه الكأس. وكان واثقًا أنه سيخلصه. وقد تم هذا، فرغم احتماله كل الآلام عن البشرية، وموته قام في اليوم الثالث. فداود رمز المسيح احتمل جزئيًا الآلام من أحبائه، أما المسيح فاحتمل كل الآلام، ومات فعلًا، وقام؛ ليقيمنا فيه.



ع18، 19: فَدَى بِسَلاَمٍ نَفْسِي مِنْ قِتَال عَلَيَّ، لأَنَّهُمْ بِكَثْرَةٍ كَانُوا
حَوْلِي. يَسْمَعُ اللهُ فَيُذِلُّهُمْ، وَالْجَالِسُ مُنْذُ الْقِدَمِ. سِلاَهْ
الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ تَغَيُّرٌ، وَلاَ يَخَافُونَ اللهَ.

هجم أبشالوم بجيش جبار جمعه من جميع أسباط إسرائيل، أي بعدد كبير جدًا، ولكن داود المتكل على الله يتدخل إلهه ويفديه، وينقذه من يد أبشالوم، ويموت أبشالوم بدلًا منه؛ لأن الله سمع صراخ، وصلوات داود، فأذل القائمين على داود، وانهزموا أمام رجال داود. وذلك لأن من قاموا على داود -أي أبشالوم وأخيتوفل- لا يخافون الله، ولا يقبلون التوبة والتغيير، فهم مصرون على الشر، ولذلك هلك الإثنان؛ أخيتوفل شنق نفسه، وأبشالوم قتل في الحرب.

كلمة سلاه وقفة موسيقية في (ع19)؛ ليتأمل الإنسان قدرة الله، الذي يحمى أولاده، فيبتعد عن الشر، ويتوب عن خطاياه.

لقد قام اليهود بإثارة الكهنة وطلبوا من بيلاطس أن يصلب المسيح، ولكن الآب سمع صراخ المسيح، ونجاه من الموت بقيامته من الأموات.



ع20: أَلْقَى يَدَيْهِ عَلَى مُسَالِمِيهِ. نَقَضَ عَهْدَهُ.

تحدث هنا داود عن الخائن أخيتوفل، الذي ألقى بالشر الذي امتلأت به يداه على داود، وكل من معه، الذين سالموه، ونقض عهد الحب، والصداقة، وواجبه كمشير، وخادم لسيده الملك داود، وكذلك ينطبق هذا الكلام على أبشالوم، الذي قام على أبيه الذي أحبه، وسالمه، ونقض عهد البنوة، وأراد إهلاك أبيه.

هذا الكلام نبوة أيضًا عن يهوذا الإسخريوطى، الذي ألقى بشره على أهم شخص أحبه، واحتضنه، وتلمذه، وهو المسيح، والذي عاش في سلام معه أكثر من ثلاثة سنوات، ونقض عهد الحب، والخضوع لمعلمه. وهذه نبوة أيضًا عن اليهود الذين شهدوا للمسيح أنه معلم صالح، وطلبوا منه كمخلص أن يملك على قلوبهم عندما استقبلوه وهو داخل أورشليم، إذ قاموا عليه، ونقضوا عهد الحب، وطلبوا صلبه.



ع21: أَنْعَمُ مِنَ الزُّبْدَةِ فَمُهُ، وَقَلْبُهُ قِتَالٌ.

أَلْيَنُ مِنَ الزَّيْتِ كَلِمَاتُهُ، وَهِيَ سُيُوفٌ مَسْلُولَةٌ.

يصف داود هنا رياء أخيتوفل ونفاقه، هو وأبشالوم، فكان أخيتوفل يظهر الحب كمشير وصديق لداود، وقلبه يضمر له شرًا، ويود إهلاكه. شبهت الآية فمه بالزبد اللين، ولكن حقيقته أنه قتال، أي مهلك للآخرين، وشبهه أيضًا بالزيت اللين مع أن حقيقته سيوف مسلولة.

