منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09 - 05 - 2024, 05:07 PM   رقم المشاركة : ( 159891 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,540

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




حوار الحبّ والحياة مع الله

«أمّا الّذين قبلوه وهم الّذين يؤمنون باسمه، فقد مكّنهم أن يصيروا أبناء الله» (يوحنا ظ، : ظ،ظ¢)

يقول الرّبّ كلمته ليدخل في حوار مع الانسان. ولكن باستطاعة الإنسان أن يرفض هذه الكلمة: «جاء إلى أهل بيته فما قبله أهل بيته» (يوحنا ظ، : ظ،ظ،). عندما يرفض الإنسان كلمة الله، يرفض في الواقع تحقيق ذاته، ذلك أنّ الإنسان خُلق بكلمة الله ليدخل في علاقة حوار مع الله، حوار الحياة وحوار الحبّ. بدون هذا الحوار يختار الإنسان طريق الموت الّذي ينزع عنه مجد دعوته كإنسان والإنسان لا يحقّق ذاته إلاً ابناً لله. لذلك يكون المسيح دعوة وملء قامة كلّ كائن بشريّ. خلقنا الله بالكلمة ولكن من الضروريّ أن يعيد خلقنا بالكلمة، على ما يقول القدّيس أغسطينوس. حياة الإنسان أن يصبح ابناً في الابن (راجع غلاطية ظ¤ : ظ¥ – ظ¦؛ ظ¨ : ظ،ظ¤ – ظ،ظ§). نرى هنا، يقول قداسة البابا (كلمة الرب ظ¥ظ*)، وجه الكنيسة يُرسم أمامنا كجماعة مؤسّسة على قبول كلمة الرّبّ الّذي جاء يسكن بيننا (يوحنا ظ، : ظ،ظ¤).

لم يتركنا يسوع عندما صعد إلى السّماء. إنّه بيننا وبحضوره يدعو كلّ إنسان للدخول بعلاقة شخصيّة معه. «وهاءنذا معكم طوال الأيّام إلى نهاية العالم» (متى ظ¢ظ¨ : ظ¢ظ*). كلمة الله بيننا لذلك يتكلّم الإرشاد على معاصرة أو آنيّة المسيح في حياة الكنيسة (ظ¥ظ،). إنّه بيننا ويدعونا لحوار الحبّ معه. هكذا يعبّر المجمع الع¤اتيكاني الثاني عن هذا الحوار: «فالآب الذي أسمع صوته قديماً ما زال يتجاذب الحديث مع “عروسة” ابنه الحبيب، والروحُ القدسُ الذي جعل صوت الإنجيل يدوّي في الكنيسة، ومنها، في العالم كلّه. ويُدخل المؤمنين صلبَ الحقيقة كلّها، ويُمكّن كلام المسيح من الاستقرار في قلوبهم بوفرة (قول ظ£ : ظ،ظ¦)». فعروسة المسيح، معلّمة الإصغاء، تردّد اليوم بإيمان: «تكلّم يا ربّ فإنّ كنيستك تصغي». ذلك أنّ الكنيسة هي قبل كلّ شيء جماعة تصغي إلى كلام الله وتبشّر به. وهذا ما نفهمه من العبارة نفسها، كنيسة، الصادرة كما نعلم عن فعل الدعوة (خ؛خ±خ»خ*د‰) (راجع تث ظ¤ : ظ،ظ*). الكنيسة هي في جوهرها جماعة مدعوة للاجتماع وللإصغاء لكلمة الله. عندما يعلن الكاهن قائلاً في بدء الاحتفال: «الرّبّ معكم». يأتي الرّبّ نفسه ليتكلّم إلى قلب المؤمنين ويخدمهم على مائدة الكلمة ومائدة الإفخارستيا. في كلمة الله المعلنة في الأسرار، يقول يسوع نفسه الآن وهنا إلى كلّ فرد في الجماعة: «أنا لك وأعطي ذاتي لك». هكذا يكون باستطاعة الإنسان أن يجيب بدوره: «أنا لك يا رب»، فتتحقّق كلمة الإنجيل: ««أمّا الّذين قبلوه وهم الّذين يؤمنون باسمه، فقد مكّنهم أن يصيروا أبناء الله» (يوحنا ظ، : ظ،ظ¢).
 
قديم 09 - 05 - 2024, 05:07 PM   رقم المشاركة : ( 159892 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,540

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




كنيسة بيت الكلمة

وهي بيت الكلمة خاصّة في الاحتفالات الليتورجية (راجع كلمة الرب ظ¥ظ¢). عن هذه الحقيقة نقرأ في دستور الليتورجية المقدّسة ظ¢ظ¤ ما يلي:

«للكتاب المقدّس في احتفالات الليتورجية أهميّةٌ كبيرةٌ جدّاً. فمنه النصوص التي تُقرأُ وتفسّرُ في الموعظة، ومنه المزامير التي تُرتّلُ، ومن وحيه ودفقه تنهلُ الصلوات والأدعية والأناشيد الطفسيّة، ومنه تستقي الأعمال والرّموز معانيها. ولهذا يجب، في العمل على إحياء الليتورجية المقدّسة وتطويرها وجعلها ملائمةً، أن يُتسحثَّ الوَلعُ العذبُ والحيُّ بالكتاب المقدّس كما تشهد بذلك التقاليدُ الجليلة في الطقوس الشرقيّة والغربيّة».

باستطاعتنا أن نستحثّ المؤمنين على حبّ الكتاب المقدّس إذا عرفنا كيف نجعلهم يشعرون بحضور الرّبّ من خلال الإصغاء لكلمة الله. فالمسيح حاضرٌ في كلمته إذ هو الّذي يتكلّم في الكنيسة عندما يُقرأ الكتاب المقدّس. والكلمة المعلنة في الكنيسة تصبح فعّالة بقوة الروح القدس كاشفةً عن حبّ الآب لجميع البشر.

لذلك، يقول قداسة البابا، علينا أن نفهم ونحيا القيمة الجوهريّة للعمل الليتورجيّ حتى نفهم كلمة الله. هذا ما ندعوه “تفسّير الإيمان” الّذي يعطي للكتاب المقدّس بعده الآنيّ والحيّ. وبهذا تتبع الكنيسة اسلوب المسيح نفسه في تفسير الكتاب المقدّس، هو الّذي قال في مجمع النّاصرة: «اليوم تمّت هذه الآية بمسمعٍ منكم» (لوقا ظ¤ : ظ¢ظ*).

كما المسيح هكذا الكنيسة التي تعلن وتصغي إلى كلمة الله على إيقاع السنة الليتورجية، خاصّة في القداس وصلاة الساعات. وفي مركز السنة الطقسيّة السّر الفصحيّ وما يتصّل به من أسرار المسيح وتاريخ الخلاص. لذلك يقول يقول قداسة البابا: «أدعو كلّ رعاة الكنيسة والعاملين في الحقل الراعوي إلى تربية المؤمنين بحيث يكون باستطاعتهم أن يتذوقوا المعنى العميق لكلمة الله خلال السنة الطقسيّة، وذلك من خلال إظهار أسرار إيماننا الأساسيّة. بهذا الأمر يتعلّق الفهم الصحيح للكتاب المقدّس».

