منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 16 - 02 - 2015, 06:40 AM
الصورة الرمزية sama smsma
 
sama smsma Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  sama smsma غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

الصراع الداخلي والنعمة _ أوريجانوس



الصراع الداخلي والنعمة _ أوريجانوس






الصراع الداخلي والنعمة
العلامة أوريجانوس


"فإننا نعلم أن الناموس روحي وأما أنا فجسدي مبيعُ تحت الخطية، لأني لست أعرف ما أنا أفعله، إذ لست أفعل ما أريده بل ما أبغضه فإياه أفعل. فإن كنت أفعل ما لست أريده فإني أصادق الناموس أنه حسن. فالآن لستُ بعد أفعل ذلك أنا بل الخطية الساكنة فيَّ. فإني أعلم أنه ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح. لأن الإرادة حاضرة عندي وأمَّا أن أفعل الحُسنى فلست أجد. لأني لست أفعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي لست أريده فإياه أفعل. فإن كنت ما لست أريده إياه أفعل فلست بعد أفعله أنا بل الخطية الساكنة فيَّ. إذا أجد الناموس لي حينما أريد أن أفعل الحسنى أنَّ الشر حاضر عندي. فإني أُسر بناموس الله بحسب الإنسان الباطن ولكني أرى ناموساً آخر في أعضائي يُحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي.










ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت؟
نعمة الله بيسوع المسيح ربنا" (رو 7).






بولس الذي قال في موضع آخر: "لأننا وإن كنَّا نسلك في الجسد لسنا حسب الجسد نُحاربُ" (2 كو 10)، يزعم في هذا المقطع أنه يسلك بحسب الجسد. يزعم أنه مبيع تحت عبودية الخطية مع أنه قال في موضع آخر "قد أشتريتم بثمن" (1 كو6)، وأيضاً "المسيح افتدانا" (غلا 3). بل والأكثر من ذلك، قال أيضاً في مواضع أخرى: "أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ" (غل 2)، وأيضاً: "بروحه الساكن فيكم" (رو 11:8)، لكنه الآن يقول "ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح". حسناً، إذا كان الصلاح لا يسكن في جسده، فكيف يقول أن أجسادنا هيكل الله (1 كو 3: 16)، وهيكل للروح القدس (1 كو 6: 19). علاوة على ذلك، كيف تكون الأمور الأخرى التي فيها يُعلن أنه منقاد أسيراً نحو ناموس الخطية بالناموس الذي في أعضائه الذي يُحارب ناموس ذهنه، متلائمة مع الكرامة الرسولية، خاصة فيما يتعلق بشخص بولس الذي يحيا المسيح فيه ويتكلم؟! (غلا 20:2، 2 كو 13: 3).





أن بولس عندما يقول "أما أنا فجسدي مبيعُ تحت الخطية"، كمعلم الكنيسة يتخذ على نفسه شخصية الإنسان الضعيف. في هذا السياق، قال أيضاً في موضع آخر: "صرت للضعفاء كضعيف لأربح الضعفاء" (1 كو 9). إذاً هنا أيضاً يصير بولس لكل من هو ضعيف – أي لأولئك الذي يسلكون بحسب الجسد مبيعين تحت الخطية – شخصاً جسدانياً مبيعاً تحت عبودية الخطية، ويقول نفس الأشياء التي أعتاد أن يقولها الضعفاء تحت زعم العذر أو الإتهام. هو إذاً يتكلم عن نفسه وكأنه يتكلم بلسان شخصية الضعفاء الآخرين: "وأما أنا فجسدي مبيع تحت الخطية"، أي يعيش بحسب الجسد، مبيعُ إلى سلطان الخطية بثمن الشهوة والرغبة الجشعة.
"لأني لست أعرف ما أنا أفعله، إذ لست أفعل ما أريده بل ما أبغضه فإياه أفعل". عندما يقول "لست أعرف ما أنا أفعله"، لا يعني أن الشخص لا يفهم الشيء ذاته الذي يفعله – وإن كان عمل جسداني – بل لا يفهم السبب والحُجة لما يفعله.

