منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16 - 04 - 2024, 02:26 PM   رقم المشاركة : ( 157811 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



الله وإسرائيل: تاريخ لا يتوقّف
1- 17: 1- 24
إنّ ف 17 يقع بين نبوءتين أخريين، تبدآن بعبارة متداولة عند حزقيال: "وكان إليَّ كلام الرب قائلاً" (17: 1؛ 16: 1؛ 18: 1). ينتج عن ذلك أن ف 17 هو وحدة مستقلَّة.

2- الإطار
يتعلّق ف 17 بالحقبة الأولى من مهمّة حزقيال، والواقعة بين 3: 22 و24: 27، أي قبل سقوط أورشليم. هذا القسم يجمع النبوءات التي تُنذر بالعقاب. ضمن هذا الإطار، يواجه إسرائيل تجارب قاسية، المنفى، والتهديدات بدمار أورشليم الذي تلاه السبيُ مرَّة ثانية. أما بالنسبة للنبيّ، فهناك أمران يجب أن يفهمهما المنفيّون في بابل، واليهود الباقون في يهوذا، وهما عدم إمكانيّة العودة بسرعة إلى البلاد، والسبب في العذاب الذي يحلّ بإسرائيل. يتوجّه حزقيال إلى المنفيّين مكذِّباً إدعاءاتهم (12: 1- 20)، قبل أن يستعيد تاريخ شعبه ليُظهر مسؤولية هذا الشعب في العذاب الذي يقاسيه. يشبّه ف 15 إسرائيل بالخشب اليابس الذي سيرُمى في النار، وف 18 يندّد بملوك إسرائيل، ومنهم يوآحاز الذي سُبي إلى مصر، ويوياكين المنفيّ إلى بابل (آ 4، 9). وبالمقابل، يتحدّث ف 16 عن الله الذي يعطي الحياة لأورشليم، ويتخذها زوجة. ولكن عطايا يهوه حُوِّلت لصالح آلهة أخرى. لذلك كان العقاب ضرورياً (آ 36- 43). يستعيد ف 23 الموضوع ذاته، ولكن من زاوية أخرى: إنّ التحالفات السياسيّة مع الأمم المجاورة دفعت أورشليم إلى البغاء. ونجد الأمر ذاته في ف 20، 21، 22. لذلك، فإنّ ف 17 يسجَّل في إطار يجرح النبيّ فيه تاريخ شعبه على ضوء كلمة الله. فصدقيا الذي أبرم معاهدة مع الفرعون ونقض أخرى مع ملك بابل، بدا خائناً، وكذلك الشعب تجاه الله.

3- البنية الأدبية
إن ابتداء الفصل مع آ 1- 2، يدلّ على النوع الأدبي في هذه الفقرة: "لغز ومَثَل". هناك تعبيران يُركّزان على دور كلام الله، ويحدّدان بنية الفقرة: "وكان إلي كلام الربّ قائلاً": يؤدي إلى اللغز (آ 1) وإلى تفسيره (آ 11). ويتردّد في النص تناسق وتناغم، من خلال التكرار الوارد في آ 3، 9، 19، 22، إذ تتكرَّر العبارة: "هكذا قال السيد الربّ". فيمكننا وصف بنية حز 17: 1- 24 كما يلي:
(أ) – آ 1
(ب) آ 3 – اللغز (آ 1- 10).
آ 9
(أ أ) – آ 11
(ب ب) آ 19 - تفسير اللغز (آ 11- 24)
آ 22
إن آ 24 التي تؤكّد ملء اكتمال كلمة يهوه تلخِّص المجموعة. والمجموعة من آ 11 إلى 24 معقَّدة التركيب. والآيات من 19 إلى 24 تستعيد لغة الآيات 12- 18، مركَّزة على اكتمال إرادة يهوه. بالواقع، إن الآيات 19- 21 تتوافق مع آ 12- 18، وتتحدّث مباشرة عن الموضوع ذاته، أي معاقبة ملك إسرائيل لأنه احتقر القَسَم وأخلَّ بمعاهدته مع ملك بابل ومع يهوه (آ 13، 15- 20). إنّ آ 22- 24، نظراً لمضمونها اللغوي، تتوافق مع آ 1- 10: الأرز، أغرسه، أغصان، قمر، ينبت، إلخ... وتتحدَّث الفقرتان عن تدخّل يهوه لصالح إسرائيل. لذلك فإن المقاطع 1- 10؛ 11- 18؛ 19- 24 هي متوازية فيما بينها بحسب البنية التالية:
(1) مقدّمة (2) الميثاق المنقوض (3) العقوبة (4) تدخل يهوه
الاستفهام بخصوصه لصالح إسرائيل
آ 1- 2 آ 3- 8+ 9- 10 أ آ 10 ب ؟
آ 11- 12 12 ب- 15 أ+ 15 ب آ 16- 17+ 18 ؟
آ 19 19 ب+ ؛ آ 20- 21 22، 24

