28 - 05 - 2024, 02:20 PM | رقم المشاركة : ( 161791 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التذكار الشهري لوالدة الاله القديسة مريم العذراء |
||||
28 - 05 - 2024, 02:39 PM | رقم المشاركة : ( 161792 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأحَد الفِصْح الرّابع يسوع الرّاعي الصَّالِح النَّص الإنجيلي (يوحنا 10: 11-18) 11 أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِح يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف. 12 وأَمَّا الأجير وهو لَيسَ بِراعٍ ولَيستِ الخِراف له فإِذا رأَى الذِّئبَ آتيًا تَركَ الخِراف وهَرَب فيَخطَفُ الذِّئبُ الخِراف ويُبَدِّدُها. 13 وذلِكَ لأَنَّهُ أَجيرٌ لا يُبالي بِالخِراف. 14 أَنا الرَّاعي الصَّالِح أَعرِفُ خِرافي وخِرافي تَعرِفُني. 15 كَما أَنَّ أَبي يَعرِفُني وأَنا أَعرِفُ أَبي وأَبذِلُ نَفْسي في سَبيلِ الخِراف. 16 ولي خِراف أُخْرى لَيسَت مِن هذِه الحَظيرَة فتِلكَ أَيضًا لابُدَّ لي أَن أَقودَها وسَتُصغي إِلى صَوتي فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد. 17إِنَّ الآبَ يُحِبُّني لِأَنِّي أَبذِلُ نَفْسي لأَنالَها ثانِيَةً. 18 ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنَّي بل إنّني أَبذِلُها بِرِضايَ. فَلي أَن أَبذِلَها ولي أَن أَنالَها ثانِيَةً وهذا الأَمرُ تَلَقَّيتُه مِن أَبي)). مقدمة يصف يوحنا الإنجيلي، في الأحد الرَّابع للفصح الرَّاعي الصَّالِح، كاستعارة، أو مجاز مواصلة لكلام يسوع مع الفِرِّيسيِّين العُميان. فيسوع يدين الرُّعاة السَّيِّئين الذين يقودون شعب الله وهم عميان. إذ أظهر الفِرِّيسيِّين أنفسهم أنهم ليسوا في حالة تصلح لان يقودوا الآخرين (يوحنا 9: 40) لأنهم أجراء. والأجير لم يكن يعمل بنفس روح التَّضحية والبذل اللتين يعمل بهما صاحب الخِراف نفسه (يوحنا 10: 12-13)، بعكس يسوع الذي هو الرَّاعي الصَّالِح الوحيد الذي أوكلت إليه قيادة البشر إلى مراعي الحياة. فهو الرَّاعي الحقيقي لشعب الله الحقيقي (يوحنا 10: 1-18). ومن هنا تكمن أهميَّة البحث في وقائع النَّص الإنجيلي وتطبيقاته. أولًا: وقائع النَّص الإنجيلي (يوحنا 10: 11-18) 11 أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِح يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف. تشير عبارة "أَنا الرَّاعي الصَّالِح" في العهد القديم، إلى صورة "الرَّاعي" الذي يقود القطيع ويحميه، تارة إلى الله كما جاء في المزمور "الرَّبُّ راعِيَّ فما مِن شيَءٍ يُعوِزني (مزمور 23: 1)، وتارة إلى الملك المسيحاني "رَعاهم بِسلامَةِ قلْبِه وهَداهم بِفِطنَةِ يَدَيه" (مزمور 78: 72) ، وتارة إلى المسؤولين في إسرائيل "أُعْطيكم رُعاةً على وَفقِ قَلْبي، فيَرعَونَكم بِعِلمٍ وفِطنَة"(ارميا 3: 5) ، ومِن بين هؤلاء "الرُّعاة" نبتًا هو المسيح كما جاء في نبوءة أرميا: "ها إنَّها ستأتي أَيَّامٌ ، يَقولُ الرَّبّ أُقيمُ فيها لِداوُدَ نَبْتًا بارًّا ويَملِكُ مَلِكٌ يَتَصَرَّفُ بِفِطنَة ويُجري الحُكمَ والبِرَّ في الأَرض"(ارميا 23: 5). وصورة الرَّاعي ترد غالبًا في الأناجيل الإزائيَّة (متى 9: 36، مرقس 6: 34، لوقا 15: 3-7). فيسوع هو الرَّاعي الصَّالِح الذي يحقِّق انتظار العهد القديم، هو الوحيد الذي بذل نفسه عن خِرافه، لذلك هو صالح. ويعلق البابا فرنسيس "ليس يسوع راعيًا صالحًا فقط يشارك حياة القطيع؛ يسوع هو الراعي الصَّالِح الذي بذل حياته من أجلنا، وقام من الموت وأعطانا روحه" (21/4/2024). وفي الكنيسة المسيحيَّة يعتبر الشُّيوخ أو القسوس أو الأساقفة رعاة عيّنهم رئيس الرُّعاة الأعظم لرعاية شعبه (1 بطرس 5: 1-4). أمَّا عبارة " أَنا الرَّاعي " في الأصل اليوناني Ἐγώ εἰμι ὁ ποιμὴν (معناها أنا هو (الرَّاعي) التي تتكرر مرتين في النَّص الإنجيلي (يوحنا 10: 11، 14) فتشير إلى الراعي الوحيد الإلهي الفريد. وهذا تعبير ممَّيز يتردَّد مرات عديدة في إنجيل يوحنا " أنا خبز الحياة (6: 35-48)، "أنا الباب" (10: 7-9)، "أنا القيامة والحياة" (11: 25) "أنا الطَّريق والحق والحياة" (14: 6)، أنا الكرمة" (15: 1). هذه العبارة ترتبط بعبارة אֶֽהְיֶ֖ה אֲשֶׁ֣ר אֶֽהְיֶ֑ה " أنا هو" التي استخدمها الله في العهد القديم لكي يكشف نفسه لهذا الشَّعب، بأنَّه هو إلهه ومُخلصه، وأنَّه هو دائم الحضور والعمل" (خروج 3: 14). ولذه العابرة " أَنا الرَّاعي" لها معنى الوعد والالتزام أيضًا. فالمسيح يلتزم تجاه خِرافه، وتجاه الآب الذي عهد إليه بهذه الخِراف (يوحنا 10: 29)، وهو لن يخون عهده، ولن يتنكر لرسالته. إنه الرَّاعي الصَّالِح إلى الأبد. أمَّا عبارة " الرَّاعي " في الأصل اليوناني ποιμὴν فتشير إلى الشَّخص الذي يهتم برعاية المواشي سيما الغنم. وكان صاحب المواشي يكلُّ أمر رعايتها لابنه أحيانًا (التَّكوين 37: 2)، أو لابنته (التَّكوين 29: 9)، أو لأجير (التَّكوين 30: 31، يوحنا 10: 12). والرَّعي هي أقدم مهنة عرفها الإنسان، إذ هي المهنة التي اتخذها الإنسان القديم إلى أن عرف الزِّراعة واستقر. يذهب الرَّاعي إلى الحظيرة في الصَّباح، ويدعو خِرافه التي تعرف صوته وتتبعه. أمَّا الصَّوت الغريب فلا تعرفه (يوحنا 10: 2-5) ويقودها إلى المرعى ويقضي معها هناك النَّهار كله وفي بعض الأحيان الليل أيضًا (لوقا 2: 8) ويحرسها من الوحوش، واللُّصوص (1 صموئيل 17: 34 -35). ويمنعها من الاعتداء على الأراضي المزروعة، ويردَّ الضَّال (لوقا 15: 4)، ويعني بصفة خاصة بالصِّغار والضُّعفاء منها (حزقيال 34: 3 -4). يحمل الرَّاعي عادة عصا طويلة لقيادة الغنم وجمعها معًا والدفاع عنها وتأديب العُصَاة منها (مزمور 23: 4). يحرص الرَّاعي على مرافقة كلب له (أيوب 30: 1) ليُحذِّر بنباحه إذا اقترب من الغنم وحشٌ مُفترسٌ. ويُحصي الرَّاعي كلَّ يوم ٍ بطرقٍ خاصة، منها وضع عَصا ومرور الأغنام من تحتها (التَّكوين 31: 38). وكانت كلمة راعي تستعمل في العهد القديم رمزًا لله وللمسيح ابنه (مزمور 80: 1 وأشعيا 53: 7)، الذي هو الملك السَّماوي، أو رمزًا لملوك الأرض (حزقيال 34: 10). وقد استمر استعمال هذا الرَّمز إلى العهد الجديد فاعتبر المسيح راعي الخِراف الذي يعنى برعيته، أي البشر (يوحنا 10: 11، 1 بطرس 5: 4). ثم اتسع شمول الاسم إلى رؤساء المَجامع والكهنة والقُسس الذين يعرفون اليوم بالرُّعاة، وتعرف جماعاتهم بالرَّعايا. أما عبارة "الصَّالِح" في الأصل اليوناني καλός (معناها جميل، شريف، شجاع، مثالي، وبالغ الكمال) فتشير إلى نعت "جميل" الذي يوحي بفكرة الرَّاعي المثالي الجدير بهذا الاسم: فيه