ومن هذا المنطلق يجب التعمّق بالعلاقة بين الكتاب المقدّس والاسرار (ظ¥ظ£)، كان ذلك على صعيد الدراسات اللاهوتيّة أو العمل الراعويّ. لذلك يجب أن يهتمّ الرعاة، كهنة وشمامسة، بإلقاء الضوء على الوحدة بين الكلمة والسرّ. ففي تاريخ الخلاص ما كان هناك فصلٌ بين ما يقول الرّبّ وما يعمله. كلمة الله فاعلة وحيّة. وهذا ما تعبّر عنه الكلمة العبريّة “دبار”. في الليتورجيّة تحقّق كلمة الله ما تعنيه. عندما نربّي شعب الله على فهم دور كلمة الله في الاسرار وفي تاريخ الخلاص، يكون باستطاعة المؤمن أن يقبل في حياته عمل الله.
 
قديم 09 - 05 - 2024, 05:07 PM   رقم المشاركة : ( 159893 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,540

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




كلمة الله والافخارستيا

يقول يسوع: هذا هو جسدي، هذا هو دمي. فيعطينا ذاته تحت شكلي الخبز والخمر. هكذا تكون كلمة يسوع فاعلة وحيّة في سرّ الافخارستيا. كلمة الله قويّة في السر كما في الخلق. قال الله: ليكن نور، فكان نور. يقول يسوع: هذا هو جسدي، فيصبح حاضراً بكليّته تحت شكلي الخبز والخر.

يقول قداسة البابا أنّ الوحدة بين الكلمة والافخارستية تجد أساساً لها في الكتاب المقدّس (ر. يوحنا ظ¦ ولوقا ظ¢ظ¤)، ويشهد لها الآباء وتعليم الكنيسة في المجمع الع¤اتيكاني الثاني. نفكّر هنا بخطبة يسوع حول خبز الحياة في مجمع كفرناحوم (يوحنا ظ¦ : ظ¢ظ¢ – ظ¦ظ©). في هذه الخطبة تذكير بعطية الله التي حصل عليها موسى من أجل الشعب وعطية المنّ هي في الواقع عطية الشريعة، كلمة الله المحيية (ر. مزمور ظ،ظ،ظ© وأمثال ظ© : ظ¥). يحقّق يسوع في ذاته هذه الصورة القديمة: «خبز الله هو الّذي ينزل من السّماء ويهب الحياة للعالم… أنا خبز الحياة» (ظ¦ : ظ£ظ£ – ظ£ظ¥). هنا تصبح الشريعة شخصاً. عندما نلتقي بيسوع باستطاعتنا القول أنّنا نتغذى من الله الحيّ، إذ نأكل “خبز السّماء”. في خطبة كفرناحوم نتعمّق في مقدّمة الإنجيل: في المقدّمة الكلمة تصبح جسداً، في الخطبة يصبح الجسد خبزاً من أجل حياة العالم. (يوحنا ظ¦ : ظ¥ظ£). في سرّ الإفخارستيا نرى ما هو المنّ الحقيقيّ، الخبز النازل من السّماء حقّاً: إنّه لوغوس الله الّذي صار بشراً، وقد أعطى ذاته لأجلنا في السّرّ الفصحيّ.

في رواية لوقا عن تلميذي عمّاوس خبرٌ آخر حول العلاقة بين الإصغاء لكلمة الله وكسر الخبز (لوقا ظ¢ظ¤ : ظ،ظ£ – ظ£ظ¥). في يوم الأحد يقترب يسوع من التلميذين ويصغي إلى عبارات الرجاء المحبط ويصبح رفيق دربهما، «فبدأ من موسى وجميع الأنبياء يفسّر لهما في جميع الكتب ما يختصّ به» (لوقا ظ¢ظ¤ : ظ¢ظ§). هكذا بدأ التلميذان فهم الاسفار المقدّسة بطريقة جديدة مع رفيق الدرب الّذي ظهر قريباً جدّاً منهما بشكل غير متوقع. لم يعد ما حدث في أورشليم فشلاً بل بداية جديدة. على أنّ هذه الكلمات بانت لهما وكأنّها لم تكن كافية. لذلك طلبا من رفيق الطريق أن يبقى معهما. فيقول إنجيل لوقا أنّ أعينهما انفتحت وعرفاه فقط عندما أخذ يسوع الخبز وبارك ثمّ كسره وناولهما (ظ¢ظ¤ : ظ£ظ* – ظ£ظ،)، بينما كانت أعينهما قبلاً قد حُجبت عن معرفته (ظ¢ظ¤ : ظ،ظ¦). لذلك سمح حضور يسوع في كلامه أولاً ومن ثمّ في فعل كسر الخبز أن يعرفه التلميذان. فكان باستطاعتهما أن يفهما معنى اللقاء بيسوع: «أما كان قلبُنا متقّداً في صدرنا، حين كان يحدّثنا في الطّريق ويشرح لنا الكتب؟» (ظ¢ظ¤ : ظ£ظ¢).

عن هذه العلاقة الدائمة بين كلمة الله والافخارستية نقرأ في المدخل الى رتبة قراءات القداس عدد ظ،ظ* ما يلي: «لذا وَجب ان يضع المرء دوما نصب عينيه أنّ كلمة الله، التي تتلوها الكنيسة وتُعلنها في الليتورجية، تؤدي نوعا ما – وذلك غرضُها – الى ذبيحة العهد ووليمة النعمة، اي الى الافخارستية». لذلك لا يمكن الفصل بين الكلمة والافخارستية إذ لا يمكن أن نفهم الواحدة بدون الأخرى: كلمة الله تصبح جسداً سريّاً في الافخارستية. وإذا لم نقبل حضور يسوع الحقيقيّ في الإفخارستية يبقى فهم الكتاب المقدّس ناقصاً. «خصّت الكنيسة كلمة الله والسّرّ الافخارستي، وارادت وقرّرت في كلّ زمان ومكان، أن يُخصّا بإجلال واحد لا بعبادة واحدة. فإنّ الكنيسة، جريا منها على مثال مؤسّسها، لم تكفّ يوماً عن إقامة سرّه الفصحيّ، ملتئمة في جماعة، «لتقرأ ما ورد في شأنه في جميع الكتب» (لوقا ظ¢ظ¤ : ظ¢ظ§). ،لتُحقّق عمل الخلاص بذكرى الرّبّ والأسرار» (مدخل الى قراءات القداس، ظ،ظ*).