4- المعنى واللاهوت
إنّ 17: 1- 10 هو لغز ومَثَل. إنه نوع حكمي توراتي موجّه إلى بيت إسرائيل (آ 2). وهذا النوع الأدبي يرمي إلى لفت انتباه السامع ليتّخذ موقفاً مناسباً.
إن المقارنة بين 17: 1- 10 و17: 11- 18 تلقي الضوء على قصد النبيّ. فالنسر العظيم (آ 3 أ) ليس. سوى ملك بابل (آ 12 ب). والأرز (آ 3 ب) يرمز إلى الملك المسبيّ إلى بابل مع أمراء البلاد (آ 12 جـ)؛ والكرمة المغروسة في مكانه (آ 5، 6) تعني "الزرع الملكي" الذي أقام ملك بابل معاهدة معه "وأدخله في قسَم" (آ 13- 14). والنسر الآخر العظيم (آ 7) الذي تمكّن من استمالة الكرمة إليه، يلعب دور الفرعون الذي أرسل إليه الأمير رسلاً ليتآمر ضد بابل. ولكن فسْخ المعاهدة مع نبوخذنصّر لعقد معاهدة أخرى مع مصر، لن يخلِّص صدقيا وشعبه من الاحتلال البابلي: "إنها تيبس في الأرض..." (آ 10 ب)، "وبعد أن فعل كل ذلك لا يفلت" (آ 18 ب)، "ولا يعينه الفرعون في الحرب" (آ 17). يندّد النبي هنا بتاريخ إسرائيل، وبخطيئة ملكها صدقيا. كانت نتيجة السبي الأول نفي الملك يوياكين وكبار البلاد إلى بابل؛ وسيحصل السبي الثاني قريباً (آ 18- 21)، ويكون أكثر جذريّة. والآيات 19- 21 تعلن تدخّل يهوه ليعاقب الملك ويرمي بنفسه الشباك لإرسال الملك إلى بابل، وإنقاذ مختاريه الناجين. بالفعل، إنّ المحن التي يقاسيها إسرائيل، هي، بحسب حزقيال، من فعل يهوه الذي يبقى سيّد الموقف (آ 19- 21 أ). الله يعاقب، ولكنه لا يبيد؛ وعقابه يهدف إلى أن يعرف الشعب أنه إله العهد. إنّ عدم أمانة صدقيا تجاه المعاهدة المعقودة مع ملك بابل، وردَّة فعل يهوه ضد هذا الانقطاع في العلاقة، أفكار موجودة في وسط المقطوعة: يهوه وحده هو المنقذ، وليست أيَّة معاهدة مع مصر. "إن كره مصر كان تقليداً يحفظه الأنبياء بغيرة (أش 11). وإذا كان حزقيال يشارك بهذا الكره، فإنّه يعطيه مبرّرات جديدة في المقطوعة النثرية التي تعبِّر عن الكلام النبوي الثاني" (آ 16- 17). إنّ آ 22- 24 تنفتح على المستقبل. فبعد إنزال العقاب والاعتراف بيهوه مجدَّداً، (آ 20- 21) لا ينفصم العهد بصورة نهائيّة، لأن الرب سيتدخّل بشكل معاكس لتدخّل النسر العظيم (آ 3- 6... 12- 14). وتؤخذ "غرسة غضَّة" (آ 22) من رأس الأرز العالي لتُغرس في جبل إسرائيل العالي، فتنبت وتنمو بحسب مشيئة يهوه. في الواقع، إن كلمة "غرسة غضّة" أو "غصن غضّ" في 1 أخ 22: 5 منسوبة إلى سليمان بن داود: "إنَّ سليمان ابني صغير وغضّ": ينتج مما تقدّم إن "الغرسة الغضة" ترمز إلى عودة سلالة داود. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه "الغرسة الغضَّة" تصبح أرزه عظيمة "يسكن تحتها كل طائر" (أخ 23). يستعيد دا 4: 7- 14، 19 المثل ذاته، مستخدماً التعابير نفسها، "الشجرة"، "الثمار"، "الظل"، "الأغصان"، "الطيور"، إلخ...
نضيف إلى ما سبق، نهاية المثل التي تتضمّن الصورة ذاتها: "فيعطيه من يشاء وينصب عليه أدنى الناس" (دا 4: 18 ب)، "أنا الرب، وضعت الشجرة الرفيعة، ورفعت..." (17: 24). في دا 4: 19 ترمز الشجرة إلى الملك نبوخذنصّر في أوج مجده. والتقليد ذاته في مت 13: 34- 35 ومر 4: 33- 34 يطبق المثل على المسيح "يسوع". بهذه الصورة يعلن يسوع بداية الحقبة المسيحانيّة، باكورة الخلاص.
إنّ لمعاقبة الشعب، بالنسبة للنبي، هدفاً: وهو الارتداد إلى معرفة يهوه (17: 21 ب). وبالتالي، فإن الزمن المسيحاني يأتي مع تجدُّد قيام سلالة داود: إن داود، الذي صار الملك المثالّي، هو النموذج الوحيد الذي على غراره سيدير المسيح المنتظر المملكة. وهذه المملكة "مدعوَّة، في المنظور النبوي، لتصبح هي أيضاً، نموذجاً دينياً. ان طاعة الملك لأوامر يهوه هي واجب رسّخه الأنبياء جميعهم. فمن الطبيعيّ جداً إظهار الملك النموذجي بصورة تلميذ مستعد دائماً لاستقبال كلام معلمه يهوه، بطواعيّة مثاليّة (17: 23؛ إِر 23: 3- 6؛ أش 9: 5- 6)".
إنّ آ 24 التي تتبع وصف الزمن المسيحاني الذي يرجوه النبي، هي مبنيّة بشكل تصالب، وتؤكد مجدّداً حضور يهوه الفاعل. والضمير "أنا" يتكرّر مرتين في مطلع الآية وفي نهايتها. وفي وسط الآية، أربعة أفعال في صيغة المعلوم، منسوبة مباشرة إلى يهوه، تؤكّد مقدرته على تنفيذ ما يريد وعندما يريد؛ كل شيء متعلّق به. والتعبير "فتعلم جميع أشجار الحقل أني أنا الرب"، يُظهر تماماً أن الزمن المسيحاني المشار إليه هنا سيتحقّق على الأرض دون إلغاء الممالك الأخرى. والفعل "فيعلم" الذي يدل على المستقبل، يعني أن الاعتراف بيهوه سيكون كونياً شاملاً. والعبارة "أنا الرب تكلّمت وفعلت" تقرن القول بالفعل، وتدعو الشعب إلى الوثوق بإله قادر على تنفيذ وعوده. قبل أن نختم كلامنا، من المناسب الإشارة إلى التوافق مع آ 14، من خلال الفعل "علم": "سيعلم المصريون أنني يهوه" (آ 4، 18). وبالتالي، لن تعلم الأمم الأخرى من هو يهوه إِلاّ بعد تحرير إسرائيل. وهذه هي العودة من المنفى. والرسم البياني اللاهوتي الذي يلي، سيجمع بعض محاور قراءَتنا:

أ- حدث تاريخي ب- قراءة التاريخ على ضوء ج- تدخّل يهوه يجعل
كلمة الله التاريخ غير مغلق
1- السبي/ التأسيس 1- إبرام معاهدة 1- القصاص= السبي
بواسطة ملك أجنبي مع ملك بابل. للمرة الثانية.
وليس بواسطة يهوه.

2- التآمر ضدّ الملك الأجنبي 2- نقض المعاهدة معه 2- معرفة يهوه من جديد
مع ملك آخر دون اللجوء ومع يهوه لإبرام معاهدة = الارتداد
إلى ظلّ جناحي يهوه. أخرى مع الفرعون

3- الخطيئة المقترَفة. 3- الإنتظار المسيحاني=
ستقوم مملكة إسرائيل
من جديد.

4- ملك جديد من سُلالة
داود، سيملك بحسب
مشيئة يهوه، سيد
كلّ شيء.
 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:27 PM   رقم المشاركة : ( 157812 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




تاريخ مختصر للدراسة المتعلّقة بحزقيال

يتّفق معظم شارحي البيبليا على الاعتراف بأن سفر حزقيال تعرّض لتعديلات عديدة على يد مدوِّنيه. ولكن الصعوبة الكبرى هي في التمييز بين ما هو من وضع النبيّ أصلاً، وما هو من وضع المدوِّنين.
في سنة 1924، اعتبر هولشر أنّ الفصول الشعريّة هي الوحيدة التي تصحُّ نسبتها إلى النبي. ونفى هرمان، بحسب معايير لاهوتيّة أكثر ممّا هي أدبيّة، انتماء نبوءات الرجاء إلى حزقيال، حتى وان سلّم بصحة وصدقيّة 14: 1- 14. أما هرنتريش، فافترض أنّ السفر وجد فعلاً، على يدّ نبيّ فِلسطينيّ، وقد أعاد النظر فيه ورتبه مدوّن في بابل، وهو الكتاب كما وصل إِلينا بصيغته الأخيرة. ويستعيد برتوله الافتراض السابق مع بعض التعديل، إذ يؤكّد أن حزقيال قام بمهمة مزدوجة: في فلسطين، وهي الفترة الموافقة للقسم الأول من السفر، وفي بابل حيث منشأ القسم الثاني. والقسمان أُعيد ترتيبهما على يد مدوِّن بابلي. تناول عدد كبير من شارحي البيبليا هذه النظرية، ومنهم اوفري، روبنسون، وستاينمن. الخ... ولكن فوهرر، وتسيمارلي استبعدا الافتراض السابق، ولم يقبلا إلاّ بمهمة واحدة لحزقيال، وهي في بابل. وتُظهر دراساتهما المتقدّمة أنّ النبي هو حلقة من التقليد، ومع ذلك فهو يحتفظ بميزته الخاصة. استعيدت أقواله النبوية ورؤاه، في مدرسة مكوّنة من تلاميذه، وتوسّعت وتطوَّرت، لتصبح ملائمة للوضع الجديد. لذلك، فإنّ تسيمارلي وفوهرر لم يحتفظا إلا بـ 764 إلى 886 آية أصيلة، من مجموع الآيات البالغ 1273 آية في سفر حزقيال.
إنّ هذا التذكير الموجز يبيِّن صعوبات البحث. ونعوِّل أساساً على افتراضات تسيمارلي، التي استعادها الكتاب الحديث للكاتب اسورماندي. ولن نهمل كذلك الوضع الحالي للنص.
إن اهتمامنا، كما يدل عنوان هذا الكتاب، سيشمل الأقوال النبوية وعلامات الخلاص الموجودة في لاهوت حزقيال. لذلك نتبع التصميم التالي: نظرة حول المسيحانيّة (الفصل الثاني)، تتبعها قراءة للقلب الجديد والروح الجديد (الفصل الثالث)، تجد اكتمالها في عودة مجد الله والهيكل الذي ترمّم (الفصل الرابع). أما الفصل الأخير، فهو أكثر توليفاً، إذ يستعيد المبادىء- المفاتيح في: "العهد، الروح، ومعرفة الله". ولن يبقى لنا سوى استخلاص استنتاج موجز لبحثنا هذا.

 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:29 PM   رقم المشاركة : ( 157813 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





الأنواع الأدبية في كتابة حزقيال النبي

إنّ سفر حزقيال غنيّ بأنواعه الأدبية المتعدّدة، التقليديّة والتجديديّة في آنٍ معاً. إنّ التصميم الذي قدّمناه فيما سبق يبرز أربعة أنواع: الرؤيا، العمل الرمزيّ، الخطب ذات الإستعارات، والعرض المتّصل بالتاريخ. وبما أنّ القسم الثاني من السفر الذي نهتمّ بدرسه يحتوي بالأخص رؤى وأعمالاً رمزية، فإننا سنركِّز على هذين النموذجين الأخيرين.

