![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 156341 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() فخَرَجَ الفِرِّيسيُّونَ وتآمَروا علَيه لِوَقْتِهم معَ الهِيرودُسِيِّينَ لِيُهلِكوه. تشير عبارة " فخَرَجَ الفِرِّيسيُّونَ " إلى بقاء الفِرِّيسيِّين متمسكين بشريعة السَّبْت الشّكليَّة التَّي كانت تمنع كل شكل من أشكال العمل. أمَّا عبارة "تآمَروا علَيه" في الأصل اليوناني دƒد…خ¼خ²خ؟ل½»خ»خ¹خ؟خ½ ل¼گخ´ل½·خ´خ؟د…خ½ خ؛خ±د„' خ±ل½گد„خ؟ل؟¦ (معناها راح يعقدون مجلسا ضده) فتشير إلى اجتماع سرِّي خاص للتآمر بين الفِرِّيسيِّين والهِيرودُسِيِّينَ ضد يسوع. كانت المقاومة التَّي أثارها هذا الحادث مُرَّة لدرجة أن الفِرِّيسيِّين، وهم وطنيون مُتحمِّسون، كانوا على استعداد للاتِّفاق مع الهِيرودُسِيِّينَ، أعدائهم الذين كانوا يُعتبرونهم خائنين، لبذل مجهود مشترك لقتل يسوع. وانفرد مرقس هنا بين الأناجيل الإزائيَّة بذكر موافقة الهِيرودُسِيِّينَ مع الفِرِّيسيِّين في المؤامرة على يسوع. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156342 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() فخَرَجَ الفِرِّيسيُّونَ وتآمَروا علَيه لِوَقْتِهم معَ الهِيرودُسِيِّينَ لِيُهلِكوه. " لِوَقْتِهم " في الأصل اليوناني خµل½گخ¸ل½؛د‚ (معناها في الحال) فتشير إلى تعبير مرقس الإنْجيلي الذي تكرر 41 مرة في إنْجيله. ويعطي مرقس الإنْجيلي هذه العبارة أهميَّة كبرى حيث خرج الفِرِّيسيُّونَ في الحال مُبيِّنًا فوريَّة عمل الفِرِّيسيِّين مع الهِيرودُسِيِّينَ. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156343 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() فخَرَجَ الفِرِّيسيُّونَ وتآمَروا علَيه لِوَقْتِهم معَ الهِيرودُسِيِّينَ لِيُهلِكوه. "الهِيرودُسِيِّينَ" فتشير إلى هم جماعة، ليسوا طائفة دينية ولا حزباً سياسياً، بل مجرد اتباع هيرودس الكبير وخلفائه في فلسطين. غير أن صداقتهم لملكهم لم تجعلهم موظفين رسميين في بلاطه وكان لهم نفوذ واسع، وحاولوا إقناع الشعب بمولاة هيرودس وحلفائه ومولاة الرومان وحلفائهم ونظر إليهم الشعب المُعادي للرُّومان ولهِيرودُس نظرة كره واحتقار. ولكن هذه النظرة لم تمنع الفِرِّيسيِّين، أعدائهم من التحالف معهم ضد المسيح، فتآمروا معاً، الفِرِّيسيُّون الهِيرودُسِيّونَ، في الجليل (مرقس 3: 6) وفي القدس أيضًا حيث بقي الهِيرودُسِيّونَ إلى جانب الفِرِّيسيِّين يراقبون يسوع ليصطادوه بأسئلتهم (مرقس 12: 13) ويتامروا على قتله، كما ظهر من ردود اليهود "اشْتَدَّ سَعْيُ اليَهودِ لِقَتلِه، لأَنَّه لم يَقتَصِرْ على استِباحَةِ حُرمَةِ السَّبْت، بل قالَ إِنَّ اللهَ أَبوهُ، فَساوى نَفْسَه بِالله" (يوحنا 5: 18). وربما هم الذين دعوا خمير هيرودس (مرقس 8: 15). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156344 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() فخَرَجَ الفِرِّيسيُّونَ وتآمَروا علَيه لِوَقْتِهم معَ الهِيرودُسِيِّينَ لِيُهلِكوه. لِيُهلِكوه" في الأصل اليوناني ل¼€د€خ؟خ»ل½³دƒد‰دƒخ¹خ½ (معناها ليروا كيف يقتلونه) فتشير إلى إنباء بالآلام وإلى جسامة الصِّراع وأهميَّة أقوال يسوع. ومع أنَّ الفِرِّيسيِّين والهِيرودُسِيِّينَ كانوا أعداء، إلاَّ أنَّهم اتَّحدوا ضد يسوع، لأنَّه تحدَّى كبرياءهم وكشف دوافعهم غير الشّريفة، وأضعف سلطان شهرتهم. وبعد هذه البراهين والتَّفسيرات حول شريعة السَّبْت وتأكيدها بالمُعجزة، تملك أعداء يسوع الفِرِّيسيِّين والهِيرودُسِيِّينَ رغبة وحشيَّة في الانتقام. ومن السُّخريَّة أن يدفعهم هذا الحقد والكراهيَّة، مع حماستهم للشريعة، إلى تدبير مؤامرة قتل واضحٍ أنَّها ضد الشّريعة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156345 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() "السَّبْت" في الأصل اليوناني دƒل½±خ²خ²خ±د„خ؟خ½ مشتقة من العبريَّة ש×پض¼ض·×‘ض¼ض¸×ھ (معناها راحة)، وهو اليوم السَّابع في الأسبوع. ويبدأ عند غروب الشّمس يوم الجمعة ويستمر إلى الغروب التَّالي. يترك فيه الإنسان أشغاله الماديَّة حتى يستريح، لأنَّ الله استراح فيه من الخليقة كما جاء في سفر التكوين: "اَنتَهى اللهُ في اليَومِ السَّابِعِ مِن عَمَلِه الَّذي عَمِلَه، واَستَراحَ في اليَومِ السَّابِعِ من كُلِّ عَمَلِه الَّذي عَمِلَه. وبارَكَ اللهُ اليَومَ السَّابِعَ وقَدَّسَه، لأَنَّه فيه اَستَراحَ مِن كُلِّ عَمَلِه الَّذي عَمِلَه خالِقًا" (تكوين 2: 1 -3). ويُعلق القدّيس ألريد دو ريلفو: "إنّ اليوم السَّابع لا يُقارن؛ إنّ ما علينا التَّأمّل به ليس عمليَّة خلق هذا أو ذاك من عناصر الطَّبيعة، بل التَّأمّل في استراحة الرَّبّ وكمال الخليقة " (مرآة المحبّة). كم هو عظيم هذا اليوم، يوم الرَّاحة هذا وكم هو باهر يوم السَّبْت! ". تطور التَّفكير عن يوم السَّبْت حين أمر الله في طور سيناء في الوصيَّة الرَّابعة من الوصَايا العَشْر بحفظ السَّبْت، التي هي الوحيدة تختصّ بالطُّقوس الخارجيَّة: "اليَومُ السَّابِعُ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ، فلا تَصنَعْ فيه عَمَلًا أَنتَ وآبنُكَ وآبنتُكَ وخادِمُكَ وخادِمَتُكَ وبَهيمَتُكَ ونَزيلُكَ الَّذي في داخِلِ أَبوابِكَ، لأَنَّ الرَّبّ في سِتَّةِ الأَمٍ خَلَقَ السَّمَواتِ والأَرضَ والبَحرَ وكُلَّ ما فيها، وفي اليَومِ السَّابعِ استراح، ولِذلك بارَكَ الرَّبّ يَومَ السَّبْت وقدَّسَه" (الخروج 20: 8 -11). ولذلك فإن السَّبْت العبري يوم عينته إرادة الله. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156346 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ما هي دوافع رَّاحة السبت ؟ تنطلق دوافعه من قانون العهد الذي كان يبرز الجانب الإنساني الاجتماعي لهذه الرَّاحة، التي كانت تُتيح للعبيد أن يلتقطوا أنفاسهم (خروج 23: 12، تثنيَّة 5: 12). والتَّشريع الكهنوتي يُعطي للرَّاحة الجانب الدِّيني للعِبادة، فالإنسان بعمله يقتدي بنشاط الله الخلاَّق. فراحته في اليوم السَّابع تُحاكي راحة الله القُدسيَّة (خروج 31: 13...، تكوين 2: 2 -3). وهكذا قد أعطى الله السَّبْت لبني إسرائيل كعلامة، لكي يعلموا أن الله إنما يُقدِّس شعبه "أَعطَيتُهما أَيضًا سُبوتي لِتَكونَ عَلامةً بَيني وبَينَهم، لِيَعلَموا أَنِّي أَنا الرَّبّ مُقَدِّسُهم"(حزقيال 20: 12). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156347 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() كيف حافظ اليهود على راحة السَّبْت؟ حافظ اليهود على راحة السَّبْت حسب الشّريعة بصورة صارمة جدًا: تحريم إشعال النَّار (خروج 35: 3)، أو جمع الحطب (عدد 15: 32)، أو إعداد الطَّعام (خروج 16: 23). وحسب شهادة الأنبياء، كان احترام السَّبْت شرْطًا يتعلّق به تحقيق الوعود الخاصة بآخر الأزمنة (إرميا 17: 19-27،). ولذا نرى نحميا يتمسَّك بشدّةٍ بحفظ السَّبْت حفظًا كاملًا (نحميا 13: 15-22). وفي سبيل "تقديس" هذا اليوم (تثنية 5: 12)، كان ينظّم "محفل مقدّس" (الأحبار 23: 3)، وتقدمة ذبائح (عدد 28: 9-10)، وتجديد خبز التَّقدمة (الأحبار 24: 8، أيَّام 9: 32). أمَّا خارج أورشليم، فكانت تُبدَّل هذه الطُّقوس باجتماع في المجمع اليهودي، يُخصَّص للصلاة الجماعيَّة ولقراءة الكتب المقدّسة مع شرحها. وبقي اليهود يحفظون يوم السَّبْت بمواظبة، حتى تطرفوا في ذلك، فحفظوه حفظًا حرفيًا أحيانًا، وخلطوه بعبادات الأوثان أحيانًا أخرى، فأرسل لهم الله الأنبياء ليُرشدوهم إلى حفظ السَّبْت حِفظًا روحيًا، حسب رغبة الله (2 ملوك 4: 23 وعاموس 8: 5 وهوشع 2: 11 وأشعيا 1: 13). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156348 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() راحة السَّبْت بين العهد القديم والجديد في فترة السَّبي التي قضاها اليهود في بابل نسوا حفظ السَّبْت حيث بدأ رجال الله يُشدّدون على حفظه بعد العودة إلى كنعان، وجاهد نحميا جهاد الأبطال لإعادة المكانة القديمة ليوم السَّبْت (نحميا 10: 31 و13: 15 -22). وفي الفترة الواقعة بين عزرا والمسيح زاد اليهود عددًا من القوانين التَّقليديَّة التي يجب حفظها في يوم السَّبْت، تاركين الرَّحمة والحق التي هي الأمور الرَّئيسيَّة الواجبة فيه. وفي فترة ما بين العهدين انتشرت مجامع اليهود، فكان اليهود يقضون يوم السَّبْت في دراسة النَّاموس وفي الرَّاحة من أشغالهم الدُّنيويَّة. وقد شدّدوا في حفظ راحة يوم السَّبْت حتى أن الحسيديين (اليهود