تشعُّ شهامة الرَّاعي بكلِّ تألق وصلاحه مع الجمال. يعلن كاتب سفر المزامير بأن الله هو إلهٌ صالحٌ: "اْحمَدوا الرَّبَّ لأنَّه صالِح لانَّ للأبد رَحمَتَه "(مزمور 117: 1). فهو الصَّالِح الجذَّاب للرعيَّة بحيث تتمتَّع الرعيَّة بجاذبيَّة شخصه. إذ يقوم يسوع بعمل الرَّاعي على أتم وجه، بقدر ما هو ابن الإنسان المشارك في وضع البشريَّة ليبلغ بها إلى الحياة الأبديَّة، وذلك ببذل نفسه عن الخِراف. أمَّا عبارة "يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف" فتشير إلى تفاني الرَّاعي في سبيل خِرافه مخاطرًا بحياته عندما يقترب الخطر، وذلك لانَّ الخِراف هي خاصته، عظمٌ من عظامه، ولحمٌ من لحمه. إنَّه يجعل نفسه منها، وكل ما يُصيبها يطعنه في الصَّميم. أمَّا الرَّاعي الصَّالِح فبإرادته ورضاه واجه الموت ليفدي كل حملٍ من قطيعه. هكذا يسوع يبذل نفسه حتى الموت ليحيا تلاميذه كما "أَشارَ قيافا على اليَهودِ أَنَّه خَيرٌ أَن يَموتَ رَجُلٌ واحِدٌ عَنِ الشَّعب" (يوحنا 18: 14). بموته، فدى المسيح الشَّعب مُتمِّمًا حرفيًا نبوءة قيافا غير المقصودة، لا من أجل شعبه فقط، بل من أجل جميع النَّاس أيضًا" (2 قورنتس 5: 14-15). فالمسيح تبنَّنا وتضامن معنا إلى هذه الحد. وتدل هذه الآية إلى المسيح الذي يموت من أجلنا كذبيحة تكفيريَّة (عبرانيين 9، أشعيا 53: 10). وأن يكون قد مات من "أجلنا" ليس معناه أنه يموت بدلًا منا، وإنَّما لصالحنا، لأنَّه إذ يموت "من أجل خطايانا" (1 قورنتس 15: 3، 1 بطرس 3: 18) يصالحنا مع الله (رومه 5: 10) ويُؤهلنا لقبول الميراث الموعود (عبرانيين 9: 15 -16). هذا هو الرَّاعي الصَّالِح، الذي اجتاز الموت، ومن هناك، من خلال هذا الباب، يُمكنه أن يقود القطيع إلى مرعى الحياة، لأنَّنا نخرج من الموت في اللحظة التي نسمع فيها كلمة مليئة بالحبِّ الحقيقي. وحبُّه خالصٌ ومجَّاني. أمَّا عبارة " يَبذِلُ " في الأصل اليوناني τίθησιν (معناها يضع نفسه) فتشير لّاهوتيّا إلى حركة يسوع الّتي تُعبر عن المعنى العميق لحياته ولرسالته، وعلاقته مع الآب ومع تلاميذه، والّتي تتمثل في منح حياته كهبة لكل خِرافه الّتي تضعه مركز حياتها. فيسوع قام ببذل جسده بالموت ثم بالقبر. هكذا يخبرنا فعل "يبذل" أنّ جمال أي صلاح الرَّاعي الجميل يعتمد على محبته الّتي تصل حتّى النِّهاية، إلى حد بذل حياته (يوحنا 13: 1). أمَّا عبارة "الخِراف" في الأصل اليوناني προβάτων (ذكر الكتاب المقدس الخِراف مئات المرات بأسماء متعددة :غنم، خِراف، حملان، قطيع) فتشير إلى إحدى الحيوانات الأليفة التي دجَّنها الإنسان منذ أقدم العصور، بل إنَّها أول حيوان داجن ذكره الكتاب (التَّكوين 4: 4)، وكانت الأغنام عماد الحياة البشريَّة، لِما فيها من خيرات للإنسان، بلحمها وصوفها وجلدها ولبنها، ولقلة تكاليفها، ولوفرة الماء والعشب في مناطق كثيرة من الشَّرق، ولا تزال الأغنام، حتى اليوم، عماد هذه الحياة (التَّكوين 32: 14)، ولا بُدَّ للأغنام من راع، فهي من الحيوانات التي لا يمكن أن تقود نفسها بنفسها. الخِراف هم رمز إلى شعب الله. والله يدعو خِرافه للإيمان ويُخرجها للانطلاق إلى ملكوته. ووصف الكتاب المقدس صفات الخِراف التي تتميز بها: من أنها لا تعرف صوت الغريب لذلك لا تأمن له (يوحنا 10: 5 وأشعيا 53: 6)، وتتشتَّت عندما لا يكون لها راعٍ (2 أخبار 18: 16)، وتضلُّ عند شرودها (مزمور 119: 176)، وهي وديعة وأمنة مع أعدائها (أشعيا 11: 6)، ووهي مستهدفة لأخطار الحيوانات الضَّارية (ميخا 5: 8). وكانت الشُّعوب القديمة، وخاصة العبرانيِّين، تستعمل الأغنام أكثر مِمَّا تستعمل غيرها من الحيوانات في تقديم الذَّبائح إلى الله أو إلى الآلهة الوثنيَّة الأصنام. وقد اختيرت الأغنام لنقاوتها ووداعتها ونظافتها، ولأنَّ في تقديمها هديَّة لله عمل محترم يليق بالمُهدى إليه. ولذلك سُمِّي المسيح "حمل الله"، لأنَّه كان الهديَّة التي وهبها الله للبشر لخلاصهم (يوحنا 1: 29). يتضّح في هذه الآية أنَّ الحقيقة تفوق الصَّورة، إذ لم نعرف راعيًا ضحَّى بنفسه في سبيل خِرافه. والمؤمن يُشَبَّه بالخروف في عدم الأذى، والوداعة والطاعة، الضُّعف (الراعي هو يحميها) واحتياجه للرَّاعي (هو يغديها ويرويها، وقبول التَّعليم والنَّفع للآخرين والخِدمة (صوف ولبن). 12 وأَمَّا الأجير وهو لَيسَ بِراعٍ ولَيستِ الخِراف له فإِذا رأَى الذِّئبَ آتيًا تَركَ الخِراف وهَرَب فيَخطَفُ الذِّئبُ الخِراف ويُبَدِّدُها. تشير عبارة "الأجير" في الأصل اليوناني μισθωτὸς إلى عامل يستخدم للقيام بعمل ما يقابل أجرة معينة تدفع له (أيوب 7: 1-2). وهو لا يعمل إلا مقابل أجر. وقد حرصت الشَّريعة الموسويَّة على أن تحفظ للأجير حقَّه في أجْرته. وفي أيام وجود الرَّبَ يسوع المسيح على الأرض كانت أجرة العامل في الكرم دينارًا في اليوم (متى 20: 2). وكانت مدة عمل الأجير محدودة (أشعيا 16: 14). ويمكننا أن نفهم من حياة السَّيد المسيح عن الرَّاعي الصَّالِح بأن الأجير لم يكن يعمل بنفس روح التَّضحيَّة والبذل اللتين يعمل بهما صاحب الغنم نفسه (ا يوحنا 10: 12-13). الأجير يطلب دومًا ما هو لسلامه غير مبالٍ بالخِراف، والراعي يطلب ما هو للخِراف غير مبالٍ بما هو لنفسه، فالأجير هو العامل الذي يُضحِّي بالخِراف لمنفعته ومصلحته، كما جاء في نبوءة زكريا "لا يَفتَقِدُ النَّعجَةَ المُختَفِيَة ولا يَطلُبُ المَفْقودةَ ولا يَجبُرُ المَكْسورة ولا يَعولُ القائمَة، بل يأكُلُ لَحمَ السِّمانِ ويَنزعُ أَظْلافَها" (زكريا 11: 17) ومن هنا يوصي بولس الرَّسول:" لا يَسْعَيَنَّ أَحَدٌ إِلى مَنفَعَتِه، بل إِلى مَنفَعَةِ غَيرِه"(1 قورنتس 10: 24). وغرض الأجير هنا هو استغلال الآخرين، إن أغراضه مهلكة في النِّهاية. ويفضِّل الأجْرة على الخدمة وعلى محبته لرعيته، لذلك يتصرف بطريقة تعسُّفيَّة ويريد السَّيطرة لمنفعته وحده (يوحنا 10: 1)، ويُضحي بالخِراف لمنفعته (يوحنا 10: 11). ويطلب ما لنفسه. ويُعلق القديس أوغسطينوس: "ماذا يعني "يطلب ما لأنفسه"؟ الذي لا يحب المسيح مَجَّانًا، بل يسعى نحو المنافع الزِّمنيَّة، يطلب الرِّبح، ويطمع في الكرامات من النَّاس" (tractate 46: 5.). فالمصلحة الذَّاتيَّة هي دافعه الوحيد، ولا يوفر عند مواجهة الخطر، ويفضل إنقاذ حياته فيهرب عندما يأتي الذِّئب، لأنَّه يخاف من الموت. والأجير هنا يرمز إلى الفِريسيين العميان الذين رفضوا معجزة يسوع في شفائه الأعمى منذ مولده (يوحنا 9: 1)، وهم عُمَى الاكتفاء الذَّاتي الذي منعهم من رؤية الحق (يوحنا 9: 40)، بالتَّالي أصبحوا رعاة كاذَّبين. أمَّا عبارة " لَيستِ الخِراف له " فتشير إلى عدم اهتمام الأجير بالخِراف، لانَّ الخِراف ليست له. فهولا يفكِّر إلا في نفسه ولن يخاطر بحياته أمام الذِّئب. ويهجرها عند اقتراب الخطر فهو يرعى الخِراف من أجل الأجرة أو المكافأة، وليس عن حبٍ صادقٍ لشعب الله. أما عبارة " الذِّئبُ " في الأصل اليوناني λύκος فتشير إلى اسم حيوان يتَّصف بشدَّة الافتراس والشَّراسة (أشعيا 11: 6)، حجْمه كحجم الكلب الكبير وكثيرًا ما يشبهه، وهو من ألَد أعداء الغنم، فإنها ترتاع منه حين تراه. وعندما بارك يعقوب أولاده تنبأ عن مقدرة سبط بنيامين، وشبَّههم بالذِّئب الذي لا يعوزه الطَّعام بسبب مهاراته الفائقة (التَّكوين 49: 27). لكن هذا التَّشبيه بالذِّئب ليس تشبيهًا مُشرفًا على الدوام، فقد شبَّه الكتاب المقدس رؤساء بني إسرائيل بالذِّئاب الخاطفة إشارة إلى ظُلمهم (حزقيال 22: 27)، وكذلك شبّه المعلمين الكذبة بالذِّئاب (متى 7: 15) وكذلك أعداء شعب الله (متى 10: 16)، فصدق فيهم المثل اللاتيني " الإنسان ذئبٌ لأخيه الإنسان". الذئب هنا رمز إلى أي ضيقة أو أي آلة يستخدمها الشَّيطان أو الشَّيطان نفسه أو أي اضطهاد في العَالَم. أمَّا عبارة " فيَخطَفُ الذِّئبُ الخِراف ويُبَدِّدُها" فتشير إلى وقوع الخِراف فريسة للذِّئاب، إذ يتعرض الخِراف لذئابٍ خاطفة تخدع وتفترس وتُحطِّم (أعمال الرسل 20: 29). فوصف حبقوق النَّبي هجوم ذئاب المساء في طلب الفريسة إلى الهلاك المُعد للأشرار (حبقوق 1: 8)، ووصف هجوم "ذِئابٌ في المَساء الذين لا يبقونَ شَيئًا إِلى الصَّباح"(صفنيا 3: 3) فأشار به إلى شراهة الذِّئب التي تجعله يفترس أكثر مِمَّا يلزم لطعامه. 13 وذلِكَ لأَنَّهُ أَجيرٌ لا يُبالي بِالخِراف. تشير عبارة "لا يُبالي بِالخِراف" إلى عدم الاهتمام بالخِراف، لان الخِراف ليست مُلكًا له. يصوف حزقيال النَّبي معنى لا يُبالي بالخراف بقوله:" الضِّعافُ لا يقَوّها والمَريضةُ لا يداويها والمَكْسورَةُ لا يُجبرها والشَّارِدَةُ لم يردُّها والضَّالَةُ لا يبحَث عنها، وصارَت خِرافه مَأكَلاً لِجَميعِ وُحوشِ الحُقولِ وهي مُشتتَة (حزقيال 34: 3-8). إن عجز الخِراف يتباين مع حريَّة عمل الرَّاعي، لانَّ حريتها تتوقف على عمله. في علاقة المسيح الرَّاعي الصَّالِح معنا، لا يسعى إلى تحقيق مكاسب شخصيَّة، بل من أجل منفعتنا: فهو مستعدٌ لأن يبذل نفسه في سبيلنا حتى تكون لنا الحياة. 14 أَنا الرَّاعي الصَّالِح أَعرِفُ خِرافي وخِرافي تَعرِفُني أمَّا عبارة "أَعرِفُ خِرافي وخِرافي تَعرِفُني" فتشير إلى التَّفاهم بين الرَّاعي والخِراف. وتدلُّ هذه المعرفة المتبادلة على معرفة يسوع وأتباعه، وبفضل هذه المعرفة فانه يرضى أن يضحِّي بنفسه من أجل خِرافه (يوحنا 10: 15). وهذه المعرفة تتضمن القدرة على التَّمييز بين التَّعاليم الحقةَّ والتَّعاليم الكاذبة (يوحنا 2: 26). ويُسمِّى يوحنا الإنجيلي هذه المعرفة " الاشتراك " (1 يوحنا 1: 3)، لأنها مشاركة في نفس الحياة الواحدة (يوحنا 14: 19-20)، ووحدة كاملة في حقيقة المَحَبَّة (يوحنا 17: 26). يُحبنا الرَّبَ مَحَبَّة متجردة وغير مشروطة، مبنيَّة على المعرفة المتبادلة والثقة. أما عبارة "أَعرِفُ" فتشير إلى الإدراك والوعي وفهم الحقائق عن طريق العقل، ولكن تشير أيضا إلى الوحدة والحضور الحميم بين شخصين والاستقبال والثقة المتبادلين، والتَّشارك في القلب والأفكار. إنَّها معرفة مُشبعة بالحنان والشُّعور بالارتباط المتبادل في الرِّضى والمَحَبَّة. يسوع يعرف خاصته، إذ يتطلع إليهم بعيني الحُبِّ والاهتمام الرَّعوي، يعرفهم فيبذل ذاته برضاه من أجلهم. 15 كَما أَنَّ أَبي يَعرِفُني وأَنا أَعرِفُ أَبي وأَبذِلُ نَفْسي في سَبيلِ الخِراف. تشير عبارة "كَما أَنَّ أَبي يَعرِفُني وأَنا أَعرِفُ أَبي" إلى علامة وحدة الفكر والإرادة ووحدة العمل معًا، كمثال للمعرفة بينه وبيننا كخاصته. يُشبِّه المسيح ارتباطه كراع صالح بنا نحن خِرافه، بارتباطه هو آبيه، وهكذا فهذا الاتحاد يعني حضور الواحد إلى الآخر حضورًا روحيًا "َإنَّ الآبَ فيَّ وأَنيِّ في الآب "(يوحنا 10: 38). إن معرفة متبادلة بين الآب والابن يُقابلها التَّفاهم بين الرَّاعي والخِراف. الابن يسوع يعرف الآب بنفسه، ونحن نعرفه به، إذ يقول: "إِنَّ اللهَ ما رآهُ أَحدٌ قطّ الابنُ الوَحيدُ الَّذي في حِضْنِ الآب هو الَّذي أَخبَرَ عَنه"(يوحنا 1: 18). هكذا به ننال هذه المعرفة التي يُعلنها لنا. إن الصَّداقة القائمة بين يسوع وأحبائه هي نفس الصَّداقة القائمة بين الاقانيم الثلاثة. أما عبارة "يَعرِفُني" في التَّقليد الكتابي فتشير إلى "التَّعارف" بين الأشخاص الذي يفترض المَحَبَّة: فالمعرفة التي تربط بين يسوع وخاصته تتأصل وتكتمل في المَحَبَّة التي تربط بين الابن والأب. أما مَحَبَّة يسوع لأبيه تتجسد الطَّاعة، تقابلها مَحَبَّة الآب الذي يمجِّده (يوحنا 15: 9). إن الرَّاعي الحقيقي يعرف خِرافه، لأنّه أطلق عليها أسماء، وهو يُخرجها إلى المراعي الخصبة: "يَدعو خِرافه كُلَّ واحدٍ مِنها بِاسمِه ويُخرِجُها. فإِذا أَخرَجَ خِرافه جَميعاً سارَ قُدَّامَها وهي تَتبَعُه لأَنَّها تَعرِفُ صَوتَه " (يوحنا 10: 4). معرفة يسوع أتباعه بأسمائهم دليل على العلاقة الشَّخصيَّة للمسيح بكل نفس " دَعَوتُكَ بِآسمِكَ" (أشعيا 1:43). يسوع يقودنا إلى السَّعادة، إلى الفرح، إلى الغذاء الحقيقي. أمَّا عبارة "أَبذِلُ نَفْسي في سَبيلِ الخِراف" فتشير إلى الحُبِّ العظيم من يسوع الرَّاعي نحو رعيته، لذلك يأتي البذل والفداء نتيجة طبيعيَّة لهذه الرعاية الأمينة، فيسوع بذل نفسه على الصَّليب بحريَّة مطلقة، وهذا هو التَّعبير الأكبر عن مَحَبَّة الابن لآبيه ومَحَبَّة آبيه للبشر: "لَيسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعظمُ مِن أَن يَبذِلَ نَفَسَه في سَبيلِ أَحِبَّائِه" (يوحنا 15: 13). والطاعة ناشئة عن المَحَبَّة. فلا معرفة حقيقيَّة لله دون مَحَبَّة وبذل. تضحيَّة يسوع ما هي إلاَّ نتيجة لِحبِّه وطاعته لآبيه (يوحنا 13: 1-3، 17: 19). إن مَحَبَّة المسيح للآب ظاهرة في طاعته وبذله نفسه حتى الصليب. هذه صورة مذهلة! عندما يموت الرَّاعي لا يستطيع أن يدافع عن خِرافه، غير أنَّ يسوع بموته يخلِّص خِرافه. يعرض يسوع نفسه للخطر ليدافع عن البشريَّة، وفي هذا الصَّدد يشدِّد بولس الرَّسول على قيمة كل كائن بشري بقوله "مَن ماتَ المسيحُ لأَجْلِه " (رومة 14: 15). ويعلق القديس كيرلس الكبير "لا يُقدم يسوع القطيع ذبيحة عن صاحبها، كما في العهد القديم، بل يقدم الراعي نفسه ذبيحة عن قطيعه" (PG 74: 653.). ومن هذا المنطلق، يوصينا بطرس الرَّسول:" انمُوا في النِّعمَةِ وفي مَعرِفَةِ رَبِّنا ومُخَلِّصِنا يسوعَ المسيح" (2 بطرس 3: 18). 