هذا الكلام نبوة عن يهوذا الإسخريوطى الذي تظاهر بأنه يحب الفقراء، واعترض على سكب الطيب على رأس المسيح، مع أنه كان يقصد سرقة الصندوق الذي يوضع فيه التبرعات المقدمة للمسيح ( يو12: 6). وعندما ذهب للمسيح في بستان جثسيماني قبله، فصارت القبلة التي هي علامة المحبة وسيلة وإشارة أعطاها يهوذا لليهود؛ ليقبضوا على المسيح.

† لا تظهر محبة لمن حولك وقلبك يضمر لهم شرًا. وإن لاحظت أفكارًا ردية في داخلك من نحو أي إنسان، فأسرع إلى التوبة ليخلصك الله منها.

(4) الاتكال على الله (ع22، 23):



ع22: أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ.
لاَ يَدَعُ الصِّدِّيقَ يَتَزَعْزَعُ إِلَى الأَبَدِ.

إن كان البشر معرضين للسقوط في الخيانة، فلن تجد ابنًا، أو صديقًا تعتمد عليه، ولن يبقى لك إلا الله الذي تتكل عليه، وتلقى عليه همومك، وهو مضمون أن يسندك، ويدبر احتياجاتك، ويحفظك.

إن كان الله يسمح ببعض الضيقات لأولاده الأبرار، أو إن كانوا يسقطون أحيانًا في خطايا صعبة ويتوبون، فالله لن يتركهم، بل يرفع الضيقات عنهم، كما رفع داود، وأعاده إلى عرشه. وإن كانوا قد أخطأوا مثل بطرس وأنكروا المسيح، فالمسيح يعاتبهم، ويسامحهم، ويعيدهم إلى مكانتهم الأولى.



ع23: وَأَنْتَ يَا اَللهُ تُحَدِّرُهُمْ إِلَى جُبِّ الْهَلاَكِ.
رِجَالُ الدِّمَاءِ وَالْغِشِّ لاَ يَنْصُفُونَ أَيَّامَهُمْ. أَمَّا أَنَا فَأَتَّكِلُ عَلَيْكَ.

كل من يسلك في الشر، ولا يحيا مع الله يتعرض لأمرين هما:

أ - لا ينصف أيامه، أي لا يتمتع بحياته على الأرض في سلام، وفرح مع الله، أي أنه أساء إلى حياته الأرضية، وملأها تعاسة واكتئاب، حتى لو انغمس في الشهوات المادية.

ب - نهايته هي العذاب الأبدي، وبهذا يخسر حياته الأرضية والأبدية، لأنه سلك في الشر، وتمسك به طوال حياته.

يؤكد داود أنه قد اختار الطريق الأفضل لنفسه، وهو الاتكال على الله، والتمتع بعشرته، فيحيا مطمئنًا، وسعيدًا.

† تذكر المسيح مع بداية كل يوم، وأمام أي موضوع تدخل إليه؛ لتطلبه وتلقى أمورك عليه، فتتمتع برعايته، ويدفعك هذا إلى تسبيحه كل حين.





المزمور السَّادِسُ والخمسون
بركات الاتكال على الله

لإمام المغنين على الحمامة البكماء بين الغرباء. مذهبة لداود

عندما أخذه الفلسطينيون في جت

"إرحمنى يا الله لأن الإنسان يتهممنى ..." (ع1)


مقدمة:

كاتبه: هو داود النبي.

متى كتب؟ عندما هرب داود من وجه شاول، واضطر للذهاب إلى مدينة جت الفلسطينية، وهي إحدى المدن الخمس الكبرى لفلسطين قديمًا. وهناك تظاهر بالجنون، فأخذ يخربش على مصاريع باب المدينة، ويسيل لعابه على لحيته، فظنه الملك مجنونًا، وأهمله (1 صم21: 14).

يعبر داود عن ضيقه، إذ لا يجد مكانًا ليختفى فيه من وجه شاول، حتى أنه تعرض أن يقبض عليه الفلسطينيون الأعداء، ولذلك يصرخ إلى الله القادر أن ينجيه؛ لأن الله ينجى المتكلين عليه. ولذا فهذا المزمور يناسب كل من يتعرض لضيقة شديدة، فيلتجئ إلى الله لينقذه.

