![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 156911 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() عودة مجد يهوه إلى الهيكل أعلن الكلام النبوي في 37: 26- 28 فعالية وجود مسكن يهوه في وسط شعبه. وإن ف 40- 48 هي امتداد لهذا الرجاء: فإذا كان يهوه قد هجر هيكل أورشليم بسبب خطيئة عبادة الأصنام التي اقترفها شعبه (8- 11)، فإنّ عمله لم يكن نهائياً. هذا هو معنى النصّ الذي سندرسه الآن. أ- مجد يهوه يهجر الهيكل ف 8- 11 في حز 8- 11 نجد مجدّداً عناصر من ف 1، أُدخِلت لاحقاً بشكل تعليقات. فإذا أردنا أن نفهم نية النبي وحركة النص وتقسيماته، يجب في البداية، اللجوء إلى تحليل أدبي نقدي لاستخراج الإضافات التي ألحقت بالنص. إنّ عملاً كهذا يتجاوز حدود مهمتنا هنا. لذلك، نكتفي بموجز للأبحاث التي قام بها أخصائيون في هذا المجال. إن النص المتبقي هو التالي: 8: 1، 3 ب، 5- 18؛ 9: 1- 3، 5- 6، 7 ب- 11؛ 10: 2، 7 ب، 18 أ، 19 ب؛ 11: 23، 24- 25. بالواقع، توجد الإضافات المتأتية من حز 1، في حز 10 إجمالاً. وبالعكس، فإنّ 11: 1- 21 يحتوي كلامين نبويّين كان يجب أن. يوضَعا في مكان آخر، فهما يفصلان بشكل مفاجىء نهاية حز 10، حيث يبدو رحيل يهوه قريباً، عن 11: 22 ي حيث يتمّ الرحيل بالفعل. بحسب 9- 10، أُبيد كل فاعلي السوء، وأحرقت المدينة؛ أما بحسب 11: 1- 13، فقد بقي بعض السكان في المدينة الخ... ينتج عن هذه الملاحظات أنّ آ 1- 21، هي من خارج إطار النص. وبالواقع فهي ليست ملائمة للقسم الباقي من المقطوعة. بالإضافة إلى ذلك، "إنّ رحيل مجد الرب، أكمل بصور كانت في ذاكرة المدوِّنين، وهي على الأرجح، التطواف بتابوت العهد في هيكل أورشليم. ومن هنا الحديث عن "البكرات" والمركبة التي جرى نقل تابوت العهد فوقها (رج 1 مل 7: 27- 33؛ 1 صم 6؛ 2 صم 6)". هذا التوضيح لِتحرّك المركبة لا يوجد في النص الأصلي عند حزقيال، الذي لا يفعل سوى الإشارة إلى بعض تنقّلات من نوع: صعد (9: 3)، وقف (9: 2)، عَبَرَ الخ... 1- البنية الأدبية إنّ النقد الأدبي للنص يسمح باستخراج بنيته دون الضياع في التحاليل والدراسات المتأخرة زمنياً عن النص. في 8: 1، 3 ب، يحمل الروح النبيَّ إلى أورشليم في رؤى إلهية بينما في 11: 23- 25، ينقلُ الروح ذاته النبيَّ إلى أرض الكلدانيين ليكون إلى جانب المنفيّين ويخبرهم بكل ما أراه إياه يهوه. والآيات 5- 18 من الفصل 8 تصف آثام اسرائيل في هيكل أورشليم، على أربع مراحل: أَ- آ 5- 6: شمالي باب الغيرة؛ ب- آ 7- 13: سبعون رجلاً من شيوخ بيت إِسرائيل يحرقون البخور أمام "الدبابات والحيوانات النجسة" المرسومة على الحائط، ظانين أنّ يهوه قد تركهم؛ ج- آ 14- 15: عند مدخل باب بيت الرب "هناك نسوة جالسات يبكين أمام تموز"؛ د- آ 16- 18: عند دار بيت الرب الداخليّة، وعند باب هيكل الرب "نحو خمسة وعشرين رجلاً... ساجدين للشمس...". هذه الذنوب الواردة في 10: 2، 7، 18، 19 سبّبت رحيل مجد الرب من الهيكل. من هنا التجاوب بين 8: 5- 18؛ 10: 2، 7، 18، 19. وأخيراً، فإنّ 9: 1- 11، في وسط المجموعة، يعبرّ عن قرار يهوه بتدمير المدينة وإبادة الخاطئين، رغم تدخّل النبيّ لمصلحة شعبه. ينتج عما تقدّم الرسم البيانيّ التاليّ: أ (8: 1، 3 ب مقدمة: الشيوخ/ رؤيا/ الروح (الرحيل) ب (8: 5- 18): الدخول إلى الهيكل/ رؤيا على أربع مراحل عن خطيئة إسرائيل. ج (9: 1- 11): الدينونة، إبادة وقديم المدينة ب ب (10: 2، 7، 18، 19): مجد يهوه يخرج من الهيكل. أً (11: 23- 25) الخلاصة: الشيوخ/ رؤيا/ الروح (العودة). إنّ النبي حزقيال يستخدم نوعاً أدبياً استخدمه أنبياء آخرون قبله، وهو الرؤيا. مثل الرؤى الخمس عند عاموس 7- 9، ورؤيا أشعيا 6، ورؤى إرميا 1: 11- 17. تكثر الرؤى عند حزقيال، 1: 1 ي؛ 37: 1- 14؛ 40- 48. أما في 8- 11، فالرؤيا مكوَّنة من إتهّام تتبعه إدانة. واليك النص القديم لحزقيال 8- 11 بحسب تسيمارلي. (أ) مقدّمة ف 8- (1) وكان في السنة السادسة، في الشهر السادس، في الخاص من الشهر، وأنا جالسا في بيتي؛ ومشايخ يهوذا جالسون أمامي؛ أنّ يد الرب وقعت علي هناك. (3 ب)... ورفعني الروح بين الأرض والسماء وأتى بي في رؤى الله إلى أورشليم إلى مدخل الباب الداخلي المتّجه نحو الشمال، حيث مجلس تمثال الغيرة المهيِّج الغيرة. (ب)- الدخول إلى الهيكل رؤيا ذات أربع مراحل عن خطيئة إسرائيل: آ 5- 6؛ آ 7- 13؛ آ 14- 15؛ آ 16- 18. (ج)- العِقاب: تدمير وإحراق المدينة ف 9- (1) وصرخ في سمعي بصوت عالٍ قائلاً: "قرِّب وكلاء المدينة كل واحد وعدَّته المهلكة بيده". (2) وإذا بستة رجال مقبلين من طريق الباب الأعلى الذي هو من جهة الشمال، وكل واحد عدَّته الساحقة بيده. وفي وسطهم رجل لابس الكتان وعلى وسطه دواة كاتب. فدخلوا ووقفوا جانب مذبح النحاس. (3) ومجد إله إسرائيل صعد عن الكروب الذي كان عليه إلى عتبة البيت، فدعا الرجل اللابس الكتان الذي دواة الكاتب على وسطه... (5) وقال لأولئك في سمعي: "اعبروا في المدينة وراءَه واضربوا! لا تشفق أعينكم ولا تعفوا! (6) الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء، اقتلوا للهلاك، ولا تقربوا من إنسان عليه السمة. وابتدئوا من مقدسي"! فابتدأوا بالرجال الشيوخ الذين أمام البيت. (7 ب) فخرجوا وقتلوا في المدينة. (8) وكان بينما هم يقتلون وأُبقيت أنا، إني خررت على وجهي وصرخت وقلت: "آه، يا سيدي الرب، هل أنت مهلك بقية إسرائيل كلها بصبّ رجزك على أورشليم"؟ (9) فقال لي: "إنّ إثم بيت إسرائيل ويهوذا عظيم جداً جداً، وقد امتلأت الأرض دماءً وامتلأت المدينة حنقاً. لأنهم يقولون: الرب قد ترك الأرض، والرب لا يرى. (10) وأنا أيضاً عيني لا تشفق ولا أعفو. أجلب طريقهم على رؤوسهم". (أ أ) وإذا بالرجل اللابس الكتان الذي الدواة على جانبه ردَّ جواباً قائلاً: "قد فعلت كما أمرتني". (ب ب)- مجد الرب يخرج من الهيكل ف 10 (2) وكلّم الرجل اللابس الكتان وقال: "أدخل بين البكرات تحت الكروب واملأ حفنتيك جمر نار... وذرِّها على المدينة". فدخل قدام عينيّ. (7 ب) ومدَّ كروب يده من بين الكروبيم إلى النار، فرفع منها ووضعها في حفنتي اللابس الكتان، فأخذها وخرج (في المدينة). (18 ب) ووقف عند مدخل باب بيت الرب الشرقيّ. (أ أ)- إستنتاج ف 11- (23) وصعد مجد الرب من على وسط المدينة ووقف على الجبل الذي على شرق المدينة. (24) وحملني الروح وجاء بي في الرؤيا، بروح الله، إلى أرض الكلدانيّين إلى المسبيّين. فصعدت عني الرؤيا التي رأيتها. (25) فكلَّمت المسبّيين بكل كلام الرب الذي أراني إياه. ملاحظة: هذا النص مأخوذ عن الكتاب المقدّس، دار الكتاب المقدَّس في العالم العربي. 1983. 2- لاهوت النصّ * مقدّمة (8: 1، 3 ب) يبدأ النبي حزقيال بتأريخ رؤياه: "السنة السادسة، في الشهر السادس، في الخامس من الشهر" (آ 1)؛ وهذا التأريخ موافق للسنة 592 بعد السبي الأول وقبل سقوط أورشليم. وبما أن النبي كان بين المنفيّين الأوائل إلى بابل، فالروح سيحمله ويأخذه إلى أورشليم عن طريق رؤى إلهية (آ 3 ب). وجاء شيوخ إسرائيل (آ 1 ب) وجلسوا حول النبي ليستشيروا بواسطته يهوه (14: 1- 3). وكان حزقيال، في رؤياه، عند مدخل الباب الداخلّي المتّجه نحو الشمال "حيث يجلس تمثال الغيرة" (آ 3 ب). ينقل روح يهوه "روح" النبي روحياً ويحمله إلى مكان تظهر فيه عبادة الأصنام المثيرة. وهكذا يكشف له المدى الذي تشغله هذه الأصنام. * الدخول إلى الهيكل صار النبي شمالي باب المذبح حيث يوجد تمثال الغيرة (آ 5 ب) وتلقّى أمراً من الروح لينظر. وإذا يهوه يشرح سبب ابتعاده عن الهيكل: "الرجاسات العظيمة التي عملها بيت إسرائيل لإبعادي عن مقدسي" (آ 6). وهذه "الرجاسات" تزداد خطورتها كلّما تنقّل حزقيال في الهيكل. عند مدخل الدار (آ 7)، أمرَ الروح النبيّ بإحداث ثقب في الحائط (آ 8)، ليرى الرجال السبعين، من شيوخ بيت إسرائيل (آ 11)، وهم يحرقون البخور أمام صور الحيوانات والزحافات المنقوشة على الحائط (آ 10). والمرحلة الثالثة تصف الدخول في باب بيت الربّ حيث النسوة الجالسات "يبكين على تموز" (آ 14). والمرحلة الرابعة والأخيرة تحمل فيضاً من الرجاسات. فقد رأى النبي عند باب الهيكل بالذات، "خمسة وعشرين رجلاً، ظهورهم نحو هيكل الربّ ووجوههم نحو الشرق، وهم ساجدون للشمس نحو الشرق" (آ 16). لم يعد للربّ أية أهميّة، فقد رُفض واستُبدل بالأصنام الوثنيّة. فإسرائيل، في هذا الإطار، ضيَّع إيمانه وترك يهوه إلهه. فليست خطيئته السجود أمام الأصنام وحسب، بل تجاوزت ذلك إلى حدّ ممارسة الظلم في الأرض كلّها (آ 17). وفي آ 18 يلفظ يهوه حكمه ويعلن العقاب ضدّ المسيئين. فالله لن يشفق على أحد منهم، حتى وإن تعالى صراخهم. * العقاب (9: 1- 11) إن العقاب قريب وستُباد المدينة (آ 1) بواسطة ستة رجال مجمل كل واحد منهم بيده أداة التهديم. ويلبس واحد من هؤلاء الرجال بدلة من الكتان، ويتمنطق بزنار شُكّت فيه دواة (آ 2). وهكذا، إذا كان هناك ستة رجال لتنفيذ أمر الإدانة، فهناك بالمقابل رجل واحد يُصدر قراراً بخلاص "الذين يتنهدون وينتحبون على كل القبائح المرتكبة في أورشليم". إن هذا النوع من عدم التناسب يدلّ على مدى فداحة الخطيئة وجذريّة الحكم الصادر. "وصعد مجد إله إسرائيل عن الكروب الذي كان عليه إلى عتبة البيت" (آ 3)، ويتمّ القتل، في آ 5، 6، 7 ب على مرأى من حزقيال الذي خاف أن يبقى وحيداً (آ 8). فسقط على وجهه وصرخ مستعطفاً يهوه كي لا يُهلك بقيّة إسرائيل. يلعب النبي هنا دور الوسيط مع الربّ من أجل إنقاذ المدينة. فالدم الذي يلطّخ البلاد، والإثم الذي يملأ المدينة يجعلانه يظنّ بأن يهوه ترك شعبه (آ 10). ان عدم التبصُّر هذا يزيد قساوة القصاص. وفي النهاية، تُضرب كل الأصنام. إن وصف القصاص ينضمّ إلى مواضيع كثيرة في البيبليا. وخطيئة عبادة الأصنام، هي دائماً، مقدّمة عقاب يأتي من يهوه، إله العهد. عندما يتنكّر شعب يهوه لإلهه ليستبدله بالأوثان، فإنه يرفض العهد ويسبّب الغضب الإلهيّ. هذا بالذات، نجده في خر 33، حيث قتل بنو لاوي ثلاثة آلاف رجل من الشعب، بسبب الإثم الكبير الذي ارتكبوه (آ 27). حين أمر هارون بصنع عجل ذهبي وعبادة هذا العجل، استدرج إسرائيل إلى الخطيئة، فتركه الله. إن حزقيال، بتوسّطه للشعب (9: 8)، إنضمّ إلى أصوات نبويّة كثيرة، مثل عاموس في 7: 2: "قلت أيها السيد الرب، إغفر! فكيف يقوم يعقوب؟ فإنه صغير" (راجع أيضاً 7: 5). أو أشعيا: "إلى متى أيها السيد" (6: 11)؟ إن النبيّ الذي يتوسّط لصالح الشعب لا يمكنه أن يقبل بأن يكون الحكمُ نهائياً. * مجد يهوه يخرج من الهيكل (10: 2، 18، 19) يستمر عمل يهوه، فيأمر الرجل اللابس الكتان بأن يذهب ويحضر "جمر نار" من بين الكروبين، ويذرَّه في المدينة. وفي الوقت ذاته، يرتفع مجد يهوه، ويخرج من الهيكل ويتوقّف عند الباب الشرقي. لم يعد المقدس مسكن إله إسرائيل: وهذا يمثّل ذروة غضب يهوه تجاه خطيئة عبادة الأصنام. ولم يعد الهيكل ضمانة لحضور الله، وبالتالي لخلاص الشعب. ليس حضور الله مشروطاً ببيت صنعته يد البشر، فهو حرٌّ في التنقّل حيث يشاء وعندما يشاء. * إستنتاج (11: 23- 25) "صعد مجد الربّ عن وسط المدينة، ووقف على الجبل الذي عند شرق المدينة. لقد ترك يهوه أورشليم إذن. وعاد النبيّ، بواسطة الروح، إلى بلاد الكلدانيّين، ونقل رؤياه إلى المنفيّين. 3- تلخيص تعرض ف 8- 11 خروج يهوه من الهيكل وتذكر السبب: يهوه ترك الهيكل الذي نجّسته عبادة الأصنام. لم يعد الشعب يعتقد بوجود الربّ في البلاد: فينطلق في البحث عن آلهة أخرى، أكثر قدرة، تستطيع أن تحميه. فالمسؤولون عن الشعب، هم بالذات يحرقون البخور أمام الصُوَر، وهم يقولون: ان يهوه لا يرى وقد ترك الأرض. لم يعد الله ذا أهمية بالنسبة لهم. وبالإضافة إلى ذلك، فالنساء يبكين تموز ويدعونه لكي يملأ الفراغ ويرضي حاجات الشعب. وقد انهارت العبادة لدرجة أن مجد يهوه في قدس الأقداس، لم يعد معبوداً، ويديرون له ظهورهم ليسجدوا أمام الشمس. بعد توجيه الاتهام، يلفظ يهوه الحكم ليبيد الخطأة وينقذ الذين يتألَّمون بسبب رجاسات أولئك. يحتفظ يهوه بعدد قليل جداً من الناس ليعطي روحاً جديداً لشعبه. إن لاهوت حزقيال يوضح السبب الذي جعل يهوه يطلق حكمه. ويميّز هذا اللاهوت بين الأخيار والأشرار، ويُبرز العقاب الذي حلَّ بالمدينة، ليبرز في الوقت ذاته، بشكل أفضل، الخطيئة التي ارتكبها إسرائيل، إذ ترك يهوه ونقض العهد. في هذا المناخ المأساوي، تجدر الإشارة إلى لمحة من فكرة حزقيال، وهي انفتاحه الواسع. إذا كان الله الضمانة الوحيدة للخلاص، فهو لم يعد مرتبطاً بذهابه إلى المقدس الذي دنُّسته العبادات الزائفة. ومن المناسب الإشارة، أخيراً، أن الاتهام لا يقتصر على ف 8- 11؛ فهناك أيضاً ف 14، حيث لا يسمح يهوه للشيوخ "أن يسألوه سؤالاً" لأنهم يمارسون العبادات الوثنية. وكل سائل سيُستأصل من الشعب (آ 4- 8)، تماماً كالنبي إذا ضلَّ (آ 9). وفي ف 20، فإن إسرائيل، منذ نشأته، يتمرّد باستمرار على الوصيّة الأولى للعهد، التي تدعوه لترك العبادات المصريّة (آ 5- 9). "إنّ الجيل الحاضر لا يفعل سوى مواصلة هذه القصة المؤسفة: فهو منجَّس بالأصنام، وبتقديم الأولاد محرقات للأوثان (آ 23- 26)، وقد نقضي عهده مع يهوه الذي لا يسمح لهذا الجيل بأن يسأله سؤالاً" (آ 30 ي). وكذلك نقول عن ف 16، حيث الاتهام يطال، في الوقت ذاته، العبادات الخاطئة والمعاهدات الغريبة. إن الأصنام تملأ البلاد كلّها، حتى مركزها الأكثر قداسة، أي الهيكل (ف 8؛ 11). قد تسلّلت الأصنام إلى قلب كل شخص (ف 14). وإذا رجع حزقيال إلى ماضي إسرائيل، فلن يجد فيه سوى سلسلة متواصلة من الثورات في العبادة". في الواقع، نجد في سفر حزقيال أن مكاناً كبيراً قد أُعطي لعبادة يهوه، والفصول 40- 48 تبرز أسس شرعيته وقداسته. وقد وُصف في هذا السفر رجوع مجد الربّ بعد تطهير البلاد وهيكل أورشليم. وبمقابل ف 8- 11 سنقرأ الوصف الذي يعطيه النبي لتلك العودة. فبعد العقاب يمكن أن نتبيّن ترميم بيت إسرائيل. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156912 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() عودة مجد يهوه إلى الهيكل أعلن الكلام النبوي في 37: 26- 28 فعالية وجود مسكن يهوه في وسط شعبه. وإن ف 40- 48 هي امتداد لهذا الرجاء: فإذا كان يهوه قد هجر هيكل أورشليم بسبب خطيئة عبادة الأصنام التي اقترفها شعبه (8- 11)، فإنّ عمله لم يكن نهائياً. هذا هو معنى النصّ الذي سندرسه الآن. أ- مجد يهوه يهجر الهيكل ف 8- 11 في حز 8- 11 نجد مجدّداً عناصر من ف 1، أُدخِلت لاحقاً بشكل تعليقات. فإذا أردنا أن نفهم نية النبي وحركة النص وتقسيماته، يجب في البداية، اللجوء إلى تحليل أدبي نقدي لاستخراج الإضافات التي ألحقت بالنص. إنّ عملاً كهذا يتجاوز حدود مهمتنا هنا. لذلك، نكتفي بموجز للأبحاث التي قام بها أخصائيون في هذا المجال. إن النص المتبقي هو التالي: 8: 1، 3 ب، 5- 18؛ 9: 1- 3، 5- 6، 7 ب- 11؛ 10: 2، 7 ب، 18 أ، 19 ب؛ 11: 23، 24- 25. بالواقع، توجد الإضافات المتأتية من حز 1، في حز 10 إجمالاً. وبالعكس، فإنّ 11: 1- 21 يحتوي كلامين نبويّين كان يجب أن. يوضَعا في مكان آخر، فهما يفصلان بشكل مفاجىء نهاية حز 10، حيث يبدو رحيل يهوه قريباً، عن 11: 22 ي حيث يتمّ الرحيل بالفعل. بحسب 9- 10، أُبيد كل فاعلي السوء، وأحرقت المدينة؛ أما بحسب 11: 1- 13، فقد بقي بعض السكان في المدينة الخ... ينتج عن هذه الملاحظات أنّ آ 1- 21، هي من خارج إطار النص. وبالواقع فهي ليست ملائمة للقسم الباقي من المقطوعة. بالإضافة إلى ذلك، "إنّ رحيل مجد الرب، أكمل بصور كانت في ذاكرة المدوِّنين، وهي على الأرجح، التطواف بتابوت العهد في هيكل أورشليم. ومن هنا الحديث عن "البكرات" والمركبة التي جرى نقل تابوت العهد فوقها (رج 1 مل 7: 27- 33؛ 1 صم 6؛ 2 صم 6)". هذا التوضيح لِتحرّك المركبة لا يوجد في النص الأصلي عند حزقيال، الذي لا يفعل سوى الإشارة إلى بعض تنقّلات من نوع: صعد (9: 3)، وقف (9: 2)، عَبَرَ الخ... 1- البنية الأدبية إنّ النقد الأدبي للنص يسمح باستخراج بنيته دون الضياع في التحاليل والدراسات المتأخرة زمنياً عن النص. في 8: 1، 3 ب، يحمل الروح النبيَّ إلى أورشليم في رؤى إلهية بينما في 11: 23- 25، ينقلُ الروح ذاته النبيَّ إلى أرض الكلدانيين ليكون إلى جانب المنفيّين ويخبرهم بكل ما أراه إياه يهوه. والآيات 5- 18 من الفصل 8 تصف آثام اسرائيل في هيكل أورشليم، على أربع مراحل: أَ- آ 5- 6: شمالي باب الغيرة؛ ب- آ 7- 13: سبعون رجلاً من شيوخ بيت إِسرائيل يحرقون البخور أمام "الدبابات والحيوانات النجسة" المرسومة على الحائط، ظانين أنّ يهوه قد تركهم؛ ج- آ 14- 15: عند مدخل باب بيت الرب "هناك نسوة جالسات يبكين أمام تموز"؛ د- آ 16- 18: عند دار بيت الرب الداخليّة، وعند باب هيكل الرب "نحو خمسة وعشرين رجلاً... ساجدين للشمس...". هذه الذنوب الواردة في 10: 2، 7، 18، 19 سبّبت رحيل مجد الرب من الهيكل. من هنا التجاوب بين 8: 5- 18؛ 10: 2، 7، 18، 19. وأخيراً، فإنّ 9: 1- 11، في وسط المجموعة، يعبرّ عن قرار يهوه بتدمير المدينة وإبادة الخاطئين، رغم تدخّل النبيّ لمصلحة شعبه. ينتج عما تقدّم الرسم البيانيّ التاليّ: أ (8: 1، 3 ب مقدمة: الشيوخ/ رؤيا/ الروح (الرحيل) ب (8: 5- 18): الدخول إلى الهيكل/ رؤيا على أربع مراحل عن خطيئة إسرائيل. ج (9: 1- 11): الدينونة، إبادة وقديم المدينة ب ب (10: 2، 7، 18، 19): مجد يهوه يخرج من الهيكل. أً (11: 23- 25) الخلاصة: الشيوخ/ رؤيا/ الروح (العودة). إنّ النبي حزقيال يستخدم نوعاً أدبياً استخدمه أنبياء آخرون قبله، وهو الرؤيا. مثل الرؤى الخمس عند عاموس 7- 9، ورؤيا أشعيا 6، ورؤى إرميا 1: 11- 17. تكثر الرؤى عند حزقيال، 1: 1 ي؛ 37: 1- 14؛ 40- 48. أما في 8- 11، فالرؤيا مكوَّنة من إتهّام تتبعه إدانة. واليك النص القديم لحزقيال 8- 11 بحسب تسيمارلي. (أ) مقدّمة ف 8- (1) وكان في السنة السادسة، في الشهر السادس، في الخاص من الشهر، وأنا جالسا في بيتي؛ ومشايخ يهوذا جالسون أمامي؛ أنّ يد الرب وقعت علي هناك. (3 ب)... ورفعني الروح بين الأرض والسماء وأتى بي في رؤى الله إلى أورشليم إلى مدخل الباب الداخلي المتّجه نحو الشمال، حيث مجلس تمثال الغيرة المهيِّج الغيرة. (ب)- الدخول إلى الهيكل رؤيا ذات أربع مراحل عن خطيئة إسرائيل: آ 5- 6؛ آ 7- 13؛ آ 14- 15؛ آ 16- 18. (ج)- العِقاب: تدمير وإحراق المدينة ف 9- (1) وصرخ في سمعي بصوت عالٍ قائلاً: "قرِّب وكلاء المدينة كل واحد وعدَّته المهلكة بيده". (2) وإذا بستة رجال مقبلين من طريق الباب الأعلى الذي هو من جهة الشمال، وكل واحد عدَّته الساحقة بيده. وفي وسطهم رجل لابس الكتان وعلى وسطه دواة كاتب. فدخلوا ووقفوا جانب مذبح النحاس. (3) ومجد إله إسرائيل صعد عن الكروب الذي كان عليه إلى عتبة البيت، فدعا الرجل اللابس الكتان الذي دواة الكاتب على وسطه... (5) وقال لأولئك في سمعي: "اعبروا في المدينة وراءَه واضربوا! لا تشفق أعينكم ولا تعفوا! (6) الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء، اقتلوا للهلاك، ولا تقربوا من إنسان عليه السمة. وابتدئوا من مقدسي"! فابتدأوا بالرجال الشيوخ الذين أمام البيت. (7 ب) فخرجوا وقتلوا في المدينة. (8) وكان بينما هم يقتلون وأُبقيت أنا، إني خررت على وجهي وصرخت وقلت: "آه، يا سيدي الرب، هل أنت مهلك بقية إسرائيل كلها بصبّ رجزك على أورشليم"؟ (9) فقال لي: "إنّ إثم بيت إسرائيل ويهوذا عظيم جداً جداً، وقد امتلأت الأرض دماءً وامتلأت المدينة حنقاً. لأنهم يقولون: الرب قد ترك الأرض، والرب لا يرى. (10) وأنا أيضاً عيني لا تشفق ولا أعفو. أجلب طريقهم على رؤوسهم". (أ أ) وإذا بالرجل اللابس الكتان الذي الدواة على جانبه ردَّ جواباً قائلاً: "قد فعلت كما أمرتني". (ب ب)- مجد الرب يخرج من الهيكل ف 10 (2) وكلّم الرجل اللابس الكتان وقال: "أدخل بين البكرات تحت الكروب واملأ حفنتيك جمر نار... وذرِّها على المدينة". فدخل قدام عينيّ. (7 ب) ومدَّ كروب يده من بين الكروبيم إلى النار، فرفع منها ووضعها في حفنتي اللابس الكتان، فأخذها وخرج (في المدينة). (18 ب) ووقف عند مدخل باب بيت الرب الشرقيّ. (أ أ)- إستنتاج ف 11- (23) وصعد مجد الرب من على وسط المدينة ووقف على الجبل الذي على شرق المدينة. (24) وحملني الروح وجاء بي في الرؤيا، بروح الله، إلى أرض الكلدانيّين إلى المسبيّين. فصعدت عني الرؤيا التي رأيتها. (25) فكلَّمت المسبّيين بكل كلام الرب الذي أراني إياه. ملاحظة: هذا النص مأخوذ عن الكتاب المقدّس، دار الكتاب المقدَّس في العالم العربي. 1983. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156913 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لاهوت النصّ * مقدّمة (8: 1، 3 ب) يبدأ النبي حزقيال بتأريخ رؤياه: "السنة السادسة، في الشهر السادس، في الخامس من الشهر" (آ 1)؛ وهذا التأريخ موافق للسنة 592 بعد السبي الأول وقبل سقوط أورشليم. وبما أن النبي كان بين المنفيّين الأوائل إلى بابل، فالروح سيحمله ويأخذه إلى أورشليم عن طريق رؤى إلهية (آ 3 ب). وجاء شيوخ إسرائيل (آ 1 ب) وجلسوا حول النبي ليستشيروا بواسطته يهوه (14: 1- 3). وكان حزقيال، في رؤياه، عند مدخل الباب الداخلّي المتّجه نحو الشمال "حيث يجلس تمثال الغيرة" (آ 3 ب). ينقل روح يهوه "روح" النبي روحياً ويحمله إلى مكان تظهر فيه عبادة الأصنام المثيرة. وهكذا يكشف له المدى الذي تشغله هذه الأصنام. * الدخول إلى الهيكل صار النبي شمالي باب المذبح حيث يوجد تمثال الغيرة (آ 5 ب) وتلقّى أمراً من الروح لينظر. وإذا يهوه يشرح سبب ابتعاده عن الهيكل: "الرجاسات العظيمة التي عملها بيت إسرائيل لإبعادي عن مقدسي" (آ 6). وهذه "الرجاسات" تزداد خطورتها كلّما تنقّل حزقيال في الهيكل. عند مدخل الدار (آ 7)، أمرَ الروح النبيّ بإحداث ثقب في الحائط (آ 8)، ليرى الرجال السبعين، من شيوخ بيت إسرائيل (آ 11)، وهم يحرقون البخور أمام صور الحيوانات والزحافات المنقوشة على الحائط (آ 10). والمرحلة الثالثة تصف الدخول في باب بيت الربّ حيث النسوة الجالسات "يبكين على تموز" (آ 14). والمرحلة الرابعة والأخيرة تحمل فيضاً من الرجاسات. فقد رأى النبي عند باب الهيكل بالذات، "خمسة وعشرين رجلاً، ظهورهم نحو هيكل الربّ ووجوههم نحو الشرق، وهم ساجدون للشمس نحو الشرق" (آ 16). لم يعد للربّ أية أهميّة، فقد رُفض واستُبدل بالأصنام الوثنيّة. فإسرائيل، في هذا الإطار، ضيَّع إيمانه وترك يهوه إلهه. فليست خطيئته السجود أمام الأصنام وحسب، بل تجاوزت ذلك إلى حدّ ممارسة الظلم في الأرض كلّها (آ 17). وفي آ 18 يلفظ يهوه حكمه ويعلن العقاب ضدّ المسيئين. فالله لن يشفق على أحد منهم، حتى وإن تعالى صراخهم. * العقاب (9: 1- 11) إن العقاب قريب وستُباد المدينة (آ 1) بواسطة ستة رجال مجمل كل واحد منهم بيده أداة التهديم. ويلبس واحد من هؤلاء الرجال بدلة من الكتان، ويتمنطق بزنار شُكّت فيه دواة (آ 2). وهكذا، إذا كان هناك ستة رجال لتنفيذ أمر الإدانة، فهناك بالمقابل رجل واحد يُصدر قراراً بخلاص "الذين يتنهدون وينتحبون على كل القبائح المرتكبة في أورشليم". إن هذا النوع من عدم التناسب يدلّ على مدى فداحة الخطيئة وجذريّة الحكم الصادر. "وصعد مجد إله إسرائيل عن الكروب الذي كان عليه إلى عتبة البيت" (آ 3)، ويتمّ القتل، في آ 5، 6، 7 ب على مرأى من حزقيال الذي خاف أن يبقى وحيداً (آ 8). فسقط على وجهه وصرخ مستعطفاً يهوه كي لا يُهلك بقيّة إسرائيل. يلعب النبي هنا دور الوسيط مع الربّ من أجل إنقاذ المدينة. فالدم الذي يلطّخ البلاد، والإثم الذي يملأ المدينة يجعلانه يظنّ بأن يهوه ترك شعبه (آ 10). ان عدم التبصُّر هذا يزيد قساوة القصاص. وفي النهاية، تُضرب كل الأصنام. إن وصف القصاص ينضمّ إلى مواضيع كثيرة في البيبليا. وخطيئة عبادة الأصنام، هي دائماً، مقدّمة عقاب يأتي من يهوه، إله العهد. عندما يتنكّر شعب يهوه لإلهه ليستبدله بالأوثان، فإنه يرفض العهد ويسبّب الغضب الإلهيّ. هذا بالذات، نجده في خر 33، حيث قتل بنو لاوي ثلاثة آلاف رجل من الشعب، بسبب الإثم الكبير الذي ارتكبوه (آ 27). حين أمر هارون بصنع عجل ذهبي وعبادة هذا العجل، استدرج إسرائيل إلى الخطيئة، فتركه الله. إن حزقيال، بتوسّطه للشعب (9: 8)، إنضمّ إلى أصوات نبويّة كثيرة، مثل عاموس في 7: 2: "قلت أيها السيد الرب، إغفر! فكيف يقوم يعقوب؟ فإنه صغير" (راجع أيضاً 7: 5). أو أشعيا: "إلى متى أيها السيد" (6: 11)؟ إن النبيّ الذي يتوسّط لصالح الشعب لا يمكنه أن يقبل بأن يكون الحكمُ نهائياً. * مجد يهوه يخرج من الهيكل (10: 2، 18، 19) يستمر عمل يهوه، فيأمر الرجل اللابس الكتان بأن يذهب ويحضر "جمر نار" من بين الكروبين، ويذرَّه في المدينة. وفي الوقت ذاته، يرتفع مجد يهوه، ويخرج من الهيكل ويتوقّف عند الباب الشرقي. لم يعد المقدس مسكن إله إسرائيل: وهذا يمثّل ذروة غضب يهوه تجاه خطيئة عبادة الأصنام. ولم يعد الهيكل ضمانة لحضور الله، وبالتالي لخلاص الشعب. ليس حضور الله مشروطاً ببيت صنعته يد البشر، فهو حرٌّ في التنقّل حيث يشاء وعندما يشاء. * إستنتاج (11: 23- 25) "صعد مجد الربّ عن وسط المدينة، ووقف على الجبل الذي عند شرق المدينة. لقد ترك يهوه أورشليم إذن. وعاد النبيّ، بواسطة الروح، إلى بلاد الكلدانيّين، ونقل رؤياه إلى المنفيّين. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156914 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() تعرض ف 8- 11 خروج يهوه من الهيكل وتذكر السبب: يهوه ترك الهيكل الذي نجّسته عبادة الأصنام. لم يعد الشعب يعتقد بوجود الربّ في البلاد: فينطلق في البحث عن آلهة أخرى، أكثر قدرة، تستطيع أن تحميه. فالمسؤولون عن الشعب، هم بالذات يحرقون البخور أمام الصُوَر، وهم يقولون: ان يهوه لا يرى وقد ترك الأرض. لم يعد الله ذا أهمية بالنسبة لهم. وبالإضافة إلى ذلك، فالنساء يبكين تموز ويدعونه لكي يملأ الفراغ ويرضي حاجات الشعب. وقد انهارت العبادة لدرجة أن مجد يهوه في قدس الأقداس، لم يعد معبوداً، ويديرون له ظهورهم ليسجدوا أمام الشمس. بعد توجيه الاتهام، يلفظ يهوه الحكم ليبيد الخطأة وينقذ الذين يتألَّمون بسبب رجاسات أولئك. يحتفظ يهوه بعدد قليل جداً من الناس ليعطي روحاً جديداً لشعبه. إن لاهوت حزقيال يوضح السبب الذي جعل يهوه يطلق حكمه. ويميّز هذا اللاهوت بين الأخيار والأشرار، ويُبرز العقاب الذي حلَّ بالمدينة، ليبرز في الوقت ذاته، بشكل أفضل، الخطيئة التي ارتكبها إسرائيل، إذ ترك يهوه ونقض العهد. في هذا المناخ المأساوي، تجدر الإشارة إلى لمحة من فكرة حزقيال، وهي انفتاحه الواسع. إذا كان الله الضمانة الوحيدة للخلاص، فهو لم يعد مرتبطاً بذهابه إلى المقدس الذي دنُّسته العبادات الزائفة. ومن المناسب الإشارة، أخيراً، أن الاتهام لا يقتصر على ف 8- 11؛ فهناك أيضاً ف 14، حيث لا يسمح يهوه للشيوخ "أن يسألوه سؤالاً" لأنهم يمارسون العبادات الوثنية. وكل سائل سيُستأصل من الشعب (آ 4- 8)، تماماً كالنبي إذا ضلَّ (آ 9). وفي ف 20، فإن إسرائيل، منذ نشأته، يتمرّد باستمرار على الوصيّة الأولى للعهد، التي تدعوه لترك العبادات المصريّة (آ 5- 9). "إنّ الجيل الحاضر لا يفعل سوى مواصلة هذه القصة المؤسفة: فهو منجَّس بالأصنام، وبتقديم الأولاد محرقات للأوثان (آ 23- 26)، وقد نقضي عهده مع يهوه الذي لا يسمح لهذا الجيل بأن يسأله سؤالاً" (آ 30 ي). وكذلك نقول عن ف 16، حيث الاتهام يطال، في الوقت ذاته، العبادات الخاطئة والمعاهدات الغريبة. إن الأصنام تملأ البلاد كلّها، حتى مركزها الأكثر قداسة، أي الهيكل (ف 8؛ 11). قد تسلّلت الأصنام إلى قلب كل شخص (ف 14). وإذا رجع حزقيال إلى ماضي إسرائيل، فلن يجد فيه سوى سلسلة متواصلة من الثورات في العبادة". في الواقع، نجد في سفر حزقيال أن مكاناً كبيراً قد أُعطي لعبادة يهوه، والفصول 40- 48 تبرز أسس شرعيته وقداسته. وقد وُصف في هذا السفر رجوع مجد الربّ بعد تطهير البلاد وهيكل أورشليم. وبمقابل ف 8- 11 سنقرأ الوصف الذي يعطيه النبي لتلك العودة. فبعد العقاب يمكن أن نتبيّن ترميم بيت إسرائيل. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156915 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() العظام اليابسة 37: 1- 14 إن 37: 1- 14 يشكِّل تتمّة لما في 36: 16- 38. بعد أن تحدّث النبيّ عن تجديد الشعب والأرض في الكلام النبويّ السابق، ها هو يؤكد مجدداً إرادة يهوه في تجذير وعده من خلال رؤيا. إنه سينعش رجاء شعبه في منفاه (37: 1- 14). وهذا سيتم بإعادة بناء بيت إسرائيل على أرضه بواسطة روح يهوه. 1- تحديد موضع النص إن 36: 16- 38 و37: 15- 28 يشكّلان كلامين نبويّين مستقلّين حرفياً عن 37: 1- 14. وبالإضافة إلى ذلك، فإن 37: 1- 14 هو رؤيا، وموضوعها (قيامة بيت إسرائيل)، يختلف عن موضوع الرؤيا في 37: 15- 38 المخصّصة لوحدة الشمال والجنوب. وأخيراً، إن "روح يهوه" تعبير لا يَرِد إلاّ مرتين في 37: 1- 14، في بداية النص (آ 1) وفي نهايته (آ 14). وبالتالي، فإن كلام الربّ الوارد في آ 1 "بروح الربّ" وفي آ 14 "روحي" يضع حدوداً لنصّ 37: 1- 14 كوحدة مستقلّة. 2- بنية النص يقسم النص إلى ست وحدات صغيرة مقدمة بطريقة متماسكة: آ 1- 3؛ 4- 8؛ 9- 10؛ 11؛ 12- 13 و14. تشكل آ 1- 3 مقدّمة تبيّن المكان الذي نقل روحُ الله النبيَّ إليه، وتصف هذا المكان، وهو وادٍ مليء بالعظام اليابسة. بعد هذا العرض، يطلب يهوه من حزقيال أن يتنبّأ مرّتين، مرّة على العظام، (آ 4- 8) ومرة أخرى على الروح (آ 9- 10). والنبوءتان أيضاً، مبنيّتان بالطريقة ذاتها. في آ 4- 6، 9، يأمر الربّ حزقيال، وفي آ 7- 8، 10 ينفِّذ النبي الأمر. أما آ 11 فتعبّر عن كلام الشعب الذي يشكو من وضعه المأساوي. "يبست عظامنا...". واستجابة لصراخ الشعب، يطلب يهوه مجدداً من النبيّ أن يعلن أن إسرائيل سيصعد من القبور (آ 12- 13)، وان الروح سيعيده ليعيش على أرضه (آ 14). إستناداً إلى الملاحظات السابقة، نضع بنية النص بالطريقة التالية: (أ) آ 1- 3: روح يهوه تعمل في النبي يهوه يطرح سؤالاً على حزقيال: أتحيا هذه العظام؟ (ب) آ 4- 8: نبوءة على العظام (ج) آ 9- 10: الروح ينفخ على الأموات. (ب ب) آ 11: العظام هي كل بيت إسرائيل (ج ج) آ 12- 13 "وأصعدكم من القبور" (أماكن الأموات). (أ أ) آ 14: الجواب على السؤال الوارد في آ 3 هو التالي: "وأجعل روحي فيكم فتحيون". إن آ 4- 8 موازية لما في آ 11 التي تتحدّث عن العظام. وكذلك الأمر بالنسبة إلى آ 9- 10 و12- 13 حيث أموات آ 9- 10 سيخرجون من قبورهم (آ 12- 13). وأخيراً فإن آ 14 وآ 1- 3 تتجاوب: إن الجواب في آ 14 "فتحيون" هو مرتبط بالسؤال المطروح في آ 3: "أتحيا هذه العظام"؟ 3- معنى النص ولاهوته على ضوء البنية المعروضة سابقاً، سنفسرِّ كل وحدة بمفردها، مع ربطها بالوحدات الأخرى في الوقت ذاته. * مكان الرؤيا 1- كانت عليَّ يد الربّ. فأخرجني بروح الربّ وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنة عظاماً. 2- وأمرَّني عليها من حولها وإذا هي كثيرة جداً على وجه البقعة وإذا هي يابسة جداً. 3- فقال لي: "يا ابن آدم، أتحيا هذه العظام"؟ فقلت: "يا سيدي الربّ، أنت تعلم". إن ورود الإسم الرباعي ليهوه ثلاث مرات في بداية الفقرة وفي نهايتها (آ 1، 3)، يجعل يهوه سيد الموقف، "يد الربّ (يهوه)"، "روح الربّ"، "سيدي الربّ". إن التعبير الأول ينقلنا إلى رؤى جديدة في سفر حزقيال؛ وهو متصل أحياناً بروح يهوه الفاعل في النبي ليجعله ينتقل من خلال رؤيا. "كانت يد الربّ عليه" تعني أن الله وضع الكلام في فم النبي، وان روح الله ينتزعه من الرؤية العادية للأشياء ويدخل في طويَّته الروحية. وبالتالي فإن انتقال النبي فكريّ أكثر ممّا هو جسديّ. وتعبير "العظام" بصيغة الجمع، يتكرر ثلاث مرات لإبراز هدف يهوه، وهو إعادة إحياء هذه العظام (آ 3). والعظام موجودة في مكان معين، إنها "في وسط البقعة". وهي "كثيرة جداً ويابسة جداً". هذا الوصف يقرِّبنا من واقع يُظهر عَدَماً خالياً من كل رجاء؛ والمرور من حولها في كل الإتجاهات، ليس سوى تأكيد على غياب الحياة فيها. ويأخذ يهوه المبادرة، في آ 3، ويطرح على حزقيال السؤال: "يا ابن آدم، أتحيا هذه العظام"؟. إن عبارة "يا ابن آدم" تذكّر النبيّ بوضعه البشريّ وتخلق مسافة بينه وبين الله المتسامي. إن هدف يهوه يتوضّح من خلال السؤال الذي طرحه، وهو إعادة إحياء العظام. وفي 31 ب، يتضمّن جواب النبيّ فعل إيمان، "أيها السيد الربّ"، وفي الوقت ذاته ثقة بإمكانات الله غير المحدودة التي لا يقدر عليها عجز الإنسان. لم يعد لدى "ابن آدم" ما يقوله أمام موقف كهذا، "يا سيدي الربّ، أنت تعلم". * حزقيال يتنبّأ على العظام (أ) 4- فقال له: "تنبأ على هذه العظام وقل لها: أيتها العظام اليابسة، اسمعي كلمة الرب. (ب) 5- هكذا قال السيّد الربّ لهذه العظام هاءنذا أدخل فيكم روحاً فتحيون (ج) 6- وأضع عليكم عصباً، وأكسبكم لحماً وأبسط عليكم جلداً. وأعطيكم روحاً فتحيون وتعلمون أني أنا الرب". (أ أ) 7- فتنبأت كما أُمرت. وبينما أنا أتنبأ كان صوت، وإذا ارتعاش فتقاربت العظام كل عظم إلى عظمه. (ج ج) 8- ونظرت: وإذا بالعصب واللحم كساها وبُسط الجلد عليها (ب ب)- وليس فيها روح. بعد التجوّل في الوادي، بكل الإتجاهات (آ 1- 3)، تلقّى حزقيال الأمر بأن يتنبأ على العظام اليابسة (آ 4). في البداية، يُعلمه يهوه بما عليه أن يقول (آ 4، 6)، قبل أن يترك الكلام له (آ 7- 8). إنّ كلمة الله تمر بإنسان ليعلنها. وفي آ 4، يتمّ تشخيص العظام اليابسة، لأن كلام يهوه سيكون موجهاً إليهاً، "إسمعي كلمة الرب". وتؤكد آ 5 من جديد على أنّ النبوءة تأتي من الرب. وبالإضافة إلى ذلك، لن تحيا هذه العظام بدون روح يعطيها يهوه (آ 5 ب، 6ب). وضمير المتكلم "أنا" الذي تكرر خمس مرات في آ 5- 6، بشكل بارز ومستتر، يجعل يهوه العامل الفاعل الوحيد في القصة: فهو من يعطي الروح ويجعلها تدخل في تلك العظام. إن "الروح" المشار إليها في آ 5 ب، 6 ب، 8 ب ليست روح يهوه (آ 1). إنها تأتي من الله وليست الله ذاته، بل هي علامة وجود الحياة في الإنسان. وإنّ آ 6 أ تعبّر عن إِحياء العظام ابتداءً من أعمقها في جسم الإنسان، ابتداءً بالعصب، ثم اللحم، ثم الجلد، إن الإنسان مكوّن من جسم وروح واكتمال هذين العاملين فيه متعلّق بيهوه، "وتعلمون أني أنا الرب". إن عمل يهوه لصالح العظام اليابسة هو انجاز خلاّق ذو وجهين: الله يعيد خلق جماعة (من البشر)، لترى وتعرف أنه يهوه، مصدر الخلق والايمان، وبعد أمر يهوه يأتي التنفيذ حيث يأخذ النبي الكلام. وصيغة المتكلم التي استعملها النبيّ في آ 7، تدلّ أنه الفاعل الذي يقوم بأعمال ثلاثة: تلقّى "الكلمة" (آ 7)، "والتنبّؤ" (آ 7)، "والنظر" (آ 8). يتلقّى النبيّ كلمة ليست منه. وفاعلية هذه الكلمة يجب أن تمتد لتصل إلى الآخرين. وبالإضافة إلى ذلك، فالنبيّ هو شاهد على مفعول هذه الكلمة في الناس. والصوت والارتعاش (آ 7) يدلاّن على الحركة، فالعظام تتقارب من بعضها، ويطرأ عنصر خارجي في اللحظة التي يتنبأ فيها حزقيال، تُحدث كلمته المفاعيل التي أعلن عنها سابقاً وتعود الأعصاب واللحم والجلد إلى مواضعها. ولكن الأجسام تبقى بدون روح. ويرى تسيمارلي أنّ "هناك ميلاً عند حزقيال للتوسّع في المسار القصصي، وخاصة لعرض أنتروبولوجيا تقليديّة (هي التي تخبر عن خلق الإنسان على مرحلتين: تك 2: 7)، فتتوقف هنا مرحلة أولى، بانتظار أمر جديد من الله". * حزقيال يتنبأ للروح. "فحيوا وقاموا". (أ) 9- فقال لي: "تنبأ للروح، تنبأ يا ابن آدم - وقل للروح: هكذا قال السيد الرب (ب)- هلمّ يا روح من الرياح الأربع وهُبَّ على هؤلاء القتلى ليحيوا. (أ أ) 10- فتنبأت كما أمرني (ب ب)- فدخل فيهم الروح فحيوا وقاموا على أقدامهم: جيش عظيم جداً جداً. إنّ آ 9، 10 متوازيتان. بالواقع، يعطي الله الأمر للنبي (آ 9 أ) الذي ينفّذه (آ 10 أ)، وهذه هي الحال في الفقرة السابقة. وكلام يهوه في آ 9 ب يقوم على دعوة الروح ليهبّ على القتلى؛ وفي آ 10 ب، يتحقّق كلام الله لأن الموتى عادوا إلى الحياة. إن حزقيال، في استعماله لكملة روح "روح" ينتقل من معنى إلى آخر بطريقة لاشعوريّة. وفي آ 4- 8، الروح يعني نفخة الحياة البشريّة؛ وفي آ 9 و10، نجد كلمة "روح" مسبوقة "بأل التعريف" فتصبح مشخّصة. فهذا الروح يجب أن يأتي "من الجهات الأربع"، "من الرياح الأربع"؛ فهو في كل مكان، وغير محدّد في الوقت ذاته. وإنّ آ 1، 14 تتحدّثان عن روح يهوه الذي يؤثر في النبي، ويجعل الموتى يحيون. لذلك، فإن الروح في 91 و10 لا يأتي من الله بل من قوة حياة تعبر العالم وتغمر الجثث كالريح. ومع ذلك، فإن مجيء هذا الروح متعلّق بإرادة يهوه. وبالإضافة إلى ذلك، ففي زمن حزقيال، كما في زمن أيوب (راجع 14: 14)، لم يكن الناس يعرفون شيئاً عن قيامة شاملة للموتى في اليوم الأخير، ولم يكونوا يريدون أن ينكروا على يهوه إمكانيّة احياء الموتى بقدرته كخالق. إن قدرة يهوه هذه، سبق أن أيدها سفر الملوك (1 مل 17: 17 ي؛ 2 مل 4: 31 ي؛ رج 2 مل 13: 20 ي. والإشارة إلى يهوه كـ "إله أرواح جميع البشر" (عد 16: 22). * هذه العظام، هي كل بيت إسرائيل 11- ثم قال لي: يا ابن آدم، هذه العظام هي كل بيت إسرائيل. ها هم يقولون: "يبست عظامنا، وهلك رجاؤنا، وقد انقطعنا". إن المقطوعة 1- 10 قد تفسّر رؤيا بعيدة عن الواقع إن لم نربطها بهدفها. وإنّ آ 11 تلعب دور جسر يصل الخيالّي بالواقعيّ. وعبارة "ابن آدم" تدلّ على رسالة جديدة موجّهة إلى النبي، وهي تفسير الرؤيا. هذه العظام، هي كل بيت إسرائيل. في آ 11 ب، يشتكي الشعب من وضعه المأساوي، ويستعيد، في كلامه، التعابير المستعملة في الرؤيا، "عظام يابسة". إن الشعب مقتنع بدماره وضياعه المميت، "هلك رجاؤنا". وكما أشرنا في الفصل الأول من هذا الكتاب، إن إسرائيل حافظ على رجائه حتى سقوط أورشليم والهيكل في يد البابلبيين. منذ بداية فقدان الرجاء في حياة المنفيّين، يتدخّل الله ويُبلغ مخطّطه الخلاصي إلى النبي. والنبي بدوره يشرح كلمة يهوه مستنداً إلى تعبير يصف خيبة شعب إسرائيل الحالية: "يبست عظامنا، وهلك رجاؤنا. قد انقطعنا" (آ 11 ب). * سأفتح قبوركم 12- لذلك تنبأ وقل لهم: (أ)- هكذا قال السيد الرب (ب)- هأنذا أفتح قبوركم (ج)- وأصعدكم من قبوركم يا شعبي (أ أ)- 13- فتعلمون أني أنا الرب (ب ب)- عند فتحي قبوركم (ج ج)- وإصعادي إياكم من قبوركم يا شعبي. بهذه الآيات يردّ النبي على "هلاك الرجاء" الذي تمّ التعبير عنه في آ 11. فقد سبق أن تنبّأ حزقيال للروح فعاد الموتى إلى الحياة (آ 10). فهؤلاء لم يعد مكانهم في القبور (آ 12- 13). وإنّ آ 12 أ تفتح النبوءة مثل آ 5، 9. هذا الكلام موجّه إلى شعب يائس (رج آ 11) يدعوه الله إلى فعل إيمان (آ 13 أ). وإنّ آ 12 ب و13 ب متوازيتان: إن الاعتراف الإيماني ينبع من فعل يهوه الذي سيفتح القبور. وهكذا يتدخّل الله ذاته في فعل تحرير شعبه. وإنّ آ 12 ج موازية للآية 13 ج ج: يدعو يهوه بيت إسرائيل "شعبي" ويؤكد أنه لم ينسَ عهده معه. إن إخراج شعبه من القبور يؤدّي إلى "إعادته" إلى أرضه. والقبور تشير إلى حالة المنفى الذي وقع فيه الشعب اليهودي في أرض بابل. يجب أن نشير هنا إلى فعل "صعد"، "ع ل ه"، الذي يُعيدنا إلى تقليد الخروج، عندما "أصعد" الله شعبه. * تحيون فتعلمون أ- 14- وأجعل روحي فيكم ب- فتحيون أ أ- وأجعلكم في أرضكم ب ب- فتعلمون أني أنا الرب تكلّمت وأفعل، يقول