رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شفى يسوع رجلاً أبرص نصّ الإنجيل ولمَّا نَزَلَ يسوع من الجبل، تَبِعَتْهُ جُموعٌ غَفيرة. وإذا أبرَصُ يَدنو منه فيَسْجُدُ لهُ ويقول " سيِّدي، إنْ شِئتَ فأنتَ قادِرٌ على أن تُبرئَني ". فمدَّ يسوعُ يدَهُ فلَمَسَهُ وقال: " قد شِئْتُ فابْرأْ ". فبَرِئَ من بَرَصِهِ لوَقْتِهِ. فقالَ لهُ يسوع: " إيَّاك أنْ تُخْبِرَ أحداً، بل اذْهَبْ إلى الكاهن فأَرِهِ نفْسَكَ، ثمَّ قَرِّبْ ما أمَرَ به موسى من قُربان، شهادَةً لديهم". (متى 8/1-4) البرَص رمز الخطيئة قال كثيرون من الآباء القدّيسين: إنَّ البرَصَ رمزُ الخطيئة المتأصّلة في نفس الخاطئ. فكما أنّ البرَص يشوّه جسم الأبرص، وينقل العدوى إلى الآخرين، وينزع عن المريض مقامه في عيون الناس، فكذلك الخطيئة. فإنّها تشوّه نفس الخاطئ، وتنقل العدوى الروحيّة إلى الآخرين، وتنزع عن الخاطئ مقامه في عينَيْ الله تعالى. فالخاطئ قبيح كالأبرص. وتأتي قباحته من قذارة الخطايا التي يستسلم إليها. فمن أراد التخلّص من برَصه الروحي يجب عليه أن يعمل ما عمله الأبرص، أيْ أن يأتي إلى يسوع ، ويتضرّع إليه ويطلب إليه الشفاء. عَطْفُ يسوع على الخطأة 1- كان الرجل الأبرص يشعر بآلامٍ متواصلة يسبّبها مرض البرَص. أمّا الخاطئ فلا يشعر بآلام الخطيئة. ففي كثيرٍ من الأحيان يموت فيه وخزُ الضمير، وتنطفئ فيه الرغبةُ الحقّةُ في التوبة والعودة إلى الله، ويقضي سنواتٍ كثيرة وهو يكدّس الخطايا بعضَها فوق بعض، ولا يهتمّ إطلاقاً لأمر شفائه منها. 2- ويطلعنا الإنجيل على أنّ يسوع لم يهملْ الخطأة ولم يَدَعْهم يقضون حياتهم في الخطيئة وهم ملوّثون بها. فقد كان يعرف أنّهم لا يشعرون، في معظم الأحيان، بخطورة مرضهم الروحي، ولا يأتون إليه ليسألوه الشفاء. فكان يجيء إليهم ليقدّم لهم الدواء الشافي. 3- إنّ ما كان يطلبه منهم هو أن يقبلوا الدواء الذي يشفيهم، أيْ أن يقرّروا التوبةَ والإعراضَ عن الخطيئة، والعيشَ في صداقة الله. ولم يكن قبول هذا الدواء بالأمر الهيّنِ على من تعوّد منهم العيش في جوّ الخطيئة. ولذلك فقد كان يدخل بيوتهم، ويجلس إلى موائدهم، ويتحدّث إليهم، ويقودهم رويداً رويداً إلى التوبة والتخلّي عن عاداتهم القبيحة. ونقرأ في الإنجيل أنّ سعيه لهدايتهم كان يثير في نفوس الكتبة والفرّيسيين المرائين الحقد عليه، ويدفعهم إلى أن يلصقوا به التهمة الباطلة: " إنّه يأكلُ ويشربُ مع العشَّارين والخطأة ". (مرقس 2/16) مساهمة المسيحيّين والكنيسة في عمل يسوع إن يسوع الذي كان يسعى لهداية الخطأة لا يريد الآن أن يعمل وحدَهُ في نفوسهم، بل يريد أن يشرك معه جميع المسيحيّين في هذا العمل الصالح، ويفتح المجال الواسع لكنيسته لان تساهم هي أيضاً معه في حمل الخطأة على التوبة والسير في طريق القداسة. 1- مساهمة المسيحيّين: إن المسيحيّين يؤلّفون في تفكير يسوع أُسرةً روحيّةً واحدة تجعلهم كلَّهم إخوةً بعضهم لبعض (متى 23/8). فالإخوة يتعاضدون ويتساندون: 1) إنّ المساندة التي يمكن أن يؤدّيها بعضُهُم لبعض، بالاشتراك مع يسوع الأخ الأكبر للجميع، هي أوّلاً الصلاة الحارّة لأجل هداية الخطأة وعودتهم إلى الله بالتوبة الحقّة. فالصلاة تجلب عليهم نِعَمَ الله الغزيرة والفعّالة. وهذه النِعَمُ تؤثّر في قلوبهم، وتردعهم عن مواصلة ارتكاب الخطايا، وتنشئ في نفوسهم الرغبة الصادقة في المصالحة مع الله والعيش معه في سلام القلب وهدوء الضمير. 2) ثمّ إن هناك مساهمة أخرى يقوم بها المسيحيّون الصالحون مع يسوع في سبيل هداية الخطأة. إنّها القدوة الصالحة. إنّ القدوة الصالحة نورٌ ساطع يضيء الواقع الملوّث الذي يعيش فيه الخطأة، ويبيّن لهم بوضوح قباحة الخطايا التي يرتكبونها وجمال الفضائل التي يُدعَوْن إلى ممارستها. وقد أشار يسوع إلى أهميّة القدوة الصالحة وتأثيرها في نفوس الآخرين فقال للمسيحيّين: " ليُضيءْ نورُكُم قدّامَ الناس ليَرَوا أعمالَكُمْ الصالحة ويُمجِّدوا أباكُم الذي في السماوات ". (متى 5/16) 2- مساهمة الكنيسة : إنّ للكنيسة أيضاً دوراً فعّالاً في هداية الخطأة. وهذا الدور يقوم على أمرين رئيسَيْن، وهما الإرشاد الروحي ومنح الأسرار المقدّسة: 1) إنّ الكنيسة تحتضن أبناءها، وتُغدق عليهم بمواعظها وتعاليمها ونصائحها الوالديّة مجموعةً من الإرشادات الروحيّة التي تنير أذهان الخطأة، وتبيّن لهم حالتهم البائسة، وتجعلهم يشعرون بأنهم مصابون بمرض البرَص الروحي، وبأنَّ عليهم أن يستعيدوا الصحّة المشرقة التي نالوها بالمعموديّة المقدّسة. 2) كما أنها تمنحهم الأسرار المقدّسة، ولا سيّما سِرَّيْ التوبة والقربان الأقدس، وبهما ينقّي يسوع نفوسهم من أدناس الخطايا، ويقدّسهم بسكناه فيهم بالمناولة، ويقوّيهم بوافر مواهبه الروحيّة على سلوك الحياة الفاضلة. التطبيق العملي 1- قال يسوع للأبرص: " اذهبْ إلى الكاهن ". فأنت أيضاً "اذهبْ إلى الكاهن". لقد أراد يسوع أن يكون الكاهن وسيطاً بينك وبينه ليرشدك ويدلّك على طريق الصلاح، ويغفر لك خطاياك في سِرّ التوبة، ويشدّد إرادتك بالقربان الأقدس الذي يغذّي نفسك ويشجّعها على ممارسة فضائل الإيمان والرجاء والمحبّة. 2- تأمّلْ في ما قاله الأبرصُ ليسوع: " إنْ شئتَ فأنتَ قادرٌ على أن تبرئَني". إنّ حياة القداسة تتَّخذ مصدرَها من إرادة يسوع. لا شكَّ في أنّ إرادتك تقوم بدور هامّ في اقتباس الفضائل المسيحيّة وممارستها. إلاّ أنّ نبع القداسة يتدفّق من يسوع الذي يعطيها لمن يطلبها منه بإيمان وثقة ومحبّة. وهذا ما يفرض عليك أن تتوجّه دوماً إلى يسوع الذي يمنحك النِعَم التي تحتاج إليها لتنبذ عنك مرض الخطيئة، وتعيش حياةً روحيّة سليمة تتّصف بالصحّة النفسيّة والجمال الخُلُقي. |
25 - 10 - 2014, 05:19 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المعجزات في الكتاب المقدس
دفع يسوع جزية الهيكل
نصّ الإنجيل لمّا رَجَعَ يسوعُ وتلاميذُهُ إلى كفرناحوم، دَنا جُباةُ الدِرهَمَيْنِ إلى بُطرُس وقالوا لـهُ: "أما يُؤَدّي مُعَلِّمُكُم الدِرهَمَيْن ؟ " قال : " بَلَى " . فلَمّا وَصَلَ يسوعُ إلى البَيتِ، بادَرَهُ بقَولِهِ : " ما رأيُكَ يا سِمعان ؟ مِمَّنْ يأخُذُ ملوكُ الأرضِ الخَراجَ أو الجِزية أمِنْ بَنيهِم أمْ مِنَ الغُرَباء " فقال : " مِنَ الغُرَباء ". فقالَ لهُ يسوع : " إذاً فالبَنونَ مُعْفَون. ولَكِنْ لا أُريدُ أن نُريبَهُم، فاذهَبْ إلى البَحْرِ وأَلقِ الشَصَّ، وأمسِكْ أوّلَ سَمَكَةٍ تَخرُجُ، وافْتَحْ فاها تَجِدْ فيهِ إستاراً، فخُذْهُ وأدّهِ لهُمْ عنّي وعَنكَ ". (متّى 17/24-27) الجِزية لصالح الهيكل كان الهيكل في أورشليم يحتاج إلى مؤازرة المؤمنين الماليّة لسدّ حاجاته الماديّة الكثيرة. ولذلك فرضت الشريعة اليهوديّة على كلّ رجلٍ جاوز العشرين من عمره أن يدفع كلَّ سنة مبلغاً من المال لخدمة بيت الله. وكان اليهود يدفعون هذه الجزية بطيبة خاطر. كانت الجزية زهيدة، قيمتها درهمان فقط. ومع ذلك فإنّها كانت تُحقّق لبيت الله مالاً وافراً بسبب كثرة عدد المكلّفين من الرجال. ورأى الجُباة يسوع مع تلاميذه يسير في أحد شوارع كفرناحوم فسألوا بطرس ما إذا كان يسوع يدفعُ الجزية للهيكل. الأبناء مُعفَون من الجزية اطّلع يسوع على سؤال الجُباة فقال لبطرس : " هَل الملوك يفرضون الجِزية على أبنائهم ؟ كلاّ ! فالأبناء مُعفَون منها ". كان هذا الكلام إشارةً إلى أنّ يسوع هو ابن الله، وهو سيّد الهيكل، فهو مُعفى من الجزية المفروضة على أفراد الشعب. ومع ذلك فقد رضيَ أن يدفعها خشيةَ أن يظهر أمام الناس بمظهر اللاَّمبالي بحاجات بيت الله. وهذا ما يثير الشكوك في قلوبهم. فصنع معجزة وجود الإستار في فم السمكة، فتمكّن بطرس من دفع الجزية عن يسوع وعنه. عادة مؤازرة بيت الله إنّ عادة مؤازرة بيت الله قد احتفظ بها المسيحيّون منذ نشأة الكنيسة لمساندتها ومساعدة أبنائها الفقراء، (أعمال الرسل 2/44-45) لكنّ الكنيسة لم تحّدد مبلغاً من المال تفرضه على المسيحيّين، بل اكتفت بما يجودون به عليها. والمسيحيّون يدفعون إجمالاً بطيبةِ خاطر المال الكافي الذي يُغطّي نفقات الكنيسة، إذ إنّهم على يقين أنّ تبرّعاتهم تُصرف في موضعها، فتؤمّن الخدمات الدينيّة التي يحتاج إليها بيت الله. التطبيق العملي 1- أدّى يسوع مؤازرته لبيت الله. إنّ مثل يسوع دفع الكثيرين من المسيحيّين في جميع البلاد، وفي جميع القرون، إلى التكاتف على بناء بيوت الله وإلى تزيينها وخدمتها بكرمٍ فيّاض وقلوبٍ مؤمنة. إنّ عادة التبرع لبيوت الله لا تزال قائمة حتّى اليوم، وهي تختلف من بلدٍ إلى آخر، وَفْقَ النظام الكَنَسي المُتّبع. ففي بعض البلاد تكون التبرّعات سرّية، وفي بعضها الآخر تُنشر في المجلاّت الراعويّة. 2- إنّ الكنائس الكبيرة التي نُصادفها في معظم عواصم المدن قد بناها الملوك المسيحيّون. ولكنّ هناك كنائس أخرى لا تقلّ عنها عظمةً وجمالاً قد بناها المسيحيّون بتبرّعاتهم الخاصَّة. ولم يكونوا كلّهم من الأغنياء، بل كانوا كلّهم كرماء في سبيل مجد الله. 3- إنّ مَثَل هؤلاء المسيحيّين يدفعنا نحن أبناءَهم إلى أن نقتديَ بهم ونتبرَّع لبيوت الله على قَدْرِ طاقتنا. ولنذكرْ أنّ الكنيسة تصلّي يوميّاً لأجل الذين يؤازرونها بأموالهم أو خدماتهم. فكُنْ أيّها المسيحي واحداً من هؤلاء الأبناء الكرماء |
