هو شقيق القديس أباكير الشهيد. وردت سيرتهما في حرف "أ" من قسم سير القديسين والقديسات هنا بالموقع "أباكير ورفقاؤه الشهداء".وتعيّد لهم الكنيسة في الرابع عشر من شهر بؤونة.
ولد في الربع الأخير من القرن التاسع عشر بمدينة طهطا، وانتظم في سلك الرهبنة بدير أنبا مقار ببرية شيهيت. ثم ذهب إلى القدس بصحبة أب اعترافه القمص تادرس المقاري، وأقاما بجوار نهر الأردن، وقد آلمه هناك أنه رأى المُقدِّسين وهم ينزلون النهر للبركة ولا يجدون مكانًا لخلع ولبس ملابسهم، فطلب من الرب فأعطاه مالًا بنى به حجرتين بجوار نهر الأردن لهذا الغرض. وبعد انتقال أبونا تادرس المقاري توجّه أبونا فيلبس إلى أريحا حيث اشترى منزلًا هناك، وتبين له فيما بعد أن هذا هو بيت زكا العشار الذي زاره السيد المسيح. وفي أحد الأيام بعد عودته من السوق وجد ثلاثة رجال في المنزل، فلما استفسر عن سبب وجودهم أخبروه أن يحفر في إحدى الحجرات وسوف يجد كنزًا ثم اختفوا عنه، فعلم أنهم ملائكة. بدأ الحفر باحثًا عن الكنز فوجد أجساد ستة قديسين منهم جسد القديس تدّاوس الرسول، ثم وجد ذهبًا وفضة ونقودًا كثيرة وفي النهاية وجد لوحًا مكتوبًا عليه أن هذا منزل زكا العشار وتاريخ المنزل وكان ذلك مكتوبًا بالعربية والعبرية واليونانية. كانت خدمته وغيرته المقدسة واضحة جدًا، فقد بنى كنيسة كبيرة ومضْيَفة حيث كان المطران يلتقي بالزائرين، وأقام بستانًا كبيرًا في مساحة كان اشتراها وزرع فيها فاكهة وخضراوات مختلفة.كما كان يقيم ولائم كبيرة في يوم شم النسيم وكان أيضًا يقيم ولائم بمناسبة زيارة السيد المسيح لبيت زكا، وكان يحرص أن يشرب زواره من البئر التي عنده والتي شرب منها السيد المسيح. كان تقشفه يزيد بازدياد ماله وكان يعتني بالفقراء والمساكين، وكان يردّد أنه "بوسْطجي" عند ربنا ليس له شيء.حاول أبونا بولس الأنبا بيشوي الذي عاصر أبونا فيلبس المقاري لمدة ثمانِ سنوات أن يعرف أي شيء عن عبادته ولكنه لم يعرف إلا القليل، فقد كان حريصًا على تتبع أسلوب الخفاء كوصية السيد المسيح. وقد اُختير أبًا لاعتراف معظم الرهبان في القدس، وكان يجد لذة في فض المشاجرات بين الجميع حتى أنه اُختير عضوًا في لجنة الصلح والسلام بين المواطنين فقد كان رجل سلام. كان يتميز بالبساطة والتواضع، قال عنه أبونا بولس الأنبا بيشوي أنه كان يخلع عمامته ويلقيها على الأرض ثم يلبسها دون أن ينفض التراب عنها، كما كان يخدم نفسه بنفسه. وعاش أبونا فيلبس حوالي مائة سنة وتنيّح في أواخر السبعينات.
ولد هذا القديس من أبوين مسيحيين في رومية سنة 210 م. فربّياه تربية مسيحية، وتدرج في الرتب الكهنوتية، فقد رسمه أسطاسيوس أسقف رومية شماسًا ورسمه أسقف رومية يسطس قسًا نظرًا لِما رأى فيه من الفضيلة والتقوى. ولما تنيّح الأب ديوناسيوس أسقف رومية، الذي كان في زمان القديس ثاؤناس بابا الإسكندرية أُختير هذا الأب لأسقفية رومية فرَعى رعيّة المسيح أحسن رعاية. ولما ملك أوريليانوس قيصر أثار الاضطهاد على المسيحيين وعذبهم بعذابات شديدة حتى استشهد الكثيرين منهم، ولما لحق هذا الأب منه شدائد عظيمة وضيقًا زائدًا ابتهل إلى الله أن يرفع هذا الضيق عن شعبه، فمات الملك في السنة الثانية من ملكه. ولما ملك دقلديانوس واضطهد أيضًا المسيحيين وبدأ في تعذيبهم، صلى هذا الأب إلى الله ألا يريه عذاب أحد من المسيحيين، فتنيّح في أول سنة من مُلك دقلديانوس بعدما جلس على الكرسي الرسولي خمس سنوات ونصف، تاركًا أقوال ومصنفات كثيرة بعضها في الوعظ والتعاليم المفيدة وبعضها في العقيدة.العيد يوم 6 هاتور.
