كيف تحمل الصليب عمليا؟
+ الصليب هو علامة حب و بذل و تضحية و فداء تحمله كلما تعبت لأجل ممارسة هذه الفضائل. حاول أن تتعب من أجل إراحة غيرك و من أجل إنقاذه و خدمته و ثق أن الله لا ينسى تعب المحبة بل كل واحد سيأخذ أجرته حسب تعبه
(1 كو 3 : 8) تدرب أن تعطى مهما بذلت و تحملت و ضحيت..و تدرب أن تعطى من أعوازك كما فعلت المرأة المطوّبة
(لو 21 : 4( إتعب في خدمتك بمقدار تعبك يظهر حبك و بذلك تظهر تضحيتك.
+ الصليب أيضا علامة ألم و احتمال: الألأم العظيمة التى احتملها السيد من أجلنا سواء ألام الجسد التى قال عنها ثقبوا يدي ورجلي و أحصوا كل عظامي أو ألام العار التى احتملها من أجلنا في سرور الى و هو مسرور بخلاصنا. لهذا قال عنه الرسول من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي (عب 12 : 2)
ما أعظم الاحتمال بسرور, انه درس لنا
وأنت تحمل صليبا إن كنت من أجل الرب تحتمل ضيقته أو من أجل بركته نالك اضطهاد أو من أجل ذلك تصاب بمرض أو ضعف، كذلك ان كنت تحتمل متاعب الناس دون ان تنتقم لنفسك بل تحول الخد الآخر و تمشى الميل الثاني ولا تقاوم الشر (مت 5 39 – 42) بل تصبر و الصبر صليب..سواء كان احتمالك و صبرك في محيط الأسرة أو في مجال الخدمة أو في نطاق العمل.
+ و تحمل صليبا ان كنت تصلب الجسد من الأهواء
(غل 5 : 24). فتبذل كل جهدك لكي تصلب رغبة أو شهوة و تنتصر على نفسك و تصلب فكرك كلما أراد ان يشرد بك، كلما تضبط حواسك و تلجم لسانك و تقهر ذاتك و تمنع جسدك عن الطعام محتملا الجوع مبتعدا عن كل
طعام شهى و عن كل لذة جسدية و عن محبة المال.
+ و تحمل صليبك في إنكار ذاتك بأخذ المتكأ الأخير : و بعدم السعي وراء الكرامة و بتنازلك عن حقوقك، و عدم أخذ حقك في الأرض و بتفضيل غيرك على نفسك في كل شي بالمحبة التى لا تطلب ما لنفسها ( 1 كو 13: 5) و بالتواضع و الزهد و البعد عن المديح و الكرامة.
+ و تحمل صليبك بأن تحمل خطايا الآخرين فهكذا فعل السيد المسيح. لا مانع ان تحتمل ذنب غيرك و تعاقب عنه بد لا منه أو تحتمل مسؤوليات غيرك و تقوم بها عوضا عنه. و كما قال القديس بولس لفليمون عن أنسيموس “إن كان قد ظلمك بشيء أو لك عليه دين فاحسب ذلك على ..انا أوفى”
( فل 18 ، 19) .. على قدر استطاعتك اشترك في آلام الآخرين و ارفعها عنهم و كن قيروانيا تحمل صليب غيرك. معاني لاهوتيه للصليب:1- نتذكر محبة الله لنا الذى من اجل خلاصنا قبل الموت عنا “كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الى طريقه و الرب وضع عليه إثم جميعنا” ( أش 53 : 6 ). حينما نرشم الصليب نتذكر ” حمل الله الذى حمل خطايا العالم كله” يو 1 : 29 ، 1 يو 2 : 2. 2- وفى الصليب نذكر خطايانا. خطايانا التى حملها على الصليب، التى من أجلها تجسد و صلب… و بهذا التذكر نتضع، و نسحق نفوسنا، و نشكر على الثمن الذى دفع لأجلنا لأنكم اشتريتم بثمن ( 1كو 6 : 20(
+ و في الصليب نذكر العدل الالهى: كيف ان المغفرة لم تكن على حساب العدل، بل إستوفى العدل الالهى حقه على الصليب فلا نستهن بالخطية التى ثمنها هكذا.
