الانقياد للتيار العام
قد يكون التيار العام كله خاطئًا، يدعوك الشيطان أن تخضع لهذا التيار، وتكون مثله! وقد يهمس في أذنيك:
الكل هكذا... لماذا تشذ أنت، ويكون لك أسلوب خاص؟!
والجواب أننا نتبع الحق أيًا كان موقعه، في جانب الأغلبية أو الأقلية. فإن كانت أغلبية الناس في خطأ، فإننا لا نتبعها. وهكذا فعل أبونا نوح: كانت كل الناس في عهده أشرارًا، وكان هو وحده البار مع أسرته.
ما أسهل أن تكون الغالبية كلها مخطئة، أو الجيل كله.
الغالبية في وقت الصلب كانت مخطئة وصاحت أصلبه أصلبه (لو23: 21). بل الجيل كله، قال عنه السيد المسيح "جيل فاسق وشرير" (متى12: 39). وغالبية الناس أيام آخاب الملك، كانت تعبد الأصنام، إلا سبعة آلاف ركبة فقط من بين مئات الآلاف (1مل19: 18). وفي أيام موسى النبي، حكم الرب على الشعب كله بأنه متمرد وصلب الرقبة، ولم يدخل منه إلى أرض الموعد إلا اثنان فقط هما يشوع بن نون، وكالب بن يفنه (عد14: 20 - 30).
وإن رجل الله الثابت في وصاياه، هو الذي ينشد قائلًا:
سأطيع الله حتى لو أطعت الله وحدي
ولكن الشيطان يدفع دفعًا في التيار العام بطرق شتى:
أحيانًا يجعل الناس يجارون الخطأ من باب المجاملة، أو من باب الخجل، أو من باب التقليد، أو خوفًا من تهكم الناس ومن تعييرهم، أو نتيجة لضغط الظروف الخارجية وإلحاح الآخرين. أو أن يقول لهم الشيطان "هذه المرة فقط، ولن تتكرر"! ثم تتكرر طبعًا.. أو أن شخصًا قد يجاري التيار خضوعًا لسلطة أقوي منه أو خضوعًا لرئاسة... وقد يجاري التيار جهلًا. وقد يقول له الشيطان:
هل من المعقول أن يكون كل الناس مخطئين: وأنت الوحيد المصيب؟!
هل من المعقول أن كل هؤلاء يعرفون أين يوجد الخير والحق، وأنت الوحيد الذي تعرف؟! اتضع يا أخي... (ويتضع) الأخ! وينجرف في التيار.
وقد يسير في التيار نتيجة لصداقة أو صحبه خاطئة استطاعت أن تؤثر عليه وتجذبه إلى طريقها، كما سار سليمان الحكيم في طريق نسائه (1مل11: 4).
وقد يخضع الإنسان للتيار نتيجة لضعف شخصيته..، والعجيب أن أهل العالم يكونون أقوياء جدًا في دفاعهم عن طريقهم الخاطئ، وفي سخريتهم من أولاد الله الذين لا يجارونهم. ويظلون ينعونهم بشتى النعوت، حتى يضعف هؤلاء ويخضعون...! يا للأسف...
إن أولاد الله يجب أن يكونوا أقوياء في مبادئهم، ثابتين راسخين، لا يتزعزعون أما تهكمات الأشرار. وليتذكروا قول الكتاب:
"لا تشتركوا في أعمال الظلمة غير المثمرة، بل بالحرى وبخوها" (أف5: 11).