03 - 06 - 2014, 04:38 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
* يجب ألا نصلى لكي نعرف المستقبل، أو نطلب هذه المعرفة كأجر لنسكنا، بل لتكن صلاتنا لكي يكون الرب معنا معينًا لنا للنصرة على إبليس، وإن حدث إننا رغبنا مرة في معرفة المستقبل لمجد الله فلنكن طاهري الذهن، لأنني اعتقد أنه إن تطهرت النفس تمامًا، وكانت في حالتها الطبيعية، استطاعت أن ترى أكثر وأبعد من الشياطين لنقاوة نظرها، ولأن الرب يعلن لها، كنفس إليشع التي رأت جيوش الملائكة واقفة بجوارها. * وحتى إن مدحت نسككم ودعتكم كمباركين فلا تصغوا إليها ولا تكن لكم معاملات معها. بل بالأحرى ارشموا ذواتكم وبيوتكم، وصلوا تجدوها قد انقشعت. لأنها في غاية الجبن، وتخشى جدًا علامة صليب الرب طالما كان الرب قد جردها بالحق وأشهرها جهارًا. أما إذا ثبتت بلا خجل، مغيرة هيئتها وشكلها فلا تخشوها ولا تنزعجوا، ولا تستمعوا إليها كأنها أرواح صالحة. لأنه بمساعدة الله يسهل تمييز وجود الخير أو الشر، فرؤية القديسين لا تقترن بالذهول أو الحيرة " لأنهم لا يخاصمون ولا يصيحون ولا يسمع أحد في الشوارع صوتهم". إذ تأتى بهدوء ورقة حتى أنه للحال يحل في النفس الفرح والبهجة والشجاعة لأن معهم الرب الذي هو فرحنا، فتبقى أفكار النفس غير مضطربة أو منزعجة، إذ تتملكها محبة الإلهيات ومحبة الأشياء العتيدة. ولكن إن كان البعض -وهم بشر- يخافون رؤية الصالحين فإن الذين يظهرون ينزعون الخوف في الحال كما فعل جبرائيل في حالة زكريا وكما فعل الملاك الذي ظهر للنسوة عند القبر المقدس وكما فعل ذاك الذي قال للرعاة في الإنجيل " لا تخافوا " فخوفهم لم ينشأ عن الجبن بل عن الإحساس بحضور كائنات أعلى. إذًا فهذه هي طبيعة رؤية الصالحين. * أما إغارات الأرواح الشريرة ومظاهرتها فتكون مقترنة بالاضطراب والطنين، وأصوات وصراخ، كالشغب الذي يحدث من الصبية الأردياء. ومن ذلك ينشأ الخوف في القلب والاضطراب في الفكر والكآبة وكراهية الذين يعيشون حياة النسك، وعدم المبالاة والحزن وتذكر الأهل، والخوف من الموت، وأخيرًا الرغبة في الشرور، وعدم احترام الفضيلة، والعادات غير المستقرة. |
||||
03 - 06 - 2014, 04:38 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
* لذلك فكلما رأيتم أي شيء وخفتم، فإن انتزع خوفكم في الحال، وحل محله الفرح الذي لا يعبر عنه، والغبطة والشجاعة والقوة المتجددة وهدوء الفكر وكل ما ذكرته سابقًا والجرأة والمحبة من نحو الله، فتشجعوا وصلوا لأن الفرح واستقرار النفس وطمأنينتها تدل على قداسة ذاك الذي حل. هكذا فرح إبراهيم عندما رأى الرب ويوحنا أيضًا فرح عند سماع صوت مريم حاملة الله. * أما إذا حدث عند ظهور أي شخصية اضطراب، وصخب ومظاهر عالمية، وتهديد بالموت وما إلى ذلك فأعلموا أن هذا هجوم من الأرواح الشريرة. * ولتكن هذه أيضًا علامة لكم. إذا ما بقيت النفس منزعجة كان هذا ومعناه وجود الأعداء. لأن الشياطين لا تنزع الخوف المنبعث من حلولها كما فعل رئيس الملائكة العظيم جبرائيل مع مريم وزكريا. وكما فعل ذلك الذي ظهر للنسوة عند القبر. ولكنها بالحري كلما رأت الناس خائفين إذ ازدادت في طغيانها لكي يزدادوا خوفًا وفي أخر هجوم تهزأ بهم قائلة خروا واسجدوا. هكذا أضلت الوثنيين، وهكذا اعترفوا بها آلهة، زورًا وبهتانًا. أما الرب فلن يسمح لنا بأن يضللنا إبليس. لأنه كلما صوب نحوه ضلالات كهذه انتهره قائلًا اذهب عنى يا شيطان "لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد". |
