الصوم في جنة عدن
يتفق الآباء على أن الصوم كان هو طبيعة الحياة في الفردوس قبل السقوط كما يتضح من قول القديس باسيليوس: -
الصوم أقدم عهدًا من الناموس.. فليكن في اعتبارنا قدم عهد الصوم، فهو من عمر البشرية، قانون الصوم شرع الفردوس. آدم اخذ الوصية الأولى (من شجرة معرفة الخير والشر لا تأكل) كلمة لا تأكل هو قانون الصوم. فلو كانت حواء قد صامت عن الشجرة لما كنا في حاجة إلى الصوم الآن، وطريقة العيشة في الفردوس كان الصوم طابعها.
(القديس باسيليوس الكبير عظة 1: 3)
أن أول وصية وضعت على طبيعتنا في البداية كانت ضد تذوق الطعام، ولكن سقط رئيس جنسنا آدم، لذلك فان أولئك الذين يجاهدون من اجل خوف الله يجب أن يبدأوا البناء من حيث كانت الضربة الأولى.
ومخلصنا الصالح حينما أظهر نفسه للعالم عند الأردن إبتدأ من هذه النقطة فحينما اعتمد، قاده الروح إلى البرية مباشرة أربعين يومًا وأربعين ليلة، وكل الذين يريدون أن يتبعوا خطواته يجب أن يضعوا أساس جهادهم على نموذج عمله.
هذا السلاح "الصوم" قد صقله الله فمن ذا الذي يجترئ على احتقاره؟ وان كان معطى الناموس نفسه قد صام فكيف لا نصوم نحن الذين وضع الناموس من اجلنا؟
(القديس مار اسحق السرياني)
أننا بالأكل قد انغلبنا في آدم وبالإمساك عن الأكل غلبنا في المسيح، والذي ساد قديما على آدم، قد مضى الآن خائبا، لكي ندوسه تحت أرجلنا.
(القديس كيرلس الكبير - تفسير لو 4: 1)
لم يصم المسيح من أجل نفسه هو -إذ هو الإله- بل لأنه صار إنسانا ومشابها لنا، كان يعيد تشكيل طبيعة الإنسان بكاملها في ذاته إلى حياة مقدسة وبلا لوم،فقد صار (هو متقدما في كل شيء) (كو 1: 18) (حتى إننا أيضًا جميعًا نتبع خطواته) (1 بط 2: 21) ننال في أنفسنا إماتته أي اضمحلال قوة الخطية من أجسادنا فنرتقي إلى الحياة التي بلا لوم.
(القديس كيرلس الكبير - تفسير 2 كو 4: 10)
ليخزى الشيطان بواسطتنا، لأن ما يقوله الرب إنما هو لأجلنا، لكي إذ تسمع الشياطين من كلمات كهذه تهرب خلال الرب الذي انتهرها بهذه الكلمات.
(العظيم الأنبا أنطونيوس)