الأتقياء) قد آثروا أن يتركوا أنفسهم للموت على أن يدنّسوا السَّبْت بحمل السِّلاح (1 مكابى 32:2-38). ولكنهم عادوا وتجاوزوا عن الحرب في يوم السَّبْت للدفاع عن النَّفس في حالة الهجوم عليهم (1 مكابين 2: 39 -41). في فترة العهد الجديد، حفظ الإسينيُّون يوم السَّبْت أشدّ حفظ وأكمله، بينما علماء الفِرِّيسيِّين، أخذوا يُصيغون بشأنه الكثير من الفتاوي مغالية في دقَّتها. وعندما جاء المسيح كان موضوع حفظ السَّبْت هو مادة النِّزاع الأولى بين المسيح وبين شيوخ اليهود. فقد أرادوا حفظ اليوم حرفيًا كعبيد للسبت، بينما علم المسيح أن السَّبْت إنما جعل لأجل الإنسان (مرقس 2: 27). ولم يُلغِ ِ يسوع شريعة السَّبْت بل كان يتردّد في هذا اليوم على المجمع، وينتهزها فرصة ليُبشِّر بالإنْجيل (لوقا 4: 16). إلا أنه يؤاخذ علماء الفِرِّيسيِّين على تشدّدِهم الشّكلي قائلاً لهم: "إِن السَّبْت جُعِلَ لِلإِنسان، وما جُعِلَ الإنسان لِلسَّبت (مرقس 2: 27) ومُبيّنًا أنَّ واجب المحبَّة هو مقدَّم على التَّمسك ماديًا براحة السَّبْت (متى 12: 5، لوقا 13: 10-16). فضلًا عن ذلك، قرَّر يسوع لنفسه سلطانًا على السَّبْت: " إن َابنُ الإنسان سَيِّدُ السَّبْت" (مرقس 2: 28). وهذا أحد المآخذ التي يأخذها علماء اليهود عليه (يوحنا 5: 9) ولكنَّه، وهو يعمل الخير في يوم السَّبْت، ألا يقتدي بآبيه، الذي، وإن دخل إلى راحته في نهاية الخلق، لا يزال يسوس العَالَم ويُنعش حياة البشر؟ "إنّ أبي ما يَزالُ يَعمَل، وأنا أعمَلُ أيضًا" (يوحنا 5: 17). ويعلق العلامة أوريجانوس: "نحن نرى الله دائمًا في عمل. فلا يوجد سبت يتوقَّفُ فيه الله عن العمل، ولا يوجد يوم لا "يُطلِعُ شَمسَهُ على الأشرارِ والأخيار، ويُنزِلُ المطرَ على الأبرارِ والفُجّار" (متى 5: 45)، ولا وجود ليومٍ لا "يُنبِتُ العُشبَ في الجِبال، والزّرعَ لِمَنفعَةِ الإنسان" (مز147: 8)، وليس هناك يوم لا "يُميتُ ويُحيي" (1صمويل 2: 6) " (عظات حول سفر العدد، 22). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156349 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() مجادلات مع المسيح وتفسيره شريعة يوم السَّبْت يكثر في الإنْجيل مجادلات يسوع مع قادة اليهود حول السَّبْت (متى 12: 9-14ولوقا 13: 10-17، و14: 1-6 ويوحنا 5: 1-18 و7: 19-24)، ولقد كان لدى الفِرِّيسيِّين تسعة وثلاثين نوعًا من الأعمال التي يُحرم القيام بها في يوم السَّبْت، وذلك بناء على تفسيراتِهم للشَّريعة والعوائد اليهودية على ممرِّ الأجيال التي جمعت في كتاب التَّلمود. وكان الحَصَاد أحد هذه الأعمال المُحرَّمة، وعندما قطف التَّلاميذ سنابل القمح وفركوها بين أيديهم، كان ذلك نوعا من الحَصَاد في رأي الفِرِّيسيِّين، لكن التَّلاميذ قطفوا القمح، لأنَّهم جاعوا، وليس لأنهم أرادوا ان يحصدوا القمح لربح. فلم يكن