وعندما يقول: " إذ لست أفعل ما أريده بل ما أبغضه فإياه أفعل"، يُظهر أنه حتى ولو كان الشخص الذي يقول هذه الأقوال يسلك بحسب الجسد ومبيع تحت الخطية إلا أنه مع ذلك يحاول مقاومة الرذيلة ولو بمقدار ضئيل – بالطبع عن الطريق الغريزة التي تأتي من الناموس الطبيعي – لكنه خلافاً لإرادته مقهور بالشرور ومغلوب. هذا ما يحدث عادة - على سبيل المثال - عندما يقرر شخصاً ما أن يتحمل بصبر إستفزاز شخص آخر، لكنه في النهاية يتغلب عليه الغضب فيعاني من هذا الأمر ضد رغبته الخاصة، وبالتالي يغضب وينفعل بالرغم من أنه لا يريد أن يغضب. نفس الشيء يحدث بشكل متكرر مع خطية الخوف، نرى الشخص قد يفزع بالخوف والهلع حتى ولو بعكس إرادته. هذا أيضاً يحدث في كثير من الأحيان فيما يتعلق بالتكريم المفاجئ أو التعظيم غير المتوقع، الذي يجعل الشخص أكثر غطرسة وعجرفة بعكس إرادته.
الشخص الذي لم يصر بعد شخصاً روحياً بل مازال جسدياً يكون إذاً مقهوراً من كل رذيلة حتى ولو بعكس إرادته. إذ أن هذه الإرادة لم تصر بعد إرادة قوية ومتينة بما فيه الكفاية لكي تُقرر لذاتها أنها يجب أن "تجاهد عن الحق حتى الموت" (سي 4: 28)، ولا هي من النوع الذي يقول: "نعم نعم، ولا لا" (مت 5)، ولهذا السبب لا يمكنها أن تفعل ما تريد، بل ما لا تريده. ومع ذلك الجزء الذي لا يريد الشر يتفق مع الناموس الإلهي لأن كل ما يمنع الشر هو حسن. والناموس الطبيعي يأتي إلى نوع من الإتفاق مع الناموس الإلهي إذ يريد الناموسان نفس الأمور ولا يريدوا نفس الأمور. لكن إذا أتفقنا مع الناموس الإلهي بحسب الإرادة، فالشر الذي نفعله لم نعد نقوم به نحن بل بواسطة الخطية التي فينا أي من خلال ناموس وإرادة الجسد، التي تقودنا كأسرى نحو ناموس الخطية.




من المؤكد هنا أن بولس (المتخذ سمة) الجسداني هو الذي يقول "فالآن لستُ بعد أفعل ذلك أنا بل الخطية الساكنة فيَّ"، لكن بولس الروحاني يقول في موضع آخر: "أنا تعبت أكثر منهم جميعم ولكن لا أنا بل نعمة الله التي معي" (1 كو 15). هكذا مثلما نسب هذه الأتعاب لا لنفسه بل لنعمة الله التي كانت عاملة فيه، هكذا أيضاً كرجل جسداني ينسب الأعمال غير الصالحة لا لنفسه بل للخطية الساكنة والعاملة فيه. لهذا السبب يقول: لستُ بعد أفعل ذلك أنا بل الخطية الساكنة فيَّ .. ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح"، إذ أن المسيح لم يصر بعد ساكناً في داخله ولا صار جسده بعد هيكلاً لله.