1- النوع "الرؤيوي"
بالدرجة الأولى، تبدأ الرؤيا بتدخّل إلهيّ، من خلال يد الرب، أو روحه بالذات (8: 1 ب؛ 37: 1). ويُنتَزَع النبي من عالمه المعتاد، وينقله الروح ويضعه في مكان يستطيع أن يرى منه (8: 2؛ 37- 2)، ويسمع (8: 5؛ 37: 4).
ويمكن أن يتوجّه نظره إلى الخطايا التي اقترفها الشعب (8: 2 ي)، كما إلى الظواهر المرعبة الناتجة عن تلك الخطايا (العظام اليابسة= زوال الشعب) (37: 1 ي). ويحدّثه الله بما يرى.
في 8: 1 ي يُطلق يهوه حكماً ضد شعبه، أما في 37: 1 ي، فالرب يعد حزقيال بإنهاض بيت إسرائيل من جديد. ومن جهة ثانية فإنّ النبي يرى فعاليّة كلمة الله التي تتحقّق أمامه. مثل تدمير المدينة (9: 1 ي)، أو قيامة الشعب (37: 7 ي). وأخيراً، إنّ التصرّف الإلهيّ (مجد يهوه يهجر الهيكل والمدينة) (10: 19؛ 11: 23) أو كلمة الرب (37: 12 ي)، يعيدان تحديد صلة يهوه بشعبه.
وفي الرؤيا التي تبشّر بالخلاص، يمكننا الإشارة إلى بعض علامات هذا الخلاص: الصليب (السِمة) على الجبهة (9: 6) وتوسّط النبي لصالح شعبه (9: 8). هذه الرؤى هي ذات أهداف مختلفة. في الأولى (8: 1 ي)، يحثّ النبيّ الشعب على الارتداد، وفي الثانية (37: 1 ي) يريد أن يستحثّ رجاء شعبه وسط المحن.
هذا النوع من الكتابة ليس خاصاً بحزقيال وحده. ولكننا لا نستطيع إنكار الخصوصية التي أضافها النبيّ عليه، والتي ستنمو في القسم الرؤيويّ (راجع سفر دانيال أو زك 9- 14).

2- النوع "الرمزي"
إنّ الطريقة التي بها يعبرّ النبي عن فكرته لا تقتصر على الكلام أو الرؤيا. هناك أيضاً الحركة الرمزيّة. يمكن أن يكون هذا العمل إشارة تمثّل، بالمقارنة، رسالة النبيّ. إنّ العمل الرمزيّ يشغل الشخص بكامله، فهو علنيّ عام، ويراه كل الشعب.
يحتوي هذا النوع من القصص، عادةً، ثلاثة:
1- الأمر بالتنفيذ من الله. 2- وصف العمل. 3- الكلام الذي يشرح معنى العمل. ومن بين القصص الكاملة، يمكن أن نقرأ قصة سهام الملك يوأش (2 مل 13: 14- 19)؛ وزواج هوشع (هو 1: 2- 9؛ 3: 1- 5)؛ والمنطقة (الزنار) المطمورة في نهر الفرات (إر 13: 1- 11)؛ وأهبة الجلاء (12: 1- 16)؛ وعدم حداد حزقيال عند موت زوجته (24: 15- 24). وأحياناً لا تحتوي القصة سوى العنصرين الأول والثالث (أش 8: 1- 4؛ إِر 16: 2- 9؛ حز 5: 1- 17؛ 12: 17- 20؛ 24: 1- 14؛ 37: 15- 28). هناك قصص نادرة كما في إِر 28: 10- 11 لا تتضمّن سوى العنصرين الثاني والثالث.
كل قصّة رمزيّة تحتوي شيئاً يُستخدَم للعمل الرمزي. كمثل قطعتَي الخشب في 37: 16. وحفر اسم يوسف وأفرائيم عليهما وجمعهما أمام الشعب، أمر يرمز إلى وحدة الشعب التي ستعاش مجدّداً على أرض إسرائيل بعد العودة من المنفى. إنّ "وجه الشبه" هو العنصر الأساسيّ في العمل الرمزيّ. ولكن الكلام التفسيريّ والأمر الآتي من الله، هما أيضاً من ميزات الحركة الرمزيّة، والتي تجعلها مختلفة عن العمل السحري.

 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:30 PM   رقم المشاركة : ( 157814 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





كتاب حزقيال

إن بنية الكتاب ذات صلة بالأحداث التاريخيّة. نلاحظ أن مهمِّة النبي، ترِد في الكتاب عبر قسمين: الأول يتمحور حول الدينونة، قبل أحداث سنة 587، والثاني حول خلاص الشعب المتجدّد.