انطلاقاً من العلاقة بين كلمة الله والافخارستية نصل الى «أسراريّة الكلمة (sacramentalità della Parola)» (كلمة الرب ظ¥ظ¦) وأساسها سرّ التجسّد: «الكلمة صار بشراً». نفهم أسرارية الكلمة مقارنة بالحضور الحقيقيّ للمسيح تحت شكلي الخبز والخمر. عندما نشترك بمائدة الافخارستية، نتناول حقّاً جسد ودم المسيح. إنّ إعلان كلمة الله في الاحتفال يتضمّن الاعتراف بأنّ المسيح نفسه حاضر ويدعونا لقبوله. يقول القدّيس إيرونيموس:

«نحن نقرأ الكتاب المقدّس. أنا أعتقد أنّ الإنجيل هو جسد المسيح وأنّ الاسفار المقدّسة هي تعليمه. وعندما يقول: من لا يأكل جسدي ويشرب دمي (يوحنا ظ¦ : ظ¥ظ£)، حتى لو كان باستطاعتنا القبول بأنّ هذه الكلمات تعني سرّ الافخارستية، على أنّ جسد المسيح ودمه هي حقّاً كلمة الكتاب المقدّس. عندما نتقرّب من سرّ الافخارستية فيسقط فتات منها على الأرض، لشعرنا أنّه قد قُضي علينا. وعندما نسمع كلمة الله وتُسكبُ في آذاننا كلمةُ الله وجسد المسيح ودمه، ونحن نفكّر بشيء آخر، بأيّ خطر عظيم نقع؟». فالتعمّق في أسراريّة كلمة الله يقويّ الحياة الروحيّة عند المؤمنين ويكون مفيداً في العمل الراعوي.
 
قديم 09 - 05 - 2024, 05:08 PM   رقم المشاركة : ( 159894 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,540

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




إعلان الكلمة والعظة

في ما يخصّ الكتاب المقدّس وكتاب القراءات (كلام الرب ظ¥ظ§)، ينوّه قداسة البابا بالإصلاح الّذي تمّ بعد المجمع الع¤اتيكاني الثاني، والهدف منه هو المساعدة على فهم وحدة المخطّط الإلهي من خلال العلاقة بين قراءات العهد القديم والجديد ومركزها المسيح في سرّه الفصحيّ. وإذا كان هناك من صعوبات في إعلان وفهم هذه القراءات يجب اللجوء إلى القراءة القانونيّة، أي إلى وحدة الكتاب المقدّس. كما يحثّ الإرشاد على نشر كتبّ أو مقالات تساعد على فهم العلاقة بين القراءات. يوصي السينودس أيضاً بدرس موضوع كتاب القراءات في ليتورجيات الكنائس الشرقيّة، حسب التقاليد الخاصّة.

بالنسبة لإعلان كلمة الله وخدمة القارئ (كلام الرب ظ¥ظ¨)، ينقل قداسة البابا توصية آباء السينودس: يجب تحضّير الأشخاص لإعلان كلمة الرّبّ. والتحضّير يجب أن يكون بيبليّ وليتورجيّ وتقنيّ. أعتقد هنا أنّه لا يجب أن نطلب من أي شخص، خاصّة الصغار، أن يقرأ في الكنيسة، إذا لم يسبق الإعداد لهذه الخدمة.

وإذا كان الإعداد مهمّ لإعلان كلمة الرّبّ، فماذا نقول عن أهميّة العظة (كلام الرب ظ¥ظ©) والتحضّير لها. العظة هي تأوّين لقراءات القدّاس، بحيث يكون باستطاعة المؤمنين أن يكتشفوا حضور وفاعليّة كلمة الله في حياتهم اليوم. على العظة أن تساعد المؤمنين على فهم السّرّ الّذي نحتفل به وتدعو إلى الرسالة وإلى إعلان الإيمان والطلبات والصلاة الإفخارستية. يجب أن يبتعد الواعظ عن عظات ذات طابع عام ومجرّد والدخول في مواضيع لا تمتّ إلى القراءات بصلة، حتى لا يكون هو موضع انتباه النّاس، فلا يصلوا إلى جوهر رسالة الإنجيل. يجب أن يكون واضحاً بالنسبة للمؤمنين بأنّ ما هو عزيزٌ على قلب الواعظ أن يكون المسيح في مركز كلّ عظة. لذلك يقول قداسة البابا على الواعظين أن يكونوا على علاقة وديّة ودائمة مع الكتاب المقدّس. وليستعدّوا للعظة في التأمّل والصلاة. يوصي السينودس بأن يطرح الواعظ على نفسه هذه الأسئلة:

– ماذا تقول القراءات المعلنة؟

– ماذا تقول هذه القراءات لي؟

– ماذا يجب أن أقول للجماعة آخذً بعين الاعتبار وضعهم في الواقع؟

لذلك يجب على الواعظ أن يترك كلمة الله تطرح عليه التساؤلات قبل أن يبشّر بها. إذ يقول القدّيس أغسطينوس: «هو بلا شكّ بدون ثمر من يعظ في الخارج كلمة الله ولا يصغي إليها في أعماقه».

لذلك يدعو قداسة البابا إلى إعداد وسائل تساعد الواعظ في رسالته، مثلاً “دليل للعظة” (كلام الرب ظ¦ظ*).

ولكن رغم أنّ الإفخارستية هي في مركز العلاقة بين كلمة الله والأسرار، يجب التشديد على أهميّة الكتاب المقدّس في سائر الأسرار، خاصّة أسرار الشّفاء: سرّ التوبة وسرّ مسحة المرضى. كلّنا يعلم أنّ كلمة الله غالباً ما تكون غائبة في هذه الأسرار. من الضروريّ أن نتذكّر ما يؤكّده العهد الجديد عامّة وما يقوله القدّيس بولس في الرسالة الثانية إلى أهل قورنتس:

«فإِذا كانَ أَحَدٌ في المسيح، فإِنَّه خَلْقٌ جَديد. قد زالتِ الأَشياءُ القَديمة وها قد جاءَت أشياءُ جَديدة. وهذا كُلُّه مِنَ اللهِ الَّذي صالَحَنا بِالمسيح وأَعْطانا خِدمَةَ المُصالَحَة، ذلك بِأَنَّ اللهَ كانَ في المَسيحِ مُصالِحًا لِلعالَم وغَيرَ مُحاسِبٍ لَهم على زَلاَّتِهم، ومُستَودِعًا إِيَّانا كَلِمَةَ المُصالَحَة. فنَحنُ سُفَراءُ في سَبيلِ المسيح وكأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِأَلسِنَتِنا. فنَسأَلُكُم بِاسمِ المسيح أَن تَدَعوا اللّهَ يُصالِحُكُم.» (ظ¢ قور ظ¥ : ظ،ظ§ – ظ¢ظ*) .

