رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرسالة الثالثة عشر أحييكم في روح الوداعة المحب للسلام والذي يهب مذاقاً حلواً في نفوس الأبرار، لأن الروح (القدس) لا يحل في أي نفس، بل فقط في هؤلاء الذين تطهروا تماماً من أهوائهم، لأنه قدوس ولا يحل في أي نفس غير طاهرة. وهكذا، لم يعط الرب هذا الروح للرسل إلا بعدما تطهروا، لذلك اعتاد أن يقول لهم: "وإن ذهبت أرسل لكم الروح المعزى روح الحق الذي يرشدكم كل شيء" (يو16: 7، 13)، لأن هذا الروح منذ هابيل ونوح وحتى هذا اليوم، لا يهب نفسه إلا لنفوس هؤلاء الذين تطهروا تماماً، لأن الروح الذي يظلل النفوس الأخرى، ليس هو الروح (القدس)، بل هو روح التوبة، ومتى ظلل روح التوبة على النفوس، يدعهم ويغسلوا من كل أدناسهم، ويطهرهم تماماً، ثم يقدمهم إلى الروح القدس الذي لا يكل بدوره عن أن يسكب عليهم شذا وحلاوة وتعزية كما هو مكتوب (من عرف مسرة الروح إلا أولئك الذين جعلهم مسكناً له؟" وقليلون هم الذي حُسبوا مستحقين لروح التوبة، أما روح الحق فيسكن فقط في بضعة نفوس في كل جيل. وكما أن اللؤلؤة الكثيرة الثمن لا توجد في كل بيت، وقد لا توجد حتى في قصور الملوك، كذلك أيضاً الروح لا يوجد غلا في نفوس الأبرار المكملين (الذين نالوا الكمال)، لذلك هؤلاء الذين حُسبوا مستحقين له، يشكرون الله شكراً عظيماً قائلين: "نسبحك يا الله لأنك منحتنا الروح الذي تهبه لخدامك"، وجميع الأبرار الذين أُرسل إليهم الروح شكروا الله، لان هذه هي اللؤلؤة التي يحدثنا عنها الإنجيل (مت13: 44) التي باع الرجل كل مل له واشتراها، هذا هو الكنز المخفى في الحقل الذي وجده إنسان وفرح جداً، ويتساوى لديهم النهار والليل، ويملأ أرواحهم بينما لا يزالون بعد في هذه الخيمة (الجسد). لقد عرفتكم بعطية الروح، وأريدكم أن تعرفوا أنه منذ اليوم الذي رحلت فيه عنكم، أنجحني الله في كل شيء حتى أتيت إلى موضعي، والآن أنا في وحدتي، يُنجح طريقي أكثر ويسندني سواء علانية أو في الخفاء، وكنت أتمنى أن تكونوا بجواري لأجل الاستعلانات المُعطاة لي، فكل يوم تختلف عن التي قبلها. لكنى أريدكم أن تعرفوا ما هي التجربة: انتم تعلمون أن التجربة لا تأتى على الإنسان إلا إذا أُعطى الروح، ومتى أعطى الروح يُسلم إلى الشيطان ليجربه، لكن من الذي يسلمه؟ روح الله (هو الذي يسلمه) لأنه من المستحيل أن يجرب الشيطان إنساناً مؤمناً إلا إذا أسلمه الله ليُجرب، لذلك، عندما تجسد ربنا وصار مثالاً لنا في كل شيء، وبعدما -من أجل تعليمنا وتهذيبنا في البر- اعتمد وحل عليه الروح في هيئة حمامة، قاده الروح إلى البرية ليُجرب، ولم يقو الشيطان عليه. وقوة الروح تقوى الإنسان أكثر بعد التجارب وتضيف إلى قامته، وهكذا كانت تجربتي، فتماماً كما أنه عندما نزل ربنا من السماء، وجد جواً مظلماً، وعندما كان على وشك النزول إلى الجحيم، رأى جواً آخر أثقل من الأول وأكثر إظلامًا،قال: "نَفْسِي حَزِينَةٌ" (مت26: 38) كذلك انا أيضاً، كنت في ذلك الوقت منزعجا متألماً من شتى أنواع التجارب، وحزنت، لكنى أمجد الله الذي أخدمه منذ شبابي بكل قلبي، لأنه رفعني من ذلك الجو المظلم ورفعني فوق العلو الأول (أي صار في ارتفاع أكثر مما كان