يوجد تشابه بين هذا المزمور، ومزمور 34 لأن عنوان كلا المزمورين يظهر أنهما قيلا في جت، فيتشابهان في شكر الله، الذي أنقذ داود من أعدائه، والافتخار به.

يظهر من عنوان المزمور أنه قيل "على الحمامة البكماء" وهو لحن موسيقى هادئ يناسب الكلمات الحزينة التي شعر بها، وعبر عنها داود.

يوجد أيضًا في عنوان المزمور "بين الغرباء" لأن داود النبي قاله وهو غريب بين الفلسطينيين الأعداء، ولكن الله حفظه ونجاه من أيديهم، فكتب هذا المزمور ليشكر الله، ويفتخر به.

نجد في عنوان المزمور مذهبة لداود، وهذا معناه أن هذا المزمور من المزامير الهامة المتميزة التي كتبها داود، ويقول البعض أنهم كانوا يكتبونه قديمًا بماء الذهب.

هذا المزمور نبوة عن الأعداء الذين سيقابلون شعب الله أيام السبي، أو بعد ذلك في عصر المكابيين، عندما اضطهد أنطيوخوس الملك شعب الله.

هذا المزمور كان يرنمه الشعب في مناسبات مختلفة، خاصة عندما يمرون بضيقة، فهو مزمور ليتورجى.

هذا المزمور غير موجود بالأجبية.




(1) نجاة المتكلين على الله (ع1-8):



ع1، 2: اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ لأَنَّ الإِنْسَانَ يَتَهَمَّمُنِي، وَالْيَوْمَ كُلَّهُ مُحَارِبًا
يُضَايِقُنِي. تَهَمَّمَنِي أَعْدَائِي الْيَوْمَ كُلَّهُ، لأَنَّ كَثِيرِينَ يُقَاوِمُونَنِي بِكِبْرِيَاءَ.

يتهممنى: مزمع أن يفترسنى.

يلتجئ داود إلى الله، ويشتكى له من شاول، ومن معه، الذين يطاردونه، ويعادونه مع أنه برئ، ويحاولون محاربته، وإهلاكه، ويواصلون مطاردته اليوم كله، أي طول الزمان؛ لأن شاول ظل يطارد داود سنوات كثيرة حتى نهاية حياة شاول. والتجاء داود إلى الله يعلن إيمانه بقوة الله القادرة أن تحميه، وأن الإنسان مهما كانت قوته فهو ضعيف أمام الله، ومهما شعر هذا الإنسان بكبريائه وقوته، فهو لا شيء أمام عظمة الله.

هاتان الآيتان نبوة عن أعداء شعب الله في كل جيل، مثل سنحاريب أيام حزقيا الملك، ونبوخذنصر أيام صدقيا الملك، وأنطيوخوس الملك أيام المكابيين، بل هي نبوة عن اليهود المقاومين للمسيح، وعمومًا هي نبوة عن إبليس والشياطين التي تحارب البشر على مر الزمان، وكل هؤلاء يتميزون بالكبرياء، والقسوة، والميل لسفك الدماء، واستمرارية المحاربة، والسعى لإهلاك الأبرياء.



ع3: فِي يَوْمِ خَوْفِي، أَنَا عَلَيْكَ أَتَّكِلُ.

عندما ذهب داود إلى جت ليختبئ من وجه شاول، خاف أن يكتشف الفلسطينيون أنه داود الذي قتل جليات منذ سنوات، ولكنه اتكل على الله القادر أن يحميه حتى وسط الأعداء. وهنا يظهر أمران:

أ - شجاعة داود أن يعترف بخوفه.

ب- إيمان داود بالله، واتكاله عليه، وليس على أية قوة أخرى في العالم.



ع4: اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الْبَشَرُ؟

إذ اتكل داود على الله القادر على كل شيء، لم يعد يخاف من البشر الترابيين، المحدودين، بل على العكس آمن بوعود الله، وصدقها بأن الله قادر أن يحميه، وافتخر بمعنى سبح، وشكر الله، ومجده؛ لأنه إلهه العظيم القادر على كل شيء.