في هذا النصّ يوجز بولس كلّ البشارة بعبارة واحدة: كلمة المصالحة

(خ؛خ±ل½¶ خ¸خ*خ¼خµخ½خ؟د‚ ل¼گخ½ ل¼،خ¼ل؟–خ½ د„ل½¸خ½ خ»دŒخ³خ؟خ½ د„ل؟†د‚ خ؛خ±د„خ±خ»خ»خ±خ³ل؟†د‚)

ولا ننسى أنّ يسوع بدأ رسالته العلنيّة بالدعوة إلى التوبة: «حان الوقت واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالبشارة» (مرقس ظ، : ظ،ظ¥). وبهذا البدء يعطي المعنى العميق لكلّ الإنجيل. يتوب الإنسان عندما يصغي إلى البشارة. وفي هذا الأمر نقرأ في رتبة سرّ التوبة ظ،ظ§: «كلام الله ينير المؤمن ليعرف خطاياه ويدعوه إلى التوبة ويضع في أعماقه الثقة برحمة الله». لذلك توصي الكنيسة بأن يستعدّ المؤمن للاعتراف من خلال التأمّل بنصّ من الكتاب المقدّس.

كلمة الله هي كلمة عزاء ومعونة وشفاء. نذكر يسوع كيف كان قريباً من المتألّمين، فحمل أوجاعنا وتألّم حبّاً بالبشر، فأعطى معنى للألم والموت. توصي الكنيسة بالاحتفال بسرّ مسحة المرضى جماعيّاً في الرعايا وخاصّة في المستشفيات. فيكون الاحتفال بكلمة الله عوناً للمرضى ليحتملوا بإيمان ما هم عليه من ألم، متّحدين بذبيحة المسيح الخلاصيّة.

وفي هذا الموضوع يقول الاب لينو شينيللي: «علينا اللجوء إلى علاج الكتاب المقدّس إذا أردنا شفاء البشر وتقدّمهم (ظ،طيموتاوس ظ، : ظ© ت؛ ظ¦ : ظ£ ت). في كلمة الله “صيدليّة” روحيّة تشفي الإنسان من كلّ أمراضه الأخلاقيّة والزمنيّة (مز ظ،ظ*ظ§ : ظ¢ظ*؛ حكمة ظ،ظ¦ : ظ،ظ¢؛ لوقا ظ¦ : ظ،ظ©؛ افسس ظ¦ : ظ،ظ§). هذا ما يذكره أوريجنوس وباسيليوس ومار افرام وأغسطينوس والقدّيس فرنسيس الأسيزيّ والقدّيس بوناع¤نتورا. فالكتاب المقدّس مدرسة وعيادة إلهيّة (حكمة ظ،ظ¦ : ظ،ظ¢؛ يوحنا ظ¦ : ظ¤ظ¥). نكون أصحّاء وأطبّاء روحيين بقدر ما ننفتح على كلمة الله الخلاصيّة» (Conoscere la Bibbia, 29) [قصة الضابط في كتاب “سائح روسي على دروب الرب”، ص. ظ¤ظ* تابع).

وما أكثر اللجوء إلى كلمة الله في صلاة الساعات. يذكر قداسة البابا ما أكّده آباء السينودس حول العلاقة بين كلمة الله وصلاة الساعات (كلام الرب ظ¦ظ¢؛ ر. توصية ظ،ظ©): «صلاة السّاعات هي حالة مميّزة للإصغاء إلى كلمة الله، إذ تضع المؤمنين باتّصال دائم مع الكتاب المقدّس ومع تقليد الكنيسة الحيّ». علينا أن نذكر بنوع خاصّ، يقول قداسة البابا، الكرامة اللاهوتيّة والكنسية لهذه الصلاة، على ما يرد في مبادئ صلاة الساعات، ظ£، ظ،ظ¥: «إنّ الكنيسة، في ليتورجية الساعات، تقوم بمهمة رأسها الكهنوتية “من غير انقطاع” (ظ، تس ظ¥ : ظ،ظ§)، مقدّمة لله قربان التسبيح، أي ما تلفظه الشفاه مسبّحة لاسمه (ر. عب ظ،ظ£ : ظ،ظ¥). وإنّ هذه الصلاة إنّما هي صوت العروس نفسها تخاطب العريس، أو صلاة المسيح مع جسده الى الآب». لذلك يدعو قداسة البابا من يقع عليهم واجب ليتورجية الساعات أن يكونوا أمينين في هذه الخدمة من أجل الكنيسة جمعاء. كما يتمنّى تشجيع كلّ المؤمنين على تلاوه هذه الصلاة، خاصة صلاة الصباح والمساء. وحيث تسمح الظروف بذلك، يوصي قداسته الرعايا والجماعات الرهبانيّة بتشجيع المؤمنين على الاشتراك بهذه الصلوات.
 
قديم 09 - 05 - 2024, 05:09 PM   رقم المشاركة : ( 159895 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,540

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




مقترحات واقعيّة لإحياء الليتورجيّة

بعد الحديث عن أهمية الاستفادة حتّى من التبريكات لإعلان كلمة الله (كلام الرب ظ¦ظ£)، ينتقل قداسة البابا إلى إرشادات واقتراحات عمليّة لإحياء الليتورجية.

ظ،- الاحتفال بكلمة الله

حثّ آباء السينودس كلّ الرعاة على إقامة الاحتفال بالكلمة في الجماعات الموكولة إليهم. يساهم هذا الاحتفال بالتحضّير للاحتفال بالافخارستية في يوم الاحد، خاصة في الأزمنة الكبرى. يكون من الأهميّة بمكان إقامة الاحتفال بالكلمة في الجماعات التي ليس لديها كاهن للاحتفال بالقداس. وهذا لا يكون أبداً بديلا عن القدّاس، لا بل مناسبة للصلاة من أجل الدعوات الكهنوتية.

كما دعا آباء السينودس الى الاحتفال بالكلمة بمناسبة رحلة حج وأعياد معيّنة والرسالات والرياضات الروحيّة وفي أيام التوبة.

ظ¢- الكلمة والسكوت

يجب إعلان الكلمة في جوّ من السكوت الخارجيّ والداخليّ. نعيش في عصر لا يساعد على الاختلاء والصلاة، حتى أنّه من الصعوبة والخوف بمكان الابتعاد عن وسائل الاعلام. علينا أن نكون جريئين في هذا المجال ونربّي شعب الله على قيمة الصمت في حياتنا. يعلّم آباء الكنيسة كيف أنّ أسرار المسيح ترتبط بالسكوت، إذ فيه تحلّ الكلمة، تماماً كما حدث لمريم. على احتفالاتنا الليتورجيّة المساعدة على هذا الإصغاء الحقيقي: تنمو الكلمة فتختفي الكلمات، كما قال أغسطينوس (Verbo crescente, verba deficiunt).

ومن ثمّ ينتقل قداسة البابا إلى مواضيع يأتي على ذكرها كتاب القدّاس: الإعلان الاحتفالي لكلمة الله، خاصة قراءة الإنجيل (كلام الرب ظ¦ظ§)، كلمة الله في الهيكل المسيحيّ (مكان الأمبون وشكله، الخ)، عدم إبدال القراءة البيبليّة بأية قراءة روحيّة أخرى، والترانيم التي يجب أن تكون من وحي الكتاب المقدّس. اقترح آباء السينودس موضوعاً غير معمول به في كنائسنا ويمكن أن يسترعي انتباهنا بنوع خاص: وضع الكتاب المقدّس في مكان مرئي ومكرّم في الكنيسة، وهذا خارج وقت الاحتفال. ولكن لا يجب في كلّ الأحوال انتزاع مركزيّة بيت القربان في الكنيسة.
 