الربّ. إن العودة إلى أرض إسرائيل يجب أن تمرّ بالروح. وإنّ آ 14 (أ) وآ 14 (أ أ) تصفان عملين قام بهما يهوه لمصلحة إسرائيل؛ جعل روحه فيهم، وجعلهم في أرضهم. والروح في آ 14 (ب) يعطيهم الحياة. أما في آ 14 (ب ب) فسيصبح إسرائيل نشيطاً فاعلاً ويعرف يهوه مجدداً. وهذا سيتحقّق بعد معاينة فعاليّة كلمة يهوه، والشهادة لها؛ "تكلمت وأفعل" (14 ب ب). وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ آ 14 هي جواب على السؤال الذي وجّهه يهوه إلى النبي في آ 3: "أتحيا هذه العظام"؟. إن روح الله (في آ 1)، هو ذاته في آ 14 أ. لذلك، فالبداية والنهاية متعلّقتان به، من مبادرته إلى نهاية مخطّطه الخلاصي لشعبه. وإنّ توجيه حزقيال بروح يهوه (آ 1)، يدلّ على حضور إله العهد عاملاً بكلمة نبيّه. وهذا النبي، المتّحد بالروح، ينقل الكلمة إلى شعبه إذ يخاطبه (آ 14). إن الكلمة مجتمعة مع الروح تصير حدثاً فاعلاً، خلاصياً وحاملاً الرجاء. ليس النبي مخلّصاً، بل مساهم تمرّ كلمة يهوه من خلاله. * تلخيص إن هذا النص هو من أشهر نصوص حزقيال. ونجد فيه، بشكل قويّ، تعزية الشعب الذي فقد الرجاء. إنّ النبي، بهذه الرؤيا، يردّ على وضع مأساوي تلا انهيار أوهام بيت إسرائيل. والروح الموعود في هذا الإطار، يتدخّل ليعطي الحياة لبني إسرائيل لكي يخلقهم من جديد. وهذا الخلق الجديد يتخذ شكل خروج من المنفى وعودة إلى البلاد. فبعد تدخّل روح يهوه، سيرجعون شعباً يرى في إلهه، ذلك القائل الفاعل بقوّة أكيدة. يبقى 37: 1- 14 وعداً غير مقيّد بشروط، ودون دعوة إلى الارتداد أو إلى الطاعة. كل شيء متعلّق بمبادرة الله في مجانيتها. إن إرادة الله ترفض موت شعبه، إسرائيل، وتَلاشيه. فالله يريد خلاص هذا الشعب، لذلك يُرسل النبي، كعلامة محسوسة وواضحة للعلاقة بينه وبين شعبه. إنه مع حزقيال ليُحيي رجاء المنفيّين، ويعيد لوجودهم معناه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156916 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() العظام اليابسة 37: 1- 14 إن 37: 1- 14 يشكِّل تتمّة لما في 36: 16- 38. بعد أن تحدّث النبيّ عن تجديد الشعب والأرض في الكلام النبويّ السابق، ها هو يؤكد مجدداً إرادة يهوه في تجذير وعده من خلال رؤيا. إنه سينعش رجاء شعبه في منفاه (37: 1- 14). وهذا سيتم بإعادة بناء بيت إسرائيل على أرضه بواسطة روح يهوه. 1- تحديد موضع النص إن 36: 16- 38 و37: 15- 28 يشكّلان كلامين نبويّين مستقلّين حرفياً عن 37: 1- 14. وبالإضافة إلى ذلك، فإن 37: 1- 14 هو رؤيا، وموضوعها (قيامة بيت إسرائيل)، يختلف عن موضوع الرؤيا في 37: 15- 38 المخصّصة لوحدة الشمال والجنوب. وأخيراً، إن "روح يهوه" تعبير لا يَرِد إلاّ مرتين في 37: 1- 14، في بداية النص (آ 1) وفي نهايته (آ 14). وبالتالي، فإن كلام الربّ الوارد في آ 1 "بروح الربّ" وفي آ 14 "روحي" يضع حدوداً لنصّ 37: 1- 14 كوحدة مستقلّة. 2- بنية النص يقسم النص إلى ست وحدات صغيرة مقدمة بطريقة متماسكة: آ 1- 3؛ 4- 8؛ 9- 10؛ 11؛ 12- 13 و14. تشكل آ 1- 3 مقدّمة تبيّن المكان الذي نقل روحُ الله النبيَّ إليه، وتصف هذا المكان، وهو وادٍ مليء بالعظام اليابسة. بعد هذا العرض، يطلب يهوه من حزقيال أن يتنبّأ مرّتين، مرّة على العظام، (آ 4- 8) ومرة أخرى على الروح (آ 9- 10). والنبوءتان أيضاً، مبنيّتان بالطريقة ذاتها. في آ 4- 6، 9، يأمر الربّ حزقيال، وفي آ 7- 8، 10 ينفِّذ النبي الأمر. أما آ 11 فتعبّر عن كلام الشعب الذي يشكو من وضعه المأساوي. "يبست عظامنا...". واستجابة لصراخ الشعب، يطلب يهوه مجدداً من النبيّ أن يعلن أن إسرائيل سيصعد من القبور (آ 12- 13)، وان الروح سيعيده ليعيش على أرضه (آ 14). إستناداً إلى الملاحظات السابقة، نضع بنية النص بالطريقة التالية: (أ) آ 1- 3: روح يهوه تعمل في النبي يهوه يطرح سؤالاً على حزقيال: أتحيا هذه العظام؟ (ب) آ 4- 8: نبوءة على العظام (ج) آ 9- 10: الروح ينفخ على الأموات. (ب ب) آ 11: العظام هي كل بيت إسرائيل (ج ج) آ 12- 13 "وأصعدكم من القبور" (أماكن الأموات). (أ أ) آ 14: الجواب على السؤال الوارد في آ 3 هو التالي: "وأجعل روحي فيكم فتحيون". إن آ 4- 8 موازية لما في آ 11 التي تتحدّث عن العظام. وكذلك الأمر بالنسبة إلى آ 9- 10 و12- 13 حيث أموات آ 9- 10 سيخرجون من قبورهم (آ 12- 13). وأخيراً فإن آ 14 وآ 1- 3 تتجاوب: إن الجواب في آ 14 "فتحيون" هو مرتبط بالسؤال المطروح في آ 3: "أتحيا هذه العظام"؟ 3- معنى النص ولاهوته على ضوء البنية المعروضة سابقاً، سنفسرِّ كل وحدة بمفردها، مع ربطها بالوحدات الأخرى في الوقت ذاته. * مكان الرؤيا 1- كانت عليَّ يد الربّ. فأخرجني بروح الربّ وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنة عظاماً. 2- وأمرَّني عليها من حولها وإذا هي كثيرة جداً على وجه البقعة وإذا هي يابسة جداً. 3- فقال لي: "يا ابن آدم، أتحيا هذه العظام"؟ فقلت: "يا سيدي الربّ، أنت تعلم". إن ورود الإسم الرباعي ليهوه ثلاث مرات في بداية الفقرة وفي نهايتها (آ 1، 3)، يجعل يهوه سيد الموقف، "يد الربّ (يهوه)"، "روح الربّ"، "سيدي الربّ". إن التعبير الأول ينقلنا إلى رؤى جديدة في سفر حزقيال؛ وهو متصل أحياناً بروح يهوه الفاعل في النبي ليجعله ينتقل من خلال رؤيا. "كانت يد الربّ عليه" تعني أن الله وضع الكلام في فم النبي، وان روح الله ينتزعه من الرؤية العادية للأشياء ويدخل في طويَّته الروحية. وبالتالي فإن انتقال النبي فكريّ أكثر ممّا هو جسديّ. وتعبير "العظام" بصيغة الجمع، يتكرر ثلاث مرات لإبراز هدف يهوه، وهو إعادة إحياء هذه العظام (آ 3). والعظام موجودة في مكان معين، إنها "في وسط البقعة". وهي "كثيرة جداً ويابسة جداً". هذا الوصف يقرِّبنا من واقع يُظهر عَدَماً خالياً من كل رجاء؛ والمرور من حولها في كل الإتجاهات، ليس سوى تأكيد على غياب الحياة فيها. ويأخذ يهوه المبادرة، في آ 3، ويطرح على حزقيال السؤال: "يا ابن آدم، أتحيا هذه العظام"؟. إن عبارة "يا ابن آدم" تذكّر النبيّ بوضعه البشريّ وتخلق مسافة بينه وبين الله المتسامي. إن هدف يهوه يتوضّح من خلال السؤال الذي طرحه، وهو إعادة إحياء العظام. وفي 31 ب، يتضمّن جواب النبيّ فعل إيمان، "أيها السيد الربّ"، وفي الوقت ذاته ثقة بإمكانات الله غير المحدودة التي لا يقدر عليها عجز الإنسان. لم يعد لدى "ابن آدم" ما يقوله أمام موقف كهذا، "يا سيدي الربّ، أنت تعلم". * حزقيال يتنبّأ على العظام (أ) 4- فقال له: "تنبأ على هذه العظام وقل لها: أيتها العظام اليابسة، اسمعي كلمة الرب. (ب) 5- هكذا قال السيّد الربّ لهذه العظام هاءنذا أدخل فيكم روحاً فتحيون (ج) 6- وأضع عليكم عصباً، وأكسبكم لحماً وأبسط عليكم جلداً. وأعطيكم روحاً فتحيون وتعلمون أني أنا الرب". (أ أ) 7- فتنبأت كما أُمرت. وبينما أنا أتنبأ كان صوت، وإذا ارتعاش فتقاربت العظام كل عظم إلى عظمه. (ج ج) 8- ونظرت: وإذا بالعصب واللحم كساها وبُسط الجلد عليها (ب ب)- وليس فيها روح. بعد التجوّل في الوادي، بكل الإتجاهات (آ 1- 3)، تلقّى حزقيال الأمر بأن يتنبأ على العظام اليابسة (آ 4). في البداية، يُعلمه يهوه بما عليه أن يقول (آ 4، 6)، قبل أن يترك الكلام له (آ 7- 8). إنّ كلمة الله تمر بإنسان ليعلنها. وفي آ 4، يتمّ تشخيص العظام اليابسة، لأن كلام يهوه سيكون موجهاً إليهاً، "إسمعي كلمة الرب". وتؤكد آ 5 من جديد على أنّ النبوءة تأتي من الرب. وبالإضافة إلى ذلك، لن تحيا هذه العظام بدون روح يعطيها يهوه (آ 5 ب، 6ب). وضمير المتكلم "أنا" الذي تكرر خمس مرات في آ 5- 6، بشكل بارز ومستتر، يجعل يهوه العامل الفاعل الوحيد في القصة: فهو من يعطي الروح ويجعلها تدخل في تلك العظام. إن "الروح" المشار إليها في آ 5 ب، 6 ب، 8 ب ليست روح يهوه (آ 1). إنها تأتي من الله وليست الله ذاته، بل هي علامة وجود الحياة في الإنسان. وإنّ آ 6 أ تعبّر عن إِحياء العظام ابتداءً من أعمقها في جسم الإنسان، ابتداءً بالعصب، ثم اللحم، ثم الجلد، إن الإنسان مكوّن من جسم وروح واكتمال هذين العاملين فيه متعلّق بيهوه، "وتعلمون أني أنا الرب". إن عمل يهوه لصالح العظام اليابسة هو انجاز خلاّق ذو وجهين: الله يعيد خلق جماعة (من البشر)، لترى وتعرف أنه يهوه، مصدر الخلق والايمان، وبعد أمر يهوه يأتي التنفيذ حيث يأخذ النبي الكلام. وصيغة المتكلم التي استعملها النبيّ في آ 7، تدلّ أنه الفاعل الذي يقوم بأعمال ثلاثة: تلقّى "الكلمة" (آ 7)، "والتنبّؤ" (آ 7)، "والنظر" (آ 8). يتلقّى النبيّ كلمة ليست منه. وفاعلية هذه الكلمة يجب أن تمتد لتصل إلى الآخرين. وبالإضافة إلى ذلك، فالنبيّ هو شاهد على مفعول هذه الكلمة في الناس. والصوت والارتعاش (آ 7) يدلاّن على الحركة، فالعظام تتقارب من بعضها، ويطرأ عنصر خارجي في اللحظة التي يتنبأ فيها حزقيال، تُحدث كلمته المفاعيل التي أعلن عنها سابقاً وتعود الأعصاب واللحم والجلد إلى مواضعها. ولكن الأجسام تبقى بدون روح. ويرى تسيمارلي أنّ "هناك ميلاً عند حزقيال للتوسّع في المسار القصصي، وخاصة لعرض أنتروبولوجيا تقليديّة (هي التي تخبر عن خلق الإنسان على مرحلتين: تك 2: 7)، فتتوقف هنا مرحلة أولى، بانتظار أمر جديد من الله". * حزقيال يتنبأ للروح. "فحيوا وقاموا". (أ) 9- فقال لي: "تنبأ للروح، تنبأ يا ابن آدم - وقل للروح: هكذا قال السيد الرب (ب)- هلمّ يا روح من الرياح الأربع وهُبَّ على هؤلاء القتلى ليحيوا. (أ أ) 10- فتنبأت كما أمرني (ب ب)- فدخل فيهم الروح فحيوا وقاموا على أقدامهم: جيش عظيم جداً جداً. إنّ آ 9، 10 متوازيتان. بالواقع، يعطي الله الأمر للنبي (آ 9 أ) الذي ينفّذه (آ 10 أ)، وهذه هي الحال في الفقرة السابقة. وكلام يهوه في آ 9 ب يقوم على دعوة الروح ليهبّ على القتلى؛ وفي آ 10 ب، يتحقّق كلام الله لأن الموتى عادوا إلى الحياة. إن