17 - 05 - 2024, 03:20 PM | رقم المشاركة : ( 160691 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البر أمامه سيسير ولخطواته سيمهد الطريق (مز 85: 13) |
||||
17 - 05 - 2024, 03:23 PM | رقم المشاركة : ( 160692 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يسوع سيبعث في نفوسكم الفرح والطمأنينة |
||||
17 - 05 - 2024, 03:36 PM | رقم المشاركة : ( 160693 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أبنى الغالى .. بنتي الغالية عندما تقابلوا ظلمًا أو إساءات من الآخرين فاعلموا أني احتملت أكثر من هذا من أجلكم وأنا أشعر بكم وقادر أن أنجيكم فاطمئنوا واطلبوا معونتي فأسندكم ويعزيكم |
||||
17 - 05 - 2024, 03:37 PM | رقم المشاركة : ( 160694 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عندما تقابلوا ظلمًا أو إساءات من الآخرين فاعلموا أني احتملت أكثر من هذا من أجلكم وأنا أشعر بكم وقادر أن أنجيكم فاطمئنوا واطلبوا معونتي فأسندكم ويعزيكم |
||||
17 - 05 - 2024, 04:09 PM | رقم المشاركة : ( 160695 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أسم يسوع الصيغة العربية للاسم العبري “يشوع” ومعنى الاسم “يهوه مخلص”.واسم يسوع أو يشوع هو اختصار لاسم يهوشع، ويهوشع يتكون من مقطعين “يهو” أى يهوه، “شع” أى يخلص، فاسم يسوع أو يشوع أو يهوشع معناه “يهوه يخلص”، وقد تسمى يسوع حسب قول الملاك ليوسف” فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُهم”(متى21:1)ومريم:” وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوع”(لوقا31:1). ويسوع هو اسمه الشخصي. أما المسيح فهو لقبه. وقد وردت عبارة “الرب يسوع المسيح” نحو 50 مرة في العهد الجديد. ويسوع المسيح أو المسيح يسوع, نحو مئة مرة. بينما وردت كلمة المسيح أيضًا بالمخل(لوقا11:2). ووردت لفظة يسوع وحدها على الأكثر في الأناجيل, ويسوع المسيح, والرب يسوع المسيح في سفر الأعمال والرسائل. تقديم يسوع فى الهيكل وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا، حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى، صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوسًا لِلرَّبِّ. وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ. وَكَانَ رَجُلٌ فِي أُورُشَلِيمَ اسْمُهُ سِمْعَانُ، وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ بَارًّا تَقِيًّا يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ. فَأَتَى بِالرُّوحِ إِلَى الْهَيْكَلِ. وَعِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ، لِيَصْنَعَا لَهُ حَسَبَ عَادَةِ النَّامُوسِ، أَخَذَهُ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَبَارَكَ اللهَ وَقَالَ: «الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ». وَكَانَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ. وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ، وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ: «هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ. وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ». وَكَانَتْ نَبِيَّةٌ، حَنَّةُ بِنْتُ فَنُوئِيلَ مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ، وَهِيَ مُتَقدِّمَةٌ فِي أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، قَدْ عَاشَتْ مَعَ زَوْجٍ سَبْعَ سِنِينَ بَعْدَ بُكُورِيَّتِهَا. وَهِيَ أَرْمَلَةٌ نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ، عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطَلِبَاتٍ لَيْلًا وَنَهَارًا. فَهِيَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَقَفَتْ تُسَبِّحُ الرَّبَّ، وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا أَكْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ نَامُوسِ الرَّبِّ، رَجَعُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى مَدِينَتِهِمُ النَّاصِرَةِ. وَكَانَ الصَّبِيُّ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، مُمْتَلِئًا حِكْمَةً، وَكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ (لوقا22:2-40). طبقا لما جاء في انجيل القديس لوقا كان هناك حدث بعد 33 يوما من حدث ختان الطفل يسوع:”“وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا، حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى، صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوسًا لِلرَّبِّ. وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ.”(لوقا22:2-24). هناك احتفالان تم في نفس الوقت أكثر من احتفال الختان: تطهير الأم بعد ولادتها وتقديم الطفل في الهيكل وكلتا الشعائر جاءت طبقا لأوامر الله في العهد القديم اولهما جاء في سفر اللاويين:”وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا:«كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: إِذَا حَبِلَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدَتْ ذَكَرًا، تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ عِلَّتِهَا تَكُونُ نَجِسَةً.وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يُخْتَنُ لَحْمُ غُرْلَتِهِ. ثُمَّ تُقِيمُ ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ يَوْمًا فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. كُلَّ شَيْءٍ مُقَدَّسٍ لاَ تَمَسَّ، وَإِلَى الْمَقْدِسِ لاَ تَجِئْ حَتَّى تَكْمُلَ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا. وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى، تَكُونُ نَجِسَةً أُسْبُوعَيْنِ كَمَا فِي طَمْثِهَا. ثُمَّ تُقِيمُ سِتَّةً وَسِتِّينَ يَوْمًا فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. وَمَتَى كَمُلَتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا لأَجْلِ ابْنٍ أَوِ ابْنَةٍ، تَأْتِي بِخَرُوفٍ حَوْلِيٍّ مُحْرَقَةً، وَفَرْخِ حَمَامَةٍ أَوْ يَمَامَةٍ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، إِلَى الْكَاهِنِ، فَيُقَدِّمُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهَا، فَتَطْهُرُ مِنْ يَنْبُوعِ دَمِهَا. هذِهِ شَرِيعَةُ الَّتِي تَلِدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَىوَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهَا كِفَايَةً لِشَاةٍ تَأْخُذُ يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ، الْوَاحِدَ مُحْرَقَةً، وَالآخَرَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، فَيُكَفِّرُ عَنْهَا الْكَاهِنُ فَتَطْهُرُ»“(لاويين1:12-8). اما الوصية الثانية فجاءت في سفر الخروج:”وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «قَدِّسْ لِي كُلَّ بِكْرٍ، كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ. إِنَّهُ لِي».“(خروج1:13-2). ان تقديم الطفل لم يكن ضروري ان بؤخذ الطفل للهيكل في أورشليم ولكن فقط دفع المبلغ المطلوب للكاهن حسب الشريعة. الكثير من الأمهات كن يفضلن تكريس ابناؤهم في هيكل أورشليم، وهذا ما قامت به مريم مع يوسف وطفلها وذهبوا الى أورشليم. ذهبت مريم الي هيكل أورشليم حيث المكان المقدس الذي يقدم فيه اليهود ذبائحهم وتقدماتهم الي الله. في الهيكل يوجد اربع ساحات واحدة للكهنة والتى هي الأقرب للمذبح، ثم هناك ساحة للرجال اليهود، ثم ساحة للنساء واخيرا ساحة للوثنيين، وكل ساحة مخصصة بكل دقة لمجموعة منهم وممنوع ان يتخطى حدودها اي احد والا تعرض للموت او الطرد من المجمع. هكذا دخلت مريم وطفلها لساحة النساء حتى تتم شريعة التطهير ثم تذهب بعدها لنقديم الطفل. من المؤكد انها كانت لا تعرف انه اثناء تواجدها في زيارتها للهيكل انها ستسمع نبؤة عن مشاركتها في ذبيحة لا يُقدر مقدارهافهي ستدعى لتساهم في اعظم ذبيحة يمكن لأم ان تختبرها الا وهي أن تقدم ابنها. وصلت مريم الي الهيكل وفي ذهنها ذبيحة قليلة الثمن بقليل من المال وفرخي حمام، فالشريعة اليهودية تتطلب ان مريم عليها ان تقدم ابنها البِكر الي الله في الهيكل وتقدم 5 شاقل تعزيزا للكهنة وأيضا قد أتت لتقدم ذبيحة عن نفسها فكإمرأة قد ولدت طفلا تعتبر غير طاهرة نسبيا لمدة 40 يوما. عندما اتى الوقت لتطهيرها بإكتمال ال 40 يوما تتطلب الشريعة ان تقدم حمل وفرخي جمام للكهنة في الهيكل. اذا لم تستطع المرأة ان تتحمل ثمن الحمل يمكنها بدلا من ذلك ان تفدم زوجي حمام او يمام. والحقيقة ان مريم قدمت زوجي حمام (لوقا24:2) يشير انها ضمن الفقراء وانها لا تستطيع ان تقدم حملا. خمسة شاقل وفرخي حمام هم التقدمات التي قدمتهما فقط مريم عندما ذهبت للهيكل في ذلك اليوم. الشريعتان قد تمتا مع العلم انه كان يمكن لمريم ويوسف ان يفعلا ذلك في بيت لحم بدفع ال 5 شاقل للكهنة في اورشليم عن طريق الوسطاء. احد علماء الكتاب المقدس اشار ان الشريعة كانت تلزم ان الابن البكر ان يصبح، كاهنا ولكن غيّر الله هذا الأمر بتخصيص سبط لاوي للكهنوت ولهذا فالأبناء البكر من اسباط اسرائيل الاخرى يتم خلاصهم من هذا الالتزام بدفع تعويض ما. بالنسبة ليسوع فهو معفي من ذلك الالتزام لأن مريم أمه لها اقرباء من سبط لاوي للكهنوت حيث يمكن ان يعتبر ابنها لاويا. لكن يوسف ومريم أراد ان يكرسا ابنهما يسوع للرب لذا فلقد قدماه للرب. ولكن ظهر رجل اسمه سمعان واعلن لمريم الرحلة الصعبة التي تنتظر طفلها وتنتظرها هي أيضا. يقف سمعان كمثال ليهودي “ وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ بَارًّا تَقِيًّا يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ” (لوقا25:2). في هذه الحادثة يظهر الروح القدس في ثلاث مناسبات، فيعطي سمعان القوة لكي يتعرف على مريم ويسوع ضمن العديد من الأمهات مع اطفالهن في الهيكل وايضا ان يتعرف على المسيّا في الطفل والذي ينتظره اليهود منذ سنوات وايضا الروح القدس كان عليه لذا فهو تنبأ واكثر من هذا لقد أعطي رسالة غير اعتيادية من الله. الروح القدس كشف لسمعان انه لن يرى الموت قبل ان يرى مسيح الرب. لذلك كانت كل حياته مرتبطة بالتوقع العظيم في انه في احد الأيام سيتقابل مع مخلص إسرائيل الملك الموعود به. قصة سمعان الشيخ كما وردت في التقليد الكنسي تتلخص في أنه كان أحد الـ72 شيخًا من اليهود الذين طلب منهم بطلميوس ترجمة التوراة إلى اليونانية والتي سميت بالترجمة السبعينية. وقيل أن سمعان هذا كان هو المكلف بترجمة سفر إشعياء وأنه في أثناء الترجمة أراد أن يستعيض عن كلمة “عذراء” في نبوة إشعياء “ها العذراء تحبل وتلد ابنًا.. ” بكلمة فتاة إذ تشكك في الأمر. فظهر له ملاك الرب وأكد أنه لن يموت حتى يرى مولود العذراء هذا. وبالفعل إذ أوحى له الروح القدس حمل الطفل يسوع على يديه وانفتح لسانه بالتسبيح مشتهيًا أن ينطلق من هذا العالم بعد أن عاين بالروح خلاص جميع الشعوب والأمم. والآن نتخيل المنظر من وجهة نظر مريم ففور وصولها مع يوسف الي هيكل أورشليم اقترب منهما شخص غريب وفجأة أخذ الطفل على يديه وثم رفع المسيح الطفل الى الهواء وابتدأ سمعان يبارك الله قائلا:” «الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ.نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ» (لوقا29:2-32). لكم هي لحظة تدعو للإندهاش وخاصة بالنسبة لمريم، فهي ليس لديها أي فكرة من يكون هذا الرجل ولماذا يبحث عن طفلها ولماذا فعل هذا او قال هذا؟. ولكن بينما سمعان يحمل الطفل ابتدأ يتكلم ويصف عظمة المستقبل لهذا الطفل بكلمات والتي تبدو مشجعة لمريم وتكمل الصورة لها عن مهمة ابنها الملوكية. لقد وصف سمعان الطفل “كخلاص الله” وكـ” نور اعلان للأمم”-صور تذكر بنبؤات من كتاب اشعيا النبي. فأشعيا النبي تنبأ “ قَدْ شَمَّرَ الرَّبُّ عَنْ ذِرَاعِ قُدْسِهِ أَمَامَ عُيُونِ كُلِّ الأُمَمِ، فَتَرَى كُلُّ أَطْرَافِ الأَرْضِ خَلاَصَ إِلهِنَا”(اشعيا10:52) و” فَيُعْلَنُ مَجْدُ الرَّبِّ وَيَرَاهُ كُلُّ بَشَرٍ جَمِيعًا، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ»(اشعيا5:40). لقد أعلن سمعان ان قد رأي اطفل المسيح والذي تنبأ اشعيا ان الخلاص الذي سيجلبه وأيضا تنبأ اشعيا عن كيف ان الله سيرسل صورة المخلص كخادم للرب و” هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ.لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ.قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ. لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ، وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ»(اشعيا 1:42-5)، وايضا “َنُورًا لِلأُمَمِ”(اشعيا6:42) و ” فَقَدْ جَعَلْتُكَ نُورًا لِلأُمَمِ لِتَكُونَ خَلاَصِي إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ»(اشعيا6:49). لذلك كانت كلمات سمعان إعلان ان الطفل الذي يحمله على يديه هو ذلك الذي سينفذ مهمة الله للأمم فهو سيكون “ نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ” والذي سيحقق ويتمم نبؤات اشعيا النبي. كل هذا ترك مريم في حالة تفكير وتعجب فالقديس لوقا يقول لنا ان مريم ويوسف “ وَكَانَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ”(لوقا33:2). ان النبؤة الثانية لسمعان ستعطي مريم سببا لأن تتوقف أنفاسها فلقد افرد لمريم ووجه لها بكلمات قوية عن مستقبل الطفل والمعاناة التي سيقابلها:” «هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ. وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ»(لوقا34:2-35). لقد وصف البابا يوحنا بولس الثاني نبؤة سمعان “كبشارة ثانية لمريم”، ففي الناصرة وفي البشارة الأولى علمت مريم انها ستصبح اما لمسيّا إسرائيل والآن من خلال كلمات سمعان في الهيكل – في هذه البشارة الثانية- انها حصلت على صورة أوضح عن ما الذي وافقت عليه منذ 9 اشهر واربعون يوما سابقة. فهذه الكلمات تقول لها الوضع التاريخي الفعلي والذي فيه الإبن سيكمّل مهمته والتي يمكن ان تسمى بمهمة عدم القبول والحزن. وهذا الإعلان أيضا يكشف لها انها سوف تحيا في طاعة الإيمان في المعاناة بجانب معاناة المخلّص وان أمومتها ستكون عجيبة ومحزنة. ان رسالة سمعان الي مريم تحتوي على اربع مقولات عن ما ستقابله هي وابنها من معاناة. أولا قال سمعان ان الطفل مصيره لأجل ” قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ”(لوقا34:2) وهذه الكلمات تشير اليالصعوبات التي تحيط بمستقبل ارسالية يسوع وهي صدى لموضوع نشيد مريم الذي قالته في منزل اليصابات وزكريا فهي أعلنت ان “ الْمُسْتَكْبِرِينَ سيتشتتون بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ والأَعِزَّاءَ سينزلون َعنِ الْكَرَاسِيِّ، والْمُتَّضِعِينَ سيرفعون والْجِيَاعَ سيشبعون خَيْرَاتٍ والأَغْنِيَاءَ سينصرفون فَارِغِينَ (لوقا51:1-53). نبؤة سمعان التقطت هذا الموضوع وافترضت استجابة مختلفة لإعلان ملكوت المسيح، فالمرضى والفقراء والمهمشين والخارجين عن العهد سيظهرون مرحبا بهم في ملكوت المسيح بينما كثيرا من القادة الدينيين والساسة في أيام يسوع سيعارضونه ويرفضونه لأنهم يرفضون ملكوت الله الذي يقدمه لهم. ثانيا قال سمعان ان يسوع سيكون “علامة ستقاوم”، هذه اللغة لا تقترح ان هناك شخص ما سينتقد او يُسخر منه فالكلمة اليونانية antilego تعني دائما حسب ما يستخدمها لوقا في سياق الجملة مقاومة اليهود للمسيح:” وَحَضَرَ قَوْمٌ مِنَ الصَّدُّوقِيِّينَ، الَّذِينَ يُقَاوِمُونَ أَمْرَ الْقِيَامَةِ، وَسَأَلُوهُ(لوقا27:20) و”لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا”(لوقا15:21)وأيضا لتلاميذه “وَلكِنْ إِذْ نَظَرُوا الإِنْسَانَ الَّذِي شُفِيَ وَاقِفًا مَعَهُمَا، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ يُنَاقِضُونَ بِهِ”(اعمال14:4) واعمال 45:13 واعمال 22:28). عندما نقرأ محتوى انجيل لوقا بصورة أوسع وسفر أعمال الرسل فكلمات سمعان الشيخ هي ظل للمقاومة العدوانية التي سيواجهها يسوع وأتباعه. ولكن الصورة الأكثر تأثير عن المعاناة المستقبلية للمسيح هي ذلك “السيف”، فالطريقة التي استخدمها سمعان وتلك الصورة تقول لمريم شيئان: أولهما انها ستتحقق ان السيف سيخترق ابنها يسوع. في العهد القديم يمكن للسيف ان يكون رمز لحرب واراقة دماء وموت:” وَبِسَيْفِكَ تَعِيشُ”(تكوين40:27) و”وَتَطْرُدُونَ أَعْدَاءَكُمْ فَيَسْقُطُونَ أَمَامَكُمْ بِالسَّيْفِ”(لاويين6:26) و(تثنية25:32) و (يشوع13:5) و “وَإِنْ أَبَيْتُمْ وَتَمَرَّدْتُمْ تُؤْكَلُونَ بِالسَّيْفِ». لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ”(اشعيا20:1). ان صورة سمعان عن سيف يخترق يسوع هو مجازي وحرفي حيث انه يشير الى كلا من المقاومات العنيفة لرسالة المسيح ورفضه وكذلك موته المرعب الذي سيعانيه على الصليب بعد ان احد الجنود الرومان سيغرس جنبه برمح “لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ”(يوحنا34:19). ثانيا مريم هي الأخرى تحصل على رسالة ان تلك المقاومة العنيفة للمسيح ستؤثر عليها:” وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ»(لوقا35:2). ان الكلمة اليونانية التي استخدمها لوقا عن السيف ” rhomphaia” هي سيف حاد، ان السيف المذكور هنا هو ليس مطواة او خنجر صغير، بل الكلمة تشير الي سيف كبير جدا واسع وذو حدين. الصورة لمثل ذلك السلاح الذي سيخترق نفس مريم صوريا يبين شدة المعاناة النفسية التي ستواجهها كنتيجة لرفض الشعب لإبنها ولرسالته. ان لوقا يربط مريم بالمعاناة التي سيعانيه ابنها والتي هي مذكورة بوضوح اذا اعتبرنا ما جاء في مزمور 22 والذي كان يقع في خلفية فكر كلا من كلمات سمعان لمريم وسرد الأحداث عن آلام المسيح كما جاء في انجيل لوقا. ان مزمور 22 يصور الأتهام لرجل بار يعاني بشدة على ايدي اعداؤه فهو يصف بطرق تلقي بظلها على تعذيب المسيح يوم الجمعة العظيمة: “وَكَانَ الشَّعْبُ وَاقِفِينَ يَنْظُرُونَ، وَالرُّؤَسَاءُ أَيْضًا مَعَهُمْ يَسْخَرُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «خَلَّصَ آخَرِينَ، فَلْيُخَلِّصْ نَفْسَهُ إِنْ كَانَ هُوَ الْمَسِيحَ مُخْتَارَ اللهِ!». وَالْجُنْدُ أَيْضًا اسْتَهْزَأُوا بِهِ وَهُمْ يَأْتُونَ وَيُقَدِّمُونَ لَهُ خَلاُ، قَائِلِينَ: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ مَلِكَ الْيَهُودِ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ!». وَكَانَ عُنْوَانٌ مَكْتُوبٌ فَوْقَهُ بِأَحْرُفٍ يُونَانِيَّةٍ وَرُومَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ: «هذَا هُوَ مَلِكُ الْيَهُودِ». وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلًا: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ، فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!»(لوقا35:23-39). ايدي وقدم الرجل قد سمروا “ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ”(مزمور16:22) وثيابه قد قسّمت “يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ”(مزمور18:22) وأعداؤه يعايرونه ويقترعون على ثيابه (مزمور 7:22 و18). كل هذا حدث أيضا للرجل البار يسوع والذي قد أتهم بلا عدل وأدين واُسلم للموت بيد اعداؤه وسمّروا يديه ورجليه على الصليب وعلى لباسه اقترعوا. ويبدو أيضا مزمور 22 خلفية لكلمات سمعان الشيخ لمريم فالمرّنم يقول:” أَنْقِذْ مِنَ السَّيْفِ نَفْسِي”(مزمور20:22) وسمعان قال لمريم في لوقا 35:2 ” وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ”. هذا الربط واضح خاصة عندما نقارن كلمات سمعان في لوقا مع ما جاء في ذلك المزمور في الترجمة المسماة السبعينية Septuagint وهي اقدم ترجمة لكتابات العهد القديم الي اللغة اليونانية. كلا النصين استخدما نفس كلمتان – rhomphatia (سيف كبير) و psyche (نفس)- وكلاهما يتضمن مقاومة عنيفة. بهذا قد ربط لوقا مريم مع رفض الشعب ليسوع وآلامه. تأمل آخر في هذا الصدد فسمعان تكلم عن “نفس مريم pyche والتي تعني النفس كما جاءت في الكتاب المقدس على أساس حيوي وهام في الجنس البشري ومصدر لضمير الإنسان وحريته. لقد قال لها ان هناك شيئ مدمر سيحدث لها هناك في قلبها وان سيف سيخترق نفسها. ان شيئ مدهش ان مريم هي الشخص الوحيد في انجيل لوقا الذي ذكر فيه نفسها وليس مرة واحدة بل مرتان، ففي اول مرة ذكر نفس مريم في أنشودة التعظيم عندما قالت مريم:” «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ”(لوقا46:1)، والمرة الثانية في حدث تقدمة الطفل في الهيكل عندما قال سمعان الشيخ لمريم:” وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ»(لوقا35:2).إذا ما نظر شخص ما لهاتين المرجعان معا لنفس مريم فربما التأمل الروحي التالي يمكن قوله: ان نفس مريم تعظم الله اكثر بمشاركتها في سيف آلام المسيح. في أنشودة التعظيم تعلمنا ان نفس مريم تعظم وتجعل الرب عظيما وفي حدث التقدمة في الهيكل نتعلم اكثر كيف ان نفسها تعظم الرب وكيف ان نفسها تعطي الله تسبيحا أكثر عندما تقدم حبها المضحي لإبنها او بمعنى آخر عندما نفسها تخترق بالسيف. عيد تقديـم الطفل يسوع فـى الهيكل (يوم 2 فبراير). بعد أربعين يومـا من عيد ميلاد السيد المسيح(25 ديسمبر) يُحتفل بعيد تقديم الطفل يسوع للرب فى الهيكل ومقابلته لسمعان الشيخ (لوقا22:2-34)، وفيه أيضا يُذكر تطهير مريم حسب الناموس الـموسوي. وهو عيد يتم فيه تذكار مريم مع إبنهـا وكيف أنهـا قامت بتميم الوصايا والشرائع الإلهيـة بتقوى وإيـمان، وأيضاً إحتفال بسر رسالة الـمخلص. ولقد بدأ بالإحتفال بهذا العيد رسميا فى الكنيسة منذ عام 542 بعد الـميلاد فى مدينة القسطنطينية، ثم فى رومـا فى أوائل القرن السابع الميلادى. فـى هذا اليوم وضعت الكنيسة قراءاتها لتشمل نبؤة ملاخى النبي القائلة:”هآنذا مُرسل ملاكي فيهيئ الطريق أمامى وللوقت يأتى الى هيكله السيد الذى تلتمسونه وملاك العهد الذى ترتضون به. هـا إنـه آت قال رب الجنود..”(ملاخى1:3-4)، ونص من رسالة القديس بولس للعبرانيين عن الخلاص الذى تم بالـمسيح (عبرانيين 14:2-18)، ونص تقدمة الطفل يسوع فى الهيكل كما جاء فى انجيل لوقا (لوقا22:2-40) والذى يحتوى على الصعود الى الهيكل وتطهير الأم وتقدمة الطفل وذبيحة الفقراء ومقابلة سمعان الشيخ وحنـة النبيـّة. زيارة المجوس جـاء فى إنجيل متى ذكراً لحادثة زيارة مـجوس من المشرق الى أرض اليهودية:”وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ».َلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ: «أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟» فَقَالُوا لَهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ».حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرًّا، وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَانَ النَّجْمِ الَّذِي ظَهَرَ.ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَقَالَ: «اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ. وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي، لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضًا وَأَسْجُدَ لَهُ». فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا.وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا. ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ، انْصَرَفُوا فِي طَرِيق أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ.“(متى1:2-12). جاءوا من المشرق باحثين عن” المولود ملك اليهود” لأنهم رأوا علامة..”نجمـه فى المشرق”، فجاءوا “للسجود له” وإضطربت أورشليم وملكها هيرودس من تلك الزيارة..وإستمع المجوس لتلك النبؤة عن مكان ميلاد المدبر الذي يرعى شعب إسرائيل وعن مكانة بيت لحم و أيضا أصغوا الى رغبة هيرودس الخبيثة من ان يذهب هو ايضا للسجود..وغـادروا أورشليم وأرشدهم النجم الذى ظهر لهم فى الشرق الى مكان الصبي..”ورأوا الصبي مع مريم امه فخـروا وسجدوا لـه ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهباً ولبانا ومراً”.وإنصرفوا فى طريق اخرى الى كورتهم بعد ان أُوحي اليهم فى حلم ان لا يرجعوا الى هيرودس. المجــوس….من هم؟ ولأي غرض جاءوا؟ وما هى حقيقة النجم الذى ظهر؟ ولماذا ظهر لهم دون غيرهم؟ وما هذا النجم الذى يظهر ويتحرك ويختفى ثم يعاود الظهور؟.. المجوس تضاربت الأقوال عنهم فمن قائل إنهم حكماء من أهل العلم المشتغلين بأمور الفلك وكانوا فيما يقال ملوكــاً وأسماؤهم غضبار وبلطاشصر وملكيور وهناك من يقول ان عددهم لم يكن معروفا، والبعض يقول انهم من بلاد العرب والبعض يقول انهم كانوا من دولة الفرس وكانوا ينتظرون مخلصا فى معتقداتهم مولود من بتول وكانوا ينتظرونه كل الف سنة، وهؤلاء كانوا من رتبة الكهنة وهم ليسوا ملوكا بل هم طبقة ما بين الملوك والشعب، برعوا فى علم الفلك والنجوم وكان كل همهم رصد النجوم وظهر لهم نجم غريب لم يشاهدوه من قبل فرجعوا لكتبهم وعرفوا بالنبؤة فتبعوا هذا النجم بكل شغف ليعرفوا هذا المولود المخلص. ففوجئوا بانه يتحرك ويسير بخلاف عادة النجوم فى حركتها العادية وسار هذا النجم حتى بلاد فلسطين ثم اختفى. طبقا للعلماء المعاصرون فان ظاهرة ذلك النجم الذي ظهر للمجوس هو من المحتمل ان يكون هو اتصال لكوكب المشترى وكوكب زحل في مسار برج الحوت والذي فيه رأوا تلك الكواكب السمائية الكبيرة في مجموعتنا الشمسية معا والذي اعطى انطباعا انهم نجم كبير. هذا الاقتران ما بين كوكبي المشترى وزحل في برج الحوت نادرا ما يلاحظ وهو يحدث مرة كل 794 عاما. في عام 7 ما قبل الميلاد (وهو العام الذي من المحتمل ولد فيه السيد المسيح) حدثت تلك الظاهرة ثلاث مرات في 29 مايو وأول أكتوبر و5 ديسمبر). ان ظهور تلك الظاهرة ثلاث مرات لم تحدث مرة أخرى، ولقد تم ذلك الاكتشاف بمعرفة عالم الفلك الشهير Johannas Kepler عام 1603. لذلك كان ذلك الظهور علامة عن ان هناك شيئا هاما وخطيرا سيحدث في العالم نهاية زمن وبداية عهد جديد وهذا ما دفع هؤلاء المجوس ان يذهبوا. ظهر النجم للمجوس بعد مقابلتهم لهيرودس وارشدهم لبيت الطفل “ووقف حيث كان الصبي”..نجم غريب حقا. ان ظهور النجم للمجوس كان تأثيره عجيب عليهم فهم كانوا لن يصدقوا اى شيئ لكن نجم مثل هذا دفعهم للسفر والترحال الى اليهودية وإجتياز أخطار الطريق ثم اخطار مقابلة ملك اليهودية..”اين هو ملك اليهود لقد رأينا نجمه فى المشرق وأتينا لنسجد له”..جاء المجوس ليسجدوا بعدما رأوا العلامة..جاء المجوس لتعليم اليهود، فها هم اهل نينوى والمرأة السامرية والكنعانية وملكة التيمن صدقوا مارأوه وآمنوا، ولكن اليهود أهل النبؤات قست قلوبهم. نجم واحد ساروا ورائه..آمنوا وتجرأوا وتحدوا الملك..إنها شجاعة الإيمان. عجيب أمر هؤلاء المجوس.. انهم توقعوا ان يلقوا ملكاً من اجل هذا سألوا عليه فى بيت الملك، ولكنهم وجدوا طفلاً فى أقماط بدون حرس ولا جيوش..اي خير كانوا يترجونه وقد أبصروا أمامهم كوخا وأماً مسكينة..! ولكن الكتاب يقول عنهم “فخروا وسجدوا وقدموا له عطاياهم”.. “خروا” معناه إنسكاب القلب..”سجدوا” معناه إنسكاب الجسد..”قدموا” معناه إنسكاب النفس. لم يخافوا كما قلنا غضب او إضطهاد او تعذيب او هزء، ولم يكن عندهم وعد إلهي بالخلاص بل أقوال حكيمهم زرادشت ولكنهم بحثوا عنه وفتشوا. أن المجوس هم اول من آمن من الأمميين بالمسيح. إن هذا لا يعني مطلقا ان علم الفلك والسحر ورصد النجوم قد دفع هؤلاء المجوس لأن تؤمن، انهم كانوا حكماء وعرفوا بحكمتهم من هو المسيا الآتي لخلاص العالم أجمع. وعندما تقابلوا مع هيرودس، إضطرب هو وجميع من فى أورشليم. وأراد هيرودس ان يختبر صحة أقوال المجوس فطلب منهم الذهاب والتحقق وفى نفس الوقت أرسل جواسيسه وراءهم..فإن كان حقا هناك مولود سيصبح ملكا لليهودية بدلا منه ومن أولاده فليقتل. وبالفعل أصدر أوامره بقتل أطفال بيت لحم وكان هؤلاء الأطفال يتراوح أعمارهم ما دون العامين وبلغ عددهم بالألاف حسب أقوال بعض المفسرين هم أول شهداء المسيحية. ويقول هيرودس للمجوس “افحصوا بالتدقيق عن الصبي ومتى وجدتموه أخبروني لكي آتي انا أيضا وأسجد له”..ألم يقدر هذا الملك ان يذهب وحده لهذه البقعة ويسجد؟..عندما نسنع نحن عن آيات او ظهورات أو معجزات احيانا تنتابنا نفس أفكار هيرودس التدقيق..والشك. لماذا لانـقـل ليتمجد الرب دائما وابداً. يذكر الكتاب المقدس ان المجوس “قدموا عطاياهم”..ذهباً ولباناً ومـراً.. إنها رموز للملك والكهنوت والألم..فكأنهم يعلنوا ان هذا المولود هو ملك الملوك والكاهن الأعظم وعن طريق الألم سيملك ويخدم. وطبقا للعلامة أوريجون في القرن الثالث الميلادي الذي حدد ان عدد هؤلاء المجوس كانوا ثلاثة لأنهم قدموا ثلاث هدايا وحتى القرن السادس الميلادي عندما تم تحديد اسماءهم. ويذكر لنا الكتاب المقدس ايضا انهم بعد اللقاء بيسوع “إنصرفوا فى طريق أخرى الى كورتهم”، انه ليس هربا او تخوفا ولكنهم تغيـروا، جاءوا عن طريق وعادوا من طريق آخر، تغيرت حياتهم. “إذ أوحي اليهم فى حلم”..حلم ورؤيا يعني انهم امتلئوا نعمة وتغيروا فمن قبل اللقاء كان نجم يتحرك فى السماء وبعد لقاء يسوع كلمتهم السماء فى حلم كما كلمت يعقوب ويوسف ودانيال. هذه الحادثة تعطينا ايضا فكرة عن هيرودس الملك في سنواته الأخيرة فهو أصبح اكثر جنونا حتى انه قتل اكثر من 300 من قادة جيشه وفي نفس الوقت اصدر اوامر بقتل احد ابناؤه وايضا امر بحرق اثنان من الرابيين اي علماء الشريعة وهم احياء وبعدئذ امر بأن كل تلاميذهم واتباعهم ان يقتلوا. هذا هو هيرودس الذى استقبل المجوس من المشرق وكما جاء في انجيل القديس متى سنجد على الرغم من حدة جنون هيرودس لكنه احتفظ بعض الشيئ بهدوءه الديبلوماسي وايقن ان هؤلاء المجوس يمكن ان يكونوا خير مرشد ليجدوا الصبي ويخبروه فطلب منهم ان يجدوه ويخبروه. لكن المجوس قرروا ان لا يعودوا الى هيرودس(متى 12:2). عندئذ تقدم هيرودس الى خطوته المعتادة “غَضِبَ جِدًّا. فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَب الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ.“(متى16:2). في تلك المذبحة التى نفذها هيرودس لم تعد من افظع اعماله حتى ان المؤرخ اليهودي يوسيفوس اعتبر انه لا تستحق ان تذكر. علماء الكتاب المقدس قدروا ان 20 طفلا هم الذين يمكن ان ينطبق عليهم ما وصفه المجوس في تلك المنطقة ولكن من قتل كان اكثر من هذا. في سنوات هيرودس الأخيرة تجمع الى اكثر 7 جرائم قتل كان من الصعب ملاحظتها ولكن كانت مذبحة بيت لحم اكثرهم صدى:” حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ»“(متى17:2-18). بعد رحيل زوار المشرق من بيت لحم والتى كانت لها تأثير لمريم ويوسف عظيم وقوي وتأكيد لمهمتهما وتقوية لإيمانهما. الهروب الى مصر وحياة المنفى والغربة بعد مغادرة المجوس تكلّم الـملاك مع يوسف فى حلم ليوجه له أمراً غريبـا أنـه الرحيـل والهروب إلى مصر قائلاً له:”وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُفَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلًا وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ.“(متى13:2-14). وكان الرحيـل حسب أمـر الرب. لقد أمر الرب ابرام فى القديم أن يترك أهله وعشيرتـه، وها هو يطلب الآن من مريم ويوسف أن يتركا الأهل والعشيرة الى أرض غريبـة ووثنيـة. لابد من التضحيـة إذن ولا بد من حياة الكمال من فضيلة التجرد ولا بد من حمايـة الطفل. وسار يوسف ومريم الى الطريق الـمؤديـة الى مصر. – انـه نفس الطريق القديـم الذى سار فيـه ابراهيم وسارة أيام الجوع – انـه نفس الطريق القديـم الذى سار فيه يوسف إبن يعقوب وهو مُباع وهارب من إخوتـه.