||||
25 - 10 - 2014, 05:20 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المعجزات في الكتاب المقدس
حوّل يسوع الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل نصّ الإنجيل كان في قانا الجليلِ عُرسٌ وكانت فيه أُمُّ يسوع. فدُعيَ يسوعُ أيضاً وتلاميذُهُ إلى العُرس. ونَفِدَت الخَمر. فقالت ليسوعَ أُمُّهُ : " لم يبقَ عندَهم خمر". فقالَ لها يسوع : " ما لي ولكِ أيَّتُها المرأة ؟ لم تَأْتِ ساعَتي بعد". فقالت أُمُّهُ لِلْخَدَم: " إِفعَلوا ما يأمُرُكُم به ". وكان هناك سِتُّ أجاجينَ من حَجَر لقضاءِ الطهارةِ عندَ اليهود، تَسَعُ كُلُّ واحدةٍ منها مِقدارَ مِكيالَيْنِ أو ثلاثة. فقالَ لهم يسوع: " املأُوا الأجاجينَ ماء ". فمَلأُوها حتّى طَفَحَت. فقالَ لهم : " اغرفِوا الآنَ وناوِلوا وكيلَ المائدة ". فناوَلوه. فذاقَ وَكيلُ المائدةِ الماءَ الذي صارَ خمراً، وكانَ لا يَدري مِن أينَ أَتَتْ، غيرَ أنَّ الخَدَمَ الذينَ غَرَفُوا الماءَ كانوا يَدرونَ، فدعا وكيلُ المائدةِ العروسَ وقالَ لـهُ : " جرَت عادةُ الناس أن يُقَرِّبوا الخَمرَةَ الجيّدَةَ أولاً، فإذا أخَذَ منهُمُ الشَّراب قرَّبوا ما كان دونَها في الجودَة. أمّا أنت فأخَّرتَ الخمرَةَ الجيِّدَةَ إلى الآن ". هذِهِ أُولى آياتِ يسوع أتى بها في قانا الجليل، فأَظهَرَ مَجدَهُ فآمَنَ به تلاميذُهُ. (يوحنَّا 2/1-11) عرس قرية قانا الجليل قانا قريةٌ صغيرة تقعُ في منطقة الجليل على بعد عشرين كيلومتراً شماليَّ الناصرة. أُقيم فيها عرس دُعيت إليه مريم أُمُّ يسوع، ودُعيَ إليه يسوع أيضاً مع تلاميذه الخمسة الأوَّلين، وهم بطرس وأخوه أندراوس ويوحنَّا الحبيب وفيلبُّس وبرتلماوس. وكان برتلماوس من قرية قانا نفسها. وفي أثناء الاحتفال بالعرس نفِدت الخمر. ولاحظت مريم أمّ يسوع ذلك فأعلمت بالأمر ابنها، وفي نيّتها أن يُنقِذَ أهلَ العرس من الحَرَج والخجل بمعجزةٍ يصنعها لهم. وبعد حديثٍ قصير بينها وبينه استجابَ طلبها وصنع المعجزة المطلوبة. عندما نتأمّل في هذه المعجزة نلاحظ أنَّ يسوع قد قَبِلَ الدعوة إلى العرس واشترك في الاحتفال به ليصيب أربعة أهداف معاً. وإليكم هذه الأهداف. 1- تقديس الزواج المسيحي اشترك يسوع في أفراح عرس قانا الجليل ليقدِّس الزواج المسيحي بحضوره، ويرفعه من درجة عَقْدٍ طبيعي بين الرجل والمرأة إلى مقام سرٍّ إلهيّ يكون مجلبةً للنِعَمِ الكثيرة التي يحتاج إليها المتزوِّجون طَوال أيام حياتهم، فيستطيعون بفضلها أن يعيشوا عيشةً مقدّسة، ويتحمّلوا بصبرٍ ومودَّة متبادَلة أعباء الحياة المشتركة، ويربّوا أولادهم تربية صالحة. وقد فهمت الكنيسة أنَّ يسوع يريد أن يكون الزواج المسيحي مقدّساً فأنشأت مجموعة صلواتٍ وأدعية تسأل بها الله أن يباركَ الزَوْجَين ويغمُرَهما بنعمه الغزيرة ويثبِّت حبّهما المتبادَل مدى حياتهما. 2- التقيّد بالأخلاق الصالحة وكان هدفه الثاني من اشتراكه في العرس أن يؤكِّدَ لأهل العرس ولجميع المسيحيّين من بعدهم أنَّ الفرح محبّبٌ إليه، ولكن يجب عليهم أن يتقيّدوا بقواعد الأخلاق الصالحة والآداب السليمة في ملابسهم وتصرّفاتهم ومظاهر أفراحهم، وأن يمارسوا فضيلة الاعتدال في المآكل والمشروبات، ويتمتَّعوا بأفراح العرس في جوٍّ بريء، فينبُذون عنهم الاستسلام إلى الرقص المَعيب والأغاني القبيحة والسُكْر والمبالغات الأثيمة. والكنيسة تطلب من المسيحيّين باسم يسوع أن تكون أفراح أعراسهم مقرونةً بمظاهر الاحتشام والاعتدال، كما كان عرس قانا الجليل الذي اشترك فيه يسوع. 3- الثقة بمريم أُمّ يسوع أمَّا الهدف الثالث الذي توخّى يسوع إصابته فهو حمل المسيحيّين على الثقةِ بمريم أُمِّهِ العذراء وطَلَبِ شفاعتها. وهذا الهدف واضحٌ جداً في نصّ الإنجيل. لمّا طلبت مريم أُمّ يسوع من ابنها أن يصنع معجزةً يزيل بها عن أهل العرس الحَرَج والخجل لم يستجب طلبها على الفور، وذلك لسببين ذكرهما بوضوح: الأول هو أنّه لم يشأ أن يتدخّل لا هو ولا أُمّه في شؤون أهل العرس. لقد كان يسوع وأمّه من جماعة المدعوّين، وكانت العادة السائدة آنذاك ولا تزال قائمة إلى اليوم أنَّ المدعوين يتركون لأهل العرس حرّية القرار والعمل والتصرّف. وقد عبّر يسوع عن هذه العادة بهذا القول المختصر " ما لي ولكِ أيّتها المرأة " أيْ إنَّ ترتيب الاحتفال بالعرس هو من شأن أهل العرس لا من شأننا. فليصنعوا ما يريدون، ونحن لا نتدخّل في تصرّفاتهم. أمّا كلمة " أيّتها المرأة " فهي تعني على شفَتَيْ يسوع " أيّتها السيدة " وليس فيها أيّة إهانة أو تحقير لأمّه. والبرهان على ذلك أنّه قالها لها وهو معلّق على الصليب قبل أن يموت بفترةٍ وجيزة : " أيّتها المرأة، هذا ابنُكِ ". (يوحنَّا 19/26) ولا يُعقل أن يوجّه إلى أمّه إهانةً وهو يُنازع على الصليب. والسبب الثاني الذي حمله على عدم استجابة طلبها فوراً هو أنَّ ساعة صُنْع معجزاته لم تأتِ بعد. قال لها : " لم تأتِ ساعتي بعد ". (يوحنَّا 2/4 ) فلا بدّ من انتظار مجيء الساعة التي حدّدها الله الآب. إنّنا عندما نقرأ في نصّ الإنجيل قول يسوع " لم تأتِ ساعتي بعد " نقول في ذواتنا : لقد تسرّعت مريم أمّه عندما عرضت عليه طلبها. فهو لن يستجيب سؤلها لأنه ينتظر الساعة المحدّدة له منذ الأزل. ولكنّ الدَهَش الأكبر يستولي علينا عندما نقرأ في نصّ الإنجيل نفسه ما قالته مريم للخَدَم : " افعلوا ما يأمرُكم به ". تُرى ما حدَثَ لتقول هذا القول ؟ لقد قرأت في عينَيْه ما تقرأه كلّ أُمٍّ في عينَيْ ابنها عندما تكون على يقين أنّه يحبّها. قرأت في عينَيْه أنّه طلب إلى أبيه السماوي أن يعجّل مجيء ساعة صُنْع معجزاته إكراماً لها، وأَلاّ يُخيِّب أملها ولا يردّ سؤلها. وهذا ما جرى فعلاً. قال يسوع للخَدَم : " املأوا الأجاجين ماءً. وناولوا وكيل المائدة ". وحوّل يسوع ماء ستة أجاجين إلى خمر، ولم يردَّ شفاعتها في صالح أهل العرس. إنّ هذه المعجزة قد حملت أبناء الكنيسة، منذ القرون الأولى، في الشرق والغرب، على أن يتضرّعوا إلى مريم العذراء ويسألوا شفاعتها التي لا تُخزى. لقد فهموا أن شفاعتها لا تتعارض مع شفاعة يسوع ولا تنوب منابها. فإنه يتبنَّى شفاعة أُمّه العذراء ويحملُها إلى الله الآب، ويجعلُها مع شفاعته شفاعةً واحدةً ووساطةً واحدةً، فيبقى هو الشفيع الأصيل والوسيط الأوحد بين الله والناس، كما ذكر بولس الرسول ذلك في رسالته الأولى إلى طيموتاوس : " إنَّ اللهَ واحدٌ، والوسيطَ بينَ اللهِ والناسِ واحدٌ، ألا وهو المسيحُ يسوعُ الإنسان ". ( 1 طيموتاوس 2/5) 4- الإيمان بقدرة يسوع الإلهيَّة والهدف الرابع هو تقوية إيمان تلاميذه الجُدُد برسالته السماويّة. لقد تبعَ يسوعَ خمسةُ رجال وأرادوا أن يكونوا لـه تلاميذ. وكان يسوع يعرف أنَّهم كانوا بحاجةٍ إلى برهان يبيّن لهم أنّهم لم يُخطئوا في اتّباعه والبقاء معه. فاغتنمَ هذه الفرصة المؤآتية وقدَّم لهم البرهان الذي يُزيل عنهم كلَّ تردّد، ويؤكّد لهم أنّهم كانوا على صواب عندما لبّوا دعوته وانضمّوا إليه. وكان البرهان الذي قدّمه لهم أنه صنع معجزةً لا يصنعها إلاّ الله وحدَه. واطّلع الرجال الخمسة مع أهل العرس على هذه المعجزة فمجّدوا قدرته الفائقة وآمنوا به وتبعوه نهائيّاً. التطبيق العملي 1- أراد يسوع أن يكون زواج المسيحيّين مقدّساً. فعليهم أن يتمّموا إرادته في كل زواج يعقدونه ليتمجّد به اسم الله، وتنمو الأُسَرُ الجديدة في جوٍّ ديني نقي. 2- كما أراد أن تكون أُمّه العذراء أُمّاً لنا تشملُنا بعطفها وحُبّها وشفاعتها. فعلينا أن نلتجئ إليها لتتوسّط لدى ابنها يسوع فننال منه النِعَم الروحيّة والزمنيّة التي نحتاج إليها في كلّ ظرفٍ من ظروف حياتنا، ولا سيّما في الظروف الصعبة. |
||||
25 - 10 - 2014, 05:20 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المعجزات في الكتاب المقدس
كثّر يسوع الخبز والسمك في البرّية
