مقدمة عن الآباء المدافعين
أولًا: لماذا حوربت المسيحية:
* المسيحية عندما ظهرت كدين جديد حُوربت من ثلاث فئات هم: اليهود، والوثنيون وبعض من الفلاسفة. أما أسباب مناهضة هذه الفئات الثلاث للمسيحية كديانة جديدة ويمكننا تلخيصها في الأتي:
1 - الدهماء والرعاع من الشعب:
* هاجموا المسيحية معللين عملهم هذا بأن آباء هذه الديانة المسيحية يهاجمون ويناهضون العادات والتقاليد المتوارثة لديهم.
2- المنتفعون من كهنة المعابد الوثنية والسحرة والمشعوذون:
* وجميع الذين يعتنقون العبادات الوثنية رأوا أن المسيحية هي سبب في تزلزل أرضيتهم وزعزعة مكانتهم الدينية، مما كان له تأثيرًا قويًا على أرزاقهم.
3- اليهود:
* رأوا في المسيحيين جاحدين لعقيدة موسى والأنبياء بل ومقاومين لها.
4- الفلاسفة اليونانيون:
* كانوا يسخرون من مبادئ المسيحيين ومعتقداتهم ويرون أنها حماقات وغباوة ولا تجذب سوى غير المثقفين والمنحطين فكريًا.
5 - وأخيرًا رجال الدولة والحكام الرسميون:
* الذين كانوا يؤمنون بتعدد الآلهة (الشرك) ويعملون على نموّ هذه المعتقدات وحمايتها فقد رأوا في هؤلاء المسيحيين أنهم مندوبين لإبادة معتقداتهم ويعملون على زعزعة أساساتهم.
ثانيًا: الكتابات الدفاعية:
* وعليه فمن بداية القرن الثاني الميلادي وضع المسيحيون على عاتقهم أن يكتبوا الدفاعات ضد اليهود من جهة والوثنيين من جهة أخرى.
1- دفاعات ضد اليهود:
* كانت طبيعية ومنظمة وبدايتها كانت حول قانونية العهد الجديد ولاسيما إنجيل القديس مرقس وسفر أعمال الرسل.
ومن أشهر الذين كتبوا دفاعات حول هذه المشاكل هم :
* القديس يوستينوس الشهيد والفيلسوف (الحوار مع تريفوناس).
* أريستون البيلى (معارضة بابسكو وياسونوس حول المسيح).
* أبوليناريوس ياروبوليوس (ضد اليهود) وآخرون.
2- دفاعات ضد الوثنيين:
* وكانت تهدف إلى تفنيد اتهاماتهم وسوء ظنهم بالمسيحيين. فكانوا قد اتهموا المسيحيين بثلاثة اتهامات خطيرة هي:
* الكفر والإلحاد.
* ارتكاب الفحشاء (المعاشرات الأوديبية).
* أكل لحوم البشر (ولائم ثيستن).
3- دفاعات ضد ما يسمى جرائم تتعلق بالاسم (مسيحي)
* وذلك بحسب تشريعات تراجان (تريانون) إذ هو أول إمبراطور أعلن أن المسيحية ديانة محرمة، كما وضع تشريعات صارمة ضد الهيئات والجماعات السرية،التي أُعتبرت اجتماعات المسيحيين الدينية نوعًا منها نظرًا لأنً المسيحيين كانوا يجتمعون للصلاة في السراديب. ومن الآباء الذين كتبوا دفاعات ضد التهم السابقة:
* كوادراتوس (الدفاع)
* أرستيذيس الذي كتب دفاعه (من أجل الإيمان).
* أريستون البيلي (معارضة بابسكو وياسونوس حول المسيح)
* يوستينوس الشهيد والفيلسوف (الدفاع الأول والدفاع الثاني).
* أثيناغوراس (دفاع من أجل المسيحيين).
* وفي وقت لاحق كليمندس الأسكندري (كتاب المربى).
* أوريجانوس (ضد كلسوس).
ثالثًا: الموضوعات التي تناولها المدافعون في دفاعهم عن المسيحية
المدافعون عمومًا تناولوا في دفاعاتهم شرح ستة موضوعات هي:
1- ارتكاب الفحشاء، والاستهزاء من عبادة الأوثان واعتبارها أساطير، والسخرية من الآلهة القديمة.
) 2- أكدوا على أقدمية المسيحية بين العهدين (القديم والجديد).
3- ركزَّ المدافعون على سمو الأخلاق المسيحية ولاسيما فضيلة المحبة التي كان لها تأثيرها القوى في تكوين مجتمع نموذجي.
4- أكَّدوا على أنَ إعلانات ونبوات أنبياء العهد القديم عن المسّيا تحققت في شخص السيد المسيح.
5- شدَّد المدافعون على أن المسيحية هي الحقيقة المطلقة لأن كلمة الله المتجسد كشف (أعلن) عن الفلسفة الإلهية التي هي المسيحية.
6- أما فيما يتعلق بمعجزات السيد المسيح فقد تم شرحها مع بعض تحفظات وذلك لوجود الكثيرين من المشعوذين والسحرة في ذلك الوقت.
رابعًا: أهم المثقفين الوثنيين الذين هاجموا المسيحية.
1- لوكانيوس الساموساطى (120-200 م.) الذي استهزأ بالقديس بوليكاربوس الشهيد أسقف أزمير وكان لوكيانوس محاميًا وخطيبًا سفسطائيًا متجولًا وفيلسوفًا. وأهم ما كتبه في تحقير المسيحية كتابه عن " موت برغرينوس. وبرغرينوس هذا كان فيلسوفًا وثنيًا ثم أهتدى إلى المسيحية وصار متوحدًا في مصر ولما تم حبسه لكونه مسيحيًا ضعف ثم جحد الإيمان وصار فيلسوفًا كلبيًا وأنهى حياته بيده في دورة الألعاب الأولمبية إذ أحرق نفسه وذلك -حسب ظنه- "ليكلل حياة مثالية بموت مثالي". فأتخذ لوكيانوس من هذه الحادثة دليلًا على بساطة المسيحيين وسذاجتهم في آن واحد فوصف اهتمامهم ببرغرينوس في أثناء وجوده في السجن وبذلهم بسخاء لأجله ثم سخر من سذاجتهم متهكمًا مستخفًا.
2- مركوس كورنيليوس فرونتو (100-166) وكان محاميًا وخطيبًا نوميديًا وهو مُهذب الإمبراطورين "مركوس أوريليوس، ولوكيوس فيروس" وقد هاجم المسيحية كثيرًا في كتبه وإتهم المسيحيين بأكل لحوم البشر.
3- كلسوس الأفلاطوني الجديد (حوالي 178 م) وهو أشهر هؤلاء المتهجمين والمتهكمين على المسيحية إذ أعد أول كتاب جدلي فلسفي ضد الدين الجديد (أي المسيحية) حوالي سنة 178 م. بعنوان (كلمة الحق) وجعل من المسيحية في هذا الكتاب مجموعة خرافات وتعصب فرد عليه أوريجانوس.
* وعلى الرغم من أن كلسوس وافق على عقيدة اللوغوس المسيحية وأثنى على مستوى المسيحيين الأدبي إلا أنه اعترض على بعض العقائد المسيحية واعتبر معجزات وعجائب السيد المسيح أمرًا محالًا وأظهر اشمئزازًا من سرى التجسد والفداء. واستعان كلسوس بالعهد القديم في طعنه للمسيحيين.
_____
(*) المرجع:
1- الآباء المدافعون القمص مينا ونيس