24 - 03 - 2014, 07:27 PM | رقم المشاركة : ( 31 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب داود الملك التائب - الأنبا بيشوي
فرح التوبة ربما نجد إنسانًا مرتكبًا جبلاً من الخطايا، ويجلس مع الأب الكاهن ويسرد خطايا تطن لها الأذن، ويأخذ الحِل. ثم يخرج فرحًا وكأنه لم يفعل شيئًا.. هل هذه هي التوبة؟! أين البكاء والحزن على الخطية..؟! فالكتاب المقدس يقول: "اَلْحُزْنُ خَيْرٌ مِنَ الضَّحِكِ لأَنَّهُ بِكَآبَةِ الْوَجْهِ يُصْلَحُ الْقَلْبُ" (جا7 :3)، ويقول السيد المسيح أيضًا: "طُوبَى لِلْحَزَانَى لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ" (مت5: 4). ليتنا عندما نشعر أننا قد أحزنّا قلب الله في أي شيء نبتعد عن روح المرح والضحك والمزاح والفرح الخارجي.. لا تتعجل الفرح، الفرح سوف يأتي كما قال السيد المسيح: "وَلَكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضاً فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ" (يو16: 22)، لكن هذا الفرح يأتي من خلال الحزن.. "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ سَتَبْكُونَ وَتَنُوحُونَ وَالْعَالَمُ يَفْرَحُ. أَنْتُمْ سَتَحْزَنُونَ وَلَكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَحٍ" (يو16: 20). اجعلوا فرحكم يتولد من داخل الحزن.. وإلاّ فسوف يولد حزنكم من داخل الفرح. كما قال داود في مزمور التوبة: "امنحني بهجة خلاصك، وبروح رئاسي اعضدنى" (مز50: 12)، وفي الترجمة البيروتية "رُدَّ لِي بَهْجَةَ خَلاَصِكَ وَبِرُوحٍ مُنْتَدِبَةٍ اعْضُدْنِي" (مز51: 12). إذا عاش الإنسان في الفرح الظاهري في الوقت الذي فيه ينبغي البكاء سوف يجد حزنه قد أتى سريعًا،أما إذا بكى الإنسان على خطاياه وندم وتاب، حينئذٍ يعرف معنى الفرح الحقيقي وبهجة الخلاص كما يقول بولس الرسول: "اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ وَأَقُولُ أَيْضاً افْرَحُوا" (فى4: 4)، وعبارة "فى الرب" تؤكد أن هذا الفرح نابع من خلال الحياة المقدسة في المسيح في الرب.. الإنسان الخاطئ ليس له الحق أن يفرح، أما الإنسان الذي ذاق حلاوة النصرة مع المسيح هو الذي يفرح. وأفراح القيامة تعمل في حياته. فما هي القيامة إلا الانتصار على الخطية والموت. ولذلك نحن لا نقصد أن يعيش الإنسان في كآبة مستمرة، ويعكس كآبته على من حوله. بل ينبغي أن يفرح بالنصرة. |
||||
24 - 03 - 2014, 07:28 PM | رقم المشاركة : ( 32 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب داود الملك التائب - الأنبا بيشوي
بماذا أكافئ الرب ومن ثمار توبة داود ما قاله في المزمور "بماذا أكافئ الرب عن كل ما أعطانيه": (في البيروتية) "مَاذَا أَرُدُّ لِلرَّبِّ مِنْ أَجْلِ كُلِّ حَسَنَاتِهِ لِي؟. كَأْسَ الْخَلاَصِ أَتَنَاوَلُ وَبِاسْمِ الرَّبِّ أَدْعُو" (مز116: 12، 13). أنا أريد أن أكلّم الناس وأخبر بكم صنع بي الرب ورحمني. أريد أن أقول لهم ليتنا نتوب كلنا، ونسرع للتوبة قبل أن ينقضي زمان غربتنا في هذا العالم. هكذا يصير للإنسان غيرة مقدسة ورغبة حارة في خلاص الآخرين، يقول لا يكفى أن أتوب أنا فقط وأرجع لله، إنما يجب علىَّ أن أجذب ورائي آلاف من الناس لكي ينتشر البر وتنتشر محبة الله. وبطريق مباشر أو غير مباشر يصل هذا التأثير إلى نفوس من أكون قد أعثرتهم، أو الأجيال التي سوف تتوارث العثرات التي أنا قد أكون سببتها لهم. يشعر هذا الإنسان أنه مُطالَب أن يعمل عملاً كبيرًا.. مُطالَب أن يصلح ما قد أفسده بخطيئته. وأن يدَّخر لنفسه أجرًا صالحًا ويعمل أعمالاً ترضى الله. يقول في نفسه أنا مديون لله بالكثير، بماذا أكافىء الرب عن كل ما أعطانيه. |
||||
24 - 03 - 2014, 07:30 PM | رقم المشاركة : ( 33 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب داود الملك التائب - الأنبا بيشوي