للمرّة الثانية نصّ الإنجيل واحتَشَدَ في تِلكَ الأيامِ جَمْعٌ كبير، ولَمْ يَكُنْ لدَيْهِم ما يأكُلون، فدعا تلاميذَهُ وقالَ لَهُم : " أُشفِقُ على هذا الجَمع، فإنَّهُمْ مُنذُ ثلاثَةِ أيّامٍ يُلازموني، وليسَ لدَيْهِمْ ما يأكُلون. وإنْ صَرَفْتُهُم إلى بيوتِهِم صائمين، خارَتْ قُواهُم في الطريق، ومِنهُم مَن جاءَ مِنْ بَعيد ". فأَجابَهُ تلاميذُهُ : " أنَّى لأّحَّدٍ أن يُشبِعَ هَؤلاءِ مِنَ الخُبْزِ هَهُنا في البَرّية ؟ ". فسأَلَهُم : "كَمْ رغيفاً لدَيكُم ؟ " قالوا : " سبعة. " فأَمَرَ الجَمعَ بالقُعودِ على الأرضِ، ثُمَّ أخَذَ الأرغِفَةَ السَبعَةَ وشَكَرَ وكَسَرَ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطي تلاميذَهُ ليُقَرِّبوها إلى الجمع، فقَرَّبوها إليهم. وكانَ لَدَيْهِم بعضُ سَمَكاتٍ صِغار، فبارَكَها وأَمَرَ بِتَقريبِها أيضاً. فأَكَلوا حتى شَبِعوا، ثُمَّ رَفَعوا مِمَّا فَضَلَ مِنَ الكِسَرِ سَبْعَ سِلال. وكانوا نَحوَ أربَعَةِ آلاف فَصَرَفَهُم. (مرقس 8/1-9) أشفق يسوع على الشعب الجائع كان هدف هذه المعجزة أن يدفع يسوع الجوع عن الشعب المحتشد في البرّية. وقد كان له هدفٌ أبعد منه، وهو أن يحمل المؤمنين به على الثقة به إلى أبعد الحدود. إنّ المعجزات التي صنعها كانت استجابةً لطلب المرضى أو أصحاب العاهات. والمعجزة الأولى التي كثّر بها الخبز والسمك في البرّية قد أجراها استجابةً لطلب التلاميذ أنفسهم. أمّا هذه المعجزة فلم يطلبها أحد، بل صنعها بمبادرةٍ شخصيّةٍ منه لأنه شعر بأنّ الناس كانوا بحاجةٍ إليها. إنّها ثمرة شفقته على الشعب. فقد نبعت من عاطفته الإنسانيّة ومحبّته للشعب الجائع. يُشفق يسوع على أحبّائه المؤمنين 1- إنّ يسوع الذي صعد إلى السماء لم يَفقِدْ عاطفته الإنسانيّة التي أبداها لهذا الجمع. كان إنساناً على الأرض، وبقيَ إنساناً في السماء. فالشفقة التي شعر بها على الجمع لا يزال يشعر بها وهو في السماء على أحبّائه المؤمنين المقيمين على الأرض. فهو لا يكتفي بأن يطّلع على حاجاتهم، بل يشعر بها ويحقّقها لهم. 2- إنّ مستقبل الناس يُخيفُهم اكثر مِمّا يخيفهم ماضيهم وحاضرهم. والشيطان يستغلّ خوفهم من المستقبل وينزع الثقة بيسوع من قلوبهم، ويدفعهم إلى العيش في جوٍّ من الاضطراب الداخلي يكون في بعض الأحيان مؤلماً ، وهدفُه أن يمنعهم من الالتجاء إلى رحمته وحنانه بالصلاة وأعمال البِرّ. 3- ولكن إذا تأمّل المؤمنون في حديث يسوع عن العناية الربّانيّة اطمأنّت قلوبهم، وعادت إليها الثقة بحنان الربّ يسوع وبشفقته عليهم ورغبته في مؤازرتهم. إنّه يُعاتب من يشكّون فيه ويقول لهم : " يا قليلي الإيمان ! لا تهتمّوا فتقولوا : ماذا نأكُلُ ؟ أو ماذا نشرَبُ أو ماذا نلبَسُ فهذا كلُّه يسعى إليه الوثنيّون. وأبوكُم السماوي يعلمُ أنَّكُم تحتاجون إلى هذا كلِّهِ. فاطلبوا أوّلاً ملكوتَ اللهِ وبِرَّهُ. والباقي يُزادُ لكُم". (متى 6/31-33) شفقة يسوع ومساهمة المصلّين يسوع يُشفق على من يتضرّعون إليه بالصلاة الواثقة، ولا يخيّب أبداً طلبهم. فهو يُعطيهم ما يطلبونه منه أو ما هو أفضل مِمَّا يطلبونه. ولكنّ الواقع هو أنّ كثيرين يسألون يسوع ولا ينالون. فقد بيّن لهم القدّيس يعقوب في رسالته الجامعة سبب ذلك فقال لهم : " تسألونَ ولا تنالونَ لأنّكمْ لا تُحسِنونَ السؤال". (يعقوب 4/13) إنّهم لا يُحسنون السؤال لأنهم لا يحقّقون الشرطَيْن الأساسيّين لنيل النعمة المطلوبة: فالشرط الأوّل هو الثقة الكاملة بشفقة يسوع. لقد صنع المعجزة فأطعم بها الجموع لأنّه أشفق عليهم. فمن وثِقَ بشفقته نال منه النعمة التي يطلبها أو حظيَ بنعمةٍ أفضل منها، سواءٌ كانت هذه النعمة المطلوبة روحيّة أو زمنيّة، وذلك وَفْقَ تدبير حكمته الإلهيّة لأنّه يتوخّى أوّلاً خلاص نفوسنا. أمّا الشرط الثاني فهو مساهمة المصلّي مع عمل يسوع في سبيل نيل النعمة المطلوبة. إنّ الثقة بيسوع لا تعني" الاتّكال وحدَهُ " على شفقة يسوع، ولا تعني خصوصاً انتظارَ معجزةٍ تهبِط من السماء على المصلّي، من دون أن يقوم بأيّ جَهدٍ شخصي. فإليكم بعض أمثال مقتبسة من الواقع توضّح هذه الفكرة الهامّة. - من كان مريضاً وصلّى، وهو يطلب من شفقة يسوع وحنانه شفاءه من مرضه، وَجَبَ عليه أن يُساهم مع يسوع في تحقيق هذا الشفاء، أيْ وَجَبَ عليه أن يستعمل الوسائل المناسبة لشفائه، ولا يكتفي بأن ينتظر معجزةً من يسوع تشفيه من مرضه. فإنّ انتظار المعجزة هو فهمٌ سيّئ لشفقة يسوع واتّكال يؤدّي إلى الخمول. - من كان يشاهد في التلفزيون فيلماً إباحيّاً قذراً، لا يجوز لـه أن يكتفي بالصلاة لتبتعد عنه تجربة الخطيئة ثمّ يواصل مشاهدة هذا الفيلم، بل عليه أن يساهم مع يسوع في إبعاد الخطر الروحي فيتوقّف عن هذه المشاهدة اللاأخلاقيّة بحزمٍ وسرعة، وإلاّ كانت صلاته ضرباً من الرياء وخداع النفس. - ومن كان طالباً وعرَفَ أنّ أمامه امتحاناً يقرّر مستقبله لا يحقّ له أن يكتفي بطلب النجاح من يسوع، من دون أن يُكِبَّ على الدرس بجِدٍّ ونشاط. إنّ انتظار معجزة من السماء تؤمّن له النجاح من دون درسٍ أو تعب، طمعٌ مَعيب في حنان يسوع، وضربٌ من الغَباء الديني الذي يرفضه الإيمان القويم. إنّ الصلاة التي يستجيبُها يسوع هي الصلاة التي نرفعها إليه واثقين بشفقته وطالبين منه مؤازرته ليقويّنا على أن نساهم معه مساهمةً شخصيّة لأجل الحصول على النعمة التي يريِدُها لنا والتي توافق خيرَنا وخلاصَنا الأبدي. شفقة يسوع أنشأت المبرّات الخيريّة اطّلع المسيحيّون على ما كان في قلب يسوع من شفقة على المتألّمين والمرضى والجياع، وعلى ما عمله في سبيلهم ليخفّف عنهم وطأة شدائد الحياة. فأرادوا أن يقتدوا به، ويساهموا على مثاله في سبيل تخفيف آلام المتألّمين. فأنشأوا لذلك مجموعةً من المبرّات الخيريّة في سبيل الفقراء والمرضى والعجزة والأيتام والمَعُوقين. وأهمّ هذه المبرّات هي الجمعيات واللِّجان الخيريّة، ودور العجزة المجّانيّة، ودور الأيتام والمَعُوقين، ومراكز النشاطات الاجتماعيّة التي يديرها العلمانيّون المتبرّعون من رجالٍ ونساء. لقد انتشرت هذه المبرّات انتشاراً واسعاً في العالم حتى لا تكاد مدينةٌ في الدنيا تخلو من إحداها أو من بعضها. ويسيّر هذه المبرّات في بعض المدن والقرى المتطوّعون من الرهبان والمرسلين والراهبات والعلمانيّين النشيطين. ومن أشهر المبرّات الخيريّة في عالم اليوم المبرّة الإنسانيّة الرائعة التي أنشأتها الأم تريزا في الهند، في مدينة كلكوتا، والتي انتشرت في كثيرٍ من مدن العالم، في الشرق والغرب، بإشراف أو إدارة راهبات الأم القديسة تريزا. التطبيق العملي 1- ليست الشفقة على الآخرين إذلالاً لكرامتهم، بل مظهرٌ من مظاهر المحبّة المسيحيّة التي تعتبر الناس كلّهم إخوةً وأصدقاء. فمارسْ هذه الشفقة كلّما سنحت لك الفرصة، وساندْ الجمعيات والمؤسّسات الخيريّة التي تؤازر الجياع والمرضى والمحتاجين لتتشبّه بيسوع الذي أشفَقَ على الجمع الجائع فبدّد جوعه بمعجزةٍ. 2- لاحظْ أنّ الكرماء الذين يؤازرون الجمعيّات الخيريّة ليسوا أغنى الناس. فالكرَم لا ينبع من كثرة المال، بل من عاطفة القلب السخيّة. فكنْ دوماً صاحب هذا القلب العطوف السخي، وآزرْ المؤسّسات الخيريّة على قدْرِ أمكانياتكَ الماديّة. 3- لقد ألحَّ يسوع على مؤازرة المحتاجين عندما وصفَ يومَ الدينونة العامَّة، فاعتبرَ أنّ المؤازرة التي يقدّمها المسيحي للإنسان المحتاج إنّما يقدّمها ليسوع نفسه. (متى 25/31-46) فإذا أردت أن تقف يومَ الدينونة إلى يمين المسيح الملك الديّان، فطبّقْ في سلوكك اليومي ما ذكره يسوع عن واجب ممارسة المحبّة الأخويّة. وكنْ على ثقة أنّ يسوع لا ينسى فضلك، بل يعوّض عليك أضعاف ما تبرّعت به لمساعدة المساكين. |
||||
25 - 10 - 2014, 05:20 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المعجزات في الكتاب المقدس