روى سيرته القديس بولينس من نولا St. Paulinus of Nola الذي عاش بعده بأكثر من قرن من الزمان. كاهن بنولا:
كان القديس فيلكس مواطنًا من نولا في إيطاليا، وهى مستعمرة رومانية في كومبانيا Compania التي تبعد 14 ميلًا من نابولي Naples. كان أبوه سرياني الأصل يدعى إرمياس قائد في جيش القياصرة، كان لديه ابنان: فيلكس وهرمياس Hermias، اختار هرمياس العمل بالجيش بينما اختار فيلكس أن يكرس حياته لخدمة الله ويتبع ملك الملوك يسوع المسيح. فوزّع معظم أملاكه التي ورثها عن أبيه على الفقراء. أحبه الشعب جدًا بسبب طهارة سيرته ورصانة عقله، فزكّوه لدى مكسيموس أسقف نولا الذي جعله قارئًا. وهبه الله عطية إخراج الشياطين التي كانت ترتعب منه ولا تطيق الوقوف أمامه. ورُسِم كاهنًا على يد القديس مكسيموس، الذي عُرف بفضيلته وفطنته وصار يده اليمنى في تلك الأوقات المضطربة، واعتبره خليفته المنتظر. كان مهتمًا جدًا بخلاص النفوس بجانب اهتمامه بخدمة المرضى وافتقاد المحتاجين ومساعدتهم. اضطهاد الملك ديسيوس:
في عام 250 م. بدأ الإمبراطور ديسيوس اضطهاد الكنيسة. صارع الأسقف مكسيموس بين حنينه للانطلاق إلي المسيح وبين شعوره بضرورة الاختفاء لمساندة النفوس الضعيفة والاهتمام برعاية الشعب. قال في نفسه: "إن الحياة تحت أخطار الموت ليست بحياة بل هي موت مستمر، أما العذاب الذي يعبر سريعًا فيُحتمل بسهولة. إذا تقدمت إلى المغتصب المنافق يقتلونني سريعًا، ويفتحون لي باب الفردوس، ويحوّلونني إلى الحياة الحقيقية. وإذا اختفيت فلابد لي من الهروب إلى الجبال حيث لا أجد راحة لأني أسكن حينئذ بين الوحوش الضارية. ولا أجد هناك في شيخوختي من يسعفني. فخير لي الموت وسفك دمى لأجل يسوع ربى. غير أني قد أنفع رعيتي في غربتي، فلماذا أفضل نفعي على نفع رعيتي؟ لقد قال سيدي: إذا اضطهدوكم في مدينة فاهربوا إلى أخرى. لذا يجوز لي الفرار،غير أني بسبب الأمور الجارية لا نفع لرعيتي أن أتغرب واختفى. فيجب عليّ إذن أن أتغاضى عما يفيدني لكي أهتم بما ينفع رعيتي، وإن كنت اشتهى الموت حبًا بالمسيح فلتطل حياتنا قليلًا إكرامًا للّه الذي سيؤهلنا أن نموت في زمن آخر لأجله
قال هذا ثم استدعى الكاهن فيلكس واستودعه رعية المسيح وانطلق إلى الجبال واختفى هناك، ليس بسبب الخوف من الموت ولكن لخدمة قطيعه. بدأ الكاهن فيلكس يسند الشعب ويثبتهم في الإيمان. فأرسل الحاكم الجنود للقبض عليه الذي كان غيورًا على رعاية الإيبارشية في غياب الأسقف. طالبه الشعب بكل لجاجة أن يهرب فرفض. في جب:
التقى بالحاكم الذي بدأ بملاطفته ثم بتهديده. قال له فيلكس الكاهن: "إني مستعد أن أطيع الملك في كل شيء إلا ما يضاد إيماني، فإني لن أجحد إلهي، ولن أكفر بمخلصي، ولو أمرني بذلك جميع ملوك الأرض، وأنت قادر أن تفصل نفسي عن جسدي، ولكنك لا تقدر أن تفصلها عن محبة سيدي يسوع المسيح، فهذا المطمع لا سبيل إليه". التهب قلب الحاكم بنار البُغضة وأمر الجنود بضربه، فعرّوه ومزّقوا جسمه الطاهر بالضربات ثم القوه في جب، حيث كانت الأرض مليئة بقطع زجاج مكسور وكسر حجارة حادة بحيث لا يوجد مكان للقديس ليقف أو يرقد. وقيّدوه بأغلال حديدية حتى لا يتحرك؛ أما هو فكان يحتمل العذابات بوجهٍ باشٍ وفرحٍ. خروجه من السجن:
في إحدى الليالي إذ كان الكاهن فيليكوس يصلى داخل السجن من أجل أن يحفظ الله رعيته ظهر ملاك وملأ السجن بنور برّاق، وأمر القديس بالذهاب لمساعدة الأسقف الذي كان في محنة عظيمة. إذ رأى السلاسل قد سقطت والجراحات برئت وأبواب السجن انفتحت تبع الملاك مرشده، ووصل إلى المكان حيث كان القديس مكسيموس مشرفًا على الموت يرقد في جوعٍ وبردٍ فاقد الوعي غير قادر على الكلام أو الحركة، ذلك لأنه في اشتياقه لقطيعه والمحنة في وحدته كان قد قاسى بشدة أكثر من عذابات الشهيد. ظن الكاهن أنه في حلم وإذ أدرك أنه حقيقة بكى إذ لم يكن معه طعام أو شراب يقدمه لأسقفه. صرخ إلى الله يطلب نجدة فرأى بجواره عناقيد عنب، فكان يعصرها في كفّه ويفرغّها في فم الأسقف الشيخ شيئًا فشيئًا. فتح الأسقف عينيه وأفاق واتفق الاثنان على الرجوع إلى المدينة ليلًا. حمل القديس على كتفيه حتى بيته في المدينة قبل طلوع الفجر حيث اعتنت به سيدة عجوز تقية ناسكة. اختفاؤه:
أما فيلكس فظل مختبئًا يصلى من أجل الكنيسة بدون انقطاع حتى موت ديسيوس عام 251 م. ولم يظهر في المجتمع بسبب غيرته، فاغتاظ الوثنيون ومضوا بأسلحتهم ليلقوا القبض عليه في بيته فلم يجدوه. وإذ رأوه في الطريق لم يعرفوه. سألوه إن كان يعرف فيليكوس فأجابهم أنه لا يعرفه بالوجه، إذ لم يكن قد رأى وجهه قط. وعندما اكتشفوا خطأهم ورجعوا للبحث عنه فكان القديس قد بَعُد بمسافة وزحف داخل فتحه في جدًار متهدم وكانت الفتحة مليئة بخيوط العنكبوت. وعندما لم يعثر عليه أعداؤه حيث أنهم لم يتخيّلوا أن أحدًا من الممكن أن يكون قد دخل رجعوا بدونه. أما فيليكوس فقد عثر على بئر نصف جاف بين بيتين وسط الأنقاض، فاختبأ هناك لمدة 6 شهور وكانت تقوته امرأة مسيحية متعبدة. وعندما ساد السلام في الكنيسة خرج فيليكوس من البئر واستُقِبل بفرح في المدينة. رفضه الأسقفية:
بعد قليل تنيّح القديس مكسيموس، وكان الجميع يريدون انتخاب فيلكس أسقفًا، لكنه ترجّاهم أن يختاروا بدلًا منه كوينتُس Quintus، الذي كان أقدم منه في الكهنوت بسبعة أيام. كانت بعض ممتلكات القديس التي تبقاها قد صودرت أثناء الاضطهاد ونُصِح بأن يتمسك بحقه القانوني كما فعل آخرون واستعادوا ما أُخِذ منهم. أما هو فأجاب بأنه في فقره سيضمن اقتناء المسيح. ولم يكن يقبل حتى أخذ ما عرضه عليه الأغنياء، بل استأجر قطعة أرض صغيرة لا تتعدى ثلاث أفدنة وزرعها بيديه ليأخذ منها احتياجاته وما يفيض يقدمه صدقة، فكان يعطي بسخاء للفقراء فمتى كان عنده معطفان كان يتصدق بالأفضل، بل وغالبًا ما كان أيضًا يبدل المعطف الآخر بملابس أحد الفقراء.تنيًح في شيخوخة صالحة في أواخر القرن الثالث في يوم 14 يناير سنة 260 م. قبل تولي دقلديانوس الملك. وقد ذكر بولينوس أن الله شرّف هذا القديس بعد موته بصنع عجائب كثيرة. هذا ما أكّده أيضًا القديس أغسطينوس.