حزقيال، في استعماله لكملة روح "روح" ينتقل من معنى إلى آخر بطريقة لاشعوريّة. وفي آ 4- 8، الروح يعني نفخة الحياة البشريّة؛ وفي آ 9 و10، نجد كلمة "روح" مسبوقة "بأل التعريف" فتصبح مشخّصة. فهذا الروح يجب أن يأتي "من الجهات الأربع"، "من الرياح الأربع"؛ فهو في كل مكان، وغير محدّد في الوقت ذاته. وإنّ آ 1، 14 تتحدّثان عن روح يهوه الذي يؤثر في النبي، ويجعل الموتى يحيون. لذلك، فإن الروح في 91 و10 لا يأتي من الله بل من قوة حياة تعبر العالم وتغمر الجثث كالريح. ومع ذلك، فإن مجيء هذا الروح متعلّق بإرادة يهوه. وبالإضافة إلى ذلك، ففي زمن حزقيال، كما في زمن أيوب (راجع 14: 14)، لم يكن الناس يعرفون شيئاً عن قيامة شاملة للموتى في اليوم الأخير، ولم يكونوا يريدون أن ينكروا على يهوه إمكانيّة احياء الموتى بقدرته كخالق. إن قدرة يهوه هذه، سبق أن أيدها سفر الملوك (1 مل 17: 17 ي؛ 2 مل 4: 31 ي؛ رج 2 مل 13: 20 ي. والإشارة إلى يهوه كـ "إله أرواح جميع البشر" (عد 16: 22). * هذه العظام، هي كل بيت إسرائيل 11- ثم قال لي: يا ابن آدم، هذه العظام هي كل بيت إسرائيل. ها هم يقولون: "يبست عظامنا، وهلك رجاؤنا، وقد انقطعنا". إن المقطوعة 1- 10 قد تفسّر رؤيا بعيدة عن الواقع إن لم نربطها بهدفها. وإنّ آ 11 تلعب دور جسر يصل الخيالّي بالواقعيّ. وعبارة "ابن آدم" تدلّ على رسالة جديدة موجّهة إلى النبي، وهي تفسير الرؤيا. هذه العظام، هي كل بيت إسرائيل. في آ 11 ب، يشتكي الشعب من وضعه المأساوي، ويستعيد، في كلامه، التعابير المستعملة في الرؤيا، "عظام يابسة". إن الشعب مقتنع بدماره وضياعه المميت، "هلك رجاؤنا". وكما أشرنا في الفصل الأول من هذا الكتاب، إن إسرائيل حافظ على رجائه حتى سقوط أورشليم والهيكل في يد البابلبيين. منذ بداية فقدان الرجاء في حياة المنفيّين، يتدخّل الله ويُبلغ مخطّطه الخلاصي إلى النبي. والنبي بدوره يشرح كلمة يهوه مستنداً إلى تعبير يصف خيبة شعب إسرائيل الحالية: "يبست عظامنا، وهلك رجاؤنا. قد انقطعنا" (آ 11 ب). * سأفتح قبوركم 12- لذلك تنبأ وقل لهم: (أ)- هكذا قال السيد الرب (ب)- هأنذا أفتح قبوركم (ج)- وأصعدكم من قبوركم يا شعبي (أ أ)- 13- فتعلمون أني أنا الرب (ب ب)- عند فتحي قبوركم (ج ج)- وإصعادي إياكم من قبوركم يا شعبي. بهذه الآيات يردّ النبي على "هلاك الرجاء" الذي تمّ التعبير عنه في آ 11. فقد سبق أن تنبّأ حزقيال للروح فعاد الموتى إلى الحياة (آ 10). فهؤلاء لم يعد مكانهم في القبور (آ 12- 13). وإنّ آ 12 أ تفتح النبوءة مثل آ 5، 9. هذا الكلام موجّه إلى شعب يائس (رج آ 11) يدعوه الله إلى فعل إيمان (آ 13 أ). وإنّ آ 12 ب و13 ب متوازيتان: إن الاعتراف الإيماني ينبع من فعل يهوه الذي سيفتح القبور. وهكذا يتدخّل الله ذاته في فعل تحرير شعبه. وإنّ آ 12 ج موازية للآية 13 ج ج: يدعو يهوه بيت إسرائيل "شعبي" ويؤكد أنه لم ينسَ عهده معه. إن إخراج شعبه من القبور يؤدّي إلى "إعادته" إلى أرضه. والقبور تشير إلى حالة المنفى الذي وقع فيه الشعب اليهودي في أرض بابل. يجب أن نشير هنا إلى فعل "صعد"، "ع ل ه"، الذي يُعيدنا إلى تقليد الخروج، عندما "أصعد" الله شعبه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156917 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() تحيون فتعلمون أ- 14- وأجعل روحي فيكم ب- فتحيون أ أ- وأجعلكم في أرضكم ب ب- فتعلمون أني أنا الرب تكلّمت وأفعل، يقول الربّ. إن العودة إلى أرض إسرائيل يجب أن تمرّ بالروح. وإنّ آ 14 (أ) وآ 14 (أ أ) تصفان عملين قام بهما يهوه لمصلحة إسرائيل؛ جعل روحه فيهم، وجعلهم في أرضهم. والروح في آ 14 (ب) يعطيهم الحياة. أما في آ 14 (ب ب) فسيصبح إسرائيل نشيطاً فاعلاً ويعرف يهوه مجدداً. وهذا سيتحقّق بعد معاينة فعاليّة كلمة يهوه، والشهادة لها؛ "تكلمت وأفعل" (14 ب ب). وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ آ 14 هي جواب على السؤال الذي وجّهه يهوه إلى النبي في آ 3: "أتحيا هذه العظام"؟. إن روح الله (في آ 1)، هو ذاته في آ 14 أ. لذلك، فالبداية والنهاية متعلّقتان به، من مبادرته إلى نهاية مخطّطه الخلاصي لشعبه. وإنّ توجيه حزقيال بروح يهوه (آ 1)، يدلّ على حضور إله العهد عاملاً بكلمة نبيّه. وهذا النبي، المتّحد بالروح، ينقل الكلمة إلى شعبه إذ يخاطبه (آ 14). إن الكلمة مجتمعة مع الروح تصير حدثاً فاعلاً، خلاصياً وحاملاً الرجاء. ليس النبي مخلّصاً، بل مساهم تمرّ كلمة يهوه من خلاله. * تلخيص إن هذا النص هو من أشهر نصوص حزقيال. ونجد فيه، بشكل قويّ، تعزية الشعب الذي فقد الرجاء. إنّ النبي، بهذه الرؤيا، يردّ على وضع مأساوي تلا انهيار أوهام بيت إسرائيل. والروح الموعود في هذا الإطار، يتدخّل ليعطي الحياة لبني إسرائيل لكي يخلقهم من جديد. وهذا الخلق الجديد يتخذ شكل خروج من المنفى وعودة إلى البلاد. فبعد تدخّل روح يهوه، سيرجعون شعباً يرى في إلهه، ذلك القائل الفاعل بقوّة أكيدة. يبقى 37: 1- 14 وعداً غير مقيّد بشروط، ودون دعوة إلى الارتداد أو إلى الطاعة. كل شيء متعلّق بمبادرة الله في مجانيتها. إن إرادة الله ترفض موت شعبه، إسرائيل، وتَلاشيه. فالله يريد خلاص هذا الشعب، لذلك يُرسل النبي، كعلامة محسوسة وواضحة للعلاقة بينه وبين شعبه. إنه مع حزقيال ليُحيي رجاء المنفيّين، ويعيد لوجودهم معناه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156918 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() روح جديد وأرض جديدة بدت المسيحانيّة لنا كتعبير من تعابير الخلاص عند حزقيال. فبأيَّ تعابير أخرى سيحقّق يهوه وعده؟ بإعادة شعبه إلى وطنه، ليسير بحسب شرائع الله، ويمارس عاداته، لأنه سيعود ليكتشف الحضور الإلهي في وسطه. أ- على جبال إسرائيل 36: 16- 38 1- الإطار الأدبي يشكّل 36: 18- 38 جزءاً من مجموعة الأقوال النبويّة والرؤى بعد سقوط أورشليم، سنة 587 ق. م. إنّ النبوءة السابقة تتضمّن أقوالاً نبويّة مُوجَّهة إلى جبال إسرائيل. حيث يتعلّق الموضوع بإعادة إسرائيل إلى بلاده، وتخليصه من "استهزاء" الأمم (36: 1- 15). إنّ ازدياد عدد السكان على أرضهم، وترميم البلاد، يهدفان إلى خلاص الشعب ومعرفته ليهوه (آ 11). أمّا النص الثاني، (37: 1- 14)، فيصف عظاماً يابسة ويوحي بوضع إسرائيل الحالي، قبل قيام روح يهوه. وهكذا، فإنّ 36: 16- 38 يقع في مجموعة متمحورة حول عطيّة الروح كباكورة العودة من المنفى. 2- تحديد موضع النص يبدأ النص بالعبارة النبويّة المعتادة عند حزقيال: "وكان إليّ كلام الرب قائلاً:..." (آ 16). ومن ناحية أخرى، فإنّ 37: 1 يقدِّم نموذجاً آخر من التعبير الذي يستعمله النبيّ ليبدأ معظم رؤاه، كما في 1: 3. وكلمة "ادم" موجودة في 36: 1 وفي نهاية الفصل (آ 38). وتشكّل تضميناً، بحيث توضح حدود مجموعة حز 36: 16- 38. وأخيراً، فعبارة "يقول السيّد الرب" تختتم عدَّة نصوص في سفر حزقيال، كما في 35: 15 ب؛ 37: 14؛ 37: 28 الخ... إذن، إنّ حزقيال 36: 16- 38 يشكّل وحدة، متميِّزة بنوعها الأدبي عن الوحدة التالية (37: 1- 14). 3- البنية يقسم 36: 16- 38 إلى أقسام عديدة، فيبدو محكم البناء. إنّ آ 16- 17 أ تفتحان النبوءة لتكشفا الرسالة وتشهدا على أنّ الكلام الذي ينقله حزقيال صادر عن الله. أما في آ 17 ب- 19، فالتعابير: "نجسّ"، "أفعال" "طريق أو سلوك"، تتكرّر عدّة مرات، والمقصود هو التشُّرد في البلدان الغريبة بسبب السلوك السيىء لبيت إسرائيل. وتتجاوب آ 20، 24 من خلال التناقض بين التعابير: "... خرجوا من أرضه" و"آتي بكم إلى أرضكم". إنّ اللهجة ضمن آ 20- 24 تركّز على "الإسم القدّوس" ليهوه، إذ يتكرّر التعبير عنه أربع مرات. وكلمة "نجاسة" الموجودة في آ 25 و29 أ، تشكّل تضميناً آخر يسمح بالتمييز بين آ 25- 29 أَ وآ 24، 30. إنّ نجاسات الشعب، المذكورة في الآيات 17- 19، قد تطهّرت في الآيات 25- 29 أَ. ينتج مما تقدّم أنّ هاتين الفقرتين الأخيرتين تتجاوبان، وتحيطان بالآيات 20- 24. وهكذا، نجد أيضاً تصالباً مبنياً بحسب الرسم البياني التالي: (أ) 17- 19 شعب نجس. (ب) 20- 24: الله سينقذ إسرائيل لأجل "اسمه القدوس". (أ أ) 25- 29 أ تطهير الشعب النجس. إنّ الفعل "كثّر" في 29 ب 30 و37 يحيط بقسم ثانٍ من النص هو 29 ب- 38. ففي البداية إنّ الآيات 29 ب- 32 تظهر يهوه يُكثِّر الحنطة والثمار ليتلافى مجاعة شعبه. ثم تأتي آ 33- 36 لتذكِّر بالمدن التي ستصير مأهولة في البلاد، بعد تطهير الأمم وشهادتها للرب. وأخيراً، فإنّ الشعب سيتكاثر ويجتمع في اورشليم (آ 37- 38). وهذا ما يَظهر في رسم بيانيّ جديد: (أ) 29 ب- 32: تكثير الحنطة، تلافي الجوع، دعوة إلى الإرتداد. (ب) 33- 36: مدن مأهولة، وشهادة الأمم. (أ أ) 38- 37 نموّ الشعب في أورشليم/ معرفة الرب. إذا كانت آ 17- 29 أ تحتوي الوعد بالخلاص، والسبب الذي سيجعل يهوه يعمل، فإنّ آ 29 ب- 38 تصف الإنجاز المنظور لهذا الخلاص، وترميم بيت إسرائيل على أرضه. يمكن أن نقدّم نظرة عامة إلى 36: 16- 38: 17- 19 (التشتت) 37- 38 (إعادة توحيد البلاد) 20- 24 (ليس لأجلكم أنا صانع) 29 ب- 32 (ليس لأجلكم أنا صانع) 25- 29 أ (تسكنون الأرض التي أعطيتها 33- 36 (لتُسكن المدن) لآبائكم (صارت كجنة عدن/ وصارت محصّنة معمورة). (أ)- 17- 19 "شتّت" (ب)- 20- 24: "ليس لأجلكم أنا صانِع" (ج)- 25- 29 أ: "سكن" (ب بَ)- 29 ب- 32: "ليس لأجلكم أنا صانع" (ج جَ)- : 33- 36: "سكن" (أأَ)- 37- 38: "جَمَعَ". هذا الرسم البيانيّ يُظهر لنا تقاطعاً متصالباً محاطاً بتضمين: 20- 24//29 ب- 32 مع العبارة "ليس لأجلكم أنا صانع؛ 25- 29 أ// 33- 36 لأنّ فعل "يسكن" ورد في الفقرتين. وأخيراً، 17- 19// 37- 38 وهما تتجاوبان من خلال تناقضهما. في آ 19، الفعل "شتّت"، يجاوب آ 38 حيث نقرأ الفعل "جمع". 