شفى يسوع رجلاً مصاباً بمرض الإستسقاء نصّ الإنجيل دَخَلَ يسوع يومَ السبتِ بيتَ أحَدِ الكِبارِ مِنَ الفرّيسيّين ليتناولَ الطعام، وكانوا يُراقبونَهُ. وإذا تِلقاءَهُ رجُلٌ بِهِ استِسقاء. فقالَ يسوع لِعُلَماءِ الشريعَةِ والفرّيسيّين: " أَيَحِلُّ الشِفاءُ في السَبتِ أم لا" فلزِموا السكوت. فأَخَذَ بِيَدِهِ وأبرأَهُ وصَرَفَهُ. ثُمَّ قالَ لَهُم : "مَنْ مِنْكُم يَقَعُ ابْنُهُ أو ثَورُهُ في بِئْرٍ يومَ السَبتِ، فلا يَنْتَشِلُه ُمِنها لِحينِهِ" فلَمْ يَجِدوا جواباً (لوقا 14/1-6) مُراقبة الفرّيسيّين ليسوع جاء يسوع إلى شرق الأردن، فدعاه أحَدُ رؤساءِ الفرّيسيّين إلى تناول الطعام عنده في يوم السبت. ودعا أيضاً إلى هذه المائدة مجموعةً من زملائه الفرّيسيّين. كان كثيرون من المتّكئين لا يعرفون يسوع معرِفةً شخصيّة. فكانت دعوة رئيس الفرّيسيّين لهم مناسبة موفّقة ليَرَوهُ ويتعرّفوا إليه عن كثب. لقد سمِعوا عنه أشياء كثيرة، ومِن أبرزها معجزاته العظيمة، وتعاليمه الجديدة، وحماسة الجماهير لـه. ووصلت إليهم أخبارٌ كثيرة من رفقائهم الفرّيسيّين الساكنين في أورشليم وفي الجليل، تؤكّد لهم أنّه لا يحترم شريعة راحةِ يومَ السبت، فيقوم بأعمالٍ تمنعها شريعة موسى، كشفاء المرضى الذين يُصادفهم في ذاك النهار المقدّس. فأخذوا يُراقبونه مُراقبةً شديدة ليطّلعوا على تصرّفه في هذا المجال. الشريعة أم المحبّة وجاءت المناسبة ليطّلعوا على تصرّف يسوع. وفيما هو متّكئٌ إلى المائدة دخل الغرفة رجلٌ مصاب بداء الاستسقاء وهو مرض تتجمّع في جسم المريض سوائل زائدة فيتورّم وينتفخ ووقف أمام يسوع صامتاً لا يطلب شيئاً. وعرف يسوع أنّ الفرّيسيّين يراقبونه، فطرح عليهم هذا السؤال قبل أن يقوم بأيّ عملٍ لصالح المريض : " هل يحلّ الشفاءُ في السبتِ أم لا " لم يكن هدف يسوع من طرح هذا السؤال أن يستشيرهم أو أن يعمل وَفْقَ رأيهم، بل كان هدفه أن يُظهر لهم أنّ عمل الخير في السبت لا يخالف شريعة الله الخيّرة. وأراد أن يحملهم على قبول هذه القاعدة الخُلُقيّة القويمة والتعبير عنها بصراحة من تلقاء أنفسهم. فلمّا سمعوا هذا السؤال قام صراعٌ داخلي في ضمائرهم بين روح الشريعة الذي هو المحبّة، وحرف الشريعة الذي هو التشدّد. فإنْ قالوا : " يحِلُّ الشفاء " أنكروا ما تفرضه الشريعة من التزامٍ شديد. وإنْ قالوا " لا يَحِلُّ الشفاء " نبذوا محبّة المريض المتألّم، والمحبّة هي أسمى وصايا الله. ولذلك سكتوا ولم يُجيبوا عن سؤال يسوع. المحبّة لا تتعارض وأوامر الشريعة لمّا رآهم يسوع قد سكتوا ولم يُجيبوا عن سؤاله، أعطاهم هو نفسه الجواب، لا بالكلام، بل بالفعل، فوضع يدَيْه على المريض وأبرأه وصرفه. وكان معنى عمله هذا أنّه يحلّ الشفاء في السبت. وفي الواقع لم يخالف يسوع شريعة الله التي تأمر بالراحة في يوم السبت، لأنّه لم يقم بعملٍ مادّي لمنفعته الخاصّة، بل قام بعملٍ خُلُقي حبّاً للمريض المتألّم. والشريعة تأمر بالمحبّة. والمحبّة أولى وصايا الشريعة وأعظمها . (متّى 22/37-39) وأراد يسوع أن يُزيلَ عن أذهان هؤلاء الفرّيسيّين كلَّ تردّد في تفسير أوامر الشريعة، فجاءَ بما تسمح به للإنسان يومَ السبت، وهو أن ينتشل ابنه أو ثوره من البئر التي وقع فيها خوفاً على حياته من الموت. والاستسقاء مرضٌ يُعرّض الإنسان للموت. فالشريعة لا تُعارض شفاءه يوم السبت. المكانة الأولى للمحبّة كثيرون من المسيحيّين يعتقدون أنّ الدين المسيحي مجموعةٌ من الوصايا الكثيرة والمعقّدة التي تُقيّد حرّية الإنسان وتكبّل تفكيره وتصرّفاته، كالصوم، والصلوات الطويلة، والتقشّفات المادّية المرهقة. إنّ اعتقادهم متأتٍّ عن معرفتهم السطحيّة للدين المسيحي. ليس في الدين المسيحي مجموعة كبيرة ومُعقّدة من الوصايا، بل وصيّةٌ رئيسةٌ تُهيمن على كلِّ فروع الوصايا، وهي المحبّة. وهذه الوصيّة ليست قيداً، بل روحٌ وحياة. إنّها تنبع من قلب المسيحي المحبّ وتتوجّه إلى قلب الله ليحفظ أوامره ووصاياه، وإلى قلب أخيه المسيحي ليؤازره على قدْر استطاعته. فالدين المسيحي الذي هو دين المحبّة يحمل الإنسان المسيحي على أن يُتَمِّمَ وصايا الله لا لأنّه عبدٌ يُنَفِّذُ أوامر مولاه، بل لأنّه ابنٌ لله يُريد أن يُعبّر عن حبّه لأبيه السماوي بمحبّته لإِخوته البشر. وإذا قام تناقضٌ بين الشريعة والمحبّة، كانت المكانة الأولى للمحبّة، فتتخلّى الشريعة عن فرض إلزامها وتترك الأولويّة والسيادة للمحبّة، فيزول التناقض، وتقوم أسمى العلاقات بين الله والإنسان، وبين الإنسان وأخيه الإنسان. وهذا ما فعله يسوع لمّا شفى المريض في يوم السبت. التطبيق العملي 1- يحسن في هذه المناسبة أن تقرأ نشيد المحبّة الذي كتبه بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس. وإليك مقطعاً من هذا النشيد : " المحبّةُ تَصبِرُ، المحبّةُ تَخدُمُ، لا تَحسُدُ ولا تتباهى ولا تنتفخُ من الكبرياء، ولا تفعلُ ما ليس بشريف، ولا تسعى إلى منفعتِها، ولا تَحنَقُ، ولا تُبالي بالسوء، ولا تفرحُ بالظُلمِ، بل تفرحُ بالحقّ. إنّها تَعذِرُ كلّ شيء، وتُصدِّقُ كلّ شيء، وتتحمَّلُ كلّ شيء ". (13/4-8) 2- إنّ المحبّة التي يفرضها الدين المسيحي ليست مُشاركة عاطفيّة، بل عملاً يؤازر الإنسان المحتاج ويُسانده على قدْر المستطاع. إنّ المشاركة العاطفيّة، وإنْ كانت تُخفّف عن الإنسان ثِقَلَ هموم الحياة، لا تُلَبّي ما يرغب فيه، ألا وهو التخلّص من ضغط حاجاته بمساعدة فعليّة تؤمّن لـه ما يطلبه كالطعام، والثياب ، وتعليم الأولاد، وتوفير الأدوية، ودفع تكاليف العمليّات الجراحيّة، ووسائل التدفئة، وغيرها من الحاجات اليوميّة. وهذا ما أشار إليه القديس يعقوب في رسالته الجامعة لمّا تحدّث إلى الأغنياء عن الإيمان الحيّ الذي هو في الواقع ممارسة المحبّة.(2/15) |
||||
25 - 10 - 2014, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المعجزات في الكتاب المقدس
شفى يسوع الرجل الأكمه (المولود أعمى) نصّ الإنجيل رأى يسوع وهو سائرٌ رَجُلاً أعمى منذُ مَولِدِهِ. فسأَلَهُ تلاميذُهُ : " رابّي، مَنْ أخطأَ؟ أهَذا أمْ والِداهُ حتى وُلِدَ أعمى ؟ " فأجابَ يسوعُ : " لا هَذا أخطأَ ولا والِداه، ولَكِنَّهُ وُلِدَ أعمى لتَظهَرَ فيهِ أعمالُ اللهِ. فيجبُ علَيَّ، ما دامَ النهار، أن أُتِمَّ أعمالَ الذي أرسَلَني. فالليلُ آتٍ، ولا يستطيعُ أحَدٌ أن يعمَلَ فيه. أنا نورُ العالم، ما دمتُ في العالم ". قالَ هَذا وتَفَلَ في الأرضِ، فجَبَلَ مِنْ تُفالِهِ طيناً، وطَلى بِهِ عَينَيْ الأعمى، ثُمَّ قالَ لَهُ : " اذهَبْ فاغتَسِلْ في بِركَةِ سِلوام (أيْ الرسول). فَذَهَبَ فاغْتَسَلَ فارتَدَّ بصيراً. فقالَ الجيرانُ والذينَ كانوا يَرَونَهُ مِنْ قَبلُ يَتَسَوَّل : " أما هوَ ذاكَ الذي كانَ يَقعُدُ للتَسَوّل ؟ " وقالَ غيرُهُم : " هَذا هوَ ". وقالَ آخَرون : " لا، بَلْ يُشبِهُهُ ". أمّا هوَ فكانَ يقولُ : " أنا هوَ ". فقالوا لَهُ: " كيفَ انفَتَحَتْ عيناكَ ؟ " فأجابَ : " إنَّ الرَجُلَ الذييُدعى يسوع جَبَلَ طيناً فطلى بِهِ عَيْنَيَّ وقالَ لي:" اذهَبْ إلى سِلوام فاغتَسِلْ. فَذَهَبتُ فاغتَسَلتُ فأبصَرت". فقالوا لهُ : " أينَ هوَ؟ " قالَ : " لا أعلَم ". فَذَهَبوا بِذاكَ الذي كانَ أعمى إلى الفَرّيسيّين. وكانَ اليومُ الذي فيهِ جَبَلَ يسوعُ طيناً وفَتَحَ عَيْنَيْ الأعمى يومَ سبت. فسأَلَهُ الفَرّيسيّون أيضاً كيفَ أبْصَرَ. فقالَ لَهُم : " جَعَلَ طيناً على عَيْنَيَّ فَعُدتُ بصيراًُ ". فقالَ بعضُ الفرّيسيّين : " ليسَ هذا الرَجُلُ مِنَ اللهِ، لأنّهُ لا يرعى السبت ". وقالَ آخَرون : " كيفَ يستطيعُ خاطِئٌ أن يأتيَ بِمثلِ هذه الآيات ؟" فوَقَعَ الخِلافُ بَينَهُم. فقالوا أيضاً للأعمى : " وأنتَ ماذا تَقولُ فيهِ وقَدْ فَتَحَ عَيْنَيْك؟ ". قالَ : " إنَّهُ نَبيّ ". على أنَّ اليهودَ لَمْ يُصَدِّقوا أنَّ هذا الرَجُلَ كانَ أعمى فأَبصَر، قَبْلَ أنْ يَستَدعوا والدَيْهِ. فسأَلوهُما : " أهذا هوَ ابِنُكُما الذي وُلِدَ أعمى كما تَقولان؟ فكيفَ أبْصَرَ الآن ؟ " فأجابَ والِداه : " نحنُ نعلَمُ أنَّ هذا ابنُنا، وأنّهُ وُلِدَ أعمى. أمّا كيفَ أبصَرَ الآنَ، فلا نَدري، ولا نَعلَمُ مَنْ فَتَحَ عينَيْه. اسألوهُ، إنَّهُ بالِغُ الرُشد، يُجِبْكُم عَنْ نَفسِهِ". وإنّما قالَ والِداهُ هذا لخَوفِهِما مِنَ اليهود، لأنَّ اليهودَ اتَّفَقوا على أن يَطردوا مِنَ المَجمَع مَنْ يعتَرِفُ بأنّهُ المسيح. فلِذلِكَ قالَ والِداه إنَّهُ بالِغُ الرُشدِ فاسألوهُ. فدَعَوا ثانيةً الرَِجُلَ الذي كانَ أعمى وقالوا لهُ : " مَجِّدِ اللهَ، نحنُ نَعلَمُ أنَّ هذا الرجُلَ خاطِئ " فأجابَ : " لا أعلَمُ أنَّهُ خاطئ، وإنّما أعلَمُ أنّي كُنتُ أعمى فأَبْصَرتُ الآنَ ". فقالوا لهُ: " ماذا صَنَعَ لَكَ ؟ وكيفَ فتَحَ عَيْنَيْك ؟ " أجابَهُم : " قُلتُ لكُم فلَمْ تسمَعوا لي، فلماذا تُريدونَ أنْ تَسمَعوا مرَّةً أُخرى؟ ألَعَلَّكُم تَرغَبونُ في أنْ تَصيروا أنتُم أيضاً تلاميذَهُ ؟ " فَلَعَنوه ُوقالوا : " أنتَ تلميذُهُ، أمّا نحن فإنّا تلاميذُ موسى. نحنُ نعلَمُ أنَّ اللهَ كلَّمَ موسى، أمّا هذا فلا نعلَمُ من أينَ هوَ ". فأجَابَهُم الرجُلُ: " مِنَ العَجيبِ أنْ يَفتَحَ عَيْنَيَّ ولا تَعلَمون مِنْ أينَ هوَ. نحنُ نعلَمُ أنَّ اللهَ لا يستجيبُ للخاطئين، وإنّما يستجيبُ لمن اتّقاهُ وعَمِلَ بمشيئتِهِ. ولم يُسمَعْ يوماً أنَّ أحداً مِنَ الناسِ فَتَحَ عَيْنَيْ أكمَه. فلَو لَم يَكُنْ هذا الرجُلُ مِنَ الله ، لمْ يستَطِعْ أن يصنَعَ شيئاً ". فأجابوهُ : " أتُعَلَّمُنا وأنتَ كُلُّكَ في الخطيئةِ وُلِدْتَ ؟" ثُمَّ طردوهُ . فسَمِعَ يسوعُ أنَّهُم طرَدوهُ فلَقيَهُ وقالَ لهُ : " أتؤمِنُ بابنِ الإنسان ؟ " أجاب : " ومَن هوَ، سيّدي فأُومِنَ بهِ ؟ " فقالَ لهُ يسوع : " قد رأيتَهُ، وهوَ الذي يُكَلِّمُكَ ". قال : " لقد آمنتُ، سيِّدي ". وسَجَدَ لهُ. فقالَ يسوع : " جئتُ هذا العالمَ لإمضاءِ الحكُم : حتّى يُبصِرَ الذين لا يُبصِرون، ويَعمى الذينَ يُبصرون ". (يوحنَّا 9/1-39) إنَّ لهذه المعجزة مكانةً خاصّة بين معجزات يسوع لأنّها تطرح ثلاثة أسئلة بالغة الأهمّية وهي : 1- ما سبب الألم في حياتنا ؟ 2- هل معجزات يسوع صحيحة أم وهميّة ؟ 3- من يسوع لمن لا يعرفه على حقيقته ؟ السؤال الأوّل: ما هوَ سبب الألم في حياتنا ؟ سأل التلاميذ يسوع : " من أخطأ ؟ أهذا أم والداه ؟ " كان التلاميذ يعتقدون كسائر الناس في أيَّامهم أنّ كلّ مُصيبة تحلُّ بالإنسان إنّما هي عِقاب الخطيئة التي ارتكبها أو سيرتكبها. ولذلك فإنّ جميع أصحاب العاهات خطأة يتحمّلون عقاب خطاياهم. إنّ سبب الألم في نظرهم هو الخطيئة، أو بالأحرى عِقاب الخطيئة. ونتيجةُ هذا التفكير أنّ من لا يخطأ لا ينزل به الألم. عندما نسمع جواب التلاميذ عن سبب الألم نتساءل: هل هوَ صحيح ؟ وما مقدار الصّحة فيه ؟ إنّ لدينا ثلاثة أجوبة عن هذا السؤال، جواب الخبرة اليوميّة، وجواب الكتاب المقدّس، وجواب حكمة الله السرّية. وإليكم هذه الأجوبة باختصار : 1- جواب الخبرة اليوميّة : إنّ الخبرة اليوميّة تقول إنّ للألم أسباباً كثيرة غير عِقاب الخطيئة، ومن أبرزها الموت، والمرض، والفقر، وكوارث الطبيعة، والحروب، والاضطهادات، والوراثة الطبيعيّة المشوّهة، والإخفاق في العمل، وسوء التربية، واختلاف الطباع، وفقدان السلام في الأسرة، والتعدّيات الظالمة، وغير ذلك من الأسباب الظاهرة والخفيّة، الماديّة والمعنويّة، التي لا يُحصى عددُها لكثرتها. كلّ هذه الأسباب تُحدث الألم في أجساد الناس ونفوسهم، وهم في كثيرٍ من الأحيان أبرياء وضعفاء، ولا يستطيعون التغلّب عليها والتخلّص منها. 2- جواب الكتاب المقدّس : إنّ الكتاب المقدّس قد تطرّق عدّةَ مرّات إلى الحديث عن الألم، وبيّن بعض أسبابه. وإليكم أهمّ هذه الأسباب : - الشرّ المتغلغل في قلب الإنسان: إنّ هذا الشرّ دفع قاين إلى أن يقتل أخاه هابيل ظُلماً وقد ظهر هذا الشرّ على شكل حسدٍ أسود قتّال حمله على ارتكاب الجريمة - عِقاب الخطايا المرتكبة بكثرة: لقد ارتكب الناس في أيام نوح الخطايا الكثيرة فعاقبهم الله بالطوفان، وأحرق سكّان سدوم وعمورة بالنار والكبريت . - حسَد الشيطان: عرف الشيطان أنّ أيوب رجلٌ بارّ فحسده وتحدّى الله نفسَهُ، فسمح الله له بأن يُنزل بأيّوب الصدّيق المصائب الكثيرة، فتألّم منها كثيراً. - مقاومة الديانة اليهوديّة : قاومت هذه الديانة انتشار الدين المسيحي الناشئ وحملت اليهود على رجم اسطفانوس، واضطهاد بولس الرسول اضطهاداً شديداً. - حقد رؤساء اليهود على يسوع : أضمروا في نفوسهم عليه حِقداً أسود، فقادوه إلى الوالي الروماني وهيّجوا عليه الشعب، وتمكّنوا من قتله على الصليب. - طاعة يسوع لإرادة الله الآب : قَبِلَ يسوع الألم بكلّ رضى طاعةً لإرادة أبيه السماوي لكي يُكفّر عن خطايا البشر ويفتح لهم أبواب السعادة الأبديّة. إنّ هذه الفكرة واردة في الإنجيل ورسائل القدّيسين بطرس وبولس ويوحنَّا مراتٍ كثيرة بأساليب متعدّدة. وقد عبّر عنها بولس الرسول بكلّ وضوحٍ فكتب: " فمعَ أنَّ يسوع في صورةِ اللهِ لمْ يَعُدَّ مساواتَهُ للهِ غَنيمةً، بل تَجَرَّدَ مِنْ ذاتِهِ مُتَّخِذاً صورةَ العَبدِ، وصارَ على مِثالِ البَشَر، وظهرَ في هَيئَةِ إنسان، فوضَعَ نَفسَهُ، وأطاعَ حتى الموت، موت الصليب ". (فيلبي 2/6-8) - تحقيق مجد الله على الأرض : هكذا وُلِدَ هذا الشابّ الأعمى مَحروم البصر ليصنع يسوع معجزةً تفتح عينَيْه، فيتمجّد بها اللهُ أمام الناس. 3- جواب حكمة الله السرّية : هناك حوادث مؤلمة لم يأتِ الكتاب المقدّس على ذكرها، ولا تستطيع الخبرة البشريّة أن تفسّرها. وإليكم مثالاً عنها : أُسرةٌ مكوّنة من أبٍ وأمٍّ وأربعة أطفال. الأب عاملٌ نشيط، تقيٌّ محبٌّ لأسرته. أصابته يوماً في محلّ عمله شرارةٌ كهربائية قويّة، فقتلته فوراً. فأصبحت المرأة أرملة والأطفال أيتاماً وحلّ الشقاء بهذه الأسرة. فالسؤال الذي نطرحه : كيف سمح الله بأن يُقْتَلَ هذا الرجل المُعيل الأوحد لأسرته ؟ ليس لدينا جوابٌ عنه. إنّ هذا الحادث المؤلم يبقى سرّاً من أسرار حكمة الله، لا يدركه العقل البشري، ولا جواب له ولا تفسير. إنّ الألم في كثيرٍ من الأحيان سرٌّ لا نعرف سببه، ولا نتوصَّل إلى إدراك هدفه. من ناحيةٍ أخرى إنّنا نؤمن بأن اللهَ أبٌ حنونٌ حكيم، يحبّ أبناءَه ويعتني بهم ولا ينساهم أبداً. قال الله في هذا الموضوع : " هلْ تَنْسى الأمُّ رضيعَها ، فلا تَرْحَمُ ابنَ بطنِها ؟ لكنْ، لو أنّ الأمّهات يَنْسَينَ، فأنا لا أنساكَ أبداً ". (أشعيا 49/15) إنَّ الله لم يشأ أن يُطلعنا على كلِّ أسرار حكمته، فليكن اسمُهُ مباركاً حتّى في وسط أشدِّ الآلامِ هَولاً. السؤال الثاني :هل معجزات يسوع صحيحة أم وهميّة ؟ رأى يسوع الأعمى فطلى عينَيْه بالطين ليمنع عنه كلّ رؤيةٍ ممكنة، وأمره بأن يغسلهما في بركة سلوام فغسلهما وأبصر. بعدما حدثت هذه المعجزة جرى في شأنها تحقيقٌ من قِبَلِ الجيران والمعارف، وتحقيقان من قِبَلِ الفريّسيّين، فأثبتت هذه التحقيقات الثلاثة أنّ المعجزة صحيحة لا أثر فيها للغشّ أو الخداع أو الوهم. وإليكم تفصيل هذه التحقيقات الثلاثة. تحقيق الجيران والمعارف كان الجيران والمعارف يرونه أعمى يجلس ويتسوّل. فلمّا عاد إليهم وهو يُبصر عرفه بعضهم، وشكّ في هوّيته بعضهم الآخر، وظنّوا أنّهم يرون شاباً آخر يشبهه. فأكّد لهم أنّه هو الشابّ الأعمى الذي كانوا يرَونه يتسوّل. وسرد عليهم كيف ذهب إلى بركة سلوام وغسل عينَيْه المَطليتَيْن بالطين، وشُفيَ من عماه. ولمّا كانت المعجزة فريدة من نوعها، وقد حدثت يومَ السبت، ارتأى الجيران والمعارف أن يُعلِموا بها الفرّيسيّين ليطّلعوا عليها ويُبدوا رأيهم فيها. تحقيق الفرّيسيّين الأوّل جرى هذا التحقيق مع الشابّ الأعمى أوّلاً، ثمّ مع والدَيْه. سأله الفرّيسيّون كيف أبصر، فسرد عليهم باختصار قصّة شفائه. فلم يصدّقوا كلامه، بل كانوا مقتنعين أنّ عماه كان حيلةً قد لجأ إليها ليتسوّل ويربح المال من دون أن يقوم بعملٍ متعب. وأرادوا أن يتحقّقوا من واقع عماه، فاستدعوا والدَيْه وسألوهما عن وضع ولدهما. فأقرّ الوالدان، بكلّ بساطة وصدق، أنّ ولدهما قد وُلِدَ أعمى، وأنّه كان يتسوّل ليربح معيشته، ولكنّهما لا يعرفان شيئاً عن أمر شفائه. تحقيق الفرّيسيّين الثاني ولمّا لم يصل الفرّيسيّون مع الوالدَيْن إلى نتيجة ترضيهم، قاموا بتحقيقٍ ثانٍ مع الأعمى نفسه. قالوا له:" نحن نعلم أنّ هذا الرجل خاطئ لأنّه يخالف شريعة راحة يوم السبت. أمّا أنت، فإذا كنت أعمى، فقُلْ لنا كيف أبصرت ؟ " فأجابهم :" لقد كنتُ أعمى، وقد شفاني رجلٌ لم أكن أعرفه. إنّ هذا الرجل لا يمكن أن يكون خاطئاً كما تقولون، لأنّ الله لا يؤيّد الخطيئة والخطأة ". فامتعضوا من جوابه وقالوا لـه :" أنتَ إنسانٌ جاهل وقد وُلِدْتَ في الخطايا، وتُريد أن تعلّمنا ؟ ". وطردوه من المجمع. إنّ هذه التحقيقات الثلاثة بيّنت أنّ المعجزة التي صنعها يسوع لم تكن عملاً من أعمال السحر، ولا ضرباً من ضروب الخداع والوهم، بل كانت معجزةً حقيقيّة صنعها يسوع شفى بها الأكمه وبرهن بها عن قدرته الإلهيّة. وقد الحَّ يوحنَّا الإنجيلي في سرد هذه المعجزة على تفاصيل التحقيقات الثلاثة ليؤكّد لنا أنّها معجزة صحيحة، صنعها يسوع الإله القادر على أكبر العاهات سوءاً. السؤال الثالث : من يسوع ؟ من يسوع ؟ أكّد يسوع بصراحة انّه نور العالم. قال : " ما دُمتُ في العالمِ، فأنا نورُ العالم ". إنّ هذا القول موجّه إلى جميع الناس، ولا سيّما إلى الذين لا يعرفونه على حقيقته. لم يكن هذا الأعمى يعرفه، فأراد يسوع أن يُنير قلبه بنور الإيمان بعدما أنار عينَيْه بنور الدنيا. فاغتنم حدوث هذه المعجزة الفريدة من نوعها ليُطلِعه على حقيقة ألوهيّته. فلمّا لقيه سأله : " أتؤمن بابن الإنسان ؟. فأجاب الشاب : " بَلى، ولكن مَنْ هو لأومن به ؟ " عندئذٍ كشف لـه يسوع حقيقته. فقال له: أنا المسيح المنتظَر ". واستنار قلب الأعمى بنور شخص يسوع الإلهي فعبّر لـه عن إيمانه به. فقال: " إنّي أومن" ، وسجد له. فيسوع هو نورُ العالم بتعاليمه السماويّة، وفضائله الساميَة، وحياته المثاليّة، ومحبّته الشاملة، وشخصيّته المشعّة الجذّابة. فمَنْ آمن به غمره نورُ هذا المعلّم الإلهي، ومن رفض الإيمان حُرِمَ بهاء هذا النور وعاش في الظلام. وقد عبّر يسوع عن هذه الفكرة بأسلوبه الخاص فقال : " جئتُ لأُصدِرَ الحُكْمَ. والحُكْمُ هو أنَّ العُميان يُبصرون، والذين يُبصِرون يَعمَون." لقد آمن الأعمى به فأبصر النور. أمّا الفرّيسيّون الذين رفضوا أن يؤمنوا به ويعرفوه على حقيقته فأضحَوا عُمياناً لا يُبصرون نور الله ولا يستطيعون أن يسيروا في طريق الخلاص. التطبيق العملي 1- إنّ نور الإيمان نعمةٌ من الله يريد أن يمنحها لجميع الناس. ولكنّ هذه النعمة لا تدخل إلاّ إلى قلوب مَنْ عندهم الاستعداد لقبولها. فكثيرون يرفضونها لأهدافٍ ماديّة وأرضيّة. فاشكرْ لله نعمة الإيمان في قلبك، ولا تنسَ أن تصلّي لكي يفتح الله قلوب البشر لتلجَ فيها النعمة ، فيبلغون إلى معرفة الحقّ والخلاص. (1 تيموتاوس 2/4) 2- إنّ الإنجيل نورٌ مُضيء يقدّم للناس شخصَ يسوعَ نورِ العالم.فالمسيحي لا يستطيع أن يحيا "مسيحيّته" إلاّ إذا قرأ الإنجيل وتأمّل فيه. إنّه يرى فيه شخص يسوع واقفاً أمامه، يدعوه إلى أن يحيا حياةً مستنيرة بالصلاة والمحبّة والعفاف والتسامح |