16 ولي خِراف أُخْرى لَيسَت مِن هذِه الحَظيرَة فتِلكَ أَيضاً لابُدَّ لي أَن أَقودَها وسَتُصغي إِلى صَوتي فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد. تشير عبارة "ولي خِراف أُخْرى لَيسَت مِن هذِه الحَظيرَة فتِلكَ أَيضًا لابُدَّ لي أَن أَقودَها وسَتُصغي إِلى صَوتي" إلى الرِّسالة الشَّاملة (يوحنا 4: 35-38)، وهي عمل المسيح بقدر ما هي نشاطه في فلسطين بواسطة رسله الذين أرسلهم إلى العَالَم (يوحنا 17: 18)، والذين ينتمون إليه انتماءً سريًا منذ اليوم (يوحنا 11: 52). فان إخلاص يسوع وحبَّه يشملان كلَّ البشر، دون تمييز في العرق، والدِّين والوطن. أمَّا عبارة "خِراف أُخْرى" فتشير إلى الخِراف الأخرى التي من الأمم، بكونها خِرافه التي يأتي بها إليه لتكون مع خِراف بيت إسرائيل رعيَّة واحدة لراعٍ واحد. هم أشخاص آخرون يشتركون في فوائد ذبيحته على الصَّليب. لا يكتفي يسوع بالقطيع الصَّغير الذي خلَّصه وجمعه، بل يهتم يسوع بكل البشريَّة. أمَّا عبارة "الحَظيرَة" فتشير إلى حوش يحيط به سور بحائط من حجارة بلا طين، والدخول إليه يكون عن طريق باب، فتُساق الخِراف إلى الحوش، ورقابة تستمر عليها أثناء الليل بواسطة بوَّاب يحرس المدخل. في الصَّباح يأتي الرَّاعي ليأخذ قطيعه، ويقوده إلى المرعى. يقف على باب الحظيرة وينادي خِرافه واحدًا واحدًا: لكل منها اسم يعرفه، كما يعرف الخِراف صوت راعيها. والحظيرة هي رمز إلى إسرائيل قديمًا والكنيسة حاليًا، هي ملكوت الله. أمَّا عبارة "فتِلكَ أَيضًا لا بُدَّ لي أَن أَقودَها" فتشير إلى مسؤوليَّة الرَّاعي عن الخِراف، إذ يُخرج الرَّاعي كل خِرافه من الحظيرة، فيمشي أمامها مصفِّرًا، أو محدثًا بلسانه فرقعة خاصة تعرفها الخِراف فتتبعه. يؤكد السَّيد المسيح دوره الإيجابي في اقتناء الأمم شعبًا له، فهو الذي يقدِّم دمه ثمنًا لخلاصهم، وهو الذي يعمل بروحه فيهم ليجتذبهم، لكن ليس بغير إرادتهم. وفي هذا الصَّدد يقول "أَنا إِذا رُفِعتُ مِنَ الأَرض جَذَبتُ إِلَيَّ النَّاسَ أَجمَعين" (يوحنا 32:12). المسيح بموته جذب إليه الجميع. إنه يفتح قلوب مؤمنيه لمَحَبَّة كل البشريَّة المدعوة للتمتع برعاية السَّيد المسيح مخلص العَالَم. لا يتكلم يسوع عن قيادة خِرافه إلى حظيرة شعب الله القديمة، وإنَّما يريد إن يضمَّه إلى القطيع الواحد، الذي يقوده إلى الحياة الأبديَّة. فداء يسوع ليس عن شعب بني إسرائيل فقط، فالرَّعيَّة الحقيقيَّة للمسيح، هي كل من يقبله في العَالَم كله. فلا يجوز لمن يتبع يسوع أن ترتاح نفسه وهو يعلم أن هناك كثيرين لا زالوا بعيدين عن كنيسة المسيح، إذ هو يشعر بالمسؤوليَّة تجاه هؤلاء، على خطى مسيحه الرَّاعي الصَّالِح. أمَّا عبارة " وسَتُصغي إِلى صَوتي " فتشير إلى خبرة روحيَّة تشمل الإيمان والقبول والانجذاب للمخلص. فمعرفة خِراف أخرى صوت يسوع في كلام مرسليه، لأنَّهم يعملون بحسب الحق، كما قال يسوع إلى بيلاطس "فكُلُّ مَن كانَ مِنَ الحَقّ يُصْغي إِلى صَوتي" (يوحنا 18: 37). فان الخِراف تميِّز صوت الرَّاعي، لأنَّه معروفٌ لديها. وهي مستعدة لسماع صوته والإصغاء إلى من يُقدم كلَّ شيءٍ من أجلها، وهي تتبعه (يوحنا 10: 27). فهناك معرفة وثقة متبادلة بيم الرَّاعي وخِرافه. للخِراف ميزتان أمام الرَّاعي: تسمع صوته (يوحنا 10: 16)، وتتبعه (يوحنا 10: 27)، أنها تطيعه، وتؤمن به (يوحنا 3: 21-36)، وتتلمذ للرَّاعي الصَّالِح (يوحنا 6: 45)، وترافقه (رؤيا 7: 17) وتصحبه كيفما سار (رؤيا 14: 4) وتسير في نوره وخطاه (يوحنا 8: 8: 12). الأصغاء إلى صوت يسوع هي الميزة الجوهريَّة التي تنفرد بها الحياة المسيحيَّة. أمَّا عبارة " فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد" فتشير إلى وَحده البشر، يهودًا ويونانيِّين، عن يد يسوع وفي يسوع " لِيَخلُقَ في شَخْصِه مِن هاتَينِ الجَماعتَين، بَعدَما أَحَلَّ السَّلامَ بَينَهما، إِنسانًا جَديدًا واحِدًا"(أفسس 2: 15)، كما تنبأ حزقيال: " عَبْدي داوُدُ يَكونُ مَلِكًا علَيهم. وراعٍ واحِدٌ يَكونُ لِجَميعِهم" (حزقيال 37: 24). ما يوحّد الخِراف كعائلة ليس الجُهد الشَّخصي ولا التَّقنيات والاستراتيجيات المختلفة، بل الإصغاء بثقة إلى صوت المسيح الرَّاعي الذي يدعو الجميع، كما يؤكد ذلك بولس يسول: "فلَيسَ هُناكَ يَهودِيٌّ ولا يونانِيّ، ولَيسَ هُناكَ عَبْدٌ أَو حُرّ، ولَيسَ هُناكَ ذَكَرٌ وأُنْثى، لأَنَّكم جَميعًا واحِدٌ في المسيحِ يسوع"(غلاطية 3: 28). إن مَحَبَّة الرَّاعي الصَّالِح لا تقتصر على فئة معينة من النَّاس أو على أشخاص أكثر امتيازًا من غيرهم، بل يريد أن يُخرج الجميع، حتى نصبح قطيعًا واحدًا وعائلة واحدة. هناك حظائر كثيرة ولكن لا يمكن أن يكون قطيع حقيقي واحد. فهدف المسيح أن يجعل هناك وحدة بينه وبين الذين أحبُّوه وآمنوا به، لنصير نحن كلنا واحدًا فيه وفي الآب. إنّ الخِراف الّتي تستمع إلى صوت الرَّاعي وتتبعه، ليست فقط مدعوة إلى أن تبذل حياتها مثله، بل أيضًا إلى أن تعيش بحريَّة لأجله. 17إِنَّ الآبَ يُحِبُّني لِأَنِّي أَبذِلُ نَفْسي لأَنالَها ثانِيَةً تشير عبارة "إِنَّ الآبَ يُحِبُّني" إلى مَحَبَّة الآب ليسوع، لأنَّه يُطيعه حتى التَّضحية بنفسه من أجل الخِراف، فداء العَالَم كلِّه، وهذه الذبيحة يقبلها الآب بسرور وحبٍّ. أمَّا عبارة "أَبذِلُ نَفْسي" فتشير إلى قرار يسوع بان يضع حياته عن الخِراف بطواعيَّة وتفانٍ في سبيل خِرافه. وهذا يعني أن القطيع سيُولد من موته. فموت المسيح هو الذي يُنشئ شعب الله الجديد. أمَّا عبارة "لأَنالَها ثانِيَةً" فتشير إلى استرداد يسوع روحه التي ذاقت الموت بالجسد. أحرز يسوع النَّصر على الموت بقيامته. وفي ذلك إشارة إلى قيامة يسوع المرتبطة في نظره ارتباطًا وثيقًا ببذل حياته على الصَّليب. إن يسوع سيُحقِّق بموته خلاص الشَّعب، ويضمّ إلى شعبٍ واحدٍ جميع الذين ينتمون إلى الآب في العَالَم، كما تنبأ قيافا، عظيم الكهنة "َتَنَبَّأَ أَنَّ يسوعَ سيَموتُ عَنِ الأُمَّة، ولاعنِ الأُمَّةِ فَقَط، بل لِيَجمَعَ أيضًا شَمْلَ أَبناءِ اللهِ المُشَتَّتين" (يوحنا 11: 52 -53). أن الآب يُحبَّ الابن لأنَّه يبذل نفسه ويقيم نفسه من الموت، فهذا تعبير عن اتفاق إرادتهما، فهما واحدٌ، ولهما نفسُ الإرادة في خلاص الإنسان، لكن الآب يريد، والابن يُطيع بجسده ويقبل الصليب ويموت ويقوم ليعطي حياة للإنسان. الرَّاعي لا يموت فقط لأجل الخِراف بل يقوم ليُقيمها معه. 18 ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنَّي بل إنّني أَبذِلُها بِرِضايَ. فَلي