حياة الاستعداد للملكوت ومن أهم ثمار التوبة أن يضع الإنسان أمام عينيه حياة الاستعداد، وكيف يستعد؟ كما يستعد بالتوبة، يستعد أيضًا بالفضائل الروحية ويضع أمامه الوسائط الروحية التي يستطيع بها أن يدخل ملكوت السموات. ينظر كيف يتعمق في قراءة الكتاب المقدس والتأمل فيه؛ يجتهد لكي يحفظ ألحان وتسابيح الكنيسة؟ ويستعد بأن يتدرب حتى يشعر أن محبة الله تغمر حياته، ويشعر بالامتلاء من الروح القدس. كما يترك عنه الطباع الرديئة وتظهر في حياته الفضيلة، وثمار الروح القدس. أمور كثيرة مطلوبة من الإنسان لكي يكون وارثًا للملكوت، كما قال السيد المسيح: "كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ" (يو15: 2).. ليتك تقوم بسرعة وتسعى في عمل الخير لأن الوقت يجرى ويعدو مثلما قال أيوب في حواره مع أصحابه: "أَيَّامِي أَسْرَعُ مِنْ عَدَّاءٍ تَفِرُّ وَلاَ تَرَى خَيْراً" (أي9: 25)، إذا لم تلحق بالوقت ربما تضيع منك الفرصة. سارع في عمل الرحمة إذا وجدت من هو محتاج أسرع لتعطيه، إن سمعت عن مريض أسرع لتعينه وتهتم باحتياجاته. فالسيد المسيح يقرع بابك ويقول لك "لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَاناً فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوساً فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ" (مت25: 35، 36)، وعندما تسأله: "يَا رَبُّ مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً فَأَطْعَمْنَاكَ أَوْ عَطْشَاناً فَسَقَيْنَاكَ؟. وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيباً فَآوَيْنَاكَ أَوْ عُرْيَاناً فَكَسَوْنَاكَ؟. وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟. فَيُجِيبُ الْمَلِكُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي فَعَلْتُمْ"(مت25: 37- 40). |
||||
24 - 03 - 2014, 07:31 PM | رقم المشاركة : ( 34 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب داود الملك التائب - الأنبا بيشوي
مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة اجلس مع نفسك وفكر ما هو أثمن شيء في حياتك؟ وحسب قول الكتاب نقول إن أثمن شيء في حياة الإنسان هو الوقت، لذلك يقول معلمنا بولس الرسول: "مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ" (أف5: 16)، الدقيقة الواحدة ممكن أن تساوى عمر الإنسان كله، لأن عمر الإنسان هو عبارة عن مجموعة دقائق.. عندما تنظر إلى الساعة، وتلاحظ عقرب الثواني لا يهدأ عن الحركة بل يجرى بسرعة، قل لنفسك: إن الذي يجرى ليس هو عقرب الثواني إنما هو عمري، وتتلاحق الأيام وتتلاحق الساعات والدقائق، ويمضى العمر سريعًا، وكما يقول الكتاب: "لأَنَّهُ مَا هِيَ حَيَاتُكُمْ؟ إِنَّهَا بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلاً ثُمَّ يَضْمَحِلُّ" (يع4: 14). يجب على الإنسان أن يعرف ما هي قيمة الوقت، يجب أن لا يضيع من وقته شيئًا بل يخاف عليه أن يضيع. حياته هي مجموعة دقائق، وكل دقيقة من عمره لها ثمن، فليته يعرف كيف يستفيد بها.. |
||||
24 - 03 - 2014, 07:32 PM | رقم المشاركة : ( 35 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب داود الملك التائب - الأنبا بيشوي