||||
03 - 06 - 2014, 04:39 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
* إذًا فلنحتقر المضل أكثر فأكثر، لأن ما قاله الرب، فعله من أجلنا حتى إذا ما سمعت الشياطين منا كلمات مماثلة هربت من قبل الرب الذي أنتهرها بتلك الكلمات. * ثم لا يليق الافتخار بإخراج الشياطين، ولا الانتفاخ بشفاء الأمراض كذا لا يليق أن يرفع من شأن من يخرج الشياطين، أو أن يحقر من شأن من لا يخرجها، بل ليعرف المرء نسك كل واحد، لأن عمل الآيات ليس من اختصاصنا بل هو عمل المخلص، ولذا فقد قال لتلاميذه "لا تفرحوا بهذا إن الأرواح تخضع لكم بل أفرحوا أن أسمائكم كتبت في السموات" لأن كتابة أسمائنا في السموات دليل على حياتنا الفاضلة، أما إخراج الشياطين فهو هبة من المخلص الذي وهبها. أما أولئك الذين افتخروا بالآيات لا بالفضيلة وقالوا " يا رب باسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة " فقد أجابهم " الحق أقول لكم إنى لا أعرفكم"، لأن الرب لا يعرف طريق الأئمة لكن يجب علينا أن نصلى دومًا، كما قلت أنفًا، لكي نحصل على موهبة تمييز الأرواح، حتى كما هو مكتوب لا نصدق كل روح. |
||||
03 - 06 - 2014, 04:39 PM | رقم المشاركة : ( 24 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
* كنت أود أن لا أطيل الكلام، ولا أقول شيئًا من عندي اكتفاء بما ذكرت، ولكن لئلا تظنوا إنني أتكلم كيفما أتفق، أو أخبط عشوائيًا أو تتوهموا إنني أسرد هذه التفاصيل بدون خبرة أو بعيدًا عن الصواب لأجل هذا ولو صرت كغبي إلا أن الرب الذي يسمع يعرف نقاوة ضميري، وإنني لست من أجل نفسي بل من أجل محبتكم لي وإجابة لطلبكم أخبركم مرة أخرى ما رأيته من تصرفات الأرواح الشريرة. فكم من مرة دعتني مغبوطًا فانتهرتها باسم الرب، كم من مرة تنبأت بارتفاع النهر فأجبتها " ما لكم به". ومرة أتتني مهددة، وأحاطت بي مسلحة تمام التسليح. ومرة أخرى ملأت البيت خيلًا وحيوانات برية وزحافات، هؤلاء بالمركبات وهؤلاء بالخيل. أما نحن باسم الرب إلهنا نفتخر، ولدى الصلاة هربت بقوة الرب. ومرة أتت في الظلام وقالت " أتينا لنقدم إليك نورًا يا أنطونيوس. أما أنا فأغمضت عيني وصليت، وللحال أنطفأ نور الأشرار. وبعد ذلك ببضعة شهور أتت كأنها ترنم المزامير وتتحدث بكلمات الكتاب أما أنا فكأصم لم أسمع". ومرة هزت الصومعة بزلزلة، ولكنني استمررت أصلى بقلب لا يتزعزع. بعد هذا جئت ثانية مزمجرة تصفر وترقص. ولكن إذا صليت واضطجعت مرنمًا المزامير لنفسي بدأت للحال تبكى وتنتحب، كأن قوتها قد خانتها. على إنني أعطيت المجد للرب الذي أذلها ودحر قوتها وجرأتها.