ع5: الْيَوْمَ كُلَّهُ يُحَرِّفُونَ كَلاَمِي. عَلَيَّ كُلُّ أَفْكَارِهِمْ بِالشَّرِّ.

أعداء داود حاولوا تحريف كلامه، أي تفسير كلامه بمعانى أخرى لا يقصدها، ومحاولة اصطياد كلمة خطأ عليه. وكانت قلوبهم شريرة من نحوه؛ لذا راقبوه، وحاولوا اتهامه باتهامات باطلة طوال اليوم، أي استمروا في إظهاره بشكل سئ، وآثاروا شاول ضده (1 صم24: 9)، وشاول نفسه أثار اليهود ضد داود للتخلص منه.

هذه الآية نبوة عن المسيح الذي حاول اليهود، طوال خدمته لهم، اصطياد كلمة خطأ عليه، واتهموه اتهامات باطلة كثيرة.



ع6: يَجْتَمِعُونَ، يَخْتَفُونَ، يُلاَحِظُونَ خُطُواتِي عِنْدَمَا تَرَصَّدُوا نَفْسِي.

لم يكتفِ أعداء داود بتحريف كلامه، بل قرروا إهلاكه، فقاموا بما يلي:

أ - "يجتمعون": ليكون عددهم كبيرًا، ويسهل عليهم القبض عليه.

ب - "يختفون": ليفاجئوه وهو غير مستعد، فيهلكونه.

ج - "يلاحظون خطواتى": راقبوا تحركات داود عن طريق جواسيس.

د - "ترصدوا نفسى": استعدوا لإهلاكى.

كل هذا أيضًا نبوة عن المسيح، وما عمله اليهود به.



ع7: عَلَى إِثْمِهِمْ جَازِهِمْ. بِغَضَبٍ أَخْضِعِ الشُّعُوبَ يَا اَللهُ.

بروح النبوة رأى داود ما سيحل بالأشرار، وهو أن الله سيعاقبهم على آثامهم، ويظهر غضب الله الديان عليهم، فيخضعون تحت يد الله القوية في العذاب الأبدي. وقد يعاقبهم الله أيضًا في حياتهم على الأرض، لعلهم يتوبون، ويرجعون إليه. فقد هاجم الفلسطينيون شاول مرات كثيرة، وقتلوا الكثيرين واستولوا على بعض المدن من بني إسرائيل، لعل شاول ينتبه ويتوب، ولكنه لم يتب، ومات في الحرب.



ع8: تَيَهَانِي رَاقَبْتَ. اجْعَلْ أَنْتَ دُمُوعِي فِي زِقِّكَ. أَمَا هِيَ فِي سِفْرِكَ؟

زقك:
الزق هو وعاء مصنوع من الجلد ويسمى القربة، كان يحفظ فيه الخمر قديمًا، أو ينقل به الماء.

سفرك: كتابك.

إن كان الأعداء راقبوا داود ليصطادوه بكلمة، أو ليهلكوه، لكن في نفس الوقت وثق داود أن الله يراقب تحركاته، وهروبه من مكان إلى مكان من وجه شاول، والذي يبدو فيه كأنه تائه، أي أن عين الله تلاحظه، وترعاه، وتحميه، وبالتالي لا يستطيع أعداؤه أن يؤذوه.

وسط الضيقات الكثيرة التي مر بها داود، رفع صلواته إلى الله، وسالت دموعه، بل وبكى أيضًا على الأشرار الذين لم يتوبوا، وبكى على فقدان أحبائه، وحتى من عادوه، أي يوناثان، وشاول، وأبنير، وابشالوم، وكتب أيضًا مرثاة لهم (2 صم1: 23؛ 2 صم3: 33، 34، 2 صم18: 33). وبكى بالأكثر على خطاياه (مز51). كل هذه الدموع كانت تحمل، وتعبر عن مشاعر قوية من أعماق داود، لذا طلب من الله أن يتقبلها، ويحفظها عنده ويهتم بها.

