29 - 05 - 2024, 12:21 PM | رقم المشاركة : ( 161881 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البابا كيرلس الرجل الموهوب الفصول التى رتبتها الكنيسة للقراءة فى هذا الصباح ، كلها الحقيقة لها معان عميقة ، وتحتاج أن الإنسان يقف أمامها ويتأملها، خصوصا ونحن فى هذه الفرصة المباركة . فالفصل الذى قرأناه من البولس وهو مأخوذ من الإصحاح الثانى عشر من رسالة القديس بولس إلى رومية أو إلى روما ، فيه كلام ينفعنا جميعا ونحن جميعا سائرون فى طريق السماء . ” لنا مواهب مختلفة حسب النعمة المعطاة لنا ، ( مواهب ، ليست موهبة واحدة ، لنا مواهب مختلفة حسب النعمة المعطاة لنا ) أنبوة فبالنسبة إلى الإيمان ، أم خدمة ففى الخدمة ، أم المعلم ففى التعليم ، أم الواعظ ففى الوعظ ، المعطى فبسخاء ، المدبر فباجتهاد ، الراحم فبسرور ، المحبة فلتكن بلا رياء ، كونوا كارهين الشر ملتصقين بالخير، وادين بعضكم بعضا بالمحبة الأخوية ، مقدمين بعضكم بعضا فى الكرامة ، غير متكاسلين فى الاجتهاد ، حارين فى الروح ، عابدين الرب، فرحين فى الرجاء . صابرين فى الضيق مواظبين على الصلاة، مشتركين فى احتياجات القديسين ، عاكفين على إضافة الغرباء، باركوا على الذين يضطهدونكم ، باركوا ولاتلعنوا ، فرحا مع الفرحين ، بكاءً مع الباكين، مهتمين بعضكم لبعض إهتماما واحدا، غير مهتمين بالأمور العالية ( الأمور العالية معناها المراكز العليا أو شىء من هذا القبيل) بل منقادين إلى المتضعين، لا تكونوا حكماء عند أنفسكم ، لا تجازوا واحدا عن شر بشر ، معتنين بأمور حسنة قدام جميع الناس ، إن كان ممكنا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس . لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء بل اعطوا مكانا للغضب ، لأنه مكتوب لى النقمة أنا أجازى يقول الرب . فإن جاع عدوك فاطعمه ، وإن عطش فاسقه ، لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار وتضعه على رأسه . لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير “. جميل جدا هذا الفصل الذى قُرأ علينا هذا الصباح ، وفيه كل المبادئ المسيحية ، التى بها يسمو الإنسان فوق الشر وفوق الضعف، وبها أيضا يخدم الله ويخدم الآخرين من بنى الناس . نحن خُلقنا للعمل ، لم نُخلق لتسير حياتنا على وتيرة واحدة ، ولذلك جميل أن الله أعطانا مواهب ، كل واحد فينا له موهبة ، فمن هنا كل منا يمكنه أن يعطى وأيضا يمكنه أن يأخذ . عظمة الخالق أنه لم يخلق إنسانا يملك كل شىء ، إنما كل واحد له موهبة ، ومعنى الموهبة عطية من الله ، إنما معطاة لك ياإنسان كوزنة لكى تتاجر بها ، تخدم بها سيدك الذى خلقك ، وتخدم بها الناس الذين خلقهم الله أيضا على صورته ومثاله . عليك أن تكتشف أيها الإنسان موهبتك ، لا تقل أننى غير موهوب، أبدا أبدا أبدا ، أنت موهوب ، ولك هبة ، لا يوجد إنسان غير موهوب ، ليست المواهب هى المال ، مواهب مختلفة ، بعضها عقلية ، وبعضها روحية ، وبعضها مادية ، وبعضها إمكانات فكرية، فى الابتكار وفى الخلق وفى الإيجاد ، لا يوجد إنسان منا إلا وله موهبة يمكنه بها أن يتاجر وأن يربح ، ولا يوجد إنسان يملك كل شىء ، كل إنسان منا يملك شيئا يعطيه لغيره ، ولكن أيضا ينقصه شىء يأخذه من غيره . عظمة الخالق لهذا المجتمع لكى يكون مجتمعا ناجحا ومترابطاً ، التكافل الاجتماعى هو الذى من أجله وزع الله مواهب مختلفة ، يشعر كل واحد أنه يقدر أن يعطى ، وأيضا يأخذ لأنه ينقصه شىء ، لا يوجد إنسان يملك كل شىء ، ولا يوجد إنسان لا يملك شيئا ، لا .. أنت عندك موهبة ، عليك أن تكتشف هذه الموهبة . فهنا يكلمنا الكتاب المقدس عن أنواع مواهب مختلفة ، وحتى فى مواهب الخدمة فى الكنيسة ، هذا له موهبة النبوءة ، وأيضا موهبة التعليم ، وموهبة الوعظ ، وموهبة العطاء للآخرين ، مواهب مختلفة. وهذه لخير المجتمع . الله خلق هذه الأشياء لكى يشغلها ، وبها نمجد الله ونعمل عمل الله لأن الله صانع الخيرات ، وبه أيضا نخدم بعضنا البعض وبهذا تزداد المحبة بيننا وبين البعض ، لأنك أنت لست بمنعزل، ولكن تعطى هذا الأخ أو ذاك الأخ يعطيك ، إن جاع عدوك فاطعمه وإن عطش فاسقه ، لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار وتضعه على رأسه ، لا يغلبنك الشر ، بل أغلب الشر بالخير . هذه هى الإيجابيات التى علمنا إياها المسيح . هذه المعانى الجميلة نذكرها بهذه المناسبة الجميلة ، مناسبة ذكرى البابا كيرلس السادس الرجل الموهوب ، موهوب بمواهب مختلفة ، لم تكن مواهبه ظاهرة فى حياته كمثل ما ظهرت بعد ذلك. لأنه كان راهبا حبيسا ، أغلق على نفسه الأبواب ، لكى يعطى لنفسه فرصة النمو الروحانى ، وفتح الأبواب المغلقة للتأملات العالية ، وفعلا البابا كيرلس على الرغم من أنه كان رجلا يميل أكثر إلى الصمت وعدم الكلام ، لكن ما من كلمة قالها إلاّ وكانت هذه الكلمة لها معناها ومبنية على قواعد ، ومبنية على أشياء كثيرة ، كان أحيانا يكلم واحداً كلمة فتكون هذه الكلمة رسالة لهذا الإنسان ، يكون هو بحاجة إليها وتنفعه فيما بعد فى حياته ، هذه ليست صفة الإنسان العادى إنما الرجل خزن الكثير اختزن لأن حياته كراهب جعلته يختزن بالدخول إلى الأعماق ، لا يقنع بالسطوح ، قليلا ما كان الرجل يتكلم ، ولكنه كان يتأمل والتأمل دخول فى عالم وراء المنظور . البابا كيرلس والشهداء والقديسون فى معاونتنا ومساعدتنا ياأولادنا افرحوا ، افرحوا فى الرب وأقول أيضا افرحوا ، لا نيأس أبدا ، هناك محاربون يساعدوننا ، ويسندوننا ، وقدرات وإمكانات . البابا كيرلس واحد منهم ، لكن أيضا شهداء كثيرين ، اليوم يعملون ويعملون بقوة ، لا ينامون ، لا نوم ولا أى معطل آخر، ولا مرض ، لا يجوعون ولا يعطشون ، لا يوجد أى شىء يعطلهم ، كل وقتهم خدمة ، خدمة لله فى العبادة وأيضا يتحركون فى العالم كله. هناك أشياء نحن لا نراها ، ويمكن الذى نراه أشياء بسيطة ، أنت تسمع قصة واحدة ، لكن هناك خدمات أخرى غير منظورة موجودة. فنحن الحقيقة فى هذا اليوم نريد أن نحييه ، ونبين له أننا متشكرون ومدينون له بالكثير ، وأيضا نستعين به ، هذا الرجل قدراته كثيرة جدا، ربنا أنمى الفضائل التى فيه والمواهب التى فيه . فأصبحت مواهب كبيرة ، ويقدر على أشياء كثيرة جدا من التى نحن محتاجون لها والتى تخطر لبالنا ولكن لا نقدر عليها ، كل هؤلاء فى عوننا . البابا كيرلس والشهداء والقديسون فى معاونتنا ومساعدتنا ، نذكرهم بالخير ونطلب صلواتهم وشفاعتهم ، لإلهنا الإكرام والمجد إلى الأبد آمين . |
||||
29 - 05 - 2024, 12:22 PM | رقم المشاركة : ( 161882 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البابا كيرلس الرجل الموهوب الفصول التى رتبتها الكنيسة للقراءة فى هذا الصباح ، كلها الحقيقة لها معان عميقة ، وتحتاج أن الإنسان يقف أمامها ويتأملها، خصوصا ونحن فى هذه الفرصة المباركة . فالفصل الذى قرأناه من البولس وهو مأخوذ من الإصحاح الثانى عشر من رسالة القديس بولس إلى رومية أو إلى روما ، فيه كلام ينفعنا جميعا ونحن جميعا سائرون فى طريق السماء . ” لنا مواهب مختلفة حسب النعمة المعطاة لنا ، ( مواهب ، ليست موهبة واحدة ، لنا مواهب مختلفة حسب النعمة المعطاة لنا ) أنبوة فبالنسبة إلى الإيمان ، أم خدمة ففى الخدمة ، أم المعلم ففى التعليم ، أم الواعظ ففى الوعظ ، المعطى فبسخاء ، المدبر فباجتهاد ، الراحم فبسرور ، المحبة فلتكن بلا رياء ، كونوا كارهين الشر ملتصقين بالخير، وادين بعضكم بعضا بالمحبة الأخوية ، مقدمين بعضكم بعضا فى الكرامة ، غير متكاسلين فى الاجتهاد ، حارين فى الروح ، عابدين الرب، فرحين فى الرجاء . صابرين فى الضيق مواظبين على الصلاة، مشتركين فى احتياجات القديسين ، عاكفين على إضافة الغرباء، باركوا على الذين يضطهدونكم ، باركوا ولاتلعنوا ، فرحا مع الفرحين ، بكاءً مع الباكين، مهتمين بعضكم لبعض إهتماما واحدا، غير مهتمين بالأمور العالية ( الأمور العالية معناها المراكز العليا أو شىء من هذا القبيل) بل منقادين إلى المتضعين، لا تكونوا حكماء عند أنفسكم ، لا تجازوا واحدا عن شر بشر ، معتنين بأمور حسنة قدام جميع الناس ، إن كان ممكنا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس . لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء بل اعطوا مكانا للغضب ، لأنه مكتوب لى النقمة أنا أجازى يقول الرب . فإن جاع عدوك فاطعمه ، وإن عطش فاسقه ، لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار وتضعه على رأسه . لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير “. جميل جدا هذا الفصل الذى قُرأ علينا هذا الصباح ، وفيه كل المبادئ المسيحية ، التى بها يسمو الإنسان فوق الشر وفوق الضعف، وبها أيضا يخدم الله ويخدم الآخرين من بنى الناس . نحن خُلقنا للعمل ، لم نُخلق لتسير حياتنا على وتيرة واحدة ، ولذلك جميل أن الله أعطانا مواهب ، كل واحد فينا له موهبة ، فمن هنا كل منا يمكنه أن يعطى وأيضا يمكنه أن يأخذ . عظمة الخالق أنه لم يخلق إنسانا يملك كل شىء ، إنما كل واحد له موهبة ، ومعنى الموهبة عطية من الله ، إنما معطاة لك ياإنسان كوزنة لكى تتاجر بها ، تخدم بها سيدك الذى خلقك ، وتخدم بها الناس الذين خلقهم الله أيضا على صورته ومثاله . عليك أن تكتشف أيها الإنسان موهبتك ، لا تقل أننى غير موهوب، أبدا أبدا أبدا ، أنت موهوب ، ولك هبة ، لا يوجد إنسان غير موهوب ، ليست المواهب هى المال ، مواهب مختلفة ، بعضها عقلية ، وبعضها روحية ، وبعضها مادية ، وبعضها إمكانات فكرية، فى الابتكار وفى الخلق وفى الإيجاد ، لا يوجد إنسان منا إلا وله موهبة يمكنه بها أن يتاجر وأن يربح ، ولا يوجد إنسان يملك كل شىء ، كل إنسان منا يملك شيئا يعطيه لغيره ، ولكن أيضا ينقصه شىء يأخذه من غيره . عظمة الخالق لهذا المجتمع لكى يكون مجتمعا ناجحا ومترابطاً ، التكافل الاجتماعى هو الذى من أجله وزع الله مواهب مختلفة ، يشعر كل واحد أنه يقدر أن يعطى ، وأيضا يأخذ لأنه ينقصه شىء ، لا يوجد إنسان يملك كل شىء ، ولا يوجد إنسان لا يملك شيئا ، لا .. أنت عندك موهبة ، عليك أن تكتشف هذه الموهبة . فهنا يكلمنا الكتاب المقدس عن أنواع مواهب مختلفة ، وحتى فى مواهب الخدمة فى الكنيسة ، هذا له موهبة النبوءة ، وأيضا موهبة التعليم ، وموهبة الوعظ ، وموهبة العطاء للآخرين ، مواهب مختلفة. وهذه لخير المجتمع . الله خلق هذه الأشياء لكى يشغلها ، وبها نمجد الله ونعمل عمل الله لأن الله صانع الخيرات ، وبه أيضا نخدم بعضنا البعض وبهذا تزداد المحبة بيننا وبين البعض ، لأنك أنت لست بمنعزل، ولكن تعطى هذا الأخ أو ذاك الأخ يعطيك ، إن جاع عدوك فاطعمه وإن عطش فاسقه ، لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار وتضعه على رأسه ، لا يغلبنك الشر ، بل أغلب الشر بالخير . هذه هى الإيجابيات التى علمنا إياها المسيح . هذه المعانى الجميلة نذكرها بهذه المناسبة الجميلة ، مناسبة ذكرى البابا كيرلس السادس الرجل الموهوب ، موهوب بمواهب مختلفة ، لم تكن مواهبه ظاهرة فى حياته كمثل ما ظهرت بعد ذلك. لأنه كان راهبا حبيسا ، أغلق على نفسه الأبواب ، لكى يعطى لنفسه فرصة النمو الروحانى ، وفتح الأبواب المغلقة للتأملات العالية ، وفعلا البابا كيرلس على الرغم من أنه كان رجلا يميل أكثر إلى الصمت وعدم الكلام ، لكن ما من كلمة قالها إلاّ وكانت هذه الكلمة لها معناها ومبنية على قواعد ، ومبنية على أشياء كثيرة ، كان أحيانا يكلم واحداً كلمة فتكون هذه الكلمة رسالة لهذا الإنسان ، يكون هو بحاجة إليها وتنفعه فيما بعد فى حياته ، هذه ليست صفة الإنسان العادى إنما الرجل خزن الكثير اختزن لأن حياته كراهب جعلته يختزن بالدخول إلى الأعماق ، لا يقنع بالسطوح ، قليلا ما كان الرجل يتكلم ، ولكنه كان يتأمل والتأمل دخول فى عالم وراء المنظور . واليوم أكثر مما كان فى حياته ظهرت مواهب الرجل . واليوم أقول أيضا أن مواهبه فى العمل والخدمة زادت أضعافا أضعافا أضعافا ، نمى فى المعرفة ، ونما فى الروحانية ، وأيضا فى القدرات والإمكانات والمساعدات والمعونات التى يعين بها الآخرين. ماذا أقول ؟ .. كل يوم الإنسان يسمع شيئا جديدا ، ومن أشخاص من بلاد مختلفة ، الرجل يتحرك ، يتحرك فى كل بلاد العالم إلى جانب بلادنا المصرية ، عندما كان على الأرض كان هذا الجسد يعوقه . البابا كيرلس من مواهبه الروحية كانت روحه تخترق جسده ، لأنه وصل إلى درجة السياحة مثل الشمس عندما تدخل من داخل لوح الزجاج ، يكون الشباك مغلقاً لكن الشمس تنفذ من وراء الشباك المغلق، كذلك أرواح القديسين العالية تكون عندها من الشفافية والقدرة أن تخترق الجسد ، كان هذا فى حياته ولكن قليلا من الناس كانوا يعرفون أن هذه الصفة عنده ، كان ينتقل إلى بعض الناس فى بيوتات بعيدة وفى بلاد أخرى وهو فى الجسد ، ويؤدى خدمات ومعونات ومساعدات، لكن اليوم أكثر وأكثر وأكثر مما كان قبل ذلك . كل يوم ياأولادنا نسمع شيئا جديدا أُناس جدد غير الذين سمعناهم قبل ذلك ، كل يوم ، من قريب أحضروا لى سيدة من أسيوط مصابة بالسرطان فى الصدر ، وتوجد شهادة طبية وبالإنجليزية تقرير من المستشفى أن حالة السرطان فى الصدر كله، واستغاثت بالبابا كيرلس مثل ما يحدث باستمرار ، فظهر لها البابا كيرلس وشفاها شفاءً تاما ، وكتب لها بخط يده على ورقة وصلتنى هذه الورقة ، بخط يده كلمات روحية جميلة . فهو يعمل وبقوة .. وهذه السيدة بعد أن ظهر لها ، فى المكان الذى ظهر فيه كان هناك سجادة، فأخذتها ونفضتها من البلكون فإذا امرأة غير مسيحية فى الشقة التى تحتها كانت مشلولة شللا كليا فشفيت . حقيقة هذا الرجل الآن هو حى مثل القديسين بل هو يتحرك ويعمل بإمكانات وقدرات واسعة ، وهناك أُناس من الروحانيين ترقوا ، وشغلوا فى السماء مهمة ومركز وسلطة . قليلون الذين يعرفون هذا الكلام . هذا الإنسان وهذا الرجل ليس فقط حى ، أنه يتحرك ويعمل بأكثر مما كان على الأرض . فى كندا ، وفى ألمانيا ، وفى النمسا وفى أى بلد ، كل يوم نسمع أخباراً مذهلة لغير المسيحيين . لا شك أن هذا مَجَّدَ ربنا يسوع المسيح ، ونحن فى الزمن الحاضر الذى يمكن فيه أن نستقبل ظروفاً صعبة لأننا اقتربنا على المجىء الثانى، لذلك هناك كثير من الاضطرابات فى العالم كله ، وانقسامات فى كل دولة وانقسامات داخلية فى كل مكان وفى العائلات أيضا ، وفى السودان ، وفى افغانستان ، وفى لبنان ، وفى قبرص ، وفى كوريا ، وفى كل البلاد ، وفى المستقبل الشيطان سيُطلق من سجنه . وهذا ماقاله سفر الرؤيا أو الجليان أنه إذا تمت الألف سنة يحل الشيطان من سجنه لكى يعمل الضلالة العظيمة ، جاء فى رسالة القديس بولس الرسول الثانية إلى تسالونيكى يقول ، ” لا يأتى المسيح فى المجىء الثانى ما لم يأتى الإرتداد أولا ” الإرتداد ، ثم يستعلن إنسان الخطيئة ابن الهلاك المقاوم والمرتفع على كل ما يسمى إلها ، والإرتداد نوعان هناك إرتداد عقائدى وهو الإلحاد والشيوعية واللادينية وما إليها والإرتداد الأخلاقى وهو الإنحلال والخطيئة وما إلى ذلك . ويقول أن العلامة الثانية قبل المجىء الثانى ” ويُستعلن إنسان الخطيئة ابن الهلاك ” وهو الدجال ، نحن نسميه الدجال ، لكن بالنسبة لإسرائيل هو المسيح الملك الذى ينتظرونه لكى يجعل منهم مملكة . أمور كثيرة ستحدث ، ومن هنا خدمة البابا كيرلس لنا الآن ، لتثبيت الإيمان ولكى نقدر أن ننتصر على الظروف الصعبة ولكى لا ننكر المسيح كما يحدث فى بعض الأحيان نظرا للضلال والشر ممكن للإنسان أن يترك الإيمان . هناك أخبار محزنة فى بعض الأحيان نسمعها عن أشخاص تركوا الإيمان إما تحت الاضطهادات والمضايقات، أو شىء من هذا القبيل ، أو طمعا فى مركز أو منصب أو ترقية وما إلى ذلك . كل هذا يحدث الآن ، أرقام ، الإنسان غير قادر أن يصدقها . فاليوم عندما يكون واحد مثل البابا كيرلس يتحرك ، هذه الخدمة التى يؤديها عظيمة ، لنا ولغيرنا ، هنا يُثَّبت الإيمان لكى لا يضيع الإيمان ، والإنسان لا يكفر بالله أو يقول أين ربنا ولماذا تركنا ؟ لماذا يترك ظروفنا تسوء بهذا الشكل ؟ لا .. كن مطمئناً أن هناك قديسين اليوم يحاربون حروب الرب ، يشتغلون فى مملكة المسيح ، ولهم قدرات وإمكانات ، وهذه القدرات والإمكانات قوية وتقدر أن تغلب وتحطم وتضع حدا لشر الشيطان . نحن مديونون لهذا الرجل ، مديونون كثيرا للبابا كيرلس السادس ولكن أحب أن أقول وأؤكد تماما ، أن الرجل كل وقته بين العبادات والتسبيح ، وأيضا الخدمات التى يؤديها فى كل العالم ، يسدى خدمات بإمكانات وقدرات أوسع مما كان . وطبعا أذكر فى هذا الوقت أيضا قديسين آخرين من أمثال مارمينا ومارجرجس وأبى سيفين ، كل هؤلاء الذين عبروا للعالم الآخر ، اليوم يعملون فى الكون كله ، ” بما أنك كنت أمينا فى القليل أقيمك على الكثير” كلهم ترقوا وعندما الواحد يرتقى يأخذ إختصاصات أكبر مما كانت له على الأرض . فياأولادنا افرحوا ، افرحوا فى الرب وأقول أيضا افرحوا ، لا نيأس أبدا ، هناك محاربون يساعدوننا ، ويسندوننا ، وقدرات وإمكانات . البابا كيرلس واحد منهم ، لكن أيضا شهداء كثيرين ، اليوم يعملون ويعملون بقوة ، لا ينامون ، لا نوم ولا أى معطل آخر، ولا مرض ، لا يجوعون ولا يعطشون ، لا يوجد أى شىء يعطلهم ، كل وقتهم خدمة ، خدمة لله فى العبادة وأيضا يتحركون فى العالم كله. هناك أشياء نحن لا نراها ، ويمكن الذى نراه أشياء بسيطة ، أنت تسمع قصة واحدة ، لكن هناك خدمات أخرى غير منظورة موجودة. فنحن الحقيقة فى هذا اليوم نريد أن نحييه ، ونبين له أننا متشكرون ومدينون له بالكثير ، وأيضا نستعين به ، هذا الرجل قدراته كثيرة جدا، ربنا أنمى الفضائل التى فيه والمواهب التى فيه . فأصبحت مواهب كبيرة ، ويقدر على أشياء كثيرة جدا من التى نحن محتاجون لها والتى تخطر لبالنا ولكن لا نقدر عليها ، كل هؤلاء فى عوننا . البابا كيرلس والشهداء والقديسون فى معاونتنا ومساعدتنا ، نذكرهم بالخير ونطلب صلواتهم وشفاعتهم ، لإلهنا الإكرام والمجد إلى الأبد آمين . |
||||
29 - 05 - 2024, 12:37 PM | رقم المشاركة : ( 161883 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حياة مريـم وبدء رسالـة يسوع العلنيـة بعد أعجوبـة عُرس قانـا الجليل والتى فيهـا صنع يسوع أولـى عجائبـه الزمنيـة (يوحنا1:2-11)، يذكر لنـا القديس يوحنا الإنجيلي: “وبعد هذا انحدر الى كفر ناحوم هو وأمـه واخوتـه وتلاميذه ولبثوا هناك أيامـا غير كثيرة”(يوحنا12:2)، ثم بعد هذا ترك يسوع كفر ناحوم وذهب الى أورشليم “وكان فصح اليهود قد قرب فصعد يسوع الى أورشليم”(يوحنا13:2)، ومن الـمرّجح ان مريم العذراء قد رافقت إبنهـا فى هذه الزيارة فهى تعودت ان تذهب الى اورشليم بمناسبة العيد “وكان أبواه يذهبان الى اورشليم كل سنة فى عيد الفصح”(لوقا41:2). وهنا فى أوؤشليم يظهر يسوع للـمرة الأولـى كـمرسل من الله يتفقد الهيكل وطرد الباعة والصيارفة “لا تجعلوا من بيت أبي بيت تجارة”(يوحنا16:2). وفى فترة العيد “آمن باسمه كثير من الناس لـما رأوا الآيات التى أتـى بهـا”. وبعد هذه الأيام غادرت مريم أورشليم وتركت يسوع يتابع جولاتـه التبشيريـة فى مدن اليهوديـة وقراهـا، امـا مريم فمن الـمحتمل انهـا عادت الى الناصرة موطنها الأول وعاشت فيهـا، على الرغم مما ذكره متى الإنجيلي “ولما سمع يسوع ان يوحنا قد ُسلم انصرف الى الجليل وترك الناصرة وجاء فسكن فى كفر ناحوم التى على شاطئ البحر فى تخوم زبولون ونفتالي”(متى12:4-14) ويذكر ايضا فى موضع آخر:”فركب السفينة وإجتاز العبـر وأتى الى مدينته فى كفر ناحوم”(متى1:9)، وهذا لا يؤكد إذا ما كانت مريم كانت تعيش مع يسوع فى كفر ناحوم أم انها كانت تقيم فى الناصرة حيث قد تركته لرسالتـه التى جاء من أجلهـا للعالـم. وكانت تلتقى بيسوع فى فترات قصيرة للغايـة فكان اللقاء والإفتراق صعب ومؤلـم على الأم، ولكن كانت القديسة مريم تقبل فى أستسلام لـمشيئة اللـه. وهذه اللقاءات تمت فى أعياد الفصح فى أورشليم (ثلاث أعياد مرّت فى حياة يسوع العلنيـة)، وفى كل مرّة كان يـمر يسوع فى الناصرة أو بجوارهـا، وعندما ذهبت مع الأقرباء محاولـة منعهم “فخرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا انه شارد العقل”(مرقس21:3). وبدأت أخبار يسوع وأخبار العجائب تتناقل وتعاليـمه تنتشر “وسار بعد ذلك فى كل مدينة وقريـة ينادي ويبشر بـملكوت الله ومعه الإثناعشر(لوقا1:8). فكان يسوع يعلّم “كـمن لـه سلطان وليس كالكتبة والفريسيين”(متى28:7)، وكانت الجموع فى بلدته تتعجب قائلة:”من أين له هذه الحكمة والقوات. أليس هذا إبن النجّار”(متى54:13). كانت تعاليـم يسوع تعاليـم بسيطة فى كلمات بسيطة لهذا نفذت الى القلوب. ووصل يسوع فى جولاتـه التبشيرية الى الناصرة حيث موطنه الذى عاش فيـه وعـمل، والقديسة مريم كانت مقيمة فيهـا و”أتى الناصرة حيث نشأ”(لوقا16:4-30)، وفى مجمع الناصرة أعلن يسوع صراحـة أنـه الـمسيح الـمنتظر بعد أن قرأ نص اشعيا النبي الذى يتنبأ عن الـمسيّا، فقال لهـم: “اليوم تـم هذا الـمكتوب فى مسامعكم”. ولكن كان هجوم أهل الناصرة عليـه شديد :”أليس هذا إبن يوسف” و “اصنع ههنا كل شيئ سمعنا انه جرى فى كفر ناحوم”، وتعجّب يسوع من عدم إيمانهم حتى ان الكتاب الـمقدس يذكر “غير انه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم”(مرقس5:6) وإمتلأ أهل الناصرة من الغضب “فقاموا وأخرجوه خارج الـمدينة وإقتادوه إلى قمة الجبل الذى كانت مدينتهم مبنية عليه ليطرحوه عنهـا”(لوقا28:4). وذكر هذه الواقعة بهذه التفاصيل من القديس لوقا الإنجيلي يؤكد مرة أخرى أن مريم العذراء كانت حاضرة فى مجمع الناصرة ورأت ما حدث وذكرتهـا كأحد شهود العيـان. ويـا