في بداية اضطهاد دقلديانوس قام عدد من المسيحيين بتسليم الكتب المقدسة لأيدي المُضطَهِدين الذين قاموا بحرقها. كان فيلكس أسقفًا في أفريقيا proconsular Africa، وكان بعيدًا عن أن يتخلى بسهولة عن أمانته وتدقيقه. مطالبته بتسليم كتب الكنيسة ومخطوطاتها:
استدعاه ماجنيليان حاكم ثيبيوكا Magnilian magistrate of Thibiuca وأمره بتسليم كتب الكنيسة ومخطوطاتها لكي يحرقها حسب أوامر الإمبراطور. أجابه القديس بأن أوامر الله يجب أن تطاع قبل أوامر الإنسان، فأرسله ماجنيليان إلى حاكم قرطبة Carthage. حاول حاكم قرطبة معه ولكنه صُدِم من ردوده الحادة ورفضه الشديد، فحبسه تسعة أيام في جب كريه، ثم أرسله مكبلًا بالحديد في قاع سفينة إلى ماكسيمينوسوس في إيطاليا. ظل الأسقف ملقى أربعة أيام في السفينة بين أقدام الخيل وبدون طعام أو شراب حتى وصلت المركب إلى أجريجنتم Agrigentum في صقلية Sicily، حيث استقبله المسيحيون في الجزيرة وفي كل المدن التي عبر عليها بكل احترام وتبجيل. حين وصل فيلكس إلى فينوسا Venosa في أبوليا Apulia فك القائد عنه الحديد وسأله إن كان يملك كتبًا مقدسة ولماذا لا يريد تسليمها، فأجاب القديس بأنه فعلًا يملكها ولكنه لن يسلمها لهم أبدًا. وبدون أي تردّد أمر القائد بقطع رأسه، فصلى القديس شاكرًا الله من أجل مراحمه ثم مدَّ رأسه للسياف مقدمًا نفسه ذبيحة للّه. وكان استشهاده في سنة 303 م.، وكان له من العمر إذ ذاك 56 سنة، وكان من أوائل الذين استشهدوا في عصر دقلديانوس. وتقول بعض المصادر أن الشهيد لم يسافر إلى إيطاليا بل عذَّب واستشهد في قرطبة وأن رفاته ما تزال مدفونة هناك.العيد يوم 24 أكتوبر.
أسقف باجاي Bagai في نوميديا Numidia وكان حاضرًا المجمع السابع في قرطاجنة Carthage برئاسة كبريانوس والذي عُقِد سنة 256 م.، وهو ثالث مجمع يناقش موضوع المعمودية.كما أنه أحد الأساقفة التسعة الشهداء في مناجم سيجوا Sigua.
رُسِم أسقفًا على مدينة ترير Trier سنة 386 م.، وحضر المجمع الذي انعقد في مدينته والذي كان القديس مارتان Martin حاضرًا فيه. وكان فيلكس رجلًا قديسًا محبًا وكريمًا على الفقراء، وقد بنى ديرًا وكنيسة على اسم السيدة العذراء وشهداء الكتيبة الطيبية Theban Legion ووضع فيه رفات أحد قواد الكتيبة واسمه ثيرسِس Thyrses وتسعة شهداء آخرين. ولأنه انتُخِب للأسقفية بواسطة بعض المسئولين (الحكوميين) عند موت بريسكيليان Priscillian رفض القديسان أمبروسيوس وسيريسيوس Siricius الشركة الكنسية معه، ولعل ذلك كان السبب وراء اعتزاله الأسقفية في سنة 398 م. وذهابه إلى الدير الذي كان قد بناه، والذي سميّ فيما بعد باسم القديس بولينوس Paulinus. وقد تنيّح سنة 400 م. وحدثت معجزات كثيرة عند مكان قبره.العيد يوم 26 مارس.
بوجد خلاف كبير في الرأي حول شخصية هذا الأسقف، فالرأي الأول يقول أن فيلكس هذا كان كبير شمامسة روما في زمن الإمبراطور قسطنطين الكبير، وحين نُفِي الأسقف ليبِريوس Liberius إلى ميلان بسبب تأييده للبابا أثناسيوس، أخذ فيلكس مكانه وجلس على كرسيه، بعد أن أقامه ثلاثة أساقفة من أتباع أريوس، وواضح أن هذه القصة تتنافى مع حياة شخص كُرِّم على أنه أسقف وقديس وشهيد. الرأي الثاني يقول أن هذا الأسقف نُفِي من كرسيه بواسطة الإمبراطور قسطنطين بسبب مقاومته لبدعة الأريوسية، وقُتِل سرًا بحد السيف في توسكاني Tuscany سنة 365 م. ومن ذلك المكان نقل رجال الدين جسده إلى كنيسة القديسين قزمان ودميان. وقد وجد البابا جريجوري الثالث عشر جسده بعد ذلك تحت المذبح، مع رفات بعض الشهداء مما يرجح محاولة تحريف سيرته وصدق الرأي الثاني.العيد يوم 29 يوليو.