إن كانت دموعه لا يهتم بها البشر، وقد يحتقروه بسببها، أو على الأقل قد يستهينوا بها، لكنه واثق أن الله لا يهملها. فيطلب منه أن يحفظ دموعه في زق عنده، أي أن كل دمعة لها قيمة كبيرة عند الله؛ لأن الله يقول لكل نفس في سفر النشيد "حولى عينيك عنى لأنهما قد غلبتانى" (نش6: 5). فالدموع تستدر مراحم الله، وتستثير حنانه، بل يكتب تذكارها في كتاب خاص عنده؛ ليكافئ داود، وكل من يبكى أمام الله ببركات عظيمة في الأرض، وفى السماء. وهذا بالطبع غير دموع البشر التي تذرف من أجل فقدانهم للماديات، أو تعلقات عالمية تعلقوا بها؛ فهذه الدموع ليست من أجل الله، ولا يحفظها الله عنده؛ لأنها تبعد الناس عن الله.

كان اليهود يحفظون الخمر في زق، والخمر ترمز للفرح، فهذا يشير إلى أن الله يفرح بدموع أولاده، المنسكبة أمامه، فيهبهم سلامًا، وفرحًا على الأرض، ثم أفراح في السماء لا يعبر عنها.

† ثق أن الله يهتم بكل صلواتك، وصراخك إليه، ويعتبر دموعك اعتبارًا كبيرًا؛ لأن مشاعرك غالية عنده، عندما توجهها إليه، فلا تسمع تشكيكات الشيطان الذي يقول لك أن الله قد نسيك، فهو يجمع صلواتك، ودموعك، ويكافئك عنها في الوقت المناسب لك.

(2) شكر الله المنقذ (ع9-13):



ع9: حِينَئِذٍ تَرْتَدُّ أَعْدَائِي إِلَى الْوَرَاءِ فِي يَوْمٍ أَدْعُوكَ فِيهِ.

هذَا قَدْ عَلِمْتُهُ لأَنَّ اللهَ لِي.

عندما لاحظ داود أن الله يعتنى به، ويرعاه اطمأن قلبه أن الله له، وليس لأعدائه، بل أنه سيحميه، ويبعد شرور أعدائه عنه. فإن حاولوا مهاجمته سينهزمون، ويرجعون إلى الوراء، إذ أن قوة الله تدافع عنه. المهم أن يظل داود يصلى، ويدعو الله فيضمن حماية، ورعاية الله له.



ع10، 11: اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. الرَّبُّ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ.

عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الإِنْسَانُ؟

هاتان الآيتان تكرار لـ(ع4) في هذا المزمور، فهو بمثابة قرار يتكرر في هذا المزمور، أو هذه الترنيمة الروحية؛ ليؤكد غرض المزمور، وهو تسبيح الله الذي يتكل عليه أولاده، فيتمتعون ببركات لا تحصى. وقد سبق شرح الآيتين في (ع4).



ع12: اَللَّهُمَّ، عَلَيَّ نُذُورُكَ. أُوفِي ذَبَائِحَ شُكْرٍ لَكَ.

آمن داود بأن الله سيخلصه من ضيقاته، ويعيده إلى أورشليم، بل ويتوجه ملكًا؛ لأنه مسحه بيد صموئيل، ويخلصه من أعدائه، فقدم وعودًا بما يلي:

أ - إيفاء نذور لله يبدو أنه كان قد نذرها أثناء هروبه من وجه شاول.

ب - تقديم ذبائح شكر لله، هي ذبائح سلامة، كما نصت شريعة موسى. وقد أتم داود هذا عندما أعاد تابوت عهد الله، فقدم ذبائح بكثرة (2 صم6: 13) وكان في فرح عظيم.



ع13: لأَنَّكَ نَجَّيْتَ نَفْسِي مِنَ الْمَوْتِ.
نَعَمْ، وَرِجْلَيَّ مِنَ الزَّلَقِ، لِكَيْ أَسِيرَ قُدَّامَ اللهِ فِي نُورِ الأَحْيَاءِ.