قبل التجربة)، وأنا اعتقد أن هذه التجربة الأخيرة. ويوسف عندما بلغ أخباره الأخير في السجن (قارن تك29: 20) انزعج أكثر من انزعاجه في كل التجارب السابقة، أما بعد السجن، الذي هو صورة للجحيم، فقد أعطى كرامة عظيمة لأنه صار ملكاً (تك41: 40) ومنذ ذلك الوقت لم تتعبه أي تجربة أخرى، وهكذا عرفتكم في أي تجربة كنت أنا، وفي أي حال أنا هذه الأيام. بعد أن كتبت هذه الرسالة، تذكرت كلمة مكتوبة في حزقيال تتضمن مثالاً للإنسان الكامل، فقد رأى مخلوقاً حياً عند نهر خابور له أربعة أوجه وأربعة أقدام وأربعة أجنحة، ووجوهه كانت وجه كروب، وجه إنسان، وجه ثور (وردت في الترجمة العربية المتداولة: أسد، ولكننا هنا ترجمنا نص الرسالة كما هو.)، وجه نسر (حز10: 14). وجه الكروب يُرى عندما يحل روح الله في النفس ويحثها على التسبيح بصوت عذب جميل، أما عندما يريد الروح أن ينهض ويسعى وراء إنسان، يتخذ وجه إنسان، ما هو الثور إذا إلا الروح عندما يساعد النفس المؤمنة في حربها ويعينها كثور قوى يستطيع أن يهزم الشيطان؟ وما هو وجه النسر؟ أن النسر يحلق عالياً كما لو كان لها وجه نسر، يحل الروح (القدس) فيها ويجعلها تظل عالية بالقرب من الله. إن هناك الكثير عن هذا المخلوق الحي الذي لم أقل عنه إلا القليل فقط، لكن إذا صليتم، سأحضر إليكم، وستدخلون بيت لحم، وهناك نوفى نذورنا ونصعد محرقاتنا التي وهدت بها شفاهنا (مز66: 13) وبعد ذلك سنفسر هذا المخلوق الحي بحسب قدرتنا، لأن "بيت لحم" يُفسر "بيت الله"، لذلك يُسر الله ببيته المدعو باسمه، وحزقيال هو كل من يرى هذا المخلوق الحي. حيوا كل من له شركة في تعب وعرق آبائهم في التجربة، كما يقول يوحنا أيضاً في موضع ما: "بعرق النفس يتمجد الله" وهكذا ببذور عرقها، تصير النفس شريكة مع الرب، ومثل هؤلاء يصيرون أيضاً شركاء في ثماره، لأنه مكتوب "إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ" (رو8: 17) وما بعدها. والرب قال لتلاميذه: "أَنْتُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعِي فِي تَجَارِبِي، وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا، لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي، وَتَجْلِسُوا عَلَى كَرَاسِيَّ" (لو22:28 -30). أنتم ترون أن هؤلاء الذين كانوا شركاء معنا في الأتعاب، قد جُعلوا أيضاً شركاء ف الراحة، والشريك في الخزي هو شريك أيضاً في المجد، لذلك قيل أيضاً في كتب الآباء: "الابن الصالح يرث البكورية وبركة آبائه"، فالأمر يتعلق بما نبذره، إنه بذر الله، والأبناء الصالحون هم الذين يرثون بكوريتنا وبركتنا... لكن اهتموا أنتم جداً كمعلمين صالحين بهؤلاء المسئولين منكم، إذ صالحة. نحن نعلم أنكم معلمون ومربيون بارعون، لكن تذكروا أنه من أجل هذه البذرة، ترككم الله في هذه الخيمة. وداعاً في ربنا. في روح السلام الوديع الذي يسكن في نفوس الأبرار. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الرسالة العاشرة من رسائل القديس أموناس |
الرسالة الثامنة من رسائل القديس أموناس |
الرسالة السابعة من رسائل القديس أموناس |
الرسالة السادسة من رسائل القديس أموناس |
الرسالة الثالثة من رسائل القديس أموناس |