وتفاصيل رحلة العائلة المقدسة الى مصر قد ذكرها البابا ثيوفيليس الثالث والعشرون من بطاركة الكرسي الإسكندري (376-403م) بعد ان ظهرت له العذراء فى رؤيا. ولقد إستمرت الرحلة حوالـي 40 يومـا حتى وصلوا الى الـمطريـة قرب القاهرة حاليـا ومن هناك الى بابليون ناحية مصر القديمة (كنيسة أبى سِرجة)، ثم الى منطقة المعادي (كنيسة المعادي) ثم الى قريـة البهنسة فى بنى مزار ثم عبرت الشاطئ الى جبل الطير بسمالوط ثم الى الأشمونين قرب ملوي ثم الى بلدة قسقام (الدير الـمحرّق) ومكثوا فى هذه الـمنطقة حوالـى 6 أشهر. بعد ذلك وجه الملاك أمراً ليوسف بالعودة قال له:”قم وخذ الصبي وأمـه وإذهب إلى أرض إسرائيل لأنـه مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي فقام وأخذ الصبي وأمـه وجاء الى أرض إسرائيل”(متى20:2-21). – نجد فى حديث الـملاك ليوسف انه قد تغيرت كلماته بعد ولادة العذراء للسيد الـمسيح عما كان قبلها. قبل أن تلد العذراء الـمسيح كان يـمكن للملاك أن يدعوها إمرأة يوسف حيث لم تكن مريم لهـا ولد، أما بعد أن ولدت الـمسيح لم يقل له قم خذ إمرأتك والصبي أو قم خذ الصبي وإمرأتك إنـما قال له “قم خذ الصبي وامه”(لوقا13:2) وهنا أصبحت العذراء منـتسبة للسيد الـمسيح، إلاّ ان الكتاب الـمقدس دعاه ابن يوسف دون مريم(متى 16:19)، والجميع كانوا يقولون عنه:”اليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذى نحن عارفين بأبيه وأمـه”(يوحنا42:6). – ان الله يكلمنا بطرق كثيرة، فقديما كلّمنا بالآباء والأنبياء”(عبرانيين1:1) ثم كلّمنا أخيـرا فى هذه الأيام فى الإبن وكلمته موجودة بيننا. وهو أحيانا يكلمنا فى الرؤى والاحلام والإلهامات فهل ننصت الى الروح الساكن فينا ونصنع كما صنع يوسف كما أمره ملاك الرب؟ – كلام الله فى الأحلام هى موهبة تمنح لأصحاب القلوب التقية والنقية ولقد صدق يوسف قول ملاك الرب فى الحلم ولم يشك فيه. – ان الـملاك لم يظهر للعذراء فى حلم وإنـما ظهر ليوسف وأبلغه بأوامر إلهية بالنسبة للصبي وأمه وهذا إبراز لقيمة يوسف ومكانته امام الله. ان دوره ليس دورا هامشياً أو ثانويـاً وإنـما شاءت إرادة الله ان يجعل يوسف خادما للتجسد الالهي وان يكون له دور إيجابي فعّال وإنـما تعامل معه مباشرة وأمره بتنفيذ تدبيـره مشركاً إيـاه فى العمل والتنفيذ وكلها اوامر الهية. – رحلة العائلة المقدسة تعطينا مثل الى حياتنا فى وادى المنفى هذا ويلزم ان يكون لنا الشوق الى وطننا السماوي، فوطننا هذا الأرضي لا نمتلك فيه شيئا “لاتكنزوا لكم كنوزاً على الأرض”، ووطننا هذا ملئ بالمتاعب والـمشقّات والآلام فيجب ان نعمل للوطن الآخر كما يثول القديس بطرس:”أنتم ضيوف غرباء فى هذا العالم”(1بطرس11:2). – رحلة العائلة المقدسة تعطى لنا درسا كيف يمكن ان نحيا فى هذا العالم فيلزم ان يكونة رجاؤنا فى الرب فيسوع كان معهم طوال الرحلة “فنحن فى العالم مثلما المسيح فى العالم” (1يوحنا17:4). – هذه الرحلة اكدت ايمان مريم وبرارة يوسف، فالإيمان هو “الوثوق بما نرجوه وتصديق ما لا نراه”(عبرانيين1:11). – هذه الرحلة تأكيد للنبوة القائلة “من مصر دعوت إبني”“«لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلاَمًا أَحْبَبْتُهُ، وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي.” (هوشع 11: 1وكذلك نبوءة إشعياء النبي “هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه” (إش19: 1). – هذه الرحلة باركت ارض مصر وهى البلد الوحيد الذى زاره يسوع وهذا يعطينا نحن المصريين الثقة ان بركة يسوع مازالت قائمة. – هذه الرحلة فيها تشابه ما بين 40 يوم عبور ارض سيناء وعبور بنى اسرائيل الى ارض الميعاد فى 40 سنة. – هذه الرحلة بدأ فيها حياة الألم عند العذراء حسب نبؤة سمعان الشيخ لها فى الهيكل:”وأنتِ سيجوز سيف فى نفسِك”(لوقا35:2). – يقول بعض الـمفسرين للكتاب الـمقدس أن حادثـة مجوس المشرق الذين حضروا وسجدوا للطفل وقدّموا لـه “هدايا من ذهب ولُبَان ومُر”(متى12:2)، كان هذا قبل رحيل العائلة الـمقدسة الى أرض مصر وان تلك الكنوز قد ساعدت العائلة الـمقدسة فى مصاريف الرحلة، وهذا يوضح ان العناية الإلهيـة قد دبرّت مجيئ الـمجوس لإحضار مصاريف رحلة الهروب، بالإضافـة الى الـمعانـى الأخرى الروحيـة وأهـمية العطايا للآخريـن والتى قد تحل مشاكل قد لا نراهـا نحن. – ان مجيئ العائلة المقدسة الي مصر كان سببا ليبارك أهل مصر بوجود يسوع بينهم فتتم النبوة القائلة ” من مصر دعوت ابني ” (هوشع 11: 1) وتتم أيضا النبوة القائلة ” هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر دأخلها ” (اش 19 : 1). ويقال أن أوثان مصر انكفأت عندما حل بها كلمة الله المتجسد كما انكفأ داجون أمام تابوت العهد (1 صم 5 : 3). ويذكر التقليد أنه عند دخول المسيح إلي أرض مصر كانت الأوثان تسقط في كل مدينة يقيمون بها، فكانوا يطردونهم ولذلك إضطروا أن يسيروا 1000كم في أرض مصر. ان مجيء الرب يسوع المسيح إلى مصر قد هز العبادة الوثنية الجبارة التي عاشت في مصر آلافًا من السنين، ولم يكن من السهل إطلاقًا اقتلاعها من حياة المصريين. كانت الحضارة المصرية عميقة جدًا في جذورها وتعانقت هذه الحضارة مع عبادة ذات فلسفة قوية تداخلت معها الفلسفة الهللينية، بداية من عصر الإسكندر الأكبر وفي عصور البطالمة، وكذلك الفلسفة الرومانية في العصر الروماني. وتكوّنت بذلك مجموعات عجيبة من الآلهة المصرية واليونانية والرومانية جعلت من أرض مصر مرتعًا للعبادة الوثنية في أقوى معانيها. وهكذا ارتجفت أوثان مصر من وجه الرب لأن “كل آلهة الأمم شياطين” (مزمور 96: 5). لقد امضى العالم الألماني Oscar Meinardus عدة سنوات محاولا اكتشاف رحلة العائلة المقدسة الي مصر ورسم مما جاء في الأناجيل وايضا من علم الأثار واوراق البردي القديمة التى تم اكتشافها حديثا وايضا مما ورد في المراجع القبطية للكنيسة المصرية وجمع نتائجه ووضعها في كتاب مع دراسة طويلة والذي كان يعيد طباعته بعد اكتشاف دلائل جديدة. حتى هذه الأيام ان الحجاج الذين يزورون مصر يتبعون خط سير لعدة مواقع من اديرة ومغارات وكنائس قد بنيت على اماكن قيل ان يوسف ومريم قد توقفا في أماكن للراحة او ملجأ اطول. في عام 2001 اتبع احد الصحفيين الأمريكان خط السير هذا في مدة شهران وفيما بعد دونها في كتاب بكل التفاصيل وايضا في فيلم وثائقي وشرح اكثر من 30 موقع قيل ان العائلة المقدسة توقفت فيها. تلك المسارات لا يمكن التحقق منها بوسائل علمية ولكنها تمثل بكل تأكيد مقياس رحلة العائلة المقدسة. لا يهم اي مسار قد اتخذه القديس يوسف فهو عليه ان يرحل مئات الأميال مع زوجة ولدت حديثا ومع طفلهما الصغير. بعيدا عما جاء في نص انجيل القديس متى عن الرحلة الى مصر والعودة منها فلم يسجل مدة بقاء العائلة المقدسة في مصر فليس لدينا اي مراجع يمكن الوثوق بها سوى ما جاء في بعض الكتب الغير قانونية امثال” انجيل متى الزائف” والذي يعود الى عدة قرون الرابع-الثامن ميلادي، وايضا كتاب طفولة يسوع باللغة العربية وآخر باللغة الارمينية والذي يمكن انه قد كتب في القرن الخامس او الثامن الميلادي وغيرها من الكتابات. ان المسيحيين كانوا دائما فضوليين لمعرفة مدة العائلة المقدسة في مصر وهناك كتاب من القرن الثاني الميلادي وحتى القرن العشرين انتجوا العديد من التخيلات كلما جمعوا او عرفوا عن اي معجزات تمت في تلك الفترة ومكانها. في كتاب قديم عن “انجيل الطفولة” كما ذكرنا جاء ان الصبي كان يلهو بان يصنع اشكالا من الطين ثم ينفخ فيها فتحيا وتطير وانه اوقع عقابات شديدة على بعض المتنمرين. بالطبع تلك الصورة عن شخص يسوع تختلف كل الاختلاف عن يسوع كما جاءت به الأناجيل المقدسة ولهذا فكل ما جاء في اي من الكتب المنحولة والتى لم تعترف بها الكنيسة تعد خيالات غير حقيقية وغير منطقية. اما عن مدة بقاء العائلة المقدسة في مصر فبعض شرّاح الكتاب المقدس يعتقدون ان 1260 يوما كما جاء في سفر الرؤيا “وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ لِكَيْ يَعُولُوهَا هُنَاكَ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا.“(رؤيا6:12) هو العدد المظبوط. بعض الشرّاح القدامى اعتمدوا على بعض ما جاء في التقليد الكنسي. ومع ذلك فالكتاب المقدس يظهر ان العائلة المقدسة قد عادت من منفاها مع وفاة هيرودس الكبير والتى حدثت في سنة 4 ماقبل الميلاد. لقد عاش يوسف ومريم ويسوع في مصر كلاجئين ولهذا السبب فانه من الصعب تخيل من يتذكرهم او من ذا الذي يشير الى اماكن تواجدهم. ايضا مدة اقامة العائلة المقدسة في مصر غير معروفة بدقة ولكن طبثا لما جاء في بعض الكتابات القديمة ظلوا في المنفة مدة 4 سنوات وكان يسوع سن سنتان عندما هرب الى مصر وعاد وهو في سن السادسة. العودة الى الناصرة فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَقَائِلًا: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ». فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. وَلكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضًا عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ، انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ. وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا».“(متى19:2-23) الأخبار قد تصل سريعا لليهود في مصر ومن المحتمل بعد عدة ايام من وفاة هيرودس وربما عرف يوسف ايضا في لحظتها خاصة انه عرف هذا من ملاك الرب. ان ما جاء في انجيل متى يعطى انطباعا ان يوسف قد جهّز حاجاته على الفور وتوجه عائدا الى بيته:” فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَقَائِلًا: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ». فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ.“(متى19:2-21). ان عودة العائلة المقدسة ستكون تحدي طبيعي مثل هروبهم الي مصر فكل السفر في العصور القديمة كان شاقا فالطرق كانت ملآنى بالحفر ومحفوف بالمخاطر للناس والدواب وعلى جانبي الطرق هناك العصابات واللصوص وقاطعي الطرق وحتى اماكن المبيت على الطريق غالبا ما تكون قذرة ولها اخطارها الخاصة. ولكن في تلك الرحلة نجوا من ضغط متابعة هيرودس وجنوده وعلى طول طريق عودتهم من المحتمل انهم استقبلوا اخبارا ان اغسطس قيصر قد تصرف لإضعاف مملكة اليهود بأن قام بتقسيمها الى اربع مقاطعات ثلاثة منهم يحكمهم ابناء هيرودس وواحدة تحكمها اخت هيرودس. كان على يوسف ان يأخذ قرارا اي من تلك المناطق تكون اقل خطرا وايهم الأحسن؟ لقد اختار يوسف منطقة الجليل حيث يوجد بعض من سلالة داود الملك. انجيل متى ذكر هذا قائلا:” وَلكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضًا عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ، انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ.“(متى22:2). بعد الرحلـة الـى مصر عادت العائلة الـمقدسة إلـى الناصرة بعد أن سمع القديس يوسف أن أركيلاوس قد ملك على اليهوديـة مكان هيرودس أبيـه فخاف أن يذهب إلـى هناك “فأتـى وسكن فى مدينـة تُدعى نَاصرة ليتم الـمقول بالأنبياء إنـه يُدعى ناصريـّاً”(متى33:2). بعد عودة العائلة الـمقدسة من مصر عاشت فى مدينة الناصرة حياة منطويـة كلها عمل ولـم يُذكر فى الأناجيل شيئاً عن هذه الفترة سوى ما ذكره لوقا الإنحيلي من حادثـة إختفاء يسوع فى الهيكل وعمره 12 عاما.ويذكر القديس لوقا أن يسوع “كان يتقدم فى الحكمة والسِن والنِعمة عند الله والناس”(لوقا52:2)، وكان “خاضعـا” ليوسف ومريـم(لوقا51:2). طفولة يسوع كان القديس يوسف والقديسة مريم مؤمنان وعلى الرغم من ابنهما المسيّا-ابن داود وابن الله- كان واضحا من ميلاده هذه الحقائق التى فازت بها اسرته لكن لم تكن هناك معاملة خاصة على الأرض. بدأت حياة يسوع في صعوبة بالغة فهو يعلم ان ليس هناك اي ميزة وتمت مقاومته ولا يوجد لدي والديه الارضيين اي مكانة اجتماعية. للبعض قد تكون تلك الحقيقة حجر عثرة ولكن ليس ليوسف ومريم. ضمن اليهود هناك توقع مبني على وحي اشعيا النبي ان المسيّا هو “مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ”(اشعيا3:53) وايضا “وَلْنَكْمُنْ لِلصِّدِّيقِ؛ فَإِنَّهُ ثَقِيلٌ عَلَيْنَا يُقَاوِمُ أَعْمَالَنَا، وَيُقَرِّعُنَا عَلَى مُخَالَفَتِنَا لِلْنَّامُوسِ، وَيَفْضَحُ ذُنُوبَ سِيرَتِنَا يَزْعُمُ أَنَّ عِنْدَهُ عَلِمَ اللهِ، وَيُسَمِّي نَفْسَهُ ابْنَ الرَّبِّ. وَقَدْ صَارَ لَنَا عَذُولًا حَتَّى عَلَى أَفْكَارِنَا. بَلْ مَنْظَرُهُ ثَقِيلٌ عَلَيْنَا، لأَنَّ سِيرَتَهُ تُخَالِفُ سِيرَةَ النَّاسِ، وَسُبُلَهُ تُبَايِنُ سُبُلَهُمْ. قَدْ حَسِبَنَا كَزُيُوفٍ؛ فَهُوَ يُجَانِبُ طُرُقَنَا مُجَانَبَةَ الرِّجْسِ، وَيَغْبِطُ مَوْتَ الصِّدِّيقِينَ، وَيَتَبَاهَى بِأَنَّ اللهَ أَبُوهُ. فَلْنَنْظُرْ هَلْ أَقْوَالُهُ حَقٌّ؟ وَلْنَخْتَبِرْ كَيْفَ تَكُونُ عَاقِبَتُهُ؟فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ الصِّدِّيقُ ابْنَ اللهِ؛ فَهُوَ يَنْصُرُهُ وَيُنْقِذُهُ مِنْ أَيْدِي مُقَاوِمِيهِ. فَلْنَمْتَحِنْهُ بِالشَّتْمِ وَالْعَذَابِ، حَتَّى نَعْلَمَ حِلْمَهُ وَنَخْتَبِرَ صَبْرَهُ، وَلْنَقْضِ عَلَيْهِ بِأَقْبَحِ مِيْتَةٍ؛ فَإِنَّهُ سَيُفْتَقَدُ كَمَا يَزْعُمُ.