قديم 09 - 05 - 2024, 05:11 PM   رقم المشاركة : ( 159896 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,540

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

Rose رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





"نداء باليقظة" بين كاتبي نبؤة اشعيا والإنجيل الثاني




زمن مجيء مُبارك أيّها القُراء الأفاضل.



في هذا الزمن الّذي تطلق عليه الليتورجيّة زمن المجيء أو زمن الإستعداد والّذي يعود أصل إلى لفظ Adventus من اللغة اللّاتينية. كان يستخدم هذا اللفظ في القدم عند مجيء ملك او إمبراطور لزيارة مملكته. ولاحقًا تمّ الإستعانة به كرمز كتابي يشير لمجيء "ابن الله -الملك" الّذي في الخامس والعشرون من الشهر ديسمبر من كلّ عام نحتفل بذكرى مجئيه الأوّل لعالمنا البشري أيّ "سرّ تجسّد يسوع" ونحن بمثابة مملكته الّتي يملك عليها. ماذا ننتظر من هذه الأسابيع الاربعة؟ فهي ستساعدنا كوقت للإصغاء النصوص الكتابيّة لنستعد لهذا المجئ بما يتناسب مع ملكنا. نتوقف كمؤمنين، في هذا العام، للإستعداد من خلال مسيرة صغيرة كتابيّة أطلقنا عليها "سًّلاما في الأرض" ومصدرها هو تهليل الملائكة أمام طفل المغارة قائلين: «الـمَجدُ للهِ في العُلى! والسًّلام في الأَرضِ لِلنَّاسِ فإنَّهم أَهْلُ رِضاه!» (لو 2: 14). والسبب في إختيارنا هذا العنوان هو واقعنا المجروح من اللاسًّلام. نعم، تعاني بعض البلاد حاليًا من مواجهة شر الحرب البشعة، وهناك بعض القلوب البشريّة الّتي تحارب لتسعيد سًّلامها، هناك بعض الأُسر الّتي سُرق من أعضائها نعمة السًّلام. لذا بما إننا جميعًا مدعوين لإستعادة هذه النعمة وفي ذات الوقت واثقين بأنّ الله الآب أرسل إبنه ووحيده ليُعيد السًّلام لبشريتنا، سنستعد ليُعيد الرّبّ سًّلامه ونقبل نحن نعمة السًّلام الإلهيّة.



نحن بثقة في إلهنا نستمر في السّير على ضوء كلمته الإلهيّة الّتي يناديّ باليقظة اليّوم لنصراع، بقوة كلمته، ضد تيارات وأشكال الحرب بأنواعها مبتدئين بإستعادة "سًّلام القلب" الّذي سنناله بالإصغاء لكلمته. في هذا الأسبوع تحمل كلمات النبي اشعيا (63: 16- 64: 7) نداء يوقظنا من غفلة قلبيّة. وعلى مثاله نستمر لنسمع كلمات يسوع الّذي يحذرنا بنبرة قويّة بحسب بشارة مار مرقس (13: 33-37)، لنتيقّظ من غفوتنا لئلا ينال منا عدو الخير. نهدف من خلال مقالنا هذا قبول الدعوة الّتي يحملها هذيّن النصييّن فهما يدعونا للإنتباه للظلام الّذي يسود على ليل قلوبنا مما يحرمنا اليقظة الباطنية.



1. يقظة الأبناء أمام أبيهم (اش 63: 16- 64: 7)




نتفاجأ عند قراءتنا لنص اشعيا (أش 63: 16 – 64: 7)، أبوة الله تتضح كثيراً في العهد الثاني ولكن أصداها بالعهد الأوّل في هذا المقطع إذ نجد أن كلماته تحمل نداءً صادقًا موجهًا إلى الله الآب لكي يأتي ويستعيد العلاقة بشعبه. نعم تضرع النبي إلى الله بفضل عمله في تاريخ بني إسرائيل، مما جعل النبي، يُذكر الله بعنصر هام مناديًا ومكرراً مراراً إياه "أبونا": «فإِنَّكَ أَنتَ أَبونا إِبْراهيمُ لم يَعرِفْنا وإِسْرائيلُ لم يَعلَمْ بِنا. أَنتَ يا رَبُّ أَبونا مُنذُ الأَزَلِ اسمُكَ فادينا [...] والآنَ يا رَبُّ أَنتَ أَبونا» (اش 63: 16؛ 64: 7).



هذه الكلمات تُذكرنا ليس فقط ببنوة الله ودوره الأبوي نحونا كأبناء بل ببنوتنا أيضًا. فنحن قد ننسى أو نتناسى أنّ الله أبونا وبأنّ أعماله تسبق كل شيء مما يجعل أساس "يقظتنا" لأبوته من جانب ومن الجانب الآخر لأمانته كأب. واعين بإنّ يقظتنا لنّ تكون عبثًا حينما نحيا اليقظة من خلال "أبوة الله" لنا بشكل دائم.



يكرر النبي الكثير من التعبيرات الّتي يرجو بها الله ليرجع إلى شعبه قائلاً: «إِرجِعْ إِلَينا مِن أَجْلِ عَبيدِكَ أَسْباطِ ميراثِكَ. وَقتاً قَليلاً وَرِثَ شَعبُ قُدسِكَ أَعْداؤُنا داسوا مَقدِسَكَ» (63: 17-18). على ضوء هذه الأبوة الإلهيّة الّتي تجعل النبي بصوت الابن اليقظ يطالب الله بعودته إلى ابناءه فهو يعيّ أبوة الله لبني إسرائيل. في العهد الثاني نصغي لصوت يسوع وهو الإبن الواعي واليّقظ لأبوة الله فيأتي لإخوته مُحذرا ومنبهًا باليقظة والتنبه لما يُعاش في الوقت المناسب.



2. وقت عودة السيّد (مر 13: 33-37)



تيَّقظوا-إنتبهوا! إنها كلمة يسوع الجوهريّة الّتي يدور حولها حواره مع تلاميذه بحسب مرقس. اليقظة هي الكلمة الّتي سيفتتح مقالنا الأوّل زمن المجيء كإستعداد لتجسد الرّبّ. اليقظة إنها الكلمة الأوّلى والأخيرة الّتي يبدأ ويختم ايضًا يسوع بها هذا المقطع. يأتي نداء يسوع إلى اليقظة كتحذير يتركه يسوع لتلاميذه ولنا اليّوم من خلال البشارة المرقسيّة وهي الّتي ستُمهد لسياق روايّة آلامه الّتي تليّ مباشرة هذا النص وقبل دخوله إلى أورشليم. تصير اليقظة الكلمة الّتي يشجع بها يسوع تلاميذه في الزمن الّذي سيعيشون فيه الأيام الصعبة وهي أيام آلامه (راج مر 14: 34، 37، 38)، وأيضًا في فترة غياب العريس أي ّمُنذ عيد الفصح وحتى عودته ثانية في مجده.