أَن أَبذِلَها ولي أَن أَنالَها ثانِيَةً وهذا الأَمرُ تَلَقَّيتُه مِن أَبي)) تشير عبارة "ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنَّي" إلى يسوع راعي الخِراف الحقيقي، كما تنبأ حزقيال " فأُخَلِّصُ خِرافي ولا تَكونُ بَعدَ اليَومِ نَهْبًا، وأَحكُماُ بَينَ شاةٍ وشاة. وأُقيمُ علَيها راعِيًا آخَرَ لِيَرْعاها، عَبْدي داوُد، فهو يَرْعاها وهو يَكونُ راعِيَها (حزقيال 34: 22-23). أمَّا عبارة "إنّني أَبذِلُها بِرِضايَ" فتشير إلى قيمة ذبيحة المسيح التي هي طوعيَّة. تحدث السَّيد عن موته مُشدّدًا على رواية الآلام في إنجيل يوحنا تشديدًا خاصًا مُبيَّنا حريته المطلقة. يسوع لا يخاف من الموت، لأنَّه مّر به. وفي موضع آخر يقول يسوع: "اُنقُضوا هذا الهَيكَل أُقِمْهُ في ثَلاثَةِ أَيَّام! أَمَّا هو فكانَ يَعْني هَيكَلَ جَسَدِه" (يوحنا 2: 19-20). أما عبارة "فَلي أَن أَبذِلَها" في الأصل اليوناني ἐξουσίαν ἔχω θεῖναι αὐτήν (معناها لي سلطان أن ابذلها) فتشير إلى تسليم السَّيد المسيح روحه في يَدَي الآب بسلطانه بعد أن تمَّم اليهود مع الرُّومان كل شيء ووضعوه على الصليب. أمَّا عبارة "أَنالَها ثانِيَةً" فتشير إلى قوة يسوع ليُعيد حياته أي القيامة. أما عبارة "وهذا الأَمرُ " في الأصل اليوناني ἐντολὴν (معناها الوصيَّة) إلى الوصيَّة أي الموت عن العَالَم وبذل نفس عن العَالَم. والوصيَّة هي تعبير عن إرادة الآب في خلاص الإنسان، فالمسيح قبل بإرادته هذا التَّدبير، وليس قسرًا أو إجبارًا. ويعلق القديس يوحنا الذهبي الفم: " إن سألت السَّيد المسيح: وما هي هذه الوصيَّة؟ أجابك: هي أن أموت عن العَالَم". أمَّا عبارة " فَلي أَن أَبذِلَها ولي أَن أَنالَها ثانِيَةً" فتشير إلى سلطان يسوع في الحياة القيامة. إنَّ الإنسان العادي له سلطان أن يضع نفسه للموت، ولكن ليس لإنسان أن يقيم نفسه. ولكن للمسيح هذا السُّلطان فكل ما هو للآب هو للابن. في هذه الآية نرى موت المسيح وقيامته بسلطانه وإرادته. فهو يريد أيضًا أن يموت عن العَالَم. لكن الآب يريد والابن ينفذ. أمَّا عبارة "تَلَقَّيتُه مِن أَبي" فتشير إلى إرادة ألاب هي نفس إرادة الابن، وهنا نرى التَّساوي والوحدة بين الآب والابن فلأنهما واحد فما يريده الآب يريده الابن، كما جاء في إنجيل يوحنا "الآبَ الذي يُحِبُّ الابن فجَعَلَ كُلَّ شيءٍ في يَدِه " (يوحنا 3: 35). يسوع هو كلُّه، بحكم التَّرابط، في خدمة الآب (يوحنا 4: 34). ثانيًا: تطبيقات النَّص الإنجيلي (يوحنا 10: 11-18) بعد دراسة موجزة عن وقائع النَّص الإنجيلي (يوحنا 10: 11-18) يمكن الاستنتاج أنَّه يتمحور حول الرَّاعي الصَّالِح. ومن هنا نبحث في مفهوم الراعي والراعي الصالح في الكتاب المقدس وخاصة في إنجيل يوحنا وفي الكنيسة. 1) مفهوم الرَّاعي ورمزه في الكتاب المقدس "الرَّاعي" في الأصل اليوناني ποιμὴν فتشير إلى الشَّخص الذي يهتمُّ برعاية المواشي سيما الغنم. وكان صاحب المواشي يَكل أمر رعايتها لابنه أحيانًا (التَّكوين 37: 2)، أو لابنته (التَّكوين 29: 9)، أو لأجير (التَّكوين 30: 31، يوحنا 10: 12). والرَّعي هي أقدم مِهنة عرفها الإنسان، إذ هي المِهنة التي اتَّخذها الإنسان القديم إلى أن عرف الزِّراعة واستقرَّ. يذهب الرَّاعي إلى الحظيرة في الصَّباح، ويدعو خِرافه التي تعرف صوته وتتبعه. أمَّا الصَّوت الغريب فلا تعرفه (يوحنا 10: 2-5) ويقودها إلى المرعى ويقضي معها هناك النَّهار كلّه وفي بعض الأحيان الليل أيضًا (لوقا 2: 8) فيحرسها من الوحوش، واللُّصوص (1 صموئيل 17: 34 -35). ويمنعها من الاعتداء على الأراضي المزروعة، ويَرد الضَّالة (لوقا 15: 4)، ويعني بصفة خاصة بالصِّغار والضُّعفاء منها (حزقيال 34: 3 -4). يحمل الرَّاعي عادة عصا طويلة لقيادة الغَنم وجمْعها معاً والدفاع عنها وتأديب العُصاة منها (مزمور 23: 4). يحرص الرَّاعي على أن يرافقه كلب (أيوب 30: 1) ليُحذِّر بنباحه إذا اقترب من الغَنم وحشٌ مُفترسٌ. ويُحصي الرَّاعي خرافه كلَّ يوم بطرق خاصة، منها وضع عصا ومرور الأغنام من تحتها (التَّكوين 31: 38). صورة الرَّاعي مألوفة في الشَّرق القديم وترقى إلى عهد البداوة عند الشَّعب العبراني (التَّكوين 13: 2-5)، وهي تبرز كواحدة من أغنى تعابير العهد بين الله والشَّعب القديم. إذ الشَّعب القديم هو قطيع الله. وارتبط الله بشعبه، كما يرتبط الرَّاعي بقطيعه، كما هو مألوف في الكتاب المقدس أولاً في المزامير "الرَّبُّ راعِيَّ فما مِن شيَءٍ يُعوِزني" (المزمور 22: 1)، وفي سفر أشعيا نجد "يَرْعى قَطيعَه كالرَّاعي يَجمَعُ الحُمْلانَ بِذِراعِه ويَحمِلُها في حِضنِه" (أشعيا 22: 1)، وفي سفر حزقيال نقرأ "هاءنَذا أَنشُدُ خِرافي وأَفتَقِدُها أَنا" (حزقيال 34: 11). ومن هذا المنطلق الرَّبَ مسؤول عن حياتنا وحمايتنا وكل احتياجاتنا. الرَّاعي في الكتاب المقدس هي استعارة للرَّاعي الذي يقود قطيعه، تتأصل بجذورها، في خبرة رؤساء آباء إسرائيل الذين يصفهم الكتاب "بالآراميين التَّائهين" (تثنية 26: 5) والذين عاشوا في إطار حضارة الرُّعاة (تكوين 4: 2). وتعبر هذه الاستعارة عن ناحيتين من السُّلطة: قائد ورفيق. تتعارض هذان الصِّفاتان في ظاهرهما وقلّما يجتمعان معاً. من ناحية، الرَّاعي هو قائد رجل قويّ، قادر على أن يدافع عن قطيعه ضدَّ الحيوانات الضَّارية (متى 1: 16). يعلق البابا فرنسيس: "ما يريد أن يقوله الرَّبَ لنا من خلال صورة الراعي الصَّالِح أنه ليس فقط أنه المرشد، قائد القطيع، بل إنه قبل كل شيء يفكّر في كل واحد منا" (21/4/2024). زمن ناحية أخرى، يسوع يعامل أيضا نعاجه برقَّة، فيعرف وجوهها (أمثال 27: 23)، ويتكيف وفق حالها (تكوين 33: 13-14)، ويحملها على كتفيه (أشعيا 40: 11، ويعزّ الواحدة والأخرى "كابنته" (2 صموئيل 12: 3). لا جدال في سلطته، فهي مؤسسة على البَذل والمَحَبَّة. يمكن تطبيق مثل الرَّاعي الصَّالِح على علاقة الله مع شعبه. وأثناء الخروج، "قاد الله شعبه وغنمه" (مزمور 5 9: 7)، "مثل قطيع في البرّيَّة" (مزمور 78: 2 5-53)، يرعاه "كالرَّاعي" يجمع الحملان بذراعه ويحملها في حضنه ويستاق المُرضعات رويدًا" (أشعيا 40: 11). وهكذا يواصل الله رعي شعبه (مزمور 80: 2). يورد الله قطيعه مجددًا إلى ينابيع المياه الحيَّة (أشعيا 49: 10) ويجمع النِّعاج المُشتّتة (أشعيا 56: 8) "وهو يصفر لها" (زكريا 10: 8). ويُبدي العناية نفسها إزاء كل مُؤمن، بحيث لا يعوزه شيء ولا يخاف سوءًا تحت ظل حماية الله (مزمور 23: 1 -4). أخيرًا تمتدّ رحمة الله إلى كلّ ذي جسد (يشوع بن سيراخ 18: 13). تطلع أنبياء العهد القديم إلى رّبِّنا يسوع بكونه الراعي (أشعيا 40: 11؛ حزقيال 34: 23؛ زكريا 13: 7)، واختبره الرسل "راعِيَ الخِراف العَظيم" (العبرانيين 13: 20) و"راعي نُفوسِكم " (1 بطرس 2: 25)؛ "راعي الرُّعاة" (1 بطرس 5: 4). 