1- مقدّمة: قصة دعوة النبي: 1: 1- 3: 21
تاريخ كلام من رؤيا أعمال خطب ذات عرض متصل
قبل يهوه رمزية استعارات بالتاريخ
1: 1 1: 3 آ 1: 1
"في السنة
الثلاثين، في
الشهر الرابع،
وهي السنة الخامسة
من سبي يوياكين إلى
الملك= 593
3: 16
"..عند تمام
أيام..." 3: 16 3: 15
2- قبل سقوط أورشليم، الإنذار بالدينونة: 3: 22- 24: 27
تاريخ كلام من رؤيا أعمال خطب ذات عرض متصل
قبل يهوه رمزية استعارات بالتاريخ
4: 1- 3
4- 8
9- 17
5: 1- 17
6: 1
7: 1
8: 1
"في السنة
السادسة
من الشهر 2/ 8: 1- 11،
السادس 13، 22- 25
في الخامس
من هذا الشهر
...= 592
11: 14
12: 1 12: 1- 16
12: 8 12: 17- 20
12: 17
12: 21
12: 26
13: 1
14: 2
14: 52
15: 1- 8
16: 1 16: 1- 63 16: 1- 63
17: 1 17: 1- 24
17: 11
18: 1
20: 1 "في السنة 19
السابعة من الشهر
الخامس في العاشر 20: 2 20: 1- 44
من الشهر"= 591
21: 1 21: 1 ي
21: 6
21: 13
21: 23 21: 23- 29
22: 1
22: 17
22: 23
23: 1 23: 1- 49 23: 1- 49
24: 1 15
24: 1 "في السنة
التاسعة من الشهر
العاشر..."
= 589
24: 15
3- أقوال نبوية ضد الأمم: 25- 32
تاريخ كلام من رؤيا أعمال خطب ذات عرض متصل
قبل يهوه رمزية استعارات بالتاريخ
25: 1
26: 1 "السنة 26: 1
الحادية عشرة في
أول الشهر= 587 27: 1 27
28: 1
28: 11
28: 20
29: 1 "السنة 29- 17
العاشرة، في الثاني
عشر من الشهر
العاشر"= 588 29: 17
29: 17 "في السنة 30: 1
السابعة والعشرين، في
اليوم الأول من الشهر
الأوّل= 571.
30: 20 "السنة 30: 20
الحادية عشرة، في
السابع من الشهر
الأول"= 587
31: 1 "السنة 31: 1 31: 1- 18
الحادية عشرة، في
الأول من الشهر
الثالث"
32: 1 "السنة 32: 1
الثانية عشرة، الأول
من الشهر الثاني
عشر"= 586
32: 17 "السنة 32: 17
الثانية عشرة، الخامس
عشر من الشهر

4- بعد سقوط أورشليم، خلاص الشعب وإعادة بنائه
تاريخ كلام من رؤيا أعمال خطب ذات عرض متصل
قبل يهوه رمزية استعارات بالتاريخ
33- 37
33- 21 "السنة 33: 1
الثانية عشرة من
سبينا، في الخامس
من الشهر العاشر
= 586
23: 23
34: 1
35: 1
36: 16 3/
37:
37: 15 1: 14 37: 15- 28

5- معارك حاسمة ضد أعداء شعب يهوه: 38: 39
38: 1

6- هيكل جديد، أرض جديدة: 40- 48
40: 1 "في السنة 4/ 40
الخامسة والعشرين من
سبينا، في رأس السنة
في العاشر من الشهر إلى
في السنة الرابعة
عشرة، بعدما
ضربت المدينة"
= 573 48


 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:32 PM   رقم المشاركة : ( 157815 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




نبوءة حزقيال بعد سقوط أورشليم

تندِّد نبوءة حزقيال بالوهم الخادغ حتى لحظة وصول أحد الناجين من أورشليم (33: 22). يحصل هنا تبدّل في النبوءات، وينتهي القسمُ الأول من مهمّة حزقيال. بعد إزالة هذه الأوهام يمكن البدء بإعلان الخلاص، وتَقْوية الرجاء لدى الشعب. وينفتح فم النبي. ويتحرّر لسانه، فلم يعد أبكَمَ (33: 22). "يرتدي هذا الأمر معنى عميقاً: في 12: 21- 25 و12: 26- 28 لم يُرد الشعب أن يُصدّق قرب حدوث الدينونة التي يعلن النبي عنها؛ أما وقد تأكد الإعلان بوقوع الحدث، فيستطيع النبي أن يفتح فمه من جديد، بثقة تامة". إنّ البلاد (33: 23- 29) قد اجتيحت، ولم تعد أورشليم مدينة. فهي قد دُمّرت. فأطلق حزقيال موعظة ضد الباقين في المدينة. ثم كانت نبوءة ضد رعاة إسرائيل. وهي تتألف من استعادة للتاريخ واعلان عن المستقبل فيما يتعلق بتنظيم البلاد والعودة إلى أرض الآباء والأجداد شرط إحياء العهد مع الله (ف 34). ثم يأتي كلام الرب على لسان النبيّ، ضد جبال آدوم وجبل إسرائيل (35: 1- 36، 15). إن حزقيال، بحسب أ. جالين، يطلق غالبية مواعظه، في هذه الفترة، ضد الأمم: الشعوب المجاورة (25: 35)؛ صور (26- 28)؛ مصر (ف 32). منذ الآن، يستطيع إسرائيل، وقد أصبح أُمة مستقلّة وحرّة من أي تأثير خارجي، أن يعيش بأمان، لأن الله سيكون راعيه الوحيد (ف 34). ويستعيد الشعب الحياة على أرضه بفضل روح يهوه (37: 1- 14). وتتجدّد الأرض (ف 36)، ويتوحّد الشعب من جديد، ويجتمع تحت سلطة داود جديد (37: 15- 28). إنّ ما أضيف فيما بعد إلى نبوءات حزقيال، يعود إلى هذه الحقبة (11: 14- 21؛ 16: 44- 53؛ 17: 22- 24؛ 20: 32- 44؛ 22: 23- 31 الخ...).
يبقى أن نشير إلى مجموع الفصول 40- 48، والتي تصف عودة مجد يهوه إلى هيكل أورشليم. كل شيء منظَّم- إعادة بناء الهيكل، إستيطان فلسطين من جديد، إعادة تنظيم العبادة، إلخ...- بما يتوافق مع قداسة يهوه.

