رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
((حُبِلَ بها بِلا وَصْمَة الخَطيئة الأصليّة)) نؤمن بأن مريم العذراء حُبل بها بلا وصمة الخطيئة الأصلية، كما أعلن رسميّاً البابا بيوس التاسع في 8\12\1845. وكان الملاك جبرائيل، في ما مضى، قد سلّم عليها بقوله لا ((السلام عليك يا مريم)) بل (( السلام عليك يا ممتلئة نعمة))، وكأنّ اسمها هو ((ممتلئة نعمة))، لا ((مريم)). هذا الامتلاء، متى نَعِمتْ به؟ منذ اللحظة الأُولى للحبل بها في بطن أُمّها؟ نعم، إن كان الامتلاءُ امتلاءً حقّاً أي كلّيّاً. نعم، إن كانت مريم مُقدَّراً لها، منذ الحّبّل بها، أن تكون أُمَّ ابن الله. نعم، إن كانت ستسحق تماماً رأس الحيّة الجهنّميّة. نعم صحّ ما يقوله البروتستانتي زْوِيْنْغلي نفسُه: ((كان يليق بذلك الابن القدّوس أن تكون أُمُّه تلك القديسة.)) ويقول نْيُومن: ((إن رُفِعَتْ حوّاء فوق الطبيعة البشريّة بمنحها النعمة، هل مِن تَهوُّرٍ قي القول إنّ مريم قد مُنِحت نعمةً أكبر؟... وإن كانت حواء قد حازت تلك النعمة الباطنيّة الفائقة الطبيعة، منذ اللحظة الأولى لوجودها الذاتيّ، هل يجوز القول إنّ مريم لم تَحُزْ أيضاً تلك النعمة منذ اللحظة الأولى لوجودها الذاتيّ؟)) ويقول يوستينُس: ((تمخّضَتْ حواء، وهي عذراء بلا فساد، بكلام الحيّة، فوَلدتْ عصياناً وموتاً. فإنْ قيلَ في حوّاء الأولى إنّها : ((عذراء بلا فساد))، ألا يصحّ القول، أكثر فأكثر، في حوّاء الجديدة؟)) كما ويلمّح هِيبّوليتُس(+325) عندما يشبّه المخلّص بتابوت العهد المصنوع من ((خشب غير قابلٍ للفساد))، ويقول: ((الربّ منزَّه عن الخطيئة لأنه، في طبيعته البشريّة، من خشبٍ غير قابلٍ للفساد، أي من العذراء والروح القدس.)) فإن كانت العذراء ((خشباً غيرَ قابلٍ للفساد))، فهي إذاً، مثلَ الذي كوّنتْه من ذاتها، ((منزَّهةٌ عن الخطيئة)) وكلّيّة النقاء. ويقول ديديمُس الإسكندريّ: ((كما أنّ الإنسان الأوّل قد خُلِقَ وكُوّنَ من التراب النقيّ، كذلك كان ينبغي للإنسان الكامل أن يُولَد من عذراء نقيّة.)) ومار افرام ((مدّاحُ أمّ الله)) يقول، مردِّداً ما طاب له كلمةَ ((كلّيّا)): ((مريم ممتلئةٌ نعمة، طاهرةٌ كلّيّاً، نقيَّةٌ كلّيّاً، بلا خطيئة كلّيّاً، بلا دنس كلّيّاً، بلا لومٍ كلّيّاً، جديرةٌ كلّيّاً بالتمجيد، نزيهةٌ كلّيّاً، طوباويّةٌ كلّيّاً... غريبةٌ كلّيّاً عن كلّ دنس وكلّ لطخة خطيئة.)) ذلك أنّ مريم هي، أولاً بأوّل، أمُّ الكلمة المتجسّد. وهو قد ((كَوَّن أمَّه)) بنفسه. فما أجملَ وما أكملَ ما كوّنه المسيح الفادي!.. والقديس أندراوس الكريتي: ((مريم طينٌ كوّنه الفنّان الإلهيّ، ومادّةٌ تُناسب تماماً التجسّد الإلهي... إنّها الخمير المقدّس الذي جبله الله، والذي بفضله يتخمّر عجين الجنس البشريّ كلّه.)) ويوحنا الموصلي: ((مَن يستطيع أن يُدرك عظائم تلك التي قُدِّستْ منذ أن حُبل بها واختارها الله من الرَحم؟ مباركة أنت يا جِزّةً رآها جِدعون فعرف سرَّك، لأنّ الندى الذي نَزَل عليك لم ينحدر على سواكِ، والسيلَ الذي انصبَّ على كلّ الأمكنة فأفسدها، لم يَنزِل عليك منه نقطة واحدة!)) وأما مسبِّبات هذا الامتياز الفريد، فإنّ اللاهوتيّ البيزنطيّ، نقولا كباسيلاس، يلخّصها بما يلي: 1- لم يكن تجسُّد ابن الله ليحصلَ إلاّ في خليقةٍ كلّيّةِ البراءة. فلو أنّ الخطيئة مسّت العذراء، وإن من بعيد، فلما كان الله قد أتى إلينا فيها. 2- كان الإنسان الأوّل قد عرقَل، بخطيئته، خِطّةَ الله بشأن الإنسان الكامل. فكان لا بدّ، صوناً لشرف الله، من خليقةٍ، بشريّةٍ كلّيّاً، تُحقِّق من جديد فكرة الله المثاليّة في الإنسان الكامل. فقضى الله بأن تكون العذراء مريم هي تلك الخليقة. 3- كان الله، لإصلاح طبيعتنا وتتويجها بروائع الاتحاد الأُقنومي، ينتظر عوناً جديراً بأن يكون شريكه. فأوجد مريم. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|