للأم الـمسكينة فقد شهدت كل هذا وبكت من قلة الإيمان ومن غلاظة القلوب وعلى شعب لا يبغى الخلاص والتوبـة، وعلى إخوة يريدون التخلص من أخوهم وها هو سيف آخر ينغمس فى قلب الأم. وتـمر الأيام وقبل عيد الفصح فى السنة الثالثة لخدمة يسوع العلنيـة، سمعت العذراء مريـم عن إقامـة لعازر من بين الأموات وهياج رؤساء الهيكل ضده حتى أن يسوع أقام بالقرب من أورشليم. وقبل الفصح أيضاً أتى يسوع الى بيت عنيـا وأخبر تلاميذه بـما سيحدث لـه حتى يجنبهم ضعف الإيمان. وفى أحد الشعانين أراد يسوع زيارة أورشليم وإنتشر خبر مجيئه فإهتزت الـمدينة كلهـا وصرخت الجماهير “هوشعنا إبن داود” و”مبارك الآتـى بإسم الرب”، وربـما قد شهدت مريم العذراء هذا الإستقبال الرهيب لإبنهـا فهى كعادتهـا تذهب للعيد كل عام. وأمضت مريم الأيام الأخيرة مع يسوع وحضرت العشاء الأخيـر فى العليّة ورأت الإسخريوطي خارجـاً ليلاً ليتتم ما قد إتفق عليـه مع رؤساء الهيكل. وتـم القبض على يسوع فى بستان الزيتون ليلة الخميس وحوكم وأديـن ووقف شهود زور ضده وفى فجر الجمعة يأخذونـه الى بيلاطس ثم هيرودس ثم بيلاطس مرة أخرى ويُسلّم يسوع للـموت ويُطلق باراباس. وأقتيد يسوع الى الصلب وسار فى أروقة أورشليم، هذه الأروقـة التى شهدت تعاليمه وعجائبه وشهدت أيضاً هتاف الشعب “أنت ملك اسرائيل”. ومريـم الأم ترى كل هذا، ترى وليدهـا “رجل أوجاع متمرساً بالعاهات محتقر ومرذول…”(اشعيا53)، وتراه يسقط تحت الصليب، وترى نسوة أورشليم يبكين، وترى سمعان القيراونـي، وترى الـمسامير تُدق ويُعلّق حبيبهـا على الصليب، وتسمع كلماتـه السبع الأخيرة، وما يطلبـه منهـا أن تكون أمـاً للحبيب وللجنس البشري كلـه “هوذا إبنكِ”(يوحنا26:19) وبقيت معـه حتى “نكّس رأسـه وأسلم الروح”(يوحنا30:19)، ثم رافقت يوسف الرامي عندما وُضع يسوع فـى القبـر. وفى اليوم الثالث قام يسوع من بين الأموات وظهر للعديد من الشهود لـمدة أربعين يومـا، ولـم تذكر الأناجيل أي شيئ عن ظهوره لـمريم أمـه ولكن لا يُمكن إستبعاد الرأي القائل بأن يسوع إكرامـاً لأمـه قد ظهر لهـا لا ليثبت إيمانهـا بل لكي يعرفهـا بدورهـا الجديد كأم للكنيسة التى هى جسده السري. مريم تحت الصليب وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ». ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ” (يوحنا25:19-27). لم يقل لنا الأنجيل في العهد الجديد الكثير عن خبرة مريم العذراء عند جبل الجلجثة، وفي الحقيقة انجيل يوحنا يأتي الينا فقط بتسجيل انجيلي عن وجودها هناك. لم تقل أم يسوع كلمة واحدة والفعل الوحيد التي قامت به هو وقوفها عند صليب إبنها. نعم ان مجرد وقوفها عند صليب يسوع يمكن ان يقول لنا كثيرا عن ان مريم هي تلميذة مؤمنة وآمينة حتى النهاية. منذ ذلك الحين الذي بدأ يسوع فيه يتكلم خاصة عن موته القادم في أورشليم وقال لتلاميذه عن معاناته ومرافقته حتى الصليب:” حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا. لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِهِ»(متى24:16-28) وأيضا في مرقس 34:8-1:9) وأيضا في لوقا23:9-27).ولكن معظم التلاميذ سيخلون يسوع في يوم الجمعة العظيمة بتركه عندما أُخذ لكي يُصلب. عند العشاء الأخير تنبأ يسوع من كل هذا سيحدث وقال كيف ان الرسل سيتركونه:” هُوَذَا تَأْتِي سَاعَةٌ، وَقَدْ أَتَتِ الآنَ، تَتَفَرَّقُونَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَاصَّتِهِ، وَتَتْرُكُونَنِي وَحْدِي. وَأَنَا لَسْتُ وَحْدِي لأَنَّ الآبَ مَعِي”(يوحنا32:16). 11 من ال 12 رسول هجروا يسوع يوم الجمعة العظيمة، ولكن فقط التلميذ الذي كان يحبه يسوع كما عرّف نفسه وهو يوحنا ظل مع يسوع حتى النهاية، وأيضا اربع نسوة وقفن عند صليب يسوع عند لحظاته الأخيرة واظهروا ايمان عظيم اكثر من بطرس مثلا والذي قال يوما ما انه سيتبعه مهما ذهب حتى انه اعلن ليسوع قائلا له:” يَا سَيِّدُ، لِمَاذَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَتْبَعَكَ الآنَ؟ إِنِّي أَضَعُ نَفْسِي عَنْكَ!»(يوحنا37:13). حتى الآن يبرهن على الإيمان بالفعل وليس بالقول وبطرس لم يوجد واقفا عند صليب يسوع، وبدلا من ذلك نرى بطرس واقفا في منظر محاكمة يسوع وتعذيبه كما جاء في انجيل يوحنا مشتبه في انكار معرفته بيسوع وواقفا على باب دار رئيس الكهنة”وَأَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ وَاقِفًا عِنْدَ الْبَابِ خَارِجًا”(يوحنا16:18)، وكان بطرس واقفا يتدفأ مع العبيد والخدام:”وَكَانَ الْعَبِيدُ وَالْخُدَّامُ وَاقِفِينَ، وَهُمْ قَدْ أَضْرَمُوا جَمْرًا لأَنَّهُ كَانَ بَرْدٌ، وَكَانُوا يَصْطَلُونَ، وَكَانَ بُطْرُسُ وَاقِفًا مَعَهُمْ يَصْطَلِي”(يوحنا18:18)، وناكرا معرفته بيسوع ثلاثة مرات”فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ الْبَوَّابَةُ لِبُطْرُسَ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ تَلاَمِيذِ هذَا الإِنْسَانِ؟» قَالَ ذَاكَ: «لَسْتُ أَنَا!»(يوحنا17:18) و “وَسِمْعَانُ بُطْرُسُ كَانَ وَاقِفًا يَصْطَلِي. فَقَالُوا لَهُ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ تَلاَمِيذِهِ؟» فَأَنْكَرَ ذَاكَ وَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا!». قَالَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَهُوَ نَسِيبُ الَّذِي قَطَعَ بُطْرُسُ أُذْنَهُ: «أَمَا رَأَيْتُكَ أَنَا مَعَهُ فِي الْبُسْتَانِ؟» فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ أَيْضًا. وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ” (يوحنا25:18-27). مريم العذراء كانت مع مجموعة النسوة اللواتي برهن على ايمانهن وشجاعتهن بدلا عن بطرس والعشرة الرسل الأخرون والذين تركوا يسوع في ساعته والتي يحتاج فيها الى اكثر من تعضيد. مريم واحدة من قلائل وقفن عند صليب يسوع في يوم الجمعة العظيمة، واكثر من هذا فانجيل يوحنا أيضا يظهر ويشير بأن مريم قد أظهرت ايمانها اثناء الألام بمشاركة ابنها في معاناته بطريقة فريدة. لقد تأمل البابا يوحنا بولس الثاني في كيف متعارض الصليب كما يبدو من وجهة النظر البشرية عما سمعته مريم اول مرة من الملاك عند البشارة، ففي ذلك الوقت قيل لها ان إبنها سيكون “عظيما” وان الله سيعطيه “عرش داود أبيه”، وانه” سيملك على بيت يعقوب للأبد” و” ان مملكته لن تزول”:”هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ»(لوقا32:1-33). والآن تقف عند اقدام الصليب وماذا تشهد مريم بعيون بشرية ما يظهر على انه “انكار تام لتلك الكلمات”. عند الجلجلثة، كل شيئ قاله الملاك جبرائيل لمريم عن ابنها ومملكته التي لا تنقرض يبدو ويثبت انه خطأ. كما قال البابا يوحنا بولس الثاني انه فقط الإيمان القوي يستطيع ان يتحمل ويحملها خلال تلك الساعة المظلمة ويقدر ان تذكرها بأن تظل تلميذة مؤمنة تقف عند صليب ابنها الوحيد. كم هو عظيم وفوق الطبيعة طاعة الإيمان الذي اظهرته مريم امام وجه الله وكيف انها انكرت ذاتها وسلمته لله بدون تحفظ ومقدمة كل إرادتها له هذا الذي تفوق طرقه كل عقل او تصور:”يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ!” (رومية33:11). خلال حياة القديسة مريم ومنذ دعاها الله لكي تسلّم نفسها لخطة الله الخلاصية للبشر وتخضع كيانها كله وحياتها من أجل أسرار لم تنكشف بعد لها وقادتها تلك الرحلة خلال الفقر والمعاناة ولحظات من عدم التأكد وعدم الفهم. ولكن الآن لقد أُخذت الي جبل الجلجلثة حيث في يوم الجمعة العظيمة تشهد ليس قبول المجد من إبنها كملك بل رفض كامل وتعذيب ثم موت على خشبة. هنا تواجه مريم اختبارها العظيم للإيمان، فمن وجهة النظر البشرية لا يشبه المسيح أي ملك على الإطلاق فهو مضروب ومعرّى ومجروح ومسمّر على صليب. يسوع يشبه انسان فشل بطريقة مأساوية يسخرون منه ويقتل من أعداؤه. صلبه على أيدي الرومان واعداؤه وامام ووسط شعبه يبدو علامة لنهاية ملكوت الله والذي جاء ليعلن عنه ولكي يؤسسه هنا على الأرض. ولكن مريم يتم تحديها بشكل قوي لكي ترى ما أراد ان يظهره انجيل يوحنا – ان صليب يسوع هو في الحقيقة عرشه، فعندما “يُرفع” على الصليب يظهر كملك وان رئيس هذا العالم- الشرير- قد طرح خارجا:” اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا. وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ»(يوحنا31:12-32). في تلك اللحظة الحرجة بينما لا يوجد أي سند بشري يعضد مريم والشيئ الوحيد الذي يمكن ان تعتمد عليه هو إيمانها بأن المعلّق على الصليب هو في الحقيقة إبن الله والذي سيملك للأبد، إيمان بأنها في الحقيقة “أم ربي” كما قالت لها اليصابات يوما ما، إيمان بأن ذلك هو “السيف” في حقيقته كجزء من خطة الله كما تنبأ سمعان الشيخ في القديم وان ابنها مرة أخرى يقوم بعمل “أبيه السماوي”. عندما وجدت مريم نفسها واقفة تحت الصليب فهي بلا شك تعاني من حزن عظيم، ولكن كتلميذة مؤمنة حتى النهاية فلن تتزعزع وهي أيضا تقف تحت الصليب مؤمنة وواثقة في خطة الله من اجل إبنها ومتذكرة كل ما كُشف لها من قبِبل الملاك والرعاة ونبؤات العهد القديم ويسوع نفسه. لقد علّم القديس البابا يوحنا بولس الثاني بأن إيمان مريم في تلك اللحظة يشمل الإيمان بكلمات إبنها للرسل والتلاميذ من انه:” أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ” (متى21:16)، وهكذا استخلص البابا يوحنا بولس الثاني من ان رجاء مريم عند وقوفها تحت الصليب يشمل نور اقوى من الظلمة هذا الذي قد غمر قلوب كثيرة. مريم بعد القيامة والصعود تذكر مريم في سفر أعمال الرسل(12:1-14) مع الحاضرين في أورشليم من التلاميذ الاثني عشر بعيد صعود يسوع إلى السماء وفق الكتاب المقدس وهي الوحيدة التي ذكرت باسمها؛ ويذكر السفر: أنهم كانوا جميعًا يداومون على الصلاة بقلب واحد (أعمال14:1) كذلك فقد كانت مريم حاضرة عند اختيار خلف يهوذا الإسخريوطي، وعند حلول الروح القدس، ويعتبر هذا الحدث هامًا إذ إنه وفق المعتقدات المسيحية فهو يمثل ميلاد الكنيسة، وبداية عصر الرسل. التقليد الكنسي يذكر أن مريم قد انضمت فعلًا إلى بيت يوحنا بن زبدي كما كان يسوع أوصى وهو على الصليب، ويذكر أيضًا أنها سكنت في بيته في أورشليم أحد عشر عامًا، ثم انتقلت وإياه إلى أفسس في آسيا الصغرى، حيث قضت هناك سائر سنواتها، ولا يزال بيت العذراء في أفسس المكان التقليدي الذي عاشت فيه مريم عند انتقالها من فلسطين. ورغم أن حياتها بشكل عام كانت هادئة إذاك غير أن عددًا من الأحداث الهامة أشرفت عليها: لقاؤها بلوقا الذي نقل عنها أخبار الميلاد والطفولة ووضعها في إنجيله، ومساهمتها في إنشاء كنيسة أفسس، وكذلك رسم أولى الأيقونات، وتأسيس كنيسة فيليبي التي كانت أولى الكنائس التي تبنى على اسمها في