إن نصيّ مقالنا لهذا الأسبوع الأوّل من زمن المجيء يساعدنا على فهم كلمة أساسية للحياة المسيحية، والّتي ربما نسيناها جزئيًا، على الرغم من أنها غالبًا ما تكون على شفاهنا. بمتابعتنا للنص المرقس نجد الرّبّ الّذي سيعود بحسب إنجيل مرقس هو السيد الّذي غادر في رحلة طويلة وصارت عودته مجهولة لعبيده الّذين يجب عليهم في هذه الأثناء الإعتناء ببيته. أثناء غيابه، عهدّ السيد إلى خدمه بمسؤوليات مختلفة، لقد أوّكلّ مهمة ما إلى كلّ من خدمه.كل شخص لديه مهمة في منزل سيده ولا يمكن لأحد أن يحل محل آخر في القيام بالمسؤولية التي أوكلها إليه سيده. وأيضًا لا أحد يستطيع التنبؤ بمجيء السيّد أو ميعاد عودته. فكلّ خادم علي باليقظة لإتمام مهامه لأن وقت السيّد غير محدد، وليس من حق أحد أنّ يعرفه. يجب على كل خادم أنّ يقوم بواجبه بغض النظر عن معرفة موعد عودة سيدهم. في الواقع، يمكن للسيّد أنّ يصل «أَفي المَساء أَم في مُنتَصَفِ اللَّيل أَم عِندَ صِياحِ الدَّيك أَم في الصَّباح» (مر 13: 35). هذه هي المراجع الزمنيّة الّذي يقدمها لنا السياق المرقسيّ. للوهلة الأوّلى، قد يبدو أن هذه الإشارات الزمنية تشير ببساطة إلى وقت غير محدد أيّ مجهول. قد لا تؤدي هذه الكلمات إلّا إلى التأكيد على أنه لا أحد يعرف متى سيعود السيّد. ومع ذلك، إذا قرأنا بعناية نجد أنّ "ساعات" الليل هذه ليست عرضية. والحقيقة أننا نجدهما متطابقين في روايّة آلام الابن الّذي سنحيا سرّ تجسده بعد أيام ليست بكثيرة. كان بإمكان المعلم أنّ يأتي في المساء عندما أسلمه يهوذا، أحد تلاميذه، مقابل المال، إلى أيدي أعدائه، أولئك الّذين حاولوا إعتقاله (راج مر 14: 17). كما يمكن للسيّد أن يعود في منتصف الليل أي في قلب الظلام فهو ذات الوقت الّذي تمّ فيه محاكمة يسوع (مر 14: 60-62) من قبل السنهدريم، أمام رئيس الكهنة. كما كان بإمكان رّبّ البيت أنّ يعود عند صياح الديك وهو وقت إنكار بطرس له ثلاث مرات فهو بمثابة الصديق الّذي وثّق به (مز 40: 10) وفوجيء بأنكاره له أمام الناس (راج مت 10: 33)! أخيرًا، يستطيع رّبّ البيت العودة في الصباح، عندما أسلمه رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة والسنهدريم كله إلى يديّ بيلاطس (راج مر 15: 1)، وبهذا تم تسليمه إلى محكمة وثنية. سواء الليل أم المساء، الصباح أو عند صياح الديك، هو زمن قد يكون له معنى باطني، أو كنسي أو سياسي بشكل يعم العالم من خلال الحرب الّتي تسرق السًّلام. فنحن مدعوين لليقظة من زمن الحرب والفراغ الباطني والتفكك الأسريّ والخروج من دائرة الأنانيّة وقبول السَّام الباطني الّذي يجعلنا نستفيق ليعم السًّلام في محيطنا.



3. اليقظة (مر 13: 33- 37)



ندرك من خلال كلمات يسوع إن هذه الإشارات الزمنية، الصباح، المساء، منتصف الليل، عند صياح الديك الّتي يسردها مرقس ليست سوى أوقات ترمز إلى مراحل آلام يسوع، لكن آلامه ليست فقط تلك التاريخيّة الّتي عاشها الرّبّ بل عاشها تلاميذه أيضًا ولازلنا نعيشها. فهي أوقات آلامه المستمرة عبر تاريخنا البشري حتى يّومنا. وهكذا، أصبحت كلمة يسوع الأخيرة "تيقظوا" أو "تنتبهوا" قادرة على تفسير كل لحظة من حاضرنا كتلاميذه، في عصرنا وفي كل العصور، وما علينا سوى أنّ نخاطر بعيش السًّلام "في المساء أو في منتصف الليل أو عند صياح الديك أو في الصباح".



قرار اليقظة ليس موقف غير مُـتجسد لـمَن ينتظر مَن يعرف إنّه سيأتي في نهاية الوقت، بل موقف الشخص الّذي يعرف كيف يميّز مجيئه، وحضوره في الآلام التي تستمر في تاريخ البشريّة، لذا كررّ يسوع ندائه: «فَاحذَروا واسهَروا، لِأَنَّكم لا تَعلَمونَ متى يَكونُ الوَقْت» (مر 13: 33). لفظ اسهروا هو السلوك الّذي يميّز حضور الرّبّ في وقت الألم الّذي يستمر في تاريخ البشريّة. السهر أو اليقظة كليهما كلمة تُرافق كل خطوة من حياتنا كتلاميذ قررنا أنّ نسير خلف معلمنا في الأوقات الصعبة. مدعوين بالتحلي باليقظة خاصة في وقت غياب العريس فيصير وقت اللقاء والمثابرة: «فَاسهَروا إِذاً، لأَنَّكُم لا تَعلَمونَ متى يأتي رَبُّ البَيت: لِئَلاَّ يَأتيَ بَغتَةً فَيجِدَكُم نائمين. وما أَقولُه لَكم أَقولُه لِلنَّاسِ أَجمَعين: اِسهَروا» (مر 33: 35- 36).



الخلّاصة



لقد أوضح اشعيا (63: 16- 64: 17) أنّ أبوّة الله هي مصدر سًّلامنا الباطني، إذن فلنتمسك بهذه النعمة في هذه الاسابيع الأربعة صاغيين لندائه. وكما أنّ الليل هو رمز لـمَن لا رجاء له، ولـمَن لا يجد سبب يحيا لأجله. علينا التمسك برّوح اليقظة بوعي فهي عطية يجب قبولها وترتكز على أمانة الآب. وكما أنّ صرخة يسوع التحذيريّة بحسب مرقس (13: 33-37)، هي الّتي تفتتح زمن المجيء، ليست تأكيدًا لغيابه بل إشارة لحضور خفي في كلّ مساء، في كلّ ليل، عند الفجر، عند صياح الديك أي في كلّ أوقاتنا البشريّة. حضور يسوع الخفي يمكن أنّ يصبح لقاء، بالتحديد في زمن المجيء هذا.



