رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رسالة الزلزال _ يوحنا ذهبي الفم رسالة الزلزال القديس يوحنا ذهبي الفم هل رأيتم قوة الله؟ هل رأيتم محبة الله للبشرية؟ رأيتم قوته عندما زلزل العالم، ورأيتم محبته عندما جعل العالم المترنح ثابتاً مرة أخرى - أو بالأحرى رأيتم قوته ومحبته في كلاهما - فالزلزال أظهر قدرة الله وتوقفه أظهر محبته، إذ أنه هزَّ الأرض ثم جعل الكون راسخاً مرة ثانية، وبعد أن كان يتأرجح وعلى وشك الانهيار جعله منتصباً. قد انتهى الزلزال لكن ليبقى الخوف، ذلك الترنح قد جرى مجراه وعبر لكن لا تترك التعقل يغادر معه. قد أمضينا ثلاثة أيام في الصلاة، ليتنا لا نخفِّف من حماسنا الروحي. جاء الزلزال بسبب تهاوننا، قد استرخينا فاستدعينا الزلزال، جدَّدنا حماسنا فأبعدنا غضب الله. ليتنا لا نتهاون مرة أخرى لئلا نستدعي غضبه وعقوبته من جديد. إذ أن الله لا يسَّر بموت الشرير بل بأن يرجع الشرير عن طريقه ويحيا (حز11:33). هل رأيتم فناء الطبيعة البشرية؟! عند حدوث الزلزال تأملت في نفسي وقلت: أين السرقة؟ أين الطمع؟ أين الاستبداد؟ أين التكبر؟ أين الهيمنة؟ أين الظلم؟ أين نهب الفقير؟ أين عجرفة الغنيّ؟ أين سيطرة الأقوياء؟ أين التهديد والإكراه؟ أين الخوف؟ مرت لحظة واحدة، وإذا كل شيء قد تمزق بسهولة أكثر من تمزق شبكة العنكبوت، كل شيء تحطم، وامتلأت المدينة بالصراخ وركض كل إنسان نحو الكنيسة. تأمل معي لو كان الله قد اختار تدمير كل شيء، ماذا كان سيكون حجم المعاناة؟! أقول هذا لكي يبقى ذلك الخوف الناتج من تلك الأحداث قاطع فيك، فنحافظ على عزيمة كل شخص قوية وثابتة. قد هزَّنا لكنه لم يحطمنا، لو كانت إرادته تحطيمنا ما كان قد هزَّنا، لكن بما أنه لم يرد تحطيمنا جاء الزلزال مثل نذير، محذراً كل إنسان بغضب الله، حتى يمكننا من خلال مخافة الله أن نُحسِّن من حياتنا ونتجنب العقوبة الفعلية. قد فعل ذلك حتى للأمم الأجنبية: " بعد ثلاثة أيام وتنقلب نينوى" (يون 4:3 س)، لماذا لا تقلب المدينة مباشرة؟ أتنذر بتدميرها، لماذا لا تدمرها في الحال؟ لأنني لا أبتغي الهدم، ولهذا السبب أنذر، وحتى لا أفعل ما أقول أجعل كلمتي تمضي مسبقاً وتمنع أعمالي. لذلك تكلم النبي: "بعد ثلاثة أيام وتنقلب نينوى". أما اليوم فالجدران تصدر صوتاً - أقول هذا لكُلا من الفقير والغنيّ ولا أتوقف عن ذلك - لنتأمل كم هو رهيب غضب الله وكيف أن كل شيء سهل وبسيط أمامه، ولنمتنع عن الشر، إذ أنه في وهلة زمنية قصيرة أرهق عقل وثبات كل واحد منا، وهزَّ أساسات قلوبنا. لنتأمل في ذلك اليوم الرهيب - الذي عوضاً عن لحظة زمنية واحدة يكون دهور بلا نهاية - حيث أنهار نار، وغضب مُخيف، وقوات تسحبنا للمحاكمة، وكرسي حكم رهيب، ومحكمة غير فاسدة، وأعمال كل إنسان ماثلة أمام أعيننا، لا يوجد أحد للمساعدة، لا جار ولا محامي ولا قريب ولا أخ ولا أب ولا أم ولا صديق ولا أي شخص آخر. أخبرني، ماذا سنفعل آنذاك؟! أني أجلب لكم مخافة لكي أعِّد خلاصكم. قد كتبت درساً أمضى من الفولاذ حتى يمكن لكل واحد منكم عنده قرحة متعفنة أن يقطعها بواسطته. ألم أسأل على الدوام – كما أسأل الآن ولا أكف عن السؤال - إلى متى تتعلقون بأمور هذا العالم؟ أخاطبكم جميعاً وبصورة خاصة أخاطب أولئك المرضى الذين لا ينتبهون لكلامي. العظة بالأحرى مفيدة لكل منكم: للشخص المريض لتجعله صحيحاً، وللشخص الصحيح لتحفظه من السقوط مريضاً. كم من الوقت يدوم المال؟ كم من الوقت يدوم الغنى؟ كم من الوقت تدوم البيوت الفاخرة؟ إلى متى نسعى سعياً مسعوراً وراء التمتع بالأمور المادية؟ عندما جاء الزلزال هل أعانت الثروة أي إنسان؟ قد تحطم عمل الغنيّ والفقير على حد سواء، وهلكت الأملاك سوياً مع المالك، وهلك البيت سوياً مع الباني، وصارت المدينة قبراً مشتركاً للجميع، قبراً غير مشيداً بأيدي عمال بل مُجَّهزاً بواسطة الكارثة ذاتها، أين كانت الثروة آنذاك؟ أين كان الطمع؟ ألم ترى كيف كان كل شيء هشاً أكثر من شبكة العنكبوت؟ ألم ترى كيف جلب الله في وهلة زمنية قصيرة كل شيء معاً؟ لذلك راجع نفسك وفكر باستمرار في ليلة الزلزال. كان الجميع خائف من الزلزال أما أنا فكنت خائف من سبب الزلزال. هل تفهم ما أعنيه؟ كانوا خائفين لئلا تنهار المدينة فيموتوا، أما أنا فكنت خائفاً لئلا يكون السيد الرب غاضبُ منا. الموت ليس بالشيء المُفجِّع لكن المُفجِّع حقاً هو أن تُغضِب السيد الرب. لذا لم أكن خائفاً من الزلزال بل من سبب الزلزال، إذ أن سبب الزلزال هو غضب الله، وسبب غضب الله هو خطايانا. لا تخف مطلقاً من العقاب لكن خف من الخطيئة سبب العقاب. هل كانت المدينة تترنح؟ - ما في ذلك؟ - لكن لا تجعل ثباتك يترنح. في حالة الإصابات والأمراض، نحن لا نحزن على أولئك الذين يتم شفائهم بواسطة العلاج بل على أولئك الذين مازال عندهم أمراض عضال. الخطيئة تشبه المرض أو الجرح، أما العقوبة فتشبه الجراحة والعلاج. هل تفهم ما أقوله؟ أنتبه فأريد أن أعلمك كلمة حكمة. لماذا نحزن على أولئك الذين يعاقبون بينما لا نحزن على أولئك الذين يخطئون؟ العقاب ليس بالشيء المُفجع كالخطيئة، لأن الخطيئة هي سبب العقاب. إذا رأيت شخص ما عنده قرحة عفنة والديدان والإفرازات تخرج من جسمه، وتراه مهملاً جرحه الملوث، وترى شخص آخر عنده نفس المرض إلا أنه ينتفع من أيدي الأطباء بالمعالجة بالكي والجراحة والأدوية المُرَّة، أخبرني، على من منهما ستحزن، على المريض الذي لا يعالج أم على المريض الذي يعالج؟ بالطريقة نفسها، تصور مذنبان واحد يعاقب والآخر لا يعاقب. لا تقل هذا محظوظاً لأنه غني، يجِّرد الأيتام من ممتلكاتهم ويظلم الأرامل. هو ظاهرياً لا يبدو مريضاً، فله سمعة جيدة بالرغم من سرقاته، ويتمتع بالكرامة والسلطة، ولا يعاني من أي من المشاكل التي تصيب البشر، لا حُمَّى ولا شلل ولا أي مرض آخر، وتحيط به جوقة من الأطفال، وشيخوخته مريحة، لكنك يجب أن تحزن عليه بالأكثر لأنه مريض حقاً ولا يأخذ أي معالجة. سأخبرك كيف. إذا رأيت إنساناً مصاباً بداء الاستسقاء، وجسمه متضخماً بسبب طحال مؤلم، ولا يسرع إلى الطبيب بل يشرب ماء بارد، ومواظباً على مائدة مُترَفة، ويسكر كل يوم، ومحاطاً بحرّاس، ومهيجاً مرضه بكل وسيلة، أخبرني، هل تدعوه محظوظاً أم تعيس الحظ؟ وإذا رأيت شخصاً آخر مصاباً بداء الاستسقاء لكنه يستفيد من عناية الأطباء، مُطهِّراً نفسه بالجوع، وبصعوبة كبيرة يجابه أدويته المُرَّة - التي تؤلمه لكن تجلب له صحةً من خلال الألم - ألا تدعو ذلك الشخص أكثر حظاً من الآخر؟ بالطبع هو كذلك، إذ أن واحد مريض ولا يعالج، بينما الآخر مريض وينتفع من العلاج. لكنك قد تقول: العلاج مؤلم، حقاً هو كذلك، إلا أن غايته نافعة. هكذا أيضاً حياتنا الحاضرة، لكنك يجب أن تُحول الكلمات من الأجساد إلى الأرواح، ومن الأمراض إلى الذنوب، ومن الطعم المُر للأدوية إلى العقاب والحكم الإلهي، وكما أن الأدوية والجراحة والمعالجة بالكي هم للطبيب كذلك التأديب هو لله. وكما تُستعمل النار كثيراً للمعالجة بالكي لمنع انتشار العدوى، وكما تزيل أداة صلبة اللحم المتعفن – مسببة ألماً لكن مقدمة نفعاً – كذلك الجوع والمرض والتجارب الظاهرة الأخرى تستخدم على الروح بدلاً من النار والأداة الصلبة، لمنع انتشار المرض ولكي تجعل الروح أفضل. |
13 - 03 - 2015, 02:03 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: رسالة الزلزال _ يوحنا ذهبي الفم
ربنا يبارك حياتك
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|