4- معنى النص ولاهوته * نجاسة وتشتت (أ)- 17 ب إنّ بيت إسرائيل سكنوا أرضهم. (ب)- نجّسوها بطريقهم (سلوكهم) وأفعالهم. (ج)- كانت طريقهم أمامي كنجاسة الطامث. 18- فانسكب غضبي عليهم (ب ب) لأجل الدم الذي سفكوه على الأرض؛ وبأصنامهم نجَّسوها. 19- فبدَّدتهم في الأمم (أ أ) فتذروا في الأراضي؛ كطريقتهم وكأفعالهم أَدَنتهم. يبدو تناقض بين آ 17 ب وآ 19: فبينما كان أبناء بيت إسرائيل يسكنون أرضهم (آ 17 ب)، لم يعودوا فيها (آ 19). لقد تبدّدوا وتشتّتوا في البلدان الغريبة، لأنّ الله حكم عليهم بحسب سلوكهم وأعمالهم. إنّ تهجير شعب إسرائيل مرتبط بقرار إلهيّ متّخذ ضدَّه. وآ 17 ب و18 ب تعبرِّان عن سبب هذا الحكم، فقد نجسوا أرضهم وكأنهم دنّسوا شيئاً مقدّساً. بالواقع، إنّ فعل "نجّس" (طمة)، هو فعل بيبليّ يُستعمل في شعائر العبادة (لا 15: 20، 31: 18: 19). والنبيّ يعلن ذاته كاهناً إذ يستعمل هذا الفعل. إنّ البلاد هي مكان مقدّس لأنها مسكن يهوه (لا 15: 31) قال: "بتنجيسهم مسكني الذي في وسطهم". إنّ إِر 2: 7 يشير إلى أنّ البلاد هي ملك يهوه، إله إسرائيل: "فأتيتم ونجّستم أرضي". وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ الدم، (آ 18) "الذي يُسفك على الأرض" متصل بطقس يدل غالباً على التطهير، عند الكهنة (راجع أيضاً لا 14: 4- 7، 14، 25). وأحياناً، كان يُستخدم في طقوس متنوّعة، وخاصة طقس العهد (24: 3- 8). إذن، فالدم "دم" ذو علاقة مع الآلهة التي عُقد العهد أمامها. يندّد النبي في هذه الفقرة بخطيئة بيت إسرائيل الذي كان يبحث عن إله آخر غير يهوه. لقد تأثّرت البلاد بعبادة الأصنام: إنّ 36: 18 أَ تذكّرنا بـ 16: 36: "لدماء بنيك الذين بذلهم لها". وأخيراً، فإنّ آ 17 ج تذكّرنا بالمرأة النجسة (عد 6: 11 ي) الواقعة في الخطيئة، والمضطرة إلى الإبتعاد عن زوجها إلى أن تتطهّر من رجاساتها. لأجل ذلك تحتاج تلك المرأة إلى المثول أمام يهوه (آ 16 ي). وبحسب 36: 17 ج، يلعب يهوه دور الزوج الذي خدعته زوجته الخائنة إذ انحرفت نحو أصنام البلدان الغريبة. بعد تدنيس البلاد بالأصنام، تشتّت الإسرائيليون خارج أرضهم لأنهم لا يستحقّون السكن فيها. ويهوه هو أول مَن تأثّر بهذه الخيانة التي ارتكبها شعبه. لقد نكث إسرائيل العهد مع الله ليعقدوا سواه مع آلهة الأمم. لقد فقدوا إيمانهم بيهوه، ولم يعودوا يعرفونه، وتحوَّل طريقهم عنه. ويهوه المسؤول دائماً عن إسرائيل، يلفظ حكمه ضد شعبه، ويطرده من بلاده التي دنّستها الأصنام. * الله سينقذ شعبه، لأجل اسمه القدوس (أ) 20- وإلى الأمم حيث جاءُوا نجّسوا اسمي القدوس إذ قالوا لهم: "هؤلاء شعب الرب، وقد خرجوا من أرضه". (ب) 21- فتحننت على اسمي القدوس الذي نجّسه بيت إسرائيل في الأمم حيث جاءُوا. (ج) 22- لذلك فقل لبيت إسرائيل: هكذا قال السيد الرب. ليس لأجلكم أنا صانع يا بيت إسرائيل، بل لأجل اسمي القدوس الذي نجّستموه في الأمم حيث جئتم. 23- فأقدّس اسمي العظيم المنجّس في الأمم نجستموه في وسطهم. (ب ب) فتعلم الأمم أني أنا الرب -يقول السيد الرب- حين اتقدّس فيكم قدّام أعينكم. (أ أ) 24- وآخذكم من بين الأمم وأجمعكم من جميع الأراضي الغريبة، وآتي بكم إلى أرضكم. إن كلمة "الأمم" مرفقة دائماً بـ "ألـ" تكرّرت ست مرات في آ 20- 24، وهي تقسم الفقرة إلى خمس وحدات صغيرة منظمة بشكل تصالب محوريّ بحسب الرسم البياني الوارد أعلاه أ ب ج ب ب أ أ. وبالفعل فإن آ 20 أ و24 أ تتجاوبان إذ تتناقضان، والتعبير "هؤلاء شعب الرب"، "وقد خرجوا من أرضه" (آ 20) تجعل هذا الشعب موضع سخرية الأمم وتعارض كلام يهوه في آ 24: "وأتي بكم إلى أرضكم". وفي آ 20 و24 نجد ثلاث شخصيات، فاعل، وشاهد، وشخصية ثانوية، وهي على التوالي: يهوه، الأمم وبيت إسرائيل. ومع أن بيت إسرائيل نجَّس اسم يهوه القدوس، فيهوه سيتدخّل لصالحهم. والاسم القدوس يُعتبر مرادفاً ليهوه؛ وتنجيسه هو تنجيس ليهوه بالذات. وفي اللاويين 20: 24- 26 نقرأ: "وتكونون لي قدّيسين لأني قدوس أنا الرب، وقد ميّزتكم من الشعوب لتكونوا لي" (آ 26). هي تشير إلى الاتحاد القويّ بين قداسة يهوه وقداسة شعب إسرائيل. وقد ورد في الآية 24 ب: "أنا الرب الهكم الذي ميّزكم من بين الشعوب". إن يهوه، بهذا التمييز، قدّس إسرائيل بالنسبة للشعوب الأخرى. فمنذ الآن، صار إسرائيل مُلكاً لإلهه (آ 26 ب) الذي ميّزه من بين الشعوب. وبالتالي، فإن طرد إسرائيل من أرضه وتشتيته بين الأمم، هو إهانة لاسم "صخرة إسرائيل" (49: 24). وستشكّ الأمم بقداسة إله عاجز عن حماية شعبه في أرضه بالذات. إن الله يظهر قداسة اسمه الذي تنجّس بنفي شعب يهوه خارج أرضه (36: 20- 23)، ويقوم بجمع ذلك الشعب وإعادته إلى بلاده. تتحدّث آ 20 عن أرض الربّ وكأنها "أرضه". وفيما بعد تنسب آ 24 الأرض إلى بني إسرائيل فتقول: "أرضكم"؛ وهنا تبرز العلاقة بين يهوه وأرضه من خلال هوية الأرض ذاتها. إن تركيب آ 22: "ليس لأجلكم أنا صانع، يا بيت إسرائيل، بل لأجل اسمي القدوس"، يمكن أن يصدمنا. "ولكن حزقيال لم يستنبط هذ التركيب الذي تجذّر في التقليد الكهنوتي. إن النص المشهور الذي يروي عبور البحر الأحمر يعبّر جيداً عمّا ذكرنا في هذا المجال. بحسب الوثيقة اليهوهيّة، إن الربّ محارب يشنّ الحرب ليحرّر شعبه من الذين يلاحقونه. "فيعرف المصريون أني أنا الرب حين اتمجّد بفرعون ومركباته وفرسانه" (خر 14: 18). إن فكرة حزقيال متجذّرة إذن في هذا الوسط الكهنوتي، مثله مثل فكر أشعيا، عندما يقول بوحي من الله: "أنا الماحي ذنوبك..." (أش 43: 25). * روح جديد وقلب من لحم. (أ) 25- وأرش عليكم ماءً طاهراً، فتطهرون من كل نجاساتكم، ومن كل أصنامكم اطهّركم، (ب) 26- واعطيكم قلباً جديداً وأجعل روحاً جديدة في داخلكم، وانزع قلب الحجر من لحمكم واعطيكم قلباً من لحم، (ب ب) 27- وأجعل روحي في داخلكم وأجعلكم تسلكون في فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها. (أ أ) 28- وتسكنون الأرض التي أعطيت آباءكم إياها وتكونون لي شعباً، وأنا أكون لكم إلهاً 29 أ- وأخلّصكم من كل نجاساتكم. إن يهوه، بعد أن وعد بالعودة إلى البلاد، كعلامة على تقديس اسمه القدوس، ينتقل من المدى الخارجيّ للإنسان، أي المسكن، إلى المدى الداخليّ، وهو قلب الإنسان. إن آ 25 و29 تتجاوبان من خلال الكلمة "نجاسات". وبالإضافة إلى ذلك، فإن التوسع في التعبير "روح جديدة" و"قلب جديد" يجعل آ 26 و27 متوازيتين. من هنا جاء الترتيب أ ب/ ب ب أ أ، مُظهراً تطهير الإنسان عبر التغيير في روحه وقلبه بواسطة حلول روح يهوه فيه. إن التطهير بالماء الطاهر يعطي لهذه الفقرة نمطً كهنوتياً حاسماً (رج لا 15: 5 ي؛ 16: 4، 24 ي؛ 17: 15؛ 22: 6؛ عد 5: 19). يتوقّع حزقيال التطهير لبني إسرائيل العائدين إلى أرضهم، لكي يعودوا إلى عبادة إلههم (36: 25، 28). ولكن هذا التطهير يتجاوز عمليات الوضوء العاديّة، لأنه يحمل في ذاته فاعليّة إلهيّة: إن فاعل فعل "طهّر" هو يهوه (آ 25). مثل هذا التطهير ضروري بعد إقامة مديدة على أرض نجسة، وهو زمن من الاستسلام للممارسات الوثنية في عبادة "الأصنام". إن تغيير "قلب الحجر" (علامة صَمَم الشعب)، إلى "قلب من لحم" (رمز الطاعة لإرادة يهوه)، يتمّ بواسطة عطيّة "للروح الجديد" (36: 26؛ 11: 19). إن القلب القاسي مثل الحجر، سيعود حيّاً. والكلمة المفتاح، "جديد"، المضمومة إلى العهد عند إر 31: 31، هي مضمومة هنا إلى القلب والروح اللذين يتغيرّان بفضل التدخّل الجديد من قبل يهوه. يُنهض الله شعبه وينقذه من المنفى. في هذه العطيّة الجديدة، يدخل روح يهوه في الشعب فيجعله يدخل في طاعة جديدة. وبالعكس، فإن إر 31: 31 ي، يرجع ببساطة إلى الشريعة الموضوعة في قلب الإنسان. أما حزقيال فيستند إلى 1 صم 10: 6 ي حيث لا يكون الروح ملكيّة داخليّة، بل قدرة تعطي الإنسان إمكانيّة التحوّل والتبدّل. وهكذا يصبح الإنسان الجديد قادراً على اتبّاع شرائع وعادات يهوه. وبالتالي، يعود بيت إسرائيل من جديد شعباً ليهوه، الذي يعود إلهاً لهم (36: 28). إنه ارتداد يتّخذ شكل عودة إلى الأرض التي وُعد بها الآباء الأوّلون. وهذه العودة تؤكد أمانة يهوه التي تمتد من جيل إلى جيل مع العهد. إن فعل "خلّص" في نهاية الفقرة 25- 29 أ (فاعله يهوه) يدلّ على أن خلاص إسرائيل يمرّ بإلههه. * إسرائيل يتذكر خطاياه: 29 ب- وأدعو الحنطة وأكثّرها، ولا أضع عليكم جوعاً. 30- وأكثر ثمر الشجر وغلة الحقل لكي لا تنالوا بعدُ عار الجوع بين الأمم. 31- فتذكرون طرقكم الرديئة وأعمالكم غير الصالحة، وتمقتون أنفسكم أمام وجوهكم من أجل آثامكم وعلى رجاساتكم. 