يوم الأحد
أن الله جل شأنه قد أقتضى ذاته المقدسة منذ البدء بيوم من أيام الأسبوع هو يوم راحته، وهو "اليوم السابع" أو "يوم الرب". وقد عَلَّم الله البشر منذ بداية الخليقة أنه ينبغي على الإنسان أن يستريح في اليوم السابع ويقدسه، ومعنى كلمة "يقدسه" أي يخصص ويستخدم هذا اليوم للعبادة لله وليس لأغراض شخصية. وقد أعطى الله مثلًا بنفسه على ذلك بأنه عمل الخليقة في ستة أيام وجعل اليوم السابع راحة وهو يوم السبت. وكلمة "سبت" שבת في اللغة الأصلية تعنى الراحة. ثم جاء موسى النبي وأوصى اليهود بتقديس اليوم السابع (السبت) وتخصيصه لعيادة الله، ولكن مع الوقت جعل اليهود السبت هدفًا أنهم عبدوا السبت بدلًا من عبادة الله! وجعلوا السبت ثِقْلًا على الشعب، إلى أن جاء المسيح وحارَب هذه الفكرة -فكرة عبادة يوم الراحة- وعَلَّم أن الإنسان هو سيد اليوم وليس العكس. إلى أن صُلِبَ السيد المسيح يوم الجمعة، وفى يوم السبت استراح جسد الرب يسوع في القبر، واستراح اليهود من وجود الرب في وسطهم، فبكت إياهم على خطاياهم، ولكنهم كسروا السبت حينما فتحوا القبر، وكأنهم يختمون على السبت القديم بكسرهم للناموس.
ولكن السبت القديم كان ظلًا للسبت الجديد؛ أي أول الأسبوع في فجر الأحد عندما قام الرب من الأموات قاهرًا الموت الذي قتل الجميع.
لقد كانت راحة الرب في القبر راحة رمزية. وكانت راحة اليهود وهمية، ولكن الكنيسة قد استراحت راحة حقيقية حينما أبصرت مخلصها وقد قام من الأموات وفرح التلاميذ إذ رأوا الرب.
ومنذ فجر الأحد إلى عشية ذلك اليوم استمرت بشرى القيامة تسرى وتعمل عملها في حياة التلاميذ وأشرق فجرًا جديدًا على حياة البشرية،وكان الرب قد أكمل عمله في يوم السبت حيث نقل الأرواح من الجحيم إلى الفردوس وهو العمل الذي بدأه يوم العمل الذي بدأه يوم الجمعة حينما سلم روحه الطاهرة في يدي الأب. وأحتفل الفردوس مع قديسيه ببداية الأحد وبقيامة الرب من بين الأموات واستراح قلب الله أيضا عندما دبت الحياة في جسم بشرتينا. وبعد ذلك ظهر السيد المسيح لتلاميذه في يوم الأحد (الأحد الجديد) وهو اليوم الذي جعلته الكنيسة من الأعياد السيدية الصغرى وهو العيد الذي تغيرت فيه راحة الكنيسة ومفهوم الراحة من راحة السبت إلى الأحد. وهو اليوم الثامن من القيامة.
وبعد ذلك نقرأ في سفر أعمال الرسل والذي يحكى قصة الكنيسة الأولى أنهم كانوا يجتمعون يوم الأحد "وفى أول يوم من الأسبوع. إذا كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزا خاطبهم بولس وهو مزمع أن في الغد وأطال الكلام إلى نصف الليل" (أع 20: 7).
وكذلك كان التلاميذ يجمعون عطاياهم لمساعدة الكنيسة في يوم الأحد "ففي أول الأسبوع. ليضع كل منكم جانبًا ما تيسر له مما يكسبه" 1 كو 16: 2.
وفى سفر الرؤيا يقول القديس يوحنا "وفى يوم الرب (الأحد) صرت في الروح" 1: 10 فقد دعا القديس يوحنا يوم الأحد يوم الرب.
والنتيجة هي أنه ينبغي أن نعبد الله كل يوم ولكن أيضًا ينبغي أن نكرس يوم للرب نعبد فيه الرب. نقدسه للرب ولنختم هذه الفقرة مع قول أحد الآباء.
[يذهب المسيحيون إلى بيت الرب في يوم الأحد في أول الأسبوع، ولكنهم هم أنفسهم قد صاروا بيتًا للرب مبنيين كحجارة حية على أساس الأنبياء والرسل ويسوع نفسه حجرًا للزاوية. يذهب المسيحيون إلى بيت الرب وفى داخلهم رب البيت "وبيته نحن" عب 3: 6].