+ و في رشمنا للصليب نعلن تبعيتنا لهذا المصلوب إن الذين يأخذون الصليب بمجرد إعلانها الروحي، داخل القلب، دون أية علامة ظاهرة لا يظهرون هذه التبعية علناً، التي نعلنها برشم الصليب وبحمل الصليب على صدورنا. وبتقبيل الصليب أمام الكل، وبرشمه على أيدينا، وبرفعه على أماكن عبادتنا. إننا بهذا كله، إنما نعلن إيماننا جهاراً، ولا نستحي بصليب المسيح أمام الناس، بل نفتخر به، ونتمسك به، ونعيد له أعياداً.. ونتمسك به .. حتى دون أن نتكلم. مجرد مظهرنا يعلن إيماننا..
+ ونحن لا نرشم الصليب على أنفسنا في صمت، إنما نقول معه باسم الآب والابن والروح القدس. وبهذا نعلن في كل مرة عقيدتنا بالثالوث القدوس الذي هو إله واحد إلى الأبد آمين. وهكذا يكون الثالوث في ذهننا باستمرار، الأمر الذي لا يتاح للذين لا يرشمون الصليب مثلنا.
+ وفي رسم الصليب أيضاً نعلن عقيدتي التجسد والفداء: فنحن حين نرشم الصليب من فوق إلى تحت، ومن الشمال إلى اليمين، ومن الظلمة إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، وما أكثر التأملات التي تدور بقلوبنا وأفكارنا من رشم علامة الصليب.
+ وفي رشم الصليب نذكر المغفرة: كيف أن خطايانا غفرت على الصليب. وكيف أن السيد خاطب الآب السماوي قائلاً (وهو على الصليب) “يا أبتاه اغفر لهم، لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون”.
.
+ وفي رشمنا للصليب تعليم ديني لأولادنا ولغيرهم: كل من يرشم الصليب، حينما يصلي، وحينما يدخل إلى الكنيسة، وحينما يأكل، وحينما ينام، وفي كل وقت، إنما يتذكر الصليب، وهذا التذكر مفيد روحياً ومطلوب كتابياً. وفيه أيضاً تعليم للناس، إن المسيح قد صلب، وتعليم بالذات لأولادنا الصغار الذين يشبون من صغرهم على الصليب.
+ وبرشمنا الصليب إنما نبشر بموت الرب عنا حسب وصيته. وهذه وصية الرب لنا أن نبشر بموته “الذي لأجل فدائنا” “إلى أن يجئ” (1كو : 26:11).. ونحن برشم الصليب نتذكر موته كل حين ونظل نتذكره الى أن يجئ. ونحن نتذكر في سر الإفخارستيا. ولكن هذا السر لا يقام في كل وقت، بينما الصليب يمكن أن نرشمه في كل وقت متذكرين موت المسيح عنا…
+ وفي رشمنا للصليب، نتذكر أن عقوبة الخطية موت: لأنه لولا ذلك ما مات المسيح. عنا على الصليب وأعطانا الحياة يا أبتاه اغفر لهم” (لو 34:23).
+ وفي رشمنا الصليب نتذكر محبة الله لنا: نتذكر أن الصليب ذبيحة حب. لأنه ” هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يو 16:3).. ونتذكر أن ” الله بين محبته لنا، لأننا ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا.. وصولحنا مع الله بموت ابنه” (رو 8:5).. في الصليب نتذكر محبة الله لنا، لأنه “لا يوجد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه” (يو 13:15(.
+ ونحن نرشم الصليب لأنه يمنحنا القوة: القديس بولس الرسول يشعر بقوة الصليب هذه فيقول ” به صلب العالم لي، وأنا للعالم” (غل (14:6. ويقول أيضاً “إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة. وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله” (1كو 18:1(.لاحظوا هنا أنه لم يقل أن عملية الصليب هي قوة الله. إنما قال أن مجرد كلمة الصليب هو قوة الله. لذلك نحن حينما نرشم الصليب، وحينما نتذكر الصليب، نمتلئ قوة لأننا نتذكر أن الرب بالصليب داس الموت، ومنح الحياة لكل الناس، وقهر الشيطان وغلبه، ولذلك..
+ نحن نرشم الصليب لأن الشيطان يخافه: كل تعب الشيطان منذ حارب آدم الى آخر الدهور. ضاع على الصليب، إذ دفع الرب الثمن، ومحا جميع خطايا الناس بدمه. لمن لا يؤمنون ويطيعون. لذلك فإن الشيطان كلما يرى الصليب، يرتعب متذكراً هزيمته الكبرى وضياع تعبه، فيخزى ويهرب. وهكذا كان أولاد الله يستخدمون باستمرار علامة الصليب باعتبارها علامة الغلبة والانتصار، أو هي قوة الله. فمن جهتنا نمتلئ قوة من الداخل، أما عن العدو في الخارج فهو يرتعب.. وكما كانت ترفع الحية النحاسية في القديم شفاء للناس وخلاصاً من الموت، هكذا رفع رب المجد على الصليب (يو 14:3). وهكذا علامة الصليب في مفعولها.