يكشف لنا هذيّن النصيين الكتابيّين بأنّ المجيء يأتي للقائنا في كلّ إنسان وفي كل وقت حتّى يمكننا أن نستقبله حقًا علينا بقبول هذا النداء باليقظة باطنيًا. إنّه إعلان هذه الكلمة الأولى من زمن المجيء، وهي أيضًا الكلمة الأخيرة التي تركها يسوع ليّ ولك لنبدأ بقبول السًّلام على الأرض بهذه اليقظة وبقبول نداء النبي ويسوع باليقظة. كلمة تخلق لقاءات في وقت نطن إنّه زمن الغياب، كلمة تعلن بأنّ الله "أتى ويأتي سيأتي". ينبع إلتزامنا باليقظة، أيّها القراء، من عطية أمانة الله الذي هو أبونا فهو لا يتركنا لأننا نثق به. بتمسكنا بأبوته سنستطيع تلبيّة ندائه وتكون يقظين، لنتمكن من لقائه "في المساء أو في منتصف الليل أو عند صياح الديك أو في الصباح».


 
قديم 09 - 05 - 2024, 05:12 PM   رقم المشاركة : ( 159897 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,540

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




زمن مجيء مُبارك أيّها القُراء الأفاضل



في هذا الزمن الّذي تطلق عليه الليتورجيّة زمن المجيء أو زمن الإستعداد والّذي يعود أصل إلى لفظ Adventus من اللغة اللّاتينية. كان يستخدم هذا اللفظ في القدم عند مجيء ملك او إمبراطور لزيارة مملكته. ولاحقًا تمّ الإستعانة به كرمز كتابي يشير لمجيء "ابن الله -الملك" الّذي في الخامس والعشرون من الشهر ديسمبر من كلّ عام نحتفل بذكرى مجئيه الأوّل لعالمنا البشري أيّ "سرّ تجسّد يسوع" ونحن بمثابة مملكته الّتي يملك عليها. ماذا ننتظر من هذه الأسابيع الاربعة؟ فهي ستساعدنا كوقت للإصغاء النصوص الكتابيّة لنستعد لهذا المجئ بما يتناسب مع ملكنا. نتوقف كمؤمنين، في هذا العام، للإستعداد من خلال مسيرة صغيرة كتابيّة أطلقنا عليها "سًّلاما في الأرض" ومصدرها هو تهليل الملائكة أمام طفل المغارة قائلين: «الـمَجدُ للهِ في العُلى! والسًّلام في الأَرضِ لِلنَّاسِ فإنَّهم أَهْلُ رِضاه!» (لو 2: 14). والسبب في إختيارنا هذا العنوان هو واقعنا المجروح من اللاسًّلام. نعم، تعاني بعض البلاد حاليًا من مواجهة شر الحرب البشعة، وهناك بعض القلوب البشريّة الّتي تحارب لتسعيد سًّلامها، هناك بعض الأُسر الّتي سُرق من أعضائها نعمة السًّلام. لذا بما إننا جميعًا مدعوين لإستعادة هذه النعمة وفي ذات الوقت واثقين بأنّ الله الآب أرسل إبنه ووحيده ليُعيد السًّلام لبشريتنا، سنستعد ليُعيد الرّبّ سًّلامه ونقبل نحن نعمة السًّلام الإلهيّة.



نحن بثقة في إلهنا نستمر في السّير على ضوء كلمته الإلهيّة الّتي يناديّ باليقظة اليّوم لنصراع، بقوة كلمته، ضد تيارات وأشكال الحرب بأنواعها مبتدئين بإستعادة "سًّلام القلب" الّذي سنناله بالإصغاء لكلمته. في هذا الأسبوع تحمل كلمات النبي اشعيا (63: 16- 64: 7) نداء يوقظنا من غفلة قلبيّة. وعلى مثاله نستمر لنسمع كلمات يسوع الّذي يحذرنا بنبرة قويّة بحسب بشارة مار مرقس (13: 33-37)، لنتيقّظ من غفوتنا لئلا ينال منا عدو الخير. نهدف من خلال مقالنا هذا قبول الدعوة الّتي يحملها هذيّن النصييّن فهما يدعونا للإنتباه للظلام الّذي يسود على ليل قلوبنا مما يحرمنا اليقظة الباطنية.

 
قديم 09 - 05 - 2024, 05:13 PM   رقم المشاركة : ( 159898 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,540

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




يقظة الأبناء أمام أبيهم (اش 63: 16- 64: 7)



نتفاجأ عند قراءتنا لنص اشعيا (أش 63: 16 – 64: 7)، أبوة الله تتضح كثيراً في العهد الثاني ولكن أصداها بالعهد الأوّل في هذا المقطع إذ نجد أن كلماته تحمل نداءً صادقًا موجهًا إلى الله الآب لكي يأتي ويستعيد العلاقة بشعبه. نعم تضرع النبي إلى الله بفضل عمله في تاريخ بني إسرائيل، مما جعل النبي، يُذكر الله بعنصر هام مناديًا ومكرراً مراراً إياه "أبونا": «فإِنَّكَ أَنتَ أَبونا إِبْراهيمُ لم يَعرِفْنا وإِسْرائيلُ لم يَعلَمْ بِنا. أَنتَ يا رَبُّ أَبونا مُنذُ الأَزَلِ اسمُكَ فادينا [...] والآنَ يا رَبُّ أَنتَ أَبونا» (اش 63: 16؛ 64: 7).



هذه الكلمات تُذكرنا ليس فقط ببنوة الله ودوره الأبوي نحونا كأبناء بل ببنوتنا أيضًا. فنحن قد ننسى أو نتناسى أنّ الله أبونا وبأنّ أعماله تسبق كل شيء مما يجعل أساس "يقظتنا" لأبوته من جانب ومن الجانب الآخر لأمانته كأب. واعين بإنّ يقظتنا لنّ تكون عبثًا حينما نحيا اليقظة من خلال "أبوة الله" لنا بشكل دائم.



يكرر النبي الكثير من التعبيرات الّتي يرجو بها الله ليرجع إلى شعبه قائلاً: «إِرجِعْ إِلَينا مِن أَجْلِ عَبيدِكَ أَسْباطِ ميراثِكَ. وَقتاً قَليلاً وَرِثَ شَعبُ قُدسِكَ أَعْداؤُنا داسوا مَقدِسَكَ» (63: 17-18). على ضوء هذه الأبوة الإلهيّة الّتي تجعل النبي بصوت الابن اليقظ يطالب الله بعودته إلى ابناءه فهو يعيّ أبوة الله لبني إسرائيل. في العهد الثاني نصغي لصوت يسوع وهو الإبن الواعي واليّقظ لأبوة الله فيأتي لإخوته مُحذرا ومنبهًا باليقظة والتنبه لما يُعاش في الوقت المناسب.
 