2) يسوع الرَّاعي الصَّالِح: في زمن المسيح، كان الرُّعاة موضوع أحكام مُتعارضة، فالبعض يرون فيهم لُصوصًا وقتلة نظرًا للشريعة التي لم يكن في استطاعتهم ممارستها، غير أن البعض الآخر كانوا يحتفظون في ذاكرتهم بنُبوءة الرَّاعي المزمع أن يأتي. وقد أتم يسوع هذه النَّبوءة. ومن هنا نبحث عن الرَّاعي الصَّالح عبر أسفار الكتاب المقدس: (أ) الرَّاعي الصَّالِح وإنجيل يوحنا، يسوع الرَّاعي الصَّالح: يسوع الرَّاعي الصَّالح ذو شخصيَّة جميلة النَّفس. هو يُحبُّ خِرافه مَحَبَّة شديدة ويبذل حياته عنها، وخِرافه تعرفه وتحبُّه. الرَّاعي صار حملًا يبذل نفسه عن خِرافه ليعطيها حياة أبديَّة وفرح على الأرض (يوحنا 10: 11-13). ويعرف خِرافه الخاصة وخِرافه تعرفه (يوحنا 10: 14)، أن الرَّاعي يعرف قطيعه جملة وعددًا، فإنَّه يعرف كل واحد أيضًا باسمه، وباحتياجاته وشدائده، وأعلن بولس الرسول عن عمق هذه المعرفة: "أَنِّي عالِمٌ على مَنِ اتَّكَلْتُ وموقِنٌ أَنَّه قادِرٌ على أَن يَحفَظَ وَديعَتي" (2 طيموتاوس 1: 12). بل أيضًا يتألم يسوع لألم تلميذه. فهو يعرف احتياجها. وهي تعرفه فهو يتعايش معها وفي وسطها وينتمي لها كما جاء في تعليم بولس الرَّسل: "لِيُمَجَّدَ فيكمُ اسمُ رَبِّنا يسوع وتُمجَّدوا أَنتُم فيه (2 تسالونيقي 1: 12). يبذل نفسه عن الخِراف (يوحنا 10: 15)، هو يضع نفسه مكان الخِراف في كل شيء (حياة/ موت/ ضعف/ عبوديَّة/ ألم/ جوع وعطش/ فقر/ استهزاء/ لعنة/ دينونة). وأخيرًا لا يلتزم يسوع الرَّاعي الصَّالح بحظيرة معينة بل يجمع خِرافا أُخَر لتكون له رعيَّة واحدة (يوحنا 10: 16)، إنه أتى ليجعل الاثنين واحدًا. يجمع الكل فيه. يسوع الرَّاعي الصالح المثالي: يسوع الرَّاعي الصالح المثالي، لأنَّه يبذل نفسه عن الخِراف (10: 15 و17-18). فسبق وأعلن "هكذا ابنُ الإِنسانِ لم يأتِ لِيُخدَم، بَل لِيَخدُمَ ويَفدِيَ بِنَفسِه جَماعَةَ النَّاس" (متى 20: 28). فهو ليس "مضروبًا" فحسب (متىّ 26: 31، زكريا 13: 7)، بل إنّه بذل نفسه باختياره (يوحنا 10: 18). والنِّعاج المشتتة التي يجمعها تأتي على السَّواء من حظيرة إسرائيل ومن الأمم (10: 16، 11: 52). وإن القطيع الواحد الذي جمعه يسوع يظلّ موحّدًا إلى الأبد، لأن مَحَبَّة الآب القدير هي التي تحفظه وتكفل له الحياة الأبديَّة (10: 27-30). المسيح، بذل ذاته من أجل خلاص كل قطيعه. وعمل الفداء هذا لا يستطيع أحد القيام به سوى مسيحنا وراعينا الصَّالِح. وباختصار، يسوع الصَّالِح هو راعى الرعاة الأوحد. فإذا كان هذا راعينا، فلماذا نقلق إذًا يكفي أن نضع ثقتنا فيه هو الذي بذل نفسه لأجلنا. يسوع الراعي الصَّالح الوحيد: يعلن يسوع أنه هو بالذَّات (يوحنا 10: 11) ذاك "الرَّاعي الواحد" المنتظر (حزقيال 34: 23)، ويعلق القديس أوغسطينوس "فكيف يوجد راعي واحد؟ كما سبق فقلت أنهم كانوا رعاة لأنهم أعضاء في الراعي. لقد فرحوا في هذا الرأس، وتحت رئاسة هذا الرأس كانوا في انسجام معًا، عاشوا بروحٍ واحدٍ في رباط جسدٍ واحدٍ. لذلك فجميعهم ينتمون للرَّاعي الواحد"(Tractate 46: 7). هكذا كلُّ من راعي الرُّعاة ورُعاة الرَّاعي والقطيع تحت وحدة الراعي الصَّالِح، كما جاء في تعليم بولس الرسول: "كما أَنَّ الجَسَدَ واحِدٌ ولَه أَعضاءٌ كَثيرَة وأَنَّ أَعضاءَ الجَسَدِ كُلَّها على كَثرَتِها لَيسَت إِلاَّ جَسَدًا واحِدًا، فكذلكَ المسيح" (1 قورنتس 12: 12). يوضّح يسوع أنّه هو الوسيط الوحيد، الباب الذي به نصل إلى الخِراف (10: 7) ومنه نخرج إلى المرعى (10: 9-10). هو وحده الذي يقوض السُّلطة الرَّعويَّة (يوحنا 21: 15-17)، وهو وحده الذي يعطي الحياة في ملء حريَّة الدخول والخروج (يوحنا 27: 17). وعلى المعرفة" المتبادلة بين الرَّاعي وخِرافه (يوحنّا 10: 3-4 و14-15)، يقيم يسوع حياة جديدة مبنيَّة على المَحَبَّة المتبادلة التي توحِّد بين الآب والابن (14: 20، 15: 10، 17: 8-9 و18-23). (ب) الرَّاعي الصَّالِح والأناجيل الإزائيَّة ورسائل العهد الجديد تُقدّم الأناجيل الإزائيَّة ملامح كثيرة تشير إلى الاستعارة الواردة في القديس يوحنا: إن ميلاد يسوع في بيت لحم قد حقق نبوة ميخا (متّى 2: 6، ميخا 5: 1)، وتكشف رحمته أنه الرَّاعي الذي كان يريده موسى (متى 27: 17) والذي يأتي لنجدة نعاج لا راعي لها (متى 9: 36، مرقس 6: 34). ويعتبر يسوع نفسه مُرسلًا إلى الخِراف الضَّالة من آل إسرائيل (متى 15: 24، لوقا 19: 10)، ويجمع حوله " القطيع الصَّغير"، أي التَّلاميذ (لوقا 12: 32)، وهم نواة جماعة الأزمنة الأخيرة التي وعدها الله بملكوت القديسين (دانيال 7: 27). وسوف يلقى القطيع اضطهادات الذِّئاب الخاطفة من الخارج (متى 7: 16) والذِّئاب المقنعة في ثوب النِّعاج من الداخل (متّى 7: 15). وسوف يتفرَّق، ولكن، بحسب نبوة زكريّا، سيجمعه الرَّاعي المَطعون في جليل الأمم (متى 26: 31-32). وفي آخر الأزمنة، سوف يفصل رب النِّعاج الأبرار عن الأشرار (مّتى 25: 31-32). يقدِّم كتبة آخرون للعهد الجديد بهذه الرُّوح عينها "راعي الخِراف العظيم" (عبرانيين 13: 20)، وهو أكبر من موسى، و"راعي الرُّعاة" (1 بطرس 5: 4)، وراعي النُّفوس وحارسها، الذي أرجع النُّفوس الضَّالة وشفاها بجراحه (1 بطرس 2: 24-25). وأخيرًا، في كتاب الرُّؤيا يصبح المسيح الحمل راعيًا يهدي إلى ينابيع ماء الحياة (رؤيا 7: 17)، ويقرب الوثنيّين بعصا من حديد (رؤيا 19: 15: 12: 5). 3) الرَّاعي الصَّالِح والكنيسة: في نظر القديس يوحنا، يعتبر الحديث عن الرَّاعي الصَّالِح الانطلاقة الأولى لتأسيس الكنيسة. يرحّب يسوع بالمولود الأعمى بعد شفائه، وقد طرده من المجمع رؤساء إسرائيل الأشرار. ويكلف بطرس، بعد القيامة، برسالة رعاية الكنيسة جمعاء (يوحنا21: 16). ويتولى "رعاة " آخرون (أفسس 4: 11) مهمة السَّهر على الكنائس وهم الشُّيوخ والأساقفة (1 بطرس 5: 31، أعمال 20-28). واقتداء بالرَّبَ الراعي الصالح، يجب على هؤلاء الرُّعاة أن يطلبوا " الخروف الضَّال (متى 18: 12-14)، ويكونوا على يقظة من الذِّئاب الخاطفة ممّن لم يشفقوا على القطيع، ومن العلماء الكذبة الذين يجذبون النَّاس إلى الضَّلال (أعمال 20: 28-30). توحي مجرّد تسمية "الرَّاعي" بفضائل الرُّعاة ومسلك الله في العهد القديم. ويذكر العهد الجديد ببعض سمات هذا المسلك: يجب على الرُّعاة أن يرعوا كنيسة الله بحميَّة ونزاهة (حزقيال 34: 2-3)، وأن يصبحوا مثالًا للقطيع. حينذاك