يوضح في نهاية المزمور سبب شكره، وإيفاء نذوره لله لما يلي:

أ - لأن الله نجاه من موت محقق تعرض له مرات كثيرة.

ب - نجاه الله أيضًا من الانزلاق في تصرفات خاطئة، أو آراء فاسدة تبعده عن الله، وتحرمه من الملكوت، خاصة وأن ضيقاته كانت شديدة، بل عاش بين الوثنيين فترة، هربًا من شاول.

ج - السير في طريق النور، أي القداسة، وتنفيذ وصايا الله، هذا هو نور الأحياء مع الله، والذي نهايته النور الكامل للأحياء إلى الأبد في الملكوت، حيث التمتع الكامل بنور الله. وأيضًا نور الأحياء هو نور القديسين الأحياء في السماء، الذين نقتدى بسيرهم، ويساعدوننا بصلواتهم.

† الله يريدك أن تحيا في نور الأحياء كل أيامك، فانظر إليه؛ لأنه هو النور الحقيقي، واعمل صداقة مع قديسيه؛ لأنهم أول المستنيرين به، حينئذ تستطيع أن تثبت في كنيسته، وتتمتع بأسراره، وتحب الصلاة والتأمل، فتحيا مستنيرًا، وتكون حيًا أمامه إلى الأبد.




 
قديم 31 - 05 - 2024, 01:07 PM   رقم المشاركة : ( 162043 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,066

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





المزمور الثَّانِي والخمسون
سلوك الأشرار والأبرار


لإمام المغنين. قصيدة لداود النبي عندما جاء دواغ الآدومى وأخبر شاول وقال له جاء داود إلى بيت أخيمالك.

"لماذا تفتخر بالشر أيها الجبار ..." (ع1)


مقدمة:

كاتبه: هو داود النبي كما يظهر من عنوان المزمور.

متى كتب؟ في بداية هروب داود من وجه شاول، بعد ذهاب داود إلى أخيمالك رئيس الكهنة في مدينة نوب التي يسكنها الكهنة، حيث أكل خبز الوجوه، وأخذ سيف جليات، ورآه دواغ الآدومى هناك، فأخبر شاول، وآثاره ضد أخيمالك، فقتل شاول أخيمالك وكل الكهنة، ولم يهرب سوى واحد منهم هو أبياثار (1 صم21).

دواغ الأدومى هو من نسل عيسو وانضم إلى شعب اليهود، ووصل أن يكون أكبر الرعاة المسئولين عن أغنام شاول، وهو إنسان شرير، يميل إلى سفك الدماء، فنقل أخبار إلى شاول، وهي حقائق، ولكنها مدعمة باستفزازات لشاول، وكلها كذب، إذ أظهر أخيمالك متعاونًا مع داود ضد شاول، وهذا لم يحدث. وعندما أمر شاول بقتل الكهنة، خاف كل عبيد شاول من ذلك، فتقدم دواغ وذبحهم جميعًا بالسيف، فدواغ شرير، ويتباهى بالشر؛ لذا فهو يرمز لضد المسيح، المقاوم للحق.

هذا المزمور يبين أن قوة الشرير مهما بدت طاغية، فهي سريعة الزوال، ولا ينتظر الشرير إلا العقاب الإلهي. أما الأبرار فيباركهم الله ويكافئهم، وهذا يثبت المؤمنين في حياة البر.

يعتبر هذا المزمور أحد المزامير الثمانية التي يحمل عنوانها أن داود مطرود وهارب من وجه شاول، وتسمى "مزامير الطريد" وهي (مز7، 34، 49، 52، 54، 56، 57، 142).

هذا المزمور غير موجود بالأجبية.
 
قديم 31 - 05 - 2024, 01:08 PM   رقم المشاركة : ( 162044 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,066

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





لِمَاذَا تَفْتَخِرُ بِالشَّرِّ أَيُّهَا الْجَبَّارُ؟ رَحْمَةُ اللهِ هِيَ كُلَّ يَوْمٍ!