||||
25 - 10 - 2014, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المعجزات في الكتاب المقدس
فى يسوع صبيّاً مُصاباً بالصَرْع وممسوساً
نصّ الإنجيل لمَّا وَصَلَ يسوع وتلاميذُهُ الثلاثة إلى التلاميذِ التسعة، رأوا جَمعاً كبيراً حَولَهُمْ وبعضَ الكَتَبَة يُجادِلونَهُم. فما إن أبصَرَهُ الجمعُ حتَّى دَهِشوا كلُّهُم وسارعوا إلى السلامِ عليهِ. فسألَهُم : " فيمَ تُجادِلونَهُم ؟ " فأجابَهُ رَجُلٌ مِنَ الجَمعِ : " يا مُعَلِّم، أَتَيْتُكَ بابنٍ لي فيهِ روحٌ أبْكَم، حيثُما أَخَذَهُ يَصْرَعُهُ، فيُزبِدُ الصَبيُّ ويَصرِفُ بأسنانِهِ ويَتَشَنَّج. وقد سألْتُ تلاميذَكَ أن يَطردوهُ فلَمْ يستَطيعوا ". فأَجابَهُم : " أيُّها الجيلُ الكافِر، حتّامَ أبقى معَكُم ؟ وإلامَ أحتَمِلكُم؟ عليَّ بِهِ ". فأَتَوهُ بهِ. فما إِنْ رآهُ الروحُ حتّى خَبَطَهُ، فوقَعَ على الأرضِ يتَمَرَّغُ ويُزبِد. فسألَ أباهُ : " منذُ كَمْ يَحدُثُ لـهُ هذا ؟ " قال : " منذُ طفوليّتهِ. وكثيراً ما ألقاهُ في النارِ أو في الماءِ ليُهلِكَهُ. فإذا كُنتَ تستَطيعُ شيئاً، فأشفِق علينا وأعِنّا ". فقالَ لـهُ يسوع : " أتَقولُ : إذا كُنتَ تستطيع ؟ إنَّ المؤمِنَ يستَطيعُ كُلَّ شيء ". فصاحَ أبو الصَبيّ مِن ساعَتِهِ : " آمَنتُ، فشَدِّدْ إيمانيَ الضعيف ". ورأى يسوعُ الجمعَ يزدَحِمون، فانتَهَرَ الروحَ النَجِسَ وقالَ لـهُ : " أيُّها الروحُ الأخرَسُ الأصَمّ، أنا آمُرُكَ، اخرُجْ مِنهُ، ولا تَعُدْ إليهِ ". فصَرَخَ وخَبَطَهُ خَبْطاً عنيفاً وخَرَجَ مِنْهُ. فعادَ الصَبيُّ كالمَيْت، حتّى قالَ أكثَرُ الناس : " إنّهُ قد مات ". فأَخَذَ يسوعُ بيدِهِ وأَنْهَضَهُ فقام. ولمَّا دَخَلَ الدار خلا بِهِ تلاميذُهُ وسأَلوهُ : " لماذا لم نستَطِع نحنُ أنْ نَطْرُدَهُ ؟ " فقالَ لَهُم : " إنَّ هذا الجنس لا يُطرَدُ إلاّ بالصلاةِ والصوم ". (مرقس 9/14-29) عَجْزُ التلاميذ التسعة عن شفاء الغلام المريض بعدما تجلّى يسوع نزل من الجبل وجاء إلى تلاميذه التسعة، فرأى جمعاً ملتفّاً حولهم وبعضَ الكتبة يباحثونهم ويجادلونهم. فطرح عليهم هذا السؤال : " فيمَ كنتم تجادلون الكتبة ؟ " كان الجدل قائماً بينهم وبين الكتبة في شأن غلامٍ مُصاب بمرض الصَرْع قد استولى عليه الشيطان. كان أبوه قد عرضه عليهم وطلب منهم أن يُخرِجوا منه الشيطان. فلجأوا إلى السلطة التي كان يسوع قد أعطاهم إيّاها على إخراج الشياطين. ولكنّهم لم يستطيعوا أن ينقذوا الغلام من سيطرة إبليس. وقد أثار عجزهم ضغينة الكتبة على يسوع واستهزاءهم بالسلطة التي منحهم إيّاها، فقام جدلٌ بين الطرفين، فأخذ التلاميذ يدافعون عن يسوع، وجعل الكتبة ينتقدونه بعنف، والناس المجتمعون حولهم يستمعون إلى هذا الجدل المحتدم. قال يسوع: أيّها الجيل الكافر وبرز من الجمع أبو الصبيّ وجاء بابنه إلى يسوع وقال له : " ها إني أقدّم لك ابنيَ المريض. لقد سألتُ تلاميذَكَ في غيابك أن يشفوه فلم يستطيعوا ". وأوضح يسوع للأب وللواقفين حولَهما سببَ استمرار استيلاء الشيطان على هذا الغلام فقال : " أيها الجيل الكافر. ترفضون الإيمان بالله وتعيشون عيشة الخطيئة. لقد فتحتم بذلك للشيطان المجال الواسع لكي يستولي على هذا الغلام ويأبى الخروج منه. فمتى تتوبون وترجعون إلى الله؟ " مفعول الإيمان بقدرة يسوع إن هذا التوبيخ الذي صدر عن يسوع هزَّ أبا الصبي هزّاً قويّاً، فقال ليسوع : " إذا كنتَ تستطيع شيئاً فأشفقْ علينا وأعِنّا ". أجابه يسوع وقال : " أتقولُ : إذا كنتَ تستطيع ؟ إنَّ المؤمنُ يستطيعُ كلَّ شيء ". بهذا القول بيّن مفعول الإيمان وأهميّته. فالإيمان الذي يستطيع أن ينقل الجبال قادِرٌ على أن يُخرج الشيطان مهما كان عنيداً. وشعر أبو الصبي بأنّ إيمانه ضعيف فصاح : " إنّي أُؤمن. فشدّدْ إيمانيَ الضعيف ". إنّ يقظة الإيمان في قلب الوالد قد أثّرت في نفس يسوع تأثيراً بليغاً، فاستجاب طلبه وطرد الشيطان من جسم الصبي، وأعاد إليه الصحّة الكاملة، وبرهن بهذه المعجزة عمّا قاله منذ لحظات : " المؤمنُ يستطيعُ كلَّ شيء ". لماذا لم نستطعْ نحنُ أن نُخرِجَهُ ؟ وبعدما شفى يسوع الغلام المريض غادر المكان مع تلاميذه ودخل أحد البيوت وانفرد بهم. فسألوه قائلين " لماذا لم نستطعْ نحنُ أن نُخرِجَهُ، مع أنّك قد أعطيتنا السلطة على إخراج الشياطين ؟ " فأجابهم : " إنّ الشياطين أجناسٌ مختلفة. فبعضُهم شرٌّ من غيره. وهذا الجنس الغارق في الشرّ لا يخرُج من جسم الممسوس إلاّ إذا صلّيتم ومارستم أعمال التقشّف والتوبة. وهذا ما لم تفعلوه. لقد اتّكلتم على قوّتكم، فعاندكم الشيطان وخذلكم ورفض أن يطيعكم ويخرج. فلبسكم الخجل أمام الناس المتجمهرين حولكم". الشيطان يلاحق المسيحي بالتجارب إنّ الشيطان الذي قهرته قوّة يسوع الإلهيّة لا يُقرّ أبداً بانهزامه أمام الإنسان، مهما كان هذا الإنسان صالحاً وتقيّاً، ولا يدعه يستريح ويطمئنّ إلى صلاحه وتقواه. فهو?َ يلاحقه بالتجارب من دون هوادة، ويغتنم الفُرص الملائمة لكي يدفعه إلى الكبرياء والحسد والشهوة الفاسدة والكَذِب والطمع والثورة على إرادة الله وعَدَم مُمارسة الواجبات الدينيّة. إنّه يعرف ميول كلّ إنسان وطباعه ومواطن ضَعفه البشري فيضربه على "الوتر الحسّاس" ويهزّ فيه مشاعره الداخليّة، ويهيّج في نفسه حساسيَّاته وشهواته، ويدفعه إلى ارتكاب الخطيئة. ومتى ارتكبها زيّنها له لينغمس فيها أكثر فاكثر، ويحيا حياة الخطيئة المستمرّة. إنّ هذا الوصف ليس وصفاً خياليّاً، بل هو وصفٌ واقعي، فكلّنا نشعر بمهاجمة الشيطان وملاحقاته المتكرّرة بالتجارب المتنوّعة، فنساير إغراءه في ٍ بعض الأحيان، ونستسلم إلى ميول قلوبنا الفاسدة، ونرتكب الخطايا الكثيرة. ضرورة اللجوء إلى يسوع يشعر بعض المسيحيّين الخطأة، في أوقات الهدوء التي يعكفون فيها على التفكير في وضعهم الديني، بأنّهم من جماعة الهالكين المحكوم عليهم بالعذاب الأبدي، لأنّهم يعيشون عيشة الخطيئة المتواصلة، ولا يستطيعون التخلّص من قيودها الحديديّة، فيستسلمون إلى اليأس العميق، ويحيَون حياةً داخليّة كئيبة، على الرَّغم من مظاهر البهجة المصطَنعة التي يتظاهرون بها أمام الناس. إن سبب يأسهم هو أنّهم مقتنعون بأنهم ضعاف أمام قوّة تجارب إبليس، وليس لهم من ينقذهم من سلطانه عليهم. إنّ هؤلاء المساكين يجهلون ما عمله أبو الصبيّ المريض. لقد التجأ إلى يسوع ونال منه شفاء ابنه. إنّهم بحاجة إلى دليلٍ أمين ? من الكهنة أو من العلمانيين الصالحين ? لكي يقودَهم إلى يسوع، فيطّلعون من فمه الإلهي على الوسائل الروحيّة الفعّالة التي تزيل عن قلوبهم ثقلَ اليأس والخوف من المستقبل الرهيب. <H1>التطبيق العملي </H1> يعرف يسوع ضَعفنا البشري وقوّة تجارب الشيطان فيدلّنا على الوسائل التي نتمكّن بها من التغلب عليها. وإليكم أهمّها: - الصلاة : " اسهروا وصلّوا لئلاّ تدخلوا في التجربة " (متى 26/41) - الإيمان : " قمْ فامضِ بسلام. إيمانُك خلّصك " (لوقا 17/19) - حِفظُ الوصايا : " إنْ أردْتَ أن تدخُلَ الحياة فاحفظِ الوصايا" (متى 19/17) - طلب مؤازرة يسوع : " بدوني لا تَستطيعون أن تعملوا شيئاً " (يوحنَّا 15/5) فمَنْ سمِعَ كلام يسوع بأُذُنٍ صاغية وقلبٍ منفتح، وعَمَدَ إلى تطبيقه في حياته الروحيّة تمكّن من التغلّب على تجارب الشيطان، وحافظ على نقاوة نفسه وصحّتها، وعاش مع يسوع صديقاً له حتّى في أحلك الأوقات وأصعبها. إنّ القدّيسين، حتّى الكبار منهم، عانَوا الكثير من تجارب الشيطان. ولكنّهم استطاعوا أن يتغلّبوا عليها لأنّهم لم يكتفوا بعزيمة إرادتهم ومقاصدهم الصالحة، بل لجأوا بصلواتهم وتقشّفاتهم إلى قوّة يسوع الذي كان يمنحهم نعمته الفعاّلة. |
||||
