29 - 07 - 2016, 06:51 PM | رقم المشاركة : ( 13751 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لا يمكن وضع حدود العظمة الطبيعية الإلهية سفر نشيد الأنشاد مرة أخرى تتبين لنا بعض التعاليم العالية من تفسير هذه الفقرة من نشيد الأناشيد. تعلمنا العروس بالأمثلة خلال تجاربها خاصًا ما يعرف المُحبين بمجد وعظمة الله التي تفوق كل وصف ونتفهمها الآن (واعتقد أنه يلزم أن نفهم ما يتضمنه النص ثم نوفِّق كلمات الوحي الإلهي حسب طريقتنا في تفسير ما سبق). ونستطيع أن نقول بإيجاز أن هذه الفقرة من النشيد توحي بأن الخليقة تنقسم إلى قسميين واضحين: أحدهما حسِّي ومادي والآخر عقلاني وروحي. والحسِّي هو ما نفهمه بواسطة الحواس أما العقلاني فهو يفوق ما يُفهم بواسطة الحواس. فالعقلاني غير محدود وغير مُقيَّد بينما المادي محدود لأن كل مادة محدودة بنوعها وكميتها. فأي شيء له كتلة وشكل ومظهر يحدد فهمنا. لذلك فإن الشخص الذي يختبر الخليقة المادية لا يمكن أن يفهم شيئًا خارج حدودها باستخدام قدرته على التخيّل. أما القسم الثاني من الخليقة وهو العقلاني الروحي، فلا قيود عليه وليس له حدود ولا يحوطه أي شيء. وإضافة إلى ذلك تمتاز الطبيعة الروحية بأن لها ناحيتين: أولاً يظل الخالق (الغير مخلوق) ثابتًا دائمًا كما هو. لذلك فهو لا يسمح أن يتغير الحق نقصًا أو زيادة. أما الناحية الثانية فهي تخص الخليقة وتنظر دائمًا إلى بدايتها والهدف الأول لها. بالمشاركة فيما وراء الحدود. تظل الخليقة ثابتة في الخير، ومن وجهة نظر مُعيّنة، فهي خُلقت بينما تتغير باستمرار إلى الأحسن في نموها وكمالها. فهي ليست محدودة، ولا يمكن أن نوقف نموها إلى الأحسن، غير أن حالتها الراهنة من الجمال حتى ولو كانت عظيمة وكاملة، إلا أنها بداية فقط إلى مرحلة أحسن وتفوق الحدود. وهكذا تتحقق كلمات الرسول: “أيها الإخوة إني لا أحسب نفسي أني قد أدركت، ولكني أفعل شيئًا واحدًا إذا أنا أنسى ما هو وراء، واِمتد إلى ما هو قدام” (في 3: 13). إن الخير الذي هو أعلى مما قد حصلنا عليه يشد انتباه الذين ساهموا فيه ولا يسمح لهم بالنظر إلى الماضي، لأنهم يتمتعون بما هو جدير، أما الأشياء الدنيا، فقد مُسحت من ذاكرتهم. هذا هو معنى الكلمات العروس، ولكن قد حان الوقت لكي نسترجع النص الموحى به من الله ونوفِّق معه ما قد درسناه. “في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي طلبته فما وجدته. إني أقوم وأطوف في المدينة في الأسواق وفي الشوارع أطلب من تحبه نفسي. طلبته فما وجدته. وجدني الحرس الطائف في المدينة فقلت أرأيتم من تحبه نفسي؟. فما جاوزتهم إلاّ قليلاً حتى وجدت من تحبه نفسي، فأمسكته ولم أرخه حتى أدخلته بيت أمي، وحجرة من حبلت بي” [ع1-4]. كيف يمكنا أن نجد المعنى الروحي في النص كما وجدناه في الفقرات السابقة؟ لقد عرفنا معنى خاصًا لكل مرة ترتفع فيها العروس في الخير، وكانت دائمًا تتقدم إلى الأمام ولم تبقى دون تقدم فيما حصلت عليه من خير. فمثلاً حين قورنت بالحصان الذي هزم طغاة المصريين، ثم بسلسة وعقد وهي حُلي للرقبة. ولما لم تقنع بهذا اتجهت بعزيمة قوية إلى ما هو أعلى. فمن خلال عطر الناردين تعرفت على رائحة الله العطر. ولم تكتف بهذا، ولكنها أخذت ما ترغب فيه وعلقته بين نهديها الروحيين، على هيئة صرة عطرة. ونتيجة لوضعها في مكان القلب خرجت تعاليم مقدسة. تتكلم العروس عن ثمرة، هي راعي الكرم نفسه، وتسميه عنقود العنب، بينما يفوح من ازدهارها رائحة ناعمة ذكية وخلال نمو العروس وتقدمها في درجات الارتفاع الروحي يطلق عليها صفة الجمال وتصبح رفيقة للعريس، وتقارن جمال عيونها بعيون الحمامة. وتتقدم العروس أكثر إلى الأمام وتزداد رؤيتها نقاء، وتفحص جمال كلمة الله بدقة، وتتعجب من نزوله على هيئة ظلال إلى الفراش هذه الحياة الدنيا، مختفيًا في الطبيعة المادية للجسم البشري. وتصف العروس بعد ذلك بيت الفضيلة، فسقفه من خشب الأرز والسروّ التي لا يصابها العفن أو الفساد. وتعني العروس بهذه التعبيرات اِتجاه نفسها الثابت والغير متحّول نحو الخير. ثم توضح تغيُّرها إلى الأحسن بالمقارنة فتظهر كأنها نرجسة بين الأشواك. ومرة أخرى ترى العروس الفرق بين العريس وغيره من الأشخاص، وسط غابة من الأشجار الغير مثمرة. لقد جاءت العروس تستظل بظل عريسها، ودخلت منزله، حاملة الروائح العطرة، مدعمة بالتفاح، تتلقى سهمه المختار في قلبها من خلال جرح مذاقُه حلو، ثم تصبح مرة أخرى سهمًا في أيادي ضارب السهام. فبيده اليسرِّي يصوِّب طرف السهم إلى الهدف، بينما تجذب اليمنى السهم إلى الخلف ناحيته. وتظهر العروس وكأنها وصلت إلى الكمال فتخبر رفيقاتها الملحة وتثير حبهن بقسم من الذي ينكر أن هذه النفس التي ارتفعت إلى مثل هذا المستوى. قد وصلت إلى حدود الكمال؟ ولكن آخر ما وصلت إليه العروس من تقدم يصبح بداءة لمرحلة أعلى من التقدم. وتعمل جميع هذه الأمثلة كصوت يأمر النفس أن تفكر (سماويًا) بإمعان في الأسرار. وتبتدئ العروس في رؤية عريسها المراد، ولكنه يظهر لعيونها في شكل آخر، كظبي أو ذكَر غزال أحمر صغير، غير أن هذه ليست العريس من وجهة نظرنا، وهو لا يظهر ثابتًا في مكان واحد، بل يقفز على الجبال ويجري على التلال من القمم العليا إلى التلال الصغيرة. وتستقر العروس مرة أخرى في حالة أحسن عندما تأتيها دعوة ثانية تحفِّزها على ترك ظل الحائط وتذهب إلى ضوء الشمس المباشر، وتستريح في ملجأ الصخرة القريب من الحائط، وتفرح في الربيع، وتجمع الزهور الجميلة الجاهزة للقطب في موسم الأزهار الكامل. وجميع الأشياء الأخرى في هذا الفصل تؤدي إلى الابتهاج مع أصوات الطيور ذات الآنغام البديعة. وتصير العروس أكثر كما لا من خلال كل هذه الاشياء وتقول أنها مستحقة دون مواربة لترى وجه عريسها وتسمعه مباشرة دون وسطاء. إنه من حق النفس أن تفرح لأنها وصلت إلى مراكزًا عاليًا أثناء صعودها إلى قمة رغباتها. ما هو أعظم من سعادة من يصل إلى رؤية الله؟ ولكن ما حققته هو بداءة لما تأمَّل فيه بعد ذلك. ومرة ثانية تسمع عريسها يشجع الصيادين لكي ينقذوا الكروم الروحية ويتعقبوا الحيوانات – هذه الثعالب الصغيرة – التي تُخرب الفاكهة. ومتى تحقق هذا يتحد العروسان: الله في النفس، والنفس مرة أخرى تسكن في الله. تقول العروس: “حبيبي لي وأنا له الراعي بين السوْسن”، هو نفسه الذي غيَّر الحياة الإنسانية من خيال الظلال إلى قمة الحق. لاحظ الارتفاع الذي صعدت إليه العروس، متقدمة من قوة إلى قوة كما يقول النبي (مز 84: 7)، وتظهر كأنها حصلت على قمة أمانيها. ما هو أعلى من أن تكون في المحبوب ويكون هو في نفسك؟ تشعر العروس باضطراب وحزن لأنها لم تحقق رغباتها وتظهر اِنزعاج نفسها عندما تصف كيف وجدت ما تبحث عنه. عندما نفكر بعمق في هذه الفقرة، يتضح لنا أنه لا يمكن وضع حدود العظمة الطبيعية الإلهية. ولا يمكن لأي مستوى من المعرفة أن يحد فهمنا للموضوع. ويمنعنا من التقدم إلى الأمام. ولكن عندما يرتفع العقل إلى أعلى من خلال فهمه للحقيقة السامية، يجب عليه أن يعلم أن أي كمال للحقائق التي وصلت إليها الطبيعة البشرية ما هي إلا بداءة لأمورٍ أكثر علوًا. لنستعرض باِهتمام ما يقدم للاختبار ولنكن واعين أن وصف حجرة العرس وعناصر الزواج هي النقاط التي سوف نفكر فيها بعمق. سوف ننقل معانيها إلى مستوى روحي نقي حتى يقدم لنا النص المبادئ والتعاليم. لذلك يقول النص أن العروس هي النفس، وأن العريس هو الله الذي تحبه النفس بكل قلبها وروحها وقوتها. وبعدما تصل العروس، كما تفتكر، إلى قمة آمالها، وهي الاِتحاد بمن تحبه، تطلق كلمة “سرير” على المشاركة الأحسن في الخير، وعلى كلمة “ليل” وقت الإظلام. وتوضح العروس لنا أنه “بالليل” يتم التفكير بعمق في الغير مرئي ومثل ما حدث لموسى في ظلام حضور الله (خر 20: 21). وقال النبي عنه “جعل الظلمة سُتره، حوْله ضباب المياه وظلام الغمام” (مز 18: 11). تتعلم العروس، بعدما وصلت إلى هذه المرحلة، أنها لا زالت بعيدة عن الكمال، وأنها لم تقترب منه بعد. “والآن بعدما صرتُ مستحقة لهذه الحقائق، اَستريح على سرير كل ما قد فهمته. وعندما أدخل إلى المملكة الغير مرئية بعدما تركت كل الفهم المبني على الحواس، أجد نفسي محاطة بالليل الإلهي، وأبحث عنه في السحاب. فهل أحببت الواحد الذي أرغبه، حتى ولو هرب من أفكاري؟ “لأني بحثت عنه في سريري بالليل”، حتى أعرف مادته التي يتكون منها، أولها وآخرها، ولكني لم أجده. وناديت عليه بالاسم على قدر ما كان في قدرتي أن أجده وهو بدون اسم. ولكن معنى أي اسم سوف لا يساعدني أن أجد الذي أبحث عنه. تقول العروس: كيف اَكتشف الذي يعلو كل اسم بواسطة أن أطلق عليه اسم؟ لقد ناديته ولكنه لم يرد عليَّ، وبعدها علمت أن عظمة مجده وطهارته ونقاؤه ليس لها آخر. لذلك تنهض العروس مرة أخرى وتتجوَّل في الروح خلال المملكة الروحية الغير محدودة التي تُسميها “مدينة” حيث يوجد رؤساء وقوى مهيْمنة، وعروس تمسك بمقاليد الأمور. وتسمي “مكان السوق” الاجتماع الجاد لجموع السمائيين وتسمي “الشوارع” الجموع الغفيرة التي لا تُعد، وكأنها ستجد محبوبها بين هؤلاء. وبينما تجوَّلت العروس في كل هذه الأماكن نظرت بدقة إلى جموع الملائكة. ولما لم تجد من كانت تبحث عنه بين هذه الجموع الطيبة، فكرت في نفسها: “هل يمكن أن أمسك حبيبي؟” وقالت لهم: “هل رأيتم من أحبته نفسي؟” إلا أنهم آثروا السكوت، دليلاً على أن الواحد الذي تبحث عنه غير محدود، وبعد ما جازت العروس هذه المدينة التي تفوق الخيال ولم ترى حبيبها بين جموع الروحيين، وتركت كل شيء وجدته. وتبينت أن بحثها عن حبها يُعرف فقط في استحالة فهم كيانه، وأن كل علامة تصبح عائق لكل من يبحثوا عنه. لذلك تقول العروس “فما جاوزتهم إلا قليلاً” تركتُ كل مخلوق ومررت على كل كائن يمكن فهمه في الخليقة، وبعدما أوقفتُ كل قدرة على الفهم، وجدت حبيبي بالإيمان. وسوف لا أتركه يذهب بعدما عرفته بالإيمان حتى يأتي إلى حجرتى. والحجرة” هي القلب الذي يتحول إلى مسكن مقبول لله عندما يرجع إلى الحالة التي كانت بها في البداية والتي كانت فيها “من عرفتني”. نحن نكون على صواب بفهمنا “أمنا” أنها الأصل في وجودنا. والآن يجدر بنا أن نذكر مرة أخرى الكلمات المقدسة حتى تتوافق مع ما قد تم تفسيره. “في الليل على فراشى طلبت من تحبه نفسي، طلبته فما وجدته. أني أقوم وأطوف في المدينة في الأسواق وفي الشوارع، أطلب من تحبه نفسي. طلبته فما وجدته. وجدني الحرس الطائف في المدينة فقلت أرأيتم من تحبه نفسي؟. فما جاوزتهم إلا قليلاً حتى وجدت من تحبه نفسي فأمسكته ولم أرخه حتى أدخلته بيت أمي وحجرة من حبلت بي” [ع1-4]. بعد ذلك تتكلم بحب إلى بنات أورشليم اللآتي أشار إليهن النص على أنهن أشواك، بينما قارن العروس بالنرجس. جعلت العروس بنات أورشليم يرتفعون إلى مستوى مساو في الحب حتى تتحقق فيهم رغبة العريس، وذلك بواسطة قسم “للقوى” الدنيوية. إن ما ذكر سابقًا هو العالم الذي توجد فيه “الفضائل” و”القوى” وإرادة الشخص الذي يحب بكل قلبه ونفسه، ولا توجد حاجه لكي نتكلم بإسهاب على هذه الأمور، لأننا شرحنا ما يتضمنه معاني هذه الكلمات. وإذا كنا نرتفع بطريقة ما مع الحمامة التي تحلق في الأعالى، لأمكننا سماع صوت أصدقاء العريس متعجبين على هذا الصعود من الصحراء. وهو يثير تعجبًا كبيرًا لكل من يشاهدوه، لأن الصحراء نفسها هي التي أنتجته كتقليد للأشجار الجميلة التي تزرع في الصحراء بواسطة بخار العطر، وكان هذا العطر هو المرّ وبخور البلسم. ويتصاعد دخانها على هيئة سحابة من مسحوق التوابل المطحون. وترتفع في الجو وتنتشر مع الهواء بدلاً من ذرات التراب مُعطية رائحة عطرة ومكونة سحابة عمودية من الذرات. نقرأ في النشيد الآن الفقرة الآتية: “من هذه الطالعة من البرية كأعمدة من دخان معطرة بالمر واللبان وبكل أذرَّة التاجر“؟ [ع6]. إذا تمعن أي شخص في هذه الكلمات بدقة، سيجد فيها الحقيقة التي أشرنا إليها سابقًا. يخفي الممثلين في بعض المسرحيات مظهرهم بأنواع عدة من الأقنعة فلا تظهر حقيقة شخصياتهم. فالممثل الذي يظهر الآن كعبد أو مواطن عادي قد يظهر بعد قليل كأمير أو جندي قد يرمي إلى قائد، أو قد يلبس الروب الملكي. لذلك يتحول الأشخاص الذين يتقدمون في الفضيلة من مجد إلى مجد (2 كو 3: 18). إنهم لا يستمرون دائمًا في نفس الشخصية، ولكن قد تضيء شخصية مختلفة أثناء حياتهم، وهذه تعقب الأولى نتيجة لتقدمهم في الخير. لذلك يتعجب أصدقاء العريس مما يرون. فأولاً يرون العروس جميلة كامرأة، ولكن بعد فترة يمجِّدون جمالها بمقارنته بالذهب المطعم بمسامير من الفضة. إنهم لا ينتظرون إلى مميزاتها السابقة، ولكن يضفون عليها علوًا في اتسامي. إنهم لا يعظمون فقط ارتفاعها ولكن أيضًا العمق الذي نهضت منه. هذا هو ما يكوِّن عمق انبهارهم: هي تصعد وحدها وتُقارن بحديقة أشجار، لأنه قد ظهر وكأن عمودًا قد ارتفع (من البرية) ثم أصبح أكبر مما كان. يستمد هذا العمود وتغذيته ليس من أرض خصبة مروية، ولكن من أرض جافة مقفرة. أين تتثبَّت جذور هذه الأعمدة وكيف تنمو؟ إن الجذور هي مساحيق العطور، المساحيق التي يرويها دخان البخور معطِّرًا هذا البستان بقطرات عطرة. يمتلئ النص بمثل هذا المديح للعروس. تسأل رفيقات العروس بعضهن البعض عن العروس وكأنها ظهرت في شكل متغيّر عما عرفوه من البداءة. يشهد التغير العظيم للعروس إلى الأحسن على تقدمها في الفضيلة، ويُعبر ذلك عن أحد نواحي المديح لها في النص. قال، من شاهدوا العروس من قبل سوداء بعد مجيئها من الصحراء، أنهم تعجبوا جدًا من التغير الغير عادي، فلقد أصبحت كنبات مُزهر جميل. كيف أزالت العروس لونها الأسود؟ كيف يلمع وجهها الآن مثل الثلج المتساقط؟ يظهر أن الصحراء هي السبب في هذه الأشياء فهي التي جعلتها تنمو إلى مثل هذا الجمال. أنه ليس بالصدفة وليس بحادثة أنها ارتفعت إلى هذا السمو، ولكنها حصلت على جمالها بمجهودها، الشخصى بالمثابرة والعزم. لذلك عطشت نفس النبي (مز 42: 2) إلى الينبوع المقدس، لأن جسده كان كصحراء جافه فكان عطشه للينبوع المقدس. يشهد صعود العروس من الصحراء أنها ارتفعت إلى هذا السمو بواسطة عزمها ومثابرتها التي جعلت أصدقاء عريسها يتعجبون. فقالوا عنها أن جمالها متعدد الصوّر _ن _حد صوّره تعجز عن التعبير عنه تعبيرًا كاملاً. قارنوا أولاً جمالها بالعمدان. فلم تقارن بشجرة واحدة فقط بل بعدد كبير منها، وكأنما فضائلها المختلفة المتعددة يمكن وصفها ببستان. ثم يُقارن جمال العروس بدخان البخور العطر وليس هذا فقط، ولكن بدخان البخور المخلوط بالمر ومجموعة الأعشاب العطرة، وكأن جمالها لا يمكن أن يُوصف إلا باِتحاد هذه العطور جميعها بوضع المر على أجساد الموتى قبل دفنها، أما مجموعة الأعشاب المعطرة فهي تُعتبر مقدسة وتوهب كأنها رائحة الله، لذلك يُعتبر مقارنة جمال العروس بخليط هذه العطور مديحًا آخر لها. إن الذي يرغب في تكريس حياته لعبادة الله لا يمكن أن يُعطَّر بمجموعة الأعشاب العطرة المقدسة، إلا إذا تحول هو نفسه إلى مرّ، أي إلا إذا أمات أعضاءه على الأرض (كو 3: 5)، بأن يُدفن مع الذي ذاق الموت لأجلنا، وأن يأخذ المر الذي كان على جسد المسيح في القبر لكي يُحنط به أعضاء جسده. ومتى تم إنجاز ذلك فإن كل العطور التي تنتج من ممارسة الفضيلة أثناء الحياة، تُطحن لكي تعطي “المسحوق العطر”، وكل من يستنشقه يصبح معطَّرًا ويمتلأ بروح العطر. عاين أصدقاء العريس جمال العروسة وجهزوا حجرة العريس النقية وكانوا هم مرافقي الشرف للعرس المقدس، وأشاروا على العروس أن ترى جمال الفراش الملكي، لأنهم أرادوا أن يحفزوا فيها الرغبة في الزواج المقدس النقي. والآتي هو وصف للفراش الملكي للعرس المقدم للعروس من النشيد: “هوذا تخْتُ سليمان حوله ستون جبارًا من جبابرة إسرائيل. كلهم قابضون سيوفًا ومتعلمون الحرب. كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل” [ع7-8]. لم يذكر التاريخ شيئًا عن هذا اللتَخْت، لذلك فقد يتضح معنى الوصف السابق من خلال ما كُتب عن: ممتلكات سليمان العينية، وحكمته وغيرها مما آتي وصفه بالتفصيل في النص (1مل 7: 38-50)، ولم يُذكر أي شيء غير عادي عن هذا اللتَخْت. ولذلك يجب أن لا نتمسك بالمعنى اللفظي للنص. بل نحوِّل اِنتباهنا من المناظر المادية إلى التفسير الروحي العميق. من هو الذي زيّن تخت فرحه بواسطة ستون رجلاً مسلحين ومدربين في أعمال الحرب المخيفة؟ ما هي السيوف المثبته على جانبيّ كل رجل، وما هو الرعب الذي يضرب أفكارنا المظلمة؟ (لأن النص يذكر الرعب المخيف الذي ينتج من بعض أنواع الخوف من الظلام ويشير هذا إلى الجنود المسلحين). لذلك يجب أن نختبر هدف هذه الكلمات الروحي حسب ما قدمناه قبلاً. إذن ما معنى هذه الكلمات؟ يحتمل أن يكون في الجمال المقدس المبدع شيء مخيف يجعله مختلفًا عن الجمال الجسدي. لذلك تجذبنا رغباتنا إلى ما هو مُسر للنظر وناعم للَّمس، وما هو غير مرتبط بأي شيء مخيف أو مرعب. وعلى الجانب الآخر فإن الجمال الباقي مخيف ومرعب وهو في نفس الوقت لا يخاف. ولما كانت رغبتنا في الأشياء الجسدية في أعضاء الجسم ترتبط بالانفعالات والتلوث مثل عصابة اللصوص، تهاجم العقل وتأسره وتلغي إرادته، وهكذا تصبح عدوة الله، كما يقول الرسول: “لأن اِهتمام الجسد هو عداوة لله، إذ ليس هو خاضعًا لناموس الله لأنه أيضًا لا يستطيع” (رو 8: 7). لذلك ينبع حب الله مما هو مضاد لرغبة الجسد. فإذا كانت الرغبة الجسدية هي الضعف والارتخاء والكسل، فإن حب الله يتكون من قوة مخيفة ومرعبة. إن الغضب الذي لا يلين يُخيف كمين الرغبة الجسدية ويجعله يهرب، وهكذا يكشف جمال النفس ويظهرها نقية فلا تتلوث بالمتعة الجسدية. لذلك يُحاط تخت الملك للعرس برجال مسلحين متمرنين على المعركة. يخيف منظر السيف على الفخذ ويسبب الرعب ضد الظلام وضد أفكار الظلام وضد كل ما هو مختفي في الكمين لكي يطلق سهام في الظلام على مستقيمي القلوب (مز 11: 2). تدمر أسلحة الحراس الواقفين حول اللتَخْت الرغبات الغير نقية، كما يظهر من النص: “كلهم قابضون سيوفًا ومتعلمون الحرب، كل واحد سيفه على فخذه من هول الليل” [ع8]. إنهم حقيقة يعرفون كيف يدخلون في الحرب ضد الجسد والدم بالسيوف المثبتة على أفخاذهم. إن الشخص الذي يعرف المبادئ الإلهية وأسرار الكتاب المقدس يفهم ذلك من كلمة “فخذًا” ويعرف أن كلمة السيف ترمز إلى كلمة الله. إن الذي ربط نفسه بهذا السلاح المخيف، أعني بسيف المثابرة والقوة، هو المحبوب الذي يرقد على سريره النقي، هو واحد من “أقوياء إسرائيل” يستحق أن يكون من ضمن الستين. ونحن لا نشك أن هذا الرقم له أهمية روحية، ولكنه يتضح فقط لهؤلاء الذين تكشف لهم نعمة الروح القدس أسراره الخفية. لذلك نقول بالصدق أن الفهم اللفظي للنص يكفي كما في حالة موسى الذي أصدر قانون الفصح. يؤكل اللحم الظاهر ولكن يترك ما يختفي داخل العظم (خر 12: 9). فإذا رغب أحد في النخاع المختفي للنص، لنتركه يبحث عنه عند ذاك الذي يكشف عن الأسرار المختفية لمن هم يستحقون. إلا أننا يجب أن لا نعطي الآنطباع على أننا سنترك النص دون اختبار وتمحيص، وسوف لا نهمل أمر الله، الذي يحفزنا على أن نفتش الكتب (يو 5: 39). لذلك دعنا نفهم ماذا يقصد النص من الستين رجلاً مسلحًا. عندما أمر الله موسى