|
||||
03 - 06 - 2014, 04:39 PM | رقم المشاركة : ( 25 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
* ومرة جائني شيطان طويل القامة جدًا، وظهر في عظمة وفخامة وتجاسر أن يقول "أنا قوة الله، وأنا العناية الإلهية". كل ما أردته أعطيتك، أما أنا فنفخت فيه ونطقت باسم المسيح، وللحال اختفى هو وكل شياطينه أمام اسم المسيح رغم ضخامة حجمه. ومرة أخرى إذ كنت صائمًا أتى مليئًا بالمكر في شكل راهب ومعه شبه أرغفة ونصحني قائلًا، كل وكف عن أتعابك الكثيرة. أنت أيضًا إنسان، وقد تعرض نفسك للمرض، أما أنا فإذ أدركت حيلته قمت للصلاة، ولكنه لم يحتمل ذلك لأنه انصرف وخرج من الباب كدخان. * وكم من مرة أظهر في الصحراء ما يشبه الذهب، حتى ألمسه مجرد لمس وأتطلع إليه ولكنني رتلت المزامير ضده فاختفى. * وكثيرًا ما أراد ضربي بجلدات، فكنت أكرر مرارًا وتكرارًا لن يفصلني شيء عن محبة المسيح". ولم أكن أنا الذي صددتها وحطمت قوتها، بل الرب الذي قال " رأيت الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء"، أما أنا يا أبتاي فإذا تذكرت كلمات الرسول حولت هذا تشبيهًا إلى نفسي لكي تتعلموا أن لا تخوروا في النسك أو تخشوا أبليس أو أصاليل الشيطان،. |
||||
03 - 06 - 2014, 04:40 PM | رقم المشاركة : ( 26 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
* وإن كنت قد صرت غبيًا بسرد هذه الأمور فأقبلوا هذا أيضًا كمساعد على نجاتكم وعدم خوفكم، وصدقوني لأنني لست أكذب. مرة قرع واحد باب صومعتي، وإذ خرجت وجدت شخصًا طويلًا كبير الحجم، ولما سألته من أنت، قال أنا الشيطان. ولما قلت لماذا جئت هنا، أجاب لماذا يلومني الرهبان وسائر المسيحيين بغير حق؟ لماذا يلعنونني كل ساعة؟؟ عندئذ أجبت ولماذا تضايقهم؟ فقال لست أنا الذي أضايقهم بل هم الذين يضايقون أنفسهم، لأنني قد أصبحت ضعيفًا. ألم يقرأوا. تلاشت سيوف العدو وأنت أخرجت المدن، ليس لي فيما بعد مكان، أو سلاح أو مدينة. فالمسيحيون منتشرون في كل مكان، وأخيرًا امتلأت حتى الصحراء بالرهبان فليحترسوا لأنفسهم، ولا يلعنونني بغير حق. عندئذ عجبت من نعمة الرب وقلت له أنت كذاب أبدًا، ولا تقول الصدق قطعًا، وهذا قلته بالصدق أخيرًا رغم إرادتك. لأن مجيء المسيح جعلك ضعيفًا، وهو قد طرحك إلى أسفل وجردك. أما هو فقد اختفى إذا سمع اسم المخلص، ولم يستطع أن يحتمل لهيبه.