25 - 10 - 2014, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المعجزات في الكتاب المقدس
شفى يسوع أُذُنَ عبد رئيس الكهنة نصّ الإنجيل وبينَما يسوع يتَكَلَّم إذا عِصابَةٌ يتَقَدَّمُها المدعُوُّ يَهوذا أحَدُ الاثنَيْ عَشَر، فدَنا من يسوعَ ليُقَبِّلَهُ. فقالَ لهُ يسوع : " يا يهوذا أبِقُبلَةٍ تُسلِمُ ابنَ الإنسان ؟ " فلمَّا رأى أصحابُهُ ما أوشَكَ أن يَحدُثَ قالوا : " رَبَّنا، أنَضْرِبُ بالسيفِ ؟ " وضَرَبَ أحَدُهُم عبدَ عظيمِ الأَحبار فَقَطَعَ أُذُنَهُ اليُمنى. فأجابَ يسوع : " قِفوا عِندَ هذا الحَدّ ! " ولَمَسَ أُذُنَهُ فأَبرأَها.(لوقا 22/47-52) الدين المسيحي يرفض العنف لمّا ضرب أحد التلاميذ بالسيف عبد رئيس الكهنة وقطع أُذُنَه اليمنى أوقفه يسوع، ثم أبرأ الأُذُنَ المقطوعة، فأوضح بذلك أن الدين المسيحي لا يجابه العنف بالعنف، لأنّ العنف لا يحلّ مشكلات الناس. فهناك طريقة أفضل محبّبة إلى قلب الله وقلوب الناس الحكماء، وهي إقامة الحوار بين الناس وممارسة المحبّة والعدالة. إقامةُ الحوار والعدالة والمحبّة إنّ للعنف السائد في العالم أسبابَهُ الجوهريّة، وهي الظلم والتعدّي وسلب حقوق الآخرين، وتشويه العلاقات الإنسانيّة بين الناس، ورفض الحوار بكلّ أشكاله، القريبة والبعيدة، المباشرة وغير المباشرة. فالعالَم اليومَ طبقتان، غنيّة وفقيرة، مسيطِرة ومُستعبَدة، حاكِمة ومَحكومة، مرفَّهة ومحرومة. فالطبقة الفقيرة ترى نفسها محرومة من حقوقها الأساسيّة، فتُريد أن تثور على الطبقة المسيطرة الغنيّة. ولكنّها عندما ترى أنّها عاجزة عن القيام بالثورة، أو أن ثورتها لا تجدي نفعاً ولا تجلب لها حقوقها المسلوبة تلجأ إلى العنف الشديد لتُعبّر عن نقمتها وغضبها. وهذا العنف الشديد ينقلب إرهاباً، تُستعمل فيه المتفجّرات، وقتل المدنيّين الأبرياء، وخطف السيّاح، وضرب البُنى التحتيّة للبلد الذي يعيشون فيه، وغير ذلك من الأساليب المُدمِّرة. إن الحلّ الصحيح لا يقوم على مجابهة الإرهاب بالإرهاب، بل على الحوار المتبادَل والعدالة والمحبّة بين البشر. فلا يحقّ لبعضهم أن يتنعّموا وحدَهم بخيرات الأرض ويتركوا الآخرين جياعاً ومحرومين، بل يجب عليهم أن يُقاسِموهم خيراتِهم لكي يسود بين الجميع العدل السلام والوفاق والتفاهم. التطبيق العملي 1- إنّ العنف المنتشر اليومَ في العالم نبّه الشعوب كلّها، الغنيّة والفقيرة، إلى وجود نظامٍ اقتصادي عالمي مشوّه، لا يعرف الحوار ولا العدالة ولا المحبّة. إنّ الكنيسة لا تصطف إلى جانب الأغنياء ولا إلى جانب الفقراء، بل إلى جانب الحوار والعدالة والمحبّة. إنّها تناشد الجميع، ولا سيّما الدول الغنيّة والطبقات المرفّهة أن تتفهّم أوضاع الدول الفقيرة والطبقات المحرومة، وتكُفَّ عن استغلالها، وتؤازرَها على أن تتغلّب على بؤسها بإقامة مشاريع إنمائيّة كفيلة بأن تؤمّن لها المداخيل الثابتة التي تمكّن الفقراء من أن يتخلّصوا من فقرهم ويعيشوا عيشةً كريمة. إنّها تشعر بمقاومة الأغنياء ولا مبالاتهم، فتًلِحُّ عليهم أن يُصغوا إلى صوت الله الذي يدعوهم إلى أن يُحبّوا الآخرين حُبَّهم لأنفسهم. 2- أيّها المسيحي راقبْ نفسَك. فإذا كنت غنيّاً فلا تقسُ على الفقير والمُحتاج. وإذا كنتَ فقيراً فلا تستسلمْ إلى الحقد والانتقام، بل اعمَلْ بِجِدٍّ ونشاط لكي تتخلّص من الفقر وتحيا حياةً إنسانيّة شريفة. وإذا كنت وسطاً فاشكر الله على عطاياه، وتطلّعْ إلى ما حواليْكَ من الفقراء لتساعدهم على قدْرِ طاقتكَ. 3- أيّها المسيحي، اقتدِ بالمسيحيّين الأوّلين. كانوا يعيشون حياة المحبّة المتبادَلة ويُساعدون بعضهم بعضاً مساعدةً فعّالة بحيث لم يكن بينهم متسوّلٌ أو محتاج. فكانت القاعدةُ في تعامل بعضهم مع بعض المحبّةُ الحقّةُ الفعّالة.(أعمال الرسل 4/34) |
||||
25 - 10 - 2014, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المعجزات في الكتاب المقدس
شفى يسوع عشَرة رجال بُرْص
نصّ الإنجيل وبينَما يسوعُ سائرٌ إلى أورشليم، مرَّ بِجانِبِ السامِرةِ والجليل. وعِندَ دخولِهِ بعضَ القُرى، تلقّاهُ عَشَرَةٌ مِنَ البُرْصِ، فوَقَفوا على بُعدٍ مِنْهُ، ورَفَعوا أصواتَهُم. قالوا : " رُحْماكَ يا يسوع يا مُعَلِّم ! " فلمَّا وَقَعَ نَظَرُهُ عَليهِم قالَ لَهُمْ : " أُمضوا إلى الكَهَنَة فأَروهُم أنفُسَكُم ". وبينما هُم ذاهِبون بَرِئوا. فلَمّا رأى واحِدٌ مِنْهُم أنَّهُ قد برِئ، رجعَ وجعَلَ يُمَجِّدُ اللهَ بأعلى صَوتِهِ، وأَكَبَّ لوجهِهِ على قَدَميْهِ يَشكُرُهُ، وكانَ سامريّاً. فقالَ يسوعُ:" أليسَ العشَرَةُ قد برِئوا فأينَ التسْعَة أما كانَ فيهم مَنْ يرجِعُ ويمجِّدُ اللهَ سوى هذا الغريب ؟ " ثُمَّ قالَ لَهُ : " قُمْ فامضِ، إيمانُكَ أبرأَكَ". (لوقا 17/11-19) البُرْص المُصابون بالنجاسة الشرعيّة مَنْ هؤلاء البُرْص العشرة تسعةٌ منهم كانوا يهوداً، وواحِدٌ كان سامريّاً. واليهود والسامريّون أعداء، يرفضون كلّ جِوار، وكلَّ تعايش مشترك، وكلّ زواج مختلط. وعلى الرَّغم من هذه العداوة المتأصّلة فيهم منذ عدّة قرون، فقد انضمّ السامريّ الأبرص إلى اليهود التسعة البُرْص، لانّ المرض المشترك بينهم دفعه إلى أن ينسى العداوة ويعيش معهم . كان العشرة يقضون حياتهم بمُقتضى شريعة موسى، منعزلين عن الناس وبعيدين عن قُراهم، لا لأنّهم كانوا يعرفون أنّ في البَرَصِ عدوى تنتقل من الإنسان المريض إلى الإنسان الصحيح، بل لأنّ شريعة موسى كانت تعتبر أنّ الأبرَص مُصابٌ بالنجاسة الشرعيّة، وأنّ من كان نجِساً لا يحقّ لـه أن يعيش مع الأطهار الشرعيّين، خشيةَ أن يلمسوه فتنتقل إليهم النجاسة. وعلى الرَّغم من انعزال هؤلاء البُرْص العشرة عن السكّان، فقد وصلت إليهم الأخبار أنّ يسوع نبيٌّ عظيم، وأنّه يتمتّع بقُدرةٍ فائقة على شفاء الأمراض كلّها، بلمسةٍ واحدة أو بكلمةٍ واحدة يتفوّه بها ولو عن بُعْد. وبَلَغَهُم أيضاً أنّ يسوع يتجوّل مع تلاميذه بين الجليل والسامرة، في المنطقة التي كانوا يسكنون فيها، يعلّم الناس وهو سائر إلى أورشليم. فتوجّهوا إليه ورأوه من بعيد وهو يدخل قريةً صغيرة. صرخة الإيمان شفت المرضى ما كاد البُرْص العشرة يرونه حتى أخذوا يصرخون عن بعدٍ بأعلى أصواتهم: " رُحماكَ يا يسوع المعلّم ". لقد فهم يسوع معنى هذه الصرخة. إنّهم كانوا يطلبون منه مُعجِزةً تشفيهم وتخلّصهم من آلام البَرَص وعار النجاسة، وتُمَكّنهم من العودة إلى بيوتهم وأُسَرِهم. وسمع يسوع أصواتهم والتفت إليهم فرآهم فرقَّ لحالهم وأمرهم بصوتٍ عالٍ أن يذهبوا إلى الكهنة ويعرضوا عليهم أمر شفائهم، وهذا ما كانت تأمر به الشريعة الموسويّة. فمن نال الشفاء من بَرَصه، لا يحقّ له أن يرجع إلى بيته إلاّ بعد أن يطّلع الكهنة على حقيقة شفائه ويحظى منهم بشهادة شرعيَّة تُثبت شفاءه. ولمّا سمع البُرْص العشرة أمر يسوع بالذهاب إلى الكهنة آمنوا بكلامه وتوجّهوا إلى مجمع تلك المنطقة ليُطلعوا الكهنة على شفائهم. وما كادوا يسيرون بضعَ خطوات حتّى شعروا بأنّ آلام البَرَص قد زالت عنهم، وأنّ أجسادهم أصبحت نقيّة سليمة، لا أثر فيها للبُقَع السوداء ولا لتآكل المرض الخبيث. هكذا كان مفعول صرخة الإيمان. لقد حرّكت عاطفة الرأفة في قلب يسوع فأشفق عليهم وشفاهم. أليس العشرة قد برئوا ؟ فأين التسعة ؟ شفى يسوع البُرْص العشرة. فلم يشعر منهم بضرورة تمجيد الله ورفع عاطفة الشكر إلى يسوع إلاّ واحِدٌ فقط، وهو السامري. فترك رفاقه ورجع إلى يسوع وارتمى على قدمَيْه وشكر لله نعمته بصوتٍ عالٍ. فتأثّر يسوع بما أبداه من عاطفة رقيقة ومعرفة الجميل، فقال:" أليسَ العَشَرةُ قد برئِوا فأينَ التسعة" لم يكن يسوع يريد بهذا القول أن يَفرُضَ على البُرْص التسعة الذين طهروا العودةَ إليه والتعبيرَ عن شكرهم لإحسانه، بل كان يريد أن يرفعوا الحمد لله على النعمة التي حصلوا عليها من ابنه يسوع المسيح. إيمانُكَ خلّصَكَ وأوضح يسوع للسامري أهمّية الإيمان فقال له : " إيمانُكَ خلّصكَ ". وقد أراد بذلك أن يقول لنا إِنَّ مَنْ طَلبَ بإيمان نال الخلاص. والخلاص الذي ذكره يسوع لا يعني الخلاص من مرض الجسد فحسب، بل الخلاص من مرض النفس، وهو الأهم، لأن خلاص النفس يؤدّي بالإنسان إلى السعادة الأبديّة التي أعَدَّها الله منذ الأزل ليتمتّع بها بعد حياته على الأرض. الإشارات الثلاث الكبرى لمّا شفى يسوع البُرْصَ العشرة أبدى ثلاث إشارات كُبرى لفت إليها انتباه المسيحيّين، وهي : الإشارة الأولى : ضرورة الإيمان بيسوع. آمن البُرْص بكلام يسوع فنالوا الشفاء. اغتنم يسوع هذه المناسبة وأوضح أهمّية الإيمان فقال للسامري الذي برئ:" إيمانكَ خلّصكَ ". لقد أراد بهذا القول أن نؤمنَ بشخصه الإلهي وقُدرته اللاّمحدودة، ونحيا حياةً روحيّة سليمة لا يشوّهها