الله رفيقنا في الحياة، حتى لو بدا منه غير ذلك
"وللوقت ألزم تلاميذه أن يدخلوا إلى
السفينة ويسبقوا إلى العبر.... وبعد
ما ودعهم مضى إلى الجبل ليُصلى"
"ويسبقوا"، إن هذه الكلمة تعنى أن دخولهم إلى السفينة لم يكن فراقًا دائمًا للرب يسوع، ولكنه فُراق إلى حين، فهو سوف يُدركهم، وقد أدركهم بالفعل حينما هاج عليهم البحر.
أحيانًا يبدو الله في فترات مِن حياتنا كأنه بعيد عنا، نطلب شيئًا ونشعر أن هذه الصلوات لم تتعدى جدران المكان الذي نُصلى فيه، أو نشقى ونتعب في عمل مسنود إلينا لفترة مِن الزمن ولا نجنى فائدة تُذكر، أو نُجاهد ضد ضعف مُعيًن بغير نتيجة، أو نحتمل ضيقة شديدة حتى نظن أنها بلا حل. علينا في هذه الأوقات أن لا نيأس أو نتنازل عنْ أمانتنا بل نثق أن الله سوف يُدركنا في الوقت المُناسب "فمنتظرو الرب لا يخزون" (أش49: 23)، "ومنْ يصبر إلى المُنتهى فهذا يخلُص" (مت24: 13). بل أكثر مِن هذا "بعد أن ودعهم مضى إلى الجبل يُصلى"، يا تُرى ما هو موضوع صلاته؟ ما هي أحزان الرب يسوع التي يُصلى مِن أجلها؟ ما هي أهدافه؟... إنه قبل هذا الوقت بقليل صنع الرب معجزة إشباع الجموع، وتعجب الشعب مِن إمكانياته وطلبوا أن يجعلوه ملكًا عليهملذلك ألزم الرب تلاميذه أن ينزلوا إلى السفينة، وصرف الجموع، وذهب ليُصلى، إنه لا يقبل مُلكًا أرضيًا يشغله عنا، إنه يُريد أن يملُك على قلوبنا فهو مشغول بنا، يُصلى مِن أجلنا، خطايانا هي السبب الوحيد لحُزنه، هدفه خلاصنا، يُريدنا أن نغلب ونكون معه في مجده، أتعابنا وضيقاتنا هو يتعهدها حتى ننجو منها، ولقد عرفنا فكر الرب هذا مِن جهتنا مِن صلاته الشفاعية عنا في ليلة آلامه في البستان، فنجده في وسط انشغاله بالآلام المُقبل عليها مُهتم بنا ويُصلى مِن أجلنا قائلًا: "أيها الآب..... لست أسأل مِن أجل العالم بل مِن أجل الذين أعطيتني لأنهم لك... لست أنا بعد في العالم وأما هؤلاء فهُم في العالم وأنا آتى إليك. أيها الآب القدوس احفظهم في اسمك الذين أعطيتني ليكونوا واحدًا كما نحن.... قدٍسهم في حقك.... لست أسأل مِن أجل هؤلاء فقط بل أيضًا مِن أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم. ليكون الجميع واحدًا كما أنك أنت أيها الآب في وأنا فيك ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا.... وأنا أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحدًا كما أننا نحن واحد.... أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا...." (يو17).
فلنطمئن في مسيرتنا في هذه الحياة، لأن الرب سوف يُدركنا في الوقت المُناسب، وأنه بالفعل يُشاركنا أتعابنا، بل يُصلى عنًا كُل حين، ويشفع فينا بجراحاته التي تألم بها مِن أجلنا.