|
||||
03 - 06 - 2014, 04:40 PM | رقم المشاركة : ( 27 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
* وإن كان إبليس قد أعترف بنفسه أن قوته قد تلاشت وجب أن تحتقره شياطينه احتقارًا تامًا. وطالما كان العدو وكلابه ليس لها سوى حيل من هذا القبيل فإننا إذ عرفنا ضعفها نستطيع احتقارها، إذا وجب أن لا تخور عزائمنا، أو يتسرب الجبن إلى قلوبنا، أو نصور المخاوف لأنفسنا قائلين. أنا خائف لئلا يأتي شيطان ويحطمني لئلا يرفعني إلى أعلى ويطرحني إلى أسفل، أو لئلا يثور على بغتة فيزعجني. * مثل هذه الأفكار يجب أن لا تخطر ببالنا قطعًا، ويجب أن لا نحزن كأننا قد هلكنا. بل بالأحرى لنتشجع ونفرح دومًا واثقين إننا آمنون. لنذكر في نفوسنا أن الرب معنا، الذي طارد الأرواح الشريرة وحطم قوتها. لنذكر ولنضع في قلوبنا أنه طالما كان الرب معنا فأن أعداءنا لن يستطيعوا إيذاءنا. لأنها عندما تأتى تقترب إلينا في صورة تتفق مع الحالة التي تجدنا فيها وتجعل خداعها موافقًا للحالة الفكرية التي تخامرنا. فهي إن وجدتنا في حالة جبن واضطراب اقتحمت المكان في الحال كلصوص إذ تجده بغير حراسة. وتفعل ما تجدنا مفكرين فيه بل وأكثر أيضًا. لأنها إن وجدتنا خائري القلب وجبناء ازدادت في إرهابنا بعنف بتضليلاتها وتهديداتها. وبهذه تتعذب النفس التعسة من ذلك الحين. أما إن وجدتنا فرحين في الرب، متأملين في سعادة المستقبل مسلمين له كل شيء إلى يده، وواثقين أنه لا قوة لأي روح شرير ضد المسيحي ولا أي سلطان على أي واحد قطعًا. فإنها إن رأت النفس متحصنة بهذه الأفكار اندحرت ورجعت إلى الوراء. هكذا عندما رأى يهوذا غير متيقظ أخذه أسيرًا. |
||||
03 - 06 - 2014, 04:40 PM | رقم المشاركة : ( 28 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
* وهكذا إن أردنا احتقار العدو فلنتأمل دومًا في الإلهيات، ولتفرح النفس في الرجاء. وعندئذ نرى فخاخ الشيطان كالدخان، والأرواح الشريرة نفسها تهرب بدلًا من أن تتابعنا، لأنها كما قلت شديدة الخوف جدًا، تتوقع دائمًا النار المعدة لها. * ولعدم الخوف منها تمسكوا بهذه العلامة الأكيدة: كلما ظهر لكم شبح فلا يستولى عليكم الخوف، بل مهما كانت شخصيته أسألوا أيضًا بجسارة: من أنت، ومن أين أتيت؟ فإن كانت الرؤية للقديسين طمأنوكم وبدلوا خوفكم إلى فرح. أما إن كانت الرؤية من إبليس ضعف في الحال إذ يرى ثباتكم العقلي. لأن مجرد السؤال: من أنت. ومن أين أتيت، برهان على عدم اكتراثكم، بسؤال كهذا عرف ابن نون من هو معينه، كما أن دانيال لم يترك العدو دون توجيه السؤال إليه. |
||||
03 - 06 - 2014, 04:41 PM | رقم المشاركة : ( 29 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
* وبينما كان أنطونيوس يتحدث بهذا الكلام كان الجميع مغتبطين. وفي البعض زادت محبة الفضيلة، وفي الآخرين طرح جانبًا الإهمال والتراخي وتلاشى الغرور من غيرهم. واقتنع الجميع بضرورة احتقار هجمات الشرير وعجبوا بالنعمة المعطاة لأنطونيوس من قبل الرب لتميز الأرواح. وهكذا صارت صوامعهم في الجبال كهياكل مقدسة، مكتظة بجماعة الأتقياء الذين كانوا يرنمون المزامير، ويحبون القرأة ويصومون ويصلون، ويفرحون برجاء الأمور العتيدة، ويكدون في أعطاء الصدقة ويحتفظون بمحبة بعضهم البعض والوفاق بعضهم مع البعض. وحقًا لقد كان ممكنًا رؤية أرض منعزلة مليئة بالتقوى والعدل لأنه لم يكن فيها فاعل شر، أو مظلوم بل بدلًا من ذلك جماهير من النساك، والهدف الوحيد للجميع هو الفضيلة وهكذا كان كل من يرى هذه الصوامع ثانية ويرى مثل هذا النظام الجميل بين الرهبان، كان يرفع صوته ويقول "ما أحسن مساكنك يا يعقوب خيامك يا إسرائيل كأودية ظليلة كجنات على نهر. كخيام أقامها الرب كارزات على مياه". _____ (*) المراجع: 1- حياة الأنبا أنطونيوس * بقلم البابا أثناسيوس الرسولي 2 الفيلوكاليا * القمص تادرس يعقوب 3 أقوال الآباء الشيوخ * منشورات النور 4 أقوال القديس الأنبا انطونيوس - القمص إشعياء ميخائيل |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|