وسيلة أم غاية
قال صبي ٌ لابيه : لم اصلي الليلة الماضية لأني لم أكن في حاجة الى شيء اطلبه منه ، قالها في نبرات تنم عن اقتناع عميق انه لم يأتي الا التصرف الطبيعي السليم الذي يجب ان لا يكون موضع مؤاخذة أو دهشة .
هل تعلم ماذا كان يطلب الجمع الذي عبر البحر ليفتش عن المسيح باجتهاد ؟ لم تكن غايتهم شخص المسيح لذاته ، ولكنه كان وسيلتهم للحصول على الخبز . وقد كان المسيح صريحا ً عندما قال لهم : " الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ : أَنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي لَيْسَ لأَنَّكُمْ رَأَيْتُمْ آيَاتٍ ، بَلْ لأَنَّكُمْ أَكَلْتُمْ مِنَ الْخُبْزِ فَشَبِعْتُمْ . " ( يوحنا 6 : 26 )
وقد هانت الصلاة على البعض حتى اتخذوها اداة لارتكاب الآثام وستارا ً يحجبها عن اعين الناس ، وقد مارسها الكتبة والفريسيون على هذا النحو ، حتى قال عنهم الرب : " وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ الصَّلَوَاتِ . هؤُلاَءِ يَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ " ( لوقا 20 : 47 ) أما من سمت محبتهم عن الاغراض فقد احبوا الرب الذي احبهم فضلا ً محبة خالصة ، ورفعوا صلاتهم مع النبي آساف : " مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئًا فِي الأَرْضِ." ( مزمور 73 : 25 ) وقد تأمل داود وقلبه ممتلئ محبة ً لله حتى لم يوجد فيه مجال لمطمع أو مطمح آخر فاصبحت له امنية وحيدة يطلبها بحرارة الشوق ، وقال : " وَاحِدَةً سَأَلْتُ مِنَ الرَّبِّ وَإِيَّاهَا أَلْتَمِسُ: أَنْ أَسْكُنَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي ، لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى جَمَالِ الرَّبِّ " ( ( مزمور 27 : 4 ) واذا تطلعنا الى قمة الاختبار ، نجد ايوب هناك يتمسك بالرب ، لا ابتغاء نفع أو كسب ولكن رغما ً عن كل ما يسمح له به من حرمان وآلام ، فنقرا في سفر ايوب : " هُوَذَا يَقْتُلُنِي . لاَ أَنْتَظِرُ شَيْئًا. فَقَطْ أُزَكِّي طَرِيقِي قُدَّامَهُ." ( ايوب 13 : 15 ) .
قل معي
كن انت يا رب كل شيء في حياتي ، وسيلتي وغايتي ، سبيلي الى كل خير ٍ ومنتهى آمالي واماني ّ ، طريقي وهدف حياتي ، فأنت هو " الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ" .