عهد الخديو إسماعيل
إذ رأى في البابا ديمتريوس الثاني (111) حبه في نشر التعليم كسابقه البابا كيرلس الرابع منحه ألفا وخمسمائة فدان للمدارس القبطية. كما ساعده في مقاومة الإرساليات البروتستانتية ربما لأن الخديوي رأى فيها الفرصة لينقل الأجانب إلى أوروبا صورة عن ظلم الفلاحين.
عندما هاجمت الطوائف البروتستانية الكنيسة القبطية وأحرقوا أيقوناتها شكاهم البابا للخديوي فأمر بنفيهم، لكن قام قنصلا أمريكا وانجلترا بحمايتهم.
يعتبر إسماعيل أكثر الولاة من أسرة محمد على تسامحا، فعين من الأقباط واصف بك عزمي كبير التشريفاتية كما عين عبدالله بك سرور مديرا للقليوبية، وأعيد تجنيد الأقباط بصورة منتظمة.
عندما تحدث الخديوي مع نوبار باشا عن انتخاب مجلس شورى للنواب قال له: "عندنا أقباط أيضا بين المنتخبين، وقد فتحنا الأبواب للمسلمين والأقباط دون تمييز". وكان من بين أعضاء مجلس شورى النواب سنة 1866 قبطيان هما: جرجس برسوم عمدة بنى سلامة، ميخائيل سلامة عمدة أشروبة.
هذا وكما قلنا أن طبقة الأعيان في مصر كادت تتلاشى في عهد محمد على لاحتكاره كل الموارد، ولم تقم الملكية الفردية إلا باللائحة السعيدية سنة 1858، لكنها كانت ملكية ناقصة إلى أن جاء الخديوي إسماعيل فأطلق الأيدي للعمل وامتلاك الأراضي، فوجد الأقباط الفرصة سانحة فاهتموا بالتجارة خاصة مع السودان فصارت لهم ثروة طائلة، وأقام تادرس المنقبادى شركة مساهمة بأسيوط سنة 1884 للاتجار في الأدوات المنزلية، من عشورها اشتريت أراض أوقفت على مدرسة الأقباط بأسيوط، كما ابتكر ذات الشخص سنة 1890 إنشاء صناديق توفير في المدن قبل قيام مصلحة البريد بهذا العمل؛ وأنشأت عائلة ويصا بقطر مصنعًا لعصر قصب السكر وتكريره سنة 1896 كما اشترت معظم أسهم شركة سكك الحديد بالفيوم، وأنشأ بشرى بك وسينوت بك بنكا في الصعيد لحماية التجار من المرابين، في التعيينات القضائية صدرت الأوامر العالية تضم أسماء أقباط كقضاة.
أما بالنسبة للوزراء فلم يعين وزير قبطي إي في عهد الخديوي عباس، وكان الوزير القبطي الوحيد حتى سنة 1910، وهو بطرس غالى باشا... وإن كان عهد عباس كان قاسيا على الأقباط. إذ كان شديد البغضة للمسيحيين فأخرج كثير من الأقباط من خدمة الدولة، وطلب من المباشرين (العاملين في الضرائب) أن يقوموا بتدريب طلبة أحداث لاستلام أعمالهم مهددا بإلقائهم في النيل إن لم يحققوا له ذلك خلال عام. وكان البعض إذ ما مضى شهر أو شهرين ولم يظهر الطالب استعدادا للتعلم يستعد المباشر للموت، لكن يد الله العجيبة أنقذتهم إذ لم يمض العام حتى سقط عباس الأول صريعا في قصره سنة 1854م (4).
في أيام توفيق باشا الذي خلف إسماعيل سنة 1879 م حضر وفد من قبل ملك إثيوبيا يحمل هدايا نفيسة للخديوى والبابا، ويطلب من توفيق باشا استمرار علاقات الود بينهما.