المسيحية. انتقال مريم العذراء للسماء عادت مريم إلى أورشليم في سنيها الأخيرة، ومن غير المعروف كيف توفيت أو طريقة وفاتها، هناك بضعة ميامير (قصائد شعبية) تذكر أنها مرضت ومن ثم توفيت، وتجمع الطوائف المسيحية التي تكرم العذراء أنها قد انتقلت من جبل الزيتون بحضور من تبقى حيًا من التلاميذ الاثني عشر إلى السماء مباشرة؛ يأتي هذا الاعتقاد استنادًا إلى عدد من نبوءات العهد القديم، وتختلف الطوائف بتفاصيل الاعتقاد به؛ وبحسب التقليد المسيحي أيضًا فإن الانتقال قد تمّ بعد 13 إلى 15 عامًا من قيامة يسوع وبالتالي يكون قد تمّ بحوالي عام 43، ويسع القول أنها كانت بحدود الستين من عمرها آنذاك. لا نجد شيئا عن هذا السر في الأناجيل أو الرسائل غير أنه سجلت لنا تقاليد قديمة وقصص وروايات شعبية عن انتقال مريم العذراء منذ القرن الخامس وقد يكون أقدم تقليد حفظ لنا لقصة الإنتقال في اللغة القبطية، هو ذلك التقليد المعروف في الصعيدية والبحرية. ومن بعده جاء التقليد اليوناني الذي حفظ لنا في خطبة منسوبة الى يوحنا الإنجيلي من القرن السادس، وكذلك في خطبة ليوحنا التسالونيكي نحو سنة 620. إن أقدم مخطوطة للتقليد السرياني للإنتقال ترجع الى القرن الخامس، وضمن هذا التقليد في اللغة السريانية القديمة. والى جانب هذه التقاليد الثلاثة وصلت الينا ترجمات قديمة مهمة في اللغة اللآتينية (ميليطون نحو سنة 550) والأرمنية والجيورجية والعربية والحبشية. ومن الخطباء والواعظين الذين فسروا معنى سر الإنتقال يمكننا أن نذكر يعقوب السروجي (521) في اللغة السريانية، وعند البيزنطيين قسماس الخياط (القرن الثامن) وجرمانوس بطريرك القسطنطينية (733) وأندراوس الكرتوني 740 الذي القى خطبة في كنيسة قبر العذراء في القدس نحو سنة 718، ويوحنا الدمشقي الذي خطب في نفس المكان سنة 740 ويوحنا المسّاح (القرن الحادي عشر) الذي ربط رؤيا التجلي بالإنتقال السماوي.. تقاليد القصص الشعبية 1 – التقليد القبطي لقد جاء فى كتاب سنكسار الكنيسة القبطية والمستعمل فى كنائس الكرازة المرقسية وهو الكتاب الجامع لسير الأنبياء والرسل والشهداء والقديسين لكل يوم من ايام السنة وايضا قراءات الأعياد السيدية والمجامع واعياد الملائكة والرسل والبطاركة والقديسين عامة فى الكنيسة ومشاهير القديسين فى العالم المسيجي قبل الإنشقاق عن قصة الإنتقال مايلي: حسب روايـة القديس يوسف الأريوباغى مـا يلي: انـه بعد رقاد وموت مريم العذراء وكان جميع الرسل مجتمعين فى ذاك الوقت ماعدا تومـا الرسول الذى كان غائبا فى الهند عند نياحة العذراء، وعند عودتـه سأل عنهـا فأخبروه بكل ما حدث. وتظاهر القديس توما أنه لن يؤمن ان لم يرى الجسد بعينيه فى القبر، لكن عند القبر أخبرهم ان الجسد ليس بداخله، وبالفعل إذ دحرجوا الحجر لم يجدوا الجسد، فلم يعرفوا ماذا يقولون. عندئذ أخبرهم القديس توما أنه رأى جسدها يرتفع الى السماء، وقد أعطته القديسة مريم “طرحتهـا” وأراهم إياهـا، ففرحوا وسألوا الرب أن يروا العذراء. وفى فجر السادس عشر من مسرى حدثت رعود عظيمة وظهرت جوقة من الملائكة وجاء الرب يسوع محمولا من الشاروبيم، ومعه السيدة العذراء وأعطاهـم السلام وقاموا برؤيتها وهي جالسة عن يمين ابنها وإلهها وحولها طغمات الملائكة وتمت بذلك نبوة داود القائلة: “قامت الملكة عن يمين الملك”. وهناك بعض الروايات تذكر أن جسد العذراء لم يصعد حتى السادس عشر من مسرى من يوم نياحتهـا فى 21 طوبـة قبل ذاك اليوم بسبعة أشهر، حيث جاء الرب ومعه نفس أمـه وسأل الجسد أن يصحبهـما فأخذها معه على مركبة تتقدمهما الملائكة. تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى 16 مسرى من كل عام(22 أغسطس) بهذا العيد الـمبارك على حسب التقويم اليوليانـى، أمـا حسب التقويم الغريغورى “الـمصحح” فيقع فى 15 أغسطس وهذا ما تعيد بـه غالبية كنائس العالـم. ولقد بدأ فـى الإحتفال بهذا العيد فـى الشرق منذ القرن الخامس الـميلادي. والكنيسة القبطية الأرثوذكسية إذ تحتفل بعيد “رقاد العذراء” يوم 21 طوبـة فى كل عام قبطى والذى يوافق عادة يوم 29 يناير، وتحتفل بعيد ظهور جسدها الـموجود فى السماء للتلاميذ والذى يُطلق عليه عيد صعود جسدهـا للسماء فى يوم 16 مسرى الموافق 22 أغسطس، فيظهر هنا أن هناك فرق بين يوم رقادهـا ويوم إنتقال جسدهـا للسماء، بينما فى الكنيسة الأثيوبيـة الأرثوذكسية فيُحتفل بدفن الجسد يوم 8 أغسطس وصعوده فى 9 أغسطس. لقد تجنبت الكنيسة الكاثوليكية فى إحتفالاتهـا هذا الفرق فيتم الإحتفال للنياحة والصعود معاً فى 15 أغسطس. التقليد السرياني يقول هذا التقليد أن مريم العذراء كانت تصلي عند قبر المسيح في اورشليم عندما ظهر لها الملاك جبرائيل ليخبرها بموتها القريب. فتذهب مريم الى بيت لحم لتصلي من أجل مجيء الرسل، فيتحقق هذا المجيء حيث يأتي الرسل ويحيطون بفراش مريم حيث يظهر المسيح مع الملائكة، ليأخذ نفس مريم معه، وسط نور عجيب. وعندما تتم مراسيم الدفن يأتي المسيح مع الملائكة، ليحمل جسده أمه مريم الى الفردوس، تحت شجرة الحياة، وهناك يتحد جسد مريم بنفسها مرة أخرى. منزل العذراء في أفسس هناك من يذكر انه قد تم إكتشاف المنزل الذي كانت تسكنه مريم العذراء في أفسس بتركيا والذي قيل انها ماتت هناك وتم اكتشافه عام 1800م ويطلق عليه Meryemana Evi وهناك آلالاف الحجاج الذين يذهبون لهذا المكان للتبرك ولكن لا توجد اي وثيقة او كتابات قديمة تؤكد ذلك سوى ما جاء في كتابات بعض الأساقفة في القرن الثالث عشر عن وفاة القديس يوحنا والقديسة مريم معا في أفسس وايضا ما جاء في رؤى الطوباوية كاترين امريتش. أبعاد انتقال مريم العذراء الى السماء ما آمنت به الكنيسة منذ القرون الأولى وعبرّت عنه بطرق متنوّعة في الصلوات الليترجيّة ومواعظ الآباء، وتحديد العقيدة في الكنيسة الكاثوليكيّة في موضوع انتقال مريم العذراء بجسدها ونفسها الى المجد السماوي، هو إعلان للعظائم التي صنعها الله في مريم العذراء، بحسب قولها: “ها منذ الآن تغبّطني جميع الأجيال، لأنّ القدير صنع بي عظائم، واسمه قدّوس، ورحمته الى جيل وجيل للّذين يتّقونه” (لوقا1: 48- 50). إنّ عظائم الله قد رافقت مريم العذراء طوال حياتها، وبما أنّ الله هو إله الحياة التي لا نهاية لها، تؤمن الكنيسة أنّ ما صنعه الله من عظائم لا يتوقّف عند حدود هذه الحياة بل يمتدّ الى ما بعد الموت. ويستطيع كلّ مؤمن أن يقرأ في مسيرة حياة مريم العذراء مسيرة إيمانه، وفي مصير مريم العذراء بعد الموت مصير كيانه ومصير شخصه في نهاية الزمن. الروح القدس أحيا جسد العذراء فيقول بولس الرسول: “إذا كان روح الذي أقام يسوع من بين الأموات ساكنًا فيكم، فالذي أقام المسيح يسوع من بين الأموات يحيي أيضًا أجسادكم المائتة بروحه الساكن فيكم” (رومية 8: 11). انتقال مريم العذراء بجسدها ونفسها الى السماء هو نتيجة لعمل الروح القدس فيها. فالروح القدس الذي حلّ عليها وأحيا جسدها لتصير أمًّا لابن الله هو نفسه يكمّل عمله فيها ويحيي جسدها المائت وينقله الى المجد السماوي. الروح القدس هو قدرة الله المحيية، وهذه القدرة لا يوقفها شيء: إنّها حركة دائمة، وديناميّتها تفوق ما يستطيع عقلنا البشري تصوّره. بهذه القدرة كان يسوع يشفي المرضى ويخرج الشياطين ويقيم الموتى (راجع لوقا 4: 18- 19؛ مرقس18:12-28). وبهذه القدرة قام هو نفسه من الموت. وبهذه القدرة سيقيم الأموات في الدينونة العامة. ولأنّ مريم العذراء كانت في جسدها ونفسها مستسلمة استسلامًا تامًّا لعمل الروح القدس، آمن المسيحيّون منذ القرون الأولى أنّها حصلت حالاً بعد موتها على قيامة الجسد التي هي مصير كلّ المؤمنين في نهاية الزمن. بهاء القيامة الخلاص في الديانة المسيحيّة ليس إنقاذ الإنسان من الخطايا بقدر ما هو إعادته الى بها الصورة الإلهيّة التي خُلق عليها.. الديانة المسيحيّة هي ديانة البهاء والمجد، وتلك السمة هي التي تبرّر وجودها وتثّبت صحتّها. فإذا كان لله وجود، وإذا كان الله قد ظهر لنا في شخص ابنه وكلمته وصورة مجده يسوع المسيح، فلا بدّ من أن يكون الله إله المجد والبهاء. وهذا ما تعبّر عنه الكنيسة في اعتقادها بانتقال مريم العذراء. تقول الكنيسة البيزنطية في إحدى صلوات عيد رقاد السيّدة: “ما أعجب أسرارك أيّتها السيّدة النقيّة، لأنّك ظهرت عرشًا للعليّ، واليوم قد انتقلت من الأرض الى السماء. فمجدك وافر البهاء، ويعكس أشعّة المواهب الإلهيّة” (صلاة المساء الكبرى). إنّ أشعّة المواهب الإلهيّة التي حصلت عليها مريم العذراء تنعكس في حياتها. فهي السيّدة النقيّة لأنّها “ممتلئة نعمة”، وقد “ظهرت عرشًا للعليّ”، لأنّ ابن الله سكن فيها، وتكلّلت تلك المواهب “بانتقالها من الأرض الى السماء”، وظهر فيها مجد الله الوافر البهاء. لا يمكننا التنكّر للواقع والتغاضي عن الخطيئة في العالم. ولكنّ قيامة المسيح هي أيضًا جزء من هذا الواقع. من قبر المسيح انبعث نور الله، ومع المسيح القائم من بين الأموات دخل مجد الله العالم، ويعمل كالخمير على تجديده من الداخل. تاريخ العالم ليس تاريخ معركة مجهولة المصير بين الحقّ والباطل، بل تاريخ ولادة جديدة. يقول بولس الرسول: “إنّ الخليقة قد أُخضعت للباطل.. إنّما على رجاء أنّ الخليقة ستُعتَق، هي أيضًا، من عبوديّة الفساد الى حريّة مجد أبناء الله. فنحن نعلم أنّ الخليقة كلّها معًا تئنّ حتى الآن وتتمخَّض، وليس هي فقط، بل نحن أيضًا الذين لهم باكورة الروح، نحن أيضًا نئنّ في أنفسنا منتظرين التبنّي افتداء أجسادنا” (رومية 8: 20-23). نحن من الآن أبناء الله، ولنا باكورة الروح، ولكنَّ ما نحن عليه سيتجلّى على أتمّ وجه في المجد الخالد، فيكون عندئذ للجسد المفتدى، القائم، قسط من السعادة كبير، حسب قول بولس الرسول:” الإنسان الأوّل من الأرض، من التراب، والإنسان الثاني من السماء. فعلى مثال الترابي يكون الترابيّون، وعلى مثال السماوي يكون السماويّون، وكما لبسنا صورة الترابي نلبس أيضًا صورة السماوي” (1 كورنثوس 15: 47- 49). في وسط عالمنا لبس المسيح السماوي جسدنا الترابي، وبهذا الجسد ارتبط بعالمنا. وقيامته الجسديّة لم تفقده ارتباطه بنا، بل بدخوله مجد الآب، صار ارتباطه بنا أكثر اتّساعًا. ارتفع عن الأرض ليجتذب اليه الجميع (يوحنا 12: 32)، ارتفع الى السماوات ليملأ مجده جميع الأرض، بحسب قول المزمور: “ارتفع اللهمّ على السماوات، وليكن مجدك على جميع الأرض” (مزمور 57: 12؛ راجع أيضًا أفسس 4: 8- 10). المسيح لم يتمجّد وحده. “فبعد إذ أميت بالجسد، استردّ الحياة بالروح، وبهذا الروح عينه مضى وبشّر الأرواح المضبوطة في السجن” (1 بطرس 3: 19)، أي إنّه نزل الى “الجحيم” مقرّ الأموات حيث كانت نفوس الصدّيقين تنتظر، كفي سجن، مجيئه الخلاصي وصعودها معه الى السماء، وبشّرها بأنّ عمل الفداء قد تحقّق، وتمّ الانتصار على