أن يستلم إثنتي عشر عصا على حسب عدد أسباط بني إسرائيل، اِزدهرت واحدة منها فقط وكانت هذه أكثر اِستحقاقًا من الآخرين (عد 17: 2). ومرة أخرى، أخذ يشوع بن نون حجارة من نهر الأردن، بعدد أسباط إسرائيل (يش 4: 9). لم ترفض واحدة منها لكنها جميعًا حملت شهادة للسر الذي حدث على نهر الأردن. تشير هذه الكلمات إلى معنى عظيم لأن النص يظهر أن الناس تقدموا نتيجه اكتمالهم في الحق. ففي بدايه حياتهم حسب الوصايا، واحده فقط من العصى التي تمثل الأسباط أنتجت أوراقًا وحملت أزهارًا، بينما رفض الباقي وجفت دون أن تنتج ثمارًا. وعندما مر الوقت وأصبح الناس أكثر دقه ومثابرة على فهم قانون الوصايا تمكنوا من فهمها وقبلوا الختان الثاني الذي أمر به الرب يشوع (يش 2: 5-9). لأن سكاكين الصوان أزالت كل شيء غير نظيف. (سيفهم كل مستمغ متقبل للكلمة ويعني أهميه ما ترمز إليه الصوان والسكين). لقد تدعمت حياة الفضيلة في الناس حسب الوصايا فلم يرفض حجر واحد باسم أحد أسباط الإسرائيليين وحيث أننا نتوقع زيادة السلوك في الخير بتقدم الوقت فحقيقة قد قويت الفضيلة في إسرائيل. ويحكي لنا نشيد الأناشيد الآن أنه لم تؤخذ حجر أو عصا من كل سبط من أسباط إسرائيل، وبدلاً من ذلك حصلنا على خمس محاربين أقوياء متمرنين على المعركه ويحملون سيوفًا ويقفون حول اللتَخْت المقدس. ولم يرفض أي واحد منهم لأن كل سبط اختار خمس محاربين 5×21=60. لذلك فمن الضروري أن يكون عندنا خمس رجال حرب مخيفين من كل سبط مسلحين ليكونوا حراسًا للتخت الملكي. وإذا لم يكن هذا ممكنا لما كان عندنا العدد ستين. كيف نجرؤ أن ندرس بقيه هذا النص؟ لماذا يقف خمس حراس مسلحين من كل سبط حول اللتَخْت المقدس. كيف يظهر كل واحد من الخمس حراس كمدافع مخيف بالسيف على فخذه؟ هل من المعقول أن يظهر رجل واحد كخمسه محاربين مسلحين؟ إنهم يرمزا إلى الحواس الخمس، لأن كل محارب يظهر سيفه لكي يرهب العدد. يلقي سيف العين دائمًا نظره على الله لكي يرى بصدق ولا يتلوث أبدًا برؤيه أي شيء غير نظيف. ومثله يستمع سيف السمع إلى وصايا الله ولا يستقبل أبدًا الكلمة الباطلة. وهكذا يمكننا أيضًا أن نُسلح كل من الذوق، اللمس،الشم بسيف المثابرة والتعقل مغلقًا كل حاسه بالسلاح. وذلك للدفاع عنا ضد الصدمات والخوف من أعداء الظلمه، لذلك فاليل والظلام هي الوقت التي تحاك فيها المؤامرات ضد أنفسنا. ويقول النبي أنه خلال هذا الوقت تتأهب وحوش الحقل لكي تقتنص بقسوة غذاءها من قطيع الله: “تجعل ظلمه فيصير ليل. فيه يدب كل حيوان الوعر الأشبال تزمجر لتخطف ولتلمس من الله طعامها” (مز ). لذلك تمثل إسرائيل كل المخلصين (لأن ليس جميع الذين من إسرائيل هم إسرائيليون (رو 9: 6) ولكن هؤلاء الذين ينظرون إلى الله ويحفظون وصاياه هم فقط الذين يحملون هذا الاسم. الرجل الذي ينظر إلى الله لا يعير الخطيئه اِهتمامًا بحواسه “لا يقدر أحد أن يخدم سيدين. فإنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر. لا تقدروا أن تخدموا الله والمال” (مت 6: 24). لذلك فاللتَخْت الملكي الواحد هو لجميع المُخلَّصين. فإذا رأى القلب النقي الله فإنه يُسمى إسرائيل باِستحقاق، ويُسمى بهذا الاسم روحيًا الأسباط الإثنى عشر. التي جُمعت بروعة في العدد ستين. يوجد خط واحد للمعركة وجيش واحد وتخت واحد، أي أنه توجد كنيسة واحدة وشعب واحد الذي سيصبح عروس واحدة، متحدة في انسجام في شركة جسد واحد تحت إمرة قائد واحد وزعيم واحد، العريس الواحد. وعلى الجانب الآخر، يرمز اللتَخْت إلى الراحة للمُخلَّصين. نحن نعلم من الله الذي يقول لمن يقرع بدون خجل على الباب خلال الليل: “فيجيب ذلك من داخل ويقول لا تزعجني. الباب مغلق الآن وأولادي معي في الفراش. لا أقدر أن أقوم وأعطيك” (لو 11: 7). حقًا هل يطلق كلمة “أولادي” على هؤلاء الذين وصلوا إلى مرحلة من النمو خالية من الانفعال بواسطة أسلحة العدالة. يُعلمنا هذا المثال أن الخير الذي نصل إليه بمجهودنا ومثابرتنا وليس إلا الخير المغروس في طبيعتنا منذ البدء. عندما يربط الشخص سيفه على فخذه، يعني أنه وهب حياته للفضيلة، ورفض الانفعال يصبح إبيا لا يضطرب بالانفعالات، لأن مرحلة الطفولة المبكرة لا تتأثر بالانفعالات، لذلك نتعلم أن المحاربين حول اللتَخْت الملكي والأطفال فقى اللتَخْت لهم نفس المعنى، فكلاهما غير خاضعين للانفعالات. فالأطفال لم يجرِّبوا بعد الانفعالات، بينما المحاربين قد تغلبوا عليها وأزاحوها بعيدًا عنهم. فلم يعرف الأطفال الانفعالات بينما المحاربون قد رجعوا إلى حالتهم الأولى بتحولهم إلى أطفال بعد خُلوّهم من الانفعالات. وقد توجد النعمة في كل من الثلاثة: الأطفال والمحاربون والإسرائيليين. وكإسرائيلي يتمكن من رؤية الله بقلبه النقي، وكمحارب يحرس تَخْت الملك، أي يحرس قلبه، في حالة خالية من الانفعال وفي نقاء، وكطفل، يستريح على أريكة النعمة في المسيح يسوع ربنا له المجد الآن وإلى الأبد آمين. يتبع….. القديس غريغوريوس النيصي |
||||
29 - 07 - 2016, 06:53 PM | رقم المشاركة : ( 13752 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يفرح العريس بجمال فم عروسه واِحمرار خديها
سفر نشيد الأنشاد والآن نفحص الجمال الذي يظهر في أسنان غنم الجزائر: “أسنانك كقطيع الجزائر الصادرة من الغسل، اللواتي كل واحدة متمِّم وليس فيهن عقم” [ع2]. إذا تأملنا في المعنى اللفظي لهذه الآية لا نفهم كيف يقارن الأسنان بالأغنام المولودة. تُمدح الأسنان لترتيبها ووضعها على اللثة. كان القطيع منتشرًا في الوادي والآن تجمع القطيع للاستحمام. أنها تصف جمال أسنان العروس ولكننا لا نفهم بسهولة كيف يكون ذلك. تصطف أسنانها في صفوف بينما القطيع مبعثرًا يبحث عن المرعى. ولكن لا يُقارن حيوان يكسو جسمه الصوف كالغنم وأسنانها مُعرَّاه أن نبحث كيف ينسجم جمال الأسنان مع قطيع الغنم الذي تم غسل صوفه وقصه وتَحمِل إناثه توائم. ماذا يمكن فهمه من هذه الكلمات؟ والأشخاص الذين يُجزئون الأسرار الإلهية إلى أجزاء صغيرة حتى يمكن فهم النص يصنعون غذاءً روحيًا مقبولاً لجسد الكنيسة. إنهم يقومون بعمل الأسنان في اِستقبال خبز النص الكثيف السميك في الفم، ويجعلون كذاقه مقبولاً بواسطة التأمل والتفكير العميق فيه. يمكن فهم هذه الكلمات بالأمثلة الآتية: يقدم لنا القديس المبارك بولس ببساطة وبدون تعقيد جزء من الشريعة “لأنه مكتوب في ناموس موسى لا تَكُمّ ثورًا دارسًا” ( 1كو 9:9). ثم يعدل بولس معنى القانون لكي يجعله مقبولاً: “ألعل الله تهمُّه الثيران، أم يقول مُطلقًا من أجلنا. أنه من أجلنا مكتوب” (1 كو 9: 9-10). وأيضًا: “فإنه مكتوب أنه كان لإبراهيم ابنان واحد من الجارية والآخر من الحرة” (غلا 4: 22). هذا الخبز ليس جاهزًا لنا. ولكن كيف نقسمه إلى أجزاء صغيرة لكي نأكله؟ أنه ينقل القصة إلى العهدين، “لكن الذي من الجارية وُلد حسب الجسد ولكن الذي من الحرة فبالموعد” (غلا 4: 23)، لذلك فلقد فسر بولس القانون بتخفيف كثافته إلى قطع صغيرة وجعله روحيًا بواسطة التفكير العميق. “فإننا نعلم أن الناموس روحي” (رو 7: 14). نفهم من كلام بولس حاجة الكنيسة إلى الأسنان لكي توضح تعاليمها بواسطة تجزئتها إلى أجزاء صغيرة. نحن نقول هذا متمثلين ببولس الذي يوضح لنا أسرار الكتاب المقدس. لذلك تجعل أسنان الكنيسة عشب الكلمات المقدسة الخام مجهزًا بسيطًا وخفيفًا لأجلنا. ويصف القديس بولس حياة الذين يتوقون إلى المركز السامي للأسقفية (1 تي 3: 1-7). ويتكلم عن الصفات التي ينبغي أن يتصف بها الأسقف. تشمل نعمة التعليم مع بقية المواهب. لذلك يرغب النشيد في الذين يودون أن يخدموا الكنيسة أن تكون أسنانهم عارية من أي حمل مادي. وعندما يُصبح ضميرهم نظيفًا من أي تلوث جسمي أو روحي، فإنهم يرتفعون باستمرار ويتقدمون ولا يتراجعون مرة أخرى إلى الأعماق التي أتوا فيها. ثم يُقدمون على إنهم يحملون توائم من الخير، أي إنهم يتصفون بكل فضيلة ويثمرون في كل الأعمال الحسنة. ويرمز حمل التوائم إلى سمعتنا الحسنة حتى نكون مثل هذه الأسنان التي تحمل التوائم، والتي تُقدم ضبطه النفس، والنبل في حياتنا. يضف النص مدح مناسب لشفتيّ العروس بمقارنة جمالها “كسِلكة من القرمز” ويؤدي تفسيره إلى زينة حديثها الطلي. لقد تكلمنا على هذه الفقرة عندما ذكرنا أن جمال الشفتين تزينه ترتيب الأسنان، لأن فم الكنيسة يتكلم من خلال الأسنان. لذلك فالأسنان أولاً عارية ومغسولة ليست عقيمة وتحمل توائم، ثم تتزين شفتيّ العروس باللون القرمزي، بينما يوجد للكنيسة شفة واحدة وصوت واحد في اِنسجام مع الخير. يشمل جمال العروس ناحيتين: شفتا العروس تشبه سلكًا رفيعًا، وأيضًا لها لون الزهرة الجميل. وكلا الصفتان السلك الرفيع واللون القرمزي يحتفظان بجمالهما ووظيفتهما عند يُزينان فم الكنيسة. ويعلمنا مثال السلك أو الخيط الرفيع أن نكون على فكر واحد أي حبل واحد مكوَّن من خيوط عديدة. ويذكرنا اللون القرمزي بالدم الذي خلصنا، وأن نعترف دائمًا بأفواهنا بأن الدم هو الذي فدانا. تملأ الجاذبية شفاة الكنيسة عندما ينير إيمان اعترافنا ويمتزج إيماننا بالحب. نقدم الملاحظات الآتية لكي يزداد فهمنا للتشبيه السابق فالإيمان هو السلك القرمزي الذي يتكون من الحب لأن اللون القرمزي يرمز إلى الإيمان ويُفسر السلك بالحب. يشهد الحق بأن شفتيّ العروس تتزينان بهذان العنصران. ولا تحتاج شفتيها الجميلتان شرحًا إضافيًا لأن الرسول أوضح ما يرمزان إليه بقوهل أن هذا الكلام هو ما نعلنه عن الإيمان: “لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع، وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت. لأن القلب يؤمن به للبرّ والفم يعترف به للخلاص” (روم 1: 9-10). هذا هو الكلام البديع الذي يُزيّن الشفاه الكنيسة بالسلك القرمزي. يفرح العريس بجمال فم عروسه واِحمرار خديها. ويُطلق على هذا الجزء من الوجه بالتفاحة نظرًا للتشابه لذلك، يقارن العريس تفاحة خدود العروس بقشرة الرمانة كالآتي: “خدك كفلفلة رمانة تحت نقابك” [ع4]. يمكن فهم مدح تواضع العروس بسهولة من سياق النص. أصاغ الفضائل على كل عضو بواسطة وصف جمال الوجه ثم يمدح فضيلة المثابرة بواسطة اللون الأحمر الذي يعلو وجه العروس ويزّينها مثل الرمان. هذه الفاكهة تشبه الكعكة وجلدها رقيق لذلك فعمل المثابرة يشارك التفكير العميق، وكما يغذي ويحمي جلد ثمرة الرمان، الذي يشبه الجزء الخارجي من الكعكة المذاق الحلو لما بداخله، لأنه يحيطها تمامًا، لذلك فهو حارس خشن ومنضبط من أجل المثابرة. لذلك فمدح هذه الفضيلة له وجهان: المظهر الخارجي لحياة منضبطة مرتبة، وعمل صادق للنفس خال من الانفعال، كما يقول الرسول: “وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان الذي مدحه ليس من الناس بل من الله” (رو 2: 29). ينير التواضع هؤلاء الناس ويكسب سلوكهم الخارجي مديح الآخرين، ولكن بعيدًا عن كونك ساكنة “تحت نقابك” [ع1] فإن العجب المختفي تراه عين الله الوحيدة التي ترى الأشياء المختفية. نتعلم من الأمثلة الآتية أن كل شيء يعمله القديسون الذين يوحي لهم الله يصبح نموذجًا ودرسًا للأشخاص الذين يسلكون حسب الفضيلة. ويصوِّر الزواج والهجرة والحروب وأدوات البناء على ما سيحدث في الحياة للأجيال الآتية. “وهذه الأمور جميعها أصابتهم مثالاً وكُتبت لإنذارنا نحن الذين اِنتهت إلينا أواخر الدهور” (1 كو 10: 11). نستفيد من الحرب ضد الأعداء بأن نكون أقوياء ضد الغرباء، وشوقنا العميق للرهبنة يوضح سر حياة الفضيلة. كما توضح الهجرة الأساس في حياة الفضيلة، يحفزنا الاِهتمام بإقامة المباني بأن نُظهر مسئوليتنا في بناء بيتنا بواسطة الفضائل. لذلك يظهر لي أن البرج الذي يمكن رؤيتهمن كل ناحية والذي أسسه داود واختار له الغنائم النفيسة أنبأ عن الكنيسة وصوّر هؤلاء الذين يسعون إلى الفضيلة. وعندما أُخضعت القبائل الغريبة للعبودية ارتفع مركز الملك بممتلكات القبائل الأخرى، لذلك أظهر الملك بواسطة حكمته الحياة البشرية الطيبة التي تنبأ بها داود من خلال بناء البرج الذي يرمز لحياتنا المستقبله. سيتعظم جمال جسد الكنيسة في كل عضو من أعضائها حسب عمله وموقعه في المجتمع. فمثلاً يصف النص الذين يأخذون مكان الرقبة بين الناس، بذكر برج داود الذي يُعرف بأسواره وتسمى هذه الأسوار “ثالبياث”. “عُنقك كبرج داود المبني للأسلحة. ألف مِجَن علق عليه، كلها أتراس الجبابرة” [ع4] أقام داود هذا البرج الكبير في موقع ممتاز بحيث يتمكن المشاهد أن يراه من جميع الجهات. وقد علق عليه ألف من الأتراس والحراب. والآن نودّ أن نفهم الغرض المقدس من هذا النص. لماذا يُقارن الرقبة – وهو عضو في الكنيسة – بهذا البرج؟ سنفحص أولاً هذا الجزء من جسمنا وهو الرقبة ثم نطبق ما يصل إليه على اسم عضو الكنيسة المسمى بالرقبة. تحمل الرقبة الرأس إلى أعلى وتعمل كقاعدة لها وتتثبَّت بين الكتفين، وتتدعم بعظام الفقرات العنقية التي تتمكن من الحركة في مجال واسع لعدم اِرتباطها بعظام القفص الصدري. تختلف عظام فقرات الرقبة عن العظام المدعمة للذراع أو الرجل، فهي مقسمة إلى فقرات تحمي ما بداخلها من النخاع الشوكي، وعليها ثقوب تخرج منها الأعصاب. ترتبط الفقرات بعضها ببعض بأربطة مرنة تسمح لها الحركة. وتوجد بالرقبة من الأمام القصبة الهوائية التي تمر بها هواء الشهيق حاملاً الأكسجين اللآزم لأكسدة المواد الغذائية، وإنتاج الطاقة اللآزمة للجسم. كما يمر بها هواء الزفير الذي يحمل بعض المواد التالفة الناتجة من أكسدة المواد الغذائية. ويوجد بالرقبة البلعوم وجزء من المريء، وهي قنوات تحمل الغذاء من الفم إلى المعدة. وتوجد بالرقبة الحنجرة وهي صندوق الصوت وتحتوي الأحبال الصوتية التي تهتز نتيجة لحركة الهواء في الحنجرة والقصبة الهوائية فتصدر الصوت. لذلك يسهل فهم رقبة جسم الكنيسة بعدما عرفنا بعض المعلومات عن التركيب التشريحي للرقبة، والتي يقارنها النشيد ببرج داود. إذا حمل أي شخص الرأس الحقيقية لكل الخليقة، وهو المسيح: “ذاك الذي هو الرأس المسيح. الذي منه كل الجسد مركبًا معًا ومقترنًا بمؤزارة كل مفصل حسب عمل على قياس كل جزء يحصل نمو الجسد لبنيانه في المحبة” (أف 4: 15-16). لذلك فإنه بحق يستحق أن يطلق عليه اسم رقبة. فإذا فهمت قلوبنا هذه المعلومات فإن الروح تُدفئها كالنار إذا انسجمت مع كلمته، عند سماع صوته يشكل الله الصوت الإنساني ليكون أداة لتحريك كلمته إلى القلب. تقوم الرقبة بوظيفة تغذية، أعني التعليم، الذي يعطي قوة لكل أعضاء جسد الكنيسة. إن الحصول المستمر على الطعام هو الذي يحفظ بقاء الجسم، وبدونه يضعف الجسد ويضمحل. لنجعل شخصًا يمثل عمل فقرات الرقبة المنسجم، والذي يظهر كأن كل فقرة تمثل شخصًا، وكلهم مرتبطين مع بعضهم برباط السلام لكي يكوّنوا عضوًا واحدًا متماسكًا وقائمًا، ويتمكن من الحركة بسهولة من جانب إلى جانب الآخر. كان بولس هذه الرقبة. فإذا اتبع أي شخص مثال بولس وأصبح إناءًا مختارًا حاملاً اسم الله (أع 9: 15) ووحدت رأسه جميع أطراف جسد الكنيسة في انسجام، فإذا تكلم مثل هذا الشخص فإنه لا يتكلم من نفسه بل يتكلم كأنه الرأس، فالمسيح هو الذي يتكلم كما أوضح بولس (2 كو 13: 3). لذلك تربط القصبة الهوائية والحنجرة كلمة الحق مع صوت الروح القدس العذب الشجي. وتُجمل القصبة الهوائية بالكلام المقدس، وتغذي كل أعضاء الجسد بهذه التعاليم المحببة. تعمل الفقرات بانسجام الجسد بواسطة رابطة السلام والحب. من يعلِّم الرقبة أن تنحني في تواضع، إنها تتمكن من الحركة إلى اليمين واليسار، وإلى أعلى لكي نرى الأشياء العليا كما يمكنها أن تدور بعيدًا برشاقة وتحترس من جميع حيل الشيطان. داود قد أقام هذه الرقبة. جهز الملك الذي جاء من نسل داود الإنسان ليكون القلعة الآمنة من السقوط. بناها داود بالنعمة وحصنها بالأتراس الكثيرة، حتى لا يتمكن العدو من الاقتراب منها بسهولة. والأتراس معلقة وليست على الأرض ويمكن رؤيتها معلقة في الهواء، ويوجد معها الحراب التي تُثير الفزع في العدو حتى لا يحاول الهجوم على البرج. إني أفكر فى أن هذا البرج بما عليه من أتراس وحراب يشير إلى الحرس الملائكي. لا يذكر النشيد ببساطة الحراب، ولكنه يضيف الرجال الأقوياء يحاربون إلى جانبنا فيغلب النشيد بكلمات المزمور: “ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم” (مز 33: 8). لا يمثل لي بدقة رقم الألف رقم مائة مضروبًا في عشرة، ولكنه يُشير إلى أن العدد كبير. ويُشير الكتاب في العادة إلى الأعداد الكبيرة بالرقم ألف. كما يقول داود: “مركبًات الله ربوات ألوف الرب في وسطها فصار جبل صهيون مماثلاً لجبل سينا في القداسة” (مز 67: 18). ثم “شريعة فمك خير لي من ألوف ذهب وفضة” (مز 118: 72). علمنا أن الجزء السفلي من الرقبة يرتكز على الكتفين، ويتميزان بالقوة اللازمة لذراعينا اللذين يجلبا الخلاص. يتمكن الذي يتأمل بدقة ترتيب كلمات نشيد الأناشيد من فهم نمو النفوس في الفضيلة نحو الله. فهو يعلم أن العروس قُورنت في المرحلة الأولى التي أحبها فيها العريس بالحصان الذي حارب طغاة المصريين، وكانت له رقبة جميلة مزينة بالسلاسل وحلي الرقبة، ولكنها تُلقب بالبرج لعظمتها. ويُشاهد البرج من كل الاِتجاهات ومن على مسافة كبيرة نظرًا لهندسته الرائعة المرتفعة إلى أعلى وموقعه فوق المنطقة المجاورة. وعندما يحصل هذا البرج على المركز المشترك العالي في السماء، فإنه يوضح صدق كلام الله: “لا تخفى مدينة موضوعة على جبل” (مت 5: 14). دعنا الآن نتأمل في “خشفتي ظبية” بالقرب من قلب العروس والتي تسمى بالثديين “ثدياك كخشفتي ظبية توأمين يرعيان بين السوسن” [ع5]. يقع القلب بين الثديين ولا يوجد عنده عشب أو أشواك للرعي ولكن السوسن يبقى مزدهرًا طيلة مدة الرعي كلها. ولا تتكون للسوسن أزهارًا ولا يذبل في أوقات معينة، ولكنه يعطي طعامًا للخشفات حتى لا تسيطر ظلال الخطية على هذه الحياة. بدلاً من ذلك ينير الضوء كل مكان وتظهر كل الأشياء في النهار وتتنفس النور أينما رغبت. لأن النشيد يقول: “إلى أن يفتح النهار وتنهزم الظلال” [ع6]. أنتم تعرفون من الإنجيل أن الروح القدس يحلّ حسبما يريد، وينير لهؤلاء الذين من أين يأتي وإلى أين يذهب (يو 3: 8). يقول النشيد: “ثدياك كخشفتيّ ظبية، توأمين يرعيان بين السوسن إلى أن يفتح النهار وتنهزم الظلال”. ولكن “النهار” يشير إلى الروح القدس الذي يبث النور في كل من يحصل عليه. يجب أن لا نشك في معنى هذه الكلمات. إذا كان الروح القدس يُنتج أبناء النور والنهار أفلا يجب علينا أن نعرف أنه هو النور والنهار الذي يطرد الباطل والظلال؟ عندما تظهر الشمس لا تبقى الظلال بل تنسحب وتبتعد. إن الفرصة مواتية لكي نضيف لدراستنا للنص سرّ خشفتيّ الظبي التي تحمل توائم والتي تتغذى على السوسن في المرعى الجيد الخصيب. أن مكان المرعى هو القلب حسب المثل الذي تكل به السيد المسيح (مت 13: 3)، يزدهر كل الذين يرعون ويحصدون منه أفكار نقية. تجذب الرائحة الذكية واللون الجميل لزهور النرجس من يقطفها فرؤيتها متعة للعيون ورائحتها تُدخل البهجة للنفوس لأنها تمتلئ برائحة المسيح الذكية، بينما منظرها يوحي بالنقاء والطهر. زال الآن غموض النص وأصبح واضحًا لنا، فعندما يفحص شخصان المعنى اللفظي والروحي للنص كل على انفراد، ثم يسيران سويًا في الحياة فإن كلا منهما يولد ميلادًا له ناحيتان: فلا تأتي الروح قبل الجسد، ولا يُخلق الجسد قبل الروح، ولكن كلاهما يُخلقان في نفس الوقت. وغذاؤهما هو النقاوة والرائحة الزكية وكل ما تجلبه الفضائل بوفرة. ولكن يوجد من يرغبون في الهدم أكثر من البناء، وهؤلاء لم ينموا على الفضيلة بل وجدوا مسرتهم في الأشواك. سمعنا عن المثل: “من ثمارهم يُعرفون. هل يجنون من الشوك عنبًاء أو من الحسك تينا” (مت 7: 16). وهو يسمي الخطية ما أنتجته لعنة الحيّة من حسك وأشواك. نحتاج إلى عين مُميزة لكي نقارن بدقة بين النرجس والأشواك حتى نختار كل ما هو للخلاص ونرفض ما هو فاسد. ويصير الشخص الذي له مثل هذه العين الفاحصة صدرًا حنونًا لكل الأطفال. كما كان بولس العظيم (1 كو 3: 1-6)، ويغذي أطفال الكنيسة المولودين حديث باللبن. لقد ذكر النشيد ثديّ العروس التوأم المولودان سويًا اللذان قارنهما. بخشفتيّ ظبي، ليؤكد أهمية وسمو هذا العضو للكنيسة. يقود كل ثدي الشخص إلى مرعى النرجس النقي بواسطة الحكم الصحيح والتمييز بين ما هو مغذي وما لايحتوي على غذاء كالأشواك. ويقوده في ذلك المبدأ المسيطر الذي يُرمز إليه بالقلب الذي يغذي الثديين. لا يبخل الثدي عن إعطاء النعمة بداخله ولكنه بعطي حلمة الكلمة لكل من هم في حاجة إليه، وهكذا يوفر الغذاء لكل أطفاله (أنظر تس 2: 7). والآن تم مدح أعضاء جسد الكنيسة وسنخصص المدح في الكلمات الآتية إلى كل أعضاء الجسد بعد الموت، فالمسيح أبطل قوة الموت (عب 2: 14). عندما صعد إلى مجد ألوهيته الذي كان قبل إنشاء العالم. لأن العريس يقول: “أذهب إلى تل المر وإلى جبل اللبان” [ع6]. يوضح النشيد مجد الله من خلال تعب المر والبخور ويضيف الكلمات الآتية: “كُلُّك جميل يا حبيبتي ليس فيك عيب” [ع7]. تعلمنا هذه الكلمات أنه لا يتمكن لأحد أن يأخذ حياتك منك. المسيح فقط له سلطان أن يضعها أو يرفعها (يو 10: 18). أنه يذهب إلى “جبل المر”، ليس بقوّته حتى يفتخر بذلك ولكن بما كسب من نعمة، بعد ما ذاق المسيح الموت عن الخطاة(رو 5: 8). خلصت الطبيعة البشرية ومن وصمة الخطية بعد أن رفع حمل الله خطية العالم وحطم الإثم (يو 1: 29). لذلك يقول النشيد “كُلُّك جميل يا حبيبتي ليس فيك عيب” ويضيف إلى ذلك سرّ الانفعال الذي يرمز إليه المرّ ثم يذكر خليط الأعشاب العطرة والبخور التي تُشير إلى ألوهية المسيح. إن الذي يشارك المسيح في المرّ سوف يحصل على رائحة الأعشاب العطرة والبخور، لأن الذي يتألم معه سينال المجد معه (رو 8: 17) وعندما يكون في المجد الإلهي سيحصل على الجمال الكامل، ويكون بعيدًا جدًا عن كل عيب بغيض بواسطة المسيح، ومن خلال المسيح تنفصل عن الخطية. أنه مات وقام من الأموات لأجلنا، وله المجد والقوة الآن وإلى الأبد آمين. يتبع….. القديس غريغوريوسالنيصي |
||||
29 - 07 - 2016, 06:57 PM | رقم المشاركة : ( 13753 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
Authentic humility
A humble man is not he who is self-deprecating and who uses humble words, but he who joyfully accepts advice. If you wish to be saved, you should love sincere speech and never recklessly despise reproof. He who does not gratefully accept reproofs shows that he wilfully lingers in his passions: he who loves reproofs is acting rationally. A brother once visited Abba Serapion. The Elder invited him to offer a prayer, according to custom; but he did not obey, calling himself a sinner and unworthy of the monastic schema. The Elder also wanted to wash his feet, but the brother did not consent to it, using the same words (that is, “I am a sinner and unworthy of the monastic schema”). The Elder then set the table and proposed that they sit down to eat. He sat down with the Elder and began to eat with him. During the meal, the Elder admonished him and said: “My son, if you want to be edified, stay patiently in your cell and pay attention to yourself and to your handiwork; for going out and visiting others does not profit you as much as staying in your cell.” When the brother heard the Elder saying these things, he was displeased, and the expression on his face altered so much that the Elder could not fail to notice it. Therefore, Abba Serapion said to him: “Up to now you have been saying ‘I am a sinner,’ censuring yourself, and judging yourself unworthy even to live; and yet, when I counselled you lovingly you became as angry as a wild beast. If you want to be humble then, learn to accept courageously whatever others say to you, and do not just speak fine words that have no content.” On hearing this, the brother made a prostration to the Elder and went away, greatly edified. If, to be humble, you hypocritically debase yourself, God will expose you; if, however, you truly lower yourself, God will appoint all of His creation to praise you. |
||||
29 - 07 - 2016, 06:58 PM | رقم المشاركة : ( 13754 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
Spiritual counsels
The best way to rejuvenate someone When you pray about someone else, a good power comes out of you and goes to your brother and heals, strengthens, and rejuvenates him. Saint Porphyrios the Kapsokalyvite If you lose your concentration while praying Don’t be unhappy if sometimes you lose your concentration to your prayer and your mind starts wondering around. You keep repeating the prayer, because our Lord is listening and the enemy runs away. Elder Christodoulos Katounakiotis Don’t limit your prayer in just the words Don’t limit and confine your prayer in just words, but make your entire life a prayer towards the Lord. St. Paisios the Hagiorite |
||||
29 - 07 - 2016, 06:58 PM | رقم المشاركة : ( 13755 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
Remain silent or speak up?