بالرغم من ذلك، الشخص الذي يصوره بولس ليس بعيداً كل البعد عن الصلاح، لكنه على أية حال قد بدأ في طلب الصلاح بالعزم والإرادة، لكنه لم يستطع بعد تحقيقه في الواقع والسلوك العملي. لأن الضعف الذي في أولئك الذين يبدأون مسيرة التغيير يكون من النوع الذي فيه يكون تحقيق الصلاح أمر لا يتبع الأرادة مباشرة، وذلك عندما يريد الشخص أن يفعل كل ما هو صالح مرة واحدة. على سبيل المثال، قد يفكر ملياً ويُقرر أن لا يغضب، ويُصمم على هذا بإرادته، لكن لكون خطية الغضب مُهيمنة عليه بسبب الممارسة المستمرة وحكم العادة المسيطرة لوقت طويل، فهي تُقاوم حتى الأرادة والعزيمة فتنتج ثورة غضب شديدة الإنفعال، متماشية مع نمط سلوكه المعتاد والمألوف. وخطية الشهوة تعمل بطريقة مماثلة، عن طريق نفس آفة التعود. هكذا أيضاً يتسلل الكذب على حين غرة، والخوف يُثير الرعب. وفي كل حالة من هذه الحالات، الشخص الذي تقبل مراحل التغيير الأولى يناسبه القول: " لأن الإرادة حاضرة عندي وأمَّا أن أفعل الحُسنى فلست أجد. لأني لست أفعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي لست أريده فإياه أفعل".

والآن، إذا كانت الإرادة تملك تمييزاً فيما يخص الصلاح، لكن عادة الرذائل الجسدانية – العادة التي سُميّت بناموس الجسد أو ناموس الأعضاء - تُقاوم وتتسلل على حين غرة، إذن " فإني أصادق الناموس أنه حسن" بناء على حقيقة أنني أحمل إرادة تتوق إلى الصلاح، رغم أنني أفعل الشر لأنني أفعله بغير رغبتي. فأنا أكره الشر وأتوق لفعل الصلاح الذي يوصي به الناموس. لكن إذا كنت بعكس رغبتي أفعل الشر – مغلوباً من الطبع والتعود على ممارسة الشرور – إذن "لستُ بعد أفعل ذلك أنا – أي الإنسان الباطن - بل الخطية الساكنة فيَّ، إذ أنه يشير بكلمة "خطية" إلى الطبع والعادة المتأصلة لفعل الرذيلة.


"إذا أجد الناموس لي حينما أريد أن أفعل الحسنى أنَّ الشر حاضر عندي. فإني أُسر بناموس الله بحسب الإنسان الباطن". لكي يصبح التفسير أكثر وضوحاً يجب علينا أن نقرأ هذا النص بهذا الشكل: نظراً لأن الشر حاضر عندي، مع أني أريد أن أفعل الحسنى، أجد ناموس الله وأسر به بحسب الإنسان الباطن. فهو يظهر أن الإنسان الباطن - أي الإرادة والنية التي بواسطتها يقبل الشخص المرحلة الأولى للتغيير والتحول نحو الرب – يتفق مع ناموس الله ويُسر به. لكن كما قلنا قبلاً، أن هذا لا يحدث هكذا كله مرة واحدة أن يُحقق الشخص أيضاً – بالرغم من توفر الإرادة للتغيير نحو الأفضل – العادات والطباع لفعل الصلاح. إن الإرادة تعمل بشكل سريع وتتحول بدون إعاقة، أما العمل فيسير ببطء لأنه يتطلب الممارسة والمهارة والجهد للعمل. لكن لكي يصير الأمر أكثر وضوحاً، دعونا نستخدم مرة أخرى مقارنة كمثال. فمثلاً، من يريد أن يصبح حكيماً لا يصير حكيماً مباشرة بمجرد توفر الإرادة. بالطبع الإرادة تكون سابقة، ولا يمكن أن يصير الشخص حكيماً بمعزل عن الإرادة، إلا أنه بعد توفر الإرادة يجب إضافة الجهد والدراسة الغيورة واليقظة والتعليم، ويصير الإنسان بصعوبة شديدة حكيماً بعد ممارسة كثيرة وتدريب مستمر. لقد كان عنده حقاً الإرادة ليكون حكيماً مباشرة منذ البداية، لكن عمل الحكمة لم يأت عليه مباشرة.