 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:34 PM   رقم المشاركة : ( 157816 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




تأثير الأحداث على نبوءة حزقيال قبل سقوط أورشليم

إن الأحداث الأليمة التي قاساها حزقيال وشعبه لم تكن دون تأثير على نبوءته. فمواضيع كتابه تظهر قسمين واضحين. الأول قبل سقوط أورشليم بين السنة 597 و587 ق. م، والثاني بعد هذا التاريخ. خلال السنوات 597- 587، ظهر تحالف ضد بابل بين الفرعون والملك صدقيا. خلق هذا الأمر بعض الأمل عند المنفيّين وفي أورشليم، وحلم المنفيّون بتحسّن سريع في الوضع. وكان حزقيال الموجود بينهم، يحاول عبثاً تخليصهم من هذا الوهم. فبدأ يُنذر بدمار أورشليم كدينونة من عند الله، بسبب خطايا إسرائيل. ويبدو هذا التهديد واضحاً في الكثير من الأعمال الرمزيّة، كما في 4: 1- 8 (المدينة المرسومة على لبنة محاصرة)؛ 4: 9- 17 (الوعاء المملوء بالقمح والشعير و...)؛ 5: 1 ي (السكين الحاد).
إن قسماً هاماً من الكتاب مخصّص أيضاً للتنديد بخطايا أورشليم، وهذه الخطايا هي سبب دمارها (8: 11). نقرأ هذه الرؤيا التي تشير إلى أن القصاص لا ينجو منه إلا الرجال الذين مجملون سِمة تو (الحرف الأول من التوراة باللغة العبرية). ونجد في هذه الرؤيا أسس لاهوت يحدّد المسؤوليّة التي سبق أن أُعلنت في 3: 16- 21، وفُسّرت في 14: 12- 23؛ 18؛ 23: 10- 20.
إنّ خطيئة إسرائيل ليست بنت اليوم، واللجوء إلى التاريخ يسمح للنبي بإطلاق تنديداته، ودعوة الشعب إلى الارتداد والتوبة (20: 1- 31). إنّ التاريخ الملخّص يأخذ أحياناً شكلاً رمزياً (16: 1- 43؛ 23)؛ أو شكل مَثَل ولُغز (صدقيا هو "كأس العهد" مع ملك بابل نحو السنة 589) (ف 17). يندّد حزقيال وهنا بسياسة صدقيا، ويدل بحدثين رمزيين على بداية الحصار (24: 1- 24). وقبل سقوط المدينة بوقت قصير، يصاب حزقيال بالبكم، ويحمل، بشكل رمزي، خطيئة شعبه (3: 22- 24، 26؛ 4: 4- 6، 8؛ 24 ف 25- 27).



 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:35 PM   رقم المشاركة : ( 157817 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



حزقيال كاهن صار نبياً

وُلد حزقيال في عائلة كهنوتيّة (1: 3). وربما كان والده بوزي كاهناً صدوقياً، الأمر الذي يجعل من حزقيال عضواً في الأرستقراطيّة الدينيّة. وهذا ما يفسر تمكّنه من معرفة اثنين من رؤساء الشعب (11: 1). ومعنى اسم حزقيال: "من جعله الله قاسياً" أو "قوياً". إن انتماءَه إلى الوسط الكهنوتيّ يفسّر معرفته العميقة بالشريعة وبالاماكن المقدّسة؛ وكذلك ميله إلى وضع القوانين والشرائع (حز 18). ناشرو أعماله وشارحوه ينتمون كذلك إلى الأوساط الكهنوتيّة في المنفى. إن حزقيال الذي نمُي إلى بابل منذ سنة 597، سكن تل أبيب، على ضفاف نهر خابور (1: 1) ومع أنه كان منفياً، فقد تمتّع بوضع قانوني يعطيه بعض الحرّية. ولكن، رغم الأوصاف الدقيقة جداً للأحداث، كما يعطيها حزقيال، فلا شيء يُثبت أنه زار أورشليم في زمن المحنة. إن العنصر المفتاح في حياته، هو الرؤيا المؤرّخة في سنة 593، على ضفة نهر خابور (1: 1). لقد أصبح الكاهن نبياً، والكهنوت والنبوءة يتّفقان عنده دون تناقض.

 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:38 PM   رقم المشاركة : ( 157818 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