“( الحكمة12:2-20) اقد قبِل يوسف ومريم الاهانات والمصاعب التى أتت. بعد المغامرة الكبرى في بدء حياة العائلة المقدسة عادوا الى وطنهم الأم وايامهم استقرت في نمط حياة القرية الهادئ. في الانجيل المقدس فقط اسبوع واحد تم تسجيله اثناء تلك السنوات وحتى باختصار شديد تاركا لبعض الكتابات التى لم تعترف بها الكنيسة مجالا للخيالات وسرد قصص غيرمنطقية عن فترة حياة العائلة المقدسة الخفيّة. يسوع ابن يوسف النجار من المحتمل انه تلقى بعض التعليم في مدرسة القرية على يد احد الرابيين، فحتى في قرية صغيرة الاولاد اليهود كانت لديهم الفرص ليتعلموا ان يقرأوا ويكتبوا مستخدمين الكتب المقدسة كمرجع تعليمي مدرسي. القليل بعض الشيئ معلوم عن مثل تلك البرامج التعليمية فنحن لا نعرف كم تتكرر تلك الدروس ولا طولها ولا تفاصيل لمحتواها وفي الغالب كانت تتم في المجمع الذى هو المكان الوحيد في القرية لمواضيع القراءة والكتابة. طبقا لبعض النصوص اليهودية تنصح بالمزيد من التدريب على القراءة والكتابة يلزم ان يبدأ ما بين اعمار 5-7 سنوات وينتهى لأغلب الاطفال قبل سن 12 عام. في قرية مثل الناصرة فعدد الاطفال لسن الدراسة يكون صغير للغاية وقليل لا يتعدى 10. على اية حال فانه من الواضح ان يسوع تعلم القراءة لأن القديس لوقا وصفه انه قد قرأ بصوت عالي عندما دفع له سفر اشعيا في المجمع:” وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ حَيْثُ كَانَ قَدْ تَرَبَّى. وَدَخَلَ الْمَجْمَعَ حَسَبَ عَادَتِهِ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَامَ لِيَقْرَأَ، فَدُفِعَ إِلَيْهِ سِفْرُ إِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ. وَلَمَّا فَتَحَ السِّفْرَ وَجَدَ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ مَكْتُوبًا فِيهِ: «رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ». ثُمَّ طَوَى السِّفْرَ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْخَادِمِ، وَجَلَسَ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ كَانَتْ عُيُونُهُمْ شَاخِصَةً إِلَيْهِ.“(لوقا16:4-20)، والقديس يوحنا يرينا يسوع يكتب باصبعه على الأرض:” قَالُوا هذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ”، “ثُمَّ انْحَنَى أَيْضًا إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ”(يوحنا6:8و8) عبر الوقت دروسه انتهت واصبح يسوع قد حقق درجة من الاستقلالية وقد كبر ايضا الى مساهمة محترمة في عمل ابوه يوسف وبدأ بالتدريج ينمو في العلوم الدينية ومراعاة التقاليد التى يمارسها الناس وفي عمر 12 او 13 يكون من المتوقع من الولد ان يتمم كل الواجبات الدينية وحتى انه عليه ان يذهب الى اورشليم ليدفع الضريبة السنوية نصف شاقل للهيكل. العثور على يسوع فى الهيكل وَكَانَ أَبَوَاهُ يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ. وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ. وَبَعْدَمَا أَكْمَلُوا الأَيَّامَ بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ، وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا. وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ، ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ، وَكَانَا يَطْلُبَانِهِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ وَالْمَعَارِفِ. وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ. وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ، جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ. فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!» فَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟». فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا. ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا. وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ”(لوقا41:2-52) على الأقل لمدة 7 قرون كل رجل بالغ كان مطالب بالذهاب الي اورشليم 3 مرات في السنة. ان الرب الاله طلب هذا الامر حتى قبل انشاء اورشليم فموسى قد أمر اسرائيل قائلا:” «ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي السَّنَةِ يَحْضُرُ جَمِيعُ ذُكُورِكَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ، فِي عِيدِ الْفَطِيرِ وَعِيدِ الأَسَابِيعِ وَعِيدِ الْمَظَالِّ. وَلاَ يَحْضُرُوا أَمَامَ الرَّبِّ فَارِغِينَ.“(تثنية16:16). فقط مع بناء الهيكل ايام الملك سليمان كان هذا الأمر يمكن حدوثه، وفقط مع الاصلاحات ايام الملك يوشيا اصبح الأمر إلزاميا. الرحلة الى اورشليم كانت شاقة ولكنها كانت واجب مفرح فالحجاج يحتشدوا على الطرق ذاهبين للأرض المقدسة من كل اركان العالم. اليهود من عدة بلاد يغنون وينشدون التسابيح والمزامير عند اقترابهم من المدينة:” فَرِحْتُ بِالْقَائِلِينَ لِي: «إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ نَذْهَبُ». تَقِفُ أَرْجُلُنَا فِي أَبْوَابِكِ يَا أُورُشَلِيمُ.أُورُشَلِيمُ الْمَبْنِيَّةُ كَمَدِينَةٍ مُتَّصِلَةٍ كُلِّهَا، حَيْثُ صَعِدَتِ الأَسْبَاطُ، أَسْبَاطُ الرَّبِّ، شَهَادَةً لإِسْرَائِيلَ، لِيَحْمَدُوا اسْمَ الرَّبِّ.“(مزمور1:122-4). من الناصرة تأخذ الرحلة من 4-6 ايام على الأقدام والقافلة تشمل المنازل المتنقلة وبعض العربات ولكن معظم الناس يمشون. كل اسرة تأخذ معها جدي او حمل لتقديمه ذبيحة في الهيكل في ليلة العيد والموكب يمضى مع سرعة المشاركين من اناس ودواب. النساء والأطفال ليس عليهم اي التزام للقيام بالحج والشيوخ والعجزة كانوا معفيين ايضا. الاطفال عادة لا يذهبون وامهاتهم يبقون في منازلهم للعناية بهم. كان من المعتاد ان الصبية ذو ال 12 عام يحضرون مع اهاليهم لتعريفهم بمناسك الحج والذي سيكون واجب عليهم في السنوات التالية من عمرهم. عندما بلغ يسوع عمر 12 عام قام بتلك الرحلة مع ابيه يوسف وذهبت امه ايضا حيث لا يوجد اي فرد في المنزل يحتاج للرعاية. لقد ذهبوا مع الحجاج من قريتهم وربما مع آخرين من قرية كوتشيبا القرية الأخرى التى يقطنها أناس من بيت داود. على طول الطريق ربما تقابلوا مع أصدقاء قدامى او معارف. معروف ان مريم لديها عائلة تقطن ما بين الناصرة وأورشليم. عموما كانت الرحلة مبهجة على الرغم من طولها ومشقاتها لكن الشوق للذهاب الى بيت الرب كان يبدد اي خوف او تعب والجميع يرددون بابتهاج:” مَا أَحْلَى مَسَاكِنَكَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ! تَشْتَاقُ بَلْ تَتُوقُ نَفْسِي إِلَى دِيَارِ الرَّبِّ. قَلْبِي وَلَحْمِي يَهْتِفَانِ بِالإِلهِ الْحَيِّ.” و”أَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا فِي دِيَارِكَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ. اخْتَرْتُ الْوُقُوفَ عَلَى الْعَتَبَةِ فِي بَيْتِ إِلهِي عَلَى السَّكَنِ فِي خِيَامِ الأَشْرَارِ.لأَنَّ الرَّبَّ، اللهَ، شَمْسٌ وَمِجَنٌّ. الرَّبُّ يُعْطِي رَحْمَةً وَمَجْدًا. لاَ يَمْنَعُ خَيْرًا عَنِ السَّالِكِينَ بِالْكَمَالِ.“(مزمور1:84-2 و10-11). سيكون من المنطقي ان يسوع قد صاحب ابوه يوسف عندما اخذ الحمل للكهنة للذبيحة فهذا هو اليوم ليكتسب مهارة عندما يكبر ويتولى تلك المسؤولية بمفرده كرجل يهودي فيقود اسرته فيما بعد لتنفيذ الوصايا والشرائع وتقديم ذبيحة الفصح. معا يسوع ويوسف قد حملا الحمل للهيكل ومعا ربما اخذاه لكي يتم شويه. وليمة الفصح تكون عادة ليلا على ضوء المصابيح وتقع مسؤولية ترتيبات تلك الوليمة على الأب والذي عليه سرد سبب ذلك العيد كما اوصى الرب:” وَلِكَيْ تُخْبِرَ فِي مَسَامِعِ ابْنِكَ وَابْنِ ابْنِكَ بِمَا فَعَلْتُهُ فِي مِصْرَ، وَبِآيَاتِي الَّتِي صَنَعْتُهَا بَيْنَهُمْ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ».“(خروج2:10) وايضا على الأب تنفيذ كل ما جاءت به الشريعة:” فِي الْعَاشِرِ مِنْ هذَا الشَّهْرِ يَأْخُذُونَ لَهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ شَاةً بِحَسَبِ بُيُوتِ الآبَاءِ، شَاةً لِلْبَيْتِ. وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ صَغِيرًا عَنْ أَنْ يَكُونَ كُفْوًا لِشَاةٍ، يَأْخُذُ هُوَ وَجَارُهُ الْقَرِيبُ مِنْ بَيْتِهِ بِحَسَبِ عَدَدِ النُّفُوسِ. كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ أُكْلِهِ تَحْسِبُونَ لِلشَّاةِ. تَكُونُ لَكُمْ شَاةً صَحِيحَةً ذَكَرًا ابْنَ سَنَةٍ، تَأْخُذُونَهُ مِنَ الْخِرْفَانِ أَوْ مِنَ الْمَوَاعِزِ. وَيَكُونُ عِنْدَكُمْ تَحْتَ الْحِفْظِ إِلَى الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ هذَا الشَّهْرِ. ثُمَّ يَذْبَحُهُ كُلُّ جُمْهُورِ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ فِي الْعَشِيَّةِ. وَيَأْخُذُونَ مِنَ الدَّمِ وَيَجْعَلُونَهُ عَلَى الْقَائِمَتَيْنِ وَالْعَتَبَةِ الْعُلْيَا فِي الْبُيُوتِ الَّتِي يَأْكُلُونَهُ فِيهَاوَيَأْكُلُونَ اللَّحْمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَشْوِيًّا بِالنَّارِ مَعَ فَطِيرٍ. عَلَى أَعْشَابٍ مُرَّةٍ يَأْكُلُونَهُ. لاَ تَأْكُلُوا مِنْهُ نِيئًا أَوْ طَبِيخًا مَطْبُوخًا بِالْمَاءِ، بَلْ مَشْوِيًّا بِالنَّارِ. رَأْسَهُ مَعَ أَكَارِعِهِ وَجَوْفِهِ. وَلاَ تُبْقُوا مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ. وَالْبَاقِي مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ، تُحْرِقُونَهُ بِالنَّارِ. وَهكَذَا تَأْكُلُونَهُ: أَحْقَاؤُكُمْ مَشْدُودَةٌ، وَأَحْذِيَتُكُمْ فِي أَرْجُلِكُمْ، وَعِصِيُّكُمْ فِي أَيْدِيكُمْ. وَتَأْكُلُونَهُ بِعَجَلَةٍ. هُوَ فِصْحٌ لِلرَّبِّ. فَإِنِّي أَجْتَازُ فِي أَرْضِ مِصْرَ هذِهِ اللَّيْلَةَ، وَأَضْرِبُ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ. وَأَصْنَعُ أَحْكَامًا بِكُلِّ آلِهَةِ الْمِصْرِيِّينَ. أَنَا الرَّبُّوَيَكُونُ لَكُمُ الدَّمُ عَلاَمَةً عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا، فَأَرَى الدَّمَ وَأَعْبُرُ عَنْكُمْ، فَلاَ يَكُونُ عَلَيْكُمْ ضَرْبَةٌ لِلْهَلاَكِ حِينَ أَضْرِبُ أَرْضَ مِصْرَوَيَكُونُ لَكُمْ هذَا الْيَوْمُ تَذْكَارًا فَتُعَيِّدُونَهُ عِيدًا لِلرَّبِّ. فِي أَجْيَالِكُمْ تُعَيِّدُونَهُ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً.“(الخروج3:12-14). في القرن الاول الميلادي كان من المعتاد ان يردد اليهود وهم يحتفلون بعيد الفصح اناشيد وتسابيح تشمل اشعار آرامية يذكر فيها اربع احداث هامة في تاريخ شعب اسرائيل وشعب الله والتى يقال انها كلها قد حدثت في ليلة عيد الفصح اليوم الرابع عشر من شهر نيسان في النتيجة العبرية اولها هو ليلة الخلق عندما كون الله العالم من لاشيئ وثاتنيها كانت الليلة عندما قدم ابراهيم ابنه اسحق كذبيحة وثالثها ليلة الخروج من ارض مصر عندما تحرر الاسرائيليون من العبودية والرابعة هي الليلة التى لم تأت بعد وهي ليلة المسيّا وهي ايضا يجب ان تأتي في الرابع عشر من نيسان. وفي نهاية وليمة الفصح يتم انشاد مزامير 113-118 ويتبعها مزمور 136. يسوع يوما ما سيأخذ دور اب الأسرة فيقود تلاميذه لعشاء الفصح، فانه يوسف الذي أظهر ليسوع كل ما يجب عمله في وليمة الفصح وكيف انه قد تعلم مباركة الخبز والخمر كما فعل يسوع فيما بعد في العشاء الأخير. انه من الشيئ الملاحظ ان الحدث الوحيد لطفولة المسيح تم تسجيله في العهد الجديد ويبدو انه شيئ محرج لمريم ويوسف، فحادثة فقد يسوع مثلا تبدو مخيفة فكيف يمكن لمريم ويوسف ان ينسوا صبي ذو ال 12 عام ويتركونه خلفهما في مدينة كبيرة مثل أورشليم؟ واي والدين يمكن ان يفعلا مثل هذا؟ وحتى انه من الأكثر دهشة بعيدا عن أي تفاصيل قد كشفها الأنجيل لنا عن طفولة يسوع فتلك التي تم ذكرها كانت لمحة صغيرة عن السنوات المخفية ليسوع والتي سردها الكتاب المقدس. من تقدمة يسوع في الهيكل كطفل عنده 40 يوما حتى ظهوره عند نهر الأردن وهو رجل ذو 30 عاما لم يقل لنا انجيل لوقا أي شيئ عن حياة يسوع ما عدا حادثة واحدة عندما فقد ثم وُجد في الهيكل وهو صبي ذات ال 12 عام. فلماذا يا ترى ذاك الحدث الوحيد هام عند لوقا؟ وما الذي يمكن ان يقوله لنا عن يسوع وأمه؟ حيث ان اليهود كانوا منتشرين في القرن الأول الميلادي ويقطنون في أماكن بعيدة عن أورشليم فمن المحتمل انهم كانوا لا يقومون بالسفر الي اورشليم إلا مرة واحدة في العام. لا يمكن اذن ان نجزم ان القديس يوسف كان يذهب ثلاث مرات كل عام ولكن حسب ما كتبه القديس لوقا انه كان يذهب مرة واحدة كل عام خاصة في عيد الفصح حسب الشريعة و يقضون هناك ثمانية أيام (عيد الفصح وعيد الفطير معًا). اما الأطفال ما دون سن الثانية عشر عاما فكانوا غير ملزمين بالشريعة ولهذا فليس من المؤكد بين علماء الكتاب المقدس اذا ما كان يسوع وهو دون سن ال 12 عاما كان يصاحب القديس يوسف للعبادة في الهيكل. اما القديسة مريم وكإمرأة يهودية فمن المؤكد انها كانت تصاحب القديس يوسف في رحلته الى اورشليم على الأقل مرة كل عام. ان رحلة ال 8 أميال ما بين الناصرة الي أورشليم سوف تأخذ 3-4 أيام والناس عادة يسافرون في تلك الأعياد في جماعات وفي عربات تجرها الركاب ويشترك الأقارب والأصدقاء والجيران عادة في مصروفات تلك الرحلة فالسفر في جماعات كبيرة في الطرق البعيدة تتيح حماية لتلك القوافل من لصوص وقطاع الطرق. لما بلغ يسوع سن ال 12 عاما صاحب يوسف ومريم. وبالنسبة للصبى يسوع فهذه هي الزيارة الأولى لبيت أبيه السماوي. كان الهيكل من الضخامة حتى أنه يتسع لمئات الألوف من الذين يصعدون للهيكل في الأعياد. وسط هذا الهيكل ووسط الشيوخ أساتذة الناموس يجلسون في حلقات الدرس التي يعقدها شيوخ السنهدريم من الصباح حتى وقت التقدمة المسائية للرد على التساؤلات والإستفسارات. وكان على الشعب حضور اليومين الأولين للفصح، وكان يسمح للشعب بالعودة إلى بيوتهم بعد منتصف اليوم الثالث. ولذلك قرر القديس يوسف والعذراء مريم العودة إذ لم يكن هناك داعٍ لبقائهم بقية أسبوع الفصح بعد أن أتموا كل طقوسه، وهكذا فعل الكثيرون وبدأوا رحلة العودة. وكان المسافرون يسيرون على قافلتين، إحداهما للنساء في المقدِّمة والثانية للرجال في المؤخِّرة، وكان الصِبيَّان يسيرون إِما مع الرجال أو النساء. لذلك فإنَّه إذ اِنقضى اليوم الأول في العودة اِقتربت القافلتان واِلتقى يوسف بمريم كل منهما يسأل الآخر عن الصبي، إذ حسب كل منهما أنه مع الآخر، وقد بقيا يومًا كاملًا يسألان عنه بين الرجال والنساء، وإذ لم يجداه قرَّرا العودة إلى أورشليم حيث قضيا يومًا ثالثًا. ثلاثة أيام يبحث يوسف ومريم عن كنزهما السماوي الذي لا يقاس فكيف لم بيلاحظا اختفاؤه بتلك الصورة؟ لهذا بحثا عن يسوع في شوق شديد. ثلاثة أيام بلا جدوى للبحث عن يسوع وكأن تلك الأيام الثلاث شهورا او سنوات. ترى مالذي دار في قلب وفكر القديسة مريم والقديس يوسف طوال الأيام الثلاثة. كانا يبحثان عنه:” وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ، ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ، وَكَانَا يَطْلُبَانِهِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ وَالْمَعَارِفِ. وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ.وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ”(لوقا44:2-46). ثلاثة أيام يبحثان عنه وهما لا يدريا كيف أضاعاه وأين يمكن ان يجداه، انها خسارة عظيمة اصابت قلب يوسف ومريم وشعرا بألم عميق لكونهما قد تقاعسا عن أداء الرسالة المكلفان بها من الله تعالى. ولكن عناية الله كانت هناك فوجد يسوع في الهيكل ” جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ. فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا”(لوقا46:2-48). لمدة ثلاثة ايام في بحث مستمر عن يسوع وفي الهيكل بكل ما فيه من بشر وجداه جالسا بينالعلماءولكننا لا نستطيع تصور ماذا دار في الحوار بينه وبين الشيوخ، لكن يمكن تصور أن الحوار دار حول معانى الفصح. فالشيوخ يستغلوا هذه المواسم لشرح معانيها للشعب. وربما أظهر الصبي يسوع المعانى المخفية في رموز الفصح وأنها تدور حول المسيا المخلص حمل الله الذي يرفع خطية العالم. ولكم كانت فرحتهما عندما وجداه وقلقهما قد مضى وظلمة الفقدان قد تلاشت وعاد مجد وجوده في حياتهما. ان يسوع كصبي له من العمر اثنا عشر عاما لم يكن مسؤلا عن افعاله أمام الرب طبقا للشريعة والتي تحدث عندما يصل الانسان الى سن 13 سنة. مهما كان الأمر ان يسوع الصبي أدهش شيوخ الهيكل “ جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ” (لوقا46:2-47).لقد استخدم لوقا كلمة ” existanto والتي تصف تعجب مصحوب بمواجهة لحضور الله لذلك شبّه لوقا الشيوخ في الهيكل بأنهم متعجبين من مثل ذلك الصبي الموهوب من الله في اسئلته واجوبته لهم وبهتوا من حكمة الله فيه وهو في عمرال 12 عام. مريم ويوسف أيضا استجابوا لمثل ذلك المنظر بتعجب ولكن تعجبهم ذو طبيعة مختلفة فلوقا استعمل كلمة مختلفة explagan والتي استخدمت في أماكن أخرى لتصف شخص ممتلء بقوة الله وظاهرة في تعليمه “فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّ كَلاَمَهُ كَانَ بِسُلْطَانٍ”0لوقا32:4)، او اخراج الشياطين “ فَبُهِتَ الْجَمِيعُ مِنْ عَظَمَةِ اللهِ. وَإِذْ كَانَ الْجَمِيعُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ كُلِّ مَا فَعَلَ يَسُوعُ” (لوقا43:9)، اوعندما يصاب بالعمي عدو الإيمان كما فعل به بولس “فَالْوَالِي حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى مَا جَرَى، آمَنَ مُنْدَهِشًا مِنْ تَعْلِيمِ الرَّبِّ”(اعمال12:13). يوسف ومريم كانا مملوءان بشعور من القلق العميق لسلامة الطفل بعد ثلاثة أيام وهو بعيد عنهما وهذا الشعور ظل في ذاكرتهما بغض النظر عما شاهداه في الهيكل من مقاطع -ابنهما منهمك تماما ومشغول بأمور أخرى مع معلموا الشريعة في تلك الأيام ويبدو انه غير مدرك لألم الفراق من والديه وما سببه لهما. يعلّق العلامة أوريجينوس على بحث القدِّيسة مريم والقدِّيس يوسف عن الصبي يسوع، قائلاً: “وجدوا يسوع فى الهيكل وكان يسأل أحيانًا ويجيب أحيانًا، فكان عظيمًا في أسئلته. ونحن نتضرَّع إليه حتى نسمعه يسألنا ويجيبنا. لنبحث عنه بجهد عظيم مقترنًا بالعذاب، عندئذ نجده، إذ يقول الكتاب: “هوذا أبوك وأنا كنَّا نطلبك معذَّبين”. لا تبحث عن يسوع في تراخِ وفتور وتردّد كما يفعل البعض، فإنَّ هؤلاء لا يجدوه. لا اِعتقد أنهما كانا معذَّبين لاِعتقادهم أن الصبي قد فُقد أو مات، فلم يكن ممكنًا لمريم أن تشك هكذا، وهو الذي حُبل به من الروح القدس، وبشَّر به الملاك، وسجد له الرعاة، وحمله سمعان، ولا يمكن أن تنتاب نفس يوسف هذا الفكر، وهو الذي أمره الملاك أن يأخذ الطفل ويهرب به إلى مصر وسمع هذه الكلمات: “لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حُبل به فيها من الروح القدس” (مت 1: 20). لا يمكن أن يخَف يوسف على الطفل وهو متيقِّن أنه الله (الكلمة). إذن فعذاب الأبوين وسؤالهما له مغزى آخر قد لا يستشفُّه القارئ العادي. لقد بحثا عن يسوع وذُهلا لمجرَّد التفكير أنه ابتعد عنهما، أو تركهما وذهب إلى موضع آخر، أو ربَّما صعد إلى السماء لينزل في الوقت المناسب. بعد انتهاء العيد بدأت العائلات والأصدقاء في اعادة التجمع لرحلة العودة لبلادهم ومن المحتمل ان يشترك معهم في رحلة العودة بعض من قابلوهم في العيد. يوسف ومريم افترضا ان ابنهما يسوع موجود في مكان ما وسط جموع المسافرين مع صبيان في نفس عمره. مر يوم من تلك الرحلة وعلى الرغم منذلك تحققوا انهما لم يشاهدا يسوع منذ ان تركوا اورشليم. وما بدأ يظهر كوخز من القلق اصبح حزن لا يمكن احتماله كلما تيقن يوسف ومريم انهما لم يشاهدا يسوع في اي مكان في قافلة الرجوع ولا يوجد اي شخص متذكر انه قد رآه منذ مغادرتهم لأورشليم. راجع يوسف ومريم بذاكرتهما الي متى آخر مرة شاهدوا يسوع وبدأوا في مراجعة من يمكنه ان يعرف اين يسوع ومن ربما قد رآه وهما يعلمان ان المدينة كانت مكتظة بالغرباء وان الطرق غير آمنة. يوسف قد يكون متذكرا قصة من يحمل نفس اسمه يوسف الصديق والذي أُخذ وهو صغير الى مصر وكان ذلك الفقد سببا في تحطيم قلب ابيه يعقوب. يوسف يمكن ان يصاب ببعض الفزع والألم حتى وهو يعي تماما ان الله لا يمكن ان يصيب الصبي بأي أذى لأنه كان يضع ثقته دائما في الرب. اليوم قد مرّ والليل تبعه ووراءه يوم آخر وليل آخر وبدأ حزن يوسف ومريم يصل لأقصى مدى التحمل البشري:” لَى مَتَى يَا رَبُّ تَنْسَانِي كُلَّ النِّسْيَانِ؟ إِلَى مَتَى تَحْجُبُ وَجْهَكَ عَنِّي؟إِلَى مَتَى أَجْعَلُ هُمُومًا فِي نَفْسِي وَحُزْنًا فِي قَلْبِي كُلَّ يَوْمٍ؟” (مزمور1:13-2). عادا يوسف ومريم الى مدينة اورشليم مرة اخرى وكم كان فرحهما ومدى ارتياحهما واي دموع قد سكبوها عندما بعد ثلاثة أيام وجدوا يسوع في الهيكل وكان جالسا مع المعلمين بنصت ويسأل، وتجمع الكثيرين من حولهم متعجبين من حكمة الصبي:” وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ، جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ.“(لوقا46:2-47). هل يستطيع يوسف – حتى يوسف الصامت- بعد ان رأى ابنه يسوع ولا يصرخ؟. انها مريم التى تكلمت قائلة:” «يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!»” (لوقا48:2). وجه يسوع كلامه لكلتا والديه قائلا:” «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟».“(لوقا49:2). اي اب بشري سيشعر بالألم عند تلك الكلمات ومن المؤكد ان يوسف شعر بذلك ولكن الأمر لم يكن غيرة تجاه الله ولم يكن مسألة ان يوسف اراد بعض الاعتراف او الشكر من ابنه، ولكن تلك اللحظة هي علامة فصل والتى تبدو الآن حتمية. ابن يوسف اصبح رجلا ووصل الى نضجه والى سن الاستقلالية وكان واضحا ان لديه مهمة يلزم اتمامها. سنوات قبل ذلك الأمر قال رجل شيخ عجوز هناك في ذلك الهيكل لمريم:” وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ».“(لوقا35:2). في تلك اللحظة يوسف ايضا شعر بذاك السيف ربما بشدة كأي شيئ آخر قد شعر به أثناء البحث عن الصبي. يوسف ومريم “فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا”(لوقا50:2). هناك عدم فهم لا مفر منه ما بين الأجيال وذاك ايضا هو حزن بدأ يشعر به يوسف كأي أب. لقد وجهت مريم ليسوع هذا السؤال: فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!»(لوقا48:2)، ان الكلمة الأخيرة التي استخدمت في اللغة اليونانية odynomenoi يمكن ان تساعدنا ان نفهم بعض الشيئ عن الصدمة التي تعرضا لها مريم ويوسف في بحثهما خلال الأيام الثلاثة، فالكلمة اليونانية تصف القلق النفسي والعقلي العميق ومن الغريب انه استخدمت في التقليد اليهودي لتصف خبرة رعب الوالدين من فقد طفلهم. فمثلا طوبيا قال لحماه الجديد انه يجب ان يعود الي بيته في الحال لأبيه والذي يُعد الأيام لعودة ابنه، ويقول:” لأَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ أَبِي يَحْسُبُ الأَيَّامَ، فَإِنْ زِدْتُ فِي إِبْطَائِي يَوْمًا وَاحِدًا حَزِنَتْ نَفْسُهُ”(طوبيا4:9)، ويستمر سفر طوبيا في وصف كيف ان غياب طوبيا الإبن سيؤثر على امه وابيه وكيف سيكون قلقهما بعدم رؤية ابنهما سريعا. وكذلك جاء عن ام يهودية في القرن الأول الميلادي وذكرت في سفر المكابيين والتي شاهدت استشهاد أبناؤها السبعة وفرحت من ان زوجها لم يعش تلك اللحظة ليختبر قلقها adynoun وهي ترى كل أبناؤها وهم يموتون(2مكابيين 7). ان قلق مريم ويوسف يمكن ان ينظر اليه بنفس الموقف المشابه لوالداي طوبيا وام الشهداء المكابيين فأيضا مريم ويوسف اختبرا قلق عظيم عندما فقدا ابنهما لمدة ثلاثة أيام في أورشليم. ان أول كلمات نطق بها السيِّد كما جاء في الأناجيل المقدَّسة هي: “لماذا كنتما تطلباني، ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون فيما لأبي؟!”. هذه الكلمات تكشف عن طبيعة السيِّد المسيح وعن رسالته كما تحدَّد لنا ملامح السلوك اللائق: أ. فمن جهة طبيعة السيِّد المسيح، فهو وإن كان لا يتعرَّض على نسبِهِ لمريم ويوسف، إذ قالت له أُمّه: “هوذا أبوك وأنا كنَّا نطلبك معذَّبين”، إذ كان يوسف أبًا له حسب الشريعة من أجل التبنِّي وان كان ليس من زرعه، وكانت مريم أُمَّه حسب الجسد، لكنه هو الذي العلي، يؤكِّد علاقته بالآب “ينبغي أن أكون فيما لأبي” معلمنا أنه ابن الله الآب! من جهة ناسوته ينسب للقدِّيسة مريم لأنها حملته، أخذ منها جسدًا، لكنه لا ينسب جسديًا ليوسف إنما من أجل خدمته له وارتباطه المملوء محبَّة. فلنتخيل كيف كان شعور مريم في ذلك المنظر فهي تبحث عن ابنها المفقود لمدة ثلاثة أيام في قلق خلال مدينة أورشليم وفقط لتجده منهمك مع العلماء في الهيكل ويبدو انه غير مدرك للحزن الذي سببه لوالديه نتيجة اختفاؤه. عندما سألت مريم يسوع سؤال مفهوم “لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟”، وبدلا من يجاوبها على سؤالها، أجاب الصبي ذو ال 12 عام بأسئلة شائكة منه:” «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟»(لوقا49:2). يخبرنا لوقا ان مريم ويوسف: فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا”(لوقا50:2)، ربما مريم قد تكون شاكرة لإتحادها مرة أخرى بإبنها ولكنها تركت متحيرة بسر ذلك الحدث الدرامي، ترى ما الذي حدث؟ ولماذا فقدت يسوع لمدة ثلاثة أيام؟ وما الذي يعنيه الصبي ذو ال 12 عام عن حاجته الماسة ان يكون “في بيت أبي”؟ دعونا نكتشف معنى إجابة يسوع العجيبة لمريم. أولا لاحظ المقارنة التي صنعها يسوع ما بين ابوه الأرضي وابوه في السماء، فمريم تكلمه عن “أبوه” بالإشارة الي يوسف بينما يسوع يجيب بالتكلم عن “ابي” والذي يعني ابوه السماوي. بالتأكيد ان يسوع سيكرّم والديه الأرضيين ويطيعهما – النقطة التي أشار اليها لوقا قائلا:” ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا”(لوقا51:2)، ولكنه أولا هو ابن الله وأول تعليق يشير له يسوع هو عن ابوه السماوي. كذلك كلمات يسوع المهمة عن احتياجه ان يكون في بيت ابيه حيث ان الهيكل كان معروف بأنه بيت الله. ان كلمات يسوع أحيانا تفسر انه يشير الي الهيكل في أورشليم حيث وُجد ولكن يوجد هنا اكثر من معنى عن التركيز على المبني المقدس، فالتعبير يمكن أيضا ان يترجم ” شؤون أبي” او “عمل ابي”. حيث ان الفكرة عن “المنزل” في عالم اليوناني-الروماني القديم تشير ليس فقط للمكان ولكن الي سلطة العائلة. ان كلمات يسوع تشير ليس فقط لزيارته الجسدية الي منزل الرب -هيكل أورشليم- ولكن أيضا سوق العمل والإلتزام الذي سيتممه للأب السماوي فهو يعني شؤؤون ابيه السماوي من هيكل ورسالة وتمجيد. ان سماع تلك الكلمات جعلت مريم ويوسف يواجهان تحدي عميق بضرورة العمل مع الصبي ذو ال 12 عام الي لذته الفريدة للاتحاد بالأب السماوي وانهما قد دعيا للتعاون مع مهمة ابنهما بأن يتركوه يذهب أينما يريد طبقا لمشيئة وقيادة الأب السماوي حتى لو سبب ذلك لهما أي حزن. ان تلك المواجهة مع ابنها في الهيكل تمثل خطوة هامة في مسيرة إيمان مريم حتى على الرغم من انها قد أعطيت لها رؤيا أكثر عن يسوع ورسالته من أي شخص آخر، فربما لم تنتهي مريم لإستيعاب كامل بعد لما يجري في حياتها وحياة ابنها الإلهي. لقد قال لوقا الأنجيلي لنا ان مريم تسير بالإيمان وتطلب الفهم العميق وانها “وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا” (لوقا51:2). لقد سلّمت مريم حياتها واستسلمت لسر ذلك الحدث والتزامها لتحفظ وتتأمل في كل هذا في قلبها مما جعل البابا يوحنا بولس الثاني يقول ان ذاك الحدث هو تجديد لأحزان مريم ولقد وصف ذلك المنظر من انه نقطة تحول في حياة مريم، فحتى تلك اللحظة كانت مريم مرتبطة بيسوع أساسيا كأمه تحمل الطفل في احشائها وتلده في بيت لحم وتقدمه في الهيكل كطفل ذو الأربعين يوما. على مدار الوقت قلبها اختبر حزن من عدة أحداث أحاطت بطفولة ابنها، فمن إحصاء قيصر المفروض على الجميع ومن عدم وجود غرفة للطفل في الخان ومن حالات الفقر والتواضع في ميلاد ابنها ومن نيؤة سمعان الشيخ عن الرفض وعدم القبول والقتل الذي ينتظر وليدها وكل هذا يضع في قلب أي أم حزن وألم لا يمكن وصفه. ولكن الآن وبعد 12 عام تبدأ مريم في علاقة جديدة مع إبنها بعد أن وُجهت برسالة ومهمة يسوع من ان يعمل إرادة الأب السماوي ولم يكن ذلك من ظروف خارجية ولكن ابنها نفسه هو الذي يسبب حزنها ويواجهها مذّكرا برسالته فهو الذي تجسد ليتمم مشيئة الأب. انها مطالبة الآن بالتعاون في مهمة ابنها لتنفيذ مخطط الأب السماوي من اجل خلاص البشرية بعيدا عن أي مشاعر امومة أرضية. لقد أضاف البابا يوحنا بولس الثاني قائلا ان مريم تأملت في تلك الأحداث والتي تتطلب منها تقديم مشاركتها وتعاونها وتجديد استسلامها للرب ولا تنسى سلسلة الأحداث التي مرت والتي ستأتي وان تضع نفسها آمة للرب لخدمة مهمة ورسالة ابنها الإلهي. اعتبر ان كل هذا حدث في هذا النص، يسوع مضى مع والديه للحج من الجليل الي أورشليم للإحتفال بعيد الفصح وبمجرد وجوده في المدينة المقدسة ذهب يسوع الي الهيكل وبينما هو هناك أدهش الناس من فهمه، ولكن النهاية كونه انفصل من أمه لأنه يقوم بعمل إرادة أبيه السماوي وهذا سبب حزن لأمه حتى اتحدت به مرة أخرة في اليوم الثالث. في البشارة والزيارة دور مريم هو انها أم المسيّا، ولكن بالتدريج نرى ان الأم قد دُعيت للمشاركة في صليب ابنها وتساهم في مهمة الخلاص. في ميلاد ابنها في ظروف فقر وتواضع في بيت لحم اختبرت مريم بعض من المعاناة الأولية المصحوبة برفض وليدها. وفي التقدمة في الهيكل تعلمت من سمعان الشسخ كيف انها ستشارك في معاناة يسوع وما سيواجه ابنها من سيف سينغرس في فؤادها هي أيضا ولكن الآن عندما كان يسوع في الثانية عشر من عمره اختبرت مريم بطريقة مباشرة ابتعاد يسوع ابنها منها لمدة ثلاثة أيام وعندئذ تعلمت منه ان كل هذا كان جزء من خطة ابيه السماوي – يجب ان يقوم بعمل ابيه لهذا جاء ولهذا هي رسالته على الأرض. لقد علّم البابا يوحنا بولس الثاني ان يسوع ببقاؤه في أورشليم كان يعد مريم الي تعاونها الفريد في سر الخلاص. ذهبت الأسرة الي بلدتهم ومن المؤكد تغيير قد حدث بعد تلك المحنة يسوع الآن قد كبر وعن طيب خاطر خضع لسلطة يوسف ومريم:” ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا” (لوقا51:2). خضع الله نفسه ليوسف ومريم في الطاعة. ترى ما أعظم شهادة لبرارة يوسف وعظمة ايمان مريم يمكن أن تكون أكثر من هذا؟ |