+ ونحن نرشم علامة الصليب فنحن نأخذ بركته: كان الصليب في العهود القديمة علامة اللعنة والموت بسبب الخطية. ولكن على الصليب حمل الرب كل لعناتنا، لكي يمنحنا بركة المصالحة مع الله (رو 10:5). وبركة الحياة الجديدة، ولذلك فكل نعم العهد الجديدة مستمدة من الصليب. لذلك استخدم رجال الإكليروس هذا الصليب في منح البركة إشارة الى أن البركة لا تصدر منهم شخصياً. إنما من صليب الرب الذي ائتمنهم على استخدامه في منح البركة، ولأنهم يستمدون كهنوتهم من كهنوت هذا المصلوب، وكل بركات العهد الجديد نابعة من صليب الرب وفاعليته.
+ لذلك فكل الأسرار المقدسة في المسيحية نستخدم فيها الصليب. لأنها كلها نابعة من استحقاقات دم المسيح على الصليب. فلولا الصليب ما كنا نستحق أن نقترب الى الله كأبناء في المعمودية. وما كنا نستحق التناول من جسده ودمه في سر الإفخارستيا (1كو 26:11). وما كنا نستطيع التمتع ببركات أي سر من أسرار الكنيسة.
+ ونحن نهتم بالصليب لنتذكر الشركة التي لنا فيه: نتذكر قول القديس بولس الرسول “مع المسيح صلبت.. فـأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ” (غل 20:2). وقوله أيضاً “لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته” (في 10:3). وهنا نسأل أنفسنا متى ندخل في شركة آلام الرب ونصلب معه؟. وهنا نتذكر اللص الذي صلب معه، فاستحق أن يكون في الفردوس معه، ولعله صار في الفردوس يغني بالأغنية التي قالها القديس بولس فيما بعد “مع المسيح صلبت”..كل أمنياتنا أن نصعد على الصليب مع المسيح ونفتخر بهذا الصليب الذي نذكره الآن كلما تلامس مع حواسنا.
+ ونحن نكرم الصليب، لأنه موضع سرور الآب: الآب الذي تقبل المسيح على الصليب بكل سرور كذبيحة خطية، وكمحرقة أيضاً “رائحة سرور للرب” (لا 17،13،5:1). وقال أشعياء النبي في ذلك “أما الرب فسر بأن يسحقه بالحزن” (أش 10:53) إن السيد المسيح أرضى الآب بكامل حياته على الأرض، ولكنه دخل ملء هذا الإرضاء على الصليب، حيث “أطاع حتى الموت، موت الصليب” (قي 8:2.) ففي كل مرة ننتظر الى الصليب نتذكر كمال الطاعة، وكمال الخضوع لكي نتمثل بالسيد المسيح في طاعته، حتى الموت. وكما كان الصليب موضع سرور للآب، كان هكذا أيضاً بالنسبة الى الابن المصلوب الذي قيل عنه “من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزي” (عب 2:12) وهكذا كان ملء سرور المسيح في صلبه. ليتنا نكون هكذا.
+ وفي الصليب نخرج إليه خارج المحلة، حاملين عاره (عب( 12:13. بنفس شعورنا في أسبوع الآلام.. ونذكر في ذلك ما قيل عن موسى النبي “حاسباً عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر” (عب 26:11). وعار المسيح هو صلبه وآلامه.
+ وعلى الصليب نذكر الخلاص الذي ناله اللص المصلوب مع الرب: هذا الأمر يعطينا رجاء عجيباً. كيف أن انساناً أمكن أن يخلص في الساعات الأخيرة من حياته على الأرض، ويتلقى وعداً بالدخول الى الفردوس. كيف أن الرب بتأثيره الروحي على هذا اللص، استطاع أن يجذبه إليه، ويذكر له إيمانه واعترافه، ولا يذكر له شيئاً من خطاياه السابقة. ما أعظمه رجاء تم على الصليب.
+ نحمل صليب المسيح الذي يذكرنا بمجيئه الثاني: كما ورد في الإنجيل عن نهاية العالم ومجئ الرب “وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء (أي الصليب).. ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء.. ” (مت 30:24). فلنكرم علامة ابن الإنسان على الأرض، مادمنا نتوقع علامته هذه في السماء في مجيئه العظيم.