الموت. وفي الموضوع عينه يتكلّم إنجيل متّى عن عامه كسيرين من الأموات مع المسيح: “القبور تفتّحت، وكثيرون من القدّيسين الراقدة أجسادهم فيها قاموا، وخرجوا من القبور بعد قيامته، ودخلوا المدينة المقدّسة، وتراءوا لكثيرين” (متّى 27: 52-53). إنّ ابن الله الذي “له مجد الآب من قبل كون العالم” (يوحنا 17: 5) قد تجسّد في أحشاء مريم العذراء. وبسبب تلك الشركة الروحيّة في المجد والبهاء بين السيّد المسيح وأمّه، آمنت الكنيسة أنّ مريم العذراء، بعد موتها، شاركت ابنها مجد قيامته كما شاركته، في تجسده، مجد ظهوره. قيامة الأجساد: جسد الإنسان، في نظر الكتاب المقدّس، ليس سجنًا يجب التخلّص منه للوصول الى العالم الحقيقي، عالم الأرواح. نظرة الكتاب المقدّس الى الإنسان لا تقوم على التناقض بين الجسد والروح، بل على التناقض بين الفرد المنعزل المتقوقع على ذاته والشخص المنفتح في علاقاته على الكون وعلى الآخرين وعلى الله. والجسد هو ما يتيح للإنسان الحيّ أن يرتبط بعلاقات بنّاءة بالكون والآخرين والله. فالجسد هو إذن الإنسان ذاته من حيث ارتباطه بالعالم الخارجي. لذلك أيضًا رأى معظم آباء الكنيسة، ولا سيّمَا في الشرق، أنّ التجسّد كان لا بدّ منه، ولو لم يخطأ الإنسان، وذلك ليكتمل ارتباط الله بالإنسان وارتباط الإنسان بالله، ونعمة الله التي تعمل في الإنسان تعمل فيه حيث يبني ذاته ويحقّق كيانه وعلاقاته، فتجعله في روحه وفي جسده أكثر انفتاحًا على الله وعلى الآخرين. للنعمة قوّة تغيير وانفتاح، وعملها هو عمل الحياة الإلهيّة نفسها. كلّ اتصال بالله لا بدّ له من أن يغيّر الإنسان، وإلاّ كان الله مجرّد وهم ابتكره خيال الإنسان ليكوّن لنفسه ما يتعلّق به في هذه الحياة المتقلّبة. إلهنا شخص حيّ يحوّل كلّ من يتّصل به، يدخل أعماق الإنسان ليملأه بحياته الإلهيّة. وقيامة الأجساد هي امتلاء الإنسان من تلك الحياة الإلهية في كل أبعاد كيانه وفي كل ارتباطاته بالله وبالكون وبالآخرين. إيمان الكنيسة بانتقال مريم العذراء بجسدها ونفسها الى السماء هو اعتراف بأنّ اتّحادها الصميم بالله بجسدها ونفسها، هذا الاتحاد الذي تحقّق لها بتجسّد ابن الله في أحشائها، كما تحقّق لها أيضًا بأمانتها لمحبّة الله واستسلامها لعلم الله فيها طوال حياتها، هذا الاتّحاد يستمرّ بعد موتها باشتراكها في مجد القيامة. فكما تمجّد ابنها وصار مرتبطًا بدخوله مجد الله بالعالم كلّه، هكذا أيضًا تمجّدت مريم العذراء وصارت مرتبطة بالعالم كلّه. وما سيحدث لجميع المؤمنين في القيامة العامة، أي ارتباطهم الكامل الممجّد بالعالم وبالله، قد حدث لمريم العذراء كما حدث لابنها يسوع المسيح لدى قيامته من بين الأموات. ثمّ إنّنا في انتقال مريم العذراء الى المجد السماوي نقرأ عمل الروح القدس في الإنسان. وكل مؤمن يعرف أنّ مسيرة حياته هي مسيرة عمل الروح القدس فيه. ومريم هي في الكنيسة رمز عمل الله في كل مؤمن. إمرأة سفر الرؤيا وَانْفَتَحَ هَيْكَلُ اللهِ فِي السَّمَاءِ، وَظَهَرَ تَابُوتُ عَهْدِهِ فِي هَيْكَلِهِ، وَحَدَثَتْ بُرُوقٌ وَأَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَزَلْزَلَةٌ وَبَرَدٌ عَظِيمٌ. وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا، وَهِيَ حُبْلَى تَصْرُخُ مُتَمَخِّضَةً وَمُتَوَجِّعَةً لِتَلِدَ. وَظَهَرَتْ آيَةٌ أُخْرَى فِي السَّمَاءِ: هُوَذَا تِنِّينٌ عَظِيمٌ أَحْمَرُ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ. وَذَنَبُهُ يَجُرُّ ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ فَطَرَحَهَا إِلَى الأَرْضِ. وَالتِّنِّينُ وَقَفَ أَمَامَ الْمَرْأَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَلِدَ، حَتَّى يَبْتَلِعَ وَلَدَهَا مَتَى وَلَدَتْ. فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ. وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ، وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ لِكَيْ يَعُولُوهَا هُنَاكَ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا. وَحَدَثَتْ حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ: مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَارَبُوا التِّنِّينَ، وَحَارَبَ التِّنِّينُ وَمَلاَئِكَتُهُ وَلَمْ يَقْوَوْا، فَلَمْ يُوجَدْ مَكَانُهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي السَّمَاءِ. فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ. وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا قَائِلًا فِي السَّمَاءِ: «الآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلهِنَا وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ، لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا، الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلًا. وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ. مِنْ أَجْلِ هذَا، افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا. وَيْلٌ لِسَاكِنِي الأَرْضِ وَالْبَحْرِ، لأَنَّ إِبْلِيسَ نَزَلَ إِلَيْكُمْ وَبِهِ غَضَبٌ عَظِيمٌ! عَالِمًا أَنَّ لَهُ زَمَانًا قَلِيلًا». وَلَمَّا رَأَى التِّنِّينُ أَنَّهُ طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، اضْطَهَدَ الْمَرْأَةَ الَّتِي وَلَدَتْ الابْنَ الذَّكَرَ، فَأُعْطِيَتِ الْمَرْأَةُ جَنَاحَيِ النَّسْرِ الْعَظِيمِ لِكَيْ تَطِيرَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ إِلَى مَوْضِعِهَا، حَيْثُ تُعَالُ زَمَانًا وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفَ زَمَانٍ، مِنْ وَجْهِ الْحَيَّةِ. فَأَلْقَتِ الْحَيَّةُ مِنْ فَمِهَا وَرَاءَ الْمَرْأَةِ مَاءً كَنَهْرٍ لِتَجْعَلَهَا تُحْمَلُ بِالنَّهْرِ. فَأَعَانَتِ الأَرْضُ الْمَرْأَةَ، وَفَتَحَتِ الأَرْضُ فَمَهَا وَابْتَلَعَتِ النَّهْرَ الَّذِي أَلْقَاهُ التِّنِّينُ مِنْ فَمِهِ. فَغَضِبَ التِّنِّينُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَذَهَبَ لِيَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ بَاقِي نَسْلِهَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ، وَعِنْدَهُمْ شَهَادَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ” (رؤيا19:11و1:12-17). لقد رأت الكنيسة الكاثوليكية عبر الأجيال في نص سفر الرؤيا هذا لحظة تكليل مريم العذراء، فمن البشارة حتى الصليب رحلة إيمانها قد أخذتها من خلال العديد من التجارب و الضيقات ولكن في كل وقفة في الطريق قد أثبتت انها خادمة مؤمنة للرب. لقد حفظت كل هذا متفكرة به في قلبها حتى ولو لم تفهم. لقد تعلمت ان توافق حياتها أكثر وأكثر لمهمة إبنها والتي هي من مشيئة الأب السماوي، ولقد فعلت هذا حتى وان خطة الأب قد يسبب لها الألم. كنتيجة لذلك فليست هي فقط ام ليسوع ولكن أيضا تلميذة أمينة بارزة لكل تابعيه حتى الصليب. في سفر الرؤيا تظهر مريم في السماء بمظهر ملكي رائع “ملتحفة بالشمس” وعلى رأسها اكليل من 12 كوكبا او نجماً. ان رحلتها مع الرب قد قاد مريم لنهايتها السعيدة فلقد عبرت عتبة المجد وشاركت ملك ابنها السماوي “كملكة فوق كل الأشياء” كما تعلّم الكنيسة الكاثوليكية. فمثل القديس بولس، مريم يمكنها أن تقول:” قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا”(2تيموثاوس7:4-8). في تقليد الكنيسة الكاثوليكية المرأة في هذا النص غالبا ما ترتبط بالقديسة مريم ولكن فسّر الكثيرين بأن المرأة ليست الا رمز لأسرائيل او الكنيسة، ولكي يمكن تعريف بدقة هذه المرأة الغامضة يجب ان نأخذ في الإعتبار ثلاث شخصيات رئيسية في ذلك المشهد: المرأة وطفلها الذكر والتنين. المرأة تضع مولودا ذكرا حيث سيهاجم من التنين والإبن الذكر قد رُفع الي الله وجلس على العرش بينما التنين يُهزم ويُطرح الي أسفل(رؤيا1:12-9). اثنان من الثلاث شخصيات من السهل التعرف عليهما، التنين قد عُرف بصراحة في الآية 9 حيث جاء عنه “ فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ”(رؤيا9:12)، والمولود الذكر قد وُصف بأنه” عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ”(رؤيا5:12) – إشارة الي الملك المسياني كما جاء في المزمور” «أَمَّا أَنَا فَقَدْ مَسَحْتُ مَلِكِي عَلَى صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي». إِنِّي أُخْبِرُ مِنْ جِهَةِ قَضَاءِ الرَّبِّ: قَالَ لِي: «أَنْتَ ابْنِي، أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ. اسْأَلْنِي فَأُعْطِيَكَ الأُمَمَ مِيرَاثًا لَكَ، وَأَقَاصِيَ الأَرْضِ مُلْكًا لَكَ. تُحَطِّمُهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ. مِثْلَ إِنَاءِ خَزَّافٍ تُكَسِّرُهُمْ»(مزمو6:2-9).وعلاوة على ذلك من حيث ان المولود الذكر قد رُفع الي الله ويجلس على عرشه فمعظم مفسروا الكتاب المقدس عرفوا هذا الطفل بأنه المسيح. ان تعريف “المرأة” ليس واضح ولكي نتعرف على تلك المرأة يجب ان نأخذ في الإعتبار خمس حقائق تعلمناها عنها في سفر الرؤيا اصحاح 12: أولا – المرأة لها اكليل من 12 نجم والذي يذكرنا بال 12 رسول وال 12 سبط في إسرائيل. ثانيا – ان المرأة ولدت طفلها بألم الولادة وهذا يذكرنا بنبؤات إبنة صهيون كما جاءت في العهد القديم، فصهيون هي جبل اورشليم وقد شخّصت كصورة أم تتألم قبل ان تلد طفلا. صورة امرأة صهيون تلد أصبحت رمز قوي كيف ان الشعب اليهودي المؤمن سيعاني من معاناة كثيرة في فترة تقود الى عهد المسيّا:” كَمَا أَنَّ الْحُبْلَى الَّتِي تُقَارِبُ الْوِلاَدَةَ تَتَلَوَّى وَتَصْرُخُ فِي مَخَاضِهَا، هكَذَا كُنَّا قُدَّامَكَ يَا رَبُّ. حَبِلْنَا تَلَوَّيْنَا كَأَنَّنَا وَلَدْنَا رِيحًا. لَمْ نَصْنَعْ خَلاَصًا فِي الأَرْضِ، وَلَمْ يَسْقُطْ سُكَّانُ الْمَسْكُونَةِ. تَحْيَا أَمْوَاتُكَ، تَقُومُ الْجُثَثُ. اسْتَيْقِظُوا، تَرَنَّمُوا يَا سُكَّانَ التُّرَابِ. لأَنَّ طَلَّكَ طَلُّ أَعْشَابٍ، وَالأَرْضُ تُسْقِطُ الأَخْيِلَةَ”(اشعيا17:26-19) و ” أَنْ يَأْخُذَهَا الطَّلْقُ وَلَدَتْ. قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهَا الْمَخَاضُ وَلَدَتْ ذَكَرًا. مَنْ سَمِعَ مِثْلَ هذَا؟ مَنْ رَأَى مِثْلَ هذِهِ؟ هَلْ تَمْخَضُ بِلاَدٌ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، أَوْ تُولَدُ أُمَّةٌ دَفْعَةً وَاحِدَةً؟ فَقَدْ مَخَضَتْ صِهْيَوْنُ، بَلْ وَلَدَتْ بَنِيهَا!