||||
17 - 05 - 2024, 04:12 PM | رقم المشاركة : ( 160696 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أسم يسوع الصيغة العربية للاسم العبري “يشوع” ومعنى الاسم “يهوه مخلص”.واسم يسوع أو يشوع هو اختصار لاسم يهوشع، ويهوشع يتكون من مقطعين “يهو” أى يهوه، “شع” أى يخلص، فاسم يسوع أو يشوع أو يهوشع معناه “يهوه يخلص”، وقد تسمى يسوع حسب قول الملاك ليوسف” فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُهم”(متى21:1) ومريم:” وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوع” (لوقا31:1). ويسوع هو اسمه الشخصي. أما المسيح فهو لقبه. وقد وردت عبارة “الرب يسوع المسيح” نحو 50 مرة في العهد الجديد. ويسوع المسيح أو المسيح يسوع, نحو مئة مرة. بينما وردت كلمة المسيح أيضًا بالمخل(لوقا11:2). ووردت لفظة يسوع وحدها على الأكثر في الأناجيل, ويسوع المسيح, والرب يسوع المسيح في سفر الأعمال والرسائل. |
||||
17 - 05 - 2024, 04:14 PM | رقم المشاركة : ( 160697 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تقديم يسوع فى الهيكل وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا، حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى، صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوسًا لِلرَّبِّ. وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ. وَكَانَ رَجُلٌ فِي أُورُشَلِيمَ اسْمُهُ سِمْعَانُ، وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ بَارًّا تَقِيًّا يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ. فَأَتَى بِالرُّوحِ إِلَى الْهَيْكَلِ. وَعِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ، لِيَصْنَعَا لَهُ حَسَبَ عَادَةِ النَّامُوسِ، أَخَذَهُ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَبَارَكَ اللهَ وَقَالَ: «الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ». وَكَانَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ. وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ، وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ: «هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ. وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ». وَكَانَتْ نَبِيَّةٌ، حَنَّةُ بِنْتُ فَنُوئِيلَ مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ، وَهِيَ مُتَقدِّمَةٌ فِي أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، قَدْ عَاشَتْ مَعَ زَوْجٍ سَبْعَ سِنِينَ بَعْدَ بُكُورِيَّتِهَا. وَهِيَ أَرْمَلَةٌ نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ، عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطَلِبَاتٍ لَيْلًا وَنَهَارًا. فَهِيَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَقَفَتْ تُسَبِّحُ الرَّبَّ، وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا أَكْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ نَامُوسِ الرَّبِّ، رَجَعُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى مَدِينَتِهِمُ النَّاصِرَةِ. وَكَانَ الصَّبِيُّ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، مُمْتَلِئًا حِكْمَةً، وَكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ (لوقا22:2-40). طبقا لما جاء في انجيل القديس لوقا كان هناك حدث بعد 33 يوما من حدث ختان الطفل يسوع:”“وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا، حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى، صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوسًا لِلرَّبِّ. وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ.”(لوقا22:2-24). هناك احتفالان تم في نفس الوقت أكثر من احتفال الختان: تطهير الأم بعد ولادتها وتقديم الطفل في الهيكل وكلتا الشعائر جاءت طبقا لأوامر الله في العهد القديم اولهما جاء في سفر اللاويين:”وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا:«كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: إِذَا حَبِلَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدَتْ ذَكَرًا، تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ عِلَّتِهَا تَكُونُ نَجِسَةً.وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يُخْتَنُ لَحْمُ غُرْلَتِهِ. ثُمَّ تُقِيمُ ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ يَوْمًا فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. كُلَّ شَيْءٍ مُقَدَّسٍ لاَ تَمَسَّ، وَإِلَى الْمَقْدِسِ لاَ تَجِئْ حَتَّى تَكْمُلَ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا. وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى، تَكُونُ نَجِسَةً أُسْبُوعَيْنِ كَمَا فِي طَمْثِهَا. ثُمَّ تُقِيمُ سِتَّةً وَسِتِّينَ يَوْمًا فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. وَمَتَى كَمُلَتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا لأَجْلِ ابْنٍ أَوِ ابْنَةٍ، تَأْتِي بِخَرُوفٍ حَوْلِيٍّ مُحْرَقَةً، وَفَرْخِ حَمَامَةٍ أَوْ يَمَامَةٍ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، إِلَى الْكَاهِنِ، فَيُقَدِّمُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهَا، فَتَطْهُرُ مِنْ يَنْبُوعِ دَمِهَا. هذِهِ شَرِيعَةُ الَّتِي تَلِدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَىوَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهَا كِفَايَةً لِشَاةٍ تَأْخُذُ يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ، الْوَاحِدَ مُحْرَقَةً، وَالآخَرَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، فَيُكَفِّرُ عَنْهَا الْكَاهِنُ فَتَطْهُرُ»“(لاويين1:12-8). اما الوصية الثانية فجاءت في سفر الخروج:”وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «قَدِّسْ لِي كُلَّ بِكْرٍ، كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ. إِنَّهُ لِي».“(خروج1:13-2). ان تقديم الطفل لم يكن ضروري ان بؤخذ الطفل للهيكل في أورشليم ولكن فقط دفع المبلغ المطلوب للكاهن حسب الشريعة. الكثير من الأمهات كن يفضلن تكريس ابناؤهم في هيكل أورشليم، وهذا ما قامت به مريم مع يوسف وطفلها وذهبوا الى أورشليم. |
||||
17 - 05 - 2024, 04:15 PM | رقم المشاركة : ( 160698 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ذهبت مريم الي هيكل أورشليم حيث المكان المقدس الذي يقدم فيه اليهود ذبائحهم وتقدماتهم الي الله. في الهيكل يوجد اربع ساحات واحدة للكهنة والتى هي الأقرب للمذبح، ثم هناك ساحة للرجال اليهود، ثم ساحة للنساء واخيرا ساحة للوثنيين، وكل ساحة مخصصة بكل دقة لمجموعة منهم وممنوع ان يتخطى حدودها اي احد والا تعرض للموت او الطرد من المجمع. هكذا دخلت مريم وطفلها لساحة النساء حتى تتم شريعة التطهير ثم تذهب بعدها لنقديم الطفل. من المؤكد انها كانت لا تعرف انه اثناء تواجدها في زيارتها للهيكل انها ستسمع نبؤة عن مشاركتها في ذبيحة لا يُقدر مقدارهافهي ستدعى لتساهم في اعظم ذبيحة يمكن لأم ان تختبرها الا وهي أن تقدم ابنها. وصلت مريم الي الهيكل وفي ذهنها ذبيحة قليلة الثمن بقليل من المال وفرخي حمام، فالشريعة اليهودية تتطلب ان مريم عليها ان تقدم ابنها البِكر الي الله في الهيكل وتقدم 5 شاقل تعزيزا للكهنة وأيضا قد أتت لتقدم ذبيحة عن نفسها فكإمرأة قد ولدت طفلا تعتبر غير طاهرة نسبيا لمدة 40 يوما. عندما اتى الوقت لتطهيرها بإكتمال ال 40 يوما تتطلب الشريعة ان تقدم حمل وفرخي جمام للكهنة في الهيكل. اذا لم تستطع المرأة ان تتحمل ثمن الحمل يمكنها بدلا من ذلك ان تفدم زوجي حمام او يمام. والحقيقة ان مريم قدمت زوجي حمام (لوقا24:2) يشير انها ضمن الفقراء وانها لا تستطيع ان تقدم حملا. خمسة شاقل وفرخي حمام هم التقدمات التي قدمتهما فقط مريم عندما ذهبت للهيكل في ذلك اليوم. الشريعتان قد تمتا مع العلم انه كان يمكن لمريم ويوسف ان يفعلا ذلك في بيت لحم بدفع ال 5 شاقل للكهنة في اورشليم عن طريق الوسطاء. احد علماء الكتاب المقدس اشار ان الشريعة كانت تلزم ان الابن البكر ان يصبح، كاهنا ولكن غيّر الله هذا الأمر بتخصيص سبط لاوي للكهنوت ولهذا فالأبناء البكر من اسباط اسرائيل الاخرى يتم خلاصهم من هذا الالتزام بدفع تعويض ما. بالنسبة ليسوع فهو معفي من ذلك الالتزام لأن مريم أمه لها اقرباء من سبط لاوي للكهنوت حيث يمكن ان يعتبر ابنها لاويا. لكن يوسف ومريم أراد ان يكرسا ابنهما يسوع للرب لذا فلقد قدماه للرب. ولكن ظهر رجل اسمه سمعان واعلن لمريم الرحلة الصعبة التي تنتظر طفلها وتنتظرها هي أيضا. يقف سمعان كمثال ليهودي “ وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ بَارًّا تَقِيًّا يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ” (لوقا25:2). في هذه الحادثة يظهر الروح القدس في ثلاث مناسبات، فيعطي سمعان القوة لكي يتعرف على مريم ويسوع ضمن العديد من الأمهات مع اطفالهن في الهيكل وايضا ان يتعرف على المسيّا في الطفل والذي ينتظره اليهود منذ سنوات وايضا الروح القدس كان عليه لذا فهو تنبأ واكثر من هذا لقد أعطي رسالة غير اعتيادية من الله. الروح القدس كشف لسمعان انه لن يرى الموت قبل ان يرى مسيح الرب. لذلك كانت كل حياته مرتبطة بالتوقع العظيم في انه في احد الأيام سيتقابل مع مخلص إسرائيل الملك الموعود به. قصة سمعان الشيخ كما وردت في التقليد الكنسي تتلخص في أنه كان أحد الـ72 شيخًا من اليهود الذين طلب منهم بطلميوس ترجمة التوراة إلى اليونانية والتي سميت بالترجمة السبعينية. وقيل أن سمعان هذا كان هو المكلف بترجمة سفر إشعياء وأنه في أثناء الترجمة أراد أن يستعيض عن كلمة “عذراء” في نبوة إشعياء “ها العذراء تحبل وتلد ابنًا.. ” بكلمة فتاة إذ تشكك في الأمر. فظهر له ملاك الرب وأكد أنه لن يموت حتى يرى مولود العذراء هذا. وبالفعل إذ أوحى له الروح القدس حمل الطفل يسوع على يديه وانفتح لسانه بالتسبيح مشتهيًا أن ينطلق من هذا العالم بعد أن عاين بالروح خلاص جميع الشعوب والأمم. والآن نتخيل المنظر من وجهة نظر مريم ففور وصولها مع يوسف الي هيكل أورشليم اقترب منهما شخص غريب وفجأة أخذ الطفل على يديه وثم رفع المسيح الطفل الى الهواء وابتدأ سمعان يبارك الله قائلا:” «الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ.نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ» (لوقا29:2-32). لكم هي لحظة تدعو للإندهاش وخاصة بالنسبة لمريم، فهي ليس لديها أي فكرة من يكون هذا الرجل ولماذا يبحث عن طفلها ولماذا فعل هذا او قال هذا؟. ولكن بينما سمعان يحمل الطفل ابتدأ يتكلم ويصف عظمة المستقبل لهذا الطفل بكلمات والتي تبدو مشجعة لمريم وتكمل الصورة لها عن مهمة ابنها الملوكية. لقد وصف سمعان الطفل “كخلاص الله” وكـ” نور اعلان للأمم”-صور تذكر بنبؤات من كتاب اشعيا النبي. فأشعيا النبي تنبأ “ قَدْ شَمَّرَ الرَّبُّ عَنْ ذِرَاعِ قُدْسِهِ أَمَامَ عُيُونِ كُلِّ الأُمَمِ، فَتَرَى كُلُّ أَطْرَافِ الأَرْضِ خَلاَصَ إِلهِنَا”(اشعيا10:52) و” فَيُعْلَنُ مَجْدُ الرَّبِّ وَيَرَاهُ كُلُّ بَشَرٍ جَمِيعًا، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ»(اشعيا5:40). لقد أعلن سمعان ان قد رأي اطفل المسيح والذي تنبأ اشعيا ان الخلاص الذي سيجلبه وأيضا تنبأ اشعيا عن كيف ان الله سيرسل صورة المخلص كخادم للرب و” هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ.لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ.قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ. لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ، وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ»(اشعيا 1:42-5)، وايضا “َنُورًا لِلأُمَمِ”(اشعيا6:42) و ” فَقَدْ جَعَلْتُكَ نُورًا لِلأُمَمِ لِتَكُونَ خَلاَصِي إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ»(اشعيا6:49). لذلك كانت كلمات سمعان إعلان ان الطفل الذي يحمله على يديه هو ذلك الذي سينفذ مهمة الله للأمم فهو سيكون “ نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ” والذي سيحقق ويتمم نبؤات اشعيا النبي. كل هذا ترك مريم في حالة تفكير وتعجب فالقديس لوقا يقول لنا ان مريم ويوسف “ وَكَانَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ”(لوقا33:2). ان النبؤة الثانية لسمعان ستعطي مريم سببا لأن تتوقف أنفاسها فلقد افرد لمريم ووجه لها بكلمات قوية عن مستقبل الطفل والمعاناة التي سيقابلها:” «هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ. وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ»(لوقا34:2-35). لقد وصف البابا يوحنا بولس الثاني نبؤة سمعان “كبشارة ثانية لمريم”، ففي الناصرة وفي البشارة الأولى علمت مريم انها ستصبح اما لمسيّا إسرائيل والآن من خلال كلمات سمعان في الهيكل – في هذه البشارة الثانية- انها حصلت على صورة أوضح عن ما الذي وافقت عليه منذ 9 اشهر واربعون يوما سابقة. فهذه الكلمات تقول لها الوضع التاريخي الفعلي والذي فيه الإبن سيكمّل مهمته والتي يمكن ان تسمى بمهمة عدم القبول والحزن. وهذا الإعلان أيضا يكشف لها انها سوف تحيا في طاعة الإيمان في المعاناة بجانب معاناة المخلّص وان أمومتها ستكون عجيبة ومحزنة. ان رسالة سمعان الي مريم تحتوي على اربع مقولات عن ما ستقابله هي وابنها من معاناة. أولا قال سمعان ان الطفل مصيره لأجل ” قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ”(لوقا34:2) وهذه الكلمات تشير اليالصعوبات التي تحيط بمستقبل ارسالية يسوع وهي صدى لموضوع نشيد مريم الذي قالته في منزل اليصابات وزكريا فهي أعلنت ان “ الْمُسْتَكْبِرِينَ سيتشتتون بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ والأَعِزَّاءَ سينزلون َعنِ الْكَرَاسِيِّ، والْمُتَّضِعِينَ سيرفعون والْجِيَاعَ سيشبعون خَيْرَاتٍ والأَغْنِيَاءَ سينصرفون فَارِغِينَ (لوقا51:1-53). نبؤة سمعان التقطت هذا الموضوع وافترضت استجابة مختلفة لإعلان ملكوت المسيح، فالمرضى والفقراء والمهمشين والخارجين عن العهد سيظهرون مرحبا بهم في ملكوت المسيح بينما كثيرا من القادة الدينيين والساسة في أيام يسوع سيعارضونه ويرفضونه لأنهم يرفضون ملكوت الله الذي يقدمه لهم. ثانيا قال سمعان ان يسوع سيكون “علامة ستقاوم”، هذه اللغة لا تقترح ان هناك شخص ما سينتقد او يُسخر منه فالكلمة اليونانية antilego تعني دائما حسب ما يستخدمها لوقا في سياق الجملة مقاومة اليهود للمسيح:” وَحَضَرَ قَوْمٌ مِنَ الصَّدُّوقِيِّينَ، الَّذِينَ يُقَاوِمُونَ أَمْرَ الْقِيَامَةِ، وَسَأَلُوهُ(لوقا27:20) و”لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا”(لوقا15:21)وأيضا لتلاميذه “وَلكِنْ إِذْ نَظَرُوا الإِنْسَانَ الَّذِي شُفِيَ وَاقِفًا مَعَهُمَا، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ يُنَاقِضُونَ بِهِ”(اعمال14:4) واعمال 45:13 واعمال 22:28). عندما نقرأ محتوى انجيل لوقا بصورة أوسع وسفر أعمال الرسل فكلمات سمعان الشيخ هي ظل للمقاومة العدوانية التي سيواجهها يسوع وأتباعه. ولكن الصورة الأكثر تأثير عن المعاناة المستقبلية للمسيح هي ذلك “السيف”، فالطريقة التي استخدمها سمعان وتلك الصورة تقول لمريم شيئان: أولهما انها ستتحقق ان السيف سيخترق ابنها يسوع. في العهد القديم يمكن للسيف ان يكون رمز لحرب واراقة دماء وموت:” وَبِسَيْفِكَ تَعِيشُ”(تكوين40:27) و”وَتَطْرُدُونَ أَعْدَاءَكُمْ فَيَسْقُطُونَ أَمَامَكُمْ بِالسَّيْفِ”(لاويين6:26) و(تثنية25:32) و (يشوع13:5) و “وَإِنْ أَبَيْتُمْ وَتَمَرَّدْتُمْ تُؤْكَلُونَ بِالسَّيْفِ». لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ”(اشعيا20:1). ان صورة سمعان عن سيف يخترق يسوع هو مجازي وحرفي حيث انه يشير الى كلا من المقاومات العنيفة لرسالة المسيح ورفضه وكذلك موته المرعب الذي سيعانيه على الصليب بعد ان احد الجنود الرومان سيغرس جنبه برمح “لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ”(يوحنا34:19). ثانيا مريم هي الأخرى تحصل على رسالة ان تلك المقاومة العنيفة للمسيح ستؤثر عليها:” وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ»(لوقا35:2). ان الكلمة اليونانية التي استخدمها لوقا عن السيف ” rhomphaia” هي سيف حاد، ان السيف المذكور هنا هو ليس مطواة او خنجر صغير، بل الكلمة تشير الي سيف كبير جدا واسع وذو حدين. الصورة لمثل ذلك السلاح الذي سيخترق نفس مريم صوريا يبين شدة المعاناة النفسية التي ستواجهها كنتيجة لرفض الشعب لإبنها ولرسالته. ان لوقا يربط مريم بالمعاناة التي سيعانيه ابنها والتي هي مذكورة بوضوح اذا اعتبرنا ما جاء في مزمور 22 والذي كان يقع في خلفية فكر كلا من كلمات سمعان لمريم وسرد الأحداث عن آلام المسيح كما جاء في انجيل لوقا. ان مزمور 22 يصور الأتهام لرجل بار يعاني بشدة على ايدي اعداؤه فهو يصف بطرق تلقي بظلها على تعذيب المسيح يوم الجمعة العظيمة: “وَكَانَ الشَّعْبُ وَاقِفِينَ يَنْظُرُونَ، وَالرُّؤَسَاءُ أَيْضًا مَعَهُمْ يَسْخَرُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «خَلَّصَ آخَرِينَ، فَلْيُخَلِّصْ نَفْسَهُ إِنْ كَانَ هُوَ الْمَسِيحَ مُخْتَارَ اللهِ!». وَالْجُنْدُ أَيْضًا اسْتَهْزَأُوا بِهِ وَهُمْ يَأْتُونَ وَيُقَدِّمُونَ لَهُ خَلاُ، قَائِلِينَ: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ مَلِكَ الْيَهُودِ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ!». وَكَانَ عُنْوَانٌ مَكْتُوبٌ فَوْقَهُ بِأَحْرُفٍ يُونَانِيَّةٍ وَرُومَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ: «هذَا هُوَ مَلِكُ الْيَهُودِ». وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلًا: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ، فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!»(لوقا35:23-39). ايدي وقدم الرجل قد سمروا “ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ”(مزمور16:22) وثيابه قد قسّمت “يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ”(مزمور18:22) وأعداؤه يعايرونه ويقترعون على ثيابه (مزمور 7:22 و18). كل هذا حدث أيضا للرجل البار يسوع والذي قد أتهم بلا عدل وأدين واُسلم للموت بيد اعداؤه وسمّروا يديه ورجليه على الصليب وعلى لباسه اقترعوا. ويبدو أيضا مزمور 22 خلفية لكلمات سمعان الشيخ لمريم فالمرّنم يقول:” أَنْقِذْ مِنَ السَّيْفِ نَفْسِي”(مزمور20:22) وسمعان قال لمريم في لوقا 35:2 ” وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ”. هذا الربط واضح خاصة عندما نقارن كلمات سمعان في لوقا مع ما جاء في ذلك المزمور في الترجمة المسماة السبعينية Septuagint وهي اقدم ترجمة لكتابات العهد القديم الي اللغة اليونانية. كلا النصين استخدما نفس كلمتان – rhomphatia (سيف كبير) و psyche (نفس)- وكلاهما يتضمن مقاومة عنيفة. بهذا قد ربط لوقا مريم مع رفض الشعب ليسوع وآلامه. تأمل آخر في هذا الصدد فسمعان تكلم عن “نفس مريم pyche والتي تعني النفس كما جاءت في الكتاب المقدس على أساس حيوي وهام في الجنس البشري ومصدر لضمير الإنسان وحريته. لقد قال لها ان هناك شيئ مدمر سيحدث لها هناك في قلبها وان سيف سيخترق نفسها. ان شيئ مدهش ان مريم هي الشخص الوحيد في انجيل لوقا الذي ذكر فيه نفسها وليس مرة واحدة بل مرتان، ففي اول مرة ذكر نفس مريم في أنشودة التعظيم عندما قالت مريم:” «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ”(لوقا46:1)، والمرة الثانية في حدث تقدمة الطفل في الهيكل عندما قال سمعان الشيخ لمريم:” وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ»(لوقا35:2).إذا ما نظر شخص ما لهاتين المرجعان معا لنفس مريم فربما التأمل الروحي التالي يمكن قوله: ان نفس مريم تعظم الله اكثر بمشاركتها في سيف آلام المسيح. في أنشودة التعظيم تعلمنا ان نفس مريم تعظم وتجعل الرب عظيما وفي حدث التقدمة في الهيكل نتعلم اكثر كيف ان نفسها تعظم الرب وكيف ان نفسها تعطي الله تسبيحا أكثر عندما تقدم حبها المضحي لإبنها او بمعنى آخر عندما نفسها تخترق بالسيف. عيد تقديـم الطفل يسوع فـى الهيكل (يوم 2 فبراير). بعد أربعين يومـا من عيد ميلاد السيد المسيح(25 ديسمبر) يُحتفل بعيد تقديم الطفل يسوع للرب فى الهيكل ومقابلته لسمعان الشيخ (لوقا22:2-34)، وفيه أيضا يُذكر تطهير مريم حسب الناموس الـموسوي. وهو عيد يتم فيه تذكار مريم مع إبنهـا وكيف أنهـا قامت بتميم الوصايا والشرائع الإلهيـة بتقوى وإيـمان، وأيضاً إحتفال بسر رسالة الـمخلص. ولقد بدأ بالإحتفال بهذا العيد رسميا فى الكنيسة منذ عام 542 بعد الـميلاد فى مدينة القسطنطينية، ثم فى رومـا فى أوائل القرن السابع الميلادى. فـى هذا اليوم وضعت الكنيسة قراءاتها لتشمل نبؤة ملاخى النبي القائلة:”هآنذا مُرسل ملاكي فيهيئ الطريق أمامى وللوقت يأتى الى هيكله السيد الذى تلتمسونه وملاك العهد الذى ترتضون به. هـا إنـه آت قال رب الجنود..”(ملاخى1:3-4)، ونص من رسالة القديس بولس للعبرانيين عن الخلاص الذى تم بالـمسيح (عبرانيين 14:2-18)، ونص تقدمة الطفل يسوع فى الهيكل كما جاء فى انجيل لوقا (لوقا22:2-40) والذى يحتوى على الصعود الى الهيكل وتطهير الأم وتقدمة الطفل وذبيحة الفقراء ومقابلة سمعان الشيخ وحنـة النبيـّة. |
||||
17 - 05 - 2024, 04:16 PM | رقم المشاركة : ( 160699 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
زيارة المجوس جـاء فى إنجيل متى ذكراً لحادثة زيارة مـجوس من المشرق الى أرض اليهودية:”وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ».َلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ: «أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟» فَقَالُوا لَهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ».حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرًّا، وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَانَ النَّجْمِ الَّذِي ظَهَرَ.ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَقَالَ: «اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ. وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي، لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضًا وَأَسْجُدَ لَهُ». فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا.وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا. ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ، انْصَرَفُوا فِي طَرِيق أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ.“(متى1:2-12). جاءوا من المشرق باحثين عن” المولود ملك اليهود” لأنهم رأوا علامة..”نجمـه فى المشرق”، فجاءوا “للسجود له” وإضطربت أورشليم وملكها هيرودس من تلك الزيارة..وإستمع المجوس لتلك النبؤة عن مكان ميلاد المدبر الذي يرعى شعب إسرائيل وعن مكانة بيت لحم و أيضا أصغوا الى رغبة هيرودس الخبيثة من ان يذهب هو ايضا للسجود..وغـادروا أورشليم وأرشدهم النجم الذى ظهر لهم فى الشرق الى مكان الصبي..”ورأوا الصبي مع مريم امه فخـروا وسجدوا لـه ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهباً ولبانا ومراً”.وإنصرفوا فى طريق اخرى الى كورتهم بعد ان أُوحي اليهم فى حلم ان لا يرجعوا الى هيرودس. المجــوس….من هم؟ ولأي غرض جاءوا؟ وما هى حقيقة النجم الذى ظهر؟ ولماذا ظهر لهم دون غيرهم؟ وما هذا النجم الذى يظهر ويتحرك ويختفى ثم يعاود الظهور؟.. المجوس تضاربت الأقوال عنهم فمن قائل إنهم حكماء من أهل العلم المشتغلين بأمور الفلك وكانوا فيما يقال ملوكــاً وأسماؤهم غضبار وبلطاشصر وملكيور وهناك من يقول ان عددهم لم يكن معروفا، والبعض يقول انهم من بلاد العرب والبعض يقول انهم كانوا من دولة الفرس وكانوا ينتظرون مخلصا فى معتقداتهم مولود من بتول وكانوا ينتظرونه كل الف سنة، وهؤلاء كانوا من رتبة الكهنة وهم ليسوا ملوكا بل هم طبقة ما بين الملوك والشعب، برعوا فى علم الفلك والنجوم وكان كل همهم رصد النجوم وظهر لهم نجم غريب لم يشاهدوه من قبل فرجعوا لكتبهم وعرفوا بالنبؤة فتبعوا هذا النجم بكل شغف ليعرفوا هذا المولود المخلص. ففوجئوا بانه يتحرك ويسير بخلاف عادة النجوم فى حركتها العادية وسار هذا النجم حتى بلاد فلسطين ثم اختفى. طبقا للعلماء المعاصرون فان ظاهرة ذلك النجم الذي ظهر للمجوس هو من المحتمل ان يكون هو اتصال لكوكب المشترى وكوكب زحل في مسار برج الحوت والذي فيه رأوا تلك الكواكب السمائية الكبيرة في مجموعتنا الشمسية معا والذي اعطى انطباعا انهم نجم كبير. هذا الاقتران ما بين كوكبي المشترى وزحل في برج الحوت نادرا ما يلاحظ وهو يحدث مرة كل 794 عاما. في عام 7 ما قبل الميلاد (وهو العام الذي من المحتمل ولد فيه السيد المسيح) حدثت تلك الظاهرة ثلاث مرات في 29 مايو وأول أكتوبر و5 ديسمبر). ان ظهور تلك الظاهرة ثلاث مرات لم تحدث مرة أخرى، ولقد تم ذلك الاكتشاف بمعرفة عالم الفلك الشهير Johannas Kepler عام 1603. لذلك كان ذلك الظهور علامة عن ان هناك شيئا هاما وخطيرا سيحدث في العالم نهاية زمن وبداية عهد جديد وهذا ما دفع هؤلاء المجوس ان يذهبوا. ظهر النجم للمجوس بعد مقابلتهم لهيرودس وارشدهم لبيت الطفل “ووقف حيث كان الصبي”..نجم غريب حقا. ان ظهور النجم للمجوس كان تأثيره عجيب عليهم فهم كانوا لن يصدقوا اى شيئ لكن نجم مثل هذا دفعهم للسفر والترحال الى اليهودية وإجتياز أخطار الطريق ثم اخطار مقابلة ملك اليهودية..”اين هو ملك اليهود لقد رأينا نجمه فى المشرق وأتينا لنسجد له”..جاء المجوس ليسجدوا بعدما رأوا العلامة..