حزقيال والإطار التاريخي



قبل القيام بأية دراسة لحزقيال، لا بدّ من التذكير بالإطار التاريخي الذي يطبع نهاية مملكة يهوذا بطابعه.
في السنة 612، وقعت نينوى، عاصمة الامبراطوريّة الأشوريّة، في أيدي البابليّين والفرس- المادايّين. وبعد ثلاث سنوات انهارت دولة أشور بكاملها أمام هجمات هذين الحليفين. لقد خلقت نهايةُ هذه الامبراطورية فراغاً سياسياً في المنطقة، وانزعجت مصر من توسع القدرة البابليّة، فقرّرت التحرك. ففي السنة 609، مات يوشيا، ملك يهوذا، في معركة مجدوّ، بينما كان يواجه المصريّين الذين أتوا لمساعدة الأشوريّين (2 مل 23: 29 ي). مُسح يوآحاز بن يوشيَّا ملكاً، ولكن ما لبث أن خلعه الفرعون نكو الثاني وأخذه معه إلى مصر، ومات هناك (2 مل 23: 34؛ إر 22: 10- 12). وتجّنّباً للثورة ضد سياسته، أقام الفرعونُ يوياقيم ملكاً مكان يوآحاز، والملك الجديد هو ابن يوشيَّا البكر، وصارت يهوذا مقاطعة تدفع الجزية لمصر (2 مل 23: 33- 35).
في السنة 605، انتصر نبوخذنصر، ملك بابل، على المصريّين في كركميش، وخلف والده نبوفلصَّر الذي مات في السنة ذاتها. وصار يوياقيم حليفاً لبابل، وتحوّلت يهوذا إلى إمارة في الامبراطوريّة الجديدة، على غرار كل المقاطعات السوريّة- الفلسطينيّة الأخرى. ولكن، في السنة 601، تآمرت يهوذا مع اتباع مصر السابقين، ضد بابل، فهاجم نبوخذنصر المصريّين في الحال، ولكنه هُزم في مجدّو وخسر غزَّة. وتوقّف يوياقيم عن دفع الجزية السنويّة لبابل. وعاد نبوخذنصر، سنة 597، فحاصر أورشليم لإخماد الثورة فيها. توفيّ يوياقيم أثناء الحصار وخلفه ابنه يوياكين الذي استسلم للبابليين، فأسروه مع أفراد عائلته. وأقام نبوخذنصر متنيا، إبن يوشيا الثالث، ملكاً، وغيَّر اسمه إلى صدقيَّا (2 مل 24: 17- 18). كان هذا الأخير تابعاً لبابل، وملكه محصوراً في رقعة ضيّقة، لأن أهل يهوذا فقدوا قسماً من أراضيهم. وبدأ الأدّوميون يضغطون على يهوذا من الجنوب، في النقب، وعانت غالبيّة المدن ويلات الحرب. وللخروج من هذا الوضع الصعب، وجب "أن تكون المملكة حقيرة ولا ترتفع" (حز 17: 14). ولكن، في السنة 594 شكّلت موآب وعفون وأدوم، وصور وصيدون ويهوذا، حلفاً ضد بابل (إر 27- 29). حوالي السنة 588- 587 تسلَّم الفرعون خفرع الملك وفتح ذراعيه للثورة (2 مل 25: 1 ي؛ حز 17: 15- 17). فحاصر ملك بابل أورشليم من جديد؛ واستمر الحصار ثمانية عشر شهراً. فبدا أن الفرعون غير قادر على حماية حلفائه، وسقطت أورشليم في قبضة نبوخذنصر فأعمل النهب والتدمير فيها. واقتيد صدقيا وعائلته إلى بابل حيث قُتل أولاده وفُقِئت عيناه. ودُمِّر الهيكل وأسواره، ونُكِّل بالسكان. إن السنة 587 تؤَرخ نهاية مملكة يهوذا وبداية زمن المنفى الذي بدأت مؤشّراته سنة 597 مع اقتياد يوياكين إلى بابل. فماذا فعل حزقيال في غمرة هذه الأحداث؟
بعد أن أخمد نبوخذنصرّ ثورة يوياقيم واقتاد يوياكين إلى بابل، نفى كلّ أعيان البلاد إلى بابل أيضاً، وهم عُدَّة ألوف، من بينهم حزقيال. مع سقوط أورشليم سنة 587، عاش الشعب كارثة جديدة، حفظ حزقيال وإرميا صداها (14: 21- 23؛ إر 52). نُفي حزقيال سنة 597، فسكن في تل أبيب بين المنفيّين من أهل يهوذا (3: 15). في الواقع، أعاد المنفيّون تجميع أنفسهم بحسب عائلاتهم، في قرى قديمة. وكان لا بدّ، بسبب تشعُّب الأحداث، من نشوء مشاكل كثيرة. فكيف يمكن تفسير هذه الأحداث بالنسبة إلى الله؟ وبدون هيكل وملك وأرض، أي رجاء يبقى لشعب يهوه؟ ينطلق حزقيال، مثل كثيرين سواه، من هذه الغضة المقلقة ويحاول إيجاد الجواب. ولكن، من هو حزقيال؟



 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:40 PM   رقم المشاركة : ( 157819 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



