التلمذة علي الحادثات
كل حدث يحدث، يحمل في أعماقه درسًا نافعًا لمن يرغب في الاستفادة وفي التلمذة. وليس فقط الأبرار يستفيدون، بل أيضًا أهل العالم. إن أحشو يرش الملك لما قرأ سفر أخبار الأيام، تأثرت نفسه مما قرأ. وكان ذلك سببًا في خلاص الشعب كله. إن الأحداث توحي بمشاعر معينة، وتقود إلي تصرفات روحية لمن يتأثر بها.
يا ليتنا نتأمل يد الله في كل ما يحدث معنا أو حولنا، للأفراد والجماعات..
نأخذ درسًا عن الله، وكيف يتصرف وكيف ومتي يتدخل، وكيف يحول الشر إلي الخير وكيف يدبر أمور هذا الكون في حكمة، تجمع بين الحرية التي يهبها للإنسان، والحزم الإلهي الذي يقيم العدل علي الأرض. نأخذ دروسًا في عناية الله، وفي عدل الله، وفي صبر الله وطول أناته..
لقد سجل داود النبي حادثات حدثت في أيامه. غني بها داود في مزامير. وغني بها المدنيون في أناشيد هو في سفر ياشر (2صم 1: 8). وكانت دروسًا. وكذلك أحداث غني بها يشوع (يش10: 13). سجلت أيضًا في كتاب الأناشيد القومية المعروف بسفر ياشر. تأمل إذن كل الحادثات التي تمر بك..
وخذ منها درسًا، واحفظها في قلبك. كما قيل عن العذراء إنها (كانت تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها" (لو2:51). وكما كان الرب يقيم تذكارات معينة لأحدث خاصة، حتى لا ينساها الناس، كالأحجار التي وضعوها وسط مياه الأردن، حتى لا ينسوا أنه أنشق ذات يوم (يش4: 9)..
قصة عبور البحر الأحمر، وقصة الثلاثة فتية..
تضعها الكنيسة في تسبحة نصف الليل، لكي نتغني بهما كل يوم، ونأخذ درسًا في الإيمان، ودرسًا في عناية الله وحفظه.. وقصص أخري غير هاتين.
وما الأحداث التي نقرأها في السنكسار cuna[arion كل يوم سوي دروس أخري نتتلمذ عليها..
إنها تتلي علينا لكي نتتلمذ علي الأحداث، ونري كيف كان الله يعمل، وكيف كان القديسون يعملون، مع قصص أخري من سفر أعمال الرسل، نسمعها في كل قداس، لنفس الغرض، مع قصص أخري من سير القديسين.. وطوبى لمن يستفيد من كل تلك الحادثات دروسًا.
يمكن أن تسمي دروسًا من التاريخ..
أن كانت قد حدثت في الماضي، ودروسًا من الحادثات إن كانت في جيلنا، ورأيناها بعيوننا، أو سمعنا عنها بآذاننا.
أما أن تمر الحادثات دون أن نأخذ منها دروسًا، فهذا بلا شك تقصير في التلمذة.
حتي أهل العالم يجدون في الحوادث عبرًا أي دروسًا يعتبر بها الإنسان ويستفد منها، سواء حدثت له هو أو لغيره، صديقًا كان أو عدوًا. وقد قال الشاعر:
ومن وعي التاريخ في صدره أضاف أعمارًا إلي عمره