جاء المجوس لتعليم اليهود، فها هم اهل نينوى والمرأة السامرية والكنعانية وملكة التيمن صدقوا مارأوه وآمنوا، ولكن اليهود أهل النبؤات قست قلوبهم. نجم واحد ساروا ورائه..آمنوا وتجرأوا وتحدوا الملك..إنها شجاعة الإيمان. عجيب أمر هؤلاء المجوس.. انهم توقعوا ان يلقوا ملكاً من اجل هذا سألوا عليه فى بيت الملك، ولكنهم وجدوا طفلاً فى أقماط بدون حرس ولا جيوش..اي خير كانوا يترجونه وقد أبصروا أمامهم كوخا وأماً مسكينة..! ولكن الكتاب يقول عنهم “فخروا وسجدوا وقدموا له عطاياهم”.. “خروا” معناه إنسكاب القلب..”سجدوا” معناه إنسكاب الجسد..”قدموا” معناه إنسكاب النفس. لم يخافوا كما قلنا غضب او إضطهاد او تعذيب او هزء، ولم يكن عندهم وعد إلهي بالخلاص بل أقوال حكيمهم زرادشت ولكنهم بحثوا عنه وفتشوا. أن المجوس هم اول من آمن من الأمميين بالمسيح. إن هذا لا يعني مطلقا ان علم الفلك والسحر ورصد النجوم قد دفع هؤلاء المجوس لأن تؤمن، انهم كانوا حكماء وعرفوا بحكمتهم من هو المسيا الآتي لخلاص العالم أجمع. وعندما تقابلوا مع هيرودس، إضطرب هو وجميع من فى أورشليم. وأراد هيرودس ان يختبر صحة أقوال المجوس فطلب منهم الذهاب والتحقق وفى نفس الوقت أرسل جواسيسه وراءهم..فإن كان حقا هناك مولود سيصبح ملكا لليهودية بدلا منه ومن أولاده فليقتل. وبالفعل أصدر أوامره بقتل أطفال بيت لحم وكان هؤلاء الأطفال يتراوح أعمارهم ما دون العامين وبلغ عددهم بالألاف حسب أقوال بعض المفسرين هم أول شهداء المسيحية. ويقول هيرودس للمجوس “افحصوا بالتدقيق عن الصبي ومتى وجدتموه أخبروني لكي آتي انا أيضا وأسجد له”..ألم يقدر هذا الملك ان يذهب وحده لهذه البقعة ويسجد؟..عندما نسنع نحن عن آيات او ظهورات أو معجزات احيانا تنتابنا نفس أفكار هيرودس التدقيق..والشك. لماذا لانـقـل ليتمجد الرب دائما وابداً. يذكر الكتاب المقدس ان المجوس “قدموا عطاياهم”..ذهباً ولباناً ومـراً.. إنها رموز للملك والكهنوت والألم..فكأنهم يعلنوا ان هذا المولود هو ملك الملوك والكاهن الأعظم وعن طريق الألم سيملك ويخدم. وطبقا للعلامة أوريجون في القرن الثالث الميلادي الذي حدد ان عدد هؤلاء المجوس كانوا ثلاثة لأنهم قدموا ثلاث هدايا وحتى القرن السادس الميلادي عندما تم تحديد اسماءهم. ويذكر لنا الكتاب المقدس ايضا انهم بعد اللقاء بيسوع “إنصرفوا فى طريق أخرى الى كورتهم”، انه ليس هربا او تخوفا ولكنهم تغيـروا، جاءوا عن طريق وعادوا من طريق آخر، تغيرت حياتهم. “إذ أوحي اليهم فى حلم”..حلم ورؤيا يعني انهم امتلئوا نعمة وتغيروا فمن قبل اللقاء كان نجم يتحرك فى السماء وبعد لقاء يسوع كلمتهم السماء فى حلم كما كلمت يعقوب ويوسف ودانيال. هذه الحادثة تعطينا ايضا فكرة عن هيرودس الملك في سنواته الأخيرة فهو أصبح اكثر جنونا حتى انه قتل اكثر من 300 من قادة جيشه وفي نفس الوقت اصدر اوامر بقتل احد ابناؤه وايضا امر بحرق اثنان من الرابيين اي علماء الشريعة وهم احياء وبعدئذ امر بأن كل تلاميذهم واتباعهم ان يقتلوا. هذا هو هيرودس الذى استقبل المجوس من المشرق وكما جاء في انجيل القديس متى سنجد على الرغم من حدة جنون هيرودس لكنه احتفظ بعض الشيئ بهدوءه الديبلوماسي وايقن ان هؤلاء المجوس يمكن ان يكونوا خير مرشد ليجدوا الصبي ويخبروه فطلب منهم ان يجدوه ويخبروه. لكن المجوس قرروا ان لا يعودوا الى هيرودس(متى 12:2). عندئذ تقدم هيرودس الى خطوته المعتادة “غَضِبَ جِدًّا. فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَب الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ.“(متى16:2). في تلك المذبحة التى نفذها هيرودس لم تعد من افظع اعماله حتى ان المؤرخ اليهودي يوسيفوس اعتبر انه لا تستحق ان تذكر. علماء الكتاب المقدس قدروا ان 20 طفلا هم الذين يمكن ان ينطبق عليهم ما وصفه المجوس في تلك المنطقة ولكن من قتل كان اكثر من هذا. في سنوات هيرودس الأخيرة تجمع الى اكثر 7 جرائم قتل كان من الصعب ملاحظتها ولكن كانت مذبحة بيت لحم اكثرهم صدى:” حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ»“(متى17:2-18). بعد رحيل زوار المشرق من بيت لحم والتى كانت لها تأثير لمريم ويوسف عظيم وقوي وتأكيد لمهمتهما وتقوية لإيمانهما. |
||||
17 - 05 - 2024, 04:17 PM | رقم المشاركة : ( 160700 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الهروب الى مصر وحياة المنفى والغربة بعد مغادرة المجوس تكلّم الـملاك مع يوسف فى حلم ليوجه له أمراً غريبـا أنـه الرحيـل والهروب إلى مصر قائلاً له:”وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُفَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلًا وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ.“(متى13:2-14). وكان الرحيـل حسب أمـر الرب. لقد أمر الرب ابرام فى القديم أن يترك أهله وعشيرتـه، وها هو يطلب الآن من مريم ويوسف أن يتركا الأهل والعشيرة الى أرض غريبـة ووثنيـة. لابد من التضحيـة إذن ولا بد من حياة الكمال من فضيلة التجرد ولا بد من حمايـة الطفل. وسار يوسف ومريم الى الطريق الـمؤديـة الى مصر. – انـه نفس الطريق القديـم الذى سار فيـه ابراهيم وسارة أيام الجوع – انـه نفس الطريق القديـم الذى سار فيه يوسف إبن يعقوب وهو مُباع وهارب من إخوتـه.
وتفاصيل رحلة العائلة المقدسة الى مصر قد ذكرها البابا ثيوفيليس الثالث والعشرون من بطاركة الكرسي الإسكندري (376-403م) بعد ان ظهرت له العذراء فى رؤيا. ولقد إستمرت الرحلة حوالـي 40 يومـا حتى وصلوا الى الـمطريـة قرب القاهرة حاليـا ومن هناك الى بابليون ناحية مصر القديمة (كنيسة أبى سِرجة)، ثم الى منطقة المعادي (كنيسة المعادي) ثم الى قريـة البهنسة فى بنى مزار ثم عبرت الشاطئ الى جبل الطير بسمالوط ثم الى الأشمونين قرب ملوي ثم الى بلدة قسقام (الدير الـمحرّق) ومكثوا فى هذه الـمنطقة حوالـى 6 أشهر. بعد ذلك وجه الملاك أمراً ليوسف بالعودة قال له:”قم وخذ الصبي وأمـه وإذهب إلى أرض إسرائيل لأنـه مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي فقام وأخذ الصبي وأمـه وجاء الى أرض إسرائيل”(متى20:2-21). – نجد فى حديث الـملاك ليوسف انه قد تغيرت كلماته بعد ولادة العذراء للسيد الـمسيح عما كان قبلها. قبل أن تلد العذراء الـمسيح كان يـمكن للملاك أن يدعوها إمرأة يوسف حيث لم تكن مريم لهـا ولد، أما بعد أن ولدت الـمسيح لم يقل له قم خذ إمرأتك والصبي أو قم خذ الصبي وإمرأتك إنـما قال له “قم خذ الصبي وامه”(لوقا13:2) وهنا أصبحت العذراء منـتسبة للسيد الـمسيح، إلاّ ان الكتاب الـمقدس دعاه ابن يوسف دون مريم(متى 16:19)، والجميع كانوا يقولون عنه:”اليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذى نحن عارفين بأبيه وأمـه”(يوحنا42:6). – ان الله يكلمنا بطرق كثيرة، فقديما كلّمنا بالآباء والأنبياء”(عبرانيين1:1) ثم كلّمنا أخيـرا فى هذه الأيام فى الإبن وكلمته موجودة بيننا. وهو أحيانا يكلمنا فى الرؤى والاحلام والإلهامات فهل ننصت الى الروح الساكن فينا ونصنع كما صنع يوسف كما أمره ملاك الرب؟ – كلام الله فى الأحلام هى موهبة تمنح لأصحاب القلوب التقية والنقية ولقد صدق يوسف قول ملاك الرب فى الحلم ولم يشك فيه. – ان الـملاك لم يظهر للعذراء فى حلم وإنـما ظهر ليوسف وأبلغه بأوامر إلهية بالنسبة للصبي وأمه وهذا إبراز لقيمة يوسف ومكانته امام الله. ان دوره ليس دورا هامشياً أو ثانويـاً وإنـما شاءت إرادة الله ان يجعل يوسف خادما للتجسد الالهي وان يكون له دور إيجابي فعّال وإنـما تعامل معه مباشرة وأمره بتنفيذ تدبيـره مشركاً إيـاه فى العمل والتنفيذ وكلها اوامر الهية. – رحلة العائلة المقدسة تعطينا مثل الى حياتنا فى وادى المنفى هذا ويلزم ان يكون لنا الشوق الى وطننا السماوي، فوطننا هذا الأرضي لا نمتلك فيه شيئا “لاتكنزوا لكم كنوزاً على الأرض”، ووطننا هذا ملئ بالمتاعب والـمشقّات والآلام فيجب ان نعمل للوطن الآخر كما يثول القديس بطرس:”أنتم ضيوف غرباء فى هذا العالم”(1بطرس11:2). – رحلة العائلة المقدسة تعطى لنا درسا كيف يمكن ان نحيا فى هذا العالم فيلزم ان يكونة رجاؤنا فى الرب فيسوع كان معهم طوال الرحلة “فنحن فى العالم مثلما المسيح فى العالم” (1يوحنا17:4). – هذه الرحلة اكدت ايمان مريم وبرارة يوسف، فالإيمان هو “الوثوق بما نرجوه وتصديق ما لا نراه”(عبرانيين1:11). – هذه الرحلة تأكيد للنبوة القائلة “من مصر دعوت إبني”“«لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلاَمًا أَحْبَبْتُهُ، وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي.” (هوشع 11: 1وكذلك نبوءة إشعياء النبي “هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه” (إش19: 1). – هذه الرحلة باركت ارض مصر وهى البلد الوحيد الذى زاره يسوع وهذا يعطينا نحن المصريين الثقة ان بركة يسوع مازالت قائمة. – هذه الرحلة فيها تشابه ما بين 40 يوم عبور ارض سيناء وعبور بنى اسرائيل الى ارض الميعاد فى 40 سنة. – هذه الرحلة بدأ فيها حياة الألم عند العذراء حسب نبؤة سمعان الشيخ لها فى الهيكل:”وأنتِ سيجوز سيف فى نفسِك”(لوقا35:2). – يقول بعض الـمفسرين للكتاب الـمقدس أن حادثـة مجوس المشرق الذين حضروا وسجدوا للطفل وقدّموا لـه “هدايا من ذهب ولُبَان ومُر”(متى12:2)، كان هذا قبل رحيل العائلة الـمقدسة الى أرض مصر وان تلك الكنوز قد ساعدت العائلة الـمقدسة فى مصاريف الرحلة، وهذا يوضح ان العناية الإلهيـة قد دبرّت مجيئ الـمجوس لإحضار مصاريف رحلة الهروب، بالإضافـة الى الـمعانـى الأخرى الروحيـة وأهـمية العطايا للآخريـن والتى قد تحل مشاكل قد لا نراهـا نحن. – ان مجيئ العائلة المقدسة الي مصر كان سببا ليبارك أهل مصر بوجود يسوع بينهم فتتم النبوة القائلة ” من مصر دعوت ابني ” (هوشع 11: 1) وتتم أيضا النبوة القائلة ” هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر دأخلها ” (اش 19 : 1). ويقال أن أوثان مصر انكفأت عندما حل بها كلمة الله المتجسد كما انكفأ داجون أمام تابوت العهد (1 صم 5 : 3). ويذكر التقليد أنه عند دخول المسيح إلي أرض مصر كانت الأوثان تسقط في كل مدينة يقيمون بها، فكانوا يطردونهم ولذلك إضطروا أن يسيروا 1000كم في أرض مصر. ان مجيء الرب يسوع المسيح إلى مصر قد هز العبادة الوثنية الجبارة التي عاشت في مصر آلافًا من السنين، ولم يكن من السهل إطلاقًا اقتلاعها من حياة المصريين. كانت الحضارة المصرية عميقة جدًا في جذورها وتعانقت هذه الحضارة مع عبادة ذات فلسفة قوية تداخلت معها الفلسفة الهللينية، بداية من عصر الإسكندر الأكبر وفي عصور البطالمة، وكذلك الفلسفة الرومانية في العصر الروماني. وتكوّنت بذلك مجموعات عجيبة من الآلهة المصرية واليونانية والرومانية جعلت من أرض مصر مرتعًا للعبادة الوثنية في أقوى معانيها. وهكذا ارتجفت أوثان مصر من وجه الرب لأن “كل آلهة الأمم شياطين” (مزمور 96: 5). لقد امضى العالم الألماني Oscar Meinardus عدة سنوات محاولا اكتشاف رحلة العائلة المقدسة الي مصر ورسم مما جاء في الأناجيل وايضا من علم الأثار واوراق البردي القديمة التى تم اكتشافها حديثا وايضا مما ورد في المراجع القبطية للكنيسة المصرية وجمع نتائجه ووضعها في كتاب مع دراسة طويلة والذي كان يعيد طباعته بعد اكتشاف دلائل جديدة. حتى هذه الأيام ان الحجاج الذين يزورون مصر يتبعون خط سير لعدة مواقع من اديرة ومغارات وكنائس قد بنيت على اماكن قيل ان يوسف ومريم قد توقفا في أماكن للراحة او ملجأ اطول. في عام 2001 اتبع احد الصحفيين الأمريكان خط السير هذا في مدة شهران وفيما بعد دونها في كتاب بكل التفاصيل وايضا في فيلم وثائقي وشرح اكثر من 30 موقع قيل ان العائلة المقدسة توقفت فيها. تلك المسارات لا يمكن التحقق منها بوسائل علمية ولكنها تمثل بكل تأكيد مقياس رحلة العائلة المقدسة. لا يهم اي مسار قد اتخذه القديس يوسف فهو عليه ان يرحل مئات الأميال مع زوجة ولدت حديثا ومع طفلهما الصغير. بعيدا عما جاء في نص انجيل القديس متى عن الرحلة الى مصر والعودة منها فلم يسجل مدة بقاء العائلة المقدسة في مصر فليس لدينا اي مراجع يمكن الوثوق بها سوى ما جاء في بعض الكتب الغير قانونية امثال” انجيل متى الزائف” والذي يعود الى عدة قرون الرابع-الثامن ميلادي، وايضا كتاب طفولة يسوع باللغة العربية وآخر باللغة الارمينية والذي يمكن انه قد كتب في القرن الخامس او الثامن الميلادي وغيرها من الكتابات. ان المسيحيين كانوا دائما فضوليين لمعرفة مدة العائلة المقدسة في مصر وهناك كتاب من القرن الثاني الميلادي وحتى القرن العشرين انتجوا العديد من التخيلات كلما جمعوا او عرفوا عن اي معجزات تمت في تلك الفترة ومكانها. في كتاب قديم عن “انجيل الطفولة” كما ذكرنا جاء ان الصبي كان يلهو بان يصنع اشكالا من الطين ثم ينفخ فيها فتحيا وتطير وانه اوقع عقابات شديدة على بعض المتنمرين. بالطبع تلك الصورة عن شخص يسوع تختلف كل الاختلاف عن يسوع كما جاءت به الأناجيل المقدسة ولهذا فكل ما جاء في اي من الكتب المنحولة والتى لم تعترف بها الكنيسة تعد خيالات غير حقيقية وغير منطقية. اما عن مدة بقاء العائلة المقدسة في مصر فبعض شرّاح الكتاب المقدس يعتقدون ان 1260 يوما كما جاء في سفر الرؤيا “وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ لِكَيْ يَعُولُوهَا هُنَاكَ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا.“(رؤيا6:12) هو العدد المظبوط. بعض الشرّاح القدامى اعتمدوا على بعض ما جاء في التقليد الكنسي. ومع ذلك فالكتاب المقدس يظهر ان العائلة المقدسة قد عادت من منفاها مع وفاة هيرودس الكبير والتى حدثت في سنة 4 ماقبل الميلاد. لقد عاش يوسف ومريم ويسوع في مصر كلاجئين ولهذا السبب فانه من الصعب تخيل من يتذكرهم او من ذا الذي يشير الى اماكن تواجدهم. ايضا مدة اقامة العائلة المقدسة في مصر غير معروفة بدقة ولكن طبثا لما جاء في بعض الكتابات القديمة ظلوا في المنفة مدة 4 سنوات وكان يسوع سن سنتان عندما هرب الى مصر وعاد وهو في سن السادسة. |
||||