(اشعيا7:66-8). وعامة في العهد القديم تسستخدم عبارة ” ابنة صهيون ” مرادفة ” لابنة أورشليم ” ( 2 ملوك 19 : 21 ) ويستخدم إشعياء عبارة ” بنت صهيون ” ست مرات بهذا المعنى، كما يستخدمها إرميا إحدى عشرة مرة أيضاً، كما يستخدمها ميخا وصفنيا وزكريا بهذا المعنى أيضاً: “ابتهجي يا بنت صهيون واهتفي يا بنت اورشليم هوذا ملكك يأتيك صديقاً مخلّصـاً وديعاً راكبا على آتان وجحش ابن آتان”(زكريا9:9)، و”ترنـمي وافرحي يا بنت صهيون لأني هآنذا آتـي وأسكن فى وسطك يقول الرب. فأسكن فى وسطك فتعلـمين ان رب الجنود قد ارسلني اليكِ”(زك10:2-11)، و”ترنّمي يا ابنة صهيون، اهتف يا اسرائيل. افرحي وابتهجي بكل قلبك يا ابنة اورشليم قد نزع الرب الأقضية عليكِ..أزل عدوكِ.مَلَك اسرائيل الرب فى وسطكِ”(صفنيا14:3). ثالثا- المرأة تلد المسيّا ذاك الذي “ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ”(رؤيا5:12) ومزمور9:2). رابعا- ابن المرأة يحقق ما قاله الرب في سفر التكوين 15:3 متنبئ ان المرأة سيكون لها نسل وهو الذي سيسحق الشرير. اصحاح 12 من سفر الرؤيا يشبه بطريقة درامية إتمام تلك النبؤة من ان التنين (الشيطان) يطرح الي اسفل الي الأرض مهزوما بينما ابن المرأة الذكر “ وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ”(رؤيا5:12). خامسا- تختبر المرأة الخروج الجديد فبعد إنتصار ابنها على الشرير طارت المرأة الي البريّة حيث عالها الله وأنقذت على أجنحة الملائكة:” وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ لِكَيْ يَعُولُوهَا هُنَاكَ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا” و ” وَلَمَّا رَأَى التِّنِّينُ أَنَّهُ طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، اضْطَهَدَ الْمَرْأَةَ الَّتِي وَلَدَتْ الابْنَ الذَّكَرَ، فَأُعْطِيَتِ الْمَرْأَةُ جَنَاحَيِ النَّسْرِ الْعَظِيمِ لِكَيْ تَطِيرَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ إِلَى مَوْضِعِهَا، حَيْثُ تُعَالُ زَمَانًا وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفَ زَمَانٍ، مِنْ وَجْهِ الْحَيَّةِ. فَأَلْقَتِ الْحَيَّةُ مِنْ فَمِهَا وَرَاءَ الْمَرْأَةِ مَاءً كَنَهْرٍ لِتَجْعَلَهَا تُحْمَلُ بِالنَّهْرِ. فَأَعَانَتِ الأَرْضُ الْمَرْأَةَ، وَفَتَحَتِ الأَرْضُ فَمَهَا وَابْتَلَعَتِ النَّهْرَ الَّذِي أَلْقَاهُ التِّنِّينُ مِنْ فَمِهِ. فَغَضِبَ التِّنِّينُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَذَهَبَ لِيَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ بَاقِي نَسْلِهَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا”<(رؤيا6:12و 13-16) – صور للتذكرة بقصة الخروج والتي فيها قد أحضر إسرائيل الي البريّة حيث اعال الله الشعب بالمن السماوي (الخروج4:16-5) وحفظت بأجحنحة الملائكة حيث قال الله لهم:” أَنْتُمْ رَأَيْتُمْ مَا صَنَعْتُ بِالْمِصْرِيِّينَ. وَأَنَا حَمَلْتُكُمْ عَلَى أَجْنِحَةِ النُّسُورِ وَجِئْتُ بِكُمْ إِلَيَّ”(خروج4:19). مع كل تلك الخلفية يمكننا ان نفهم لماذا “المرأة” تُرى كرمز للكنيسة فمثل الكنيسة المرأة في اصحاح 12 من سفر الرؤيا قد تم حمايتها وتم اعالتها من الله والصورة كما جاءت في رؤيا13:12-16 تصف ان الله يحمي شعبه في العهد الجديد. ويمكننا أيضا ان نفدّر التفسير بأن “المرأة” هي رمز لشعب إسرائيل في العهد القديم، وتلك النظرة منطقية عن أمرأة متوجة بأثني عشر نجما والتي تذكرنا بأسباط إسرائيل ال 12، وأيضا تشرح صورة الولادة بألم والتي تذكرنا بنبؤات إبنة صهيون وعن الضيقات التي واجهت شعب الله. هل هناك مكان لنرى مريم العذراء في ذلك المشهد؟ بينما ان “المرأة” قد تظل لها بعض المعنى الرمزي تشير الى إسرائيل او الكنيسة، يجب ان نحتفظ في فكرنا على انها صورة لأم المسيّا وحيث انها ترجع كونها أماً للمسيّا أفلا سيقودنا هذا الي مريم؟. انه يبدو من المستحيل ان المسيحيون الأوائل لم يروا مريم في كل هذا المشهد للمرأة. لقد كتب احد علماء الكتاب المقدس ” انه من غير الممكن ان آباء الكنيسة في نهاية القرن الأول الميلادي قد تكلموا وكتبوا عن أم المسيح وتغافلوا عن مريم العذراء؟” أكثر من هذا حيث ان الشخصيتان الأخريتان الرئيسية في نص سفر الرؤيا قد تم معرفتهما كشخصيتان مفردتان (مولود ذكر= يسوع، والتنين=الشيطان)، فيبدو انه من غير المحتمل ان الشخصية الرئيسية الثالثة “المرأة”، ليست فرد على الإطلاق ولكن فقط رمز لمجموعة جماعية، بل بالأحرى اذا كان الشيطان والمولود يمثلان شخصيتان فالمرأة من المحتمل ان تمثل هي الأخرى فرد أيضا. علاوة على ذلك، إعطاء فكرة كتابية عن افراد يمثلون مجموعات من الناس فالمرأة في سفر الرؤيا الاصحاح ال 12 يمكن ان تفهم على انها كل من فرد (مريم) وممثلة لشعب الله ككل (إسرائيل و/او الكنيسة). ومريم تصبح بهذا الشخص المناسب يحمل كلا من القديم والجديد لشعب العهد من حيث انها تقف كمعبر ما بين القديم والجديد. اذا ما كانت هناك امرأة واحدة في تاريخ الخلاص من تستطيع ان تمثل احسن تمثيل كلا من وعد وعهد إسرائيل القديم وبداية وعد وعهد جديد لشعب الله فمن المؤكد ان تكون “مريم العذراء أم يسوع”. تكليل القديسة مريم العذراء ان المرأة في سفر الرؤيا 12 تم التعرف عليها على انها مريم العذراء يمكننا ان نرى كيف ان النص يكشف اين رحلة مريم مع الله في النهاية قادتها: ان تكلل بالمجد في السماء وان تشارك في ملك المسيح طبقا للوعد الذي اعلنه لكل التلاميذ المؤمنون. سفر الرؤيا الاصحاح ال 12 قدّم لنا مريم صورة مريم كملكة عظيمة عاكسا حالتها الملكية الممتازة:” وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا”(رؤيا1:12). هذه الآية تكشف ملك مريم الرائع بثلاثة طرق: أولا، انها ترتدي اكليل يرمز الي مكانتها الملوكية في السماء. ثانيا، المرأة تحت رجليها القمر وهذا أيضا يشير الي ملوكيتها فالكتاب المقدس اذا ما كان شيئا تحت قدمي يعكس قيادة ملوكية ونصر على أعداء الشخص مثال ما جاء:” قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: «اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ» (مزمور1:110). ثالثا، ان الصورة الثلاثية السماوية للمرأة ملتحفة بالشمس والقمر تحت رجليها ومتوجة بإكليل من اثنا عشر كوكبا توضح أيضا سلطانها الملكي. صورة مشابهة يمكن ان نجدها في حلم يوسف الصديّق في العهد القديم والذي فيه الشمس والقمر و11 كوكبا سجدوا أمامه رامزا الى السلطة الملوكية والذي ستكون ليوسف الصديق على ابوه وامه (مرموز بالشمس والقمر) وفوق اخوته (يرمز بال 11 نم او كوكب)” ثُمَّ حَلُمَ أَيْضًا حُلْمًا آخَرَ وَقَصَّهُ عَلَى إِخْوَتِهِ، فَقَالَ: «إِنِّي قَدْ حَلُمْتُ؟ حُلْمًا أَيْضًا، وَإِذَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا سَاجِدَةٌ لِي». وَقَصَّهُ عَلَى أَبِيهِ وَعَلَى إِخْوَتِهِ، فَانْتَهَرَهُ أَبُوهُ وَقَالَ لَهُ: «مَا هذَا الْحُلْمُ الَّذِي حَلُمْتَ؟ هَلْ نَأْتِي أَنَا وَأُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ لِنَسْجُدَ لَكَ إِلَى الأَرْضِ؟»(تكوين9:37-10). وفي سفر الرؤيا اصحاح 12 شبهت مريم العذراء بمثل تلك الصور الثلاثية السمائية وهكذا تظهر سلطتها الملكية متذكر ما جاء عن يوسف الصديق. لذلك ففي هذا الكتاب الأخير من الأنجيل المقدس تظهر مريم في السماء بمنظر ملكي رائع مشتركة في مملكة ابنها المنتصر. هذا ناتج من ايمانها الثابت خلال حياتها -من البشارة الي اجتماعها مع الكنيسة في الصلاة قبل الخماسين وحلول الروح القدس على الرسل. لقد كوفئت بأكليل البِر و شاركت في ملك ابنها، ولكن كما نلاحظ في نهاية هذا الاصحاح حالتها الملوكية لا يجب ان ترى على انها منفصلة عن كل مسيحي مؤمن تبع المسيح في حياته بأمانة. ان ملك مريم لا يعني أن يُعجب به فقط من بعيد، فإيمانها وخدمتها للرب يجب ان يُحتذى به من كل مؤمن فهي أم لنا ومثال لنا. ان العهد الجديد يعلمنا ان كل مسيحي مؤمن بالمسيح سيشترك في ملكه، فلقد قال يسوع لرسله هذا الوعد:” فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ”(متى28:19-30)، وبالمثل وعد تلاميذه الذين سيبقوا معه في تجاربه سيحكمون إسرائيل الجديدة:” أَنْتُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعِي فِي تَجَارِبِي، وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا، لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي، وَتَجْلِسُوا عَلَى كَرَاسِيَّ تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ»(لوقا28:22-30).والقديس بولس عكس ذلك التعليم مشيرا لتلميذه تيموثاوس قائلا:” صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: أَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَهُ فَسَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نَصْبِرُ فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا”(2تيموثاوس11:2-12). في سفر الرؤيا لن تكون مريم الشخص الوحيد الذي يُعطى له الأكليل، فصور الأكليل ترجع للمشاركة في ملكوت المسيح والذي أعطي لكل القديسين كثواب او جائزة لثباتهم في الإيمان للنهاية من خلال التجارب والضيقات والإضطهادات:” كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ”(رؤيا10:2)، “هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا. تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلاَّ يَأْخُذَ أَحَدٌ إِكْلِيلَكَ”(رؤيا11:3)، “وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ عَرْشًا. وَرَأَيْتُ عَلَى الْعُرُوشِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ شَيْخًا جَالِسِينَ مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ أَكَالِيلُ مِنْ ذَهَبٍ”(رؤيا4:4)، “فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلًا، وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ”(رؤيا2:6) و “ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا سَحَابَةٌ بَيْضَاءُ، وَعَلَى السَّحَابَةِ جَالِسٌ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، لَهُ عَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَفِي يَدِهِ مِنْجَلٌ حَادٌّ”(رؤيا14:14).وحيث ان العهد الجديد قد بيّن لنا ان مريم العذراء هي مثال وأنموذج لتلميذ ليسوع ومن يسمع لكلمة الله ويحفظها ويعمل بها:” فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ»(لوقا38:1)، “فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»(لوقا45:1)، “فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا»(لوقا21:8) و”أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ» (لوقا28:11)، وأيضا لشخص ظلّ امينا طوال حياتها:” هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ(اعمال14:1) وحتى ثابتة معه حتى موته على الصليب (يوحنا25:19-27). ان سفر الرؤيا يعكس تماما ان مجدها الملكي ومشاركتها في ملك المسيح ومتوجة بأكليل على رأسها من اثنا عشر كوكبا هو تحقيق لكل الوعود التي اعلنها السيد المسيح. ومريم العذراء هى أيضاً مثال لشعب العهد الجديد ومُلكه كما جاء عنه:”اما انتم فجيل مختار وكهنوت ملوكي وامة مقدسة وشعب مُقتنى لتخبروا بفضائل الذى دعاكم من الظلمة الى نوره العجيب. وانتم لم تكونوا حيناً شعباً اما الآن فشعب الله” (1بطرس9:2-10)، “وجعلنا ملوكا وكهنة لله ابيه“(رؤيا6:1)، “وجعلتنا لإلهنا ملكوتاً وكهنة ونحن سنملك على الأرض” (رؤيا10:5)، وايضاً حسب وعد الله فى القديم للشعب”وانتم تكونون لي مملكة احبار وشعباً مقدساً”(خروج6:19). وشعب العهد الجديد هذا هم الذين سيملكون مع السيد المسيح كما جاء “وان صبرنا فسنملك معه“(2تيموثاوس12:2) وهم “يملكون الى دهر الدهور” (رؤيا5:22). مريم العذراء لأنهـا كانت رسولـة وتلميذة كاملة تبعت تعاليـم السيد الـمسيح وعـملت إرادة الآب السماوي فإستحقت أن تدخل ملكوت السماوات (متى21:7) وأن تنال إكليل الحياة (رؤ10:2)، وإكليلاً لا يفنى (1كورنثوس25:9)، وأن تجلس معه على عرشه حسب وعد السيد المسيح للمؤمنيـن”أؤتيـه أن يجلس معي على عرشي” (رؤيا21:3) وتحقيقا لما جاء في مزمور داود يُعظّم الـملك والـملكة القائـمة عن يـمينه “قامت الـملكة عن يـمينك بذهب أوفيـر” (مزمور10:44). |
