" من الأعماق صرخت إليك يا رب "
(مز130:1) .
ما معنى من الأعماق ؟ إنها ليست صلاة الشفتين أو مجرّد تحريك اللسان , التي تخرج دون أن يكون للفكر أو القلب نصيبٌ فيها ! إنها صلاةٌ من عمق القلب , تخرج بحرارةٍ شديدةٍ و غيرةٍ متّقدة . إن صلاةً كهذه تستقيم صاعدةً أمام الله بشدةٍ و بأسٍ و لا يمكن أن تتزعزع أو تطيش , حتى و لو هاجمها الشيطان بكلّ ما أوتي من جرأةٍ و وقاحة . و لكن تلك الصلاة الهزيلة التي تخرج من ا...لفم فقط , التي يكون مبدؤها اللسان و نهايتها الشفتين , هذه لن تصل إلى الله لأنّ القلب لم يشترك فيها . و كلّ من يصلّي هكذا فهو الذي تتحرّك شفتاه و قلبه فارغ ٌ و عقله بليدٌ و متكاسل .
إنّ الرب لا يطلب تنسيق الكلام و مهارة تركيب الألفاظ , بل يطلب حرارة النفس و غيرتها . و كلّ من يتقدّم بهذه الغيرة و الحرارة و يتكلّم أمامه بما يشعر و هو راضٍ عما يقدّمه , يخرج من لدن الرب و قد نال كلّ شيء .
القديس يوحنا الذهبي الفم