قديم 09 - 05 - 2024, 05:13 PM   رقم المشاركة : ( 159899 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,540

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




وقت عودة السيّد (مر 13: 33-37)



تيَّقظوا-إنتبهوا! إنها كلمة يسوع الجوهريّة الّتي يدور حولها حواره مع تلاميذه بحسب مرقس. اليقظة هي الكلمة الّتي سيفتتح مقالنا الأوّل زمن المجيء كإستعداد لتجسد الرّبّ. اليقظة إنها الكلمة الأوّلى والأخيرة الّتي يبدأ ويختم ايضًا يسوع بها هذا المقطع. يأتي نداء يسوع إلى اليقظة كتحذير يتركه يسوع لتلاميذه ولنا اليّوم من خلال البشارة المرقسيّة وهي الّتي ستُمهد لسياق روايّة آلامه الّتي تليّ مباشرة هذا النص وقبل دخوله إلى أورشليم. تصير اليقظة الكلمة الّتي يشجع بها يسوع تلاميذه في الزمن الّذي سيعيشون فيه الأيام الصعبة وهي أيام آلامه (راج مر 14: 34، 37، 38)، وأيضًا في فترة غياب العريس أي ّمُنذ عيد الفصح وحتى عودته ثانية في مجده.



إن نصيّ مقالنا لهذا الأسبوع الأوّل من زمن المجيء يساعدنا على فهم كلمة أساسية للحياة المسيحية، والّتي ربما نسيناها جزئيًا، على الرغم من أنها غالبًا ما تكون على شفاهنا. بمتابعتنا للنص المرقس نجد الرّبّ الّذي سيعود بحسب إنجيل مرقس هو السيد الّذي غادر في رحلة طويلة وصارت عودته مجهولة لعبيده الّذين يجب عليهم في هذه الأثناء الإعتناء ببيته. أثناء غيابه، عهدّ السيد إلى خدمه بمسؤوليات مختلفة، لقد أوّكلّ مهمة ما إلى كلّ من خدمه.كل شخص لديه مهمة في منزل سيده ولا يمكن لأحد أن يحل محل آخر في القيام بالمسؤولية التي أوكلها إليه سيده. وأيضًا لا أحد يستطيع التنبؤ بمجيء السيّد أو ميعاد عودته. فكلّ خادم علي باليقظة لإتمام مهامه لأن وقت السيّد غير محدد، وليس من حق أحد أنّ يعرفه. يجب على كل خادم أنّ يقوم بواجبه بغض النظر عن معرفة موعد عودة سيدهم. في الواقع، يمكن للسيّد أنّ يصل «أَفي المَساء أَم في مُنتَصَفِ اللَّيل أَم عِندَ صِياحِ الدَّيك أَم في الصَّباح» (مر 13: 35). هذه هي المراجع الزمنيّة الّذي يقدمها لنا السياق المرقسيّ. للوهلة الأوّلى، قد يبدو أن هذه الإشارات الزمنية تشير ببساطة إلى وقت غير محدد أيّ مجهول. قد لا تؤدي هذه الكلمات إلّا إلى التأكيد على أنه لا أحد يعرف متى سيعود السيّد. ومع ذلك، إذا قرأنا بعناية نجد أنّ "ساعات" الليل هذه ليست عرضية. والحقيقة أننا نجدهما متطابقين في روايّة آلام الابن الّذي سنحيا سرّ تجسده بعد أيام ليست بكثيرة. كان بإمكان المعلم أنّ يأتي في المساء عندما أسلمه يهوذا، أحد تلاميذه، مقابل المال، إلى أيدي أعدائه، أولئك الّذين حاولوا إعتقاله (راج مر 14: 17). كما يمكن للسيّد أن يعود في منتصف الليل أي في قلب الظلام فهو ذات الوقت الّذي تمّ فيه محاكمة يسوع (مر 14: 60-62) من قبل السنهدريم، أمام رئيس الكهنة. كما كان بإمكان رّبّ البيت أنّ يعود عند صياح الديك وهو وقت إنكار بطرس له ثلاث مرات فهو بمثابة الصديق الّذي وثّق به (مز 40: 10) وفوجيء بأنكاره له أمام الناس (راج مت 10: 33)! أخيرًا، يستطيع رّبّ البيت العودة في الصباح، عندما أسلمه رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة والسنهدريم كله إلى يديّ بيلاطس (راج مر 15: 1)، وبهذا تم تسليمه إلى محكمة وثنية. سواء الليل أم المساء، الصباح أو عند صياح الديك، هو زمن قد يكون له معنى باطني، أو كنسي أو سياسي بشكل يعم العالم من خلال الحرب الّتي تسرق السًّلام. فنحن مدعوين لليقظة من زمن الحرب والفراغ الباطني والتفكك الأسريّ والخروج من دائرة الأنانيّة وقبول السَّام الباطني الّذي يجعلنا نستفيق ليعم السًّلام في محيطنا.

 
قديم 09 - 05 - 2024, 05:14 PM   رقم المشاركة : ( 159900 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,540

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




اليقظة (مر 13: 33- 37)



ندرك من خلال كلمات يسوع إن هذه الإشارات الزمنية، الصباح، المساء، منتصف الليل، عند صياح الديك الّتي يسردها مرقس ليست سوى أوقات ترمز إلى مراحل آلام يسوع، لكن آلامه ليست فقط تلك التاريخيّة الّتي عاشها الرّبّ بل عاشها تلاميذه أيضًا ولازلنا نعيشها. فهي أوقات آلامه المستمرة عبر تاريخنا البشري حتى يّومنا. وهكذا، أصبحت كلمة يسوع الأخيرة "تيقظوا" أو "تنتبهوا" قادرة على تفسير كل لحظة من حاضرنا كتلاميذه، في عصرنا وفي كل العصور، وما علينا سوى أنّ نخاطر بعيش السًّلام "في المساء أو في منتصف الليل أو عند صياح الديك أو في الصباح".



قرار اليقظة ليس موقف غير مُـتجسد لـمَن ينتظر مَن يعرف إنّه سيأتي في نهاية الوقت، بل موقف الشخص الّذي يعرف كيف يميّز مجيئه، وحضوره في الآلام التي تستمر في تاريخ البشريّة، لذا كررّ يسوع ندائه: «فَاحذَروا واسهَروا، لِأَنَّكم لا تَعلَمونَ متى يَكونُ الوَقْت» (مر 13: 33). لفظ اسهروا هو السلوك الّذي يميّز حضور الرّبّ في وقت الألم الّذي يستمر في تاريخ البشريّة. السهر أو اليقظة كليهما كلمة تُرافق كل خطوة من حياتنا كتلاميذ قررنا أنّ نسير خلف معلمنا في الأوقات الصعبة. مدعوين بالتحلي باليقظة خاصة في وقت غياب العريس فيصير وقت اللقاء والمثابرة: «فَاسهَروا إِذاً، لأَنَّكُم لا تَعلَمونَ متى يأتي رَبُّ البَيت: لِئَلاَّ يَأتيَ بَغتَةً فَيجِدَكُم نائمين. وما أَقولُه لَكم أَقولُه لِلنَّاسِ أَجمَعين: اِسهَروا» (مر 33: 35- 36).

 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:19 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024