||||
29 - 05 - 2024, 12:39 PM | رقم المشاركة : ( 161884 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بعد أعجوبـة عُرس قانـا الجليل والتى فيهـا صنع يسوع أولـى عجائبـه الزمنيـة (يوحنا1:2-11)، يذكر لنـا القديس يوحنا الإنجيلي: “وبعد هذا انحدر الى كفر ناحوم هو وأمـه واخوتـه وتلاميذه ولبثوا هناك أيامـا غير كثيرة”(يوحنا12:2)، ثم بعد هذا ترك يسوع كفر ناحوم وذهب الى أورشليم “وكان فصح اليهود قد قرب فصعد يسوع الى أورشليم”(يوحنا13:2)، ومن الـمرّجح ان مريم العذراء قد رافقت إبنهـا فى هذه الزيارة فهى تعودت ان تذهب الى اورشليم بمناسبة العيد “وكان أبواه يذهبان الى اورشليم كل سنة فى عيد الفصح”(لوقا41:2). وهنا فى أوؤشليم يظهر يسوع للـمرة الأولـى كـمرسل من الله يتفقد الهيكل وطرد الباعة والصيارفة “لا تجعلوا من بيت أبي بيت تجارة”(يوحنا16:2). وفى فترة العيد “آمن باسمه كثير من الناس لـما رأوا الآيات التى أتـى بهـا”. وبعد هذه الأيام غادرت مريم أورشليم وتركت يسوع يتابع جولاتـه التبشيريـة فى مدن اليهوديـة وقراهـا، امـا مريم فمن الـمحتمل انهـا عادت الى الناصرة موطنها الأول وعاشت فيهـا، على الرغم مما ذكره متى الإنجيلي “ولما سمع يسوع ان يوحنا قد ُسلم انصرف الى الجليل وترك الناصرة وجاء فسكن فى كفر ناحوم التى على شاطئ البحر فى تخوم زبولون ونفتالي”(متى12:4-14) ويذكر ايضا فى موضع آخر:”فركب السفينة وإجتاز العبـر وأتى الى مدينته فى كفر ناحوم”(متى1:9)، وهذا لا يؤكد إذا ما كانت مريم كانت تعيش مع يسوع فى كفر ناحوم أم انها كانت تقيم فى الناصرة حيث قد تركته لرسالتـه التى جاء من أجلهـا للعالـم. وكانت تلتقى بيسوع فى فترات قصيرة للغايـة فكان اللقاء والإفتراق صعب ومؤلـم على الأم، ولكن كانت القديسة مريم تقبل فى أستسلام لـمشيئة اللـه. وهذه اللقاءات تمت فى أعياد الفصح فى أورشليم (ثلاث أعياد مرّت فى حياة يسوع العلنيـة)، وفى كل مرّة كان يـمر يسوع فى الناصرة أو بجوارهـا، وعندما ذهبت مع الأقرباء محاولـة منعهم “فخرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا انه شارد العقل”(مرقس21:3). وبدأت أخبار يسوع وأخبار العجائب تتناقل وتعاليـمه تنتشر “وسار بعد ذلك فى كل مدينة وقريـة ينادي ويبشر بـملكوت الله ومعه الإثناعشر(لوقا1:8). فكان يسوع يعلّم “كـمن لـه سلطان وليس كالكتبة والفريسيين”(متى28:7)، وكانت الجموع فى بلدته تتعجب قائلة:”من أين له هذه الحكمة والقوات. أليس هذا إبن النجّار”(متى54:13). كانت تعاليـم يسوع تعاليـم بسيطة فى كلمات بسيطة لهذا نفذت الى القلوب. ووصل يسوع فى جولاتـه التبشيرية الى الناصرة حيث موطنه الذى عاش فيـه وعـمل، والقديسة مريم كانت مقيمة فيهـا و”أتى الناصرة حيث نشأ”(لوقا16:4-30)، وفى مجمع الناصرة أعلن يسوع صراحـة أنـه الـمسيح الـمنتظر بعد أن قرأ نص اشعيا النبي الذى يتنبأ عن الـمسيّا، فقال لهـم: “اليوم تـم هذا الـمكتوب فى مسامعكم”. ولكن كان هجوم أهل الناصرة عليـه شديد :”أليس هذا إبن يوسف” و “اصنع ههنا كل شيئ سمعنا انه جرى فى كفر ناحوم”، وتعجّب يسوع من عدم إيمانهم حتى ان الكتاب الـمقدس يذكر “غير انه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم”(مرقس5:6) وإمتلأ أهل الناصرة من الغضب “فقاموا وأخرجوه خارج الـمدينة وإقتادوه إلى قمة الجبل الذى كانت مدينتهم مبنية عليه ليطرحوه عنهـا”(لوقا28:4). وذكر هذه الواقعة بهذه التفاصيل من القديس لوقا الإنجيلي يؤكد مرة أخرى أن مريم العذراء كانت حاضرة فى مجمع الناصرة ورأت ما حدث وذكرتهـا كأحد شهود العيـان. ويـا للأم الـمسكينة فقد شهدت كل هذا وبكت من قلة الإيمان ومن غلاظة القلوب وعلى شعب لا يبغى الخلاص والتوبـة، وعلى إخوة يريدون التخلص من أخوهم وها هو سيف آخر ينغمس فى قلب الأم. وتـمر الأيام وقبل عيد الفصح فى السنة الثالثة لخدمة يسوع العلنيـة، سمعت العذراء مريـم عن إقامـة لعازر من بين الأموات وهياج رؤساء الهيكل ضده حتى أن يسوع أقام بالقرب من أورشليم. وقبل الفصح أيضاً أتى يسوع الى بيت عنيـا وأخبر تلاميذه بـما سيحدث لـه حتى يجنبهم ضعف الإيمان. وفى أحد الشعانين أراد يسوع زيارة أورشليم وإنتشر خبر مجيئه فإهتزت الـمدينة كلهـا وصرخت الجماهير “هوشعنا إبن داود” و”مبارك الآتـى بإسم الرب”، وربـما قد شهدت مريم العذراء هذا الإستقبال الرهيب لإبنهـا فهى كعادتهـا تذهب للعيد كل عام. وأمضت مريم الأيام الأخيرة مع يسوع وحضرت العشاء الأخيـر فى العليّة ورأت الإسخريوطي خارجـاً ليلاً ليتتم ما قد إتفق عليـه مع رؤساء الهيكل. وتـم القبض على يسوع فى بستان الزيتون ليلة الخميس وحوكم وأديـن ووقف شهود زور ضده وفى فجر الجمعة يأخذونـه الى بيلاطس ثم هيرودس ثم بيلاطس مرة أخرى ويُسلّم يسوع للـموت ويُطلق باراباس. وأقتيد يسوع الى الصلب وسار فى أروقة أورشليم، هذه الأروقـة التى شهدت تعاليمه وعجائبه وشهدت أيضاً هتاف الشعب “أنت ملك اسرائيل”. ومريـم الأم ترى كل هذا، ترى وليدهـا “رجل أوجاع متمرساً بالعاهات محتقر ومرذول…”(اشعيا53)، وتراه يسقط تحت الصليب، وترى نسوة أورشليم يبكين، وترى سمعان القيراونـي، وترى الـمسامير تُدق ويُعلّق حبيبهـا على الصليب، وتسمع كلماتـه السبع الأخيرة، وما يطلبـه منهـا أن تكون أمـاً للحبيب وللجنس البشري كلـه “هوذا إبنكِ”(يوحنا26:19) وبقيت معـه حتى “نكّس رأسـه وأسلم الروح”(يوحنا30:19)، ثم رافقت يوسف الرامي عندما وُضع يسوع فـى القبـر. وفى اليوم الثالث قام يسوع من بين الأموات وظهر للعديد من الشهود لـمدة أربعين يومـا، ولـم تذكر الأناجيل أي شيئ عن ظهوره لـمريم أمـه ولكن لا يُمكن إستبعاد الرأي القائل بأن يسوع إكرامـاً لأمـه قد ظهر لهـا لا ليثبت إيمانهـا بل لكي يعرفهـا بدورهـا الجديد كأم للكنيسة التى هى جسده السري. |
||||
29 - 05 - 2024, 12:42 PM | رقم المشاركة : ( 161885 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مريم تحت الصليب وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ». ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ” (يوحنا25:19-27). لم يقل لنا الأنجيل في العهد الجديد الكثير عن خبرة مريم العذراء عند جبل الجلجثة، وفي الحقيقة انجيل يوحنا يأتي الينا فقط بتسجيل انجيلي عن وجودها هناك. لم تقل أم يسوع كلمة واحدة والفعل الوحيد التي قامت به هو وقوفها عند صليب إبنها. نعم ان مجرد وقوفها عند صليب يسوع يمكن ان يقول لنا كثيرا عن ان مريم هي تلميذة مؤمنة وآمينة حتى النهاية. منذ ذلك الحين الذي بدأ يسوع فيه يتكلم خاصة عن موته القادم في أورشليم وقال لتلاميذه عن معاناته ومرافقته حتى الصليب:” حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا. لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِهِ»(متى24:16-28) وأيضا في مرقس 34:8-1:9) وأيضا في لوقا23:9-27).ولكن معظم التلاميذ سيخلون يسوع في يوم الجمعة العظيمة بتركه عندما أُخذ لكي يُصلب. عند العشاء الأخير تنبأ يسوع من كل هذا سيحدث وقال كيف ان الرسل سيتركونه:” هُوَذَا تَأْتِي سَاعَةٌ، وَقَدْ أَتَتِ الآنَ، تَتَفَرَّقُونَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَاصَّتِهِ، وَتَتْرُكُونَنِي وَحْدِي. وَأَنَا لَسْتُ وَحْدِي لأَنَّ الآبَ مَعِي”(يوحنا32:16). 11 من ال 12 رسول هجروا يسوع يوم الجمعة العظيمة، ولكن فقط التلميذ الذي كان يحبه يسوع كما عرّف نفسه وهو يوحنا ظل مع يسوع حتى النهاية، وأيضا اربع نسوة وقفن عند صليب يسوع عند لحظاته الأخيرة واظهروا ايمان عظيم اكثر من بطرس مثلا والذي قال يوما ما انه سيتبعه مهما ذهب حتى انه اعلن ليسوع قائلا له:” يَا سَيِّدُ، لِمَاذَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَتْبَعَكَ الآنَ؟ إِنِّي أَضَعُ نَفْسِي عَنْكَ!»(يوحنا37:13). حتى الآن يبرهن على الإيمان بالفعل وليس بالقول وبطرس لم يوجد واقفا عند صليب يسوع، وبدلا من ذلك نرى بطرس واقفا في منظر محاكمة يسوع وتعذيبه كما جاء في انجيل يوحنا مشتبه في انكار معرفته بيسوع وواقفا على باب دار رئيس الكهنة”وَأَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ وَاقِفًا عِنْدَ الْبَابِ خَارِجًا”(يوحنا16:18)، وكان بطرس واقفا يتدفأ مع العبيد والخدام:”وَكَانَ الْعَبِيدُ وَالْخُدَّامُ وَاقِفِينَ، وَهُمْ قَدْ أَضْرَمُوا جَمْرًا لأَنَّهُ كَانَ بَرْدٌ، وَكَانُوا يَصْطَلُونَ، وَكَانَ بُطْرُسُ وَاقِفًا مَعَهُمْ يَصْطَلِي”(يوحنا18:18)، وناكرا معرفته بيسوع ثلاثة مرات”فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ الْبَوَّابَةُ لِبُطْرُسَ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ تَلاَمِيذِ هذَا الإِنْسَانِ؟» قَالَ ذَاكَ: «لَسْتُ أَنَا!»