32- لا من أجلكم أنا صانع، يقول السيد الرب، فليكن معلوماً لكم. فأخجلوا وأخزوا من طرقكم يا بيت إسرائيل. عندما يعود الشعب، سيساعده الله إذ يجعل حقوله تثمر وغلاّته تتضاعف لئلا "ينال عار الجوع" (آ 29 ب- 30). إن الله يعبّر بأعماله عن مسامحته لإسرائيل، إذ يتقدّمه في الارتداد. إن تصرّف يهوه ليس مشروطاً بتوبة إسرائيل، بل يتجاوزها بغية تحريكها، "فتذكرون طرقكم الرديئة" (31: 3). إن حبّ الله الذي اختبره شعبه، يدعو هذا الشعب إلى الارتداد، أي إلى التخلي عن طرقه الماضية. * شهادة الأمم (أ) 33- هكذا قال السيد الربّ: في يوم تطهيري إياكم من كل آثامكم، أسكنكم في المدن فتبنى الخِرَب. 34- وتُفلح الأرض الِخرَبة عوضاً عن كونها خربة أمام عيني كل عابر. (ب) 35- فيقولون: "هذه الأرض الخَرِبة صارت كجنّة عدن والمدن الخربة والمقفرة والمتهدّمة محصّنة معمورة". (أ أ) 36- فتعلم الأمم الذين تُركوا حولكم أني أنا الربّ بنيت المتهدّمة وغرست المقفرة. أنا الربّ تكلمت وسأفعل. بعد المسامحة والدعوة إلى الارتداد، تأتي شهادة الأمم الذين سخروا من يهوه وشعبه (آ 20- 24). يهوه يعيد لإسرائيل هويته بسعادته إلى أرض استعادت خصبها. يجب أن تعرف الأمم عمل يهوه الذي يعيد لشعبه موقعه. ما قيل في آ 23 يتحقّق في آ 35- 36، وقداسة يهوه تبهر عيون الأمم المحيطة بإسرائيل. يهوه يطهِّر شعبه، فيبني له مدنه، وبذلك يعيد الإكرام لاسمه القدّوس الذي نُجِّس في آ 23 ي، وجنة عدن التي ذكرت في آ 35: "هذه الأرض الخربة صارت كجنَّة عدن"، ترمز إلى خصب الأرض. "مع حزقيال صارت جنّة "عدن" رمزاً "لجنة الله" المناقضة للصحراء والأرض غير المفلوحة أو الِخرَبة (36: 35؛ أش 51: 2- 3). * الشعب الذي تكاثر واجتمع سيعرف من هو يهوه (أ) 37- هكذا قال السيد الربّ: عن هذا أيضاً أجيب بيت إسرائيل السائلين أن أصنعه لهم. إني أكثِّرهم كخراف من البشر. (ب) 38- كخراف مقدَّسة، كخراف أورشليم في أعيادها. (ب ب) فتمتلىء المدينة الخِربة من خراف البشر. (أ أ) فيَعلمون اني أنا الربّ. إن آ 37 هي نقيض 20: 1- 31 و14: 1 ي، حيث لا يسمح يهوه باستشارة شيوخ إسرائيل. ولكن في نبوءَة الخلاص (36: 36 ي)، يترك يهوه مجالاً للبحث عنه، ليعود بعد ذلك فيعمل لمصلحة بيت إسرائيل. إن تكاثر السكان المشار إليه في 36: 11، وفي إضافات أخرى (آ 10 و12)، يأتي كنتيجة للتدخّل الإلهي. إن فعل العودة إلى أورشليم، والعيش فيها "كقطيع خراف مقدَّسة"، يفصل إسرائيل عن الأمم الأخرى، ويعطي معنى لهويته وانتمائه إلى الله. إن الإعتراف بيهوه، ضمن هذا الإطار، هو اعتراف إيماني بالنسبة لبيت إسرائيل (أ أ). بالواقع، لا يستطيع شعب العهد الرجوع إلى ربّه إلاّ بعد اعترافه الكامل وثقته الكاملة به. بحسب تك 17: 1 ي؛ لا 26: 9، العهد وتكاثر السكان يسيران معاً. "سأجعل عهدي بيني وبينك، وسأكثرك جداً جداً" (تك 17: 2). وحزقيال يستعيد صورة تك 17: 7، وموضوعه. * تلخيص توخّى 36: 16- 38، إظهار هدف واضح جداً: خلاص إسرائيل على مراحل. يندّد النبي، في البداية، بخطيئة إسرائيل، وسلوكه السيّىء، وعبادته للأصنام، وهذه جميعها أدّت به إلى التشتّت خارج أرضه (آ 17- 19). وقد أدّى هذا التشتّت إلى تنجيس اسم يهوه المقدَّس، لأنّ الأمم أنكروا قدرته على أن يكون الصخرة الواقية لإسرائيل. ولكن الله سيتدخل لصالح شعبه، ليعيد الاحترام والإكرام "لاسمه القدّوس". أنه سيقدّس هذا الشعب (آ 20- 25). وهذا التقديس يتمّ على مرحلتين: 1- التحول الداخلي للشعب بفضل عطية روح يهوه، ليصير هذا الشعب قادراً على السير بموجب شريعة الله والتقيّد بعاداته. 2- بعد التطهر تأتي العودة إلى البلاد كعلامة خارجيّة تجعل جميع الأمم تعرف من هو يهوه. ويتبع هذه العودةَ إعادةُ بناء المدن، وزراعةُ الأرض، وتكاثرُ السكان. وعند ذلك يصبح إسرائيل قادراً على عيش العهد، والبقاء وفياً لإلزاماته مع إقراره بأن يهوه هو إلهه الأوحد ولا إله سواه. "ولكن في هذه الحياة الجديدة، يتوجّب على إسرائيل أن يتذكّر باستمرار تاريخه الماضي (آ 31). وهكذا سيخجل من تصرّفه السابق، ويقدِّر عمل الربّ حقّ قدره". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156919 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() روح جديد وأرض جديدة بدت المسيحانيّة لنا كتعبير من تعابير الخلاص عند حزقيال. فبأيَّ تعابير أخرى سيحقّق يهوه وعده؟ بإعادة شعبه إلى وطنه، ليسير بحسب شرائع الله، ويمارس عاداته، لأنه سيعود ليكتشف الحضور الإلهي في وسطه. أ- على جبال إسرائيل 36: 16- 38 1- الإطار الأدبي يشكّل 36: 18- 38 جزءاً من مجموعة الأقوال النبويّة والرؤى بعد سقوط أورشليم، سنة 587 ق. م. إنّ النبوءة السابقة تتضمّن أقوالاً نبويّة مُوجَّهة إلى جبال إسرائيل. حيث يتعلّق الموضوع بإعادة إسرائيل إلى بلاده، وتخليصه من "استهزاء" الأمم (36: 1- 15). إنّ ازدياد عدد السكان على أرضهم، وترميم البلاد، يهدفان إلى خلاص الشعب ومعرفته ليهوه (آ 11). أمّا النص الثاني، (37: 1- 14)، فيصف عظاماً يابسة ويوحي بوضع إسرائيل الحالي، قبل قيام روح يهوه. وهكذا، فإنّ 36: 16- 38 يقع في مجموعة متمحورة حول عطيّة الروح كباكورة العودة من المنفى. 2- تحديد موضع النص يبدأ النص بالعبارة النبويّة المعتادة عند حزقيال: "وكان إليّ كلام الرب قائلاً:..." (آ 16). ومن ناحية أخرى، فإنّ 37: 1 يقدِّم نموذجاً آخر من التعبير الذي يستعمله النبيّ ليبدأ معظم رؤاه، كما في 1: 3. وكلمة "ادم" موجودة في 36: 1 وفي نهاية الفصل (آ 38). وتشكّل تضميناً، بحيث توضح حدود مجموعة حز 36: 16- 38. وأخيراً، فعبارة "يقول السيّد الرب" تختتم عدَّة نصوص في سفر حزقيال، كما في 35: 15 ب؛ 37: 14؛ 37: 28 الخ... إذن، إنّ حزقيال 36: 16- 38 يشكّل وحدة، متميِّزة بنوعها الأدبي عن الوحدة التالية (37: 1- 14). 3- البنية يقسم 36: 16- 38 إلى أقسام عديدة، فيبدو محكم البناء. إنّ آ 16- 17 أ تفتحان النبوءة لتكشفا الرسالة وتشهدا على أنّ الكلام الذي ينقله حزقيال صادر عن الله. أما في آ 17 ب- 19، فالتعابير: "نجسّ"، "أفعال" "طريق أو سلوك"، تتكرّر عدّة مرات، والمقصود هو التشُّرد في البلدان الغريبة بسبب السلوك السيىء لبيت إسرائيل. وتتجاوب آ 20، 24 من خلال التناقض بين التعابير: "... خرجوا من أرضه" و"آتي بكم إلى أرضكم". إنّ اللهجة ضمن آ 20- 24 تركّز على "الإسم القدّوس" ليهوه، إذ يتكرّر التعبير عنه أربع مرات. وكلمة "نجاسة" الموجودة في آ 25 و29 أ، تشكّل تضميناً آخر يسمح بالتمييز بين آ 25- 29 أَ وآ 24، 30. إنّ نجاسات الشعب، المذكورة في الآيات 17- 19، قد تطهّرت في الآيات 25- 29 أَ. ينتج مما تقدّم أنّ هاتين الفقرتين الأخيرتين تتجاوبان، وتحيطان بالآيات 20- 24. وهكذا، نجد أيضاً تصالباً مبنياً بحسب الرسم البياني التالي: (أ) 17- 19 شعب نجس. (ب) 20- 24: الله سينقذ إسرائيل لأجل "اسمه القدوس". (أ أ) 25- 29 أ تطهير الشعب النجس. إنّ الفعل "كثّر" في 29 ب 30 و37 يحيط بقسم ثانٍ من النص هو 29 ب- 38. ففي البداية إنّ الآيات 29 ب- 32 تظهر يهوه يُكثِّر الحنطة والثمار ليتلافى مجاعة شعبه. ثم تأتي آ 33- 36 لتذكِّر بالمدن التي ستصير مأهولة في البلاد، بعد تطهير الأمم وشهادتها للرب. وأخيراً، فإنّ الشعب سيتكاثر ويجتمع في اورشليم (آ 37- 38). وهذا ما يَظهر في رسم بيانيّ جديد: (أ) 29 ب- 32: تكثير الحنطة، تلافي الجوع، دعوة إلى الإرتداد. (ب) 33- 36: مدن مأهولة، وشهادة الأمم. (أ أ) 38- 37 نموّ الشعب في أورشليم/ معرفة الرب. إذا كانت آ 17- 29 أ تحتوي الوعد بالخلاص، والسبب الذي سيجعل يهوه يعمل، فإنّ آ 29 ب- 38 تصف الإنجاز المنظور لهذا الخلاص، وترميم بيت إسرائيل على أرضه. يمكن أن نقدّم نظرة عامة إلى 36: 16- 38: 17- 19 (التشتت) 37- 38 (إعادة توحيد البلاد) 20- 24 (ليس لأجلكم أنا صانع) 29 ب- 32 (ليس لأجلكم أنا صانع) 25- 29 أ (تسكنون الأرض التي أعطيتها 33- 36 (لتُسكن المدن) لآبائكم (صارت كجنة عدن/ وصارت محصّنة معمورة). (أ)- 17- 19 "شتّت" (ب)- 20- 24: "ليس لأجلكم أنا صانِع" (ج)- 25- 29 أ: "سكن" (ب بَ)- 29 ب- 32: "ليس لأجلكم أنا صانع" (ج جَ)- : 33- 36: "سكن" (أأَ)- 37- 38: "جَمَعَ". هذا الرسم البيانيّ يُظهر لنا تقاطعاً متصالباً محاطاً بتضمين: 20- 24//29 ب- 32 مع العبارة "ليس لأجلكم أنا صانع؛ 25- 29 أ// 33- 36 لأنّ فعل "يسكن" ورد في الفقرتين. وأخيراً، 17- 19// 37- 38 وهما تتجاوبان من خلال تناقضهما. في آ 19، الفعل "شتّت"، يجاوب آ 38 حيث نقرأ الفعل "جمع". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156920 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() معنى النص ولاهوته * نجاسة وتشتت (أ)- 17 ب إنّ بيت إسرائيل سكنوا أرضهم. (ب)- نجّسوها بطريقهم (سلوكهم) وأفعالهم. (ج)- كانت طريقهم أمامي كنجاسة الطامث. 18- فانسكب غضبي عليهم (ب ب) لأجل الدم الذي سفكوه على الأرض؛ وبأصنامهم نجَّسوها. 19- فبدَّدتهم في الأمم (أ أ) فتذروا في الأراضي؛ كطريقتهم وكأفعالهم أَدَنتهم. يبدو تناقض بين آ 17 ب وآ 19: فبينما كان أبناء بيت إسرائيل يسكنون أرضهم (آ 17 ب)، لم يعودوا فيها (آ 19). لقد تبدّدوا وتشتّتوا في البلدان الغريبة، لأنّ الله حكم عليهم بحسب سلوكهم وأعمالهم. إنّ تهجير شعب إسرائيل مرتبط بقرار إلهيّ متّخذ ضدَّه. وآ 17 ب و18 ب تعبرِّان عن سبب هذا الحكم، فقد نجسوا أرضهم وكأنهم دنّسوا شيئاً مقدّساً. بالواقع، إنّ فعل "نجّس" (طمة)، هو فعل بيبليّ يُستعمل في شعائر العبادة (لا 15: 20، 31: 18: 19). والنبيّ يعلن ذاته كاهناً إذ يستعمل هذا الفعل. إنّ البلاد هي مكان مقدّس لأنها مسكن يهوه (لا 15: 31) قال: "بتنجيسهم مسكني الذي في وسطهم". إنّ إِر 2: 7 يشير إلى أنّ البلاد هي ملك يهوه، إله إسرائيل: "فأتيتم ونجّستم أرضي". وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ الدم، (آ 18) "الذي يُسفك على الأرض" متصل بطقس يدل غالباً على التطهير، عند الكهنة (راجع أيضاً لا 14: 4- 7، 14، 25). وأحياناً، كان يُستخدم في طقوس متنوّعة، وخاصة طقس العهد (24: 3- 8). إذن، فالدم "دم" ذو علاقة مع الآلهة التي عُقد العهد أمامها. يندّد النبي في هذه الفقرة بخطيئة بيت إسرائيل الذي كان يبحث عن إله آخر غير يهوه. لقد تأثّرت البلاد بعبادة الأصنام: إنّ 36: 18 أَ تذكّرنا بـ 16: 36: "لدماء بنيك الذين بذلهم لها". وأخيراً، فإنّ آ 17 ج تذكّرنا بالمرأة النجسة (عد 6: 11 ي) الواقعة في الخطيئة، والمضطرة إلى الإبتعاد عن زوجها إلى أن تتطهّر من رجاساتها. لأجل ذلك تحتاج تلك المرأة إلى المثول أمام يهوه (آ 16 ي). وبحسب 36: 17 ج، يلعب يهوه دور الزوج الذي خدعته زوجته الخائنة إذ انحرفت نحو أصنام البلدان الغريبة. بعد تدنيس البلاد بالأصنام، تشتّت الإسرائيليون خارج أرضهم لأنهم لا يستحقّون السكن فيها. ويهوه هو أول مَن تأثّر بهذه الخيانة التي ارتكبها شعبه. لقد نكث إسرائيل العهد مع الله ليعقدوا سواه مع آلهة الأمم. لقد فقدوا إيمانهم بيهوه، ولم يعودوا يعرفونه، وتحوَّل طريقهم عنه. ويهوه المسؤول دائماً عن إسرائيل، يلفظ حكمه ضد شعبه، ويطرده من بلاده التي دنّستها الأصنام. |
||||