يمنحهم "راعي الرُّعاة إِكليلاً مِنَ المَجدِ لا يَذبُل" (1 بطرس 5: 4). كانت العصور المسيحيَّة الأولى تفضل التَّوقف عند شخصيَّة يسوع، الرَّاعي الصَّالِح. فكان هذه الصُّورة في نظرهم المثل الأكمل للمُخلِّص، ولذلك نجده منقوشًا في الدياميس في مدافنهم. نستنتج مما سبق أنَّ اللقب "الراعي الصَّالِح" له جاذبيته الخاصة لدى المسيحيين عبر الأجيال، فإنهم يشعرون فيه بنوعٍ من دفء الرعاية. كما أن قطيع الغنم لا يقدر أن يواجه الحياة بدون راعيه، هكذا يشعر المسيحيون في مواجهة الشر والعَالَم الشَّرير إلى الراعي الإلهي الذي يحفظهم من الشَّر ويشبع كل احتياجاتهم، ويقودهم إلى المراعي الخصبة. الخلاصة النَّص الإنجيلي (يوحنا 10: 11-18) يسمى "إنجيل الرَّاعي الصَّالِح، إذ يرجع في هذا الرَّمز إلى النَّبي حزقيال (حزقيال 34: 1-31). فهناك وضع مطابق لوضع شعب الله، واتهام مماثل للقادة السَّيئين وعبارات مشتركة. ويجمع إنجيل يوحنا في الفصل العاشر معطيات الأناجيل الإزائيَّة التي ترد فيها صورة الرَّاعي مرتبطة بصورة، للتعبير عن دور يسوع المسيحاني (متى 9: 36)، وعن أعماله في الشَّفقة والغفران (متى 18: 12-14)، وعن رسالته ومهمته كقاض تجاه شعب الله (متى 10: 10: 16). يقدّم هذا النَّص الإنجيلي (يوحنا 10: 11-18) من خلال هذه المعطيات عمقا لاهوتيًا وروحيًا، يشمل عمل الخلاص ويفتح نافذة على سر المعرفة المتبادلة بين الآب والابن ومحبة الآب لابنه وللعالم حتى أرسل ابنه الوحيدي راعيًا صالحًا ليرعى خَرافه الذين هم في العالم ويبذل نفسه في سبيله أحبائه: "لَيسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعظمُ مِن أَن يَبذِلَ نَفَسَه في سَبيلِ أَحِبَّائِه" (يوحنا 15: 13). دعاء يا رب، أيها الراعي الصَّالِح؟ فإنك أنت هو الراعي الصَّالِح، هب لنا النِّعمة أن نميّز صوته كرَّاعي، لندخل في ذات العلاقة بين الآب والابن فنصبح أبناء في الآب، وأن نموا في مَعرِفَةِ رَبِّنا ومُخَلِّصِنا يسوعَ المسيح لنختبر حبّ الله الكبير الّذي جعل من ابنه حياة لنا لنتبع الرَّاعي الصَّالِح على الطريق نحو ملء الملكوت. قصة الرَّاعي الصَّالح ينما كان احدُ الرجال يتنزه على سفح جبل، تناهت إلى إسماعه أنغام ناي عذبة. فسار نحو مصدر هذه الأنغام، فرأى راعيًا جالسًا في ظل شجرة كبيرة، يعزف على الناي والغنم حوله يلتهم العشب الأخضر بهدوء. فحيا الرجل الراعي وسأله عن حال القطيع. فبدأ الراعي يحدث زائره عن الخراف وخصال كل واحد منها. فتعجب الرجل من الكلام ولم يصدق أن الراعي يعرف خرافه. وان خرافه تعرفه، وانه يدعو كل واحد منها باسمه. فنهض الراعي من مكانه ونادى اسمًا، فأتى إليه خروف، وبقي باقي القطيع في مكانه. ونادى اسما ثانيا، فأتاه خروف آخر، وبقي القطيع في مكانه. ونادى اسمًا ثالثًا ورابعًا حتى حضرت الخراف إليه واحدًا واحدًا. فدُهش الرجل مما رأى، وسأل الراعي كيف يميز الخراف وهي متشابهة. فابتسم الراعي وقال: "هذا أمر في غاية السهولة، ففي هذا الخروف قطعة صوف مقطوعة، وفي ذلك نقطة سوداء، وفي هذه النعجة جرح، وتلك مقطوعة الأذن..." فسأله الرجل: "أليس في القطيع خروف كامل؟" فابتسم الراعي وقال: "إن الخراف الكاملة لا تحتاج إليَّ. |
||||
28 - 05 - 2024, 02:42 PM | رقم المشاركة : ( 161793 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
11 أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِح يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف. 12 وأَمَّا الأجير وهو لَيسَ بِراعٍ ولَيستِ الخِراف له فإِذا رأَى الذِّئبَ آتيًا تَركَ الخِراف وهَرَب فيَخطَفُ الذِّئبُ الخِراف ويُبَدِّدُها. 13 وذلِكَ لأَنَّهُ أَجيرٌ لا يُبالي بِالخِراف. 14 أَنا الرَّاعي الصَّالِح أَعرِفُ خِرافي وخِرافي تَعرِفُني. 15 كَما أَنَّ أَبي يَعرِفُني وأَنا أَعرِفُ أَبي وأَبذِلُ نَفْسي في سَبيلِ الخِراف. 16 ولي خِراف أُخْرى لَيسَت مِن هذِه الحَظيرَة فتِلكَ أَيضًا لابُدَّ لي أَن أَقودَها وسَتُصغي إِلى صَوتي فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد. 17إِنَّ الآبَ يُحِبُّني لِأَنِّي أَبذِلُ نَفْسي لأَنالَها ثانِيَةً. 18 ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنَّي بل إنّني أَبذِلُها بِرِضايَ. فَلي أَن أَبذِلَها ولي أَن أَنالَها ثانِيَةً وهذا الأَمرُ تَلَقَّيتُه مِن أَبي)). مقدمة يصف يوحنا الإنجيلي، في الأحد الرَّابع للفصح الرَّاعي الصَّالِح، كاستعارة، أو مجاز مواصلة لكلام يسوع مع الفِرِّيسيِّين العُميان. فيسوع يدين الرُّعاة السَّيِّئين الذين يقودون شعب الله وهم عميان. إذ أظهر الفِرِّيسيِّين أنفسهم أنهم ليسوا في حالة تصلح لان يقودوا الآخرين (يوحنا 9: 40) لأنهم أجراء. والأجير لم يكن يعمل بنفس روح التَّضحية والبذل اللتين يعمل بهما صاحب الخِراف نفسه (يوحنا 10: 12-13)، بعكس يسوع الذي هو الرَّاعي الصَّالِح الوحيد الذي أوكلت إليه قيادة البشر إلى مراعي الحياة. فهو الرَّاعي الحقيقي لشعب الله الحقيقي (يوحنا 10: 1-18). |
||||
28 - 05 - 2024, 02:44 PM | رقم المشاركة : ( 161794 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِح يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف. تشير عبارة "أَنا الرَّاعي الصَّالِح" في العهد القديم، إلى صورة "الرَّاعي" الذي يقود القطيع ويحميه، تارة إلى الله كما جاء في المزمور "الرَّبُّ راعِيَّ فما مِن شيَءٍ يُعوِزني (مزمور 23: 1)، وتارة إلى الملك المسيحاني "رَعاهم بِسلامَةِ قلْبِه وهَداهم بِفِطنَةِ يَدَيه" (مزمور 78: 72) ، وتارة إلى المسؤولين في إسرائيل "أُعْطيكم رُعاةً على وَفقِ قَلْبي، فيَرعَونَكم بِعِلمٍ وفِطنَة"(ارميا 3: 5) ، ومِن بين هؤلاء "الرُّعاة" نبتًا هو المسيح كما جاء في نبوءة أرميا: "ها إنَّها ستأتي أَيَّامٌ ، يَقولُ الرَّبّ أُقيمُ فيها لِداوُدَ نَبْتًا بارًّا ويَملِكُ مَلِكٌ يَتَصَرَّفُ بِفِطنَة ويُجري الحُكمَ والبِرَّ في الأَرض"(ارميا 23: 5). وصورة الرَّاعي ترد غالبًا في الأناجيل الإزائيَّة (متى 9: 36، مرقس 6: 34، لوقا 15: 3-7). فيسوع هو الرَّاعي الصَّالِح الذي يحقِّق انتظار العهد القديم، هو الوحيد الذي بذل نفسه عن خِرافه، لذلك هو صالح. ويعلق البابا فرنسيس "ليس يسوع راعيًا صالحًا فقط يشارك حياة القطيع؛ يسوع هو الراعي الصَّالِح الذي بذل حياته من أجلنا، وقام من الموت وأعطانا روحه" (21/4/2024). وفي الكنيسة المسيحيَّة يعتبر الشُّيوخ أو القسوس أو الأساقفة رعاة عيّنهم رئيس الرُّعاة الأعظم لرعاية شعبه (1 بطرس 5: 1-4). |
||||