أحب دواغ الأدومى الشر، فمارسه واستمر فيه، ولأجل تقربه للملك شاول فعل شرورًا كثيرة مثل الكذب، واستهان بأرواح الكهنة وقتلهم بلا شفقة، بل وأباد كل من في مدينتهم من النساء والأطفال، وأفتخر بأنه يصنع الشر، وهذه أول صفة من صفات الشرير.

فهو يمثل الفجور، ويرمز لضد المسيح، والكتاب المقدس يظهر أمثلة لهؤلاء الفاجرين المفتخرين بالشر، مثل ربشاقى، وسنحاريب.

رحمة الله هي كل يوم؛ لتوقف شر الأشرار، وتحفظ وتنجى الأبرار، أو تعدهم بالأبدية، كما حدث مع كهنة نوب (1 صم: 21)، فالله ضابط الكل برحمته يضع حدودًا للشر. وهكذا نرى في هذه الآية مقابلة بين شرور الإنسان، ورحمة الله، وهذه هي فكرة المزمور كله.
 
قديم 31 - 05 - 2024, 01:09 PM   رقم المشاركة : ( 162045 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,066

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





لِسَانُكَ يَخْتَرِعُ مَفَاسِدَ. كَمُوسَى مَسْنُونَةٍ يَعْمَلُ بِالْغِشِّ.

الصفة الثانية في دواغ، أو في الشرير، هي الكذب، واختراع المفاسد، فقد أوهم شاول أن أخيمالك يتعاون مع داود ضد شاول، فحتى يتقرب دواغ من شاول كذب ليحقق هدفه، وكذلك هو مخادع وغشاش، فانضم إلى اليهود، واختتن، وقد صنع هذا وتظاهر، ولكنه حقيقة لا يحب الله وعبادته، بدليل قسوة قلبه، واندفاعه ليقتل الكهنة، أما اليهود الحقيقيون عبيد شاول، فلم يستطيعوا أن يقتلوا الكهنة.

يشبه داود دواغ "بموسى مسنونة" التي تزيل الشعر كله بسهولة، كما قتل دواغ الكهنة، وأباد مدينتهم بسهولة، فهو يفكر بالشر، ويسرع إليه، ويفعله بسهولة؛ لأنه من طبيعته، وبالتالي يتمادى ويستمر فيه. وكذلك الموسى المسنونة تجرح وتقطع بسرعة كل من لا يحترس منها، فالشرير مخادع ولا يؤتمن.
 
قديم 31 - 05 - 2024, 01:09 PM   رقم المشاركة : ( 162046 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,066

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





أَحْبَبْتَ الشَّرَّ أَكْثَرَ مِنَ الْخَيْرِ، الْكَذِبَ أَكْثَرَ مِنَ التَّكَلُّمِ بِالصِّدْقِ.
سِلاَهْ. أَحْبَبْتَ كُلَّ كَلاَمٍ مُهْلِكٍ، وَلِسَانِ غِشٍّ.

الصفة الثالثة للشرير هي محبة الشر أكثر من الخير، فدواغ أحب الكذب واستفزاز شاول ضد الكهنة أكثر من التماس العذر لأخيمالك في مساعدته لداود؛ مثل أنه يجهل وجود أية مشاكل بين داود وشاول. وفى محبة دواغ للشر استخدم الكذب وقسوة القلب فذبح الكهنة.

في محبة الشرير للشر أحب كل كلام شرير يهلك الآخرين، ويغشهم، فالشرير يلتصق بالأشرار، ويحب شرورهم مما يجعله يتمادى في شروره بلا حصر.

نجد في نهاية آية (3) كلمة "سلاه"، وهي وقفة موسيقية، ليتأمل الإنسان خطورة الشر، ويبتعد عنه.
 
قديم 31 - 05 - 2024, 01:10 PM   رقم المشاركة : ( 162047 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,066

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




† احترس من أن يثيرك إبليس، فتتمادى في أي شر،
مهما كان صغيرًا، أو بعيدًا عن أعين الناس،
فهو يريد تحويل قلبك إلى الشر؛ حتى يفصلك عن الله.
وعندما ينبهك الله أسرع إلى التوبة؛ لتستعيد بنوتك لله،
وتتنقى طبيعتك، وتعود لعمل الخير.