يا رب افتح شفتاي داود النبي في توبته قال في المزمور: "يَا رَبُّ افْتَحْ شَفَتَيَّ فَيُخْبِرَ فَمِي بِتَسْبِيحِكَ" (مز51: 15).. هذه ثمرة من الثمار الروحية في حياة الإنسان التائب. فعليه أن يبحث أين علاقة الحب والمناجاة والتسبيح.. الإنسان الذي لا يعرف كيف يسبح الله، ماذا يفعل عندما يدخل السماء، وليس هناك في السماء سوى ملائكة روحانية تسبح وتمجد الله؟!!. هذا الإنسان تكون أفكاره متجه باستمرار للأمور الروحية السمائية. يفرح بأي كلمة روحية جميلة.. وكأنه أكل وجبة دسمة كما يقول المرتل: "هَكَذَا أُبَارِكُكَ فِي حَيَاتِي. بِاسْمِكَ أَرْفَعُ يَدَيَّ. كَمَا مِنْ شَحْمٍ وَدَسَمٍ تَشْبَعُ نَفْسِي وَبِشَفَتَيْ الاِبْتِهَاجِ يُسَبِّحُكَ فَمِي" (مز63: 4، 5). أي أني أرفع يداي أمامك يا رب في الصلاة فتشبع نفسي وكأنها أكلت أكله شهية لذيذة دسمة. لذلك فالإنسان التائب الذي يعيش حياة روحية سليمة مع الله يجد أن أسعد أوقات حياته هي أوقات الصلاة ولذلك يقول القديس يوحنا ذهبي الفم}إذا وجدت إنسانًا لا يحب الصلاة فاعلم أنه ليس ساكن فيه شيء صالح بالمرة{. لماذا؟ لأن من يحب الصلاة هو إنسان يفرح بالوجود في حضرة الله، ومن يفرح بالوجود في حضرة الله يأخذ من الله.. فأعمال البر التي يعملها كلها صادرة من الله الساكن فيه؛ الله الذي هو واقف أمامه، الله الذي يعرفه حق المعرفة. |
||||
24 - 03 - 2014, 07:33 PM | رقم المشاركة : ( 36 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب داود الملك التائب - الأنبا بيشوي
التوبة أسلوب حياة الحديث عن التوبة حديث طويل جدًا، ونحن أخذنا لمحة قصيرة من حياة داود النبي وتوبته.. والإنسان الأرثوذكسي الحقيقي إنسان يمارس التوبة كل أيام حياته، فالتوبة بالنسبة له هي أسلوب حياة. من أجل ذلك في ساعة انتقال القديس الأنبا شيشوى من هذا العالم كان يبكى على خطاياه مع أنه قديس عظيم سكن البرية، فسمع الرهبان صوتًا من السماء يقول للملائكة }إيتونى بتائب البرية{، أي ايتونى بهذا الإنسان الذي يبكى على خطاياه حتى لحظة انتقاله من هذا العالم. فتعجب الرهبان وقالوا له: حتى أنت تخاف يا أبانا، وأنت هو مثلنا الأعلى في هذه البرية؟! فقال لهم: }إنى من خوف هذه الساعة (ساعة الموت) قد عشت كل حياتي{. ليس معنى هذا أنه يئس أو لم يشبع بالتوبة.. بل أنه كان يبكى على خطاياه حتى أنبتت الأرض زرع من دموعه، أو حتى بللت دموعه القلاية، لكن مع هذا كان يشعر أنه مازال يحتاج أن يقدم المزيد من البكاء على الخطية.. أو بالتعبير البسيط أنه لم يشبع من التوبة طول أيام حياته، هذه هي حلاوة التوبة. |
||||
24 - 03 - 2014, 07:33 PM | رقم المشاركة : ( 37 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب داود الملك التائب - الأنبا بيشوي
داود قيثارة الروح القدس هكذا كان داود النبي.. وهكذا تسميه الكنيسة السريانية الشقيقة في ألحانها. هذا الإنسان الذي هو مدرسة روحية للكل بمزاميره وتراتيله ومشاعره الفياضة. كان شاعرًا، وكان موسيقارًا إلى جانب أنه كان نبيًا وراعيًا للغنم. وكان ملكًا وكان قائدًا للجيش، لكنه كان إنسانًا مرهف الحس والشعور. ويعتبر داود مثل قيثارة للروح القدس استطاع الله من خلال هذه القيثارة أن يعزف سيمفونية جميلة حتى بما في حياته من أخطاء!! فقد استطاع الرب أن يحولها لمنفعة الكثيرين، فمن الممكن أن يكون في القيثارة أحيانًا أو في الآلات الموسيقية عمومًا وتر إن لعبت عليه بمفرده تجد أن صوته مزعج، لكن إن دخل مع الأوتار الأخرى يعطى نغمات جميلة في يد موسيقار يحسن العزف، هكذا كانت حياة داود فيها أوتار جميلة الصوت وفيها أوتار مزعجة لكن بين يدي الله صارت حياة داود بكل ما فيها من بر وخطية سيمفونية جميلة رائعة يستطيع أن ينتفع منها كل إنسان. ونختم بعبارة قالها قداسة البابا شنودة الثالث -أطال الله حياة قداسته- في تأمل له عن داود في توبته: هذه القيثارة المحطمة اشتدت أوتارها مرة أخرى. وأرسلت لحن تسبيح وفرح وعرفان بالجميل. وغنّى هذا الحزين ورتل مبتهجًا وقال: "أُعَظِّمُكَ يَا رَبُّ لأَنَّكَ نَشَلْتَنِي وَلَمْ تُشْمِتْ بِي أَعْدَائِي" (مز30: 1) حقًا قال السيد المسيح إن "حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَحٍ" (يو16: 20) |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|