رؤيا الأخ باتشيفيكو
23- مرة أخرى، كان فرنسيس ماشياً في وادي سبوليتو ومعه الأخ باتشيفيكو، وهو من مواليد ماركا دي أنكونا وقد لقّب وهو في العالم باسم ”ملك الشعراء“ وكان رجلاً شريفاً لبقاً ومعلماً في الغناء. نزلا ضيفين في مصح البرص في تريفي. وقال فرنسيس لرفيقه: ”لنذهب إلى كنيسة مار بطرس دي بوفارا لأنّي أريد أن أقضي ليلتي هناك“. لم تكن الكنيسة تبعد كثيراً عن مصحّ البرص، علماً أنه لسنين قليلة مضت دمّرت الحرب منطقة تريفي ولم يعد يسكنها أحد.وفيما هما في الطريق، قال فرنسيس لباتشيفيكو: ”عد إلى المصحّ، لأني أريد البقاء وحدي هنا هذه الليلة. وارجع إليّ غداً عند الفجر“.بقي القديس وحده في الكنيسة وصلى صلاة الستار وباقي الصلوات ثم أراد الاستراحة والنوم، لكنه لم يقدر، لأنّ الخوف استحوذ عليه وأحاطت به تخيّلات شيطانية. فنهض للحال وخرج من الكنيسة ورسم على نفسه إشارة الصليب قائلاً: ”باسم الله القادر على كل شيء، آمركم أيها الأبالسة أن تصبّوا على جسدي كل ما سمح به لكم سيدي يسوع المسيح من عنف. إنّي مستعد أن أتحمّل أيّة مشقّة. أن أسوأ عدو لي هو جسدي، فانتقموا إذن من خصمي“. تبددت التخيلات للحال. وعاد القديس إلى حيث جلس أولاً. واستراح ونام بسلام.وعند طلوع النهار، عاد إليه باتشيفيكو، فوجد القديس يصلي أمام المذبح، داخل الخورس أمام المصلوب وأخذ هو أيضاً يصلي للرب. وما كاد يبدأ صلاته حتى اختطف بالروح (هل بالجسد أو خارج الجسد الله يعلم) ورأى في السماء عدة عروش يتوسطه عرش أكثر جمالاً محاط بهالة مجد ومشع، تزينه الحجارة الثمينة المتنوعة الأشكال.وفيما هو يتأمل مندهشاً ذلك البهاء أخذ يفكر في نفسه ما عسى أن يكون ذلك العرش ولمن هو معدٌّ. وإذا به يسمع صوتاً يقول: ”إن هذا العرش كان يخصّ لوسيفورس رئيس الشياطين، وسيحتل المكان بدله فرنسيس“.لما عاد إلى نفسه، إذا بفرنسيس مقبل إليه. ارتمى باتشيفيكو عند رجليه وهو باسط يديه على شكل صليب معتبراً إياه، بعد مشاهدته تلك الرؤيا، كما لو صار في السماء، وقال له: ”يا أبتِ، إغفر لي خطاياي واسأل الرب أن يغفر لي ويرحمني“. مدّ فرنسيس يده وأنهضه وقد فهم أنّ رفيقه شاهد رؤيا أثناء صلاته. فإنّه بدا متغيراً لا يكلّم فرنسيس كمن يخاطب إنساناً من لحم وعظم بل كقديس صار يملك في السماء.بعد ذلك، تظاهر الأخ بأنّه يجهل ما جرى لأنّه لا يريد أن يكشف تلك الرؤيا لفرنسيس فسأله: ”فماذا تقول عن نفسك أيها الأخ؟“ أجاب فرنسيس: ”إني متأكد أني أكبر الخطأة الموجودين على الأرض“. وللحال تكلم صوت في قلب باتشيفيكو: ”من هذا تعرف أنّ ما رأيته كان الحقيقة. فكما أنّ لوسيفورس دحرج من عرشه بسبب كبريائه، هكذا استحق فرنسيس بأن يرفع بسبب تواضعه ويجلس مكانه“.