 
قديم 31 - 05 - 2024, 01:12 PM   رقم المشاركة : ( 162048 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,066

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


أَيْضًا يَهْدِمُكَ اللهُ إِلَى الأَبَدِ. يَخْطَفُكَ وَيَقْلَعُكَ مِنْ مَسْكَنِكَ
وَيَسْتَأْصِلُكَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ. سِلاَهْ.

"أيضًا" تعنى لذلك، أي نتيجة لصفات الشر التي تمسك بها الشرير، يجلب عليه الله عقوبات كثيرة، وهي:

أ - يهدمك: أي يحطمك الله، ويفقدك كل مظاهر قوتك. وهذا الهدم يستمر طوال حياته، أي إلى الأبد، فيلقى في العذاب الأبدي.

ب - يخطفك: يتم العقاب الإلهي فجأة، بعد أن أطال الله أناته على الشرير، الذي تمادى في شروره مدة طويلة، يأتي عليه العقاب الإلهي فجأة، فيخطفه من كل لذاته، وكبريائه، ويفقده كل قدرة، وقوة.

ج - يقلعك من مسكنك: مهما كان الشرير متأصلًا، ومثبتًا نفسه، ومهما كانت له قوة، أو علاقات، أو أموال، يقلعه الله من مسكنه المستقر، كما يقلع النبات من الأرض، ويلقيه خارجًا؛ ليجف ويحرق بالنار، أى يفقد كل ما كونه لنفسه، ويلقى في النار الأبدية.

د - يستأصلك عن أرض الأحياء: يفقد الشرير حياته، إما بالموت، أو يعتبر ميتًا في نظر الله؛ لأنه انفصل عنه، ولا يكون له مكان في أرض الأحياء، أي ملكوت السموات، فلأنه رفض الحياة مع الله على الأرض، يصبح ميتًا إلى الأبد، أي لا يشعر بالله، ويتعذب إلى الأبد، إذ معرفة الله هي الحياة، والبعد عنه هو العذاب الأبدي.

تنتهي الآية بكلمة "سلاه" وهي وقفة موسيقية للتأمل في عقاب الشرير؛ حتى يبتعد الإنسان عن الشر.

 
قديم 31 - 05 - 2024, 01:13 PM   رقم المشاركة : ( 162049 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,066

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


فَيَرَى الصِّدِّيقُونَ وَيَخَافُونَ، وَعَلَيْهِ يَضْحَكُونَ:
«هُوَذَا الإِنْسَانُ الَّذِي لَمْ يَجْعَلِ اللهَ حِصْنَهُ،
بَلِ اتَّكَلَ عَلَى كَثْرَةِ غِنَاهُ وَاعْتَزَّ بِفَسَادِهِ».

عندما يرى الصديقون الشرير، الذي لم يعتمد على الله، ولم يجعله حصنه، بل اتكل على ممتلكاته، وعلى وسائله الشريرة، التي يكسب بها الماديات. إذ يرى الصديقون كل هذا، يخافون الله؛ لأنهم قد تعودوا رؤية الله، فيشعرون بمشاعره، وكيف يتضايق قلبه من الشر، ويخافون على أنفسهم أن يتهاونوا، فيسقطوا في شيء من هذه الشرور، ولذا يزدادون حرصًا، وتدقيقًا، متذكرين دائمًا مخافة الله.

كذلك يضحك الصديقون على الشر، أي يستهزئون بالشر، ويشعرون أنه شيء سئ، وتافه، وزائل، فلا يغريهم ليصنعوه، بل ينفرون منه، ويزداد تمسكهم بالله.
 
قديم 31 - 05 - 2024, 01:14 PM   رقم المشاركة : ( 162050 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,066

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




† تذكر مخافة الله كل حين؛ لتحفظك من الخطية،
وتقربك إلى الله، فتتمتع برؤيته،
بل ويكشف لك كنوز معرفته، وتفرح بعشرته.


 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024