تعابير الخلاص عند حزقيال


تنتظم حول ثلاثة عوامل رئيسية: الله، شعبه، والأمم. ولا يجب أن ننسى دور النبيّ الذي يؤمّن، بشكل من الأشكال، نقطة التلاقي بين الثلاثة. في الواقع، إن كلمة الله المنقولة بواسطة النبي، تتوسّط بين يهوه وشعبه، وتوجّه أحياناً إلى الأمم مباشرة. والمحور الأساسي يذكّرنا بحضور إله العهد الفاعل بقرب شعبه. عند حزقيال، يبادر يهوه لإعلان ذاته بواسطة كلمته، على أنه المخلّص الوحيد لبيت إسرائيل في مواجهة العالم الوثني. هذا التدخل إلهي، رغم كثرة تعرّضه للنقد، له بعد كوفي. فيهوه لا يبغي خلاص شعبه وحسب، بل خلاص جميع الذين يعترفون به من خلال أعماله الخلاصية لصالح من يشاركونه في العهد.
إن معرفة يهوه تتمّ بواسطة أحداث التاريخ. فتقلّبات هذه الأحداث بشكل مأساوي تسمح بأن نجد فيها دعوة إلى معرفة يهوه كإله أوحد، وهذا يعني الارتداد. وهذا الأمر يضمن الخلاص والمحافظة على إسرائيل بهويّته السياسيّة- الدينيّة بين الأمم. إن إمكانيّة نيل الخلاص بيهوه كانت حاضرة دائماً في نبوءة حزقيال، حتى قبل سقوط أورشليم. ليس الابن مضطراً بعد الآن، أن يدفع ثمن خطيئة أبيه، فهو حرّ في اختياره السير مع يهوه أو ضدّه. إن دعوة النبي تخضع لارتداد ذاك الذي يسمعها، وجّعل الإنسان الذي يرفضها مسؤولاً (ف 18).
عندما يخرج مجد يهوه من الهيكل، يفقد يهوذا كل حماية، ويبرز الفصل بين الضياع والخلاص بشكل جذريّ (ف 8- 11). ومع ذلك، يُظهر الله هنا مظهراً من كيانه: إن ترك أورشليم والانتقال إلى أرض وثنيّة، ليس مرتبطاً بهيكل أو مدينة، بل بشعب. وحياة هذا الشعب مرتبطة بحضور الربّ في وسطه. ورجاء المنفيّين يمكن أن يتجدّد لأن يهوه لم يتركهم. هذه النظرة الكونيّة تتعارض مع الاهتمام المبالغ فيه بالهويّة الوطنيّة المحدّدة بأرض وعبادة وشعب يقوده ملك من سلالة داود، خادم يهوه. سيرجع الله إلى أورشليم ويعيد إليها بيت إسرائيل. وإسرائيل المسحوق والهالك (37: 1- 14)، لن يتشتت بعد الآن بفضل يهوه الذي سيجمعه من جديد (ف 34) فوق أرضه، ويقيم عليه راعياً من سلالة داود (34: 23...، 37: 24....) كعلامة للوحدة المحقّقة مجدّداً (37: 15- 28). وسيكون للشعب قلب جديد، وسيتطهّر بالماء، ويتبدّل بالروح (11: 16- 19؛ 36: 25- 28). هكذا يرى حزقيال أن خروج الله ورجوعه، لا يتعلّقان إلا بطهارة طويّة الشعب تجاهه.
يُترجَم العمل الخلاصي ليهوه، بخلق شعب جديد يكون قادراً على قول "نعم" لكل الوصايا. في هذا الإطار المتجدّد، تعبّر تصرفاتُ إسرائيل عن تبادل مُعاش بينه وبين الله. أما الخلاص فهو متعلّق بالمسامحة التي تقوم بالدخول إلى قلب الإنسان لتحريره من خطيئته، وفتح مستقبل جديد أمامه. إن حزقيال، في رؤياه، يجعل خلاص إسرائيل وردّة فعل الأمم يتحرّكان معاً: إن تهجير إسرائيل فهمته الأمم كمساس بقداسة إله إسرائيل وتنجيس له. وحين أنقذ شعبه، ظهر مجده. ومجد الله يجب أن يبرز أمام أعين الأمم.
إن غنى لاهوت الخلاص هذا، غذّى التأمل اليوحناويّ الذي نذكره هنا. فمن بين الصور التي طبّقها الإنجيل على يسوع، نذكر صورة "الراعي الصالح" (ف حز 34 ويو 10)، وعطيّة "الروح" (ق حز 37: 1- 14 ويو 19: 30)، "والينبوع" (ق حز 47: 1 ب: "المياه تخرج من تحت عتبة البيت اليمنى" ويو 19: 34 "ولكن واحداً من الجنود طعن جنبه بحربة، وللوقت خرج دم وماء").
ولن ننسى كذلك أن حزقيال هو ينبوع الفكرة الرؤيوية. فمنه استمدّت رؤيا يوحنا بعض الأفكار. وإنجيل يوحنا أعاد قراءة فكرة حزقيال، وتبصرّ فيها على ضوء هذه العبارة: يسوع الذي مات ثم قام.

 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:47 PM   رقم المشاركة : ( 157820 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



تعابير الخلاص عند حزقيال


أقام بولس في رومة، برز حدث فرض عليه تعبيراً جديداً يقدّم جواباً عن صعوبات تعليميّة جديدة. هي الأزمة الكولسيّة بما فيها من تيّار يهودي متأثّر بالغنوصيّة.
ما شعر به بولس عند مسيحيّي آسية هؤلاء، هو فقدان مفهومهم للمسيح. سحرتهم نظرة إلى العالم تعطي أهمية كبرى للملائكة والقوى الكونيّة، وتتطلّع إلى ممارسات شبيهة بما في العالم اليهودي. أين المسيح في كلّ هذا؟ حينئذ دعاهم بولس إلى البلوغ إلى معرفة سامية لقصد الله. فحين يفهمون من هو المسيح، يحدّدون موقع كل شيء بالنسبة إليه، وتستنير حياتهُم كلّها بنوره. عند ذاك تكفيهم المشاركة مع المسيح، وتخسر الفلسفة والممارسات العالميّة كل وهج أمام أعينهم.
وهكذا قدّم بولس في أف وظيفة المسيح في الكون وفي التاريخ. وتبرز أصالة هذه الرسالة بالنسبة إلى السابقات، في ثلاث نقاط رئيسية. الأولى: ليس المسيح فقط رئيس الكنيسة. إنه يسمو على الكون كلّه. إنه موجود منذ الأزلي. إنه أساس الخليقة كلّها وهو الذي يصالحها مع الله في التاريخ. في النقطة الثانية، يشدّد بولس على الوجهة الجماعيّة للخلاص. وهكذا تبرز بوضوح الكنيسة التي هي جسد يتميّز عن الرأس. وحين يدخل البشر في هذا الجسد، يشاركون في خيرات الرأس. والنقطة الثالثة تتحدّث عن تجميع كل البشر في المسيح، أكانوا من اليهود أم من الأمم الوثنيّة. هذا التجميع هو سّر الله أي قصد الله الذي ظلّ خفياً فكُشف في شخص يسوع وأعلنته الكنيسة. هذا السّر هو حكمة علويّة لا ندركها إلاّ بمعرفة يمنحها الله لنا بنعمة مجانيّة من عنده.
ذاك هو الغنى الذي تقدّمه إلينا الرسالة إلى أفسس. فبعد المدخل، نبدأ مع التحيّة والسلام ونتعرّف إلى نصوص هذه الرسالة التي فيها يعرض بولس بهدوء فهمه لسّر المسيح والكنيسة. أما الهدف النهائي فهو أن يجمع الله في شخص المسيح كلّ ما في السماء وفي الأرض، وكلّ هذا على حسب رضى مشيئته ومن أجل تسبيح مجده.

 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:35 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024