هذا التدرج يحدث أيضاً فيما يخص العفة، التي لا يحققها الشخص بسلوكه حالاً بمجرد توفر الرغبة بحفظ العفة، بحيث لا يستثار قط بأي دافع للشهوة. ونفس الأمر ينطبق أيضاً على فضيلة اللطف والصبر وكل الفضائل الأخرى. لذلك من المناسب أن يقال فيما يخص الفضائل كلها: "فإني أُسر بناموس الله – أي في كل الفضائل - بحسب الإنسان الباطن ولكني أرى ناموساً آخر في أعضائي يُحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي". لقد قال قبلاً "لأن الإرادة حاضرة عندي"، ودعى هذه الإرادة لفعل الصلاح ناموس الذهن، ناموس الذهن الذي يتوافق مع ناموس الله ويخضع له. ومن ناحية أخرى، دوافع وأهواء الجسد يدعوها ناموس الأعضاء، الناموس الذي يقود النفس كأسيرة ويخضعها لناموس الخطية، إذ من المؤكد أن شهوات الجسد تسحب النفس نحو الخطية وتخضعها لنوامسيها. وكما يقود ناموس الذهن – المتفق مع ناموس الله – النفس نحو ناموس الله إذا إستطاع امتلاك النفس، هكذا أيضاً شهوات الجسد والناموس الذي في الأعضاء يخضع النفس لناموس الخطية إذا إستطاع إغواء النفس.


هكذا نرى أن بولس بإتخاذه شخصية الإنسان الضعيف، قد علّم أن الصراعات تحدث داخل النفس البشرية. وقد أظهر أن النفس قد تنساق وراء الخطية حتى ولو ضد رغبتها، من خلال شهوات الجسد بحكم العادة وممارسة الخطية. ونظراً لأن الأمر كذلك، عند هذه النقطة يصرخ بولس - وهو مازال يتكلم بلسان الشخصية التي وصفها – قائلاً: " ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت؟"، إذ يرى نفسه كشقي تتصارع في داخله نواميس كثيرة مع بعضها البعض، ومعارك كثيرة تنشبك فيها. "الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد" (غلا 5)، وناموس الأعضاء يحارب ناموس الذهن. والنفس الأسيرة تنقاد نحو ناموس الخطية وتُذل تحت نيره، حتى وإن كان الإنسان الباطن يُسَّر بناموس الله. مع كل هذه الأنواع من الشرور في داخله، كيف لا يقول الإنسان أنه شقي وبائس ويسكن في جسد الموت؟! إذ أن الجسد الذي تسكن فيه الخطية يدعى بحق جسد الموت، بما أن الخطية هي سبب الموت. إذن هذا الصراخ يأتي من الشخص الذي وصفه الرسول، الذي تقبل المراحل الأولى للتغيير، فالإرادة حاضرة عنده، لكنه لم يصل بعد إلى تحقيق الصلاح، إذ يصعب عليه إتقان الصلاح لأن الممارسة والتدريب على الفضائل لم ينمو بعد في داخله.

الإجابة على السؤال الذي طرحه "من ينقذني من جسد هذا الموت؟"، لا تأتي بعد بلسان شخصية الإنسان الضعيف بل بالسلطان الرسولي فيجيب قائلاً: "نعمة الله بيسوع المسيح ربنا". من هذا يتضح أن الرسول لهذا السبب قد وصف كل هذه الأمور ووضع أمامنا هذه الشرور الحادثة في داخلنا، لكي يشرح لنا ويوضح بأقصى جهده كم أنواع الموت وكم الشرور التي أنقذنا منها السيد المسيح.





رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
ماذا فعل هذا الشاب المسكين في هذا الصراع الداخلي
الصراع الداخلي مُهلك
الصراع الداخلي مهلك
الصراع الداخلى أصعب مصاعب الحياة
الصراع الداخلى مع المجهول


الساعة الآن 06:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024