يسوع ولا تلاميذه يعملون يوم السَّبْت. لم يردْ الفِرِّيسيُّونَ أن يروا أبعد من حرفيَّات الشّريعة، بل كانوا مُصمِّمين على اتهام يسوع بارتكاب الخطأ. لأنهم اتخذوا موقفا عِدائيا ًمن يسوع، فقد حسدوه على شعبيته ومعجزاته وسلطانه في الكلام. وكان اهتمامهم بمكانتهم في المجتمع، وفرصتهم للكسب الشّخصي من الأهميَّة بحيث فقدوا رؤيتهم كقادة دينيِّين. فكان يجب ان يتعرفوا على المسيح، ولكنَّهم أبوا الاعتراف به، لأنَّهم لم يشاؤوا أن يتخلَّوا عن مراكزهم وسلطانهم، وعندما كشف يسوع مواقفهم الحقيقيَّة، صار عدوًا لهم عوضًا عن أن يكون المسيح الذي انتظروه، بل بدأوا يبحثون عن الوسائل ليصطادوه ليُهلكوه. وحاول يسوع أن يُدافع عن تلاميذه مستعملاً خمسة براهين مختلفة لتفسير شريعة يوم السَّبْت البرهان الأول: داود رجع يسوع إلى جذور الدِّين اليهودي، فأعاد إلى السَّبْت معناه الأصلي، وهو المجال الرُّوحي الذي يتمُّ فيه عمل الله في تاريخ الإنسان. فابتدأ يسوع بتأنيب الفِرِّيسيِّين، لأنَّهم لم يتذكروا ما فعله داود نبيُّهم وملكهم الذي خالف شريعة الهيكل في استسلامه لشريعة الرَّحمة، إذ أكل خبز التَّقدمة هو ورفاقه يوم السَّبْت (الأحبار 24: 8). وخبز التَّقدمة يتكوَّن من اثني عشر رغيفًا الموضوعة على المائدة في المَقدِس، أي القسم المتوسط من خيمة الشِّهادة، وكان الكهنة يأتون بخبزٍ جديدٍ كل يوم سبتٍ، ويضعونه على تلك المَائدة، ويأخذون الخبز ويأكلونه (الأحبار 24: 5-9) ولا يجوز لاحدٍ غير الكهنة أن يأكلَ هذا الخبز (خروج 25: 30). لم يعاقب الرَّبّ داود، لأنَّ حاجته إلى الخبز كانت أهم من الحرفيات الطَّقسيَّة، لأنَّ المحافظة على الحياة في نظر الله أثمن من القوانين الطَّقسيَّة (1 صموئيل 21: 1-6). فالضُّروريات ة أباحت المَحظورات لداود، إذًا الأعمال الضُّروريَّة مُباحة يوم الرَّاحة، ومن أباحها في يوم الرَّاحة لا يخالف الوصيَّة الرَّابعة. فإن كان الرَّبّ لم يبكت داود على ذلك، فقد جاز لابن داود الأعظم يسوع المسيح، أن يسمح لتابعيه أن يقطفوا سنابلاً ويأكلوها في السَّبْت. وهنا يجب أن نؤكِّد أنَّ يسوع لم يكن يُشجِّع عصيان شرائع الله، بالحري كان يؤكد ضرورة التَّميز عند تنفيذ الشّرائع. وقد علم كل من داود ويسوع ان القصد الحقيقي من شريعة الله هو تعزيز المحبَّة لله وللأخرين، فلا تحفظ أي شريعة حِفظًا أعمى دون النَّظر بدقة أسبابها، لأنَّ روح الشّريعة أهم من حَرْفها. البرهان الثَّاني: الكهنة استشهد يسوع أيضا بالكهنة المُوكلين بخدمة العِبادة بقوله: أَوَما قَرأتُم في الشّريعَةِ أَنَّ الكَهَنَةَ في السَّبْت يَستَبيحونَ حُرمَةَ السَّبْت في الهَيكَلِ ولا ذَنْبَ علَيهم؟ فأَقولُ لكم إِنَّ هَهُنا أَعظَمَ مِنَ الهَيكَل (متى 12: 5-6). إذ يقومون بأكثر من عمل يوم السَّبْت ليهيئوا الذَّبيحة: ذبح البهائم المقدّمة في ذلك اليوم وسلخها وتقطيعها وإحراقها علمًا أنَّ هذا الامر كان محرَّمًا، لكنَّه جاز، لأنهم خدموا به الله. فالعمل الذي تقتضيه الخدمة التي أمر بها الله في العِبَادة لإقامة الطُّقوس والشّعائر الدِّينيَّة (متى 12: 5) يحلُّ في يوم السَّبْت مع أنَّ الوصايا العشر تحرم العمل في يوم السَّبْت (خروج 20: 8-11). لانَّ الهدف من السَّبْت كان الرَّاحة وعبادة الله، فقد كان مسموحًا للكهنة أن يقدّموا الذَّبائح وأن يؤدُّوا خدمات العبادة، كان هذا العمل في السَّبْت خدمةً وعبادةً الله. إذا جاز عمل الكهنة يوم السَّبْت، وهو مخالفٌ لحرف الشّريعة لقداسة خدمتهم في الهيكل، جاز بالأولى عمل تلاميذه لحضور المسيح معهم وقداسة خدمتهم إياه، لأنه هو أعظمُ من الهيكل، بل هو هيكل الله الحَي الحقيقي على الأرض، كما جاء في تعليم بولس الرسول: "فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللَّاهُوتِ جَسَدِيًّا" (كولسي 9: 2)، وفيه تُقدَّم العِبَادة الحقيقيَّة لله، لأنَّه الوسيط بين الله والنَّاس (1 طيموتاوس 2:5)، وبه حضر الله لشعبه. ولم يكن هيكل سليمان سوى رمز إليه (يوحنا 2: 19). فالمسيح هو الهيكل الحقيقي، وقد حلَّ على الأرض وهؤلاء التَّلاميذ يخدمونه ويتبعونه، فما الخطأ في أن يعمل التلاميذ هذا العمل البسيط ليستمروا في خدمتهم لرِّب الهيكل يوم السَّبْت؟ البرهان الثَّالث: النَّبي هوشع أشار يسوع إلى سلطته على الشّريعة، ولا سيما شريعة السَّبْت، (متى 12: 7) مستندًا إلى العهد القديم، (1 صموئيل 15: 22-23، مزمور 40: 6-8، أشعيا 1: 11-17، ارميا 7: 21-23) وعلى وجه الأخص إلى هوشع النَّبي "فإِنَّما أُريدُ الرَّحمَةَ لا الذَّبيحة، مَعرِفَةَ اللهِ أَكثَرَ مِنَ المُحرَقات" (هوشع 6: 6). ويقول يسوع للفرِّيسيِّين " َلو فَهِمتُم مَعنى هذهِ الآية: إِنَّما أُريدُ الرَّحمَةَ لا الذَّبيحة، لَما حَكَمتُم على مَن لا ذَنْبَ علَيهِم"(متى 12: 7). هذا هو مبدأ الرَّحمة الذي يصلح لكل زمان. اقتبس يسوع مبدأ الرَّحمة من قول هوشع النَّبي مُعلنًا أنَّ الله يفضِّل أعمال الرَّحمة على كل الأعمال الطَّقسيَّة مهما عظم شانها. وكون السَّبْت وضع لأجل الإنسان فلا يصحُّ أن يكون سببًا في جوع التَّلاميذ. فالله يريد رحمة لا ذبيحة. ومن هذا المنطلق، لام الفِرِّيسيِّون تلاميذ المسيح بسبب اكلهم وهم في حاجة إلى الطَّعام لأنهم خالفوا شريعة السَّبْت الطَّقسيَّة، ولكن يسوع لامَ الفَريسيِّين لأنهم خالفوا شريعة أعظم منها وهي شريعة الرَّحمة. لا يَنكر يسوع في نَّص هوشع (6: 6) مبدأ الذَّبائح الطَّقسيَّة، بل ينكر التَّمسك المتزمِّت بالطقوس التَّقليديَّة الخاصة بالحياة الدِّينيَّة إلى درجة إهمال وصيَّة الرَّحمة وهي وصيَّة رئيسيَّة. فكلمة هوشع النَّبي يدعو إلى التَّجديد الرُّوحي بقدر ما يحملهم هذا التَّجديد على الاعتراف بأنَّ يسوع هو