ليست الصحراء بالضرورة القفار الجافّة في سيناء أو النوبة. كثيرون من الكتّاب الروحيين علّموا أنّ الصحراء يمكن أن تكون في أيّ مكان، حتّى في وسط الحضارة المدنية. يشير كارلو كاريتو في كتابه "الصحراء في المدينة (Desert in the City)" (1979) إلى أنّ الصحراء يمكن إيجادها في أعماق المنزل أو مكان العمل. قضاء بعض الدقائق منسحباً من الضجيج وهيجان العمل يمكن أن يقود الإنسان إلى الوحدة التأملية. يكتب كاريتو: "إنْ عَجِز المرء عن الذهاب إلى الصحراء، فيمكن أن تأتي الصحراء إليه أو إليها. لهذا السبب نحكي عن خلق الصحراء في المدينة". إنّه يصف هذه الصحراء مثل "... مكان للانسحاب حتى نجد الله في الصمت والصلاة... مكان نستجمع فيه الشجاعة ونعلن كلمات الحقيقة متذكّرين أن الله هو الحقيقة... مكان ننقّي فيه أنفسنا ونهيئها للعمل وكأنّها لامست الجمرة المحرِقة التي وضعها الملاك على شفتي النبي".
الصحراء مكان وحدة لا مكان انعزال. لا تكتمل خبرة الصحراء بمعزل عن الشركة مع الكنيسة والمساهمة في الأسرار الإلهية والصلوات والعبادة. حتى النسّاك، أي المسيحيون الذين يعيشون اليوم التوحّد في الصحراء والكهوف، هم أعضاء في أخويات رهبانية ويخضعون لنظام ديرهم وممارساته. فكّروا في القديسة مريم المصرية. لقد عاشت وحيدة تقريباً كلّ حياتها في صحراء سيناء بعد توبتها، لكنها كانت تتلقّى المناولة والاعتراف من الأب زوسيما (الذي كتب لاحقاً سيرة هذه المرأة المميّزة)، الذي أجلّته كأبيها الروحي.