بَرَصُ الخطيئة ، ونعبّرَ لـه عن إيماننا بما قاله البُرْص العشرة " رُحماكَ يا يسوع المُعلّم ". إنّها صرخة الإيمان نرفعها إلى يسوع صديقنا الأعظم فيُعيد إلينا صحّتنا الروحيّة المفقودة، بشرط أن يكون إيماننا به إيماناً فعّالاً. ولا يكونُ إيمانُنا إيماناً فعّالاً قادراً على التأثير في قلب يسوع إلاّ إذا كان مقروناً بالمحبّة، أيْ محبّة الله ومحبّة الآخرين (غلاطية 5/6) . والمحبّة لله لا تقوم بالكلام والعاطفة، بل بحفظ الوصايا وتقديم الخدمة التي يحتاج إليها إخوتنا المتألّمون. الإشارة الثانية : ضرورة إبداء الشكر ليسوع عندما نكون محتاجين إلى نعمةٍ ضروريّة نسأل يسوع بإلحاح أن يستجيب لنا، ونطلبها منه أحياناً بالبكاء والصراخ. ولسنا على خطأ عندما نعرض طلبنا عليه. فقد قال لنا " اطلُبُوا ". ولكن متى حصلنا عليها ننسى، في غالب الأحيان، أن نقول لـه:" نشكر لك يا يسوع حبّك لنا وعطفك علينا". إنّ صلاة الطلب، وإنْ هي محبّبةٌ إلى قلبه، تقتضي منّا أن نقوم بعد نيل النعمة المطلوبة بصلاة الشكر. فيسوع يريد أن نرفع آيات الشكر والحمد لا ليمجّد ذاتَه، بل ليمجّد آباه السماوي. لقد مدح السامري الذي ارتمى على قدمَيْه وشكر لله نعمته، واشتكى من نكران الجميل الذي أبداه البُرْص التسعة بعد شفائهم من مرضهم. ويجدر بنا أن نلمّح هنا إلى موقف الكثيرين من المسيحيّين الذين يتناولون القربان الأقدس، ثمّ يخرجون فوراً من الكنيسة من دون أن يتفوّهوا بكلمة شكرٍ ليسوع الذي أحبّهم وجاء إليهم وسكن في قلوبهم. الإشارة الثالثة : بلوغ الخلاص الأبدي ذكر يسوع هذه الإشارة عندما قال للسامري " إيمانُكَ خلّصكَ ". إنّ الخلاص في قول يسوع لا يعني التخلّص من المحنة الأرضيّة التي نتألّم منها فحسب ، بل يعني بنوعٍ خاص بلوغ الخلاص، أيْ التمتّع بالسعادة الأبديّة في السماء، بعد سلوك الحياة النقيّة على الأرض. التطبيق العملي 1- إنّ النجاسة الشرعيّة لا تزال قائمة في الدين اليهودي. أمّا في الدين المسيحي فلا وجود لها إطلاقاً. فإنّ كلّ ما خلقه الله طاهِرٌ نقيّ لا ينجّس الإنسان. وقد أشار بولس الرسول إلى نواهي الدين اليهودي الشرعيّة " لا تأخذْ، لا تذُقْ، لا تلمُسْ " فقال فيها إنّها وصايا ومذاهب بشريّة لا قيمة لها لأنّها غير صالحة إلاّ لإرضاء الأهواء البشريّة. (قولُسّي 2/22) 2- ليس للكاهن المسيحي أيُّ دورٍ طبّي كما كان للكاهن اليهودي. إنّ للكاهن المسيحي دوراً أسمى، وهو دورٌ روحيّ، فيشفي النفوس المريضة بالخطيئة، ويؤمّن حاجات المؤمنين الدينيّة، ويشجّعهم على تتميم واجباتهم الروحيّة. 3- تمسّكْ في سلوكك الفردي بالإشارات الثلاث التي ذكرها يسوع، وهي الإيمان والشكر والسعي للخلاص الأبدي. إنها تساعدك على أن تعيش حياةً مقدّسة. |
||||
25 - 10 - 2014, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المعجزات في الكتاب المقدس
صنع يسوع المعجزات الكثيرة التي تنبّأ عنها أَشَعيا النَّبي نصّ الإنجيل وأخبَرَ يوحنَّا تلاميذُهُ بهَذِهِ الأمورِ كلِّها، فدعا اثنَيْنِ مِنْ تلاميذِهِ وأوفَدَهُما إلى الربِّ ليَقولا لَهُ : " أأنتَ الآتي ؟ أم نَنتَظرُ آخَرَ ؟ " فلَمَّا مَثَلَ الرجُلانِ بينَ يدَيْهِ قالا لَـهُ : " إنّ يوحنَّا المَعْمَدان أوفَدَنا إليكَ لنقولَ : أأنتَ الآتي ؟ أمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ ؟ ". فشَفى يسوع في ذَلِكَ الحينِ أُناساً كثيرينَ مِنَ الأمْراضِ والعِلَلِ والأرواحِ الخَبيثَةِ، ورَدَّ البَصَرَ لكثيرٍ مِنَ العُميان، ثُمَّ أجابَهُما : " اذهَبا فأخْبِرا يوحنَّا بِما سَمِعْتُما ورأيْتُما : فإنَّ العُميَ يُبصِرون، والكُسْحانَ يَمْشون، والبُرْصَ يَبْرأَون، والصُمَّ يَسْمَعون، والمَوتى يَقومون، والفُقَراءَ يُبَشَّرون. وطوبى لِمَنْ لا يَشُكُّ فيَّ ". (لوقا 7/18-23) انعزال يوحنَّا المعمدان في السجن كان يوحنَّا المعمدان سجيناً في مغارةٍ حُفِرت تحت قصر هيرودس الملك. وكان سجنه قاسياً جدّاً فقطعه عن العالم الخارجي. ومع ذلك كان تلاميذه يأتون إليه في بعض الأوقات وينقلون إليه الأخبار عن يسوع وعن معجزاته ومواعظه، وعن إقبال الناس إلى الاستماع إليه. إنّ الانعزال الشديد الذي فُرِض على يوحنَّا وهو مقيّدٌ في المغارة المُظلِمة قد أثّر في ذهنه تأثيراً سيّئاً. لقد عمَّد يسوع، ورأى روح الله ينزل عليه، وسمع صوت الله الآب يشهد لـه بأنّه ابنه الحبيب، وأعلن أمام الجميع، وهو يعظ على ضفّة نهر الأردن، أنّ يسوع حملُ الله، وأنّه المسيحُ عريسُ الكنيسة. كان إيمانه آنذاك كالصّخر لا يتزعزع. ومع ذلك، فإنّ الوحدة الموحِشة التي كان يعيشها أنشأت في قلبه الاضطراب، وزرعت في عقله الشكَّ برسالة يسوع. وأراد أن يتخلّص من وخز هذا الشكّ المؤلم، فاختار اثنين من تلاميذه وأرسلهما إلى يسوع ليطرحا عليه هذا السؤال الخطير: " أأنتَ الآتي أم ننتظرُ آخرَ ؟ " أيْ، هل أنتَ المسيحُ الذي تنبَّأَ عنه الأنبياء، أم ننتظر رجلاً آخر يكون هو المسيح ؟ رسولا يوحنَّا شاهدا معجزات يسوع وانطلق الرسولان من السجن وجاءا إلى يسوع ليطرحا عليه سؤال يوحنَّا المعمدان. فلمّا وصلا إليه رأيا جمهوراً غفيراً يحيط به ويزحمُهُ، وبينهم كثيرون من المرضى وذوي العاهات والممسوسين، وهم يسترحمونه ويسألونه الشفاء من أمراضهم وعاهاتهم وأوضاعهم البائسة. فلم يتمكّنا من التحدّث إليه بسبب الازدحام، فوقفا يشاهدان المعجزات التي كانت تتدفّق من يدَيْه الإلهيتَيْن وتشفي جميع المعذَّبين. ولمّا انتهى يسوع من صنع مئات المعجزات، وخفّ الضغط عليه من قِبَلِ الجمع، أقبلا إليه وقالا له : " أرسلَنا إليك يوحنَّا المعمدان السجين، وهو يطرح عليك هذا السؤال : أأنتَ الآتي أم ننتظر آخر ؟ " جواب يسوع استند إلى معجزاته لم يُجب يسوع عن سؤال يوحنَّا مباشرةً بقوله : " بلى ! أنا الآتي، أنا المسيحُ الموعود، وقد جئتُ إلى العالم "، بل أشار إلى نبوءة أشعيا النَّبي التي ذكرت معجزات المسيح الكثيرة. إنّ هذه المعجزات تقول لِمَنْ يريد أن يفهم معناها : " إنّ من يصنعها هو المسيح الموعود ". لذلك قال يسوع للرَسولَيْن : اذهبا واخبرا يوحنَّا بما سمعتما ورأيتما. فإنّ العميَ يبصرون، والكسحانَ يمشون، والبُرْصَ يبرأُون، والصُمَّ يسمعون، والموتى يقومون، والفقراء يُبَشَّرون. وطوبى لمن لا يشكُّ فيَّ " . إنَّ المُعجزات الكثيرة التي صنعها يسوع، كما تنبّأَ عنها أشعيا النّبي، أزالت عن قلب يوحنَّا المعمدان كلَّ شك، وأعادت إليه الإيمان الوطيد الذي كان يتأجّج فيه يومَ عمَّدَهُ في الأردن. طوبى لمن لا يشكُّ في يسوع المسيح إنّ الشكَّ يهدم الإيمان، ويُدمّر المحبَّة، ويُبعد المسيحي عن يسوع. لقد شكَّ يوحنَّا بيسوع لا لأنّه تخلّى عن الإيمان به والمحبَّة لـه، بل لأنّه ابتعد عنه بُعداً ماديّاً في سجنه العميق، فلم يعد يشعر في نفسه، بسبب هذا الانعزال الرهيب، بحرارة القرابة الروحيّة التي كانت تشدّه إلى يسوع، وتُنعش إيمانه ومحبّته. هكذا كلُّ من ابتعد عن يسوع بُعداً روحيّاً، غزا الشكّ قلبه فتزعزعَ إيمانُهُ وانطفأَ فيه لهيب المحبَّة. إنّ المسيحي يبتعد عن يسوع متى أهمل الصلاة اليوميّة، والقيام بواجباته الدينيّة، وأعرض عن سلوك حياة التقشّف، والخدمة، وتقديم المثل الصالح والمحافظة على وصايا الله، ولا سيّما وصايا العدل والمحبّة والأخلاق السليمة. وهنأَ يسوع كلّ مسيحي لا يشكّ فيه، بل يتمسّك بإيمانه وإخلاصه لـه. فمن تغلّب على الشكّ كان من أخصّاء يسوع وأحبّاءه : "وطوبى لِمَن لا يشكُّّ فيَّ ". التطبيق العملي 1- إنّ أسباباً كثيرة تُنشئ الشكّ في قلبك، أيّها المسيحي، أهمُّها القراءاتُ التي تحارب الإيمان المسيحي، والابتعادُ عن سماع كلام الله، وعدمُ التأمّل في أقوال الإنجيل، ومعاشرةُ الرفاق المُلحدين واللاَّمبالين بشؤون الدين. فأحذرْ هذه الأخطار التي تهدّ أركان إيمانكَ بيسوع، وتُبعدكَ عنه بُعداً روحيّاً، وتُزيل عن قلبك المحبّة له. 2- إنّ بعض المسيحيّين يشكّون في معتقدات الدين المسيحي لأنّهم لا يفهمونها. إنّ هذه المعتقدات تعبّر عن حياة الله الداخليّة، وعن مخطّطه الإلهي في سبيل خلاص الإنسان، وعن شخصيّة يسوع الفائقة الوصف، وهي حقائق روحيّة أسمى من أن يستوعبها عقل الإنسان المحدود. إن الموقف الديني الصحيح هو أن نؤمن بها وإنْ كانت تفوق إدراك عقولنا لأنّها تعبّر عن الوحي السماوي الذي أطلعنا عليه يسوع المسيح. فهو الإله الصادق الذي لا يغشّ ولا يتسرّب إليه الغشّ. فنحن نؤمن بالوحي الإلهي الذي جاءَ به يسوع، لا لأنّه على مستوى عقولِنا الضعيفة، بل لأنّه كلامُ الله والحقيقة الكامِلة النازلة من السماء. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|