رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
للملوخية فوائد لا حصر لها..اكتشف تصلح الخضروات كلها للتجميد ، وحدها الملوخية التى تصلح للتنشيف ، التجميد يفقد الخضروات زهوتها عند الطبخ كأنك نزعت هالة الضؤ عن رأس قديس ، التنشيف يمنح الملوخية رهبة ما لا تقل عن رهبة مدخل معبد الكرنك. لا أحد يعرف قيمة الملوخية سوى الجنوبيين بل أنهم هم أول من عرفوها ، كانوا الفراعنة يعتقدون أن الملوخية نبات سام فابتعدوا عنه و عندما سيطروا الهكسوس على الحكم أرغموا الكصريين على أكلها لإذلالهم و إخافتهم ،أكلوها فأحبوها فعبدوها (كان هناك مذهب يقول أن قيمة الإنسان فى الحياة الأخرى يقاس بمقدار ما تناوله من الملوخية) ، ثم حرمها الحاكم بأمر الله على الشعب لأنها (ملوكية) لا يتناولها إلا الملك ، وهناك من يقول أنها حرمها لأن المصريون كانوا يأكلونها ثم يروحون فى نوم عميق يحول بينهم و بين العمل ، أصدق هذة الرواية خاصة أن قوة الإغماءة التى تفاجئك بعد الملوخية هى المقياس الأول لجودتها. أكاد اجزم ان الملوخية هى الطعام الوحيد الذى يسرى فى الدم قبل امتصاصه ، هكذا مباشرة من الفم إلى الجهاز الدورى ، أشعر بها تسير فى العروق و تمددها فينساب الدم بنعومة فيحدث الاسترخاء الربانى الذى لا يوفره لك أجود أنواع المخدرات فى العالم ، تفقد السيطرة على نفسك تماما عندما تشعر بالملوخية تجرى فى عروق رأسك إلى أن تصل إلى الشبكية فتظلم الدنيا من حولك حتى تنسحب الملوخية من دمك تماما قتصحو رائقا ،من يتناول الملوخية و يستأنف ما كان يفعله فى أغلب الظن تناول برسيما مطبوخا . الجنوبيون يعتبرونها أكلة مقدسة و يندهشون من هؤلاء الذين يضيفون الجميرى إلى الملوخية و يرونهم (محدثين نعمة)، و يكرهون الذين يطبخونها بالصلصة و يرون فى ذلك إهدارا لوقار الأكلة ، أما من يضيفون (الطشة) إلى الشوربة و ليس للملوخية نفسها فهم (مالهومش فيها) ، لأن الطشة تفقد لونها الذهبى المميز الذى يزين وجه الطبق الأخضر و تتحول إلى أجسام بيضاء لا شخصية لها وتحعل الطبق نموذجا لأكل العيانيين ، ويرون من يعصر نصف ليمونة على طبق الملوخية شخص ثقيل الدم، بينما لا يلتفتون أصلا إلى الملوخية التى يترسب قوامها فى قاع الحلة و لا إلى الملوخية التى تكتسب قواما أقرب إلى قوام السيريلاك و لا إلى الملوخية التى لا تعلق بلقمة العيش (ودن القطة) من فرط خفتها ، و يعتبرون كل ما فات إهانة لهم إذا ما صادفوه فى عزومة. لقد تعلمتها من جدتى بالمراقبة ، تقطيع الأوراق لابد أن يكون من جذر الورقة و ليس عشوائيا ، و لابد أن تتعرض الأوراق للشمس حتى تجف ، ثم تخرط على سطح خشن و يجب أن يتوقف الخرط قبل أن تفرز الأوراق مادة مخاطية تعلق بالمخرطة ، أما الثوم فيسحق بخفة بشرط ألا يتحول إلى عصير ، وعند تحميره فى قليل القليل من السمن البلدى لابد ان يضاف فور اكتسابه اللون الذهبى إلى الحلة مع شهقة ترد الملوخية عليها بواحدة أقوى ، ثم كبشة من الكلوخية فى الطاسة تحتضن ما علق بها من الثوم الذهبى بعدها يعود المزيج مرة أخرى إلى الحلة. هناك أصول للموضوع ، لا يجب طبخ اللحم داخل الملوخية ، لابد ان تراه أمامك محمرا (ياسلام لو فيه حته ملبسة اكتسب دهنها لونا أصفرا) ، وكذلك الفراخ التى يحلو جلدها المحمر مع لقمة عيش بلدى و رشفة من سلطانية الملوخية،الله إذا كان إلى جوارها حمام بالفريك فتقطع مؤخرة الحمامة و تصبها بالفريك فى السلطانية ثم تتناول المزيج بالملعقة ، البتنجان المخلل يقوى حضور الملوخية على المنضدة ، وكلما كان الأرز بالشعرية كلما كان المزيج مؤثرا أكثر من تتر ليالى الحلمية( ومنين بيجى الشجن) ،أما إذا جاور طبق الملوخية طبق محشى فلفل من حقك أن تبكى الآن . تصلح زراعة الملوخية فى أية تربة ، لكنها تحتاج فقط لقدرا من الدفء ، وهذا حقها فهى الأكلة الوحيدة التى تشع دفئا فى كل البيوت المصرية ، رائحتها هو الونس الذى يلمس قلبك و انت تصعد السلم وتحاول أن تخمن من فى جيرانك (طابخ ملوخية النهاردة) ، هى التى تقرب بين سكان البيت فى (قعدة التقطيف) و تمنح جاذبية ما لأمهاتنا وهن يضعن الثوم فى حجر جلاليبهن لتفصيصه ، وهى أول طعام للأطفال بل المفضل لديهم لسنوات طويلة (رز بالملوخية) ، وفى جهاز أى بنت مصرية لا توجد أداة يرتبط اسمها بأكلة معينة سوى (مخرطة الملوخية). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|