المسيح الذي يُذكِّرنا بسُلم الأولويات الحقيقي: موقف قلوبنا من نحو الله يأتي في المقام الأول، بذلك فقط نقدر أن نطيعه ونحفظ الشّرائع والفرائض الدِّينيَّة. ومن هذا المنطلق، ليس مقياس السَّبْت في العِبَادة وما فيها من شعائر طقسيّة، بل الرَّحمة والشّفقة هما اللتان تُضيفان على التزام الإنسان في عمل الله قِوامه. ان تطبيق الأخلاق أكثر أهميَّة من الطُّقوس. البرهان الرَّابع: ابنُ الإنسان سَيِّدُ السَّبْت التجأ يسوع إلى برهانٍ آخرٍ مُعلنًا للفِرِّيسيِّن أنه "ابنُ الإنسان سَيِّدُ السَّبْت " (مرقس 2: 28)، إذ هو الذي خلق السَّبْت ومُشرّعه والخالق أعظم من الخليقة، وبذلك كان في يديه السُّلطان والحكم على تقاليد الفِرِّيسيِّين وشرائعهم وتغييرها في موضوع السَّبْت، لأنه خالق السَّبْت. والخالق أكبر من الخليقة. وفي هذا الجدال حول السَّبْت، أثبت يسوع أنَّه أعظم من السَّبْت، لأنَّه ابن الإنسان (متى 12: 8). وأكد كلامه بمعجزة شفاء رَجُلٌ يَدُه شَلاَّء. ان المسيح لا ينقض ناموس السَّبْت لكنه بصفته ابن الإنسان، يُعلن حقه في إخضاع السَّبْت لخير الإنسان. فالسَّبْت وُضع لخدمة الإنسان ومنفعته. فقد جعل السَّبْت للإنسان لا الإنسان لأجل السَّبْت. والمسيح سيد السَّبْت يُكرمه ويُثبّته، وفي الوقت ذاته يُحرِّره من القيود التي قيّده بها الفِرِّيسيُّونَ. فلو كان المسيح مجرد بشرٍ، لما حقَّ له أن يسمِّي ذاته سيد السَّبْت. لذلك يحق للإنسان أن يجري عملا في السَّبْت لحفظ حياته لا لهلاكه. لا ينقض المسيح ناموس السَّبْت، لكنَّه بصفته ابن الإنسان، يُعلن حقَّه في إخضاع السَّبْت لخير الإنسان. ولم يجرد المسيح يوم السَّبْت من قيمته كيوم للعِبَادة، فقد ذهب دومًا إلى المجامع للصَّلاة في يوم السَّبْت (لوقا 4: 16)، لكنَّه أضاف إليه أعمال الرَّحمة، فكان يتحنن على الإنسان ويعمل المعجزات في يوم السَّبْت، لأنَّه رب السَّبْت (مرقس 2: 28). ويعلق القدّيس الأسقف هيلاريون: "في يوم السَّبْت، كان يُطلب من الجميع، بدون استثناء، ألاّ يقوموا بأيّ عمل وبأن يستريحوا دون القيام بأيّ نشاط. لكن يسوع أعلن "إِنَّ أَبي ما يَزالُ يَعمَل، وأَنا أَعملُ أَيضًا" (يوحنا 5: 17) فكيف يُخالف يسوع قاعدة السَّبْت؟" (دراسة عن المزمور 91). ولكن في رؤية الفِرِّيسيِّين نجد أنَّ شريعة السَّبْت هي أهم من سيد السَّبْت، الدَّاعي إليها. دع الفِرِّيسيُّونَ لخدمة السَّبْت، ويسوع دعا لخدمة الإنسان. والفارق كبير بين "خدمة السَّبْت" وبين "خادمة الإنسان". البرهان الخامس: شفاء في السَّبْت أعطى الفِرِّيسيُّونَ لشرائعهم أولويَّة على احتياجات الإنسان وحماية نواميسهم أهم لديهم من تحرير الإنسان وشفائه. كانت قواعد السَّبْت تقول انه يمكن إبراء النَّاس في يوم السَّبْت متى كانت حياتهم معرضة للخطر. لكن يسوع أراد أن يكون يوم السَّبْت يوم خدمة