28 - 05 - 2024, 02:46 PM | رقم المشاركة : ( 161795 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البابا فرنسيس "ليس يسوع راعيًا صالحًا فقط يشارك حياة القطيع؛ يسوع هو الراعي الصَّالِح الذي بذل حياته من أجلنا، وقام من الموت وأعطانا روحه" |
||||
28 - 05 - 2024, 02:47 PM | رقم المشاركة : ( 161796 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِح يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف. " أَنا الرَّاعي " في الأصل اليوناني ل¼کخ³دژ خµل¼°خ¼خ¹ ل½پ د€خ؟خ¹خ¼ل½´خ½ (معناها أنا هو (الرَّاعي) التي تتكرر مرتين في النَّص الإنجيلي (يوحنا 10: 11، 14) فتشير إلى الراعي الوحيد الإلهي الفريد. وهذا تعبير ممَّيز يتردَّد مرات عديدة في إنجيل يوحنا " أنا خبز الحياة (6: 35-48)، "أنا الباب" (10: 7-9)، "أنا القيامة والحياة" (11: 25) "أنا الطَّريق والحق والحياة" (14: 6)، أنا الكرمة" (15: 1). هذه العبارة ترتبط بعبارة ×گض¶ض½×”ض°×™ض¶ض–×” ×گض²×©×پض¶ض£×¨ ×گض¶ض½×”ض°×™ض¶ض‘×” " أنا هو" التي استخدمها الله في العهد القديم لكي يكشف نفسه لهذا الشَّعب، بأنَّه هو إلهه ومُخلصه، وأنَّه هو دائم الحضور والعمل" (خروج 3: 14). ولذه العابرة " أَنا الرَّاعي" لها معنى الوعد والالتزام أيضًا. فالمسيح يلتزم تجاه خِرافه، وتجاه الآب الذي عهد إليه بهذه الخِراف (يوحنا 10: 29)، وهو لن يخون عهده، ولن يتنكر لرسالته. إنه الرَّاعي الصَّالِح إلى الأبد. |
||||
28 - 05 - 2024, 02:50 PM | رقم المشاركة : ( 161797 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِح يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف. " الرَّاعي " في الأصل اليوناني د€خ؟خ¹خ¼ل½´خ½ فتشير إلى الشَّخص الذي يهتم برعاية المواشي سيما الغنم. وكان صاحب المواشي يكلُّ أمر رعايتها لابنه أحيانًا (التَّكوين 37: 2)، أو لابنته (التَّكوين 29: 9)، أو لأجير (التَّكوين 30: 31، يوحنا 10: 12). والرَّعي هي أقدم مهنة عرفها الإنسان، إذ هي المهنة التي اتخذها الإنسان القديم إلى أن عرف الزِّراعة واستقر. يذهب الرَّاعي إلى الحظيرة في الصَّباح، ويدعو خِرافه التي تعرف صوته وتتبعه. أمَّا الصَّوت الغريب فلا تعرفه (يوحنا 10: 2-5) ويقودها إلى المرعى ويقضي معها هناك النَّهار كله وفي بعض الأحيان الليل أيضًا (لوقا 2: 8) ويحرسها من الوحوش، واللُّصوص (1 صموئيل 17: 34 -35). ويمنعها من الاعتداء على الأراضي المزروعة، ويردَّ الضَّال (لوقا 15: 4)، ويعني بصفة خاصة بالصِّغار والضُّعفاء منها (حزقيال 34: 3 -4). يحمل الرَّاعي عادة عصا طويلة لقيادة الغنم وجمعها معًا والدفاع عنها وتأديب العُصَاة منها (مزمور 23: 4). يحرص الرَّاعي على مرافقة كلب له (أيوب 30: 1) ليُحذِّر بنباحه إذا اقترب من الغنم وحشٌ مُفترسٌ. ويُحصي الرَّاعي كلَّ يوم ٍ بطرقٍ خاصة، منها وضع عَصا ومرور الأغنام من تحتها (التَّكوين 31: 38). وكانت كلمة راعي تستعمل في العهد القديم رمزًا لله وللمسيح ابنه (مزمور 80: 1 وأشعيا 53: 7)، الذي هو الملك السَّماوي، أو رمزًا لملوك الأرض (حزقيال 34: 10). وقد استمر استعمال هذا الرَّمز إلى العهد الجديد فاعتبر المسيح راعي الخِراف الذي يعنى برعيته، أي البشر (يوحنا 10: 11، 1 بطرس 5: 4). ثم اتسع شمول الاسم إلى رؤساء المَجامع والكهنة والقُسس الذين يعرفون اليوم بالرُّعاة، وتعرف جماعاتهم بالرَّعايا. |
||||
28 - 05 - 2024, 02:51 PM | رقم المشاركة : ( 161798 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِح يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف. "الصَّالِح" في الأصل اليوناني خ؛خ±خ»دŒد‚ (معناها جميل، شريف، شجاع، مثالي، وبالغ الكمال) فتشير إلى نعت "جميل" الذي يوحي بفكرة الرَّاعي المثالي الجدير بهذا الاسم: فيه تشعُّ شهامة الرَّاعي بكلِّ تألق وصلاحه مع الجمال. يعلن كاتب سفر المزامير بأن الله هو إلهٌ صالحٌ: "اْحمَدوا الرَّبَّ لأنَّه صالِح لانَّ للأبد رَحمَتَه "(مزمور 117: 1). فهو الصَّالِح الجذَّاب للرعيَّة بحيث تتمتَّع الرعيَّة بجاذبيَّة شخصه. إذ يقوم يسوع بعمل الرَّاعي على أتم وجه، بقدر ما هو ابن الإنسان المشارك في وضع البشريَّة ليبلغ بها إلى الحياة الأبديَّة، وذلك ببذل نفسه عن الخِراف. |
||||
28 - 05 - 2024, 02:53 PM | رقم المشاركة : ( 161799 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِح يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف. "يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف" فتشير إلى تفاني الرَّاعي في سبيل خِرافه مخاطرًا بحياته عندما يقترب الخطر، وذلك لانَّ الخِراف هي خاصته، عظمٌ من عظامه، ولحمٌ من لحمه. إنَّه يجعل نفسه منها، وكل ما يُصيبها يطعنه في الصَّميم. أمَّا الرَّاعي الصَّالِح فبإرادته ورضاه واجه الموت ليفدي كل حملٍ من قطيعه. هكذا يسوع يبذل نفسه حتى الموت ليحيا تلاميذه كما "أَشارَ قيافا على اليَهودِ أَنَّه خَيرٌ أَن يَموتَ رَجُلٌ واحِدٌ عَنِ الشَّعب" (يوحنا 18: 14). بموته، فدى المسيح الشَّعب مُتمِّمًا حرفيًا نبوءة قيافا غير المقصودة، لا من أجل شعبه فقط، بل من أجل جميع النَّاس أيضًا" (2 قورنتس 5: 14-15). فالمسيح تبنَّنا وتضامن معنا إلى هذه الحد. وتدل هذه الآية إلى المسيح الذي يموت من أجلنا كذبيحة تكفيريَّة (عبرانيين 9، أشعيا 53: 10). وأن يكون قد مات من "أجلنا" ليس معناه أنه يموت بدلًا منا، وإنَّما لصالحنا، لأنَّه إذ يموت "من أجل خطايانا" (1 قورنتس 15: 3، 1 بطرس 3: 18) يصالحنا مع الله (رومه 5: 10) ويُؤهلنا لقبول الميراث الموعود (عبرانيين 9: 15 -16). هذا هو الرَّاعي الصَّالِح، الذي اجتاز الموت، ومن هناك، من خلال هذا الباب، يُمكنه أن يقود القطيع إلى مرعى الحياة، لأنَّنا نخرج من الموت في اللحظة التي نسمع فيها كلمة مليئة بالحبِّ الحقيقي. وحبُّه خالصٌ ومجَّاني. |
||||
28 - 05 - 2024, 02:57 PM | رقم المشاركة : ( 161800 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِح يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف. " يَبذِلُ " في الأصل اليوناني د„خ¯خ¸خ·دƒخ¹خ½ (معناها يضع نفسه) فتشير لّاهوتيّا إلى حركة يسوع الّتي تُعبر عن المعنى العميق لحياته ولرسالته، وعلاقته مع الآب ومع تلاميذه، والّتي تتمثل في منح حياته كهبة لكل خِرافه الّتي تضعه مركز حياتها. فيسوع قام ببذل جسده بالموت ثم بالقبر. هكذا يخبرنا فعل "يبذل" أنّ جمال أي صلاح الرَّاعي الجميل يعتمد على محبته الّتي تصل حتّى النِّهاية، إلى حد بذل حياته (يوحنا 13: 1). |
||||