(يوحنا17:18) و “وَسِمْعَانُ بُطْرُسُ كَانَ وَاقِفًا يَصْطَلِي. فَقَالُوا لَهُ: «أَلَسْتَ أَنْتَ أَيْضًا مِنْ تَلاَمِيذِهِ؟» فَأَنْكَرَ ذَاكَ وَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا!». قَالَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَهُوَ نَسِيبُ الَّذِي قَطَعَ بُطْرُسُ أُذْنَهُ: «أَمَا رَأَيْتُكَ أَنَا مَعَهُ فِي الْبُسْتَانِ؟» فَأَنْكَرَ بُطْرُسُ أَيْضًا. وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ” (يوحنا25:18-27). مريم العذراء كانت مع مجموعة النسوة اللواتي برهن على ايمانهن وشجاعتهن بدلا عن بطرس والعشرة الرسل الأخرون والذين تركوا يسوع في ساعته والتي يحتاج فيها الى اكثر من تعضيد. مريم واحدة من قلائل وقفن عند صليب يسوع في يوم الجمعة العظيمة، واكثر من هذا فانجيل يوحنا أيضا يظهر ويشير بأن مريم قد أظهرت ايمانها اثناء الألام بمشاركة ابنها في معاناته بطريقة فريدة. لقد تأمل البابا يوحنا بولس الثاني في كيف متعارض الصليب كما يبدو من وجهة النظر البشرية عما سمعته مريم اول مرة من الملاك عند البشارة، ففي ذلك الوقت قيل لها ان إبنها سيكون “عظيما” وان الله سيعطيه “عرش داود أبيه”، وانه” سيملك على بيت يعقوب للأبد” و” ان مملكته لن تزول”:”هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ»(لوقا32:1-33). والآن تقف عند اقدام الصليب وماذا تشهد مريم بعيون بشرية ما يظهر على انه “انكار تام لتلك الكلمات”. عند الجلجلثة، كل شيئ قاله الملاك جبرائيل لمريم عن ابنها ومملكته التي لا تنقرض يبدو ويثبت انه خطأ. كما قال البابا يوحنا بولس الثاني انه فقط الإيمان القوي يستطيع ان يتحمل ويحملها خلال تلك الساعة المظلمة ويقدر ان تذكرها بأن تظل تلميذة مؤمنة تقف عند صليب ابنها الوحيد. كم هو عظيم وفوق الطبيعة طاعة الإيمان الذي اظهرته مريم امام وجه الله وكيف انها انكرت ذاتها وسلمته لله بدون تحفظ ومقدمة كل إرادتها له هذا الذي تفوق طرقه كل عقل او تصور:”يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ!” (رومية33:11). خلال حياة القديسة مريم ومنذ دعاها الله لكي تسلّم نفسها لخطة الله الخلاصية للبشر وتخضع كيانها كله وحياتها من أجل أسرار لم تنكشف بعد لها وقادتها تلك الرحلة خلال الفقر والمعاناة ولحظات من عدم التأكد وعدم الفهم. ولكن الآن لقد أُخذت الي جبل الجلجلثة حيث في يوم الجمعة العظيمة تشهد ليس قبول المجد من إبنها كملك بل رفض كامل وتعذيب ثم موت على خشبة. هنا تواجه مريم اختبارها العظيم للإيمان، فمن وجهة النظر البشرية لا يشبه المسيح أي ملك على الإطلاق فهو مضروب ومعرّى ومجروح ومسمّر على صليب. يسوع يشبه انسان فشل بطريقة مأساوية يسخرون منه ويقتل من أعداؤه. صلبه على أيدي الرومان واعداؤه وامام ووسط شعبه يبدو علامة لنهاية ملكوت الله والذي جاء ليعلن عنه ولكي يؤسسه هنا على الأرض. ولكن مريم يتم تحديها بشكل قوي لكي ترى ما أراد ان يظهره انجيل يوحنا – ان صليب يسوع هو في الحقيقة عرشه، فعندما “يُرفع” على الصليب يظهر كملك وان رئيس هذا العالم- الشرير- قد طرح خارجا:” اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا. وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ»(يوحنا31:12-32). في تلك اللحظة الحرجة بينما لا يوجد أي سند بشري يعضد مريم والشيئ الوحيد الذي يمكن ان تعتمد عليه هو إيمانها بأن المعلّق على الصليب هو في الحقيقة إبن الله والذي سيملك للأبد، إيمان بأنها في الحقيقة “أم ربي” كما قالت لها اليصابات يوما ما، إيمان بأن ذلك هو “السيف” في حقيقته كجزء من خطة الله كما تنبأ سمعان الشيخ في القديم وان ابنها مرة أخرى يقوم بعمل “أبيه السماوي”. عندما وجدت مريم نفسها واقفة تحت الصليب فهي بلا شك تعاني من حزن عظيم، ولكن كتلميذة مؤمنة حتى النهاية فلن تتزعزع وهي أيضا تقف تحت الصليب مؤمنة وواثقة في خطة الله من اجل إبنها ومتذكرة كل ما كُشف لها من قبِبل الملاك والرعاة ونبؤات العهد القديم ويسوع نفسه. لقد علّم القديس البابا يوحنا بولس الثاني بأن إيمان مريم في تلك اللحظة يشمل الإيمان بكلمات إبنها للرسل والتلاميذ من انه:” أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ” (متى21:16)، وهكذا استخلص البابا يوحنا بولس الثاني من ان رجاء مريم عند وقوفها تحت الصليب يشمل نور اقوى من الظلمة هذا الذي قد غمر قلوب كثيرة. |
||||
29 - 05 - 2024, 12:47 PM | رقم المشاركة : ( 161886 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تذكر مريم في سفر أعمال الرسل(12:1-14) مع الحاضرين في أورشليم من التلاميذ الاثني عشر بعيد صعود يسوع إلى السماء وفق الكتاب المقدس وهي الوحيدة التي ذكرت باسمها؛ ويذكر السفر: أنهم كانوا جميعًا يداومون على الصلاة بقلب واحد (أعمال14:1) كذلك فقد كانت مريم حاضرة عند اختيار خلف يهوذا الإسخريوطي، وعند حلول الروح القدس، ويعتبر هذا الحدث هامًا إذ إنه وفق المعتقدات المسيحية فهو يمثل ميلاد الكنيسة، وبداية عصر الرسل. |
||||
29 - 05 - 2024, 12:48 PM | رقم المشاركة : ( 161887 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التقليد الكنسي يذكر أن مريم قد انضمت فعلًا إلى بيت يوحنا بن زبدي كما كان يسوع أوصى وهو على الصليب ويذكر أيضًا أنها سكنت في بيته في أورشليم أحد عشر عامًا، ثم انتقلت وإياه إلى أفسس في آسيا الصغرى، حيث قضت هناك سائر سنواتها، ولا يزال بيت العذراء في أفسس المكان التقليدي الذي عاشت فيه مريم عند انتقالها من فلسطين. |
||||
29 - 05 - 2024, 12:50 PM | رقم المشاركة : ( 161888 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كانت مريم حياتها بشكل عام كانت هادئة إذاك غير أن عددًا من الأحداث الهامة أشرفت عليها: لقاؤها بلوقا الذي نقل عنها أخبار الميلاد والطفولة ووضعها في إنجيله، ومساهمتها في إنشاء كنيسة أفسس، وكذلك رسم أولى الأيقونات، وتأسيس كنيسة فيليبي التي كانت أولى الكنائس التي تبنى على اسمها في المسيحية. |
||||
29 - 05 - 2024, 12:51 PM | رقم المشاركة : ( 161889 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
انتقال مريم العذراء للسماء عادت مريم إلى أورشليم في سنيها الأخيرة، ومن غير المعروف كيف توفيت أو طريقة وفاتها، هناك بضعة ميامير (قصائد شعبية) تذكر أنها مرضت ومن ثم توفيت، وتجمع الطوائف المسيحية التي تكرم العذراء أنها قد انتقلت من جبل الزيتون بحضور من تبقى حيًا من التلاميذ الاثني عشر إلى السماء مباشرة؛ يأتي هذا الاعتقاد استنادًا إلى عدد من نبوءات العهد القديم، وتختلف الطوائف بتفاصيل الاعتقاد به؛ وبحسب التقليد المسيحي أيضًا فإن الانتقال قد تمّ بعد 13 إلى 15 عامًا من قيامة يسوع وبالتالي يكون قد تمّ بحوالي عام 43، ويسع القول أنها كانت بحدود الستين من عمرها آنذاك. لا نجد شيئا عن هذا السر في الأناجيل أو الرسائل غير أنه سجلت لنا تقاليد قديمة وقصص وروايات شعبية عن انتقال مريم العذراء منذ القرن الخامس وقد يكون أقدم تقليد حفظ لنا لقصة الإنتقال في اللغة القبطية، هو ذلك التقليد المعروف في الصعيدية والبحرية. ومن بعده جاء التقليد اليوناني الذي حفظ لنا في خطبة منسوبة الى يوحنا الإنجيلي من القرن السادس، وكذلك في خطبة ليوحنا التسالونيكي نحو سنة 620. إن أقدم مخطوطة للتقليد السرياني للإنتقال ترجع الى القرن الخامس، وضمن هذا التقليد في اللغة السريانية القديمة. والى جانب هذه التقاليد الثلاثة وصلت الينا ترجمات قديمة مهمة في اللغة اللآتينية (ميليطون نحو سنة 550) والأرمنية والجيورجية والعربية والحبشية. ومن الخطباء والواعظين الذين فسروا معنى سر الإنتقال يمكننا أن نذكر يعقوب السروجي (521) في اللغة السريانية، وعند البيزنطيين قسماس الخياط (القرن الثامن) وجرمانوس بطريرك القسطنطينية (733) وأندراوس الكرتوني 740 الذي القى خطبة في كنيسة قبر العذراء في القدس نحو سنة 718، ويوحنا الدمشقي الذي خطب في نفس المكان سنة 740 ويوحنا المسّاح (القرن الحادي عشر) الذي ربط رؤيا التجلي بالإنتقال السماوي.. |
||||
29 - 05 - 2024, 12:54 PM | رقم المشاركة : ( 161890 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
انتقال مريم العذراء للسماء بحسب تقاليد القصص الشعبية 1 – التقليد القبطي لقد جاء فى كتاب سنكسار الكنيسة القبطية والمستعمل فى كنائس الكرازة المرقسية وهو الكتاب الجامع لسير الأنبياء والرسل والشهداء والقديسين لكل يوم من ايام السنة وايضا قراءات الأعياد السيدية والمجامع واعياد الملائكة والرسل والبطاركة والقديسين عامة فى الكنيسة ومشاهير القديسين فى العالم المسيجي قبل الإنشقاق عن قصة الإنتقال مايلي: حسب روايـة القديس يوسف الأريوباغى مـا يلي: انـه بعد رقاد وموت مريم العذراء وكان جميع الرسل مجتمعين فى ذاك الوقت ماعدا تومـا الرسول الذى كان غائبا فى الهند عند نياحة العذراء، وعند عودتـه سأل عنهـا فأخبروه بكل ما حدث. وتظاهر القديس توما أنه لن يؤمن ان لم يرى الجسد بعينيه فى القبر، لكن عند القبر أخبرهم ان الجسد ليس بداخله، وبالفعل إذ دحرجوا الحجر لم يجدوا الجسد، فلم يعرفوا ماذا يقولون. عندئذ أخبرهم القديس توما أنه رأى جسدها يرتفع الى السماء، وقد أعطته القديسة مريم “طرحتهـا” وأراهم إياهـا، ففرحوا وسألوا الرب أن يروا العذراء. وفى فجر السادس عشر من مسرى حدثت رعود عظيمة وظهرت جوقة من الملائكة وجاء الرب يسوع محمولا من الشاروبيم، ومعه السيدة العذراء وأعطاهـم السلام وقاموا برؤيتها وهي جالسة عن يمين ابنها وإلهها وحولها طغمات الملائكة وتمت بذلك نبوة داود القائلة: “قامت الملكة عن يمين الملك”. وهناك بعض الروايات تذكر أن جسد العذراء لم يصعد حتى السادس عشر من مسرى من يوم نياحتهـا فى 21 طوبـة قبل ذاك اليوم بسبعة أشهر، حيث جاء الرب ومعه نفس أمـه وسأل الجسد أن يصحبهـما فأخذها معه على مركبة تتقدمهما الملائكة. تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى 16 مسرى من كل عام(22 أغسطس) بهذا العيد الـمبارك على حسب التقويم اليوليانـى، أمـا حسب التقويم الغريغورى “الـمصحح” فيقع فى 15 أغسطس وهذا ما تعيد بـه غالبية كنائس العالـم. ولقد بدأ فـى الإحتفال بهذا العيد فـى الشرق منذ القرن الخامس الـميلادي. والكنيسة القبطية الأرثوذكسية إذ تحتفل بعيد “رقاد العذراء” يوم 21 طوبـة فى كل عام قبطى والذى يوافق عادة يوم 29 يناير، وتحتفل بعيد ظهور جسدها الـموجود فى السماء للتلاميذ والذى يُطلق عليه عيد صعود جسدهـا للسماء فى يوم 16 مسرى الموافق 22 أغسطس، فيظهر هنا أن هناك فرق بين يوم رقادهـا ويوم إنتقال جسدهـا للسماء، بينما فى الكنيسة الأثيوبيـة الأرثوذكسية فيُحتفل بدفن الجسد يوم 8 أغسطس وصعوده فى 9 أغسطس. لقد تجنبت الكنيسة الكاثوليكية فى إحتفالاتهـا هذا الفرق فيتم الإحتفال للنياحة والصعود معاً فى 15 أغسطس. التقليد السرياني يقول هذا التقليد أن مريم العذراء كانت تصلي عند قبر المسيح في اورشليم عندما ظهر لها الملاك جبرائيل ليخبرها بموتها القريب. فتذهب مريم الى بيت لحم لتصلي من أجل مجيء الرسل، فيتحقق هذا المجيء حيث يأتي الرسل ويحيطون بفراش مريم حيث يظهر المسيح مع الملائكة، ليأخذ نفس مريم معه، وسط نور عجيب. وعندما تتم مراسيم الدفن يأتي المسيح مع الملائكة، ليحمل جسده أمه مريم الى الفردوس، تحت شجرة الحياة، وهناك يتحد جسد مريم بنفسها مرة أخرى. |
||||