Often State policy and legislation undermine the Christian Faith. What should we as Christians do in such situations? Remain silent or speak up? Below we provide Elder Paisios’ advice on the topic. Today, when one is concerned over the condition of our nation, then that’s a confession of faith in itself, because the State is opposing the divine law. It’s legislating laws that are contrary to the law of God. I have heard Spiritual Fathers advising their spiritual children, “Don’t get involved in affairs of the State”. Now if they had attained such a high level of sanctity through prayer that they didn’t care about anything worldly, then I would be the first to kiss their feet. But they’re only indifferent, they don’t want to rock the boat. Indifference is unacceptable even among worldly people, and even less so among spiritual people. An honourable, spiritual person should do nothing indifferently. The Prophet Jeremiah exhorts us by saying “Cursed is he who does the work of the Lord with slackness” Geronta is the silence of the Church an indication of approval? Yes. Someone wrote some blasphemous things about Panaghia and no one spoke up. Then I told someone, “Did you see what so-and-so has written?” And he told me, “Well, what can you do with those people? You’ll get soiled if you try to deal with them.” They’re afraid to speak up. What did he have to fear Geronda? That people might write something about him and ridicule him in the press. And so he tolerates blasphemous things about Panaghia. We want others to pull the chestnuts out of the fire so that we can have our peace of mind. This indicates a lack of love. Then man begins to act out of self-interest. This is why we see an all-too familiar spirit today: “Get to know so-and-so because he will then speak well of you. Be on good terms with so and-so and he will not speak badly of you, and so forth. After all, we must not be taken for fools, we must not become victims.” Another person remains indifferent and does not speak up. “l do not speak out,” he says, “so that I won’t be written up in the newspapers.” In other words, most people are completely indifferent. For a long time no one would write anything, but now some little effort is being made. Years ago I had scolded someone on the Holy Mountain. “You are over-patriotic” he retorted. Not too long ago he came back to find me and say “They have destroyed everything, family, education….” And I, in turn, told him, “You are over-patriotic!’ |
||||
29 - 07 - 2016, 07:04 PM | رقم المشاركة : ( 13756 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
A discussion between an Elder and a young man
Elder: “Have I ever told you my child about St. Mary of Egypt?’ Young man: “I don’t believe so.” Elder: “St. Mary of Egypt was a prostitute from the age of twelve, spending seventeen years in this way of life. She was living in complete lust, fully immersed in the pleasures of the flesh. Once she embarked on a ship towards Jerusalem and she was asked if she had a ticket. She said “I have my body”. Well St. Mary arrived at the Holy City and she decided to go to the Church of the Holy Sepulchre. There some unseen power prevented her from entering. In great fear, she turned to an icon of the Theotokos and begged her to let her go in and venerate the holy relics, confess her sins and promised her that she would then go wherever the Theotokos will led her. She was allowed to enter the church and then she left to go beyond the river Jordan and in the desert having nothing with her but 3 loaves of bread. She spent 48 years alone in the wilderness. Can you imagine her torments, her struggles with passions and other terrors? After 48 years she met Father Zossima who saw her walking over the river Jordan like it was dry land! What a model of repentance! My Child memorize her life and ask for her intersessions because we need to repent. Our life is gone and we have done nothing. Remember the past is gone and the future is not for sure; we only have the present!” |
||||
29 - 07 - 2016, 07:04 PM | رقم المشاركة : ( 13757 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
St. Gregory Palamas on Jesus prayer
St. Gregory Palamas said the following: “Let no one think that it is the duty only of clergy and monastics to pray with ceasing and not of laypeople. No, absolutely not; it is the duty of all Christians to remain always in prayer.” Using the Jesus prayer (Lord Jesus Christ, Son of God, have mercy on me a sinner) “… this we can always do if we wish. For when we sit down to work with our hands, when we walk, when we eat, etc. we can always pray mentally as this is pleasing to God. Let us work with the body and pray with the soul.” Translated by Dr. Nick Stergiou |
||||
29 - 07 - 2016, 07:05 PM | رقم المشاركة : ( 13758 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
Holy counsels
Take away from me sloth Always prefer to study and being at a state of eagerness making haste, because then the difficult seem easy. Never prefer to be indolent and be at a state of idleness, because then the easy could appear to you difficult. St. John the Chrysostom The Love of God The Love of God is so big that He has let us free to not even love Him!!! St. Paisios the Hagiorite Care for your soul Care only for your soul; care to save your soul because your soul is holy and eternal. St. Joseph the Hysecast Translated by Dr. Nick Stergiou |
||||
29 - 07 - 2016, 07:05 PM | رقم المشاركة : ( 13759 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
About Fasting
A young man is talking with an Elder at the Holy Mountain. “My child, fasting is as old as we are. It was given to us in Paradise when God told us not to eat from a specific kind of a food. We also read about fasting in the Old Testament where Prophets Moses and Elias fasted, Kind David and Queen Esther fasted, Daniel and the three children fasted, and many others”. “My child, we don’t fast in order to get a better body for the summer, but we fast to develop obedience and strength of the Holy Spirit inside of us. Remember our Lord fasted for 40 days in the desert while being tempted by the enemy”. “My child, remember that the angel who appeared to Cornelius praised him for his fasting and his alms giving. This is why our prayer is stronger when is combined with fasting and giving to the poor”. “My child, fasting teaches to be chaste, capable of refraining, and more importantly strengthens our own will, making us capable of saying no to desires of any kind. This is why is so important to also teach children from young age to fast”. Personal testimonies to Dr. Nick Stergiou |
||||
29 - 07 - 2016, 07:06 PM | رقم المشاركة : ( 13760 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
Attachement to earthly things make us foreign to heavenly things
Living in a society which emphasises materials and wealth, we sometimes become so attached to our belongings that we go to great lengths to keep them to ourselves. However, we forget that the more attached we become to earthly things the more foreign we become to heavenly things. The following story is an inspirational example of detachment. One night thieves went to a certain hermit. “We came to take your things,” they said to him viciously. Without losing composure, the hermit said to them, “Come in and take whatever you like.” They emptied his poor hut of every last thing and left hurriedly. They forgot, however, to take a small flask that was hanging from a beam of the roof. The hermit took it down and, running behind the robbers, shouted for them to listen and to stop. “Come back, brothers, and take this too.” And he showed them from afar the small flask. They were amazed by his forgiving nature and returned, not to take the flask, but to offer repentance and to return all of his things.”This is, indeed, a man of God,” they said among themselves. |
||||