وعمل الرَّحمة فقام يسوع في يوم السَّبْت، بمعجزة شفاء الرَّجل الذي يده شلاء (مرقس 3: 1-6)، ولم يكن هناك خطر الموت، وهي احدى سبع معجزات التي صنعها المسيح في السَّبْت (مرقس 1: 21؛ 1: 29، يوحنا 5: 9؛ ولوقا 13: 14؛ 14: 2) ليعلن أنَّ عمل الرَّحمة في يوم الجائز ومُرضٍ لله من ناحية، وليعلن للشعب ان الله هو إله الشّعب وليس إله القواعد، وأفضل وقت للوصول للإنسان هو عندما يكون في حاجة إلى عون من ناحية أخرى. الشِّفاء يوم السَّبْت هو علامة يوم الخليقة الجديدة، يعلق القدّيس البابا يوحنّا بولس الثَّاني أنّ الفكر المسيحي قد أقام عفويًّا الصِّلة بين القيامة التي وقعت في "اليوم الأوّل بعد السَّبْت" واليوم الأوّل في الأسبوع الكوني (التَّكوين 1: 1)، وهو في سفر التَّكوين، اليوم الذي تمّ فيه خلق النُّور (تكوين 1: 3-5). مثل هذه العلاقة تهيب بالمؤمنين إلى فهم القيامة منطلقًا لخليقة جديدة، يكون المسيح المُمجّد هو بكورتها، بما أنّه هو نفسه "بكر كلّ خليقة" (قولسي 1: 15) "والبكر بين الرَّاقدين" (قولسي 1: 18)" (الرِّسالة الرَّسوليّة: يوم الرَّبّ (Dies Domini)، الأعداد 24 و25). نستنتج مما سبق أنَّ يسوع لم يلغِ شريعة السَّبْت، بل يُفسرها من الدَّاخل موليًا إيَّاها روحًا جديدًا. واستخدم يسوع سلطانه كسيد السَّبْت ونقله من اليوم السَّابع في الأسبوع، إلى اليوم الأول الذي هو يوم الأحد، فسُمِّي يوم الأحد يوم الرَّبّ. والمقصود بذلك، هو تخصيص يوم الرَّبّ لأعمال الضُّرورة والرَّحمة والعبادة. لذلك يدعونا يسوع من خلال هذه البراهين إلى قيمة عملنا في الرُّوح الذي نضعه فيه. ليس المهم المحافظة على شريعة السَّبْت بقدر ما هو الرُّوح الذي نضعه في المحافظة على هذه الشّريعة. وهكذا أوضح المسيح شريعة يوم الرَّاحة عند المسيحيِّين مُبيّنًا الأعمال المسموح بها: الأعمال الضُّروريَّة وأعمال الرَّحمة، وأعمال العِبَادة (متى 12: 1-8). في هذا الاتجاه استطاع المسيحيون الأوائل أن يستبدلوا السَّبْت بالأحد-أول يوم من الأسبوع. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156350 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الأحد بدل السَّبت إكرام لقيامة الرّبِّ قدّس المسيحيون الأوَّلون يوم السَّبْت، ولكنَّ اليوم الأول من الأسبوع أي (الأحد) حلّ تدريجيًا محل اليوم السَّابع؛ السَّبْت هو اليوم السَّابع من الأسبوع حسب الشّريعة اليهوديَّة، ولكن السَّبْت المسيحي هو اليوم الأول من الأسبوع أي الأحد، إكراما لقيامة الرَّبِّ. وكان المسيحيون الأوَّلون يجتمعون في اليوم الأول من الأسبوع للصَّلاة المتمركزة حول قيامة ربنا. وبتأثير قول يسوع "إِن السَّبْت جُعِلَ لِلإِنسان، وما جُعِلَ الإنسان لِلسَّبت" تغيَّر يوم السَّبْت إلى يوم آخر من أيَّام الأسبوع وهو يوم الأحد الذي صار مُلكًا لجميع الشّعوب. |
||||